الوليد بن هشام بن معاوية
ابن هشام بن عقبة بن أبي معيط أبان بن أبي عمرو بن أمية أبو يعيش المعيطي القرشي حدث عن معذان بن طلحة اليعمري، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: أخبرني بعمل أعمله؛ يدخلني الله به الجنة، أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته، فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة.
قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء، فسألته، فقال لي مثل ما قال ثوبان.
قال رجاء بن أبي سلمة: سألت الوليد بن هشام عما غيرت النار، فقال: إني لست بالذي أسأل، قال: قلت: على ذلك، قال: كان مكحول - وكان ما علمتم فقهاً - يتوضأ. فحج فلقي من أثبت له الحديث أنه ليس فيه وضوء، فترك الوضوء.
قال الوليد بن هشام: أرسلت إلى ابن محيريز أسأله عن لبس اليلامق في الحرب، قال: فأرسل إلي: أتذكر أشد كراهية لما يكره عند الصفوف، - أو قال: للقتال - حين تعرض نفسك للشهادة؟ ولى عمر بن عبد العزيز الوليد بن هشام المعيطي على جند قنسرين، والفرات بن
مسلم على خراجها، فتباغيا حتى بلغ الأمر بالوليد إلى أن هيأ أربعة نفر من كهول قنسرين، يشهدون على فرات أنه يدع الصلاة، ويفطر في شهر رمضان مقيماً صحيحاً، ولا يغتسل من الجنابة، ويأتي أهله وهي طامث.
فقدمواعلى عمر بن عبد العزيز، فشهدوا بهذه الشهادة، وهم مختضبون بالحناء.
فقال عمر: هذا في صلاته، فلم يصلها، إما تركها متعمداً، وإما ساهياً. ورأيتموه يفطر في شهر رمضان ولا ترون به سقاماً، ما أعلمكم أنه لا يغتسل من الجنابة، وبغشيانه أهله؟ والله ما هذا مما يشتم به، ولا سيما فرات في مثل عفافه وأمانته، يا غلام، انطلق بهؤلاء المشيخة السوء إلى صاحب الشرط، فمره فليضرب كل واحد منهم عشرين سوطاً على مفرق رأسه، وليرفق في ضربه لمكان أسنانهم، وبحسبهم من الفضيحة ما هم صائرون إليه، إن لم يتغمد الله ما كان منهم بعفوه.
ثم استوثق منهم بالكفلاء حتى يكون فرات هو الآخذ بحقه منهم، أو العافي عنهم، والعفو أقرب للتقوى وأقرب إلى الله. ثم أصلح بين الوليد وفرات.
قال: وقدم الوليد، ومعه رؤوس النبط بقنسرين، فكتب عمر بن عبد العزيز إلى الفرات يقدم.
وإنه لقاعد خلف سرير عمر إذ دخل الوليد والأنباط، فقال لهم عمر: ماذا أعددتم لأميركم في نزله لسيره إلي؟ قالوا: وهل قدم يا أمير المؤمنين؟ قال: ما علمتم؟ قالوا: لا والله.
فأقبل عمر على الوليد، فقال: يا وليد، إن رجلاً ملك قنسرين وأرضها خرج يسير في سلطانه وأرضه حتى انتهى إلي لا يعلم به أحد، ولا ينفر أحداً ولا يروعه، لخليق أن يكون متواضعاً عفيفاً.
قال الوليد: أجل والله يا أمير المؤمنين، إنه لعفيف، وإني له لظالم، وأستغفر الله، وأتوب إليه.
فقال عمر: ما أحسن الاعتراف وأبين فضله على الإصرار.
وردهما عمر على عملهما. فكتب إليه الوليد مرائياً خديعة منه لعمر، وتزيناً بما هو ليس عليه: إني قدرت نفقتي لشهر، فوجدتها كذا وكذا درهماً، ورزقي يزيد على ما أحتاج إليه، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحط فضل ذلك.
فقال عمر: أراد الوليد أن يتزين عندنا بما لا أظنه عليه، وإن كنت عازلاً أحداً عن ظن لعزلته.
ثم أمر بحط رزقه إلى الذي سأله.
ثم كتب إلى يزيد بن عبد الملك - وهو ولي عهد -: إن الوليد بن هشام كتب إلي كتاباً، أكبر ظني أنه تزين بما ليس عليه، ولو أمضيت شيئاً على ظني ما عمل لي أبداً، ولكن آخذ بالظاهر، وعند الله علم الغيب، فأنا أقسم عليك إن حدث بي حدث، وأفضى إليك الأمر، فسألك أن ترد إليه رزقه، وذكر أني نقصته، فلا يظفر منك بهذا، فإنما خادع الله، والله خادعه.
فلما استخلف يزيد كتب الوليد أن عمر نقصني وظلمني، فغضب يزيد، وعزله، وغرمه كل رزق جرى عليه في ولاية عمر كلها، وعزله يزيد، فلم يل له عملاً حتى هلك.
ابن هشام بن عقبة بن أبي معيط أبان بن أبي عمرو بن أمية أبو يعيش المعيطي القرشي حدث عن معذان بن طلحة اليعمري، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: أخبرني بعمل أعمله؛ يدخلني الله به الجنة، أو قال: قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته، فسكت، ثم سألته الثالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة.
قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء، فسألته، فقال لي مثل ما قال ثوبان.
قال رجاء بن أبي سلمة: سألت الوليد بن هشام عما غيرت النار، فقال: إني لست بالذي أسأل، قال: قلت: على ذلك، قال: كان مكحول - وكان ما علمتم فقهاً - يتوضأ. فحج فلقي من أثبت له الحديث أنه ليس فيه وضوء، فترك الوضوء.
قال الوليد بن هشام: أرسلت إلى ابن محيريز أسأله عن لبس اليلامق في الحرب، قال: فأرسل إلي: أتذكر أشد كراهية لما يكره عند الصفوف، - أو قال: للقتال - حين تعرض نفسك للشهادة؟ ولى عمر بن عبد العزيز الوليد بن هشام المعيطي على جند قنسرين، والفرات بن
مسلم على خراجها، فتباغيا حتى بلغ الأمر بالوليد إلى أن هيأ أربعة نفر من كهول قنسرين، يشهدون على فرات أنه يدع الصلاة، ويفطر في شهر رمضان مقيماً صحيحاً، ولا يغتسل من الجنابة، ويأتي أهله وهي طامث.
فقدمواعلى عمر بن عبد العزيز، فشهدوا بهذه الشهادة، وهم مختضبون بالحناء.
فقال عمر: هذا في صلاته، فلم يصلها، إما تركها متعمداً، وإما ساهياً. ورأيتموه يفطر في شهر رمضان ولا ترون به سقاماً، ما أعلمكم أنه لا يغتسل من الجنابة، وبغشيانه أهله؟ والله ما هذا مما يشتم به، ولا سيما فرات في مثل عفافه وأمانته، يا غلام، انطلق بهؤلاء المشيخة السوء إلى صاحب الشرط، فمره فليضرب كل واحد منهم عشرين سوطاً على مفرق رأسه، وليرفق في ضربه لمكان أسنانهم، وبحسبهم من الفضيحة ما هم صائرون إليه، إن لم يتغمد الله ما كان منهم بعفوه.
ثم استوثق منهم بالكفلاء حتى يكون فرات هو الآخذ بحقه منهم، أو العافي عنهم، والعفو أقرب للتقوى وأقرب إلى الله. ثم أصلح بين الوليد وفرات.
قال: وقدم الوليد، ومعه رؤوس النبط بقنسرين، فكتب عمر بن عبد العزيز إلى الفرات يقدم.
وإنه لقاعد خلف سرير عمر إذ دخل الوليد والأنباط، فقال لهم عمر: ماذا أعددتم لأميركم في نزله لسيره إلي؟ قالوا: وهل قدم يا أمير المؤمنين؟ قال: ما علمتم؟ قالوا: لا والله.
فأقبل عمر على الوليد، فقال: يا وليد، إن رجلاً ملك قنسرين وأرضها خرج يسير في سلطانه وأرضه حتى انتهى إلي لا يعلم به أحد، ولا ينفر أحداً ولا يروعه، لخليق أن يكون متواضعاً عفيفاً.
قال الوليد: أجل والله يا أمير المؤمنين، إنه لعفيف، وإني له لظالم، وأستغفر الله، وأتوب إليه.
فقال عمر: ما أحسن الاعتراف وأبين فضله على الإصرار.
وردهما عمر على عملهما. فكتب إليه الوليد مرائياً خديعة منه لعمر، وتزيناً بما هو ليس عليه: إني قدرت نفقتي لشهر، فوجدتها كذا وكذا درهماً، ورزقي يزيد على ما أحتاج إليه، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحط فضل ذلك.
فقال عمر: أراد الوليد أن يتزين عندنا بما لا أظنه عليه، وإن كنت عازلاً أحداً عن ظن لعزلته.
ثم أمر بحط رزقه إلى الذي سأله.
ثم كتب إلى يزيد بن عبد الملك - وهو ولي عهد -: إن الوليد بن هشام كتب إلي كتاباً، أكبر ظني أنه تزين بما ليس عليه، ولو أمضيت شيئاً على ظني ما عمل لي أبداً، ولكن آخذ بالظاهر، وعند الله علم الغيب، فأنا أقسم عليك إن حدث بي حدث، وأفضى إليك الأمر، فسألك أن ترد إليه رزقه، وذكر أني نقصته، فلا يظفر منك بهذا، فإنما خادع الله، والله خادعه.
فلما استخلف يزيد كتب الوليد أن عمر نقصني وظلمني، فغضب يزيد، وعزله، وغرمه كل رزق جرى عليه في ولاية عمر كلها، وعزله يزيد، فلم يل له عملاً حتى هلك.