ابْنُ دِيْزِيْلَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحُسَيْنِ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، العَابِدُ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحُسَيْنِ
بنِ عَلِيٍّ، الهَمَدَانِيُّ، الكِسَائِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْن دِيْزِيلَ.وَكَانَ يُلَقَّبُ بِدَابَّةِ عَفَّانَ، لِمُلاَزمَتِهِ لَهُ، وَيُلَقَّبُ بِسِيْفَنَّةَ.
وَسِيْفَنَّةُ: طَائِرٌ بِبِلاَدِ مِصْرَ، لاَ يَكَادُ يَحُطُّ عَلَى شَجَرَةٍ إِلاَّ أَكَلَ وَرَقَهَا، حَتَّى يُعَريهَا.
فكَذَلِكَ كَانَ إِبْرَاهِيْمُ، إِذَا وَرَدَ عَلَى شَيْخٍ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ مَا عِنْدَهُ.
سَمِعَ بِالحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجِبَالِ، وَجَمَعَ فَأَوعَى.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ بِمُدَيْدَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا مُسْهِرٍ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَفَّانَ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَآدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ، وَعَمْرَو بنَ طَلْحَةَ القَنَّادَ، وَعَتِيْقَ بنَ يَعْقُوْبَ، وَأَبَا الجُمَاهِرِ، وَالقَعْنَبِيَّ، وَعَبْدَ السَلاَّمِ بنَ مُطَهَّرٍ، وَقُرَّةَ بنَ حَبِيْبٍ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيَّ، وَأَصْبَغَ بنَ الفَرَجِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِيْسَى قَالُوْنَ، وَنُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانُ، وَعَلِيُّ بنُ حُمْشَاذ النَّيْسَابُورِيُّ، وَعُمَرُ بنُ حَفْصٍ المُسْتَمْلِي، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ البَرُوْجِرْدِيُّ،
وَعَبْدُ السَّلاَّمِ بنُ عَبْدِيْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ الجَلاَّبُ، وَأَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي غَانِمٍ، وَعُمَرُ بنُ سَهْلٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ نِيخَابٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَرْزَةَ الرُّوْذْرَاوَرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَكَانَ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ ثِقَةٌ مَأَمُوْنٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقُ اللَّهْجَةِ.
قُلْتُ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي الإِتقَانِ، رُوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ كِتَابِي بِيَدِي، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَمِينِي، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ شِمَالِي، مَا أُبالِي -يَعْنِي: لِضَبْطِ كُتُبِهِ -.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ فِي (تَارِيْخِ هَمَذَانَ) : سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
سَأَلْتُ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ، عَنِ ابْنِ دِيْزِيْلَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ، وَلاَ بَلَغَنِي عَنْهُ إِلاَّ صِدْقٌ وَخيرٌ، وَكَانَ مَعَنَا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَابْنِ الطَّبَّاعِ.
قُلْتُ: فَعِنْدَ أَبِي صَالِحٍ؟
قَالَ: لاَ أَحْفَظُهُ.
قُلْتُ: فَعِنْد عَفَّانَ؟
قَالَ: وَلاَ أَحْفَظُهُ، غَيْرَ أَنِّي قَدِ التَقَيْتُ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ رَأَيْتُهُم أَنَا عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ.
قَالَ جَعْفَرٌ: فَعَارَضَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَاتِمٍ! يُذْكَرُ أَنَّ
عِنْدَهُ عَنْ عَفَّانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَنْ ذَكَرَ أَنَّ عِنْدَهُ عَنْ عَفَّانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ، كَانَ عَسِراً فِي التَّحْدِيثِ، كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ شَهْراً، مَا كَتَبْتُ عَنْهُ إِلاَّ مِقْدَارَ خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: يَا أَبَا حَاتِمٍ نَكْذِبُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ ؟!
قَالَ صَالِحٌ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ حَدِيْثَ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ مِنْ عَفَّانَ أَرْبَعَ مائَةَ مَرَّة، لأَنَّهُ كَانَ يُسأَلُ عَنْهُ، وَلَمَّا دُعِيَ عَفَّانُ لِلْمِحْنَةِ، كُنْتُ آخِذاً بِلِجَامِ حِمَارِهِ.
قَالَ صَالِحٌ: فَمَنْ تَكُونُ مُوَاظَبَتُهُ هَكَذَا لاَ يَكَادُ أنْ يُبْقِي عِنْدَهُ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيِّ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَلَيْسَ حَدُّهُ أَنْ يَكْذِبَ، وَلَعَلَّهُ أُدْخِلَ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ.
قَالَ : سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالمَدِيْنَةِ، وَوَافَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ سَنْدُولُ، فَأَفَدْتُهُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ يُكْرِمُهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَه مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، وَقُمْتُ أَنَا عِنْدَ البَابِ، فَجَعَلَ مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ إِسْمَاعِيْلَ، فَبَصُرَ بِي، فَقَالَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ ذَاكَ المُكْدِي، أَخْرِجُوهُ.
فَأُخْرِجْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ أُذَاكِرُهُ فِي الطَّرِيْقِ، فَتَعَجَّبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قُلْتُ: هَذَا سَمَاعُ المُكْدِين.
وَسَمِعْتُ القَاسِمَ، سَمِعْتُ يَحْيَى الكَرَابِيسِيَّ يَقُوْلُ: صَحَّحْنَا كُتُبَنَا
بِإِبْرَاهِيْمَ.وَمَرَّ يَوْماً حَدِيْثٌ، فَقَالَ يَحْيَى: قَدْ كُنَّا سَمِعنَاهُ.
فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: سَمِعتُمُوهُ بِالفَارِسِيَّةِ، وَتَسْمَعُونَهُ اليَوْمَ بِالعَرَبِيَّةِ.
وَسَمِعْتُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَحْكِي عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نُذَاكِرُ إِبْرَاهِيْمَ بِالحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا بِالقَمَاطِرِ.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَحْكِي عَنِ ابْنِ مَاجَهْ القَزْوِيْنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنَعَنِي الخُرُوجَ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ قِلَّةُ ذَاتِ اليَدِ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: لَمَّا وَافَى إِبْرَاهِيْمُ، قَالَ لِي الدُّحَيْمِيُّ: قَدْ وَافَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ الكِسَائِيِّ، فَنَحْضُرُ غَداً مَجْلِسَهُ.
فَلَمَّا حَضَرْنَا، قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: أَوَّلُ مَا نُذَاكِرُ: حَدَّثَنَا آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، فَصَعُبَ عَلَى الدُّحَيْمِيِّ وَقَالَ: لاَ قُلْتَ خَيراً.
قُلْتُ: تَقُوْلُ هَذَا؟
قَالَ: قَدْ سَوَّانَا مَعَ الصِّبْيَانِ!
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ: إِنَّ الإِسْنَادَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ إِبْرَاهِيْمُ، لَوْ كَانَ فِيْهِ أَنْ لاَ يُؤْكَلَ الخُبْزُ، لَوَجَبَ أَنْ لاَ يُؤْكَلَ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ دِيْزِيْلَ قَالَ: كَتَبْتُ حَدِيْثَ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَفَّانَ، وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ أَرْبَعَ مائَةَ مَرَّة.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ دِيْزِيْلَ يَقُوْلُ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
حَدِّثْنِي بِنُسْخَةِ اللَّيْثِ عَن ابْنِ عَجْلاَنَ، فَإِنَّهَا فَاتَتْنِي عَلَى أَبِي صَالِحٍ.
فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا وَقْتُهُ.
قَالَ: مَتَى يَكُونُ؟ قُلْتُ: إِذَا مِتَّ.
قُلْتُ: عَنَى أَنِّي لاَ أُحَدِّثُ فِي حَيَاتِكَ.فَأَسَاءَ العِبارَةَ.
لاَ تَلُمْنِي عَلَى رَكَاكَةِ عَقْلِي ... إِنْ تَيَقَّنْتَ أَنَّنِي هَمَذَانِي
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: جَاءَ أَيَّامَ الحَجِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ القُسْطَانِيُّ، وَحُرَيْشُ بنُ أَحْمَدَ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ، فسَأَلاَهُ عَنْ حَدِيْثِ الإِفكِ - رِوَايَةَ الفَرْوِيِّ عَنْ مَالِكٍ - فَحَانَتْ مِنْهُ التِفَاتَةٌ، فَقَالَ لَهُ الزَّعْفَرَانِيُّ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! تُحَدِّثُ الزَّنَادِقَةَ؟
قَالَ: وَمَنِ الزِّنْدِيقُ؟
قَالَ: هَذَا، إِنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ لاَ يُحَدِّثُ حَتَّى يَمْتَحِنَ.
فَقَالَ: أَبُو حَاتِمٍ عِنْدَنَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ، وَالامْتِحَانُ دِيْنُ الخَوَارِجِ، مَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي، فَكَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، سَمِعَ مَا تَقَرُّ بِهِ عَينُهُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ البِدْعَةِ، يَسْمَعُ مَا يُسَخِّنُ اللهُ بِهِ عَيْنَهُ، فَقَامَا، وَلَمْ يَسْمَعَا مِنْهُ.
وَقَدْ طَوَّلَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه تَرْجَمَةَ إِبْرَاهِيْمَ، وَذَكَرَ فِيْهَا بِلاَ سَنَدٍ أَنَّهُ قَالَ
إِبْرَاهِيْمُ: كَتَبْتُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، فَجَلَسْتُ كَثِيْراً، وَكَتَبْتُ مَا لاَ أُحْصِيْهِ حَتَّى عَيِيْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَتَأَمَّلُ السَّمَاءَ، فَكَانَ أَوَّلُ اللَّيْلِ، فَعُدْتُ إِلَى بَيْتِي، وَكَتَبْتُ إِلَى أَنْ عَيِيْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ فَإِذَا الوَقْتُ آخِرُ اللَّيْلِ، فَأَتْمَمْتُ جُزْئِي وَصَلَّيْتُ الصُّبْحَ، ثُمَّ حَضَرْتُ عِنْدَ تَاجِرٍ يَكْتُبُ حِسَاباً لَهُ، فَوَرَّخَهُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! أَلَيْسَ اليَوْمَ الجُمُعَةُ؟فَضَحِكَ، وَقَالَ: لَعَلَّكَ لَمْ تَحْضُرْ أَمْسِ الجَامعَ؟
قَالَ: فرَاجَعْتُ نَفسِي، فَإِذَا أَنَا قَدْ كَتَبْتُ، لِلَيْلَتَيْنِ وَيَوْماً.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ فِي مَشَايخِ ابْنِ سَلَمَةَ القَطَّانِ، قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ يُسَمَّى: سِيْفَنَّةُ، لِكَثْرَةِ مَا يَكُونُ فِي كُمِّهِ مِنَ الأَجزَاءِ.
قَالَ: كَانَ يَكُوْنُ فِي كُمِّي خَمْسُوْنَ جُزْءاً، فِي كُلِّ جُزْءٍ أَلفُ حَدِيْثٍ..... إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالمَعْرِفَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ.
وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَذَا قَالَ فَوَهِمَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نُذَاكِرُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الحُسَيْنِ، فَيُذَاكِرُنَا بِالقِمَطْرِ، نَذْكُرُ حَدِيْثاً وَاحِداً، فَيَقُوْلُ: عِنْدِي مِنْهُ قِمَطْرٌ - يُرِيْدُ طُرُقَهُ وَعِلَلَهُ وَاخْتِلاَفَ أَلْفَاظِهِ -.
وَالصَّحِيْحُ مِنْ وَفَاتِهِ مَا أَرَّخَهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الفَلَكِيُّ، فَقَالَ: فِي آخِرِ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَذَا أَرَّخَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ بِبَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا
البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوسُفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الطِّيْبِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحُسَيْنِ بِهَمَذَانَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنِ الحَسَنِ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ، وَثَبَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ عَلَى عُنُقِهِ، فَيَرْفَعُهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَفْعاً رَفِيْقاً لِئَلاَّ يُصْرَعَ، فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ، قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ بِالحَسَنِ شَيْئاً مَا رَأَينَاكَ صَنَعْتَهُ بِأَحَدٍ.
قَالَ: (إِنَّهُ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ مِنْ حَسَنَاتِ الحَسَنِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ الحَسَنُ بنُ أَبِي الحَسَنِ.
وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: شَيْخٌ حَسَنٌ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الوَزَّانُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو زُرْعَةَ
الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ بِأَصْبَهَانَ.
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، العَابِدُ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحُسَيْنِ
بنِ عَلِيٍّ، الهَمَدَانِيُّ، الكِسَائِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْن دِيْزِيلَ.وَكَانَ يُلَقَّبُ بِدَابَّةِ عَفَّانَ، لِمُلاَزمَتِهِ لَهُ، وَيُلَقَّبُ بِسِيْفَنَّةَ.
وَسِيْفَنَّةُ: طَائِرٌ بِبِلاَدِ مِصْرَ، لاَ يَكَادُ يَحُطُّ عَلَى شَجَرَةٍ إِلاَّ أَكَلَ وَرَقَهَا، حَتَّى يُعَريهَا.
فكَذَلِكَ كَانَ إِبْرَاهِيْمُ، إِذَا وَرَدَ عَلَى شَيْخٍ لَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ مَا عِنْدَهُ.
سَمِعَ بِالحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجِبَالِ، وَجَمَعَ فَأَوعَى.
وُلِدَ: قَبْلَ المائَتَيْنِ بِمُدَيْدَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا مُسْهِرٍ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَفَّانَ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَآدَمَ بنَ أَبِي إِيَاسٍ، وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ، وَعَمْرَو بنَ طَلْحَةَ القَنَّادَ، وَعَتِيْقَ بنَ يَعْقُوْبَ، وَأَبَا الجُمَاهِرِ، وَالقَعْنَبِيَّ، وَعَبْدَ السَلاَّمِ بنَ مُطَهَّرٍ، وَقُرَّةَ بنَ حَبِيْبٍ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيَّ، وَأَصْبَغَ بنَ الفَرَجِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِيْسَى قَالُوْنَ، وَنُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانُ، وَعَلِيُّ بنُ حُمْشَاذ النَّيْسَابُورِيُّ، وَعُمَرُ بنُ حَفْصٍ المُسْتَمْلِي، وَأَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ البَرُوْجِرْدِيُّ،
وَعَبْدُ السَّلاَّمِ بنُ عَبْدِيْلٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ الجَلاَّبُ، وَأَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي غَانِمٍ، وَعُمَرُ بنُ سَهْلٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ نِيخَابٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَرْزَةَ الرُّوْذْرَاوَرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.وَكَانَ يَصُوْمُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ ثِقَةٌ مَأَمُوْنٌ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقُ اللَّهْجَةِ.
قُلْتُ: إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي الإِتقَانِ، رُوِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ كِتَابِي بِيَدِي، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَمِينِي، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَنْ شِمَالِي، مَا أُبالِي -يَعْنِي: لِضَبْطِ كُتُبِهِ -.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ فِي (تَارِيْخِ هَمَذَانَ) : سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
سَأَلْتُ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ، عَنِ ابْنِ دِيْزِيْلَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ، وَلاَ بَلَغَنِي عَنْهُ إِلاَّ صِدْقٌ وَخيرٌ، وَكَانَ مَعَنَا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَابْنِ الطَّبَّاعِ.
قُلْتُ: فَعِنْدَ أَبِي صَالِحٍ؟
قَالَ: لاَ أَحْفَظُهُ.
قُلْتُ: فَعِنْد عَفَّانَ؟
قَالَ: وَلاَ أَحْفَظُهُ، غَيْرَ أَنِّي قَدِ التَقَيْتُ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ رَأَيْتُهُم أَنَا عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ.
قَالَ جَعْفَرٌ: فَعَارَضَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَاتِمٍ! يُذْكَرُ أَنَّ
عِنْدَهُ عَنْ عَفَّانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ.قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَنْ ذَكَرَ أَنَّ عِنْدَهُ عَنْ عَفَّانَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ، كَانَ عَسِراً فِي التَّحْدِيثِ، كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ ثَلاَثَةَ عَشَرَ شَهْراً، مَا كَتَبْتُ عَنْهُ إِلاَّ مِقْدَارَ خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: يَا أَبَا حَاتِمٍ نَكْذِبُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ ؟!
قَالَ صَالِحٌ: سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ حَدِيْثَ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ مِنْ عَفَّانَ أَرْبَعَ مائَةَ مَرَّة، لأَنَّهُ كَانَ يُسأَلُ عَنْهُ، وَلَمَّا دُعِيَ عَفَّانُ لِلْمِحْنَةِ، كُنْتُ آخِذاً بِلِجَامِ حِمَارِهِ.
قَالَ صَالِحٌ: فَمَنْ تَكُونُ مُوَاظَبَتُهُ هَكَذَا لاَ يَكَادُ أنْ يُبْقِي عِنْدَهُ شَيْئاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ بنَ عُبَيْدٍ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيِّ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَلَيْسَ حَدُّهُ أَنْ يَكْذِبَ، وَلَعَلَّهُ أُدْخِلَ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ.
قَالَ : سَمِعْتُ القَاسِمَ بنَ أَبِي صَالِحٍ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالمَدِيْنَةِ، وَوَافَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ سَنْدُولُ، فَأَفَدْتُهُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ يُكْرِمُهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَه مَعَهُ عَلَى السَّرِيْرِ، وَقُمْتُ أَنَا عِنْدَ البَابِ، فَجَعَلَ مُحَمَّدٌ يَسْأَلُ إِسْمَاعِيْلَ، فَبَصُرَ بِي، فَقَالَ: هَذَا مِنْ عَمَلِ ذَاكَ المُكْدِي، أَخْرِجُوهُ.
فَأُخْرِجْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى مَكَّةَ، فَجَعَلْتُ أُذَاكِرُهُ فِي الطَّرِيْقِ، فَتَعَجَّبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قُلْتُ: هَذَا سَمَاعُ المُكْدِين.
وَسَمِعْتُ القَاسِمَ، سَمِعْتُ يَحْيَى الكَرَابِيسِيَّ يَقُوْلُ: صَحَّحْنَا كُتُبَنَا
بِإِبْرَاهِيْمَ.وَمَرَّ يَوْماً حَدِيْثٌ، فَقَالَ يَحْيَى: قَدْ كُنَّا سَمِعنَاهُ.
فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: سَمِعتُمُوهُ بِالفَارِسِيَّةِ، وَتَسْمَعُونَهُ اليَوْمَ بِالعَرَبِيَّةِ.
وَسَمِعْتُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَحْكِي عَنِ ابْنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نُذَاكِرُ إِبْرَاهِيْمَ بِالحَدِيْثِ، فَتَذَاكَرْنَا بِالقَمَاطِرِ.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَحْكِي عَنِ ابْنِ مَاجَهْ القَزْوِيْنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنَعَنِي الخُرُوجَ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ قِلَّةُ ذَاتِ اليَدِ.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: لَمَّا وَافَى إِبْرَاهِيْمُ، قَالَ لِي الدُّحَيْمِيُّ: قَدْ وَافَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ الكِسَائِيِّ، فَنَحْضُرُ غَداً مَجْلِسَهُ.
فَلَمَّا حَضَرْنَا، قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: أَوَّلُ مَا نُذَاكِرُ: حَدَّثَنَا آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، فَصَعُبَ عَلَى الدُّحَيْمِيِّ وَقَالَ: لاَ قُلْتَ خَيراً.
قُلْتُ: تَقُوْلُ هَذَا؟
قَالَ: قَدْ سَوَّانَا مَعَ الصِّبْيَانِ!
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ: إِنَّ الإِسْنَادَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ إِبْرَاهِيْمُ، لَوْ كَانَ فِيْهِ أَنْ لاَ يُؤْكَلَ الخُبْزُ، لَوَجَبَ أَنْ لاَ يُؤْكَلَ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ دِيْزِيْلَ قَالَ: كَتَبْتُ حَدِيْثَ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَفَّانَ، وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ أَرْبَعَ مائَةَ مَرَّة.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ دِيْزِيْلَ يَقُوْلُ: قَالَ لِي يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
حَدِّثْنِي بِنُسْخَةِ اللَّيْثِ عَن ابْنِ عَجْلاَنَ، فَإِنَّهَا فَاتَتْنِي عَلَى أَبِي صَالِحٍ.
فَقُلْتُ: لَيْسَ هَذَا وَقْتُهُ.
قَالَ: مَتَى يَكُونُ؟ قُلْتُ: إِذَا مِتَّ.
قُلْتُ: عَنَى أَنِّي لاَ أُحَدِّثُ فِي حَيَاتِكَ.فَأَسَاءَ العِبارَةَ.
لاَ تَلُمْنِي عَلَى رَكَاكَةِ عَقْلِي ... إِنْ تَيَقَّنْتَ أَنَّنِي هَمَذَانِي
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ: جَاءَ أَيَّامَ الحَجِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ القُسْطَانِيُّ، وَحُرَيْشُ بنُ أَحْمَدَ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ، فسَأَلاَهُ عَنْ حَدِيْثِ الإِفكِ - رِوَايَةَ الفَرْوِيِّ عَنْ مَالِكٍ - فَحَانَتْ مِنْهُ التِفَاتَةٌ، فَقَالَ لَهُ الزَّعْفَرَانِيُّ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! تُحَدِّثُ الزَّنَادِقَةَ؟
قَالَ: وَمَنِ الزِّنْدِيقُ؟
قَالَ: هَذَا، إِنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ لاَ يُحَدِّثُ حَتَّى يَمْتَحِنَ.
فَقَالَ: أَبُو حَاتِمٍ عِنْدَنَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ، وَالامْتِحَانُ دِيْنُ الخَوَارِجِ، مَنْ حَضَرَ مَجْلِسِي، فَكَانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، سَمِعَ مَا تَقَرُّ بِهِ عَينُهُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ البِدْعَةِ، يَسْمَعُ مَا يُسَخِّنُ اللهُ بِهِ عَيْنَهُ، فَقَامَا، وَلَمْ يَسْمَعَا مِنْهُ.
وَقَدْ طَوَّلَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه تَرْجَمَةَ إِبْرَاهِيْمَ، وَذَكَرَ فِيْهَا بِلاَ سَنَدٍ أَنَّهُ قَالَ
إِبْرَاهِيْمُ: كَتَبْتُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي، فَجَلَسْتُ كَثِيْراً، وَكَتَبْتُ مَا لاَ أُحْصِيْهِ حَتَّى عَيِيْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ أَتَأَمَّلُ السَّمَاءَ، فَكَانَ أَوَّلُ اللَّيْلِ، فَعُدْتُ إِلَى بَيْتِي، وَكَتَبْتُ إِلَى أَنْ عَيِيْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ فَإِذَا الوَقْتُ آخِرُ اللَّيْلِ، فَأَتْمَمْتُ جُزْئِي وَصَلَّيْتُ الصُّبْحَ، ثُمَّ حَضَرْتُ عِنْدَ تَاجِرٍ يَكْتُبُ حِسَاباً لَهُ، فَوَرَّخَهُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! أَلَيْسَ اليَوْمَ الجُمُعَةُ؟فَضَحِكَ، وَقَالَ: لَعَلَّكَ لَمْ تَحْضُرْ أَمْسِ الجَامعَ؟
قَالَ: فرَاجَعْتُ نَفسِي، فَإِذَا أَنَا قَدْ كَتَبْتُ، لِلَيْلَتَيْنِ وَيَوْماً.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ فِي مَشَايخِ ابْنِ سَلَمَةَ القَطَّانِ، قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ يُسَمَّى: سِيْفَنَّةُ، لِكَثْرَةِ مَا يَكُونُ فِي كُمِّهِ مِنَ الأَجزَاءِ.
قَالَ: كَانَ يَكُوْنُ فِي كُمِّي خَمْسُوْنَ جُزْءاً، فِي كُلِّ جُزْءٍ أَلفُ حَدِيْثٍ..... إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالمَعْرِفَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ.
وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَذَا قَالَ فَوَهِمَ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نُذَاكِرُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الحُسَيْنِ، فَيُذَاكِرُنَا بِالقِمَطْرِ، نَذْكُرُ حَدِيْثاً وَاحِداً، فَيَقُوْلُ: عِنْدِي مِنْهُ قِمَطْرٌ - يُرِيْدُ طُرُقَهُ وَعِلَلَهُ وَاخْتِلاَفَ أَلْفَاظِهِ -.
وَالصَّحِيْحُ مِنْ وَفَاتِهِ مَا أَرَّخَهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الفَلَكِيُّ، فَقَالَ: فِي آخِرِ شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَذَا أَرَّخَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ بِبَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا
البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوسُفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الطِّيْبِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحُسَيْنِ بِهَمَذَانَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنِ الحَسَنِ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ، وَثَبَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ عَلَى عُنُقِهِ، فَيَرْفَعُهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَفْعاً رَفِيْقاً لِئَلاَّ يُصْرَعَ، فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ، قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ بِالحَسَنِ شَيْئاً مَا رَأَينَاكَ صَنَعْتَهُ بِأَحَدٍ.
قَالَ: (إِنَّهُ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ مِنْ حَسَنَاتِ الحَسَنِ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ الحَسَنُ بنُ أَبِي الحَسَنِ.
وَمُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: شَيْخٌ حَسَنٌ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الوَزَّانُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَعُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ، وَأَبُو زُرْعَةَ
الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ بِأَصْبَهَانَ.