الْوَلِيدُ بْنُ المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم
- الْوَلِيدُ بْنُ المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمه أميمة بنت الوليد بن عشي بْن أبي حَرْمَلَة بْن عريج بْن جرير بْن شق بْن صعب من بجيلة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَزَلِ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى دَيْنِ قَوْمِهِ وَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ. أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ. وَيُقَالُ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ مِنَ الأَنْصَارِ الْمَازِنِيُّ. فَقَدِمَ فِي فِدَائِهِ أَخَوَاهُ خَالِدٌ وَهِشَامٌ ابْنَا الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَتَمَنَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَتَّى افْتَكَّاهُ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ. فَجَعَلَ خَالِدٌ يُرِيدُ أَلا يَبْلُغَ ذَلِكَ فَقَالَ هِشَامٌ لِخَالِدٍ: إِنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ أُمِّكَ. وَاللَّهِ لَوْ أَبَى فِيهِ إِلا كَذَا وَكَذَا لَفَعَلْتُ. وَيُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَى أَنْ يَفْدِيَهُ إِلا بِشِكَّةِ أَبِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَأَبَى ذلك خالد وَطَاعَ بِهِ هِشَامَ بْنَ الْوَلِيدِ لأَنَّهُ أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ. وَكَانَتِ الشِّكَّةُ دِرْعًا فَضَفَاضَةً وَسَيْفًا وَبَيْضَةً. فَأُقِيمَ ذَلِكَ مِائَةَ دِينَارٍ وَطَاعَا بِهِ وَسَلَّمَاهُ. فَلَمَّا قُبِضَ ذَلِكَ خَرَجَا بِالْوَلِيدِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأَفْلَتَ مِنْهُمَا فَأَتَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: هَلا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَفْتَدِيَ وَتُخْرِجَ مَأْثُرَةَ أَبِينَا مِنْ أَيْدِينَا فَاتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا إِذْ كَانَ هَذَا رَأْيَكَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُسْلِمَ حَتَّى أَفْتَدِيَ بِمِثْلِ مَا افْتَدَى بِهِ قَوْمِي وَلا تَقُولُ قُرَيْشٌ إِنَّمَا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا فِرَارًا مِنَ الْفِدَى. ثُمَّ خَرَجَا بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ آمَنٌ لَهُمَا فَحَبَسَاهُ بِمَكَّةَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ كَانُوا أَقْدَمَ إِسْلامًا مِنْهُ: عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ. وَكَانَا مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ. فَدَعَا لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ بَدْرٍ وَدَعَا بَعْدَ بَدْرٍ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَعَهُمَا. فَدَعَا ثَلاثَ سِنِينَ لِهَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ جَمِيعًا. قَالَ: ثُمَّ أَفْلَتَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْوَثَاقِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: تَرَكْتُهُمَا فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَهُمَا فِي وَثَاقِ. رَجُلٍ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلِ صَاحِبِهِ. قَالَ الوليد: ففعلت ذلك فَخَرَجَا وَخَرَجْتُ مَعَهُمَا فَكُنْتُ أَسُوقُ بِهِمَا مَخَافَةً من الطلب والفتنة حتى انتهينا إلى ظهر حرة الْمَدِينَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ خَرَجَا جَمِيعًا مَعَهُ. وَجَاءَ الْخَبَرُ قُرَيْشًا فَخَرَجَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى بَلَغُوا عُسْفَانَ فَلَمْ يُصِيبُوا أَثَرًا وَلا خَبَرًا عَنْهُمْ. وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ أَخَذُوا عَلَى يَدِ بَحْرٍ حَتَّى خَرَجُوا عَلَى أَمَجَ. طَرِيقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي سَلَكَ حِينَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالا: خَرَجَ سَلَمَةُ بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد بْنُ الْوَلِيدِ مُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَلَبَهُمْ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِيَرُدُّوهُمْ. قَالَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا كَانُوا بِظَهْرِ الْحَرَّةِ قُطِعَتْ إِصْبَعُ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَدَمِيَتْ فَقَالَ: هَلْ أَنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ قَالَ وَانْقَطَعَ فُؤَادُهُ فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فَبَكَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَتْ: يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْوَلِيدِ فَتَى الْعَشِيرَةِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ وَلَدِ أَبِي دُجَانَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ: جَزَعْتُ حِينَ مَاتَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ جَزَعًا لَمْ أَجْزَعْهُ عَلَى مَيِّتٍ فَقُلْتُ لأَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ بُكَاءً تُحَدِّثُ بِهِ نِسَاءُ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. وَقُلْتُ غَرِيبٌ تُوُفِّيَ فِي بِلادِ غُرْبَةٍ. فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَذِنَ لِي فِي الْبُكَاءِ. فَصَنَعْتُ طَعَامًا وَجَمَعْتُ النِّسَاءَ. فَكَانَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ بُكَائِهَا: يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَهْ مِثْلُ الْوَلِيدِ بن الوليد أبي الْوَلِيدِ كَفَى الْعَشِيرَهْ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَوَجْهٌ آخَرُ فِي أَمْرِ الْوَلِيدِ أَوْ مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ وَرَوَاهُ إِلا أَنَّ الأَوَّلَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَثْبَتُ مِنْ هَذَا. قَالُوا: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَفْلَتَ هُوَ وَأَبُو جَنْدَلِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو مِنَ الْحَبْسِ بِمَكَّةَ فَخَرَجَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى أَبِي بَصِيرٍ. وَهُوَ بِالسَّاحِلِ عَلَى طَرِيقِ عِيرِ قُرَيْشٍ. فَأَقَامَا مَعَهُ. وَسَأَلَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْحَامِهِمَا أَلا أَدْخَلتَ أَبَا بَصِيرٍ وَأَصْحَابَهُ فَلا حَاجَةً لَنَا بِهِمْ. فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَبِي بَصِيرٍ أَنْ يَقْدَمَ وَيُقَدِمَ أَصْحَابَهُ مَعَهُ. فَجَاءَهُ الْكِتَابُ وَهُوَ يَمُوتُ فَجَعَلَ يَقْرَأُهُ فَمَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ. فَقَبَّرَهُ أَصْحَابُهُ هُنَاكَ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ وَبَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا فِيهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَلَمَّا كَانَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ عَثَرَ فَانْقَطَعَتْ إِصْبَعَهُ فَرَبَطَهَا وَهُوَ يَقُولُ: هَلْ أَنْتَ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَمَاتَ بِهَا. وَلَهُ عَقِبٌ مِنْهُمْ أَيُّوبُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَمَّى ابْنَهُ الْوَلِيدَ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَلِيدَ كَانَ مَعَ أَبِي بَصِيرٍ.
- الْوَلِيدُ بْنُ المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأمه أميمة بنت الوليد بن عشي بْن أبي حَرْمَلَة بْن عريج بْن جرير بْن شق بْن صعب من بجيلة. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَزَلِ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى دَيْنِ قَوْمِهِ وَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ فَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ. أَسَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ. وَيُقَالُ سَلِيطُ بْنُ قَيْسٍ مِنَ الأَنْصَارِ الْمَازِنِيُّ. فَقَدِمَ فِي فِدَائِهِ أَخَوَاهُ خَالِدٌ وَهِشَامٌ ابْنَا الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَتَمَنَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ حَتَّى افْتَكَّاهُ بِأَرْبَعَةِ آلافٍ. فَجَعَلَ خَالِدٌ يُرِيدُ أَلا يَبْلُغَ ذَلِكَ فَقَالَ هِشَامٌ لِخَالِدٍ: إِنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ أُمِّكَ. وَاللَّهِ لَوْ أَبَى فِيهِ إِلا كَذَا وَكَذَا لَفَعَلْتُ. وَيُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَى أَنْ يَفْدِيَهُ إِلا بِشِكَّةِ أَبِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَأَبَى ذلك خالد وَطَاعَ بِهِ هِشَامَ بْنَ الْوَلِيدِ لأَنَّهُ أَخُوهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ. وَكَانَتِ الشِّكَّةُ دِرْعًا فَضَفَاضَةً وَسَيْفًا وَبَيْضَةً. فَأُقِيمَ ذَلِكَ مِائَةَ دِينَارٍ وَطَاعَا بِهِ وَسَلَّمَاهُ. فَلَمَّا قُبِضَ ذَلِكَ خَرَجَا بِالْوَلِيدِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَأَفْلَتَ مِنْهُمَا فَأَتَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ: هَلا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَفْتَدِيَ وَتُخْرِجَ مَأْثُرَةَ أَبِينَا مِنْ أَيْدِينَا فَاتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا إِذْ كَانَ هَذَا رَأْيَكَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُسْلِمَ حَتَّى أَفْتَدِيَ بِمِثْلِ مَا افْتَدَى بِهِ قَوْمِي وَلا تَقُولُ قُرَيْشٌ إِنَّمَا اتَّبَعَ مُحَمَّدًا فِرَارًا مِنَ الْفِدَى. ثُمَّ خَرَجَا بِهِ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ آمَنٌ لَهُمَا فَحَبَسَاهُ بِمَكَّةَ مَعَ نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ كَانُوا أَقْدَمَ إِسْلامًا مِنْهُ: عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ. وَكَانَا مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ. فَدَعَا لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ بَدْرٍ وَدَعَا بَعْدَ بَدْرٍ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَعَهُمَا. فَدَعَا ثَلاثَ سِنِينَ لِهَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ جَمِيعًا. قَالَ: ثُمَّ أَفْلَتَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْوَثَاقِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: تَرَكْتُهُمَا فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَهُمَا فِي وَثَاقِ. رَجُلٍ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلِ صَاحِبِهِ. قَالَ الوليد: ففعلت ذلك فَخَرَجَا وَخَرَجْتُ مَعَهُمَا فَكُنْتُ أَسُوقُ بِهِمَا مَخَافَةً من الطلب والفتنة حتى انتهينا إلى ظهر حرة الْمَدِينَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ خَرَجَا جَمِيعًا مَعَهُ. وَجَاءَ الْخَبَرُ قُرَيْشًا فَخَرَجَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى بَلَغُوا عُسْفَانَ فَلَمْ يُصِيبُوا أَثَرًا وَلا خَبَرًا عَنْهُمْ. وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ أَخَذُوا عَلَى يَدِ بَحْرٍ حَتَّى خَرَجُوا عَلَى أَمَجَ. طَرِيقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي سَلَكَ حِينَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالا: خَرَجَ سَلَمَةُ بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد بْنُ الْوَلِيدِ مُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَلَبَهُمْ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِيَرُدُّوهُمْ. قَالَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا كَانُوا بِظَهْرِ الْحَرَّةِ قُطِعَتْ إِصْبَعُ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَدَمِيَتْ فَقَالَ: هَلْ أَنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ قَالَ وَانْقَطَعَ فُؤَادُهُ فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فَبَكَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَتْ: يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْوَلِيدِ فَتَى الْعَشِيرَةِ . قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ وَلَدِ أَبِي دُجَانَةَ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ: جَزَعْتُ حِينَ مَاتَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ جَزَعًا لَمْ أَجْزَعْهُ عَلَى مَيِّتٍ فَقُلْتُ لأَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ بُكَاءً تُحَدِّثُ بِهِ نِسَاءُ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. وَقُلْتُ غَرِيبٌ تُوُفِّيَ فِي بِلادِ غُرْبَةٍ. فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَذِنَ لِي فِي الْبُكَاءِ. فَصَنَعْتُ طَعَامًا وَجَمَعْتُ النِّسَاءَ. فَكَانَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ بُكَائِهَا: يَا عَيْنُ فَابْكِي لِلْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَهْ مِثْلُ الْوَلِيدِ بن الوليد أبي الْوَلِيدِ كَفَى الْعَشِيرَهْ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَوَجْهٌ آخَرُ فِي أَمْرِ الْوَلِيدِ أَوْ مَنْ قَالَهُ مِنْهُمْ وَرَوَاهُ إِلا أَنَّ الأَوَّلَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَثْبَتُ مِنْ هَذَا. قَالُوا: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَفْلَتَ هُوَ وَأَبُو جَنْدَلِ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَمْرٍو مِنَ الْحَبْسِ بِمَكَّةَ فَخَرَجَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى أَبِي بَصِيرٍ. وَهُوَ بِالسَّاحِلِ عَلَى طَرِيقِ عِيرِ قُرَيْشٍ. فَأَقَامَا مَعَهُ. وَسَأَلَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْحَامِهِمَا أَلا أَدْخَلتَ أَبَا بَصِيرٍ وَأَصْحَابَهُ فَلا حَاجَةً لَنَا بِهِمْ. فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَبِي بَصِيرٍ أَنْ يَقْدَمَ وَيُقَدِمَ أَصْحَابَهُ مَعَهُ. فَجَاءَهُ الْكِتَابُ وَهُوَ يَمُوتُ فَجَعَلَ يَقْرَأُهُ فَمَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ. فَقَبَّرَهُ أَصْحَابُهُ هُنَاكَ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ وَبَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلا فِيهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَلَمَّا كَانَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ عَثَرَ فَانْقَطَعَتْ إِصْبَعَهُ فَرَبَطَهَا وَهُوَ يَقُولُ: هَلْ أَنْتَ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَمَاتَ بِهَا. وَلَهُ عَقِبٌ مِنْهُمْ أَيُّوبُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَمَّى ابْنَهُ الْوَلِيدَ . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَالْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَلِيدَ كَانَ مَعَ أَبِي بَصِيرٍ.