مُحَمَّد بن سِيرِين الْأنْصَارِيّ أَبُو بكر بن أبي عمْرَة الْبَصْرِيّ من سبي عين التَّمْر روى عَن مَوْلَاهُ أنس وَأبي قَتَادَة وَأبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَخلق وروى عَنهُ ثَابت وَأَيوب وَابْن عون وَعَاصِم الْأَحول وَقَتَادَة وَخلق وَثَّقَهُ أَحْمد وَيحيى وَغير وَاحِد وَقَالَ بن سعد كَانَ ثِقَة مَأْمُونا عَالِيا رفيعا فَقِيها إِمَامًا كثير الْعلم ورعا وَكَانَ بِهِ صمم وَقَالَ بن حبَان كَانَ من أورع أهل الْبَصْرَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا حَافِظًا متقنا يعبر الرُّؤْيَا رأى ثَلَاثِينَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ فِي شَوَّال سنة عشر وَمِائَة بعد الْحسن بِمِائَة ينوم وَهُوَ بن سبع وَسبعين سنة
84226. محمد بن سيرين11 84227. محمد بن سيرين أبو بكر1 84228. محمد بن سيرين أبو بكر الأنصاري1 84229. محمد بن سيرين ابو بكر البصري1 84230. محمد بن سيرين الأنصاري1 84231. محمد بن سيرين الأنصاري أبو بكر بن أبي عمرة البصري...184232. محمد بن سيرين الانصاري2 84233. محمد بن سيرين الانصاري ابو بكر1 84234. محمد بن سيرين كنية سيرين ابو عمرة وكنية محمد ابو بكر البصري...1 84235. محمد بن سيف1 84236. محمد بن سيف أبو رجاء البصري1 84237. محمد بن سيف ابو رجاء الحداني البصري1 84238. محمد بن سيف الازدي ابو رجاء1 84239. محمد بن سيما ابو الحسن النيسابوري1 84240. محمد بن سيما بن الفتح ابو بكر الحنبلي...1 84241. محمد بن شادل بن علي أبو العباس الهاشمي...1 84242. محمد بن شاذان الجوهري ابو بكر1 84243. محمد بن شاذان الواسطي1 84244. محمد بن شاذان بن درست الخضيب1 84245. محمد بن شاذان بن يزيد ابو بكر الجوهري...1 84246. محمد بن شافعي بن محمد بن طاهر1 84247. محمد بن شباب بن نهار بن سليمان1 84248. محمد بن شبيب الزهراني2 84249. محمد بن شبيب الزهراني البصري2 84250. محمد بن شجاع ابن الثلجي البغدادي1 84251. محمد بن شجاع ابو عبد الله1 84252. محمد بن شجاع ابو عبد الله الثلجي2 84253. محمد بن شجاع ابو عبد الله المروذي1 84254. محمد بن شجاع الثلجي1 84255. محمد بن شجاع المروروذي2 84256. محمد بن شجاع النبهاني1 84257. محمد بن شجاع بن ابي بكر اللفتواني1 84258. محمد بن شجاع بن الثلجي أبو عبد الله البغدادي...1 84259. محمد بن شجاع بن نبهان1 84260. محمد بن شجاع بن نبهان البزاز1 84261. محمد بن شجاع بن نبهان المروزي1 84262. محمد بن شداد3 84263. محمد بن شداد بن عيسى أبو يعلى المسمعي...1 84264. محمد بن شداد بن عيسى ابو عبد الله المسمعي...1 84265. محمد بن شداد بن عيسى ابو يعلى المسمعي...1 84266. محمد بن شرحبيل5 84267. محمد بن شرحبيل الانصاري1 84268. محمد بن شرحبيل الصنعاني1 84269. محمد بن شرحبيل العبدي1 84270. محمد بن شرحبيل الهمداني2 84271. محمد بن شرحبيل بن جعشم الانباري1 84272. محمد بن شرحبيل بن جعشم اليماني2 84273. محمد بن شريح بن ميمون المهري1 84274. محمد بن شريك1 84275. محمد بن شريك أبو عثمان المكي1 84276. محمد بن شريك ابو عثمان المكي1 84277. محمد بن شريك المكي1 84278. محمد بن شريك المكي أبو عثمان1 84279. محمد بن شريك المكي ابو عثمان1 84280. محمد بن شريك بن عبد الله1 84281. محمد بن شريك بن محمد ابو بكر الاسفراييني...1 84282. محمد بن شعبة بن جوان ابو علي1 84283. محمد بن شعيب بن شابور4 84284. محمد بن شعيب بن شابور أبو عبد الله الدمشقي...1 84285. محمد بن شعيب بن شابور الدمشقي1 84286. محمد بن شعيب بن شابور القرشي2 84287. محمد بن شعيب بن صالح ابو عبد الله البخاري...1 84288. محمد بن شقيق بن ضبارة1 84289. محمد بن شمر أبو الصباح1 84290. محمد بن شمير الرعيني ابو الصباح المصري...1 84291. محمد بن شمير الرعيني المصري1 84292. محمد بن شهاب ابو جعفر1 84293. محمد بن شهاب الزهري1 84294. محمد بن شهريار النيسابوري1 84295. محمد بن شهمرد الفارسي2 84296. محمد بن شوكر البغدادي1 84297. محمد بن شوكر بن رافع بن شداد ابو جعفر...1 84298. محمد بن شيبة3 84299. محمد بن شيبة الضبي1 84300. محمد بن شيبة بن الوليد1 84301. محمد بن شيبة بن شبوية1 84302. محمد بن شيبة بن شبويه1 84303. محمد بن شيبة بن نعامة1 84304. محمد بن شيبة بن نعامة الضبي2 84305. محمد بن شيرويه بن عيسى1 84306. محمد بن صافي النقاش ابو عبد الله1 84307. محمد بن صالح3 84308. محمد بن صالح أبو نصر1 84309. محمد بن صالح ابو اسماعيل الواسطي1 84310. محمد بن صالح ابو بكر السقطي المقرئ1 84311. محمد بن صالح ابو عبد الله البغدادي1 84312. محمد بن صالح الازرق المديني1 84313. محمد بن صالح الاشج1 84314. محمد بن صالح البطيخي1 84315. محمد بن صالح البطيخي ابو اسماعيل1 84316. محمد بن صالح البطيخي الواسطي ابو اسمعيل...1 84317. محمد بن صالح التمار6 84318. محمد بن صالح الصيدلاني ابو احمد1 84319. محمد بن صالح الفزاري الخياط1 84320. محمد بن صالح المدني2 84321. محمد بن صالح النقفي1 84322. محمد بن صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن...1 84323. محمد بن صالح بن ابي العوام ابو جعفر الصائغ...1 84324. محمد بن صالح بن النطاح1 84325. محمد بن صالح بن بيهس1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
محمّد بن سيرين، أحد الأعلام الحفّاظ، توفي سنة (101).
محمّد بن سيرين.
* عن ابن مسعود منقطع (السنن الكبرى: 5/ 351).
* عن ابن مسعود منقطع (السنن الكبرى: 5/ 351).
مُحَمَّد بن سِيرِين روى أَن رجلا أخبرهُ عَن بن عَبَّاس أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أُمِّي عَجُوز كَبِيرَة الحَدِيث
محمد بن سيرين، عن رجل من الصحابة
د ع: محمد بن سيرين عن رجل من الصحابة.
(2162) أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن، أخبرنا أبو يعلى، أخبرنا هدبة بن خالد، أخبرنا همام، عن قتادة، عن محمد بن سيرين: أن رجلا بالكوفة شهد أن عثمان قتل شهيدا، فأخذته الزبانية فرفعوه إلى علي، وقالوا: لولا أنك نهيتنا أن لا نقتل أحد لقتلناه، هذا يزعم أنه يشهد أن عثمان قتل شهيدا! فقال الرجل لعلي: وأنت تشهد أنك تذكر أني أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته فأعطاني، وأتيت أبا بكر فسألته فأعطاني، وأتيت عمر فسالته فأعطاني وأتيت عثمان فسألته فأعطاني، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يبارك لي، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف لا يبارك لك وأعطاك نبي، وصديق، وشهيدان ".
أخرجه ابن منده، وأبو نعيم.
وعاد أبو نعيم أخرج هذا المتن في ترجمة نعيم بن أبي هند
د ع: محمد بن سيرين عن رجل من الصحابة.
(2162) أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن، أخبرنا أبو يعلى، أخبرنا هدبة بن خالد، أخبرنا همام، عن قتادة، عن محمد بن سيرين: أن رجلا بالكوفة شهد أن عثمان قتل شهيدا، فأخذته الزبانية فرفعوه إلى علي، وقالوا: لولا أنك نهيتنا أن لا نقتل أحد لقتلناه، هذا يزعم أنه يشهد أن عثمان قتل شهيدا! فقال الرجل لعلي: وأنت تشهد أنك تذكر أني أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته فأعطاني، وأتيت أبا بكر فسألته فأعطاني، وأتيت عمر فسالته فأعطاني وأتيت عثمان فسألته فأعطاني، فأتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يبارك لي، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف لا يبارك لك وأعطاك نبي، وصديق، وشهيدان ".
أخرجه ابن منده، وأبو نعيم.
وعاد أبو نعيم أخرج هذا المتن في ترجمة نعيم بن أبي هند
مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْبَابْسَيْرِيُّ الْوَاسِطِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أُتِيَ بِرَجُلِ عَلِيٍّ، فَقِيلَ: هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ عُثْمَانَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عُثْمَانَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ، تَذْكُرُ أَنِّي سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْتُ عُمَرَ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْتُ عُثْمَانَ فَأَعْطَانِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يُبَارَكَ لِي فِيهِ، قَالَ: «كَيْفَ لَا يُبَارَكُ لَكَ وَإِنَّمَا أَعْطَاكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ» رَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْبَابْسَيْرِيُّ الْوَاسِطِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَصْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كُنَاسَةَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أُتِيَ بِرَجُلِ عَلِيٍّ، فَقِيلَ: هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ عُثْمَانَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عُثْمَانَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ، تَذْكُرُ أَنِّي سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْتُ عُمَرَ فَأَعْطَانِي، وَسَأَلْتُ عُثْمَانَ فَأَعْطَانِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أَنْ يُبَارَكَ لِي فِيهِ، قَالَ: «كَيْفَ لَا يُبَارَكُ لَكَ وَإِنَّمَا أَعْطَاكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ» رَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، نَحْوَهُ
محمد بن سيرين
أبو بكر بن أبي عمرة مولى الأنصار البصري الفقيه حدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو آمن بي عشرة من اليهود، ما بقي على ظهرها يهودي إلا أسلم ".
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ".
قال أيوب: أما محمد بن سيرين، فكان يراد على القضاء، فيفر إلى الشام مرة، ويفر إلى اليمامة مرة. وكان إذا قدم البصرة كان كالمستخفي حتى يخرج.
قال عباد بن عباد: قدم ابن سيرين دمشق، فأقام أربع سنين لا يعرف بها.
وذكر أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي أن ابن سيرين ولد سنة إحدى وثلاثين في خلافة عثمان.
قال خليفة بن خياط: في الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك. أمه امرأة من المدينة، يكنى أبا بكر، مات سنة عشر ومئة بعد الحسن - يقال - بمئة يوم. صلى عليه النضر بن عمرو المقرائي.
وقال محمد بن سعد: محمد بن سيرين يكنى أبا بكر مولى أنس بن مالك. وكان ثقة مأموناً عالياً رفيعاً فقيهاً إماماً كثير العلم ورعاً، وكان به صمم.
روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من نسي، فأكل أو شرب، فليتم صومه ".
وعنه أيضاً عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من استقاء فعليه القضاء ".
قال أبو نصر البخاري: محمد بن أبي عمرة، واسمه سيرين، أبو بكر، قال الواقدي: وكان سيرين من سبي عين التمر، مولى أنس بن مالك، وهو الأنصاري البصري أخو أنس وخالد ويحيى ومعبد وحفصة.
قال أبو بكر الخطيب: محمد بن سيرين أبو بكر البصري، مولى أنس بن مالك.. كان أحد الفقهاء من أهل البصرة والمذكورين بالورع في وقته.
قال سعيد بن عامر: كان سيرين أبو محمد قيناً حداداً.
وروى أبو بكر بإسناده قال: كان سيرين أبو محمد بن سيرين من أهل جرجرايا، وكان يعمل قدور النحاس، فجاء إلى عين التمر يعمل بها، فسباه خالد بن الوليد.. وكان خالد بن الوليد وجد بها أربعين غلاماً مختفين فأنكرهم فقالوا: إنا كنا أهل مملكة، ففرقهم في الناس، فكان سيرين منهم، فكاتبه أنس، فعتق في الكتاب.
قال عبيد الله بن أبي بكر بن أني بن مالك: هذه مكاتبة سيرين عندنا: هذا ما كاتب عليه أنس بن مالك فتاه سيرين على كذا وكذا ألفاً، وعلى غلامين يعملان عنده.
روي عن أيوب عن ابن سيرين: أنه كتب في وصيته: هذا ما أوصى به محمد بن أبي عمرة، وأوصى أن الأنصار إخواننا في الدين وموالينا. وذلك أنه بلغه أن ناساً من أهله أرادوا أن يدعوا في العرب، فلذلك قال هذا القول.
سمع أحمد بن حنبل يقول: إنما العلم خزائن، إنما العلم خزائن، يقسم الله لمن أحب، لو كان يخص بالعلم أحداً، لكان أهل بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى. كان عطاء بن أبي رباح حبشياً، وكان يزيد بن أبي حبيب نوبياً أسود، وكان الحسن البصري مولى الأنصار، وكان محمد بن سيرين مولى الأنصار.
حدث بكار بن محمد عن أبيه قال: إن أم محمد بن سيرين صفية مولاة أبي بكر بن أبي قحافة، طيبها ثلاث من أزواج
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعون لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدرياً، منهم أبي بن كعب، وهم يؤمنون. وقال بكار بن محمد: ولد لمحمد بن سيرين ثلاثون ولداً من امرأة واحدة، لم يبق منهم غير عبد الله.
روى أبو بكر الخطيب، بإسناده إلى محمد بن سيرين قال: حج بنا أبو الوليد، ونحن سبعة ولد سيرين، فمر بنا على المدينة، فلما دخلنا على زيد بن ثابت قيل له: هؤلاء بنو سيرين. قال: فقال زيد: هذان لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم. قال: فما أخطأ. وكان معبد أخا محمد لأمه.
حدث يوسف بن عطية الصفار قال: رأيت محمد بن سيرين، وكان قصيراً، عظيم البطن، له وفرة، يفرق شعره، كثير المزاح، كثير الضحك، يخضب بالحناء، وافر اللحية.
قال الفضيل بن عياض: قلت لهشام بن حسان: كم أدرك الحسن من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: عشرين ومئة. قلت: فابن سيرين؟ قال: ثلاثين.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: ومحمد بن سيرين يكنى أبا بكر، بصري تابعي ثقة. وهو من أروى الناس عن شريح وعبيدة وإنما تأدب بالكوفيين أصحاب عبد الله. زاد آخرون: وأخوه معبد بن سيرين بصري تابعي ثقة. وأخوهم أنس بن سيرين بصري تابعي ثقة، وأختهم حفصة بنت سيرين أم الهديل بصرية تابعية ثقة، سمعت من أم عطية.
قال عاصم: أتيت ابن سيرين بكتاب فقلت: انظر فيه. فقلت: يبيت عندك؟ فأبى. كأنه كان يكره أن يكون عنده كتاب.
قال علي بن المديني: أصحاب أبي هريرة هؤلاء الستة: سعيد بن المسيب وأبو سلمة والأعرج وأبو صالح ومحمد بن سيرين وطاووس، وكان همام بن منبه يشبه حديثه بحديثهم إلا أحرفاً.
وثقه أحمد بن حنبل وابن أبي حاتم وسوار بن عبد الله ويونس وابن عون وغيرهم كثير.
قال أحمد بن حنبل: محمد بن سيرين في أبي هريرة لا يقدم عليه أحد.
وقال ابن عون: كان محمد بن سيرين إذا حدث كأنه يتقي شيئاً، كأنه يحذر شيئاً، وقال: كان محمد يحدث بالحديث على حروفه.
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: محمد بن سيرين ويحيى بن سيرين ومعبد بن سيرين وأنس بن سيرين وحفصة بنت سيرين، هؤلاء الإخوة كلهم ثقات.
وقال مالك بن أنس: ما بالعراق أحد أقدمه على أيوب ومحمد بن سيرين في زمانهما.
وقال عمرو بن مرة: إني لأغبط أهل البصرة بذينك الشيخين: الحسن ومحمد.
وقال مورق العجلي: ما رأيت رجلاً أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من ابن سيرين.
وقال البتي: ما رأيت بهذه النقرة - يعني البصرة - أحداً أعلم بقضاء من ابن سيرين.
قال عوف: كان محمد حسن العلم بالتجارة، حسن العلم بالقضاء، حسن العلم بالفرائض.
قال ابن عون: كان بصر محمد بالعلم كبصر التاجر الأريب بتجارته.
حدث سليمان بن حرب، بسنده إلى محمد بن سيرين قال: رحم الله شريحاً، كان يدني مجلسي. قال سليمان: كان أصم، يعني محمداً.
وكان عامر الشعبي يقول: عليكم بذاك الأصم، يعني محمد بن سيرين.
حدث الأشعث عن محمد قال: كان إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل، حتى كأنه ليس بالذي كان.
قال ابن شبرمة: دخلت على محمد بن سيرين بواسط، فلم أر أجبن عن فتيا على رؤيا منه.
وقال عاصم الأحول: كان محمد بن سيرين إذا سئل عن الشيء قال: ليس عندي فيه إلا رأي أتهمه. فيقال له: قل فيه على ذلك برأيك. فيقول: لو أعلم أن رأيي يثبت لقلت فيه، ولكن أخاف أن أرى اليوم رأياً، وأرى غداً غيره، فلا بد حينئذ أتبع الناس في بيوتهم.
وقال: لم يكن ابن سيرين يترك أحداً يمشي معه يسأله عن شيء.
قال أبو قلابة:
وأينا يطيق ما يطيق محمد بن سيرين؟ يركب مثل حد السنان.
روي عن بعض أهل محمد بن سيرين أنه قال: ما رابه شيء إلا تركه، منذ نشأ. يعني محمداً.
قال رجاء بن أبي سلمة: وصف يونس بن عبيد الحسن وابن سيرين، قال: أما الحسن، فلم أر رجلاً أقرب قولاً من فعل منه. وأما ابن سيرين، فإنه لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما.
قال بكر بن عبد الله المزني: من سره أن ينظر إلى أورع من أدركنا في زماننا، فلينظر إلى ابن سيرين، فإنه كان يدع الحلال تأثماً.
حدث ميمون بن مهران قال: قدمت الكوفة، وأنا أريد أن أشتري البز، فأتيت محمد بن سيرين، وهو يومئذ بالكوفة، فساومته، فجعل إذا باعني صنفاً من أصناف البز قال: هل رضيت؟ فأقول: نعم. فيعيد ذلك علي ثلاث مرات، ثم يدعو رجلين، فيشهدهما على بيعنا، ثم يقولك انقل متاعك. وكان لا يبيع بهذه الدراهم الحجاجية، فلما رأيت ورعه، ما تركت شيئاً من حاجتي أجده عنده إلا اشتريته حتى لفائف البز.
قال هشام بن حسان: ترك محمد بن سيرين أن يفتي في شيء ما ترون به بأساً. قال: وكان يتجر، فإذا ارتاب بشيء في تجارته تركه، حتى ترك التجارة.
قال: وقال محمد بن سيرين: ما أتيت امرأة في نوم ولا يقظة إلا أم عبد الله، يعني زوجته. قال: وقال ابن سيرين: إني أرى المرأة في المنام، فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها.
حدث عبد الرحمن بن فروخ القطان قال: كان ابن سيرين يذكر أوزانه، لكي لا تنقص إذا احتكت.
قال ابن عون: كان محمد من أرجى الناس لهذه الأمة، وأشد الناس إزراء على نفسه.
حدث حسين المعلم قال: كان محمد بن سيرين يتحدث، فيضحك، فإذا جاء الحديث، خسع.
قال الأشعث: أنا أصفهما لكم - يعني الحسن وابن سيرين - كنا ندخل على الحسن، فإنما هو النار، وأمر الآخرة والموت. وكنا ندخل على ابن سيرين، فكان يمزح ويضحك ويتحدث، فإذا أردته على شيء من أمر دينه، كنت إلى أن تنال السماء أقرب منك إلى ما تريد.
حدثت أم عباد امرأة هشام بن حسان قالت: كنا نزولاً مع محمد بن سيرين في الدار. فكنا نسمع بكاءه بالليل وضحكه بالنهار.
روى ابن سعد بإسناده إلى أنس بن سيرين قال: كانت لمحمد سبعة أوراد؛ فكان إذا فاته شيء من الليل قرأه بالنهار.
وإلى خالد الحذاء قال: كان محمد بن سيرين يصوم يوماً، ويفطر يوماً، فإذا وافق صومه اليوم الذي يشك فيه أنه من شعبان أو من رمضان صامه.
وإلى قرة بن خالد قال: رأيت محمد يكنس مسجده بثوبه.
روى الخطيب بإسناده إلى الصقر بن حبيب قال: مر ابن سيرين برواس، قد أخرج رأساً من التنور، فغشي عليه! وإلى ابن عوانة قال: رأيت ابن سيرين مر في أصحاب السكر، فجعل لا يمر بقوم، إلا سبحوا، وذكروا الله عز وجل.
وإلى أبي بكر صاحب القواريري قال: جاء رجل إلى محمد بن سيرين، فادعى عليه درهمين، فأبى أن يعطيه، فقال له: تحلف؟ قال: نعم. قال: فقيل له: يا أبا بكر، تحلف على درهمين؟! قال: لا أطعمه حراماً، وأنا أعلم.
قال ابن عون: جاء قوم إلى ابن سيرين، فقالوا: إنا نلنا منك، فاجعلنا في حل. قال: لا أحل ما حرم الله! حدث طوق بن وهب قال: دخلت على محمد بن سيرين، وقد اشتكيت، فقال: كأني أراك شاكياً. قال: قلت: أجل. قال: اذهب إلى فلان الطبيب، فاستوصفه. ثم قال: اذهب إلى فلان، فإنه أطب منه. ثم قال: أستغفر الله، أراني قد اغتبته!
قال محمد بن سيرين: التقي عن الخطائين مشغول، وإن أكثر الناس خطايا أكثرهم ذكراً لخطايا الناس.
وقال أيضاً: ما حسدت أحداً قط على شيء؛ إن كان من أهل النار، فكيف أحسده على شيء من الدنيا ومصيره إلى النار؟! وإن كان من أهل الجنة، فكيف أحسد رجلاً من أهلها أوجب الله له رضوانه؟! قال ابن عون: كلموا محمد بن سيرين في رجل يحدثه فقال: لو كان رجل من الزنج وعبد الله بن محمد هذا، كانوا عندي سواء.
وقال أيضاً: كان ابن سيرين يكره إذا اشترى شيئاً أن يستوضع من ثمنه بعد البيع، ويقول: هذا من المسألة.
روى ابن سعد، بإسناده إلى حفصة بنت سيرين أنها قالت:
كانت أم محمد امرأة حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوباً اشترى ألين ما يجد، لا ينظر في بقائه، فإذا كان كل يوم عيد، صبغ لها ثيابها. قالت: وما رأيته رافعاً صوته عليها قط. وكان إذا كلمها كلمها كالمصغي إليها بالشيء.
وبسنده إلى ابن عون: أن محمداً كان إذا كان عند أمه، ورآه رجل لا يعرفه، ظن أن به مرضاً، من خفضه كلامه عندها.
قال ابن عون: كان محمد يكون عند المصيبة كما كان قبل ذلك؛ يتحدث، ويضحك، إلا يوم ماتت حفصة، فإنه جعل يكشر، وأنت تعرف في وجهه. وكان محمد يعزي عند المصيبة: أعظم الله أجركم، وأعقبكم من مصيبتكم عقبى نافعة لآخرتكم ودنياكم.
قال أيوب: كان ابن سيرين إذا اخبر بموت أحد من إخوانه كأنه سقط منه عضو من أعضائه وركن من أركانه، أو نحو ذلك.
وقال زهير: كان ابن سيرين، إذا ذكر عنده الموت، مات كل عضو منه على حياله، أو على حدته.
حدث عبد الله بن محمد بن سيرين قال: سألت ابن عون عن القدر فقال: سألت جدك محمداً عن القدر، فقال: " لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ".
وحدث صالح المري قال: دخل رجل على ابن سيرين، وأنا شاهد، ففتح باباً من أبواب القدر، فتكلم فيه، فقال محمد بن سيرين: إما أن تقوم، وإما أن أقوم.
روي عن يونس بن عبيد أنه قال: تكلم الحسن احتساباً، وسكت محمد احتساباً.
حدث ضمرة عن رجاء قال: كان الحسن يجيء إلى السلطان، ويعيبهم. وكان ابن سيرين لا يجيء إلى السلطان، ولا يعيبهم.
حدث ابن عون عن محمد أنه كان إذا تلى هذه الآية " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين " قال: اللهم محصنا، ولا تجعلنا كافرين.
قال محمد بن سيرين: إذا أراد الله بعبد خيراً، جعل له واعظاً من قلبه - وفي رواية: من نفسه - يأمره وينهاه.
وقال: كان يقال: لا تكرم صديقك فيما يشق عليه. قال: وكان يقال: أكرم ولدك، وأحسن أدبه.
حدث عمارة بن مهران قال: قال إسماعيل المعولي لمحمد بن سيرين، وأنا شاهد: تأمرنا بالصلاة في جماعة، ولا تصلي في جماعة؟! قال: فقال: ما كل أمري أحمده.
قال قرة بن خالد: سأل رجل محمد بن سيرين عن حديث، وقد أراد أن يقوم، فقال: من الرجز
إنك إن كلفتني ما لم أطق ... ساءك ما سرك مني من خلق
قال أيوب: رأيت الحسن في النوم مقيداً، ورأيت ابن سيرين مقيداً في النوم. قال أحمد بن علي: روي في الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه عبر القيد في النوم ثباتاً في الدين.
حدث عبد ربه القصاب قال: واعدت محمد بن سيرين أن أشتري له أضاحي، فنسيت موعده بشغل، ثم ذكرت بعد، فأتيته قريباً من نصف النهار، وإذا محمد ينتظرني، فسلمت عليه، فرفع رأسه، فقال: أما إنه قد نقبل أهون ديناً منك، فقلت: شغلت، وعنفني أصحابي في المجيء إليك، وقالوا: قد ذهب، ولم يقعد إلى الساعة. فقال: لو لم تجئ حتى تغرب الشمس، ما قمت من مقعدي هذا، إلا إلى صلاة أو حاجة لا بد منها.
قال عبد الله بن عون:
ما أتينا محمداً في يوم عيد قط إلا أطعمنا خبيصاً أو فالوذقاً. وكان لا يخرج يوم الفطر حتى يأمر بزكاة رمضان، فتطيب، ويرسل بها إلى المسجد الجامع، ثم يخرج إلى العيد.
حدث حبيب بن الشهيد قال: دخلت على محمد بن سيرين في يوم حار، فوجد في وجهي التعب، فقال: يا جارية، هاتي لحبيب غداء، هاتي، هاتي، هاتي حتى قال ذلك مراراً. قلت: لا أريده. قال: هاتي. فلما جاءت به، قلت: لا أريده. قال: كل لقمة، وأنت بالخيار. فلما أكلت لقمة، نشطت، فأكلت.
قال يزيد النحوي: دخلت على ابن سيرين بيته، وهو جالس في الأرض، فألقى لي وسادة، فقلت: أرضى لنفسي ما رضيت لنفسك. قال: إني لأرضى لك في بيتي ما أرضاه لنفسي، فاجلس حيث تجلس، ولا تجلس مقابل باب أو شيء يكرهون أن تستقبله.
حدث جرير بن حازم قال: قلت بيت شعر، فمررت بمسجد الجهاضم، فقالوا: ما أراك إلا قد أحدثت، فتوضأ، فذعرت من قولهم، فأتيت محمد بن سيرين، وهو قائم في مسجده في بيته، وقد رفع يديه ليكبر، فلما رآني قال: حاجتك؟ فأخبرته، فقال: أفلا رددت عليهم: أما سمعتم قول القائل: من المتقارب
ديار لرملة إذا عيشنا ... بها عيشة الأنعم الأفضل
وإذ ودها فارغ للصدي ... ق لم يتغير، ولم يشغل
وإذ هي كالغصن في حائر ... من الماء طال ولم يعضل
كأن الثلوج وماء السحاب ... والقرقفية بالفلفل
يعل به برد أنيابها ... قبيل الصباح ولم ينجل
ثم قال: الله أكبر، ودخل في الصلاة.
حدث أحمد بن أبي الحواري، عن عبد الله بن السري قال: قال محمد بن سيرين: إني لأعرف الذي حمل علي الدين ما هو؛ قلت لرجل منذ أربعين سنة: يا مفلس! فحدثت به أبا سليمان، فقال لي: يا أحمد، قلت ذنوبهم، فعرفوا من أين يؤتون، وكثرت ذنوبي وذنوبك، فليس ندري من أين نؤتى.
حدث المدائني قال: كان سبب حبس ابن سيرين في الدين أنه اشترى زيتاً بأربعين ألف درهم، فوجد في زق منه فأرة، فقال: الفأرة كانت في المعصرة، فصب الزيت كله. وكان يقول: عيرت رجلاً بشيء من ثلاثين سنة، أحسبني عوقبت به. وكانوا يرون أنه عير رجلاً بالفقر، فابتلي به.
حدث ابن سعد قال: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد بن سيرين حين حبس له، فقال: كان اشترى طعاماً بربعين ألف درهم، فأخبر عن أصل الطعام بشيء كرهه، فتركه أو تصدق به، وبقي المال عليه، فحبس به، حبسته امرأة. وكان الذي حبسه مالك بن المنذر.
وقال ابن سعد: أخبرنا بكار بن محمد، قال: حدثني أبي أن محمد بن سيرين كان باع من أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي جارية، فرجعت إلى محمد، فشكت أنها تعذبها،
فأخذها محمد، وكان قد أنفق ثمنها. فهي التي حبسته. وهي التي تزوجها سلم بن زياد، وأخرجها إلى خراسان، وكان أبوها يلقب كركرة.
حدث عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار قال: لما حبس ابن سيرين في السجن، قال له السجان: إذا كان الليل، فاذهب إلى أهلك، فإذا أصبحت فتعال. فقال ابن سيرين: لا والله، لا أعينك على خيانة السلطان.
قال هشام بن حسان: ترك محمد بن سيرين أربعين ألف درهم في شيء ما ترون به اليوم بأساً.
حدث ابن عون قال: لما توجه محمد بن سيرين إلى ابن هبيرة، دعا بوصيته، فنظر فيها، فلما أتى على ذكر دينع بكى! حدث ضمرة عن ابن شوذب قال: جاء رجل يسأل الحسن عن رؤيا، فقال: أخطأ قريباً، ذاك ابن سيرين الذي يعر الرؤيا كأنه من آل يعقوب.
حدث معمر قال: جاء رجل إلى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن حمامة التقمت لؤلؤة، فخرجت منها مثل الذي دخلت، ثم جاءت حمامة أخرى، فالتقمت لؤلؤة، فخرجت منها أحسن مما دخلت، ثم جاء حمامة أخرى، فالتقمت لؤلؤة، فخرجت أنقص مما دخلت. فقال ابن سيرين: أما التي خرجت مثل الذي دخلت فهو قتادة، وأما التي خرجت أحسن مما دخلت. فهو الحسن بن أبي الحسن، بسمع الحديث فيزينه بمنطقه، وأما التي خرجت أنقص مما دخلت، فهو ابن سيرين يزيد وينقص!
حدث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن سلم، وهو رجل من أهل مرو قال: كنت أجالس ابن سيرين، فتركت مجالسته، وجالست قوماً من الإباضية، فرأيت فيما يرى النائم كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتيت ابن سيرين، فذكرت له ذلك، فقال: ما لك جالست أقواماً يريدون أن يدفنوا ما جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال هشام بن حسان: قص رجل على ابن سيرين قال: رأيت كأن بيدي قدحاً من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقي الماء. فقال له: اتق الله، فإنك لم تر شيئاً. فقال له الرجل: سبحان الله، أقص عليك الرؤيا، وتقول: لم تر شيئاً؟! فقال له ابن سيرين: إنه من كذب، فليس علي من كذبه شيء. إن كنت رأيت هذا، فستلد امرأتك، وتموت، ويبقى ولدها. فلما خرج قال الرجل: والله ما رأيت هذه الرؤيا. قال: وقد عبرها. قال هشام: فما لبث الرجل غير قليل حتى ولدت امرأته غلاماً، وماتت، وبقي الغلام.
قال: وجاء رجل إلى ابن سيرين، فقال: إني رأيت كأني، وجارية لي سوداء، نأكل في قصعة من صدر سمكة. قال: فقال له ابن سيرين: يخف عليك أن تهيئ لي طعاماً وتدعوني إلى منزلك؟ قال: نعم. قال: فهيأ له طعاماً، ودعاه، فلما وضعت المائدة، إذا جارية له سوداء ممتشطة. قال: فقال له ابن سيرين: هل أصبت من جاريتك هذه شيئاً؟ قال: لا. قال: فإذا وضعت القصعة، فخذ بيدها، فأدخلها المخدع. فأخذ بيدها، فأدخلها المخدع، فصاح: يا أبا بكر، رجل والله! قال ابن سيرين: هذا الذي كان يشاركك في أهلك.
قال مغيرة بن حفص:
سئل ابن سيرين، فقال: رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا. فقال: هذا لحسن يموت، فبكى، ثم أتبعه، وهو أرفع مني.
قال ابن عون: كان محمد بن سيرين إذا اشتكى، لم يكد يشكو ذلك إلى أحد. قال: وربما اطلع على الشيء.
أخبر ابن عون عن محمد بن سيرين: أنه أوصى: ذكر ما أوصى به، أو هذا ما أوصى به محمد بن أبي عمرة بنيه وأهل بيته أن " اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " وأوصاهم بما أوصى به " إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " وأوصاهم ألا يرغبوا أن يكونوا موالي الأنصار وإخوانهم في الدين، وأن العفة والصدق خير وأتقى من الزناء والكذب، وإن حدث به حدث في مرضي هذا قبل أن أغير وصيتي هذه ... ثم ذكر حاجته.
روي عن ابن شوذب وعن هشام ومنصور وغيرهم أن محمد بن سيرين مات بعد الحسن بمئة يوم.
قال هشام بن حسان: ومات محمد لثمان ليال خلون من شوال، سحراً، سنة عشر ومئة، ليلة الجمعة.
روى محمد بن سعد عن بكار بن محمد قال: توفي محمد بن سيرين وقد بلغ نيفاً وثمانين سنة.
حدث الحجاج بن دينار عن الحكم بن حجل، وكان صديقاً لمحمد بن سيرين، فلما مات محمد بن سيرين حزن عليه حتى جعل يعاد كما يعاد المريض، قال: فحدث بعد قال: رأيت أخي محمد بن سيرين في المنام في حال كذا وكذا، فقلت: أي أخي قد أراك في حال تسرني، فما صنع الحسن؟ قال: رفع فوقي بسبعين درجة. قلت: ولم ذاك، وقد كنا نرى أنك أفضل منه؟ قال: ذاك بطول حزنه.
حدثت حفصة بنة راشد قالت: كان مران المخملي لي جاراً، وكان ناصباً مجتهداً، قالت: فمات، فوجدت عليه وجداً شديداً، فرأيته فيما يرى النائم، فقلت: أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أدخلني الجنة. قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى أصحاب اليمين. قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى المقربين. قلت: فمن رأيت ثم من إخوانك؟ قال: رأيت ثم الحسن ومحمد بن سيرين وميمون بن سياه.
وقال حماد، وكان من خيار الناس، وكان مؤذن سكة الموالي، قال: اشتكيت شكاة، فأغمي علي، فأريت كأني أدخلت الجنة، فسألت عن الحسن بن أبي الحسن، فقيل لي: هيهات، ذلك يسجد على شجر الجنة. قال: وسألت عن ابن سيرين، فقيل لي فيه قولاً حسناً مما قيل في الحسن.
أبو بكر بن أبي عمرة مولى الأنصار البصري الفقيه حدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو آمن بي عشرة من اليهود، ما بقي على ظهرها يهودي إلا أسلم ".
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ".
قال أيوب: أما محمد بن سيرين، فكان يراد على القضاء، فيفر إلى الشام مرة، ويفر إلى اليمامة مرة. وكان إذا قدم البصرة كان كالمستخفي حتى يخرج.
قال عباد بن عباد: قدم ابن سيرين دمشق، فأقام أربع سنين لا يعرف بها.
وذكر أبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي أن ابن سيرين ولد سنة إحدى وثلاثين في خلافة عثمان.
قال خليفة بن خياط: في الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك. أمه امرأة من المدينة، يكنى أبا بكر، مات سنة عشر ومئة بعد الحسن - يقال - بمئة يوم. صلى عليه النضر بن عمرو المقرائي.
وقال محمد بن سعد: محمد بن سيرين يكنى أبا بكر مولى أنس بن مالك. وكان ثقة مأموناً عالياً رفيعاً فقيهاً إماماً كثير العلم ورعاً، وكان به صمم.
روى ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من نسي، فأكل أو شرب، فليتم صومه ".
وعنه أيضاً عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من استقاء فعليه القضاء ".
قال أبو نصر البخاري: محمد بن أبي عمرة، واسمه سيرين، أبو بكر، قال الواقدي: وكان سيرين من سبي عين التمر، مولى أنس بن مالك، وهو الأنصاري البصري أخو أنس وخالد ويحيى ومعبد وحفصة.
قال أبو بكر الخطيب: محمد بن سيرين أبو بكر البصري، مولى أنس بن مالك.. كان أحد الفقهاء من أهل البصرة والمذكورين بالورع في وقته.
قال سعيد بن عامر: كان سيرين أبو محمد قيناً حداداً.
وروى أبو بكر بإسناده قال: كان سيرين أبو محمد بن سيرين من أهل جرجرايا، وكان يعمل قدور النحاس، فجاء إلى عين التمر يعمل بها، فسباه خالد بن الوليد.. وكان خالد بن الوليد وجد بها أربعين غلاماً مختفين فأنكرهم فقالوا: إنا كنا أهل مملكة، ففرقهم في الناس، فكان سيرين منهم، فكاتبه أنس، فعتق في الكتاب.
قال عبيد الله بن أبي بكر بن أني بن مالك: هذه مكاتبة سيرين عندنا: هذا ما كاتب عليه أنس بن مالك فتاه سيرين على كذا وكذا ألفاً، وعلى غلامين يعملان عنده.
روي عن أيوب عن ابن سيرين: أنه كتب في وصيته: هذا ما أوصى به محمد بن أبي عمرة، وأوصى أن الأنصار إخواننا في الدين وموالينا. وذلك أنه بلغه أن ناساً من أهله أرادوا أن يدعوا في العرب، فلذلك قال هذا القول.
سمع أحمد بن حنبل يقول: إنما العلم خزائن، إنما العلم خزائن، يقسم الله لمن أحب، لو كان يخص بالعلم أحداً، لكان أهل بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى. كان عطاء بن أبي رباح حبشياً، وكان يزيد بن أبي حبيب نوبياً أسود، وكان الحسن البصري مولى الأنصار، وكان محمد بن سيرين مولى الأنصار.
حدث بكار بن محمد عن أبيه قال: إن أم محمد بن سيرين صفية مولاة أبي بكر بن أبي قحافة، طيبها ثلاث من أزواج
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعون لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدرياً، منهم أبي بن كعب، وهم يؤمنون. وقال بكار بن محمد: ولد لمحمد بن سيرين ثلاثون ولداً من امرأة واحدة، لم يبق منهم غير عبد الله.
روى أبو بكر الخطيب، بإسناده إلى محمد بن سيرين قال: حج بنا أبو الوليد، ونحن سبعة ولد سيرين، فمر بنا على المدينة، فلما دخلنا على زيد بن ثابت قيل له: هؤلاء بنو سيرين. قال: فقال زيد: هذان لأم، وهذان لأم، وهذان لأم، وهذا لأم. قال: فما أخطأ. وكان معبد أخا محمد لأمه.
حدث يوسف بن عطية الصفار قال: رأيت محمد بن سيرين، وكان قصيراً، عظيم البطن، له وفرة، يفرق شعره، كثير المزاح، كثير الضحك، يخضب بالحناء، وافر اللحية.
قال الفضيل بن عياض: قلت لهشام بن حسان: كم أدرك الحسن من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: عشرين ومئة. قلت: فابن سيرين؟ قال: ثلاثين.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: ومحمد بن سيرين يكنى أبا بكر، بصري تابعي ثقة. وهو من أروى الناس عن شريح وعبيدة وإنما تأدب بالكوفيين أصحاب عبد الله. زاد آخرون: وأخوه معبد بن سيرين بصري تابعي ثقة. وأخوهم أنس بن سيرين بصري تابعي ثقة، وأختهم حفصة بنت سيرين أم الهديل بصرية تابعية ثقة، سمعت من أم عطية.
قال عاصم: أتيت ابن سيرين بكتاب فقلت: انظر فيه. فقلت: يبيت عندك؟ فأبى. كأنه كان يكره أن يكون عنده كتاب.
قال علي بن المديني: أصحاب أبي هريرة هؤلاء الستة: سعيد بن المسيب وأبو سلمة والأعرج وأبو صالح ومحمد بن سيرين وطاووس، وكان همام بن منبه يشبه حديثه بحديثهم إلا أحرفاً.
وثقه أحمد بن حنبل وابن أبي حاتم وسوار بن عبد الله ويونس وابن عون وغيرهم كثير.
قال أحمد بن حنبل: محمد بن سيرين في أبي هريرة لا يقدم عليه أحد.
وقال ابن عون: كان محمد بن سيرين إذا حدث كأنه يتقي شيئاً، كأنه يحذر شيئاً، وقال: كان محمد يحدث بالحديث على حروفه.
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: محمد بن سيرين ويحيى بن سيرين ومعبد بن سيرين وأنس بن سيرين وحفصة بنت سيرين، هؤلاء الإخوة كلهم ثقات.
وقال مالك بن أنس: ما بالعراق أحد أقدمه على أيوب ومحمد بن سيرين في زمانهما.
وقال عمرو بن مرة: إني لأغبط أهل البصرة بذينك الشيخين: الحسن ومحمد.
وقال مورق العجلي: ما رأيت رجلاً أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من ابن سيرين.
وقال البتي: ما رأيت بهذه النقرة - يعني البصرة - أحداً أعلم بقضاء من ابن سيرين.
قال عوف: كان محمد حسن العلم بالتجارة، حسن العلم بالقضاء، حسن العلم بالفرائض.
قال ابن عون: كان بصر محمد بالعلم كبصر التاجر الأريب بتجارته.
حدث سليمان بن حرب، بسنده إلى محمد بن سيرين قال: رحم الله شريحاً، كان يدني مجلسي. قال سليمان: كان أصم، يعني محمداً.
وكان عامر الشعبي يقول: عليكم بذاك الأصم، يعني محمد بن سيرين.
حدث الأشعث عن محمد قال: كان إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل، حتى كأنه ليس بالذي كان.
قال ابن شبرمة: دخلت على محمد بن سيرين بواسط، فلم أر أجبن عن فتيا على رؤيا منه.
وقال عاصم الأحول: كان محمد بن سيرين إذا سئل عن الشيء قال: ليس عندي فيه إلا رأي أتهمه. فيقال له: قل فيه على ذلك برأيك. فيقول: لو أعلم أن رأيي يثبت لقلت فيه، ولكن أخاف أن أرى اليوم رأياً، وأرى غداً غيره، فلا بد حينئذ أتبع الناس في بيوتهم.
وقال: لم يكن ابن سيرين يترك أحداً يمشي معه يسأله عن شيء.
قال أبو قلابة:
وأينا يطيق ما يطيق محمد بن سيرين؟ يركب مثل حد السنان.
روي عن بعض أهل محمد بن سيرين أنه قال: ما رابه شيء إلا تركه، منذ نشأ. يعني محمداً.
قال رجاء بن أبي سلمة: وصف يونس بن عبيد الحسن وابن سيرين، قال: أما الحسن، فلم أر رجلاً أقرب قولاً من فعل منه. وأما ابن سيرين، فإنه لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما.
قال بكر بن عبد الله المزني: من سره أن ينظر إلى أورع من أدركنا في زماننا، فلينظر إلى ابن سيرين، فإنه كان يدع الحلال تأثماً.
حدث ميمون بن مهران قال: قدمت الكوفة، وأنا أريد أن أشتري البز، فأتيت محمد بن سيرين، وهو يومئذ بالكوفة، فساومته، فجعل إذا باعني صنفاً من أصناف البز قال: هل رضيت؟ فأقول: نعم. فيعيد ذلك علي ثلاث مرات، ثم يدعو رجلين، فيشهدهما على بيعنا، ثم يقولك انقل متاعك. وكان لا يبيع بهذه الدراهم الحجاجية، فلما رأيت ورعه، ما تركت شيئاً من حاجتي أجده عنده إلا اشتريته حتى لفائف البز.
قال هشام بن حسان: ترك محمد بن سيرين أن يفتي في شيء ما ترون به بأساً. قال: وكان يتجر، فإذا ارتاب بشيء في تجارته تركه، حتى ترك التجارة.
قال: وقال محمد بن سيرين: ما أتيت امرأة في نوم ولا يقظة إلا أم عبد الله، يعني زوجته. قال: وقال ابن سيرين: إني أرى المرأة في المنام، فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها.
حدث عبد الرحمن بن فروخ القطان قال: كان ابن سيرين يذكر أوزانه، لكي لا تنقص إذا احتكت.
قال ابن عون: كان محمد من أرجى الناس لهذه الأمة، وأشد الناس إزراء على نفسه.
حدث حسين المعلم قال: كان محمد بن سيرين يتحدث، فيضحك، فإذا جاء الحديث، خسع.
قال الأشعث: أنا أصفهما لكم - يعني الحسن وابن سيرين - كنا ندخل على الحسن، فإنما هو النار، وأمر الآخرة والموت. وكنا ندخل على ابن سيرين، فكان يمزح ويضحك ويتحدث، فإذا أردته على شيء من أمر دينه، كنت إلى أن تنال السماء أقرب منك إلى ما تريد.
حدثت أم عباد امرأة هشام بن حسان قالت: كنا نزولاً مع محمد بن سيرين في الدار. فكنا نسمع بكاءه بالليل وضحكه بالنهار.
روى ابن سعد بإسناده إلى أنس بن سيرين قال: كانت لمحمد سبعة أوراد؛ فكان إذا فاته شيء من الليل قرأه بالنهار.
وإلى خالد الحذاء قال: كان محمد بن سيرين يصوم يوماً، ويفطر يوماً، فإذا وافق صومه اليوم الذي يشك فيه أنه من شعبان أو من رمضان صامه.
وإلى قرة بن خالد قال: رأيت محمد يكنس مسجده بثوبه.
روى الخطيب بإسناده إلى الصقر بن حبيب قال: مر ابن سيرين برواس، قد أخرج رأساً من التنور، فغشي عليه! وإلى ابن عوانة قال: رأيت ابن سيرين مر في أصحاب السكر، فجعل لا يمر بقوم، إلا سبحوا، وذكروا الله عز وجل.
وإلى أبي بكر صاحب القواريري قال: جاء رجل إلى محمد بن سيرين، فادعى عليه درهمين، فأبى أن يعطيه، فقال له: تحلف؟ قال: نعم. قال: فقيل له: يا أبا بكر، تحلف على درهمين؟! قال: لا أطعمه حراماً، وأنا أعلم.
قال ابن عون: جاء قوم إلى ابن سيرين، فقالوا: إنا نلنا منك، فاجعلنا في حل. قال: لا أحل ما حرم الله! حدث طوق بن وهب قال: دخلت على محمد بن سيرين، وقد اشتكيت، فقال: كأني أراك شاكياً. قال: قلت: أجل. قال: اذهب إلى فلان الطبيب، فاستوصفه. ثم قال: اذهب إلى فلان، فإنه أطب منه. ثم قال: أستغفر الله، أراني قد اغتبته!
قال محمد بن سيرين: التقي عن الخطائين مشغول، وإن أكثر الناس خطايا أكثرهم ذكراً لخطايا الناس.
وقال أيضاً: ما حسدت أحداً قط على شيء؛ إن كان من أهل النار، فكيف أحسده على شيء من الدنيا ومصيره إلى النار؟! وإن كان من أهل الجنة، فكيف أحسد رجلاً من أهلها أوجب الله له رضوانه؟! قال ابن عون: كلموا محمد بن سيرين في رجل يحدثه فقال: لو كان رجل من الزنج وعبد الله بن محمد هذا، كانوا عندي سواء.
وقال أيضاً: كان ابن سيرين يكره إذا اشترى شيئاً أن يستوضع من ثمنه بعد البيع، ويقول: هذا من المسألة.
روى ابن سعد، بإسناده إلى حفصة بنت سيرين أنها قالت:
كانت أم محمد امرأة حجازية، وكان يعجبها الصبغ، وكان محمد إذا اشترى لها ثوباً اشترى ألين ما يجد، لا ينظر في بقائه، فإذا كان كل يوم عيد، صبغ لها ثيابها. قالت: وما رأيته رافعاً صوته عليها قط. وكان إذا كلمها كلمها كالمصغي إليها بالشيء.
وبسنده إلى ابن عون: أن محمداً كان إذا كان عند أمه، ورآه رجل لا يعرفه، ظن أن به مرضاً، من خفضه كلامه عندها.
قال ابن عون: كان محمد يكون عند المصيبة كما كان قبل ذلك؛ يتحدث، ويضحك، إلا يوم ماتت حفصة، فإنه جعل يكشر، وأنت تعرف في وجهه. وكان محمد يعزي عند المصيبة: أعظم الله أجركم، وأعقبكم من مصيبتكم عقبى نافعة لآخرتكم ودنياكم.
قال أيوب: كان ابن سيرين إذا اخبر بموت أحد من إخوانه كأنه سقط منه عضو من أعضائه وركن من أركانه، أو نحو ذلك.
وقال زهير: كان ابن سيرين، إذا ذكر عنده الموت، مات كل عضو منه على حياله، أو على حدته.
حدث عبد الله بن محمد بن سيرين قال: سألت ابن عون عن القدر فقال: سألت جدك محمداً عن القدر، فقال: " لو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ".
وحدث صالح المري قال: دخل رجل على ابن سيرين، وأنا شاهد، ففتح باباً من أبواب القدر، فتكلم فيه، فقال محمد بن سيرين: إما أن تقوم، وإما أن أقوم.
روي عن يونس بن عبيد أنه قال: تكلم الحسن احتساباً، وسكت محمد احتساباً.
حدث ضمرة عن رجاء قال: كان الحسن يجيء إلى السلطان، ويعيبهم. وكان ابن سيرين لا يجيء إلى السلطان، ولا يعيبهم.
حدث ابن عون عن محمد أنه كان إذا تلى هذه الآية " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين " قال: اللهم محصنا، ولا تجعلنا كافرين.
قال محمد بن سيرين: إذا أراد الله بعبد خيراً، جعل له واعظاً من قلبه - وفي رواية: من نفسه - يأمره وينهاه.
وقال: كان يقال: لا تكرم صديقك فيما يشق عليه. قال: وكان يقال: أكرم ولدك، وأحسن أدبه.
حدث عمارة بن مهران قال: قال إسماعيل المعولي لمحمد بن سيرين، وأنا شاهد: تأمرنا بالصلاة في جماعة، ولا تصلي في جماعة؟! قال: فقال: ما كل أمري أحمده.
قال قرة بن خالد: سأل رجل محمد بن سيرين عن حديث، وقد أراد أن يقوم، فقال: من الرجز
إنك إن كلفتني ما لم أطق ... ساءك ما سرك مني من خلق
قال أيوب: رأيت الحسن في النوم مقيداً، ورأيت ابن سيرين مقيداً في النوم. قال أحمد بن علي: روي في الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه عبر القيد في النوم ثباتاً في الدين.
حدث عبد ربه القصاب قال: واعدت محمد بن سيرين أن أشتري له أضاحي، فنسيت موعده بشغل، ثم ذكرت بعد، فأتيته قريباً من نصف النهار، وإذا محمد ينتظرني، فسلمت عليه، فرفع رأسه، فقال: أما إنه قد نقبل أهون ديناً منك، فقلت: شغلت، وعنفني أصحابي في المجيء إليك، وقالوا: قد ذهب، ولم يقعد إلى الساعة. فقال: لو لم تجئ حتى تغرب الشمس، ما قمت من مقعدي هذا، إلا إلى صلاة أو حاجة لا بد منها.
قال عبد الله بن عون:
ما أتينا محمداً في يوم عيد قط إلا أطعمنا خبيصاً أو فالوذقاً. وكان لا يخرج يوم الفطر حتى يأمر بزكاة رمضان، فتطيب، ويرسل بها إلى المسجد الجامع، ثم يخرج إلى العيد.
حدث حبيب بن الشهيد قال: دخلت على محمد بن سيرين في يوم حار، فوجد في وجهي التعب، فقال: يا جارية، هاتي لحبيب غداء، هاتي، هاتي، هاتي حتى قال ذلك مراراً. قلت: لا أريده. قال: هاتي. فلما جاءت به، قلت: لا أريده. قال: كل لقمة، وأنت بالخيار. فلما أكلت لقمة، نشطت، فأكلت.
قال يزيد النحوي: دخلت على ابن سيرين بيته، وهو جالس في الأرض، فألقى لي وسادة، فقلت: أرضى لنفسي ما رضيت لنفسك. قال: إني لأرضى لك في بيتي ما أرضاه لنفسي، فاجلس حيث تجلس، ولا تجلس مقابل باب أو شيء يكرهون أن تستقبله.
حدث جرير بن حازم قال: قلت بيت شعر، فمررت بمسجد الجهاضم، فقالوا: ما أراك إلا قد أحدثت، فتوضأ، فذعرت من قولهم، فأتيت محمد بن سيرين، وهو قائم في مسجده في بيته، وقد رفع يديه ليكبر، فلما رآني قال: حاجتك؟ فأخبرته، فقال: أفلا رددت عليهم: أما سمعتم قول القائل: من المتقارب
ديار لرملة إذا عيشنا ... بها عيشة الأنعم الأفضل
وإذ ودها فارغ للصدي ... ق لم يتغير، ولم يشغل
وإذ هي كالغصن في حائر ... من الماء طال ولم يعضل
كأن الثلوج وماء السحاب ... والقرقفية بالفلفل
يعل به برد أنيابها ... قبيل الصباح ولم ينجل
ثم قال: الله أكبر، ودخل في الصلاة.
حدث أحمد بن أبي الحواري، عن عبد الله بن السري قال: قال محمد بن سيرين: إني لأعرف الذي حمل علي الدين ما هو؛ قلت لرجل منذ أربعين سنة: يا مفلس! فحدثت به أبا سليمان، فقال لي: يا أحمد، قلت ذنوبهم، فعرفوا من أين يؤتون، وكثرت ذنوبي وذنوبك، فليس ندري من أين نؤتى.
حدث المدائني قال: كان سبب حبس ابن سيرين في الدين أنه اشترى زيتاً بأربعين ألف درهم، فوجد في زق منه فأرة، فقال: الفأرة كانت في المعصرة، فصب الزيت كله. وكان يقول: عيرت رجلاً بشيء من ثلاثين سنة، أحسبني عوقبت به. وكانوا يرون أنه عير رجلاً بالفقر، فابتلي به.
حدث ابن سعد قال: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن سبب الدين الذي ركب محمد بن سيرين حين حبس له، فقال: كان اشترى طعاماً بربعين ألف درهم، فأخبر عن أصل الطعام بشيء كرهه، فتركه أو تصدق به، وبقي المال عليه، فحبس به، حبسته امرأة. وكان الذي حبسه مالك بن المنذر.
وقال ابن سعد: أخبرنا بكار بن محمد، قال: حدثني أبي أن محمد بن سيرين كان باع من أم محمد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي جارية، فرجعت إلى محمد، فشكت أنها تعذبها،
فأخذها محمد، وكان قد أنفق ثمنها. فهي التي حبسته. وهي التي تزوجها سلم بن زياد، وأخرجها إلى خراسان، وكان أبوها يلقب كركرة.
حدث عبد الحميد بن عبد الله بن مسلم بن يسار قال: لما حبس ابن سيرين في السجن، قال له السجان: إذا كان الليل، فاذهب إلى أهلك، فإذا أصبحت فتعال. فقال ابن سيرين: لا والله، لا أعينك على خيانة السلطان.
قال هشام بن حسان: ترك محمد بن سيرين أربعين ألف درهم في شيء ما ترون به اليوم بأساً.
حدث ابن عون قال: لما توجه محمد بن سيرين إلى ابن هبيرة، دعا بوصيته، فنظر فيها، فلما أتى على ذكر دينع بكى! حدث ضمرة عن ابن شوذب قال: جاء رجل يسأل الحسن عن رؤيا، فقال: أخطأ قريباً، ذاك ابن سيرين الذي يعر الرؤيا كأنه من آل يعقوب.
حدث معمر قال: جاء رجل إلى ابن سيرين، فقال: رأيت كأن حمامة التقمت لؤلؤة، فخرجت منها مثل الذي دخلت، ثم جاءت حمامة أخرى، فالتقمت لؤلؤة، فخرجت منها أحسن مما دخلت، ثم جاء حمامة أخرى، فالتقمت لؤلؤة، فخرجت أنقص مما دخلت. فقال ابن سيرين: أما التي خرجت مثل الذي دخلت فهو قتادة، وأما التي خرجت أحسن مما دخلت. فهو الحسن بن أبي الحسن، بسمع الحديث فيزينه بمنطقه، وأما التي خرجت أنقص مما دخلت، فهو ابن سيرين يزيد وينقص!
حدث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن سلم، وهو رجل من أهل مرو قال: كنت أجالس ابن سيرين، فتركت مجالسته، وجالست قوماً من الإباضية، فرأيت فيما يرى النائم كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتيت ابن سيرين، فذكرت له ذلك، فقال: ما لك جالست أقواماً يريدون أن يدفنوا ما جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال هشام بن حسان: قص رجل على ابن سيرين قال: رأيت كأن بيدي قدحاً من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقي الماء. فقال له: اتق الله، فإنك لم تر شيئاً. فقال له الرجل: سبحان الله، أقص عليك الرؤيا، وتقول: لم تر شيئاً؟! فقال له ابن سيرين: إنه من كذب، فليس علي من كذبه شيء. إن كنت رأيت هذا، فستلد امرأتك، وتموت، ويبقى ولدها. فلما خرج قال الرجل: والله ما رأيت هذه الرؤيا. قال: وقد عبرها. قال هشام: فما لبث الرجل غير قليل حتى ولدت امرأته غلاماً، وماتت، وبقي الغلام.
قال: وجاء رجل إلى ابن سيرين، فقال: إني رأيت كأني، وجارية لي سوداء، نأكل في قصعة من صدر سمكة. قال: فقال له ابن سيرين: يخف عليك أن تهيئ لي طعاماً وتدعوني إلى منزلك؟ قال: نعم. قال: فهيأ له طعاماً، ودعاه، فلما وضعت المائدة، إذا جارية له سوداء ممتشطة. قال: فقال له ابن سيرين: هل أصبت من جاريتك هذه شيئاً؟ قال: لا. قال: فإذا وضعت القصعة، فخذ بيدها، فأدخلها المخدع. فأخذ بيدها، فأدخلها المخدع، فصاح: يا أبا بكر، رجل والله! قال ابن سيرين: هذا الذي كان يشاركك في أهلك.
قال مغيرة بن حفص:
سئل ابن سيرين، فقال: رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا. فقال: هذا لحسن يموت، فبكى، ثم أتبعه، وهو أرفع مني.
قال ابن عون: كان محمد بن سيرين إذا اشتكى، لم يكد يشكو ذلك إلى أحد. قال: وربما اطلع على الشيء.
أخبر ابن عون عن محمد بن سيرين: أنه أوصى: ذكر ما أوصى به، أو هذا ما أوصى به محمد بن أبي عمرة بنيه وأهل بيته أن " اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين " وأوصاهم بما أوصى به " إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " وأوصاهم ألا يرغبوا أن يكونوا موالي الأنصار وإخوانهم في الدين، وأن العفة والصدق خير وأتقى من الزناء والكذب، وإن حدث به حدث في مرضي هذا قبل أن أغير وصيتي هذه ... ثم ذكر حاجته.
روي عن ابن شوذب وعن هشام ومنصور وغيرهم أن محمد بن سيرين مات بعد الحسن بمئة يوم.
قال هشام بن حسان: ومات محمد لثمان ليال خلون من شوال، سحراً، سنة عشر ومئة، ليلة الجمعة.
روى محمد بن سعد عن بكار بن محمد قال: توفي محمد بن سيرين وقد بلغ نيفاً وثمانين سنة.
حدث الحجاج بن دينار عن الحكم بن حجل، وكان صديقاً لمحمد بن سيرين، فلما مات محمد بن سيرين حزن عليه حتى جعل يعاد كما يعاد المريض، قال: فحدث بعد قال: رأيت أخي محمد بن سيرين في المنام في حال كذا وكذا، فقلت: أي أخي قد أراك في حال تسرني، فما صنع الحسن؟ قال: رفع فوقي بسبعين درجة. قلت: ولم ذاك، وقد كنا نرى أنك أفضل منه؟ قال: ذاك بطول حزنه.
حدثت حفصة بنة راشد قالت: كان مران المخملي لي جاراً، وكان ناصباً مجتهداً، قالت: فمات، فوجدت عليه وجداً شديداً، فرأيته فيما يرى النائم، فقلت: أبا عبد الله، ما صنع الله بك؟ قال: أدخلني الجنة. قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى أصحاب اليمين. قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى المقربين. قلت: فمن رأيت ثم من إخوانك؟ قال: رأيت ثم الحسن ومحمد بن سيرين وميمون بن سياه.
وقال حماد، وكان من خيار الناس، وكان مؤذن سكة الموالي، قال: اشتكيت شكاة، فأغمي علي، فأريت كأني أدخلت الجنة، فسألت عن الحسن بن أبي الحسن، فقيل لي: هيهات، ذلك يسجد على شجر الجنة. قال: وسألت عن ابن سيرين، فقيل لي فيه قولاً حسناً مما قيل في الحسن.
مُحَمَّد بن سِيرِين
محمد بن سيرين: "بصري"، تابعي، ثقة، يكنى أبا بكر، وهو من أروى الناس عن شريح وعبيدة، وإنما تأدب بالكوفيين من أصحاب عبد الله.
- ومحمد بن سيرين. مولى أنس بن مالك, أمه امرأة من أهل المدينة, يكنى أبا بكر. مات سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم, وصلى عليه النضر بن عمرو المقبري.
محمد بن سيرين
قال ابن المدينى: كان ابن سيرين يقبل أحد الأذنين، فكانوا يرون أنه ربما سمع الشئ على غير حقيقة.
قال: وقيل لمنصور بن معتمر أو غيره: إن محمدًا روى كذا وكذا، فقال: بأى أذنيه سمعها، بأذنه الصماء أو الصحيحة؟ .
قال: وروى أحاديث منكرة تفرد بها، يرون أنه غلط من صم إحدى أذنيه، من ذلك ما رواه هشيم، عن منصور بن زاذان ، عن محمد بن العلاء بن الحضرمى: كتب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بنفسه .
ومن ذلك ما روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعز الاسلام بعمر بن الخطاب أو بعامر ابن الطفيل" . والناس جميعًا يروون: "أو بأ جهل".
قال: حدثنا سليم بن أحصر، حدثنا ابن عون، عن محمد.
قال: ومن ذلك ما حدثنا أبو عاصم، عن ابن عون، عن ابن سيرين، أن سعد بن عبادة بال قائمًا، فرمته الجن فقتلته .
ومن ذلك ما حدثنا به عبد الأعلى، عن هشام، عن محمد، عن عبيدة قال: حفظت عن عمر بن الخطاب رحمه الله فى الحد مائة قضية يخالف بعضها بعضًا . قال: وكان مع هذا يستدين ويعتق عن ولده الجزور وينشد الشعر وقد قام للصلاة.
قال ابن عون: أتاه رجل فقال: ما تقول فى إنشاد الشعر؟ وقد قام للصلاة فقال:
طرقتنى عند العشاء الهموم
حتى أنشد خمسة أبيات، وقد استقبل القبلة ثم قال: الله أكبر .
قال: وكان يتورع عن تفسير القرآن وتفسير الرؤيا، ويقال: إن الرؤيا من أجزاء النبوة، وهى غيب .
قال: فحدثنا أبو عاصم النبيل عن أبى جناب قال: شهدت عمرو بن عبيد أتى محمد بن سيرين فقال: يا أبا بكر، ألم تقل عمران بن حصين قدم البصرة فصلى بهم فلان، فجعل يكبر كلما خفض ورفع، لقد ذكرنى هذا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[/ب] قال: بلى، قال: فما بدا لك تحذف بتكبيرتين، قال: إن مروان وأهل المدينة لا يكبرون، قال: فقال عمرو: سبحان الله يا أبا بكر سبحان الله.
يقول عمران بن الحصين: ذكرنى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقول أنت: مروان وأهل المدينة لا يكبرون. قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ]. قال: فقال عمرو: فمروان ممن أمر الله أن يقتدى به، لا والله لا أجالسك يا أبا بكر أبدًا. قال: وقال له رجل: إنى جئتك أسألك عن شئ، قال: على الخبير سقطت، قال: ما تقول فى كذا وكذا؟ قال: ما عندى منه علم.
قال الكرابيسى: روى ابن سيرين، عن عمران بن حطان ، وعمران أباضى مشهور. رأس فى أصحابه، داعية إلى مذهبه، وهو الذى يقول فى ابن ملجم لعبد الله وفى قتله أمير المؤمنين على بن أبى طالب، رضى الله عنه:
يا ضربة من لقى ما أراد بها
... إلا ليبلغ من ذى العرش رضوانا
إنى لأذكره حينًا فأحسبه
... أو فى البرية عند الله ميزانًا
قال ابن المدينى: روى ابن سيرين عن شريح قال: الشعر وزن يوزن، ولم يرو هذا أحد من أهل الكوفة وهو منكر عندهم. قال: وذلك فى رجل قلع من شعر رجل. فقال: تقلع من شعر رأسه مثله، فإن لم يف فمن لحيته بزنته .
قال: وحدث إسماعيل بن علية عن غالب القطان قال: رأيت ابن سيرين يضحك حتى سال لعابه .
قال: وحدث هشيم، عن منصور بن زاذان قال: كان ابن سيرين صاحب ضحك ومزاح .
ضمرة ، عن ابن شوذب ، والسرى بن يحيى ، قال: كان ابن سيرين يضحك حتى يستلقى وكان يقول لأصحابه، مرحبًا بالمدرقشين، أراد أنهم يحملون الجنائز .
محمد بن نصر قال: حدثنا أحمد، حدثنا سريج بن يونس، حدثنا هشيم، عن منصور قال: كان الحسن يحدثنا فيبكى حتى نرق له، وكان ابن سيرين يضحك حتى تدمع عيناه.
أحمد، حدثنا إسحاق، حدثنى سفيان، عن عبد الملك، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنى معتمر بن سليمان قال: سمعنى أبى أنشد الشعر فى المسجد فنهانى، فقلت: أو ليس الحسن وابن سيرين [/أ] ينشدان.
قال: يا بنى إن اقتديت بالحسن وابن سيرين فى الشر، كان شر كبير .
قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا الحارث (*) بن سعيد، قال: رأيت محمد بن سيرين آخذًا بلحية أيوب السختيانى فقال: لو نتفت لحيتك هذه أعطيت من لحيتى وزنها بقضاء شريح. وكان أيوب كوسجى .
* * *
قال ابن المدينى: كان ابن سيرين يقبل أحد الأذنين، فكانوا يرون أنه ربما سمع الشئ على غير حقيقة.
قال: وقيل لمنصور بن معتمر أو غيره: إن محمدًا روى كذا وكذا، فقال: بأى أذنيه سمعها، بأذنه الصماء أو الصحيحة؟ .
قال: وروى أحاديث منكرة تفرد بها، يرون أنه غلط من صم إحدى أذنيه، من ذلك ما رواه هشيم، عن منصور بن زاذان ، عن محمد بن العلاء بن الحضرمى: كتب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بنفسه .
ومن ذلك ما روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعز الاسلام بعمر بن الخطاب أو بعامر ابن الطفيل" . والناس جميعًا يروون: "أو بأ جهل".
قال: حدثنا سليم بن أحصر، حدثنا ابن عون، عن محمد.
قال: ومن ذلك ما حدثنا أبو عاصم، عن ابن عون، عن ابن سيرين، أن سعد بن عبادة بال قائمًا، فرمته الجن فقتلته .
ومن ذلك ما حدثنا به عبد الأعلى، عن هشام، عن محمد، عن عبيدة قال: حفظت عن عمر بن الخطاب رحمه الله فى الحد مائة قضية يخالف بعضها بعضًا . قال: وكان مع هذا يستدين ويعتق عن ولده الجزور وينشد الشعر وقد قام للصلاة.
قال ابن عون: أتاه رجل فقال: ما تقول فى إنشاد الشعر؟ وقد قام للصلاة فقال:
طرقتنى عند العشاء الهموم
حتى أنشد خمسة أبيات، وقد استقبل القبلة ثم قال: الله أكبر .
قال: وكان يتورع عن تفسير القرآن وتفسير الرؤيا، ويقال: إن الرؤيا من أجزاء النبوة، وهى غيب .
قال: فحدثنا أبو عاصم النبيل عن أبى جناب قال: شهدت عمرو بن عبيد أتى محمد بن سيرين فقال: يا أبا بكر، ألم تقل عمران بن حصين قدم البصرة فصلى بهم فلان، فجعل يكبر كلما خفض ورفع، لقد ذكرنى هذا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[/ب] قال: بلى، قال: فما بدا لك تحذف بتكبيرتين، قال: إن مروان وأهل المدينة لا يكبرون، قال: فقال عمرو: سبحان الله يا أبا بكر سبحان الله.
يقول عمران بن الحصين: ذكرنى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقول أنت: مروان وأهل المدينة لا يكبرون. قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ]. قال: فقال عمرو: فمروان ممن أمر الله أن يقتدى به، لا والله لا أجالسك يا أبا بكر أبدًا. قال: وقال له رجل: إنى جئتك أسألك عن شئ، قال: على الخبير سقطت، قال: ما تقول فى كذا وكذا؟ قال: ما عندى منه علم.
قال الكرابيسى: روى ابن سيرين، عن عمران بن حطان ، وعمران أباضى مشهور. رأس فى أصحابه، داعية إلى مذهبه، وهو الذى يقول فى ابن ملجم لعبد الله وفى قتله أمير المؤمنين على بن أبى طالب، رضى الله عنه:
يا ضربة من لقى ما أراد بها
... إلا ليبلغ من ذى العرش رضوانا
إنى لأذكره حينًا فأحسبه
... أو فى البرية عند الله ميزانًا
قال ابن المدينى: روى ابن سيرين عن شريح قال: الشعر وزن يوزن، ولم يرو هذا أحد من أهل الكوفة وهو منكر عندهم. قال: وذلك فى رجل قلع من شعر رجل. فقال: تقلع من شعر رأسه مثله، فإن لم يف فمن لحيته بزنته .
قال: وحدث إسماعيل بن علية عن غالب القطان قال: رأيت ابن سيرين يضحك حتى سال لعابه .
قال: وحدث هشيم، عن منصور بن زاذان قال: كان ابن سيرين صاحب ضحك ومزاح .
ضمرة ، عن ابن شوذب ، والسرى بن يحيى ، قال: كان ابن سيرين يضحك حتى يستلقى وكان يقول لأصحابه، مرحبًا بالمدرقشين، أراد أنهم يحملون الجنائز .
محمد بن نصر قال: حدثنا أحمد، حدثنا سريج بن يونس، حدثنا هشيم، عن منصور قال: كان الحسن يحدثنا فيبكى حتى نرق له، وكان ابن سيرين يضحك حتى تدمع عيناه.
أحمد، حدثنا إسحاق، حدثنى سفيان، عن عبد الملك، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنى معتمر بن سليمان قال: سمعنى أبى أنشد الشعر فى المسجد فنهانى، فقلت: أو ليس الحسن وابن سيرين [/أ] ينشدان.
قال: يا بنى إن اقتديت بالحسن وابن سيرين فى الشر، كان شر كبير .
قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا الحارث (*) بن سعيد، قال: رأيت محمد بن سيرين آخذًا بلحية أيوب السختيانى فقال: لو نتفت لحيتك هذه أعطيت من لحيتى وزنها بقضاء شريح. وكان أيوب كوسجى .
* * *
مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
- مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. ويكنى أبا بكر مولى أنس بن مالك. وكان ثقة مأمونًا عاليًا رفيعًا فقيهًا إمامًا كثير العلم ورعًا. وكان به صمم. قال: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري: من أين كان أصل محمد بن سيرين؟ فقال: من سبي عين التمر. وكان مولى أنس بن مالك. قال: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُثْمَانَ وَوُلِدْتُ أَنَا لِسَنَةٍ بَقِيَتْ مِنْ خِلافَتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أَنَّ أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ صَفِيَّةَ مَوْلاةَ أبي بَكْرِ بْنِ أبي قُحَافَةَ طَيَّبَهَا ثَلاثَةٌ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَوْا لَهَا وَحَضَرَ إِمْلاكَهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا فِيهِمْ أبي بْنُ كَعْبٍ يَدْعُو وهم يؤمنون. قال: وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وُلِدَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ثَلاثُونَ وَلَدًا مِنَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يبق منهم غير عبد الله ابن مُحَمَّدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أنس ابن سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ إِخْوَةٍ فِيهِمْ مُحَمَّدٌ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ مَنْ أَخُو كُلِّ وَاحِدٍ لأُمِّهِ. هَذَا وَهَذَا لأُمٍّ. وَهَذَا وَهَذَا لأُمٍّ. وَهَذَا وَهَذَا لأُمٍّ. فَمَا أَخْطَأَ شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَتْ أُمِّي لِهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ: عَنْ مَنْ يحدث محمد من أصحاب النبي. ص؟ قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَتْ: وَسَمِعَ مِنْهُمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَتْ أُمِّي لِهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ: عَنْ مَنْ يُحَدِّثُ مُحَمَّدٌ مِنْ أصحاب النبي. ص؟ قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَتْ: وَسَمِعَ مِنْهُمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ مِنْ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ إِلا ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ لا يَجِيءُ إِلا بِالرَّفْعِ. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إِحْدَى صَلاتَيِ الْعِشَاءِ. وَقَوْلُهُ: جَاءَ أهل الْيَمَنِ. وَحَدِيثٌ ثَالِثٌ نَسِيَهُ سُلَيْمَانُ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْ عَشَرَةٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَلَى حُرُوفِهِ. قَالَ: وأُخْبِرْتُ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: كُلُّ شَيْءٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: نُبِّئْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَةَ لَقِيَهُ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ بِالْكُوفَةِ. قَالُوا: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ وَشُرَيْحٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ شُرَيْحًا إِنْ كَانَ لَيُدْنِي مَجْلِسِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَنْ مَنْ تَأْخُذُونَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إِذَا حَدَّثَ كَأَنَّهُ يَتَّقِي شَيْئًا كَأَنَّهُ يَحْذَرُ شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِيَّاكُمْ وَالْكُتُبَ فَإِنَّمَا تَاهَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. أَوْ قَالَ: ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْكُتُبِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَلَمْ يَكُنْ لِجَدِّي وَلا لأَبِي وَلا لابْنِ عَوْنٍ كِتَابٌ فِيهِ تَمَامُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا كِتَابًا لاتَّخَذْتُ رَسَائِلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَكْتُبَ الْحَدِيثَ فَإِذَا حَفِظَهُ مَحَاهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بن زيد عن شُعَيْبٍ قَالَ: قَالَ لَنَا الشَّعْبِيُّ: عَلَيْكُمْ بِذَاكَ الأَصَمِّ. يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ قَالَ: خُذُوا بِحِلْمِ مُحَمَّدٍ وَلا تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الْحَسَنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَكْرَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْبَاءَ ثُمَّ يَمُدَّهَا إِلَى الْمِيمِ حَتَّى يَكْتُبَ السِّينَ. قَالَ: وَيَقُولُ: انْظُرْ مَا كَتَبْتُ: بِسْمِ اللَّهِ. ثُمَّ يَقُولُ فِيهِ قَوْلا شَدِيدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قال: سمعت محمد ابن سِيرِينَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِفُلانٍ وَيَقُولُ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ فُلانٍ إِلَى فُلانٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ رَجُلا يَكْتُبُ بِرِيقِهِ فِي نَعْلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَسُرُّكَ أَنْ تَلْحَسَ نَعْلَكَ؟ فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ احْتِسَابًا وَسَكَتَ مُحَمَّدٌ احْتِسَابًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَشْعَثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَيْهِ حَدَّثَنَا وَتَحَدَّثْنَا وَضَحِكَ وَسَأَلَ عَنِ الأَخْبَارِ. فَإِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفِقْهِ وَالْحَلالِ وَالْحَرَامِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَتَبَدَّلَ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مهدي بن ميمون قال: سمعت محمدا وما رآه رَجُلٌ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: إِنِّي قَدْ أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ وَأَنَا أَعْلَمُ بِالْمِرَاءِ مِنْكَ وَلَكِنْ لا أُرِيدُ أَنْ أُمَارِيَكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ: سَمِعْتُ مُوَرِّقًا الْعِجْلِيَّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ وَلا أَوْرَعَ فِي فِقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: اصْرِفُوهُ حَيْثُ شِئْتُمْ فَلَتَجِدُنَّهُ أَشَدَّكُمْ وَرَعًا وَأَمْلَكَكُمْ لِنَفْسِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ رَجُلا فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ الأَسْوَدَ. ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مَا أُرَانِي إِلا قَدِ اغْتَبْتُ الرَّجُلَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ وَهْبٍ الطَّاحِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَقَدْ كُنْتُ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ: ائْتِ فُلانًا فَاسْتَوْصِفْهُ فَإِنَّهُ حَسَنُ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ. ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنِ ائْتِ فُلانًا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مَا أُرَانِي إِلا قَدِ اغْتَبْتُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: مَا حَسَدْتُ أَحَدًا شَيْئًا قَطُّ بَرًّا وَلا فَاجِرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَزِنَ مَا آكُلُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّي لأَزِنُ طَعَامِي وَزْنًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِهَذِهِ النُّقْرَةِ أَعْلَمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ فِي شَيْءٍ رَاجَعْتُهُ فِيهِ: إِنِّي لَمْ أَقُلْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ إِنَّمَا قُلْتُ لا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ سَيِّدَيْ أهل هَذَا الْمِصْرِ عَرَبِيِّهَا وَمَوْلاهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ أَنَّ كَلامَهُ يُكْتَبُ عَلَيْهِ لَقَلَّ كَلامُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ مُقَيَّدًا فِي الْمَنَامِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ قَالَ: مَا رَابَهُ شَيْءٌ إِلا تَرَكَهُ مُنْذُ نَشَأَ. يَعْنِي مُحَمَّدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ فَجَعَلَ يُجِيبُهُ وَثَمَّ سلم ابن قُتَيْبَةَ فَقَالَ رَجُلٌ: سَلْهُ مَا يَقُولُ فِي الْقَدَرِ. فَقَالَ: يَا أبا بَكْرٍ مَا تَقُولُ فِي الْقَدَرِ؟ قَالَ: أَيُّ الْقَوْمِ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً. ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيْسَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ سُلْطَانٌ. وَلَكِنْ مَنْ أَطَاعَهُ أَهْلَكَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مُحَمَّدٍ فَذَكَرَ لَهُ شَيْئًا مِنَ الْقَدَرِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» النحل: . قَالَ: وَوَضَعَ إِصْبَعَيْ يَدَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ عَنِّي وَإِمَّا أَنْ أَخْرُجَ عَنْكَ! قَالَ: فَخَرَجَ الرَّجُلُ. قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ قَلْبِي لَيْسَ بِيَدِي وَإِنِّي خِفْتُ أَنْ يَنْفُثَ فِي قَلْبِي شَيْئًا فَلا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْهُ فَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ لا أَسْمَعَ كَلامَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ قَالا: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا أَعْظَمَ رَجَاءً لأَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنِ ابْنِ سِيرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قال: لم يبلغ محمدا حديثان قط أَحَدُهُمَا أَشَدُّ مِنَ الآخَرِ إِلا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا. قَالَ: وَكَانَ لا يَرَى بِالآخَرِ بَأْسًا وَكَانَ قَدْ طُوِّقَ لِذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَفَّانُ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ أَبُو قِلابَةَ: وَأَيُّنَا يُطِيقُ مَا يُطِيقُ مُحَمَّدٌ؟ مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حد السنان. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السَّيْفِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ اشْتَرَى هَذِهِ الأَرْضَ الَّتِي بِرُسْتَاقِ جَرْجَرَايَا وَصَارَتْ فِي يَدَيْ مُحَمَّدٍ وَفِي يَدَيْ أَخِيهِ يَحْيَى فَأَخَذَ بِخَرَاجِهَا. وَكَانَ فِيهَا كَرْمٌ فَأَرَادُوا يَعْصِرُونَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لا تَعْصِرُوهُ بِيعُوهُ رَطْبًا. قَالُوا: لا يُنْفِقُ عَنَّا. قَالَ: فَاجْعَلُوهُ زَبِيبًا. قَالُوا: لا يَجِيءُ مِنْهُ الزَّبِيبُ. فَضَرَبَ الْكَرْمَ وَأَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ وَانْحَدَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ: كَانَتْ أُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةً حِجَازِيَّةً. وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصِّبْغُ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى لَهَا ثَوْبًا اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ لا يَنْظُرُ فِي بَقَائِهِ فَإِذَا كَانَ كُلَّ يَوْمِ عِيدٍ صَبَغَ لَهَا ثِيَابَهَا. قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعًا صَوْتَهُ عَلَيْهَا قَطُّ وَكَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَلَّمَهَا كَالْمُصْغِي إِلَيْهَا بِالشَّيْءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ رَآهُ رَجُلٌ لا يَعْرِفُهُ ظَنَّ أَنَّ بِهِ مَرَضًا مِنْ خَفْضِهِ كلامه عندها. قال: سألت محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ حِينَ حُبِسَ لَهُ قَالَ: كَانَ اشْتَرَى طَعَامًا بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأُخْبِرَ عَنْ أَصْلِ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ كَرِهَهُ فَتَرَكَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ. فَحُبِسَ بِهِ حَبَسَتْهُ امْرَأَةٌ. وَكَانَ الَّذِي حَبَسَهُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ بَاعَ مِنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ جَارِيَةً فَرَجَعَتْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَشَكَتْ أَنَّهَا تُعَذِّبُهَا فَأَخَذَهَا مُحَمَّدٌ وَكَانَ قَدْ أَنْفَقَ ثَمَنَهَا فَهِيَ الَّتِي حَبَسَتْهُ وَهِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا سَلْمُ بْنُ زِيَادٍ وَأَخْرَجَهَا إِلَى خُرَاسَانَ وَكَانَ أَبُوهَا يُلَقَّبُ كِرْكِرَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ السِّجْنَ وَهُوَ يُكْتِبُ رَجُلا سِعْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ محمد ابن سِيرِينَ قَالَ: لَعَمْرِي لَقَدْ شُهِرْتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: يَا أبا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُمْ إِلا مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ. فَلَمْ يَزَلْ بِي الْبَلاءُ حَتَّى أُخِذَ بِلِحْيَتِي فَأُقِمْتُ عَلَى الْمَصْطَبَةِ فَقِيلَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ. وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ اشْتَرَى طَعَامًا بَيْعًا مَنُونِيًّا فَأَشْرَفَ فِيهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِينَ أَلْفًا فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَرَكَهُ. قَالَ هِشَامٌ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِرِبًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي أبي خُلَيْفُ بْنُ عُقْبَةَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يُسَبِّحُ وَحْدَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي الْقَدَرِ؟ فَقُلْتُ: مِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَدْ بَلَغَكَ. فَقَالَ: لِمَ تَرُدُّ الْقَدَرَ عَلَيَّ؟ إِنَّهُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُوَفِّقْهُ لِطَاعَتِهِ وَمَحَابِّهِ مِنَ الأَعْمَالِ. وَمَنْ يُرِدْ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ يُعَذِّبْهُ غَيْرَ ظَالِمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. فَإِذَا وَافَقَ صَوْمُهُ الْيَوْمَ الَّذِي يُفْطِرُ يَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ مِنْ رَمَضَانَ صَامَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: كَانَتْ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ فَكَانَ إِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: نَفْسِي تُكَلِّفُنِي أَشْيَاءَ وَدِدْتُ أَنَّهَا لا تُكَلِّفُنِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ محمد قال: أنا في بلاء شديد أَشْتَهِي أَنْ أَشْبَعَ فَلا أَشْبَعَ وَأَشْتَهِي أَنْ أُرْوَى فَلا أُرْوَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَلا هَذِهِ الآيَةَ: «وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ» آل عمران: . قَالَ: اللَّهُمَّ مَحِّصْنَا وَلا تَجْعَلْنَا كَافِرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابن عون قال: كانا إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلا بِسَيِّئَةٍ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ بِأَحْسَنَ مَا يَعْلَمُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ نِلْنَا مِنْكَ فَاجْعَلْنَا فِي حِلٍّ. فَقَالَ: لا أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَامَ وَجَّهَ نَفْسَهُ. قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: مَا أَخْطَأَنِي يَوْمُ عِيدٍ إِلا أَتَيْتُ مُحَمَّدًا فِيهِ فَلا يُعْدِمُنِي أَنْ أُصِيبَ فِيهِ خَبِيصًا أَوْ فَالُوذَقًا. قَالَ: وَكَانَ يُدَارِئُ بِهِ الْبَوْلَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: مَا أَتَيْنَا مُحَمَّدًا فِي يَوْمِ عِيدٍ قَطُّ أَلا أَطْعَمَنَا فِيهِ خَبِيصًا أَوْ فَالُوذَقًا. وَكَانَ لا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِزَكَاةِ رَمَضَانَ فَتُطَيَّبُ وَيُرْسَلُ بِهَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ. ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِلا كَمَا أُنْزِلَ. يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ ثُمَّ يَتَكَلَّمَ ثُمَّ يَعُودَ فَيَقْرَأَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ إِذَا وَدَّعَ رَجُلا قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَاطْلَبْ مَا قُدِّرَ لَكَ مِنْ حَلالٍ فَإِنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهُ مِنْ حَرَامٍ لَمْ تُصِبْ أَكْثَرَ مِمَّا قُدِّرَ لَكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ الدَّرَاهِمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَأْتِينِي إِلَى الْحَانُوتِ وَيَجِيئُنِي الرِّجَالُ فَأَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الْمَتَاعَ فَيَقُولُ لَهُمْ مُحَمَّدٌ: إِنْ شِئْتُمْ أُخْرِجُهُ لَكُمْ إِلَى الدَّارِ. قَالَ: فَأَخْرَجَهُ لَهُمْ إِلَى الدَّارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ إِذَا اسْتَسْلَفَ مَالا وَزَنَهُ بِشَيْءٍ وَخَتَمَهُ. فَإِذَا قَضَاهُ وَزَنَهُ بِذَلِكَ الْوَزْنِ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَزْنُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنَ سِيرِينَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمٌ زَائِفٌ أَوْ سَتُّوقٍ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ. فَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُ مِائَةِ سَتُّوقَةٍ وَزُيُوفٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْبَزَّ. فَأَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ فَسَاوَمْتُهُ. فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفًا مِنْ أَصْنَافِ الْبَزِّ قَالَ: هَلْ رَضِيتَ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ. فَيُعِيدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ يَدْعُو رَجُلَيْنِ فَيُشْهِدُهُمَا عَلَى بَيْعِنَا ثُمَّ يَقُولُ: انْقُلْ مَتَاعَكَ. وَكَانَ لا يَشْتَرِي وَلا يَبِيعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْحَجَّاجِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ حَاجَتِي أَجِدُهُ عِنْدَهُ إِلا اشْتَرَيْتُهُ حَتَّى لَفَائِفَ الْبَزِّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَخْرُجُ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ عَاقِدٌ ثَوْبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَيَقْعُدُ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ خَائِفًا إِنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ. ثُمَّ أَتَى مَكَّةَ يُفْتِي النَّاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشَارِطَ الْقَسَّامَ. قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ الرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ. وَقَالَ: حُكْمٌ يَأْخُذُونَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا معاذ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ فَقَبِلَ وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَلَمْ يَقْبَلْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: خَتَنَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ بَنِيهِ فَدَعَا حَيَارَى آلِ الْمُهَلَّبِ. قَالَ: فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ: أَلا تَرَى مَا صَنَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: لا تَنْجُلُوا أبا عَبْدِ اللَّهِ لا تَنْجُلُوا أبا عَبْدِ اللَّهَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَالِبٍ قَالَ: أَتَيْتُ مُحَمَّدًا وَذَكَرَ مِزَاجَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ الْبَارِحَةَ أَمَا شَعَرْتَ؟ فَقُلْتُ: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» البقرة: ! فضحك. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بَلَغَ الْوُضُوءُ عَضَلَةَ سَاقَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يَكْنُسُ مَسْجِدَهُ بِثَوْبِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُسْلِمٌ قَالا: حَدَّثَنَا قُرَّةُ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كُنْيَتَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ مُحَمَّدٍ كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ حَلْقَةً مِنْ فِضَّةٍ وَيَتَخَتَّمُ فِي الشِّمَالِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ لَمَّا خَرَجَ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ. فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قَالَ لِي: تَقَدَّمْ فَصَلِّ بنا. فَصَلَّيْتُ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ كُنْتَ تَقُولُ لا يَتَقَدَّمُ إِلا مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فَكَيْفَ قَدَّمْتَنِي؟ قَالَ: وَقُلْتُ صَنَعْتُ شَيْئًا كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ لِنَفْسِهِ. قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ فَيَقُولَ النَّاسُ هَذَا مُحَمَّدٌ يَؤُمُّ النَّاسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ تَخَطِّيَ رِقَابِ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ. قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ ابْنَ سِيرِينَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ. قَالَ: وَأَنَا لا أَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَكِنِّي أَجِيءُ فَيَعْرِفُنِي الرَّجُلُ فَيُوَسِّعُ لِي فَأَمْضِي. ثُمْ يَعْرِفُنِي الآخَرُ فَيُوَسِّعُ لِي فَأَمْضِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ مَسْجِدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَمَسْجِدَ أَنَسٍ وَمَسْجِدَ حَفْصَةَ بِالْعَرَانِيسِ الْمُعَرَّاةِ فِي دَارِ سِيرِينَ لا يَدْخُلُهَا صَبِيُّ وَلا أَحَدٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: مَاتَتِ ابْنَةٌ لِلْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: افْعَلُوا كَذَا. وَافْعَلُوا كَذَا. وَرَجَوْتُ أَنْ يَأْمُرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ: إِذَا أَخْرَجْتُمُوهَا فَمُرُوا مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُصَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ محمد ابن سِيرِينَ يَقُولُ: عَفَفْتُ عَنْ نَفْسِي بَعْدَ أَنْ كُنْتُ رَجُلا بِبُخْتِيَّةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَلْبَسُ طَيْلَسَانًا. وَكَانَ يَلْبَسُ كِسَاءً أَبْيَضَ فِي الشِّتَاءِ وَعِمَامَةً بَيْضَاءَ وَفَرْوَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المغيرة قال: رأيت محمد ابن سِيرِينَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْيُمْنَةَ وَالطَّيَالِسَةَ وَالْعَمَائِمَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لاطِيَّةٍ قَدْ أَرْخَى ذُؤَابَتَهَا مِنْ خَلْفِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ ثِيَابَ كَتَّانٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ يَذْكُرُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يكن بلغ ذلك ولكن أبو بَكْرٍ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَخَضَبْتُ يَوْمَئِذٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَقُولُ لِلْخَرَّازِ إِذَا خَرَزَ لَهُ خُفًّا: لا تَبُلَّ الْخُيُوطَ بِرِيقِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ لا يُحْفِي شَارِبَهُ كَمَا يُحْفِي بَعْضُ النَّاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ أَمَرَ سُوَيْدًا أبا مَحْفُوظٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حُلَّةً حِبَرَةً يُكَفَّنُ فِيهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَتْ وَصِيَّةُ ابْنِ سِيرِينَ ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أبي عَمْرَةَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: «يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» البقرة: . وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لا يَدَّعُوا أَنْ يَكُونُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوَالِيَهُمْ فِي الدِّينِ فَإِنَّ الْعَفَافَ وَالصِّدْقَ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَكْرَمُ مِنَ الزِّنَا وَالْكَذِبِ. وَأَوْصَى فِيمَا تَرَكَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا ضَمِنْتُ عَنْ أبي دَيْنَهُ قَالَ لِي: بِالْوَفَاءِ؟ قُلْتُ: بِالْوَفَاءِ. فَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: قَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِيهِ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاثَ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِ مِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيصِ الْمَيِّتِ أَزْرَارٌ وَيُكَفُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُجْعَلُ لَهُ أَزْرَارٌ وَلا تُزَرُّ عَلَيْهِ. قَالَ أَيُّوبُ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَغَسَّلَهُ أَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ. وَلا أَدْرِي مَنْ حَضَرَ مَعَهُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر وقال مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالا: هَلَكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ بَعْدَ الْحَسَنِ بِمِائَةِ يَوْمٍ وَذَلِك سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. وَأَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَدْ بَلَغَ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ سَنَةً.
- مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ. ويكنى أبا بكر مولى أنس بن مالك. وكان ثقة مأمونًا عاليًا رفيعًا فقيهًا إمامًا كثير العلم ورعًا. وكان به صمم. قال: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري: من أين كان أصل محمد بن سيرين؟ فقال: من سبي عين التمر. وكان مولى أنس بن مالك. قال: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلافَةِ عُثْمَانَ وَوُلِدْتُ أَنَا لِسَنَةٍ بَقِيَتْ مِنْ خِلافَتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أَنَّ أُمَّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ صَفِيَّةَ مَوْلاةَ أبي بَكْرِ بْنِ أبي قُحَافَةَ طَيَّبَهَا ثَلاثَةٌ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَوْا لَهَا وَحَضَرَ إِمْلاكَهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَدْرِيًّا فِيهِمْ أبي بْنُ كَعْبٍ يَدْعُو وهم يؤمنون. قال: وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وُلِدَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ثَلاثُونَ وَلَدًا مِنَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يبق منهم غير عبد الله ابن مُحَمَّدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أنس ابن سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ إِخْوَةٍ فِيهِمْ مُحَمَّدٌ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ مَنْ أَخُو كُلِّ وَاحِدٍ لأُمِّهِ. هَذَا وَهَذَا لأُمٍّ. وَهَذَا وَهَذَا لأُمٍّ. وَهَذَا وَهَذَا لأُمٍّ. فَمَا أَخْطَأَ شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَتْ أُمِّي لِهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ: عَنْ مَنْ يحدث محمد من أصحاب النبي. ص؟ قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَتْ: وَسَمِعَ مِنْهُمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: قَالَتْ أُمِّي لِهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ: عَنْ مَنْ يُحَدِّثُ مُحَمَّدٌ مِنْ أصحاب النبي. ص؟ قَالَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَتْ: وَسَمِعَ مِنْهُمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ مِنْ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ إِلا ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ لا يَجِيءُ إِلا بِالرَّفْعِ. أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إِحْدَى صَلاتَيِ الْعِشَاءِ. وَقَوْلُهُ: جَاءَ أهل الْيَمَنِ. وَحَدِيثٌ ثَالِثٌ نَسِيَهُ سُلَيْمَانُ. قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْ عَشَرَةٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَلَى حُرُوفِهِ. قَالَ: وأُخْبِرْتُ عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ: كُلُّ شَيْءٍ قَالَ مُحَمَّدٌ: نُبِّئْتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَةَ لَقِيَهُ أَيَّامَ الْمُخْتَارِ بِالْكُوفَةِ. قَالُوا: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَيَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ وَشُرَيْحٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ شُرَيْحًا إِنْ كَانَ لَيُدْنِي مَجْلِسِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَنْ مَنْ تَأْخُذُونَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ إِذَا حَدَّثَ كَأَنَّهُ يَتَّقِي شَيْئًا كَأَنَّهُ يَحْذَرُ شَيْئًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: إِيَّاكُمْ وَالْكُتُبَ فَإِنَّمَا تَاهَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. أَوْ قَالَ: ضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالْكُتُبِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَلَمْ يَكُنْ لِجَدِّي وَلا لأَبِي وَلا لابْنِ عَوْنٍ كِتَابٌ فِيهِ تَمَامُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا كِتَابًا لاتَّخَذْتُ رَسَائِلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَكْتُبَ الْحَدِيثَ فَإِذَا حَفِظَهُ مَحَاهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بن زيد عن شُعَيْبٍ قَالَ: قَالَ لَنَا الشَّعْبِيُّ: عَلَيْكُمْ بِذَاكَ الأَصَمِّ. يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ قَالَ: خُذُوا بِحِلْمِ مُحَمَّدٍ وَلا تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الْحَسَنِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَكْرَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْبَاءَ ثُمَّ يَمُدَّهَا إِلَى الْمِيمِ حَتَّى يَكْتُبَ السِّينَ. قَالَ: وَيَقُولُ: انْظُرْ مَا كَتَبْتُ: بِسْمِ اللَّهِ. ثُمَّ يَقُولُ فِيهِ قَوْلا شَدِيدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قال: سمعت محمد ابن سِيرِينَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِفُلانٍ وَيَقُولُ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ فُلانٍ إِلَى فُلانٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ رَجُلا يَكْتُبُ بِرِيقِهِ فِي نَعْلَيْهِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَسُرُّكَ أَنْ تَلْحَسَ نَعْلَكَ؟ فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ احْتِسَابًا وَسَكَتَ مُحَمَّدٌ احْتِسَابًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَشْعَثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَيْهِ حَدَّثَنَا وَتَحَدَّثْنَا وَضَحِكَ وَسَأَلَ عَنِ الأَخْبَارِ. فَإِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْفِقْهِ وَالْحَلالِ وَالْحَرَامِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَتَبَدَّلَ حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مهدي بن ميمون قال: سمعت محمدا وما رآه رَجُلٌ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: إِنِّي قَدْ أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ وَأَنَا أَعْلَمُ بِالْمِرَاءِ مِنْكَ وَلَكِنْ لا أُرِيدُ أَنْ أُمَارِيَكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ: سَمِعْتُ مُوَرِّقًا الْعِجْلِيَّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ وَلا أَوْرَعَ فِي فِقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو قِلابَةَ: اصْرِفُوهُ حَيْثُ شِئْتُمْ فَلَتَجِدُنَّهُ أَشَدَّكُمْ وَرَعًا وَأَمْلَكَكُمْ لِنَفْسِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُحَدِّثُ رَجُلا فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ الأَسْوَدَ. ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مَا أُرَانِي إِلا قَدِ اغْتَبْتُ الرَّجُلَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ وَهْبٍ الطَّاحِيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَقَدْ كُنْتُ اشْتَكَيْتُ فَقَالَ: ائْتِ فُلانًا فَاسْتَوْصِفْهُ فَإِنَّهُ حَسَنُ الْعِلْمِ بِالطِّبِّ. ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنِ ائْتِ فُلانًا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مَا أُرَانِي إِلا قَدِ اغْتَبْتُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: مَا حَسَدْتُ أَحَدًا شَيْئًا قَطُّ بَرًّا وَلا فَاجِرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَزِنَ مَا آكُلُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنِّي لأَزِنُ طَعَامِي وَزْنًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِهَذِهِ النُّقْرَةِ أَعْلَمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ فِي شَيْءٍ رَاجَعْتُهُ فِيهِ: إِنِّي لَمْ أَقُلْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ إِنَّمَا قُلْتُ لا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ عَنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ سَيِّدَيْ أهل هَذَا الْمِصْرِ عَرَبِيِّهَا وَمَوْلاهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ أَنَّ كَلامَهُ يُكْتَبُ عَلَيْهِ لَقَلَّ كَلامُهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ مُقَيَّدًا فِي الْمَنَامِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ قَالَ: مَا رَابَهُ شَيْءٌ إِلا تَرَكَهُ مُنْذُ نَشَأَ. يَعْنِي مُحَمَّدًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ فَجَعَلَ يُجِيبُهُ وَثَمَّ سلم ابن قُتَيْبَةَ فَقَالَ رَجُلٌ: سَلْهُ مَا يَقُولُ فِي الْقَدَرِ. فَقَالَ: يَا أبا بَكْرٍ مَا تَقُولُ فِي الْقَدَرِ؟ قَالَ: أَيُّ الْقَوْمِ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً. ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيْسَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ سُلْطَانٌ. وَلَكِنْ مَنْ أَطَاعَهُ أَهْلَكَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ. وَأَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالا: قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مُحَمَّدٍ فَذَكَرَ لَهُ شَيْئًا مِنَ الْقَدَرِ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» النحل: . قَالَ: وَوَضَعَ إِصْبَعَيْ يَدَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: إِمَّا أَنْ تَخْرُجَ عَنِّي وَإِمَّا أَنْ أَخْرُجَ عَنْكَ! قَالَ: فَخَرَجَ الرَّجُلُ. قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّ قَلْبِي لَيْسَ بِيَدِي وَإِنِّي خِفْتُ أَنْ يَنْفُثَ فِي قَلْبِي شَيْئًا فَلا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْهُ فَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ لا أَسْمَعَ كَلامَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ قَالا: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا أَعْظَمَ رَجَاءً لأَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنِ ابْنِ سِيرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قال: لم يبلغ محمدا حديثان قط أَحَدُهُمَا أَشَدُّ مِنَ الآخَرِ إِلا أَخَذَ بِأَشَدِّهِمَا. قَالَ: وَكَانَ لا يَرَى بِالآخَرِ بَأْسًا وَكَانَ قَدْ طُوِّقَ لِذَلِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَفَّانُ قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ أَبُو قِلابَةَ: وَأَيُّنَا يُطِيقُ مَا يُطِيقُ مُحَمَّدٌ؟ مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حد السنان. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السَّيْفِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ اشْتَرَى هَذِهِ الأَرْضَ الَّتِي بِرُسْتَاقِ جَرْجَرَايَا وَصَارَتْ فِي يَدَيْ مُحَمَّدٍ وَفِي يَدَيْ أَخِيهِ يَحْيَى فَأَخَذَ بِخَرَاجِهَا. وَكَانَ فِيهَا كَرْمٌ فَأَرَادُوا يَعْصِرُونَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: لا تَعْصِرُوهُ بِيعُوهُ رَطْبًا. قَالُوا: لا يُنْفِقُ عَنَّا. قَالَ: فَاجْعَلُوهُ زَبِيبًا. قَالُوا: لا يَجِيءُ مِنْهُ الزَّبِيبُ. فَضَرَبَ الْكَرْمَ وَأَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ وَانْحَدَرَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ قَالَتْ: كَانَتْ أُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةً حِجَازِيَّةً. وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصِّبْغُ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى لَهَا ثَوْبًا اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ لا يَنْظُرُ فِي بَقَائِهِ فَإِذَا كَانَ كُلَّ يَوْمِ عِيدٍ صَبَغَ لَهَا ثِيَابَهَا. قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعًا صَوْتَهُ عَلَيْهَا قَطُّ وَكَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَلَّمَهَا كَالْمُصْغِي إِلَيْهَا بِالشَّيْءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ رَآهُ رَجُلٌ لا يَعْرِفُهُ ظَنَّ أَنَّ بِهِ مَرَضًا مِنْ خَفْضِهِ كلامه عندها. قال: سألت محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ حِينَ حُبِسَ لَهُ قَالَ: كَانَ اشْتَرَى طَعَامًا بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأُخْبِرَ عَنْ أَصْلِ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ كَرِهَهُ فَتَرَكَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ. فَحُبِسَ بِهِ حَبَسَتْهُ امْرَأَةٌ. وَكَانَ الَّذِي حَبَسَهُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبي أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ بَاعَ مِنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ جَارِيَةً فَرَجَعَتْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَشَكَتْ أَنَّهَا تُعَذِّبُهَا فَأَخَذَهَا مُحَمَّدٌ وَكَانَ قَدْ أَنْفَقَ ثَمَنَهَا فَهِيَ الَّتِي حَبَسَتْهُ وَهِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا سَلْمُ بْنُ زِيَادٍ وَأَخْرَجَهَا إِلَى خُرَاسَانَ وَكَانَ أَبُوهَا يُلَقَّبُ كِرْكِرَةَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ السِّجْنَ وَهُوَ يُكْتِبُ رَجُلا سِعْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ محمد ابن سِيرِينَ قَالَ: لَعَمْرِي لَقَدْ شُهِرْتُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: يَا أبا مُحَمَّدٍ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُمْ إِلا مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ. فَلَمْ يَزَلْ بِي الْبَلاءُ حَتَّى أُخِذَ بِلِحْيَتِي فَأُقِمْتُ عَلَى الْمَصْطَبَةِ فَقِيلَ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ. وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ اشْتَرَى طَعَامًا بَيْعًا مَنُونِيًّا فَأَشْرَفَ فِيهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِينَ أَلْفًا فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَرَكَهُ. قَالَ هِشَامٌ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِرِبًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: قَالَ لِي أبي خُلَيْفُ بْنُ عُقْبَةَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يُسَبِّحُ وَحْدَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي الْقَدَرِ؟ فَقُلْتُ: مِنْهُمْ مَنْ يُثْبِتُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَدْ بَلَغَكَ. فَقَالَ: لِمَ تَرُدُّ الْقَدَرَ عَلَيَّ؟ إِنَّهُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُوَفِّقْهُ لِطَاعَتِهِ وَمَحَابِّهِ مِنَ الأَعْمَالِ. وَمَنْ يُرِدْ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ يُعَذِّبْهُ غَيْرَ ظَالِمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. فَإِذَا وَافَقَ صَوْمُهُ الْيَوْمَ الَّذِي يُفْطِرُ يَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ مِنْ رَمَضَانَ صَامَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: كَانَتْ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ فَكَانَ إِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: نَفْسِي تُكَلِّفُنِي أَشْيَاءَ وَدِدْتُ أَنَّهَا لا تُكَلِّفُنِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ محمد قال: أنا في بلاء شديد أَشْتَهِي أَنْ أَشْبَعَ فَلا أَشْبَعَ وَأَشْتَهِي أَنْ أُرْوَى فَلا أُرْوَى. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَلا هَذِهِ الآيَةَ: «وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ» آل عمران: . قَالَ: اللَّهُمَّ مَحِّصْنَا وَلا تَجْعَلْنَا كَافِرِينَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ عَنِ ابن عون قال: كانا إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلا بِسَيِّئَةٍ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ بِأَحْسَنَ مَا يَعْلَمُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ نِلْنَا مِنْكَ فَاجْعَلْنَا فِي حِلٍّ. فَقَالَ: لا أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا نَامَ وَجَّهَ نَفْسَهُ. قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: مَا أَخْطَأَنِي يَوْمُ عِيدٍ إِلا أَتَيْتُ مُحَمَّدًا فِيهِ فَلا يُعْدِمُنِي أَنْ أُصِيبَ فِيهِ خَبِيصًا أَوْ فَالُوذَقًا. قَالَ: وَكَانَ يُدَارِئُ بِهِ الْبَوْلَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: مَا أَتَيْنَا مُحَمَّدًا فِي يَوْمِ عِيدٍ قَطُّ أَلا أَطْعَمَنَا فِيهِ خَبِيصًا أَوْ فَالُوذَقًا. وَكَانَ لا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِزَكَاةِ رَمَضَانَ فَتُطَيَّبُ وَيُرْسَلُ بِهَا إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ. ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِلا كَمَا أُنْزِلَ. يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ ثُمَّ يَتَكَلَّمَ ثُمَّ يَعُودَ فَيَقْرَأَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ إِذَا وَدَّعَ رَجُلا قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَاطْلَبْ مَا قُدِّرَ لَكَ مِنْ حَلالٍ فَإِنَّكَ إِنْ أَخَذْتَهُ مِنْ حَرَامٍ لَمْ تُصِبْ أَكْثَرَ مِمَّا قُدِّرَ لَكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلِمُ عِنْدَ الدَّرَاهِمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَأْتِينِي إِلَى الْحَانُوتِ وَيَجِيئُنِي الرِّجَالُ فَأَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الْمَتَاعَ فَيَقُولُ لَهُمْ مُحَمَّدٌ: إِنْ شِئْتُمْ أُخْرِجُهُ لَكُمْ إِلَى الدَّارِ. قَالَ: فَأَخْرَجَهُ لَهُمْ إِلَى الدَّارِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ كَانَ إِذَا اسْتَسْلَفَ مَالا وَزَنَهُ بِشَيْءٍ وَخَتَمَهُ. فَإِذَا قَضَاهُ وَزَنَهُ بِذَلِكَ الْوَزْنِ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَزْنُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ ابْنَ سِيرِينَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمٌ زَائِفٌ أَوْ سَتُّوقٍ لَمْ يَشْتَرِ بِهِ. فَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُ مِائَةِ سَتُّوقَةٍ وَزُيُوفٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْبَزَّ. فَأَتَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ فَسَاوَمْتُهُ. فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفًا مِنْ أَصْنَافِ الْبَزِّ قَالَ: هَلْ رَضِيتَ؟ فَأَقُولُ: نَعَمْ. فَيُعِيدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. ثُمَّ يَدْعُو رَجُلَيْنِ فَيُشْهِدُهُمَا عَلَى بَيْعِنَا ثُمَّ يَقُولُ: انْقُلْ مَتَاعَكَ. وَكَانَ لا يَشْتَرِي وَلا يَبِيعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْحَجَّاجِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ حَاجَتِي أَجِدُهُ عِنْدَهُ إِلا اشْتَرَيْتُهُ حَتَّى لَفَائِفَ الْبَزِّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَخْرُجُ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ عَاقِدٌ ثَوْبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَيَقْعُدُ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ خَائِفًا إِنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ. ثُمَّ أَتَى مَكَّةَ يُفْتِي النَّاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُشَارِطَ الْقَسَّامَ. قَالَ: وَكَانَ يَكْرَهُ الرِّشْوَةَ فِي الْحُكْمِ. وَقَالَ: حُكْمٌ يَأْخُذُونَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا معاذ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ إِلَى الْحَسَنِ فَقَبِلَ وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَلَمْ يَقْبَلْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: خَتَنَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ بَنِيهِ فَدَعَا حَيَارَى آلِ الْمُهَلَّبِ. قَالَ: فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ: أَلا تَرَى مَا صَنَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: لا تَنْجُلُوا أبا عَبْدِ اللَّهِ لا تَنْجُلُوا أبا عَبْدِ اللَّهَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَالِبٍ قَالَ: أَتَيْتُ مُحَمَّدًا وَذَكَرَ مِزَاجَهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ: تُوُفِّيَ الْبَارِحَةَ أَمَا شَعَرْتَ؟ فَقُلْتُ: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» البقرة: ! فضحك. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بَلَغَ الْوُضُوءُ عَضَلَةَ سَاقَيْهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يَكْنُسُ مَسْجِدَهُ بِثَوْبِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُسْلِمٌ قَالا: حَدَّثَنَا قُرَّةُ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كُنْيَتَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ مُحَمَّدٍ كُنْيَتُهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ أَنَّ نَقْشَ خَاتَمِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ حَلْقَةً مِنْ فِضَّةٍ وَيَتَخَتَّمُ فِي الشِّمَالِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ لَمَّا خَرَجَ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ. فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلاةُ قَالَ لِي: تَقَدَّمْ فَصَلِّ بنا. فَصَلَّيْتُ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ كُنْتَ تَقُولُ لا يَتَقَدَّمُ إِلا مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فَكَيْفَ قَدَّمْتَنِي؟ قَالَ: وَقُلْتُ صَنَعْتُ شَيْئًا كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ لِنَفْسِهِ. قَالَ: فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ فَيَقُولَ النَّاسُ هَذَا مُحَمَّدٌ يَؤُمُّ النَّاسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ تَخَطِّيَ رِقَابِ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ. قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ ابْنَ سِيرِينَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ. قَالَ: وَأَنَا لا أَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَلَكِنِّي أَجِيءُ فَيَعْرِفُنِي الرَّجُلُ فَيُوَسِّعُ لِي فَأَمْضِي. ثُمْ يَعْرِفُنِي الآخَرُ فَيُوَسِّعُ لِي فَأَمْضِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ مَسْجِدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَمَسْجِدَ أَنَسٍ وَمَسْجِدَ حَفْصَةَ بِالْعَرَانِيسِ الْمُعَرَّاةِ فِي دَارِ سِيرِينَ لا يَدْخُلُهَا صَبِيُّ وَلا أَحَدٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: مَاتَتِ ابْنَةٌ لِلْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: افْعَلُوا كَذَا. وَافْعَلُوا كَذَا. وَرَجَوْتُ أَنْ يَأْمُرَنِي أَنْ أُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ: إِذَا أَخْرَجْتُمُوهَا فَمُرُوا مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يُصَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ محمد ابن سِيرِينَ يَقُولُ: عَفَفْتُ عَنْ نَفْسِي بَعْدَ أَنْ كُنْتُ رَجُلا بِبُخْتِيَّةٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَلْبَسُ طَيْلَسَانًا. وَكَانَ يَلْبَسُ كِسَاءً أَبْيَضَ فِي الشِّتَاءِ وَعِمَامَةً بَيْضَاءَ وَفَرْوَةً. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المغيرة قال: رأيت محمد ابن سِيرِينَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْيُمْنَةَ وَالطَّيَالِسَةَ وَالْعَمَائِمَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لاطِيَّةٍ قَدْ أَرْخَى ذُؤَابَتَهَا مِنْ خَلْفِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ ثِيَابَ كَتَّانٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ يَذْكُرُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يكن بلغ ذلك ولكن أبو بَكْرٍ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَخَضَبْتُ يَوْمَئِذٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَقُولُ لِلْخَرَّازِ إِذَا خَرَزَ لَهُ خُفًّا: لا تَبُلَّ الْخُيُوطَ بِرِيقِكَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ لا يُحْفِي شَارِبَهُ كَمَا يُحْفِي بَعْضُ النَّاسَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ أَمَرَ سُوَيْدًا أبا مَحْفُوظٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حُلَّةً حِبَرَةً يُكَفَّنُ فِيهَا. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَتْ وَصِيَّةُ ابْنِ سِيرِينَ ذِكْرُ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أبي عَمْرَةَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ. وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ: «يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» البقرة: . وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لا يَدَّعُوا أَنْ يَكُونُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوَالِيَهُمْ فِي الدِّينِ فَإِنَّ الْعَفَافَ وَالصِّدْقَ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَكْرَمُ مِنَ الزِّنَا وَالْكَذِبِ. وَأَوْصَى فِيمَا تَرَكَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبي عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا ضَمِنْتُ عَنْ أبي دَيْنَهُ قَالَ لِي: بِالْوَفَاءِ؟ قُلْتُ: بِالْوَفَاءِ. فَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: قَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِيهِ ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاثَ مِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوًا مِنْ ثَلاثِ مِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيصِ الْمَيِّتِ أَزْرَارٌ وَيُكَفُّ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُجْعَلُ لَهُ أَزْرَارٌ وَلا تُزَرُّ عَلَيْهِ. قَالَ أَيُّوبُ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بْنُ زَيْدٍ قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. وَغَسَّلَهُ أَيُّوبُ وَابْنُ عَوْنٍ. وَلا أَدْرِي مَنْ حَضَرَ مَعَهُمْ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن عمر وقال مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالا: هَلَكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ بَعْدَ الْحَسَنِ بِمِائَةِ يَوْمٍ وَذَلِك سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. وَأَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَدْ بَلَغَ نَيِّفًا وَثَمَانِينَ سَنَةً.
مُحَمَّد بن سِيرِين كنية سِيرِين أَبُو عمْرَة وكنية مُحَمَّد أَبُو بكر الْبَصْرِيّ أَخُو أنس وخَالِد ومعبد وَيحيى وَحَفْصَة أخرج البُخَارِيّ فِي الْإِيمَان وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة وَغير مَوضِع عَن عَاصِم الْأَحول وَأَيوب وَابْن عون وَيُونُس بن عبيد وخَالِد الْحذاء وَهِشَام بن حسان وَجَرِير بن حَازِم ومهدي بن مَيْمُون وقرة بن خَالِد وَغَيرهم عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة وَأنس بن مَالك وَأم عَطِيَّة وَعبيدَة السَّلمَانِي وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وأخيه معبد بن سِيرِين وَغَيرهم
قَالَ أَبُو بكر قد أَدخل مُحَمَّد بن سِيرِين بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة رجلا يُقَال لَهُ عبد الْوَهَّاب من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي عَن أَيُّوب عَنهُ وَقد أَدخل عَليّ بن رَبَاح بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وَعلي بن شماخ قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي أَحْمد قَالَ قَالَ بن علية كُنَّا نسْمع من بن سِيرِين ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من إِمَارَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَمُحَمّد أكبر من أنس قَالَ عَمْرو بن عَليّ مَاتَ سنة عشر وَمِائَة فِي شَوَّال وَقَالَ البُخَارِيّ وَحج مُحَمَّد بن سِيرِين زمن بن الزبير فَسمع بن الزبير وَدخل الْكُوفَة فَسمع عَلْقَمَة وَالربيع بن خثيم وَسمع زيد بن ثَابت قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل سَأَلت الْأنْصَارِيّ يَعْنِي مُحَمَّد بن عبد الله عَن مُحَمَّد بن سِيرِين من أَيْن كَانَ أَصله قَالَ من عين التَّمْر قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا عبيد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا أَبُو عوَانَة قَالَ رَأَيْت بن سِيرِين دخل السُّوق فَمَا رَآهُ أحد إِلَّا ذكر الله قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا فُضَيْل بن عبد الْوَهَّاب حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن عَاصِم سَمِعت مورقا السدُوسِي يَقُول مَا رَأَيْت أحدا أورع فِي فقه وَلَا أفقه فِي ورع من بن سِيرِين قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا يحيى بن معِين حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن بن عون قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن سِيرِين من أرجإ النَّاس لهَذِهِ الْأمة وأشدهم إزراء على نَفسه قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّافِعِي حَدثنَا فُضَيْل بن عِيَاض عَن هِشَام عَن بن سِيرِين قَالَ إِن هَذَا الْعلم دين فانظروا عَمَّن تأخذونه قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا عبيد الله بن عمر حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب وَهِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ إِن الْمُسلم الْمُسلم عِنْد الدِّرْهَم
قَالَ أَبُو بكر قد أَدخل مُحَمَّد بن سِيرِين بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة رجلا يُقَال لَهُ عبد الْوَهَّاب من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الطفَاوِي عَن أَيُّوب عَنهُ وَقد أَدخل عَليّ بن رَبَاح بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان وَعلي بن شماخ قَالَ البُخَارِيّ حَدثنِي أَحْمد قَالَ قَالَ بن علية كُنَّا نسْمع من بن سِيرِين ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من إِمَارَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَمُحَمّد أكبر من أنس قَالَ عَمْرو بن عَليّ مَاتَ سنة عشر وَمِائَة فِي شَوَّال وَقَالَ البُخَارِيّ وَحج مُحَمَّد بن سِيرِين زمن بن الزبير فَسمع بن الزبير وَدخل الْكُوفَة فَسمع عَلْقَمَة وَالربيع بن خثيم وَسمع زيد بن ثَابت قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل سَأَلت الْأنْصَارِيّ يَعْنِي مُحَمَّد بن عبد الله عَن مُحَمَّد بن سِيرِين من أَيْن كَانَ أَصله قَالَ من عين التَّمْر قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا عبيد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا أَبُو عوَانَة قَالَ رَأَيْت بن سِيرِين دخل السُّوق فَمَا رَآهُ أحد إِلَّا ذكر الله قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا فُضَيْل بن عبد الْوَهَّاب حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن عَاصِم سَمِعت مورقا السدُوسِي يَقُول مَا رَأَيْت أحدا أورع فِي فقه وَلَا أفقه فِي ورع من بن سِيرِين قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا يحيى بن معِين حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن بن عون قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن سِيرِين من أرجإ النَّاس لهَذِهِ الْأمة وأشدهم إزراء على نَفسه قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّافِعِي حَدثنَا فُضَيْل بن عِيَاض عَن هِشَام عَن بن سِيرِين قَالَ إِن هَذَا الْعلم دين فانظروا عَمَّن تأخذونه قَالَ أَبُو بكر حَدثنَا عبيد الله بن عمر حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب وَهِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ كَانُوا يَقُولُونَ إِن الْمُسلم الْمُسلم عِنْد الدِّرْهَم
مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَنَسِيُّ، البَصْرِيُّ، مَوْلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ سَبْيِ جَرْجَرَايَا، تَمَلَّكَهُ أَنَسٌ، ثُمَّ كَاتَبَهُ عَلَى أُلُوْفٍ مِنَ المَالِ، فَوَفَّاهُ، وَعَجَّلَ لَهُ مَالَ الكِتَابَةِ قَبْلَ حُلُوْلِهِ، فَتَمَنَّعَ أَنَسٌ مِنْ أَخْذِهِ لَمَّا رَأَى سِيْرِيْنَ قَدْ كَثُرَ مَالُهُ مِنَ التِّجَارَةِ، وَأَمَلَ أَنْ يَرِثَهُ، فَحَاكَمَهُ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأَلْزَمَهُ تَعْجِيْلَ المُؤَجَّلِ.
قَالَ أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ: وُلِدَ أَخِي مُحَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَوُلِدْتُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ قَابِلَةٍ.
سَمِع: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ، وَشُرَيْحاً القَاضِي، وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوْبُ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ
الحَذَّاءُ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَأَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ، وَيَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ، وَعُقْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصَمُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ سُلْمَى الهُذَلِيُّ، وَحَيَّانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَشَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَخُلَيْدُ بنُ دَعْلَجٍ.قَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ:
وُلِدَ أَخِي مُحَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَكَذَا وَجَدْتُ فِي كِتَابِي: عُمَرَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عُثْمَانَ.
قُلْتُ: الثَّانِي أَشْبَهُ، وَلَوْ كَانَ أَوْلاَهُمَا الأَوَّلُ، لَكَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فِي سِنِّ الحَسَنِ، وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ أَصْغَرَ بِسَنَوَاتٍ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلأَوَّلِ: قَوْلُ عَارِمٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: عَاشَ ابْنُ سِيْرِيْنَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي: قَوْلُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُعَلَّى بنِ هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
حَجَّ بِنَا أَبُو الوَلِيْدِ، فَمَرَّ بِنَا عَلَى المَدِيْنَةِ، فَأَدْخَلَنَا عَلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَنَحْنُ سَبْعَةٌ وَلَدُ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ لَهُ: هَؤُلاَءِ بَنُوْ سِيْرِيْنَ.
فَقَالَ زَيْدٌ: هَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَا مِنْ أُمٍّ.
قَالَ: فَمَا أَخْطَأَ.
وَكَانَ يَحْيَى أَخَا مُحَمَّدٍ مِنْ أُمِّهِ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَعْبَدٌ كَانَ أَخَا مُحَمَّدٍ لأُمِّهِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: أَدْرَكَ مُحَمَّدٌ ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ قَصِيْراً، عَظِيْمَ
البَطْنِ، لَهُ وَفْرَةٌ، يَفْرِقُ شَعْرَهُ، كَثِيْرَ المُزَاحِ وَالضَّحِكِ، يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى حُرُوْفِهِ، وَكَانَ الحَسَنُ صَاحِبَ مَعْنَىً.
عَوْنُ بنُ عُمَارَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكْتُ؛ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ طَاوُوْسٍ.
فَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ - وَكَانَ جَالِساً -: وَاللهِ لَوْ رَأَى مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ، لَمْ يَقُلْهُ.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ خُلَيْفِ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عُثْمَانَ البَتِّيِّ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بِالبَصْرَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، قَالَ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُوْلُ لَنَا: عَلَيْكُم بِذَلِكَ الأَصَمِّ -يَعْنِي: ابْنَ سِيْرِيْنَ -.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ أَفْطَنَ مِنَ الحَسَنِ فِي أَشْيَاءَ.
وَقَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ حَسَنَ العِلْمِ بِالفَرَائِضِ وَالقَضَاءِ وَالحِسَابِ.حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عَاصِمٍ، سَمِعْتُ مُوَرِّقاً العِجْلِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ، وَلاَ أَوْرَعَ فِي فَقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَقَالَ عَاصِمٌ: وَذُكِرَ مُحَمَّدٌ عِنْدَ أَبِي قِلاَبَةَ، فَقَالَ: اصْرِفُوْهُ كَيْفَ شِئْتُم، فَلَتَجِدُنَّهُ أَشَدَّكُم وَرَعاً، وَأَمْلَكَكُم لِنَفْسِهِ.
حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
وَمِنْ يَسْتَطِيْعُ مَا يُطِيْقُ؟! مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السِّنَانِ.
النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
ثَلاَثَةٌ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُم: ابْنُ سِيْرِيْنَ بِالعِرَاقِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ بِالحِجَازِ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ بِالشَّامِ، كَأَنَّهُمُ الْتَقَوْا، فَتَوَاصَوْا.
وَقَدْ وَقَفَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ دَيْنٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَجْلِ زَيْتٍ كَثِيْرٍ أَرَاقَهُ؛ لِكَوْنِهِ وَجَدَ فِي بَعْضِ الظُّرُوْفِ فَأْرَةً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ:
قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُم إِلاَّ مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِيَ البَلاَءُ حَتَّى قُمْتُ عَلَى المَصْطَبَةِ.
فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ سِيْرِيْنَ، أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ، وكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ فِي السُّوْقِ، فَمَا رَآهُ أَحَدٌ إِلاَّ ذَكَرَ اللهَ.مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ البَاهِلِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ كُوْفِيٌّ وَلاَ بَصْرِيٌّ لَهُ مِثْلُ وَرَعِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ زُهَيْرٍ الأَقْطَعِ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، مَاتَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عَلَى حِدَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَرَى أَنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ أَسْرَعُ النَّاسِ رِدَّةً، وَأَنَّ هَذِهِ نَزَلَتْ فِيْهِم: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِيْنَ يَخُوْضُوْنَ فِي آيَاتِنَا، فَأَعْرِضْ عَنْهُم حَتَّى يَخُوْضُوا فِي حَدِيْثٍ غَيْرِهِ} [الأَنْعَامُ: 68] ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْخَى نَفْساً مِنِ ابْنِ عَوْنٍ.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ قُرَّةَ، قَالَ:
أَكَلْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: إِنَّ الطَّعَامَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ مُتَوَارِياً مِنَ الحَجَّاجِ، فَمَاتَتْ بِنْتٌ لَهُ، فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَقُوْلَ لِي: صَلِّ عَلَيْهَا.
فَبَكَى، حَتَّى ارْتَفَعَ نَحِيْبُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهبْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَقُلْ لَهُ: لِيُصَلِّ عَلَيْهَا.
فَعَرَفَ حِيْنَ جَاءَ الحَقَائِقُ، أَنَّهُ لاَ يَعْدِلُ بِابْنِ سِيْرِيْنَ أَحَداً.
الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ،
وَالشَّعْبِيُّ: يَأْتُوْنَ بِالحَدِيْثِ عَلَى المَعَانِي، وَكَانَ القَاسِمُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ: يُقَيِّدُوْنَ الحَدِيْثَ عَلَى حُرُوْفِهِ.خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ سُوْدَ الرُّؤُوْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، إِلاَّ أَنَّ فِيْهِم حِدَّةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فَقِيْهاً، عَالِماً، وَرِعاً، أَدِيْباً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، صَدُوْقاً، شَهِدَ لَهُ أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ بِذَلِكَ، وَهُوَ حُجَّةٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:
قَالَ مُحَمَّد: إِنَّ هَذَا العِلْمَ دَيْنٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُوْنَ دَيْنَكُم.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
نَزَلَ بِنَا أَبُو قَتَادَةَ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى سَطْحٍ لَنَا - قَالَ: وَنَحْنُ عَشْرَةٌ مِنْ وَلَدِ سِيْرِيْنَ - فَانْقَضَّ كَوْكَبٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَأَتْبَعْنَاهُ أَبْصَارَنَا، فَنَهَانَا أَبُو قَتَادَةَ عَنْ ذَلِكَ.
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ: قُلْتُ لابْنِ سِيْرِيْنَ: مَا تَرَى فِي السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ؟
قَالَ: لاَ نَسْمَعُ مِنْهُم وَلاَ كَرَامَةً.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ الأَهْوَازِيُّ بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ الرَّجُلُ، فَلاَ يُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَيَقُوْلُ: مَا أَتَّهِمُكَ، وَلاَ الَّذِي يُحَدِّثُكَ، وَلَكِنْ مَنْ بَيْنَكُمَا أَتَّهِمُهُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّمَا يَقَعُ الكَذِبُ بِالَّذِي وَضَعَ الحَدِيْثَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً يَقُوْلُ: ذَهَب العِلْمُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ شَذَرَاتٌ فِي أَوْعِيَةٍ شَتَّى.خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيْثِ النَّاسِ، وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ، وَيَضْحَكُ حَتَّى يَمِيْلَ، فَإِذَا جَاءَ بِالحَدِيْثِ مِنَ المُسْنَدِ، كَلَحَ وَتَقَبَّضَ.
أَشْهَلُ بنُ حَاتِمٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ لابْنِ مَسْعُوْدٍ - أَوْ لأَبِي مَسْعُوْدٍ -: إِنَّكَ تُفْتِي النَّاسَ وَلَسْتَ بِأَمِيْرٍ، وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا.
قَالَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّمَا يُفْتِي النَّاسَ أَحَدُ ثَلاَثَةٍ: مَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنَ القُرْآنِ.
قَالُوا: وَمَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنَ القُرْآنِ؟
قَالَ: عُمَرُ، أَوْ أَمِيْرٌ لاَ يَجِدُ بُدّاً، أَوْ أَحْمَقُ مُتَكَلِّفٌ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: وَلَسْتُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ الثَّالِثَ.
يَزِيْدُ بنُ طَهْمَانَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ لاَ يُتَّهَمُ فِي الحَدِيْثِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ حَتَّى حُبِسَ بِهِ؟ فَقَالَ:
كَانَ بَاعَ مِنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ جَارِيَةً، فَرَجَعَتْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَشَكَتْ أَنَّهَا تُعَذِّبُهَا،
فَأَخَذَهَا مُحَمَّدٌ، وَكَانَ قَدْ أَنْفَقَ ثَمَنَهَا، فَهِيَ الَّتِي حَبَسَتْهُ، وَهِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا سَلْمُ بنُ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَهَا إِلَى خُرَاسَانَ، وَكَانَ أَبُوْهَا يُلَقَّبُ: كِرْكِرَةَ.وَقَالَ المَدَائِنِيُّ : كَانَ سَبَبُ حَبْسِهِ أَنْ أَخَذَ زَيْتاً بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَوَجَدَ فِي زِقٍّ مِنْهُ فَأْرَةً، فَظَنَّ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي المَعْصَرَةِ، وَصَبَّ الزَّيْتَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي ابْتُلِيْتُ بِذَنْبٍ أَذَنَبْتُهُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: فَكَانُوا يَظُنُّوْنَ أَنَّهُ عَيَّرَ رَجُلاً بِفَقْرٍ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا: عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يُسْأَلُ عَنْ إِسْنَادِ الحَدِيْثِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الفِتْنَةُ، سُئِلَ عَنْ إِسْنَادِ الحَدِيْثِ، فَيُنْظَرُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، تُرِكَ حَدِيْثُهُ.
قَالَ أَشْعَثُ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى تَقُوْلَ: كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ.
وَقَالَ يُوْنُسُ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ صَاحِبَ ضَحِكٍ وَمُزَاحٍ.
هُشَيْمٌ: عَنْ مَنْصُوْرٍ:
كَانَ مُحَمَّدٌ يَضْحَكُ حَتَّى تَدْمَعَ عَيْنَاهُ، وَكَانَ الحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ:كُنَّا فِي جِنَازَة حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، فَوُضِعَتِ الجَنَازَةُ، وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ صِهْرِيْجاً يَتَوَضَّأُ.
فَقَالَ الحَسَنُ: أَيْنَ هُوَ؟
قَالُوا: يَتَوَضَّأُ صَبّاً صَبّاً، دَلْكاً دَلْكاً، عَذَابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِهِ.
حَمَّادٌ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: سَمِعَ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَنْهَى عَنِ الجِدَالِ، إِلاَّ رَجَاءَ إِنْ كَلَّمْتَهُ أَنْ يَرْجِعَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ:
كَاتَبَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَبِي أَبَا عَمْرَةَ عَلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَدَّاهَا مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَنَسٍ: هَذِهِ مُكَاتَبَةُ سِيْرِيْنَ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَيْناً.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ بِوَاسِطَ، فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ مِنْ فَتْوَىً مِنْهُ، وَلاَ أَجْرَأَ عَلَى رُؤْيَا مِنْهُ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ لِمُحَمَّدٍ أَمْرَانِ فِي ذِمَّتِهِ، إِلاَّ أَخَذَ بِأَوْثَقِهِمَا.
قَالَ بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَوْرَعِ مَنْ أَدْرَكْنَا، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَتَّجِرُ، فَإِذَا ارْتَابَ فِي شَيْءٍ، تَرَكَهُ.وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ إِزْارَءً عَلَى نَفْسِهِ.
وَقَالَ غَالِبٌ القَطَّانُ: خُذُوا بِحِلْمِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَلاَ تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الحَسَنِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُوْمُ عَاشُوْرَاءَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُفْطِرُ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَ رَجُلاً، فَقَالَ: ذَاكَ الأَسْوَدُ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ للهِ، إِنِّي اغْتَبْتُهُ.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ بَعَثَ إِلَى الحَسَنِ، فَقَبِلَ، وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَلَمْ يَقْبَلْ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: عَنْ رَجَاءٍ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ يَجِيْءُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَيَعِيْبُهُم، وَكَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ لاَ يَجِيْءُ إِلَيْهِم، وَلاَ يَعِيْبُهُم.
قَالَ هِشَامٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً عِنْدَ السُّلْطَانِ أَصْلَبَ مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:رَأَيْت الحَسَنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً، وَرَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً.
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ:
أَنَّ ابْنَ سِيْرِيْنَ اشْتَرَى بَيْعاً مِنْ مَنُوْنِيَا، فَأَشْرَفَ فِيْهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ، فَتَرَكَهُ.
قَالَ هِشَامٌ: مَا هُوَ -وَاللهِ- بِرِباً.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: سَأَلْتُ الأَنْصَارِيَّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ حَتَّى حُبِسَ؟
قَالَ: اشْتَرَى طَعَاماً بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفاً، فَأُخْبِرَ عَنْ أَصْلِ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ، فَكَرِهَهُ، فَتَرَكَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، فَحُبِسَ عَلَى المَالِ، حَبَسَتْهُ امْرَأَةٌ، وَكَانَ الَّذِي حَبَسَهُ مَالِكُ بنُ المُنْذِرِ.
وَقَالَ هِشَامٌ: تَرَكَ مُحَمَّدٌ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً فِي شَيْءٍ مَا يَرَوْنَ بِهِ اليَوْمَ بَأْساً.
وَعَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ مَرَّةً لِرَجُلٍ: يَا مُفْلِسُ، فَعُوْقِبْتُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ - وَبَلَغَهُ هَذَا - فَقَالَ: قَلَّتْ ذُنُوْبُ القَوْمِ، فَعَرَفُوا مِنْ أَيْنَ أُتُوا، وَكَثُرَتْ ذُنُوْبُنَا، فَلَمْ نَدْرِ مِنْ أَيْنَ نُؤْتَى.
قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ : أَنَّ السَّجَّانَ قَالَ لابْنِ سِيْرِيْنَ: إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، فَاذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ،
فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَتَعَالَ.قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَكُوْنُ لَكَ عَوْناً عَلَى خِيَانَةِ السُّلْطَانِ.
قَالَ مَعْمَرٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ مِنْهَا أَعْظَمَ مَا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ.
فَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا الأُوْلَى: فَذَاكَ الحَسَنُ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ، وَيَصِلُ فِيْهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَمَّا الَّتِي صَغُرَتْ فَأَنَا، أَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَأُسْقِطُ مِنْهُ، وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ فَقَتَادَةُ، فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمٍ المَرْوَزِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَتَرَكْتُهُ، وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّةَ، فَرَأَيْتُ كَأَنِّي مَعَ قَوْمٍ يَحْمِلُوْنَ جِنَازَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَاماً يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَدْفِنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
قَصَّ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ بِيَدِي قَدَحاً مِنْ زُجَاجٍ فِيْهِ مَاءٌ، فَانْكَسَرَ القَدَحُ، وَبَقِيَ المَاءُ.
فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّك لَمْ تَرَ شَيْئاً.
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ!
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: فَمَنْ كَذَبَ فَمَا عَلَيَّ، سَتَلِدُ امْرَأَتُكَ وَتَمُوْتُ، وَيَبْقَى وَلَدُهَا.
فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُل، قَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً.
فَمَا لَبِثَ أَنَّ وُلِدَ لَهُ، وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ.
قَالَ: وَدَخَلَ آخَرُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي وَجَارِيَةً سَوْدَاءَ نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ
سَمَكَةً.قَالَ: أَتُهَيِّئُ لِي طَعَاماً وَتَدْعُوْنِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَفَعَلَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ المَائِدَةُ، إِذَا جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ!
فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيْرِيْنَ: هَلْ أَصَبْتَ هَذِهِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَادْخُلْ بِهَا المَخْدَعَ.
فَدَخَلَ، وَصَاحَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، رَجُلٌ -وَاللهِ-.
فَقَالَ: هَذَا الَّذِي شَارَكَكَ فِي أَهْلِكَ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ مُغِيْرَةَ بنِ حَفْصٍ، قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتِ الثُّرَيَّا.
قَالَ: هَذَا الحَسَنُ يَمُوْتُ قَبْلِي، ثُمَّ أَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنِّي.
قَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ فِي التَّعْبِيْرِ عَجَائِبُ يَطُوْلُ الكِتَابُ بِذِكْرِهَا، وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ تَأْيِيْدٌ إِلَهِيٌّ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
كَانَ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ، فَإِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ.
حَمَّادٌ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ.
قُلْتُ: كَانَ مَشْهُوْراً بِالوَسْوَاسِ.
قَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: رَأَيْتُهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، بَلَغَ عَضَلَةَ سَاقَيْهِ.
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ كُنْيَتَهَ: أَبُو بَكْرٍ، وَرَأَيْتُهُ يَتَخَتَّمُ فِي الشِّمَالِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ: عَقَقْتُ عَنْ نَفْسِي بُخْتِيَّةً.وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً، وَيَلْبَسُ كِسَاءً أَبْيَضَ فِي الشِّتَاءِ، وَعِمَامَةً بَيْضَاءَ وَفَرْوَةً.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الثَّمِيْنَةَ، وَالطَّيَالِسَ، وَالعَمَائِمَ.
يَحْيَى بنُ خُلَيْفٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لاَطِيَةٍ، قَدْ أَرْخَى ذَوَائِبَهَا مِنْ خَلْفِهِ، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ.
قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ كَتَّانٍ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ، وَرَأَيْتُهُ لاَ يُحْفِي شَارِبَهُ.
قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: أَمَرَ ابْنُ سِيْرِيْنَ سُوَيْداً أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حُلَّةً حِبَرَةً يُكَفَّنُ فِيْهَا.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيْرِيْنَ، قَالَتْ:
كَانَتْ وَالِدَةُ مُحَمَّدٍ حِجَازِيَّةً، وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصِّبْغُ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى لَهَا ثَوْباً، اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ، فَإِذَا كَانَ عِيْدٌ، صَبَغَ لَهَا ثِيَاباً، وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعاً صَوْتَهُ عَلَيْهَا، كَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَالمُصْغِي إِلَيْهَا.
بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ رَآهُ رَجُلٌ لاَ يَعْرِفُهُ، ظَنَّ أَنَّ بِهِ مَرَضاً مِنْ خَفْضِ كَلاَمِهِ عِنْدَهَا.
أَزْهَرُ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانُوا إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلاً بِسَيِّئَةٍ، ذَكَرَهُ هُوَ بِأَحْسَنِ مَا يَعْلَمُ.
وَجَاءهُ نَاسٌ، فَقَالُوا: إِنَّا نِلْنَا مِنْكَ، فَاجْعَلْنَا فِي حِلٍّ.
قَالَ: لاَ أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً حَرَّمَهُ اللهُ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَشْتَرِيَ البَزَّ، فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ بِالكُوْفَةِ، فَسَاوَمْتُهُ، فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفاً مِنْ أَصْنَافِ البَزِّ، قَالَ: هَلْ رَضِيْتَ؟
فَأَقُوْلُ: نَعَمْ.
فَيُعِيْدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلَيْنِ، فَيُشْهِدُهُمَا، وَكَانَ لاَ يَشْتَرِي وَلاَ يَبِيْعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الحَجَّاجِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ، مَا تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ حَاجَتِي أَجِدُهُ عِنْدَهُ إِلاَّ اشْتَرَيْتُهُ، حَتَّى لَفَائِفَ البَزِّ.
أَبُو كُدَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمُ زَيْفٍ أَوْ سُتُّوْقٍ، لَمْ يَشْتَرِ بِهِ، فَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُ مائَةٍ زُيُوْفاً وَسُتُّوْقَةً.
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَتْ وَصِيَّةُ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ: ذَكَرَ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي عَمْرَةَ أَهْلَهُ وَبَنِيْهِ؛ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِم، وَأَنْ يُطِيْعُوا اللهَ وَرَسُوْلَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِيْنَ، وَأَوْصَاهُم بِمَا أَوْصَى بِهِ: { ... إِبْرَاهِيْمُ بَنِيْهِ وَيَعْقُوْبُ: يَا بَنِيَّ، إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّيْنَ، فَلاَ تَمُوْتُنَّ
إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُوْنَ} [البَقَرَةُ: 132] ، وَأَوْصَاهُم أَنْ لاَ يَدَعُوا أَنَّ يَكُوْنُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوَالِيَهُم فِي الدِّيْنِ، فَإِنَّ العَفَافَ وَالصِّدْقَ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَكْرَمُ مِنَ الزِّنَى وَالكَذِبِ، وَأَوْصَى فِيْمَا تَرَكَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي ... ، فَذَكَرَ الوَصِيَّةَ.مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَمَّا ضَمِنْتُ عَلَى أَبِي دَيْنَهُ، قَالَ لِي: بِالوَفَاءِ؟
قُلْتُ: بِالوَفَاءِ.
فَدَعَى لِي بِخَيْرٍ، فَقضَى عَبْدُ اللهِ عَنْهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللهِ حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ نَحْوَهَا.
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ القَمِيْصَ -يَعْنِي: لَمَّا كَفَّنَهُ -.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيْصِ المَيِّتِ أَزْرَارٌ، وَيُكَفَّ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ بِمائَةِ يَوْمٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ.
خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ سِيْرِيْنَ لِتِسْعٍ مَضَيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ.
أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ:
أَنَّ رَجُلَيْنِ تَآخَيَا، فَتَعَاهَدَا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَجَدَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَرَآهُ
الآخَرُ فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ؟قَالَ: ذَاكَ مَلَكٌ فِي الجَنَّةِ لاَ يَعْصِي.
قَالَ: فَابْنُ سِيْرِيْنَ؟
قَالَ: ذَاكَ فِيْمَا شَاءَ وَاشْتَهَى، شَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا.
قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَدْرَكَ الحَسَنَ؟
قَالَ: بِشِدَّةِ الخَوْفِ وَالحُزْنِ.
جَمَاعَةٌ: سَمِعُوا المُحَارِبِيَّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ الحَكَمُ بنُ جَحْلٍ صَدِيْقاً لابْنِ سِيْرِيْنَ، فَحَزِنَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ حَتَّى كَانَ يُعَادُ.
ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ فِي حَالِ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلْتُهُ لَمَّا سَرَّنِي: مَا فَعَلَ الحَسَنُ؟
قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي سَبْعِيْنَ دَرَجَةً.
قُلْتُ: بِمَ؟ فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ فَوْقَهُ!
قَالَ: بِطُوْلِ الحُزْنِ.
وَقَدْ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ أَشَارَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ أَنْ يَرْتَحِلَ إِلَى البَصْرَةِ، لِلُقِيِّ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَأَتَى، فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، فَعَادَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَبَلَغَنِي أَنَّ اسْمَ أُمِّهِ: صَفِيَّةُ، مَوْلاَةٌ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَنَسِيُّ، البَصْرِيُّ، مَوْلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ سَبْيِ جَرْجَرَايَا، تَمَلَّكَهُ أَنَسٌ، ثُمَّ كَاتَبَهُ عَلَى أُلُوْفٍ مِنَ المَالِ، فَوَفَّاهُ، وَعَجَّلَ لَهُ مَالَ الكِتَابَةِ قَبْلَ حُلُوْلِهِ، فَتَمَنَّعَ أَنَسٌ مِنْ أَخْذِهِ لَمَّا رَأَى سِيْرِيْنَ قَدْ كَثُرَ مَالُهُ مِنَ التِّجَارَةِ، وَأَمَلَ أَنْ يَرِثَهُ، فَحَاكَمَهُ إِلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأَلْزَمَهُ تَعْجِيْلَ المُؤَجَّلِ.
قَالَ أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ: وُلِدَ أَخِي مُحَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَوُلِدْتُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ قَابِلَةٍ.
سَمِع: أَبَا هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بنَ حُصَيْنٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيَّ، وَشُرَيْحاً القَاضِي، وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
رَوَى عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَأَيُّوْبُ، وَيُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَخَالِدٌ
الحَذَّاءُ، وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَأَبُو هِلاَلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمٍ، وَيَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ، وَعُقْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصَمُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ سُلْمَى الهُذَلِيُّ، وَحَيَّانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَشَبِيْبُ بنُ شَيْبَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، وَخُلَيْدُ بنُ دَعْلَجٍ.قَالَ خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ:
وُلِدَ أَخِي مُحَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَكَذَا وَجَدْتُ فِي كِتَابِي: عُمَرَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عُثْمَانَ.
قُلْتُ: الثَّانِي أَشْبَهُ، وَلَوْ كَانَ أَوْلاَهُمَا الأَوَّلُ، لَكَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فِي سِنِّ الحَسَنِ، وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ أَصْغَرَ بِسَنَوَاتٍ، لَكِنْ يَشْهَدُ لِلأَوَّلِ: قَوْلُ عَارِمٍ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ: عَاشَ ابْنُ سِيْرِيْنَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي: قَوْلُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُعَلَّى بنِ هِلاَلٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
حَجَّ بِنَا أَبُو الوَلِيْدِ، فَمَرَّ بِنَا عَلَى المَدِيْنَةِ، فَأَدْخَلَنَا عَلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَنَحْنُ سَبْعَةٌ وَلَدُ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ لَهُ: هَؤُلاَءِ بَنُوْ سِيْرِيْنَ.
فَقَالَ زَيْدٌ: هَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَا مِنْ أُمٍّ.
قَالَ: فَمَا أَخْطَأَ.
وَكَانَ يَحْيَى أَخَا مُحَمَّدٍ مِنْ أُمِّهِ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَعْبَدٌ كَانَ أَخَا مُحَمَّدٍ لأُمِّهِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: أَدْرَكَ مُحَمَّدٌ ثَلاَثِيْنَ صَحَابِيّاً.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ قَصِيْراً، عَظِيْمَ
البَطْنِ، لَهُ وَفْرَةٌ، يَفْرِقُ شَعْرَهُ، كَثِيْرَ المُزَاحِ وَالضَّحِكِ، يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ.قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَأْتِي بِالحَدِيْثِ عَلَى حُرُوْفِهِ، وَكَانَ الحَسَنُ صَاحِبَ مَعْنَىً.
عَوْنُ بنُ عُمَارَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنِي أَصْدَقُ مَنْ أَدْرَكْتُ؛ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ: كُنْتُ عِنْدَ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ طَاوُوْسٍ.
فَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ - وَكَانَ جَالِساً -: وَاللهِ لَوْ رَأَى مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ، لَمْ يَقُلْهُ.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ خُلَيْفِ بنِ عُقْبَةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عُثْمَانَ البَتِّيِّ، قَالَ:
لَمْ يَكُنْ بِالبَصْرَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ، قَالَ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُوْلُ لَنَا: عَلَيْكُم بِذَلِكَ الأَصَمِّ -يَعْنِي: ابْنَ سِيْرِيْنَ -.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ أَفْطَنَ مِنَ الحَسَنِ فِي أَشْيَاءَ.
وَقَالَ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ حَسَنَ العِلْمِ بِالفَرَائِضِ وَالقَضَاءِ وَالحِسَابِ.حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ عَاصِمٍ، سَمِعْتُ مُوَرِّقاً العِجْلِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ فِي وَرَعِهِ، وَلاَ أَوْرَعَ فِي فَقْهِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَقَالَ عَاصِمٌ: وَذُكِرَ مُحَمَّدٌ عِنْدَ أَبِي قِلاَبَةَ، فَقَالَ: اصْرِفُوْهُ كَيْفَ شِئْتُم، فَلَتَجِدُنَّهُ أَشَدَّكُم وَرَعاً، وَأَمْلَكَكُم لِنَفْسِهِ.
حَمَّادٌ: حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ:
وَمِنْ يَسْتَطِيْعُ مَا يُطِيْقُ؟! مُحَمَّدٌ يَرْكَبُ مِثْلَ حَدِّ السِّنَانِ.
النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
ثَلاَثَةٌ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُم: ابْنُ سِيْرِيْنَ بِالعِرَاقِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ بِالحِجَازِ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ بِالشَّامِ، كَأَنَّهُمُ الْتَقَوْا، فَتَوَاصَوْا.
وَقَدْ وَقَفَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ دَيْنٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَجْلِ زَيْتٍ كَثِيْرٍ أَرَاقَهُ؛ لِكَوْنِهِ وَجَدَ فِي بَعْضِ الظُّرُوْفِ فَأْرَةً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ:
قَالَ لِي مُحَمَّدٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُنِي مِنْ مُجَالَسَتِكُم إِلاَّ مَخَافَةُ الشُّهْرَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِيَ البَلاَءُ حَتَّى قُمْتُ عَلَى المَصْطَبَةِ.
فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ سِيْرِيْنَ، أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ، وكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَثِيْرٌ.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ فِي السُّوْقِ، فَمَا رَآهُ أَحَدٌ إِلاَّ ذَكَرَ اللهَ.مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ البَاهِلِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ كُوْفِيٌّ وَلاَ بَصْرِيٌّ لَهُ مِثْلُ وَرَعِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَعَنْ زُهَيْرٍ الأَقْطَعِ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، مَاتَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عَلَى حِدَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَرَى أَنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ أَسْرَعُ النَّاسِ رِدَّةً، وَأَنَّ هَذِهِ نَزَلَتْ فِيْهِم: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِيْنَ يَخُوْضُوْنَ فِي آيَاتِنَا، فَأَعْرِضْ عَنْهُم حَتَّى يَخُوْضُوا فِي حَدِيْثٍ غَيْرِهِ} [الأَنْعَامُ: 68] ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْخَى نَفْساً مِنِ ابْنِ عَوْنٍ.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: عَنْ قُرَّةَ، قَالَ:
أَكَلْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: إِنَّ الطَّعَامَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ مُتَوَارِياً مِنَ الحَجَّاجِ، فَمَاتَتْ بِنْتٌ لَهُ، فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَقُوْلَ لِي: صَلِّ عَلَيْهَا.
فَبَكَى، حَتَّى ارْتَفَعَ نَحِيْبُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: اذْهبْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَقُلْ لَهُ: لِيُصَلِّ عَلَيْهَا.
فَعَرَفَ حِيْنَ جَاءَ الحَقَائِقُ، أَنَّهُ لاَ يَعْدِلُ بِابْنِ سِيْرِيْنَ أَحَداً.
الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ،
وَالشَّعْبِيُّ: يَأْتُوْنَ بِالحَدِيْثِ عَلَى المَعَانِي، وَكَانَ القَاسِمُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ: يُقَيِّدُوْنَ الحَدِيْثَ عَلَى حُرُوْفِهِ.خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ سُوْدَ الرُّؤُوْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، إِلاَّ أَنَّ فِيْهِم حِدَّةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ فَقِيْهاً، عَالِماً، وَرِعاً، أَدِيْباً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، صَدُوْقاً، شَهِدَ لَهُ أَهْلُ العِلْمِ وَالفَضْلِ بِذَلِكَ، وَهُوَ حُجَّةٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:
قَالَ مُحَمَّد: إِنَّ هَذَا العِلْمَ دَيْنٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُوْنَ دَيْنَكُم.
الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
نَزَلَ بِنَا أَبُو قَتَادَةَ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى سَطْحٍ لَنَا - قَالَ: وَنَحْنُ عَشْرَةٌ مِنْ وَلَدِ سِيْرِيْنَ - فَانْقَضَّ كَوْكَبٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَأَتْبَعْنَاهُ أَبْصَارَنَا، فَنَهَانَا أَبُو قَتَادَةَ عَنْ ذَلِكَ.
وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ: قُلْتُ لابْنِ سِيْرِيْنَ: مَا تَرَى فِي السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ؟
قَالَ: لاَ نَسْمَعُ مِنْهُم وَلاَ كَرَامَةً.
الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ الأَهْوَازِيُّ بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ الرَّجُلُ، فَلاَ يُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَيَقُوْلُ: مَا أَتَّهِمُكَ، وَلاَ الَّذِي يُحَدِّثُكَ، وَلَكِنْ مَنْ بَيْنَكُمَا أَتَّهِمُهُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّمَا يَقَعُ الكَذِبُ بِالَّذِي وَضَعَ الحَدِيْثَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً يَقُوْلُ: ذَهَب العِلْمُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ شَذَرَاتٌ فِي أَوْعِيَةٍ شَتَّى.خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيْثِ النَّاسِ، وَيُنْشِدُ الشِّعْرَ، وَيَضْحَكُ حَتَّى يَمِيْلَ، فَإِذَا جَاءَ بِالحَدِيْثِ مِنَ المُسْنَدِ، كَلَحَ وَتَقَبَّضَ.
أَشْهَلُ بنُ حَاتِمٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ لابْنِ مَسْعُوْدٍ - أَوْ لأَبِي مَسْعُوْدٍ -: إِنَّكَ تُفْتِي النَّاسَ وَلَسْتَ بِأَمِيْرٍ، وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا.
قَالَ: وَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّمَا يُفْتِي النَّاسَ أَحَدُ ثَلاَثَةٍ: مَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنَ القُرْآنِ.
قَالُوا: وَمَنْ يَعْلَمُ مَا نُسِخَ مِنَ القُرْآنِ؟
قَالَ: عُمَرُ، أَوْ أَمِيْرٌ لاَ يَجِدُ بُدّاً، أَوْ أَحْمَقُ مُتَكَلِّفٌ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: وَلَسْتُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ الثَّالِثَ.
يَزِيْدُ بنُ طَهْمَانَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
كَانَ مُعَاوِيَةُ لاَ يُتَّهَمُ فِي الحَدِيْثِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ حَتَّى حُبِسَ بِهِ؟ فَقَالَ:
كَانَ بَاعَ مِنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ جَارِيَةً، فَرَجَعَتْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَشَكَتْ أَنَّهَا تُعَذِّبُهَا،
فَأَخَذَهَا مُحَمَّدٌ، وَكَانَ قَدْ أَنْفَقَ ثَمَنَهَا، فَهِيَ الَّتِي حَبَسَتْهُ، وَهِيَ الَّتِي تَزَوَّجَهَا سَلْمُ بنُ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَهَا إِلَى خُرَاسَانَ، وَكَانَ أَبُوْهَا يُلَقَّبُ: كِرْكِرَةَ.وَقَالَ المَدَائِنِيُّ : كَانَ سَبَبُ حَبْسِهِ أَنْ أَخَذَ زَيْتاً بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَوَجَدَ فِي زِقٍّ مِنْهُ فَأْرَةً، فَظَنَّ أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي المَعْصَرَةِ، وَصَبَّ الزَّيْتَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي ابْتُلِيْتُ بِذَنْبٍ أَذَنَبْتُهُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: فَكَانُوا يَظُنُّوْنَ أَنَّهُ عَيَّرَ رَجُلاً بِفَقْرٍ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا: عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يُسْأَلُ عَنْ إِسْنَادِ الحَدِيْثِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الفِتْنَةُ، سُئِلَ عَنْ إِسْنَادِ الحَدِيْثِ، فَيُنْظَرُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، تُرِكَ حَدِيْثُهُ.
قَالَ أَشْعَثُ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ حَتَّى تَقُوْلَ: كَأَنَّهُ لَيْسَ بِالَّذِي كَانَ.
وَقَالَ يُوْنُسُ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ صَاحِبَ ضَحِكٍ وَمُزَاحٍ.
هُشَيْمٌ: عَنْ مَنْصُوْرٍ:
كَانَ مُحَمَّدٌ يَضْحَكُ حَتَّى تَدْمَعَ عَيْنَاهُ، وَكَانَ الحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ:كُنَّا فِي جِنَازَة حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، فَوُضِعَتِ الجَنَازَةُ، وَدَخَلَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ صِهْرِيْجاً يَتَوَضَّأُ.
فَقَالَ الحَسَنُ: أَيْنَ هُوَ؟
قَالُوا: يَتَوَضَّأُ صَبّاً صَبّاً، دَلْكاً دَلْكاً، عَذَابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِهِ.
حَمَّادٌ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: سَمِعَ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَنْهَى عَنِ الجِدَالِ، إِلاَّ رَجَاءَ إِنْ كَلَّمْتَهُ أَنْ يَرْجِعَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ:
كَاتَبَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَبِي أَبَا عَمْرَةَ عَلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَدَّاهَا مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَنَسٍ: هَذِهِ مُكَاتَبَةُ سِيْرِيْنَ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَيْناً.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ بِوَاسِطَ، فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ مِنْ فَتْوَىً مِنْهُ، وَلاَ أَجْرَأَ عَلَى رُؤْيَا مِنْهُ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ لِمُحَمَّدٍ أَمْرَانِ فِي ذِمَّتِهِ، إِلاَّ أَخَذَ بِأَوْثَقِهِمَا.
قَالَ بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَوْرَعِ مَنْ أَدْرَكْنَا، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَتَّجِرُ، فَإِذَا ارْتَابَ فِي شَيْءٍ، تَرَكَهُ.وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ إِزْارَءً عَلَى نَفْسِهِ.
وَقَالَ غَالِبٌ القَطَّانُ: خُذُوا بِحِلْمِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَلاَ تَأْخُذُوا بِغَضَبِ الحَسَنِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَصُوْمُ عَاشُوْرَاءَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ يُفْطِرُ بَعْدَ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، فَذَكَرَ رَجُلاً، فَقَالَ: ذَاكَ الأَسْوَدُ.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ للهِ، إِنِّي اغْتَبْتُهُ.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ بَعَثَ إِلَى الحَسَنِ، فَقَبِلَ، وَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَلَمْ يَقْبَلْ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: عَنْ رَجَاءٍ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ يَجِيْءُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَيَعِيْبُهُم، وَكَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ لاَ يَجِيْءُ إِلَيْهِم، وَلاَ يَعِيْبُهُم.
قَالَ هِشَامٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً عِنْدَ السُّلْطَانِ أَصْلَبَ مِنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوْبَ:رَأَيْت الحَسَنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً، وَرَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ فِي النَّوْمِ مُقَيَّداً.
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ: عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ:
أَنَّ ابْنَ سِيْرِيْنَ اشْتَرَى بَيْعاً مِنْ مَنُوْنِيَا، فَأَشْرَفَ فِيْهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، فَعَرَضَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ، فَتَرَكَهُ.
قَالَ هِشَامٌ: مَا هُوَ -وَاللهِ- بِرِباً.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: سَأَلْتُ الأَنْصَارِيَّ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ الَّذِي رَكِبَ مُحَمَّدَ بنَ سِيْرِيْنَ حَتَّى حُبِسَ؟
قَالَ: اشْتَرَى طَعَاماً بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفاً، فَأُخْبِرَ عَنْ أَصْلِ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ، فَكَرِهَهُ، فَتَرَكَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، فَحُبِسَ عَلَى المَالِ، حَبَسَتْهُ امْرَأَةٌ، وَكَانَ الَّذِي حَبَسَهُ مَالِكُ بنُ المُنْذِرِ.
وَقَالَ هِشَامٌ: تَرَكَ مُحَمَّدٌ أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً فِي شَيْءٍ مَا يَرَوْنَ بِهِ اليَوْمَ بَأْساً.
وَعَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ مَرَّةً لِرَجُلٍ: يَا مُفْلِسُ، فَعُوْقِبْتُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ - وَبَلَغَهُ هَذَا - فَقَالَ: قَلَّتْ ذُنُوْبُ القَوْمِ، فَعَرَفُوا مِنْ أَيْنَ أُتُوا، وَكَثُرَتْ ذُنُوْبُنَا، فَلَمْ نَدْرِ مِنْ أَيْنَ نُؤْتَى.
قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمِ بنِ يَسَارٍ : أَنَّ السَّجَّانَ قَالَ لابْنِ سِيْرِيْنَ: إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، فَاذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ،
فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَتَعَالَ.قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَكُوْنُ لَكَ عَوْناً عَلَى خِيَانَةِ السُّلْطَانِ.
قَالَ مَعْمَرٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ مِنْهَا أَعْظَمَ مَا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ.
فَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا الأُوْلَى: فَذَاكَ الحَسَنُ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ، وَيَصِلُ فِيْهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَمَّا الَّتِي صَغُرَتْ فَأَنَا، أَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَأُسْقِطُ مِنْهُ، وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ فَقَتَادَةُ، فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمٍ المَرْوَزِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَتَرَكْتُهُ، وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّةَ، فَرَأَيْتُ كَأَنِّي مَعَ قَوْمٍ يَحْمِلُوْنَ جِنَازَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَاماً يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَدْفِنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
قَصَّ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ بِيَدِي قَدَحاً مِنْ زُجَاجٍ فِيْهِ مَاءٌ، فَانْكَسَرَ القَدَحُ، وَبَقِيَ المَاءُ.
فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّك لَمْ تَرَ شَيْئاً.
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ!
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: فَمَنْ كَذَبَ فَمَا عَلَيَّ، سَتَلِدُ امْرَأَتُكَ وَتَمُوْتُ، وَيَبْقَى وَلَدُهَا.
فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُل، قَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً.
فَمَا لَبِثَ أَنَّ وُلِدَ لَهُ، وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ.
قَالَ: وَدَخَلَ آخَرُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي وَجَارِيَةً سَوْدَاءَ نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ
سَمَكَةً.قَالَ: أَتُهَيِّئُ لِي طَعَاماً وَتَدْعُوْنِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَفَعَلَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ المَائِدَةُ، إِذَا جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ!
فَقَالَ لَهُ ابْنُ سِيْرِيْنَ: هَلْ أَصَبْتَ هَذِهِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَادْخُلْ بِهَا المَخْدَعَ.
فَدَخَلَ، وَصَاحَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، رَجُلٌ -وَاللهِ-.
فَقَالَ: هَذَا الَّذِي شَارَكَكَ فِي أَهْلِكَ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ مُغِيْرَةَ بنِ حَفْصٍ، قَالَ:
سُئِلَ ابْنُ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتِ الثُّرَيَّا.
قَالَ: هَذَا الحَسَنُ يَمُوْتُ قَبْلِي، ثُمَّ أَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنِّي.
قَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ فِي التَّعْبِيْرِ عَجَائِبُ يَطُوْلُ الكِتَابُ بِذِكْرِهَا، وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ تَأْيِيْدٌ إِلَهِيٌّ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
كَانَ لِمُحَمَّدٍ سَبْعَةُ أَوْرَادٍ، فَإِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ، قَرَأَهُ بِالنَّهَارِ.
حَمَّادٌ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ.
قُلْتُ: كَانَ مَشْهُوْراً بِالوَسْوَاسِ.
قَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: رَأَيْتُهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، بَلَغَ عَضَلَةَ سَاقَيْهِ.
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ كُنْيَتَهَ: أَبُو بَكْرٍ، وَرَأَيْتُهُ يَتَخَتَّمُ فِي الشِّمَالِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَقُوْلُ: عَقَقْتُ عَنْ نَفْسِي بُخْتِيَّةً.وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً، وَيَلْبَسُ كِسَاءً أَبْيَضَ فِي الشِّتَاءِ، وَعِمَامَةً بَيْضَاءَ وَفَرْوَةً.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الثَّمِيْنَةَ، وَالطَّيَالِسَ، وَالعَمَائِمَ.
يَحْيَى بنُ خُلَيْفٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لاَطِيَةٍ، قَدْ أَرْخَى ذَوَائِبَهَا مِنْ خَلْفِهِ، وَرَأَيْتُهُ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ.
قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ كَتَّانٍ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو:
رَأَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ يَخْضِبُ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ، وَرَأَيْتُهُ لاَ يُحْفِي شَارِبَهُ.
قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ: أَمَرَ ابْنُ سِيْرِيْنَ سُوَيْداً أَنْ يَجْعَلَ لَهُ حُلَّةً حِبَرَةً يُكَفَّنُ فِيْهَا.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِنْتُ سِيْرِيْنَ، قَالَتْ:
كَانَتْ وَالِدَةُ مُحَمَّدٍ حِجَازِيَّةً، وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصِّبْغُ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى لَهَا ثَوْباً، اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِدُ، فَإِذَا كَانَ عِيْدٌ، صَبَغَ لَهَا ثِيَاباً، وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعاً صَوْتَهُ عَلَيْهَا، كَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَالمُصْغِي إِلَيْهَا.
بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:أَنَّ مُحَمَّداً كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ لَوْ رَآهُ رَجُلٌ لاَ يَعْرِفُهُ، ظَنَّ أَنَّ بِهِ مَرَضاً مِنْ خَفْضِ كَلاَمِهِ عِنْدَهَا.
أَزْهَرُ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانُوا إِذَا ذَكَرُوا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَجُلاً بِسَيِّئَةٍ، ذَكَرَهُ هُوَ بِأَحْسَنِ مَا يَعْلَمُ.
وَجَاءهُ نَاسٌ، فَقَالُوا: إِنَّا نِلْنَا مِنْكَ، فَاجْعَلْنَا فِي حِلٍّ.
قَالَ: لاَ أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئاً حَرَّمَهُ اللهُ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَشْتَرِيَ البَزَّ، فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ بِالكُوْفَةِ، فَسَاوَمْتُهُ، فَجَعَلَ إِذَا بَاعَنِي صِنْفاً مِنْ أَصْنَافِ البَزِّ، قَالَ: هَلْ رَضِيْتَ؟
فَأَقُوْلُ: نَعَمْ.
فَيُعِيْدُ ذَلِكَ عَلَيَّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلَيْنِ، فَيُشْهِدُهُمَا، وَكَانَ لاَ يَشْتَرِي وَلاَ يَبِيْعُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الحَجَّاجِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَرَعَهُ، مَا تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ حَاجَتِي أَجِدُهُ عِنْدَهُ إِلاَّ اشْتَرَيْتُهُ، حَتَّى لَفَائِفَ البَزِّ.
أَبُو كُدَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ دِرْهَمُ زَيْفٍ أَوْ سُتُّوْقٍ، لَمْ يَشْتَرِ بِهِ، فَمَاتَ يَوْمَ مَاتَ وَعِنْدَهُ خَمْسُ مائَةٍ زُيُوْفاً وَسُتُّوْقَةً.
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَطَاءٍ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَتْ وَصِيَّةُ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ: ذَكَرَ مَا أَوْصَى بِهِ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي عَمْرَةَ أَهْلَهُ وَبَنِيْهِ؛ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِم، وَأَنْ يُطِيْعُوا اللهَ وَرَسُوْلَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِيْنَ، وَأَوْصَاهُم بِمَا أَوْصَى بِهِ: { ... إِبْرَاهِيْمُ بَنِيْهِ وَيَعْقُوْبُ: يَا بَنِيَّ، إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّيْنَ، فَلاَ تَمُوْتُنَّ
إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُوْنَ} [البَقَرَةُ: 132] ، وَأَوْصَاهُم أَنْ لاَ يَدَعُوا أَنَّ يَكُوْنُوا إِخْوَانَ الأَنْصَارِ وَمَوَالِيَهُم فِي الدِّيْنِ، فَإِنَّ العَفَافَ وَالصِّدْقَ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَكْرَمُ مِنَ الزِّنَى وَالكَذِبِ، وَأَوْصَى فِيْمَا تَرَكَ: إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ قَبْلَ أَنْ أُغَيِّرَ وَصِيَّتِي ... ، فَذَكَرَ الوَصِيَّةَ.مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيْهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
لَمَّا ضَمِنْتُ عَلَى أَبِي دَيْنَهُ، قَالَ لِي: بِالوَفَاءِ؟
قُلْتُ: بِالوَفَاءِ.
فَدَعَى لِي بِخَيْرٍ، فَقضَى عَبْدُ اللهِ عَنْهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللهِ حَتَّى قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ نَحْوَهَا.
قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: أَنَا زَرَرْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ القَمِيْصَ -يَعْنِي: لَمَّا كَفَّنَهُ -.
وَرَوَى: أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَنْ يُجْعَلَ لِقَمِيْصِ المَيِّتِ أَزْرَارٌ، وَيُكَفَّ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ بِمائَةِ يَوْمٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ.
خَالِدُ بنُ خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
مَاتَ ابْنُ سِيْرِيْنَ لِتِسْعٍ مَضَيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ.
أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ:
أَنَّ رَجُلَيْنِ تَآخَيَا، فَتَعَاهَدَا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَجَدَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، فَرَآهُ
الآخَرُ فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ؟قَالَ: ذَاكَ مَلَكٌ فِي الجَنَّةِ لاَ يَعْصِي.
قَالَ: فَابْنُ سِيْرِيْنَ؟
قَالَ: ذَاكَ فِيْمَا شَاءَ وَاشْتَهَى، شَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا.
قَالَ: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَدْرَكَ الحَسَنَ؟
قَالَ: بِشِدَّةِ الخَوْفِ وَالحُزْنِ.
جَمَاعَةٌ: سَمِعُوا المُحَارِبِيَّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ دِيْنَارٍ، قَالَ:
كَانَ الحَكَمُ بنُ جَحْلٍ صَدِيْقاً لابْنِ سِيْرِيْنَ، فَحَزِنَ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ حَتَّى كَانَ يُعَادُ.
ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُهُ فِي المَنَامِ فِي حَالِ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلْتُهُ لَمَّا سَرَّنِي: مَا فَعَلَ الحَسَنُ؟
قَالَ: رُفِعَ فَوْقِي سَبْعِيْنَ دَرَجَةً.
قُلْتُ: بِمَ؟ فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ فَوْقَهُ!
قَالَ: بِطُوْلِ الحُزْنِ.
وَقَدْ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ أَشَارَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ أَنْ يَرْتَحِلَ إِلَى البَصْرَةِ، لِلُقِيِّ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَأَتَى، فَوَجَدَهُ فِي مَرَضِ المَوْتِ، فَعَادَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَبَلَغَنِي أَنَّ اسْمَ أُمِّهِ: صَفِيَّةُ، مَوْلاَةٌ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
محمد رسول الله
لم يختلف أهل العلم بالأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصار أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عَبْد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس، وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه نسب نفسه كذلك
إلى نزار بن معد بن عدنان، وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغنى عما سواه. واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أر لذكره هاهنا وجهًا، [لكثرة الاضطراب فيه، وأنه لا يوقف منه على شيء متتابع متفق عليه، وهم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون] ، على أن نزارًا بأسرها، وهي ربيعة ومضر هي الصريح الصحيح من ولد إسماعيل على ما ذكرنا في (كتاب القبائل من الرواة) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهناك ذكرنا أصح ما قيل في نسبة إلى آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم وقال أبو الأسود محمد ابن عَبْد الرحمن عن عروة بن الزبير: قَالَ عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إنما ننتسب إلى معدّ، وما بعد معدّ لا ندري ما هو. وقال ابن جريج عن القاسم ابن أبي بزة، عن عكرمة: أضلت نزار نسبها من عدنان وقال خليفة بن خياط عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس: بين معد بن عدنان إلى إسماعيل ثلاثون أبا. وليس هذا الإسناد مما يقطع بصحته، ولكنه عمن علم الأنساب صنعته .
فأما عشيرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ورهطه وبطنه الّذي يتميز به من سائر بطون قريش وهاشم فقد ذكرنا بالأسانيد الحسان والطرق الصحاح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا
من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، وقد ذكرنا في (كتاب الإنباة على القبائل الرواة) عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وهو مضاف إلى هذا الكتاب، والحمد للَّه. واسم هاشم عمرو، وإنما قيل له هاشم، لأنه أول من هشم الثريد لقومه فيما زعموا، واسم قصي زيد، هذا هو الأكثر. وقد قيل يزيد، وإنما قيل له قصي، لأنه تقصى مع أمه وهي فاطمة بنت سعد من بنى عذرة، ونشأ مع أخواله من كلب في باديتهم، وبعد في مغيبة ذلك عن مكة: فسمي بذلك قصيًا والله أعلم. وكان يدعى مجمعًا، لأنه جمع قبائل قريش بمكة في حين انصرافه إليها، وقد ذكرنا ذلك في صدر كتاب (القبائل) . وقد قيل اسم عَبْد مناف المغيرة، ويكنى أبا عَبْد شمس. وأما عَبْد المطلب فقيل أسمه عامر، ولا يصح والله أعلم. وقيل: [اسمه شيبة، وقيل] بل اسمه عَبْد المطلب. وكان يقال له شيبة الحمد لشيبة كانت في ذؤابته ظاهرة.
ومن قَالَ اسمه شيبة قَالَ: إنما قيل له عبد المطلب، لأن أباه هاشمًا قَالَ لأخيه المطلب، وهو بمكة حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك [المطلب] بيثرب، فمن هناك سمي عَبْد المطلب، ولا يختلفون أنه يكنى أبا الحارث، بابنه الحارث، وكان أكبر ولده. وأمه سلمى بنت زيد، وقبل بنت عمرو بن زيد من بنى عدي بن النجار، ويقال: إنه أول من خضب بالسواد.
أخبرنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو العباس محمد [ابن إسحاق] ابن إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن حنبل،
قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اسْمُ عَبْدُ الْمُطَلَّبِ شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ. وَهَاشِمٌ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قصىّ وقصيّ اسمه زيد ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:
أَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أبو عمر: أم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، قرشية زهرية، تزوّجها عبد الله ابن عبد المطلب، وهو ابن ثلاثين سنة، وقيل: بل كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، خرج به أبوه عَبْد المطلب إلى وهب بن عَبْد مناف فزوجه ابنته. وقيل: كانت آمنة في حجر عمها وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة، فأتاه عَبْد المطلب، فخطب إليه ابنته هالة بنت وهيب لنفسه، وخطب على ابنه عَبْد الله آمنة بنت وهب، فزوجه وزوج ابنه في مجلس واحد، فولدت آمنة لعبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وولدت هالة لعبد المطلب حمزة، فأرضعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وحمزة ثويبة جارية أبي لهب، وأرضعت معهما أبا سلمة الأسدي، فكان رسول الله صلّى الله عليه آله وَسَلَّمَ يكرم ثويبة، وكانت تدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن تزوّج خديجة، وكانت خديجة تكرمها، وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فبلغت وفاتها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فسأل عن ابنها مسروح وبلبنه أرضعته، فقيل له: قد مات، فسأل عن قرابتها فقيل له:
لم يبق منهم أحد.
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ] وَعَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تَحِلَّ لِي. إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. ثم استرضع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني سعد بن بكر، حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وردته ظئره حليمة إلى أمه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده، وذلك سنة ست من عام الفيل،
فأخرجته آمنة إلى أخوال أبيه بني النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل، ووفيت أمه آمنة بعد ذلك بشهر بالأبواء ومعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فقدمت به أم أيمن مكة بعد موت أمه بخمسة أيام، وسنذكر خبر حليمة وخير أم أيمن من بابهما في كتاب النساء في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الزبير: حملت به أمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى، وولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بمكة في الدار التي كانت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وذلك يوم الاثنين [لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وقيل: بل ولد يوم الاثنين] في ربيع الأول لليلتين خلتا منه. قَالَ أبو عمر: وقد قيل لثمان خلون منه.
وقيل. إنه ولد أول اثنين من ربيع الأول، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه عام الفيل، إذ ساقه الحبشة إلى مكة في جيشهم يغزون البيت، فردهم الله عنه، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل [فأهلكتهم] .
وقيل أنه ولد في شعب بني هاشم، ولا خلاف أنه ولد عام الفيل:
يروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قَالَ: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفيل. وهذا يحتمل أن يكون أراد اليوم الّذي حبس الله الفيل فيه عن وطء البيت الحرام، وأهلك الذين جاءوا به. ويحتمل أن يكون أراد بقوله يوم الفيل عام الفيل. وقيل: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد قدوم الفيل بشهر. وقيل: بأربعين يومًا. وقيل بخمسين.
يومًا. فأما الخوارزمي مُحَمَّد بن موسى فقال: كان قدوم الفيل مكة وأصحابه لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم. وقد قَالَ ذلك غير الخوارزمي أيضًا، وزاد يوم الأحد قَالَ: وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة.
قَالَ الخوارزمي وولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بخمسين يومًا، يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الأول، وذلك يوم عشرين من نيسان. قَالَ: وبعث نبيّا يوم الاثنين لثمان أيضا من ربيع الأول، وذلك سنة إحدى وأربعين عام الفيل، فكان من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى أن بعثه الله تعالى أربعون سنة ويوم، ومن مبعثه إلى أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يومًا، وذلك ثلاث وخمسون سنة تامة من أول عام الفيل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عن خالد بن أبي عمران عن حنش عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثنين، وحرج مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الاثنين، وكانت بدر يَوْمَ الاثْنَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة صبيحة سبع شرة من شهر رمضان، وما رأيت أحدًا ذكر أنها كانت يوم الاثنين
إلا في هذا الخبر من رواية ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش، ولا حجة في مثل هذا الإسناد عند جميعهم، إذا خالفه من هو أكثر منه.
قَالَ الخوارزمي: وقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة مهاجرًا يوم الاثنين، وهو اليوم الثامن من ربيع الأول سنة أربع وخمسين من عام الفيل، وهي سنة إحدى من الهجرة، يوم عشرين من أيلول فكان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى يوم هاجر ودخل المدينة ثلاث عشرة سنة كاملة، ومكث بالمدينة عشر سنين وشهرين إلى أن مات، وذلك يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول سنة أربع وستين من عام الفيل، ومن الهجرة سنة إحدى عشرة، وهذا كله قول الخوارزمي، وهذا الذي قَالَ هو معنى قول ابن عباس، إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أقام بمكة ثلاث عشرة سنة، يعنى بعد المبعث، وبالمدينة عشر سنين، ويشهد بصحة ذلك قول أبى قيس صرمة بن قيس الأنصاري:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم ... بعيد، ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المواتيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا
وروينا هذه الأبيات من طرق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهذا أكمل الروايات فيها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبد الله بن محمد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيٌّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاءً، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، قَالَ قُلْتُ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرَ سِنِينَ.
فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَبِثَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
قَالَ سفيان بن عيينة: وأخبرنا يحيى بن سعيد قَالَ: سمعت عجوزًا من الأنصار يقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
فذكر الأبيات كما ذكرتها سواء إلى آخرها.
قَالَ أبو عمر: ومات أبوه عَبْد الله بن عَبْد المطلب وأمه حامل به. وقيل:
بل توفي أبوه بالمدينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرا،
وقبره بالمدينة في دار من دور بنى عدي بن النجار، وكان خرج إلى المدينة يمتار تمرًا. وقيل: بل خرج به إلى أخواله زائرًا وهو ابن سبعة أشهر.
وقيل: بل توفي أبوه وهو ابن شهرين، فكفله جده عَبْد المطلب. وفي خبر سيف بن ذي يزن: مات أبوه وأمه فكفله جده وعمه. وقد قيل: إن عَبْد الله ابن عَبْد المطلب توفي والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرًا.
وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قَالَ: بعث عَبْد المطلب ابنه عَبْد الله يمتار له تمرًا من يثرب، فمات بها، وكانت وفاته وهو شاب عند أخواله بنى النجار بالمدينة، ولم يكن له ولد غير رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وتوفيت أمه آمنة بالأبواء بين مكة والمدينة، وهو ابن ست سنين.
وقيل: ابن سبع سنين. وقال مُحَمَّد بن حبيب [في كتاب المحبّر ] : توفّيت أمّه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان سنين. فال: وتوفّى جده عَبْد المطلب بعد ذلك بسنة وأحد عشر شهرًا، سنة تسع من أول عام الفيل.
وقيل: إنه توفي جده عَبْد المطلب، وهو ابن ثمان سنين. وقيل: بل توفي جده وهو ابن ثلاث سنين، فأوصى به إلى أبي طالب فصار في حجر عمه أبي طالب حتى بلغ خمس عشرة سنة، وكان أبو طالب يحبه، ثم انفرد بنفسه، وكان مائلا إلى عمه أبى طالب لو جاهته في بني هاشم وسنه، وكان مع ذلك شقيق أبيه، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمه في تجارة إلى الشام سنة ثلاث عشرة من عام الفيل، فرآه بحيرا الراهب، فقال: احتفظوا به فإنه نبي.
وشهد بعد ذلك بثمان سنين يوم الفجار سنة إحدى وعشرين، وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد، فرآه نسطور الراهب وقد أظلته غمامة فقال:
هذا نبي، وذلك سنة خمس وعشرين. وتزويج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يومًا، في عقب صفر سنة ست وعشرين، وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل، وقال الزهري: كانت سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة.
وقال أبو بكر بن عثمان وغيره: كان يومئذ ابن ثلاثين سنة. قالوا:
وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة، ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة.
وشهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه في وضع الحجر بعد ذلك بعشر سنين، وذلك سنة ثلاث وثلاثين.
قَالَ أبو عمر رضى الله عنه: لو صح هذا لكانت سن خديجة يوم تزوجها خمسًا وأربعين سنة. وقال مُحَمَّد بن جبير بن مطعم: بنيت الكعبة على رأس خمس وعشرين سنة من عام الفيل. وقيل: بل كان بين بنيان الكعبة وبين مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم خمس سنين، ثم نبّاه الله تعالى وهو ابن أربعين سنة، وكان أول يوم أوحى الله تعالى إليه فيه يوم الاثنين، فأسر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أمره ثلاث سنين أو نحوها، ثم أمره الله تعالى بإظهار دينه والدعاء إليه، فأظهره بعد ثلاث سنين من مبعثه. وقال الشعبي: أخبرت أن إسرافيل تراءى له ثلاث سنين.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ، وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ: وأخبرنا أحمد بن حنبل، قَالَ حَدَّثَنَا هشيم ، قال حدثنا داود ابن أبى هند عن الشعبي، قال: نبيّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر مثله.
قَالَ: ثم بعث إليه جبريل عليه السلام بالرسالة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثُ سِنينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً.
وقيل: كان مبعثه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وهو ابن أربعين سنة وشهرين وعشرة أيام. وقيل: بل كان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لتمام أربعين سنة من مولده يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة أربعين، وممن قَالَ: إنه عليه السلام نبي وهو ابن أربعين سنة عَبْد الله بن عباس، ومحمد بن جبير بن مطعم، وقباث بن أشيم، وعطاء، وسعيد
ابن المسيب، وأنس بن مالك، وهو الصحيح عند أهل السير وأهل العلم بالأثر، فلما دعا قومه إلى دين الله نابذوه، فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه قريشًا لأنهم أرادوا قتله لما دعاهم إليه من ترك ما كانوا عليه هم وآباؤهم، ومفارقته لهم في دينه، وتسفيه أحلامهم في عبادة أصنام لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، فلم يزل في جوار عمه أبي طالب إلى أن توفي أبو طالب، وذلك في النصف من شوال في السنة الثامنة. وقيل: العاشرة من مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وحصرت قريش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بني هاشم ومعهم بنو المطلب في الشعب بعد المبعث بست سنين، فمكثوا في ذلك الحصار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل.
وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقد قيل غير ذلك، وولد عَبْد الله بن عباس رضي الله عنه في الشعب قبل خروج بني هاشم منه. وقيل: إنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة يوم مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وكان أبو طالب قد أسلم ابنه عليًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا لنخفّف عنه
من عياله. فقال: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقال له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى يكشف الله عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب:
إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عليًا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا فضمه إليه، فلم يزل علي رضى الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ابتعثه الله نبيًا، وحتى زوجه من ابنته فاطمة على جميعهم الصلاة والسلام.
وتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، على اختلاف في ذلك قد ذكرناه.
وكان موتها بعد موت عمه أبي طالب بأيام يسيرة. قيل: ثلاثة أيام.
وقيل: سبعة. وقيل: كان بين موت أبي طالب وموت خديجة شهر وخمسة أيام. وتوفي أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة وتوفيت خديجة وهي ابنة خمس وستين سنة، فكانت مصيبتان توالتا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بوفاة عمه أبى طالب ووفاة خديجة رضى الله عنها. وقيل: توفيت خديجة بعد ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بأربع وعشرين سنة وستة أشهر وأربعة أيام قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف شهر.
وفي عام وفاة خديجة تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سودة وعائشة، ولم يتزوج على خديجة حتى ماتت رضى الله عنها. وكانت وفاة أبي طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بسنة. وقيل: كانت وفاتهما سنة عشر من المبعث في أولها، والله أعلم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ حدثنا محمد بن عبد الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ابن معين، قال حدثنا هشام بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ. وَلَفْظُهُمَا وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ. قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: يَا عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عند الله.
فقال له أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَمُيَّةَ. يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالا بِهِ حَتَّى كَانَ آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِّبِ. فقال النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ. فَنَزَلَتْ : مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ ... 9: 113 إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَنَزَلَتْ : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ... 28: 56 الآيَةَ. قَالَ ابن شهاب: قَالَ عروة بن الزبير: ما زالوا- يعني قريشًا- كافين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو طالب. ولم تمت خديجة فيما ذكر ابن إسحاق وغيره إلا بعد الإسراء، وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: لما توفى أبو طالب وتوفّيت بعده خديجة بأيام يسيرة خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وطلب منهم المنعة، فأقام عندهم شهرًا ولم يجد فيهم خيرًا، ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. قيل: كان ذلك سنة إحدى وخمسين من عام الفيل، وفيها قدم عليه جن نصيبين بعد ثلاثة أشهر فاسلموا.
وأسرى به إلى بيت المقدس بعد سنة ونصف من حين رجوعه إلى مكة من الطائف سنة اثنتين وخمسين، وقد ذكرنا الاختلاف في تاريخ الإسراء في كتاب (التمهيد) عند ذكر فرض الصلاة والحمد للَّه.
[قَالَ ابن شهاب] عن ابن المسيب: عرج به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وقال غيره:
كان بين الإسراء إلى اليوم الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وشهران، وذلك سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعد مبعثه بمكة إلى أن أذن الله له بالهجرة داعيًا إلى الله صابرًا على أذى قريش وتكذيبهم له إلا من دخل في دين الله منهم، واتبعه على ما جاء به ممن هاجر إلى أرض الحبشة فارّا بدينه، ومن بقي معه بمكة في منعة من قومه، حتى أذن له الله بالهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن بايعه وجوه الأوس والخزرج بالعقبة على أن يؤووه وينصروه، حتى يبلّغ عن الله رسالته،
ويقاتل من عانده وخالفه، فهاجر إلى المدينة، وكان رفيقه إليها أبو بكر الصديق رضى الله عنه لم يرافق غيره من أصحابه، وكان يخدمهما في ذلك السفر عامر بن فهيرة، وكان مكثه بمكة بعد أن بعثه الله عز وجل ثلاث عشرة سنة. وقيل: عشر سنين. وقيل: خمس عشرة سنة، والأول أكثر وأشهر عند أهل السير.
ثم أذن الله له في الهجرة إلى المدينة يوم الاثنين، فخرج معه أبو بكر إليها، وكانت هجرة إلى المدينة في ربيع الأول، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وقدم المدينة يوم الاثنين قريبًا من نصف النهار في الضحى الأعلى لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. هذا قول ابن إسحاق. وقال ابن إسحاق وغيره: كانت بيعة العقبة حين بايعته الأنصار في أوسط أيام التشريق في ذي الحجة، وكان مخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة بعد العقبة بشهرين وليال، وخرج لهلال ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت منه.
قال أبو عمر: قد روى عن ابن شهاب أنه قدم المدينة لهلال ربيع الأول.
وقال عَبْد الرحمن بن المغيرة: قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى. وقال الكلبي: خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
قَالَ أبو عمر: وهو قول ابن إسحاق إلا في تسمية اليوم فإن ابن إسحاق يقول: يوم الاثنين والكلبي يقول: يوم الجمعة، واتفقا لاثنتي عشرة ليلة خلت
من ربيع الأول. وغيرهما يقول لثمان خلت منه، فالاختلاف أيضا في تاريخ قدومه المدينة كما ترى.
قَالَ ابن إسحاق، فنزل علي أبي قيس كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس أحد بني عمرو بن عوف، فأقام عنده أربعة أيام. وقيل: بل كان نزوله في بنى عمرو ابن عوف على سعد بن خيثمة، والأول أكثر. فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، وخرج من بني عمرو بن عوف منتقلا إلى المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم فصلاها في بطن الوادي، ثم ارتحل إلى المدينة فنزل على أبي أيوب الأنصاري، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل، وذلك في السنة الأولى من هجرته.
وقال غير ابن إسحاق: نزل في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ثم خرج من عندهم غداة يوم الجمعة على راحلته معه الناس، حتى مر ببني سالم لوقت الجمعة، فجمع بهم، وهي أول جمعة جمعها رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بالمدينة، ثم ركب لا يحرك راحلته، وهو يقول: دعوها فإنها مأمورة.
فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله به في بني النجار، فنزل عشية الجمعة سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل. ومن مقدمة المدينة أرخ التاريخ في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تلك السنة. وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر، وبعث عمه حمزة في جمادى الأولى، فكان أول من غرا في سبيل
الله، وأول من عقدت له راية في الإسلام، خرج في ثلاثين راكبًا إلى سيف البحر، فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش، فحجز بينهم رجل من جهينة، فافترقوا من غير قتال، ثم بعث عبيدة بن الحارث في خمسين راكبًا يعارض عيرًا لقريش، فلقوا جمعًا كثيرًا فتراموا بالنبل، ولم يكن بينهم مسايفة.
وقيل: إن سرية عبيدة كانت قبل سرية حمزة، وفيها رمى سعد، وكان أول سهم رمي به فِي سبيل اللَّه. وقيل: أول لواء عقده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن جحش، والأول أصح، والله أعلم.
والأكثر على أن سرية عَبْد الله بن جحش كانت في سنة اثنتين في غرة رجب إلى نخلة، وفيها قتل ابن الحضرمي لليلة بقيت من جمادى الآخرة. ثم غزا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أهل الكفر من العرب. وبعث إليهم السرايا، وكانت غزواته بنفسه ستًا وعشرين غزوة، هذا أكثر ما قيل في ذلك.
وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى، حيث قتل الله صناديد قريش، وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان صبيحة يوم الجمعة، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل، ويقرب منها إلا غزوة الحديبية، حيث كانت بيعة الرضوان، وذلك سنة ست من الهجرة، وكانت بعوثه وسراياه خمسًا وثلاثين من بين بعث وسرية.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؟
قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَغَزَوْتُ مَعَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَسَبَقَنِي بِغَزْوَتَيْنِ.
واعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثلاث عمر. وفي قول من جعله قارنًا في حجة أربع عمر. وقد بينا ذلك في كتاب «التمهيد» .
وافترض عليه الحج بالمدينة، وكذلك سائر الفرائض فيما أمر به أو حرم عليه إلا الصلاة فإنها افترضت عليه حين أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وذلك بمكة، ولم يحج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من المدينة غير حجته الواحدة، حجة الوداع، وذلك سنة عشر من الهجرة.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ عددًا كثيرًا من النساء، خص بذلك دون أمته بجمع أكثر من أربع، وأحلّ له فيهن ما شاء، فالمجمع عليه من أزواجه إحدى عشرة امرأة وهن:
خديجة بنت خويلد، أول زوجة كانت له، لم يجمع قط معها غيرها، وسنذكر أخبارها ونسبها وولدها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وكثيرًا من فضائلها وخبرها في بابها من كتاب النساء من هذا الديوان، وكذلك نذكر كل واحدة منهن في موضع اسمها من ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى.
ثم سودة بنت زمعة بن قيس. من بني عامر بن لؤي، تزوجها في قول الزهري قبل عائشة رضى الله عنها بمكة، وبنى بما بمكة في سنة عشر من النبوة.
وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما تزوجها بمكة قبل سودة، وقيل بعد سودة، وأجمعوا على أنه لم يبن بها إلا في المدينة. قيل سنة
هاجر، وقيل سنة اثنتين من الهجرة في شوّال، وهي ابنة تسع سنين، وكانت في حين عقد عليها بنت ست سنين. وقيل بنت سبع سنين.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. تزوجها سنة ثلاث في شعبان.
وزينب بنت خزيمة. وهي من بني عامر بن صعصعه، وكان يقال لها أم المساكين، تزوجها سنة ثلاث، فكانت عنده شهرين أو ثلاثة، وتوفيت، ولم يمت أحد من أزواجه في حياته غيرها وغير خديجة قبلها.
وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، تزوجها سنة أربع في شوال.
وزينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة، تزوجها في سنة خمس من الهجرة في قول قتادة، وخالفه غيره على ما نذكره في بابها من كتاب النساء.
وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، واسمها رملة، تزوجها سنة ست، وبنى بها سنة سبع، زوجه إياها النجاشي. واختلف فيمن عقد عليها على ما يأتي به الخبر عند ذكرها في بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.
وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق، كانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس، وذلك في سنة ست. وقيل سنة خمس، وهو الأكثر
والصواب: فكاتبها فأذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابتها وتزوجها.
وميمونة بنت الحارث [بن حزن] الهلالية، من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نكحها سنة سبع في عمرة القضاء. على حسب ما ذكرناه في بابها من كتاب النساء.
وصفية بنت حيي بن أخطب اليهودي، وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه بأرؤس اختلفوا في عددها، وأعتقها وتزوجها، وذلك سنة سبع.
فهؤلاء أزواجه اللواتي لم يختلف فيهن، وهن إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش، وواحدة من بني إسرائيل من ولد هارون، وأربع من سائر العرب. وتوفي في حياته منهن اثنتان خديجة بنت خويلد بن أسد بمكة، وزينب بنت خزيمة بالمدينة، وتخلف منهن تسع بعده صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وأما اللواتي أختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها أو عقد عليها، ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها، فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافًا كثيرًا يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن، وقد ذكرنا جميعهن كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء من كتابنا هذا، والحمد للَّه وحده.
ثم بدأ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم مرصه الّذي مات منه
يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة في بنت ميمونة، ثم انتقل حين اشتد وجعه إلى بيت عائشة. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد ولد يوم الاثنين، ونبيّ يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرًا يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وقبض صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين ضحى في مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس. وقيل: بل دفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليلة الأربعاء.
ذكر ابن إسحاق قَالَ: حدثتني فاطمة [بنت مُحَمَّد] عن عمرة عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء، وصلى عليه علي والعباس رضى الله عنهما وبنو هاشم، ثم خرجوا، ثم دخل المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الناس يصلون عليه أفذاذًا، لا يؤمهم أحد، ثم النساء والغلمان.
وقد أكثر الناس في ذكر من أدخله قبره وفي هيئة كفنه وفي صفة خلقه وخلقه وغزواته وسيره مما لا سبيل في كتابنا هذا إلى ذكره. وإنما أجرينا من ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هاهنا لمعًا يحسن الوقوف عليها والمذاكرة بها، تبركًا بذكره في أول الكتاب، والله الموفق للصواب.
وأصح ذلك أنه نزل في قبره العباس عمه، وعليّ رضى الله عنهما معه، وقشم بن العباس، والفضل بن العباس، ويقال: كان أوس بن خولي وأسامة بن زيد معهم، وكان آخرهم خروجًا من القبر قثم بن العباس، وكان آخر الناس عهدًا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ذكر ذلك ابن عباس وغيره. وهو الصحيح. وقد ذكر عن المغيرة بن شعبة في ذلك خبر لا يصح أنكره أهل العلم ودفعوه. وألحد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وبنى في قبره اللبن، يقال تسع لبنات، وطرح في قبره سمل قطيفة كان يلبسها، فلما فرغوا من وضع اللبن أخرجوها وأهالوا التراب على لحده، وجعل قبره مسطوحًا ورش عليه الماء رشًا.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعَفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وأما فضائله وأعلام نبوته فقد وضع فيها جماعة من العلماء، وجمع كل منها ما انتهت إليه روايته ومطالعته، وهي أكثر من أن تحصى. ومما رثي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قول صفية عمته. قَالَ الزبير: حدثني عمي مصعب بن عَبْد الله، قَالَ: حدثني أبي عَبْد الله بن مصعب، قَالَ: رويت عن هشام بن عروة لصفية بنت عَبْد المطلب ترثي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ... وكنت بنا برًا ولم تك جافيا
وكنت رحيمًا هاديا ومعلّما ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكى النبيّ لفقده ... ولكن لما أخثى من الهرج آتيا
كأن على قلبي لذكر مُحَمَّد ... وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله رب مُحَمَّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وآبائي ونفسي وماليا
صدقت وبلغت الرسالة صادقا ... ومتّ صليب العود أبلج صافيا
فلو أن رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا
أرى حسنا أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جده اليوم نائيا
وكان له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أسماء وصفات جاءت عنه في أحاديث شتى بأسانيد حسان. قَالَ: أنا مُحَمَّد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الذي ختم الله بي النبوة، وأنا العاقب فليس بعدي نبي، وأنا المقفى بعد الأنبياء كلهم، ونبي التوبة، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ويروى الملاحم. جاء هذا كلّه عنه في آثار شتى من وجوه صحاح، وطرق حسان، وكان يكنى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لا خلاف في ذلك. حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قالا: حدّثنا قاسم بن صبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حدثنا أبو يعقوب [الحنينى]
عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: تَسَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد السلام الختنيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي، وَأَنَا أَقْسِمُ. وأما ولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وولده من خديجة أربع بنات لا خلاف في ذلك، أكبر هنّ زينب بلا خلاف وبعدها أم كلثوم، وقيل بل رقية، وهو الأولى والأصح، لأن رقية تزوجها عثمان قبل، ومعها هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تزوج بعدها، وبعد وقعة بدر أم كلثوم، وسيأتي ذكر كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء في هذا الديوان إن شاء الله تعالى. وقد قيل: إن رقيّة أصغرهنّ، والأكثر والصحيح أنّ أصغر هنّ فاطمة رضى الله عنها وعن جميعهن.
واختلف في الذكور، فقيل أربعة: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر. وقيل: ثلاثة، ومن قَالَ هذا قَالَ عَبْد الله سمي الطيب، لأنه ولد في الإسلام، ومن قَالَ غلامان قَالَ القاسم، وبه كان يكنى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله قيل له الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد المبعث، وولد القاسم قبل المبعث، ومات القاسم بمكة قبل المبعث، وقد ذكرنا الاختلاف
في ذلك كله وسمّينا القائلين به في باب خديجة من كتاب النساء من هذا الديوان .
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنّ مُحَمَّدَ بْنَ عيسى حدّثهم قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شعيب بن أبى حمزة عن عطاء الخراساني، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وَسَمَّاهُ محمدا صلّى الله عليه وسلم. قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند ابن أبي السري.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد مختونًا من حديث عَبْد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عَبْد المطلب قَالَ: ولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مختونًا مسرورًا، يعني مقطوع السرة، فأعجب بذلك جدّه عبد المطلب، وقال: ليكوننّ لابني هذا شأن عظيم. وليس إسناد حديث العباس هذا بالقائم. وفي حديث ابن عباس عن أبي سفيان في قصته مع هرقل- وهو حديث ثابت من جهة الإسناد- دليل على أن العرب كانت تختتن، وأظن ذلك من جهة مجاورتهم في الحجاز ليهود، والله أعلم.
واختلف في سنة صلّى الله عليه وسلم يوم مات، فقيل ستون سنة، روى
ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَأَبُو غَالِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَالِكِ ابن أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، ذكره أحمد بن زهير عن المثنى بن معاذ عن بشر بن المفضل عن حميد عن أنس، وهو قول دغفل بن حنظلة السدوسي النسابة. ورواه معاذ عن هشام عن قتادة عن أنس، ورواه الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة قَالَ: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وهو ابن خمس وستين سنة. ولم يدرك دغفل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ البخاري:
ولا نعرف للحسن سماعًا من دغفل. قَالَ البخاري: وروى عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن خمس وستين سنة. قَالَ البخاري: ولا يتابع عليه عن ابن عباس إلا شيء رواه العلاء بن صالح عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَى عِكْرِمَةُ وأبو سلمة وَأَبُو ظَبْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال أبو عمر رضي الله عنه: قد تابع عمار بن أبي عمار على روايته المذكورة عن ابن عباس رضى الله عنهما يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في خمس وستين. والصحيح عندنا رواية من روى ثلاثا رواه عن ابن عباس من تقدم ذكر البخاري لهم في ذلك، ورواه كما رواه أولئك ممن لم يذكره البخاري أبو حمزة ومحمد بن سيرين
ومقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ توفي وهو ابن ثلاث وستين. ولم يختلف عن عائشة أنه توفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو قول مُحَمَّد بن علي، وجرير بن عَبْد الله البجلي وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ سَهْلٍ] ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر عن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بْنِ أَبِي هِلالٍ، [عَنْ هِلالِ] بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم. إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً 33: 45، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَسْتَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأسواق، ولا تجزى بسيئة مثلها ولكن تعفو وَتَتَجَاوَزُ، وَلَنْ أَقْبِضَكَ حَتَّى أُقِيمَ بِكَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَفْتَحُ بِكَ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وقلوبا غلفا. قال عطا بن يسار:
وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قَالَ عَبْد الله بن سلام رضى الله عن جميعهم.
لم يختلف أهل العلم بالأنساب والأخبار وسائر العلماء بالأمصار أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عَبْد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا ما لم يختلف فيه أحد من الناس، وقد روي من أخبار الآحاد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه نسب نفسه كذلك
إلى نزار بن معد بن عدنان، وما ذكرنا من إجماع أهل السير وأهل العلم بالأثر يغنى عما سواه. واختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وفيما بين إبراهيم وسام بن نوح بما لم أر لذكره هاهنا وجهًا، [لكثرة الاضطراب فيه، وأنه لا يوقف منه على شيء متتابع متفق عليه، وهم مع اختلافهم واضطرابهم مجمعون] ، على أن نزارًا بأسرها، وهي ربيعة ومضر هي الصريح الصحيح من ولد إسماعيل على ما ذكرنا في (كتاب القبائل من الرواة) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهناك ذكرنا أصح ما قيل في نسبة إلى آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم وقال أبو الأسود محمد ابن عَبْد الرحمن عن عروة بن الزبير: قَالَ عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إنما ننتسب إلى معدّ، وما بعد معدّ لا ندري ما هو. وقال ابن جريج عن القاسم ابن أبي بزة، عن عكرمة: أضلت نزار نسبها من عدنان وقال خليفة بن خياط عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس: بين معد بن عدنان إلى إسماعيل ثلاثون أبا. وليس هذا الإسناد مما يقطع بصحته، ولكنه عمن علم الأنساب صنعته .
فأما عشيرته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ورهطه وبطنه الّذي يتميز به من سائر بطون قريش وهاشم فقد ذكرنا بالأسانيد الحسان والطرق الصحاح قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا
من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، وقد ذكرنا في (كتاب الإنباة على القبائل الرواة) عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وهو مضاف إلى هذا الكتاب، والحمد للَّه. واسم هاشم عمرو، وإنما قيل له هاشم، لأنه أول من هشم الثريد لقومه فيما زعموا، واسم قصي زيد، هذا هو الأكثر. وقد قيل يزيد، وإنما قيل له قصي، لأنه تقصى مع أمه وهي فاطمة بنت سعد من بنى عذرة، ونشأ مع أخواله من كلب في باديتهم، وبعد في مغيبة ذلك عن مكة: فسمي بذلك قصيًا والله أعلم. وكان يدعى مجمعًا، لأنه جمع قبائل قريش بمكة في حين انصرافه إليها، وقد ذكرنا ذلك في صدر كتاب (القبائل) . وقد قيل اسم عَبْد مناف المغيرة، ويكنى أبا عَبْد شمس. وأما عَبْد المطلب فقيل أسمه عامر، ولا يصح والله أعلم. وقيل: [اسمه شيبة، وقيل] بل اسمه عَبْد المطلب. وكان يقال له شيبة الحمد لشيبة كانت في ذؤابته ظاهرة.
ومن قَالَ اسمه شيبة قَالَ: إنما قيل له عبد المطلب، لأن أباه هاشمًا قَالَ لأخيه المطلب، وهو بمكة حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك [المطلب] بيثرب، فمن هناك سمي عَبْد المطلب، ولا يختلفون أنه يكنى أبا الحارث، بابنه الحارث، وكان أكبر ولده. وأمه سلمى بنت زيد، وقبل بنت عمرو بن زيد من بنى عدي بن النجار، ويقال: إنه أول من خضب بالسواد.
أخبرنا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطُّوسِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو العباس محمد [ابن إسحاق] ابن إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن حنبل،
قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: اسْمُ عَبْدُ الْمُطَلَّبِ شَيْبَةُ بْنُ هَاشِمٍ. وَهَاشِمٌ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قصىّ وقصيّ اسمه زيد ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي. قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ:
أَبُو طَالِبٍ اسْمُهُ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
قَالَ أبو عمر: أم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة، قرشية زهرية، تزوّجها عبد الله ابن عبد المطلب، وهو ابن ثلاثين سنة، وقيل: بل كان يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، خرج به أبوه عَبْد المطلب إلى وهب بن عَبْد مناف فزوجه ابنته. وقيل: كانت آمنة في حجر عمها وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة، فأتاه عَبْد المطلب، فخطب إليه ابنته هالة بنت وهيب لنفسه، وخطب على ابنه عَبْد الله آمنة بنت وهب، فزوجه وزوج ابنه في مجلس واحد، فولدت آمنة لعبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وولدت هالة لعبد المطلب حمزة، فأرضعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وحمزة ثويبة جارية أبي لهب، وأرضعت معهما أبا سلمة الأسدي، فكان رسول الله صلّى الله عليه آله وَسَلَّمَ يكرم ثويبة، وكانت تدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن تزوّج خديجة، وكانت خديجة تكرمها، وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة، فكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فبلغت وفاتها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فسأل عن ابنها مسروح وبلبنه أرضعته، فقيل له: قد مات، فسأل عن قرابتها فقيل له:
لم يبق منهم أحد.
حدثنا سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زيد عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ] وَعَبْدُ الْوَارِثِ بن سفيان، قالا: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ أَنِّي لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ لَمْ تَحِلَّ لِي. إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ. ثم استرضع له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني سعد بن بكر، حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، وردته ظئره حليمة إلى أمه آمنة بنت وهب بعد خمس سنين ويومين من مولده، وذلك سنة ست من عام الفيل،
فأخرجته آمنة إلى أخوال أبيه بني النجار تزورهم به بعد سبع سنين من عام الفيل، ووفيت أمه آمنة بعد ذلك بشهر بالأبواء ومعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فقدمت به أم أيمن مكة بعد موت أمه بخمسة أيام، وسنذكر خبر حليمة وخير أم أيمن من بابهما في كتاب النساء في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وقال الزبير: حملت به أمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى، وولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بمكة في الدار التي كانت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج، وذلك يوم الاثنين [لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وقيل: بل ولد يوم الاثنين] في ربيع الأول لليلتين خلتا منه. قَالَ أبو عمر: وقد قيل لثمان خلون منه.
وقيل. إنه ولد أول اثنين من ربيع الأول، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه عام الفيل، إذ ساقه الحبشة إلى مكة في جيشهم يغزون البيت، فردهم الله عنه، وأرسل عليهم طيرًا أبابيل [فأهلكتهم] .
وقيل أنه ولد في شعب بني هاشم، ولا خلاف أنه ولد عام الفيل:
يروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قَالَ: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفيل. وهذا يحتمل أن يكون أراد اليوم الّذي حبس الله الفيل فيه عن وطء البيت الحرام، وأهلك الذين جاءوا به. ويحتمل أن يكون أراد بقوله يوم الفيل عام الفيل. وقيل: ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد قدوم الفيل بشهر. وقيل: بأربعين يومًا. وقيل بخمسين.
يومًا. فأما الخوارزمي مُحَمَّد بن موسى فقال: كان قدوم الفيل مكة وأصحابه لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم. وقد قَالَ ذلك غير الخوارزمي أيضًا، وزاد يوم الأحد قَالَ: وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة.
قَالَ الخوارزمي وولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بخمسين يومًا، يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الأول، وذلك يوم عشرين من نيسان. قَالَ: وبعث نبيّا يوم الاثنين لثمان أيضا من ربيع الأول، وذلك سنة إحدى وأربعين عام الفيل، فكان من مولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى أن بعثه الله تعالى أربعون سنة ويوم، ومن مبعثه إلى أول المحرم من السنة التي هاجر فيها اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرون يومًا، وذلك ثلاث وخمسون سنة تامة من أول عام الفيل.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عن خالد بن أبي عمران عن حنش عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وُلِدَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثنين، وحرج مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الاثنين، وكانت بدر يَوْمَ الاثْنَيْنِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
قَالَ أبو عمر رضي الله عنه: الأكثر على أن وقعة بدر كانت يوم الجمعة صبيحة سبع شرة من شهر رمضان، وما رأيت أحدًا ذكر أنها كانت يوم الاثنين
إلا في هذا الخبر من رواية ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش، ولا حجة في مثل هذا الإسناد عند جميعهم، إذا خالفه من هو أكثر منه.
قَالَ الخوارزمي: وقدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة مهاجرًا يوم الاثنين، وهو اليوم الثامن من ربيع الأول سنة أربع وخمسين من عام الفيل، وهي سنة إحدى من الهجرة، يوم عشرين من أيلول فكان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى يوم هاجر ودخل المدينة ثلاث عشرة سنة كاملة، ومكث بالمدينة عشر سنين وشهرين إلى أن مات، وذلك يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول سنة أربع وستين من عام الفيل، ومن الهجرة سنة إحدى عشرة، وهذا كله قول الخوارزمي، وهذا الذي قَالَ هو معنى قول ابن عباس، إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أقام بمكة ثلاث عشرة سنة، يعنى بعد المبعث، وبالمدينة عشر سنين، ويشهد بصحة ذلك قول أبى قيس صرمة بن قيس الأنصاري:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا
فلما أتانا واستقرت به النوى ... وأصبح مسرورا بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى ظلامة ظالم ... بعيد، ولا يخشى من الناس باغيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ... وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المواتيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ... وأن كتاب الله أصبح هاديا
وروينا هذه الأبيات من طرق عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهذا أكمل الروايات فيها.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عبد الله بن محمد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيٌّ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاءً، قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، قَالَ قُلْتُ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَمْ لَبِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرَ سِنِينَ.
فَقُلْتُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَبِثَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. فَقَالَ: إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
قَالَ سفيان بن عيينة: وأخبرنا يحيى بن سعيد قَالَ: سمعت عجوزًا من الأنصار يقول: رأيت ابن عباس يختلف إلى صرمة بن قيس يتعلّم منه هذه الأبيات:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا
فذكر الأبيات كما ذكرتها سواء إلى آخرها.
قَالَ أبو عمر: ومات أبوه عَبْد الله بن عَبْد المطلب وأمه حامل به. وقيل:
بل توفي أبوه بالمدينة والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرا،
وقبره بالمدينة في دار من دور بنى عدي بن النجار، وكان خرج إلى المدينة يمتار تمرًا. وقيل: بل خرج به إلى أخواله زائرًا وهو ابن سبعة أشهر.
وقيل: بل توفي أبوه وهو ابن شهرين، فكفله جده عَبْد المطلب. وفي خبر سيف بن ذي يزن: مات أبوه وأمه فكفله جده وعمه. وقد قيل: إن عَبْد الله ابن عَبْد المطلب توفي والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ابن ثمانية وعشرين شهرًا.
وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قَالَ: بعث عَبْد المطلب ابنه عَبْد الله يمتار له تمرًا من يثرب، فمات بها، وكانت وفاته وهو شاب عند أخواله بنى النجار بالمدينة، ولم يكن له ولد غير رسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وتوفيت أمه آمنة بالأبواء بين مكة والمدينة، وهو ابن ست سنين.
وقيل: ابن سبع سنين. وقال مُحَمَّد بن حبيب [في كتاب المحبّر ] : توفّيت أمّه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان سنين. فال: وتوفّى جده عَبْد المطلب بعد ذلك بسنة وأحد عشر شهرًا، سنة تسع من أول عام الفيل.
وقيل: إنه توفي جده عَبْد المطلب، وهو ابن ثمان سنين. وقيل: بل توفي جده وهو ابن ثلاث سنين، فأوصى به إلى أبي طالب فصار في حجر عمه أبي طالب حتى بلغ خمس عشرة سنة، وكان أبو طالب يحبه، ثم انفرد بنفسه، وكان مائلا إلى عمه أبى طالب لو جاهته في بني هاشم وسنه، وكان مع ذلك شقيق أبيه، وخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمه في تجارة إلى الشام سنة ثلاث عشرة من عام الفيل، فرآه بحيرا الراهب، فقال: احتفظوا به فإنه نبي.
وشهد بعد ذلك بثمان سنين يوم الفجار سنة إحدى وعشرين، وخرج إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد، فرآه نسطور الراهب وقد أظلته غمامة فقال:
هذا نبي، وذلك سنة خمس وعشرين. وتزويج رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يومًا، في عقب صفر سنة ست وعشرين، وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل، وقال الزهري: كانت سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تزوج خديجة إحدى وعشرين سنة.
وقال أبو بكر بن عثمان وغيره: كان يومئذ ابن ثلاثين سنة. قالوا:
وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة، ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة.
وشهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنيان الكعبة، وتراضت قريش بحكمه في وضع الحجر بعد ذلك بعشر سنين، وذلك سنة ثلاث وثلاثين.
قَالَ أبو عمر رضى الله عنه: لو صح هذا لكانت سن خديجة يوم تزوجها خمسًا وأربعين سنة. وقال مُحَمَّد بن جبير بن مطعم: بنيت الكعبة على رأس خمس وعشرين سنة من عام الفيل. وقيل: بل كان بين بنيان الكعبة وبين مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم خمس سنين، ثم نبّاه الله تعالى وهو ابن أربعين سنة، وكان أول يوم أوحى الله تعالى إليه فيه يوم الاثنين، فأسر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أمره ثلاث سنين أو نحوها، ثم أمره الله تعالى بإظهار دينه والدعاء إليه، فأظهره بعد ثلاث سنين من مبعثه. وقال الشعبي: أخبرت أن إسرافيل تراءى له ثلاث سنين.
حدثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال حدثنا أحمد بن زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ، وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قَالَ: وأخبرنا أحمد بن حنبل، قَالَ حَدَّثَنَا هشيم ، قال حدثنا داود ابن أبى هند عن الشعبي، قال: نبيّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر مثله.
قَالَ: ثم بعث إليه جبريل عليه السلام بالرسالة.
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثَ سِنِينَ، فَكَانَ يُعَلِّمُهُ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمَّا مَضَتْ ثَلاثُ سِنينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ عِشْرِينَ سَنَةً.
وقيل: كان مبعثه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وهو ابن أربعين سنة وشهرين وعشرة أيام. وقيل: بل كان مبعثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لتمام أربعين سنة من مولده يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة أربعين، وممن قَالَ: إنه عليه السلام نبي وهو ابن أربعين سنة عَبْد الله بن عباس، ومحمد بن جبير بن مطعم، وقباث بن أشيم، وعطاء، وسعيد
ابن المسيب، وأنس بن مالك، وهو الصحيح عند أهل السير وأهل العلم بالأثر، فلما دعا قومه إلى دين الله نابذوه، فأجاره عمه أبو طالب، ومنع منه قريشًا لأنهم أرادوا قتله لما دعاهم إليه من ترك ما كانوا عليه هم وآباؤهم، ومفارقته لهم في دينه، وتسفيه أحلامهم في عبادة أصنام لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، فلم يزل في جوار عمه أبي طالب إلى أن توفي أبو طالب، وذلك في النصف من شوال في السنة الثامنة. وقيل: العاشرة من مبعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وحصرت قريش النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأهل بيته بني هاشم ومعهم بنو المطلب في الشعب بعد المبعث بست سنين، فمكثوا في ذلك الحصار ثلاث سنين، وخرجوا منه في أول سنة خمسين من عام الفيل.
وتوفي أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وتوفيت خديجة بعده بثلاثة أيام.
وقد قيل غير ذلك، وولد عَبْد الله بن عباس رضي الله عنه في الشعب قبل خروج بني هاشم منه. وقيل: إنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن ثلاث عشرة سنة يوم مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. وكان أبو طالب قد أسلم ابنه عليًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ للعباس عمه- وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال، فانطلق بنا لنخفّف عنه
من عياله. فقال: نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقال له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى يكشف الله عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب:
إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عليًا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا فضمه إليه، فلم يزل علي رضى الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ابتعثه الله نبيًا، وحتى زوجه من ابنته فاطمة على جميعهم الصلاة والسلام.
وتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، على اختلاف في ذلك قد ذكرناه.
وكان موتها بعد موت عمه أبي طالب بأيام يسيرة. قيل: ثلاثة أيام.
وقيل: سبعة. وقيل: كان بين موت أبي طالب وموت خديجة شهر وخمسة أيام. وتوفي أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة وتوفيت خديجة وهي ابنة خمس وستين سنة، فكانت مصيبتان توالتا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بوفاة عمه أبى طالب ووفاة خديجة رضى الله عنها. وقيل: توفيت خديجة بعد ما تزوجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بأربع وعشرين سنة وستة أشهر وأربعة أيام قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف شهر.
وفي عام وفاة خديجة تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سودة وعائشة، ولم يتزوج على خديجة حتى ماتت رضى الله عنها. وكانت وفاة أبي طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: بسنة. وقيل: كانت وفاتهما سنة عشر من المبعث في أولها، والله أعلم.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ حدثنا محمد بن عبد الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْرُوفٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ حَدَّثَنَا يحيى ابن معين، قال حدثنا هشام بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ. وَلَفْظُهُمَا وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ. قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ الله ابن أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: يَا عَمِّ، قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عند الله.
فقال له أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَمُيَّةَ. يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَالا بِهِ حَتَّى كَانَ آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِّبِ. فقال النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ. فَنَزَلَتْ : مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ ... 9: 113 إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وَنَزَلَتْ : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ... 28: 56 الآيَةَ. قَالَ ابن شهاب: قَالَ عروة بن الزبير: ما زالوا- يعني قريشًا- كافين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو طالب. ولم تمت خديجة فيما ذكر ابن إسحاق وغيره إلا بعد الإسراء، وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: لما توفى أبو طالب وتوفّيت بعده خديجة بأيام يسيرة خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وطلب منهم المنعة، فأقام عندهم شهرًا ولم يجد فيهم خيرًا، ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. قيل: كان ذلك سنة إحدى وخمسين من عام الفيل، وفيها قدم عليه جن نصيبين بعد ثلاثة أشهر فاسلموا.
وأسرى به إلى بيت المقدس بعد سنة ونصف من حين رجوعه إلى مكة من الطائف سنة اثنتين وخمسين، وقد ذكرنا الاختلاف في تاريخ الإسراء في كتاب (التمهيد) عند ذكر فرض الصلاة والحمد للَّه.
[قَالَ ابن شهاب] عن ابن المسيب: عرج به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وقال غيره:
كان بين الإسراء إلى اليوم الذي هاجر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وشهران، وذلك سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل.
قَالَ أبو عمر: قَالَ ابن إسحاق وغيره: مكث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعد مبعثه بمكة إلى أن أذن الله له بالهجرة داعيًا إلى الله صابرًا على أذى قريش وتكذيبهم له إلا من دخل في دين الله منهم، واتبعه على ما جاء به ممن هاجر إلى أرض الحبشة فارّا بدينه، ومن بقي معه بمكة في منعة من قومه، حتى أذن له الله بالهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن بايعه وجوه الأوس والخزرج بالعقبة على أن يؤووه وينصروه، حتى يبلّغ عن الله رسالته،
ويقاتل من عانده وخالفه، فهاجر إلى المدينة، وكان رفيقه إليها أبو بكر الصديق رضى الله عنه لم يرافق غيره من أصحابه، وكان يخدمهما في ذلك السفر عامر بن فهيرة، وكان مكثه بمكة بعد أن بعثه الله عز وجل ثلاث عشرة سنة. وقيل: عشر سنين. وقيل: خمس عشرة سنة، والأول أكثر وأشهر عند أهل السير.
ثم أذن الله له في الهجرة إلى المدينة يوم الاثنين، فخرج معه أبو بكر إليها، وكانت هجرة إلى المدينة في ربيع الأول، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وقدم المدينة يوم الاثنين قريبًا من نصف النهار في الضحى الأعلى لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. هذا قول ابن إسحاق. وقال ابن إسحاق وغيره: كانت بيعة العقبة حين بايعته الأنصار في أوسط أيام التشريق في ذي الحجة، وكان مخرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة بعد العقبة بشهرين وليال، وخرج لهلال ربيع الأول، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة مضت منه.
قال أبو عمر: قد روى عن ابن شهاب أنه قدم المدينة لهلال ربيع الأول.
وقال عَبْد الرحمن بن المغيرة: قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ المدينة يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى. وقال الكلبي: خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول، وقدم المدينة يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت منه.
قَالَ أبو عمر: وهو قول ابن إسحاق إلا في تسمية اليوم فإن ابن إسحاق يقول: يوم الاثنين والكلبي يقول: يوم الجمعة، واتفقا لاثنتي عشرة ليلة خلت
من ربيع الأول. وغيرهما يقول لثمان خلت منه، فالاختلاف أيضا في تاريخ قدومه المدينة كما ترى.
قَالَ ابن إسحاق، فنزل علي أبي قيس كلثوم بن الهدم بن امرئ القيس أحد بني عمرو بن عوف، فأقام عنده أربعة أيام. وقيل: بل كان نزوله في بنى عمرو ابن عوف على سعد بن خيثمة، والأول أكثر. فأقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس مسجدهم، وخرج من بني عمرو بن عوف منتقلا إلى المدينة، فأدركته الجمعة في بني سالم فصلاها في بطن الوادي، ثم ارتحل إلى المدينة فنزل على أبي أيوب الأنصاري، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل، وذلك في السنة الأولى من هجرته.
وقال غير ابن إسحاق: نزل في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ثم خرج من عندهم غداة يوم الجمعة على راحلته معه الناس، حتى مر ببني سالم لوقت الجمعة، فجمع بهم، وهي أول جمعة جمعها رسول الله صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بالمدينة، ثم ركب لا يحرك راحلته، وهو يقول: دعوها فإنها مأمورة.
فمشت حتى بركت في موضع مسجده الذي أنزله الله به في بني النجار، فنزل عشية الجمعة سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل. ومن مقدمة المدينة أرخ التاريخ في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه تلك السنة. وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد ذلك بخمسة أشهر، وبعث عمه حمزة في جمادى الأولى، فكان أول من غرا في سبيل
الله، وأول من عقدت له راية في الإسلام، خرج في ثلاثين راكبًا إلى سيف البحر، فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة من قريش، فحجز بينهم رجل من جهينة، فافترقوا من غير قتال، ثم بعث عبيدة بن الحارث في خمسين راكبًا يعارض عيرًا لقريش، فلقوا جمعًا كثيرًا فتراموا بالنبل، ولم يكن بينهم مسايفة.
وقيل: إن سرية عبيدة كانت قبل سرية حمزة، وفيها رمى سعد، وكان أول سهم رمي به فِي سبيل اللَّه. وقيل: أول لواء عقده رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن جحش، والأول أصح، والله أعلم.
والأكثر على أن سرية عَبْد الله بن جحش كانت في سنة اثنتين في غرة رجب إلى نخلة، وفيها قتل ابن الحضرمي لليلة بقيت من جمادى الآخرة. ثم غزا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أهل الكفر من العرب. وبعث إليهم السرايا، وكانت غزواته بنفسه ستًا وعشرين غزوة، هذا أكثر ما قيل في ذلك.
وكانت أشرف غزواته وأعظمها حرمة عند الله وعند رسوله وعند المسلمين غزوة بدر الكبرى، حيث قتل الله صناديد قريش، وأظهر دينه وأعزه الله من يومئذ، وكانت بدر في السنة الثانية من الهجرة لسبع عشرة من رمضان صبيحة يوم الجمعة، وليس في غزواته ما يعدل بها في الفضل، ويقرب منها إلا غزوة الحديبية، حيث كانت بيعة الرضوان، وذلك سنة ست من الهجرة، وكانت بعوثه وسراياه خمسًا وثلاثين من بين بعث وسرية.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم؟
قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَغَزَوْتُ مَعَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَسَبَقَنِي بِغَزْوَتَيْنِ.
واعتمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ثلاث عمر. وفي قول من جعله قارنًا في حجة أربع عمر. وقد بينا ذلك في كتاب «التمهيد» .
وافترض عليه الحج بالمدينة، وكذلك سائر الفرائض فيما أمر به أو حرم عليه إلا الصلاة فإنها افترضت عليه حين أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وذلك بمكة، ولم يحج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من المدينة غير حجته الواحدة، حجة الوداع، وذلك سنة عشر من الهجرة.
وتزوج رسول الله صلى الله عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ عددًا كثيرًا من النساء، خص بذلك دون أمته بجمع أكثر من أربع، وأحلّ له فيهن ما شاء، فالمجمع عليه من أزواجه إحدى عشرة امرأة وهن:
خديجة بنت خويلد، أول زوجة كانت له، لم يجمع قط معها غيرها، وسنذكر أخبارها ونسبها وولدها من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وكثيرًا من فضائلها وخبرها في بابها من كتاب النساء من هذا الديوان، وكذلك نذكر كل واحدة منهن في موضع اسمها من ذلك الكتاب إن شاء الله تعالى.
ثم سودة بنت زمعة بن قيس. من بني عامر بن لؤي، تزوجها في قول الزهري قبل عائشة رضى الله عنها بمكة، وبنى بما بمكة في سنة عشر من النبوة.
وعائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما تزوجها بمكة قبل سودة، وقيل بعد سودة، وأجمعوا على أنه لم يبن بها إلا في المدينة. قيل سنة
هاجر، وقيل سنة اثنتين من الهجرة في شوّال، وهي ابنة تسع سنين، وكانت في حين عقد عليها بنت ست سنين. وقيل بنت سبع سنين.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. تزوجها سنة ثلاث في شعبان.
وزينب بنت خزيمة. وهي من بني عامر بن صعصعه، وكان يقال لها أم المساكين، تزوجها سنة ثلاث، فكانت عنده شهرين أو ثلاثة، وتوفيت، ولم يمت أحد من أزواجه في حياته غيرها وغير خديجة قبلها.
وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، تزوجها سنة أربع في شوال.
وزينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة، تزوجها في سنة خمس من الهجرة في قول قتادة، وخالفه غيره على ما نذكره في بابها من كتاب النساء.
وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية، واسمها رملة، تزوجها سنة ست، وبنى بها سنة سبع، زوجه إياها النجاشي. واختلف فيمن عقد عليها على ما يأتي به الخبر عند ذكرها في بابها من كتاب النساء إن شاء الله تعالى.
وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق، كانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس، وذلك في سنة ست. وقيل سنة خمس، وهو الأكثر
والصواب: فكاتبها فأذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتابتها وتزوجها.
وميمونة بنت الحارث [بن حزن] الهلالية، من بني هلال بن عامر بن صعصعه، نكحها سنة سبع في عمرة القضاء. على حسب ما ذكرناه في بابها من كتاب النساء.
وصفية بنت حيي بن أخطب اليهودي، وقعت في سهم دحية بن خليفة الكلبي، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه بأرؤس اختلفوا في عددها، وأعتقها وتزوجها، وذلك سنة سبع.
فهؤلاء أزواجه اللواتي لم يختلف فيهن، وهن إحدى عشرة امرأة، منهن ست من قريش، وواحدة من بني إسرائيل من ولد هارون، وأربع من سائر العرب. وتوفي في حياته منهن اثنتان خديجة بنت خويلد بن أسد بمكة، وزينب بنت خزيمة بالمدينة، وتخلف منهن تسع بعده صلّى الله عليه وَسَلَّمَ.
وأما اللواتي أختلف فيهن ممن ابتنى بها وفارقها أو عقد عليها، ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها، فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافًا كثيرًا يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن، وقد ذكرنا جميعهن كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء من كتابنا هذا، والحمد للَّه وحده.
ثم بدأ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم مرصه الّذي مات منه
يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة في بنت ميمونة، ثم انتقل حين اشتد وجعه إلى بيت عائشة. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قد ولد يوم الاثنين، ونبيّ يوم الاثنين، وخرج من مكة مهاجرًا يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، وقبض صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الاثنين ضحى في مثل الوقت الذي دخل فيه المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، ودفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس. وقيل: بل دفن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ليلة الأربعاء.
ذكر ابن إسحاق قَالَ: حدثتني فاطمة [بنت مُحَمَّد] عن عمرة عن عائشة قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء، وصلى عليه علي والعباس رضى الله عنهما وبنو هاشم، ثم خرجوا، ثم دخل المهاجرون، ثم الأنصار، ثم الناس يصلون عليه أفذاذًا، لا يؤمهم أحد، ثم النساء والغلمان.
وقد أكثر الناس في ذكر من أدخله قبره وفي هيئة كفنه وفي صفة خلقه وخلقه وغزواته وسيره مما لا سبيل في كتابنا هذا إلى ذكره. وإنما أجرينا من ذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هاهنا لمعًا يحسن الوقوف عليها والمذاكرة بها، تبركًا بذكره في أول الكتاب، والله الموفق للصواب.
وأصح ذلك أنه نزل في قبره العباس عمه، وعليّ رضى الله عنهما معه، وقشم بن العباس، والفضل بن العباس، ويقال: كان أوس بن خولي وأسامة بن زيد معهم، وكان آخرهم خروجًا من القبر قثم بن العباس، وكان آخر الناس عهدًا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ذكر ذلك ابن عباس وغيره. وهو الصحيح. وقد ذكر عن المغيرة بن شعبة في ذلك خبر لا يصح أنكره أهل العلم ودفعوه. وألحد له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وبنى في قبره اللبن، يقال تسع لبنات، وطرح في قبره سمل قطيفة كان يلبسها، فلما فرغوا من وضع اللبن أخرجوها وأهالوا التراب على لحده، وجعل قبره مسطوحًا ورش عليه الماء رشًا.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعَفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ، وَإِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وأما فضائله وأعلام نبوته فقد وضع فيها جماعة من العلماء، وجمع كل منها ما انتهت إليه روايته ومطالعته، وهي أكثر من أن تحصى. ومما رثي به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قول صفية عمته. قَالَ الزبير: حدثني عمي مصعب بن عَبْد الله، قَالَ: حدثني أبي عَبْد الله بن مصعب، قَالَ: رويت عن هشام بن عروة لصفية بنت عَبْد المطلب ترثي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا ... وكنت بنا برًا ولم تك جافيا
وكنت رحيمًا هاديا ومعلّما ... ليبك عليك اليوم من كان باكيا
لعمرك ما أبكى النبيّ لفقده ... ولكن لما أخثى من الهرج آتيا
كأن على قلبي لذكر مُحَمَّد ... وما خفت من بعد النبي المكاويا
أفاطم صلى الله رب مُحَمَّد ... على جدث أمسى بيثرب ثاويا
فدى لرسول الله أمي وخالتي ... وعمي وآبائي ونفسي وماليا
صدقت وبلغت الرسالة صادقا ... ومتّ صليب العود أبلج صافيا
فلو أن رب الناس أبقى نبينا ... سعدنا ولكن أمره كان ماضيا
عليك من الله السلام تحية ... وأدخلت جنات من العدن راضيا
أرى حسنا أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جده اليوم نائيا
وكان له صلّى الله عليه وَسَلَّمَ أسماء وصفات جاءت عنه في أحاديث شتى بأسانيد حسان. قَالَ: أنا مُحَمَّد، وأنا أحمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الذي ختم الله بي النبوة، وأنا العاقب فليس بعدي نبي، وأنا المقفى بعد الأنبياء كلهم، ونبي التوبة، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، ويروى الملاحم. جاء هذا كلّه عنه في آثار شتى من وجوه صحاح، وطرق حسان، وكان يكنى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، لا خلاف في ذلك. حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ سَعِيدٍ وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ، قالا: حدّثنا قاسم بن صبغ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حدثنا أبو يعقوب [الحنينى]
عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: تَسَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ. وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد السلام الختنيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: لا تَجْمَعُوا بَيْنَ اسْمِي وَكُنْيَتِي فَإِنَّمَا أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، اللَّهُ يُعْطِي، وَأَنَا أَقْسِمُ. وأما ولده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وولده من خديجة أربع بنات لا خلاف في ذلك، أكبر هنّ زينب بلا خلاف وبعدها أم كلثوم، وقيل بل رقية، وهو الأولى والأصح، لأن رقية تزوجها عثمان قبل، ومعها هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تزوج بعدها، وبعد وقعة بدر أم كلثوم، وسيأتي ذكر كل واحدة منهن في بابها من كتاب النساء في هذا الديوان إن شاء الله تعالى. وقد قيل: إن رقيّة أصغرهنّ، والأكثر والصحيح أنّ أصغر هنّ فاطمة رضى الله عنها وعن جميعهن.
واختلف في الذكور، فقيل أربعة: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر. وقيل: ثلاثة، ومن قَالَ هذا قَالَ عَبْد الله سمي الطيب، لأنه ولد في الإسلام، ومن قَالَ غلامان قَالَ القاسم، وبه كان يكنى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله قيل له الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد المبعث، وولد القاسم قبل المبعث، ومات القاسم بمكة قبل المبعث، وقد ذكرنا الاختلاف
في ذلك كله وسمّينا القائلين به في باب خديجة من كتاب النساء من هذا الديوان .
حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ أَنّ مُحَمَّدَ بْنَ عيسى حدّثهم قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شعيب بن أبى حمزة عن عطاء الخراساني، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ خَتَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وَسَمَّاهُ محمدا صلّى الله عليه وسلم. قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد إلا عند ابن أبي السري.
وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولد مختونًا من حديث عَبْد الله بن عباس عن أبيه العباس بن عَبْد المطلب قَالَ: ولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مختونًا مسرورًا، يعني مقطوع السرة، فأعجب بذلك جدّه عبد المطلب، وقال: ليكوننّ لابني هذا شأن عظيم. وليس إسناد حديث العباس هذا بالقائم. وفي حديث ابن عباس عن أبي سفيان في قصته مع هرقل- وهو حديث ثابت من جهة الإسناد- دليل على أن العرب كانت تختتن، وأظن ذلك من جهة مجاورتهم في الحجاز ليهود، والله أعلم.
واختلف في سنة صلّى الله عليه وسلم يوم مات، فقيل ستون سنة، روى
ذَلِكَ رَبِيعَةُ وَأَبُو غَالِبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَالِكِ ابن أَنَسٍ. وَقَدْ رَوَى حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، ذكره أحمد بن زهير عن المثنى بن معاذ عن بشر بن المفضل عن حميد عن أنس، وهو قول دغفل بن حنظلة السدوسي النسابة. ورواه معاذ عن هشام عن قتادة عن أنس، ورواه الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة قَالَ: توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وهو ابن خمس وستين سنة. ولم يدرك دغفل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. قَالَ البخاري:
ولا نعرف للحسن سماعًا من دغفل. قَالَ البخاري: وروى عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قَالَ: توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ابن خمس وستين سنة. قَالَ البخاري: ولا يتابع عليه عن ابن عباس إلا شيء رواه العلاء بن صالح عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَرَوَى عِكْرِمَةُ وأبو سلمة وَأَبُو ظَبْيَانَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبض وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال أبو عمر رضي الله عنه: قد تابع عمار بن أبي عمار على روايته المذكورة عن ابن عباس رضى الله عنهما يوسف بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما في خمس وستين. والصحيح عندنا رواية من روى ثلاثا رواه عن ابن عباس من تقدم ذكر البخاري لهم في ذلك، ورواه كما رواه أولئك ممن لم يذكره البخاري أبو حمزة ومحمد بن سيرين
ومقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ توفي وهو ابن ثلاث وستين. ولم يختلف عن عائشة أنه توفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهو قول مُحَمَّد بن علي، وجرير بن عَبْد الله البجلي وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن إسحاق.
أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمِ [بْنِ سَهْلٍ] ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر عن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ بْنِ بَادِي الْعَلافُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بْنِ أَبِي هِلالٍ، [عَنْ هِلالِ] بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّا لَنَجِدُ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وسلم. إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً 33: 45، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَسْتَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الأسواق، ولا تجزى بسيئة مثلها ولكن تعفو وَتَتَجَاوَزُ، وَلَنْ أَقْبِضَكَ حَتَّى أُقِيمَ بِكَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، أَفْتَحُ بِكَ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وقلوبا غلفا. قال عطا بن يسار:
وأخبرني أبو واقد الليثي أنه سمع كعب الأحبار يقول مثل ما قَالَ عَبْد الله بن سلام رضى الله عن جميعهم.
مُحَمَّد بن أبي عمْرَة عَن أَبِيه عَن عمر وَعلي قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ مَجْهُول
مُحَمَّد بن أبي عمْرَة واسْمه سِيرِين أَبُو بكر قَالَ الْوَاقِدِيّ وَكَانَ سِيرِين من سبي (عين التَّمْر) مولَى أنس بن مَالك كِتَابَة وَهُوَ الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ أَخُو أنس وخَالِد وَيَحْيَى ومعبد وَحَفْصَة سمع أَبَا هُرَيْرَة وَأنس بن مَالك وَأم عَطِيَّة وَعبيدَة وَحميد بن عبد الرَّحْمَن وَعبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة وأخاه معبد بن سِيرِين
رَوَى عَنهُ عَاصِم الْأَحول وَأَيوب وَابْن عون وَيُونُس بن عبيد وخَالِد الْحذاء وَهِشَام بن حسان وَجَرِير بن حَازِم فِي (الْأَيْمَان) و (الْوضُوء) و (الصَّلَاة) قَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ بعد الْحسن بِمِائَة يَوْم فِي سنة عشر وَمِائَة وَقَالَ ابْن عَلَيْهِ كُنَّا نسْمع أَن ابْن سِيرِين ولد فِي سنتَيْن بَقِيَتَا من إِمَارَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ذكره البُخَارِيّ فِي (الصَّغِير) وَقَالَ خَليفَة وَعَمْرو بن عَلّي مَاتَ فِي شَوَّال سنة عشر وَمِائَة وَقَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى مَاتَ سنة عشر وَمِائَة وَقَالَ الذهلي وَفِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم قَالَ مَاتَ الْحسن سنة خمس وَمِائَة وَقَالَ ابْن أبي شيبَة مثله وَمَات مُحَمَّد بن سِيرِين بعده بِمِائَة يَوْم إِلَّا يَوْم
رَوَى عَنهُ عَاصِم الْأَحول وَأَيوب وَابْن عون وَيُونُس بن عبيد وخَالِد الْحذاء وَهِشَام بن حسان وَجَرِير بن حَازِم فِي (الْأَيْمَان) و (الْوضُوء) و (الصَّلَاة) قَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ بعد الْحسن بِمِائَة يَوْم فِي سنة عشر وَمِائَة وَقَالَ ابْن عَلَيْهِ كُنَّا نسْمع أَن ابْن سِيرِين ولد فِي سنتَيْن بَقِيَتَا من إِمَارَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ذكره البُخَارِيّ فِي (الصَّغِير) وَقَالَ خَليفَة وَعَمْرو بن عَلّي مَاتَ فِي شَوَّال سنة عشر وَمِائَة وَقَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى مَاتَ سنة عشر وَمِائَة وَقَالَ الذهلي وَفِيمَا كتب إِلَيّ أَبُو نعيم قَالَ مَاتَ الْحسن سنة خمس وَمِائَة وَقَالَ ابْن أبي شيبَة مثله وَمَات مُحَمَّد بن سِيرِين بعده بِمِائَة يَوْم إِلَّا يَوْم