Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152205#fc2136
عبيد بن حصين بن جندل بن قطن
ويقال ابن حصين بن معاوية بن جندل بن قطن أبو جندل النميري المعروف بالراعي لقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل، وحسن نعته، قالوا: ما هذا إلا راعي الإبل، فلزمته.
شاعر محسن مشهور، وقد وفد عبد الملك.
وفد الراعي إلى عبد الملك يشكو بعض عماله. وهو الذي قال لعبد الملك: من الكامل
إني جلفت على يمين برة ... لا أكذب اليوم الخليفة قيلا
ما إن أتيت أبا خبيب وافداً ... يوماً أريد لبيعتي تبديلا
ولما أتيت نجيدة بن عويمر ... أبغي الهدى فيزيدني تضليلا
أزمان قومي والجماعة كالذي ... لزم الرحالة أن تميل مميلا
أخذوا العريف فشققوا حيزومه ... بالأصبحية قائماً مغلولا
كهداهد كسر الرماة جناحه ... يدعو بفارعة الشريف هديلا
فادفع مظالم عيلت أبناءنا ... عنا وأنقذ شلونا المأكولا
ولئن بقيت لأدعون بطعنة ... تدع الفرائض بالشريف فليلا
فقال له عبد الملك: وأين من الله والسلطان لا أم لك؟ قال: يا أمير المؤمنين! من عامل إلى عامل، ومصدق إلى مصدق. فلم يحظ ولم يحل منهم بشيء، فوفد إليه من قابل فقال: من البسيط
أما الفقير الذي كانت حلوبته ... قوت العيال فلم يترك له سبد
واختل ذو المال والمثرون قد بقيت ... على التأثل من أموالهم عقد
فإن رفعت بهم رأساً نغشتهم ... وإن لقوا مثلها في عامهم فسدوا
فقال عبد الملك: أنت العالم أعقل منك عام أول.
وفد الراعي وفادة على عبد الملك بن مروان فقال عبد الملك لأهله: أنكحوا إلى هذا الشيخ فإني فأراه منجباً.
قدم الراعي على خالد بن عبد الله بن أسيد ومعه ابنه جندل، فكان ينشد خالداً، وربما أنشده وابنه جندل، إلى أن قدم عليه مرة فقال له خالد: ما فعل ابنك؟ قال: هلك أصلح الله الأمير، بعد أن زوجته وأصدقت عنه، فأمر له خالد بدية ابنه، فأنشأ الراعي يقول: من الطويل
وديت ابن راعي الإبل إذ حان يومه ... وشق له قبراً بأرضك لاحد
وقد كان مات الجود حتى نعشته ... وأذكيت نار الجود خامد
فلا حملت أنثى ولا آب غائب ... ولا عاش ذو سقم إذا مات خالد
فقال له خالد: لم أقتله، فأده لك، وإنما مر به ما سيمر بي وبك.
قال أبو دفاقة بن سعيد بن سلم الباهلي: قرأنا على الأصمعي شعر الراعي، فمر في قصيدته: من الكامل
ما بال دفك بالفراش مذيلا
وكأن مربضها إذا باشرتها ... كانت محبسة الدخول ذلولا
فقلنا له: ما معنى باشرتها؟ قال: ركبها من المباشرة، فحكينا ذلك لأبي عبيدة فقال: صحف الأصمعي، إنما هو ياسرتها، وهذا كقول الآخر:
إذا يوسرت كانت ذلولاً أدبية ... وتحسبها إن عوسرت لم تؤدب
قال المصنف: والأمر في ذلك كما قال أبو عبيدة، واستشهاده فيه صحيح.
وهجا الراعي ابن الرقاع العاملي فأوجع: من البسيط
لو كنت من أحد يهجى هجوكم ... يابن الرقاع ولكن لست من أحد
تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسباً ... وابنا نزار فأنتم بيضة البلد
قال أبو الغراف: الذي هاج بين جرير والراعي، أن الراعي كان يسأل عن جرير والفرزدق؟ فيقول: أكرمهما وأشعرهما، فلقيه جرير فاستعذره من نفسه، وطلب إليه أن لا يدخل بينهما وقال: أنا كنت أولى بعونك، لأني أمدحكم، ولأنه يهجوكم، قال: أجل ولست لمساءتك بعائد، ثم بلغ جريراً أنه عاد في تفضيل الفرزدق عليه، ولقيه بالبصرة، وجرير على بغلة فقال: استعذرك فزعمت أنك غير داخل بيني وبين ابن عمي قال: والراعي يعتذر إليه إذ أقبل ابنه جندل، وكان فيه خطل وعجب، فقال لأبيه: ألا أراك تعتذر إلى ابن الأتان! نعم، والله لنفضلن عليك ولنروين هجاءك، ولنهجونك من تلقاه أنفسنا. وضرب وجه بغلته، وقال: من الوافر
ألم تر أن كلب بني كليب ... أراد حياض دجلة ثم هابا
فانصرف جرير مغضباً محفظاً، فقال الراعي لابنه، أما والله ليهجوني وإياك، فليته لا يجاوزنا ولكن سيذكر سوأتك. وعلم الراعي أن قد أساء فندم. فتزعم بنو تميم أنه حلف أن لا يجيبه سنة غضباً على ابنه، وأنه مات في السنة، ويقول غيرهم: إنه كمد لما سمعها فمات.
وكان جرير يوم جرى هذا بينهما بالبصرة نازلاً على امرأة له من بني كليب، فبات في علية لها، وهي في أسفل دارها، قالت المرأة: فبات ليلته لا ينام، يتردد في البيت حتى ظننت أنه قد عرض له جني فتح له فقال: من الوافر
أقلي اللوم عاذل والعتابا ... وقولي إن أصبت لقد أصابا
حتى قال:
إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا
ثم أصبح في المربد فقال: يا بني تميم: قيدوا قيدوا أي اكتبوا فلم يجبه الراعي، ولم يهجه جرير بغير ما قال بعض رواة قيس: كان الراعي فحل مضر، فضغمه الليث يعني جريراً.
قال الأصمعي: كان جرير نازلاً على رجل يقال له حسين، فقال له: يا حسين إني أريد هجاء الراعي، فإذا كان الليلة فضع عندك لوحاً وكاتباً وقلماً، وأجد سراجك. ففعل، فلما مر بهذا البيت:
فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
قال: يا حسين أطفئ سراجك، فإني قد فرغت من هجائه.
قال أبو كندة النميري: قال الراعي لبناته وبنات أخيه: اذهبن إلى ابن المراغة حتى يراكن، فأتينه، فقلن: يا أبا حزرة أنشدنا ما قلت في بنات نمير، قال: فمن أنتن؟ قلن: عقيليات، فأنشدهن حتى انتهى إلى قوله: وسوداء المحاجر من نمير فكشفن عن وجوههن وقلن: يا أبا حزرة! هل ترى من سواد؟ هل ترى من عيب؟ قال: وإنكن نميريات؟ قلن: نعم، قال: إن عمكن لكذوب.