الوليد بن عبيد بن يحي بن عبيد بن شملال
البحتري، أبو عبادة، ويكنى أيضاً أبو الحسن الطائي الشاعر من أهل منبج.
شاعر، سائر القول مغلق مفتن في أنواع الشعر، تغني شهرته عن وصفه. مدح جماعة من الخلفاء والأمراء. وقدم دمشق مع المتوكل. وفي نسبه اختلاف.
والبحتري: بتاء مضمومة مثناة.
قال صالح بن الأصبغ التنوخي المنبجي: رأيت البحتري ههنا قبل أن يخرج إلى العراق يمدح أصحاب البصل والباذنجان، ثم كان منه ما كان.
وكانت كنيته أبو الحسن، وكناه المتوكل أبا عبادة.
وقيل: إنه كان يكنى بهما، فأشير عليه في أيام المتوكل أن يقتصر على أبي عبادة؛ فإنها أشهر.
وامتدح البحتري أبا الجيش بن طولون بقصيدته التي يقول فيها: " من البسيط "
وقد رأيت جيوش النصر منزلة ... على جنود أبي الجيش بن طولونا
يوم الثنية إذ يثني بكرته ... في النقع خمسين ألفاً أو يزيدونا
ويوم الثنية: هو اليوم الذي أوقع بابن أبي الساج، فانصرف عنه منهزماً.
اجتمع في دار أبي عبد الله بن المعتز يوماً البحتري وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد في سنة ست وسبعين ومئتين، وقد أنشد البحتري شعراً في معنى قد قال في مثله أبو تمام،
فقال له: أنت أشعر في هذا من أبي تمام، فقال: كلا والله، ذاك الرئيس الأستاذ، والله ما أكلت الخبز إلا به، فقال له المبرد: يا أبا الحسن تأبى إلا شرفاً من جميع جواباتك.
قال البحتري: أنشدت أبا تمام يوماً شيئاً من شعري، فأنشد بيت أوس بن حجر: " من الطويل "
إذا مقرم منا ذرا حد نابه ... تخمط منا ناب آخر مقرم
وقال: نعيت إلي نفسي، فقلت: أعيذك بالله، فقال: إن عمري ليس يطول وقد نشأ مثلك بطيئ، أما علمت أن خالد بن صفوان المنقري رأى شبيب بن شبة، وهو من رهطه يتكلم؛ فقال: يا بني نعى نفسي إحسانك في كلامك؛ لأنا أهل بيت، ما نشأ فينا خطيب إلا مات من قبله.
فمات أبو تمام بعد سنة من قوله هذا.
قال البحتري: أنشدت أبا تمام شعراً لي في بعض بني حميد، وصلت به إلى " مال له خطر ". فقال لي: أحسنت، أنت أمير الشعر بعدي. فكان قوله هذا أحب إلي من جميع ما حويته.
أنشد رجل أبا العباس ثعلباً قول البحتري: " من الكامل "
وإذا دجت أقلامه ثم انتحت ... برقت مصابيح الدجى في كتبه
باللفظ يقرب فهمه في بعده ... منا ويبعد نيله في قربه
حكم سحائبها خلال بنانه ... هطالة وقليبها في قلبه
كالروض مختلفاً بحمرة نوره ... وبياض زهرته وخضرة عشبه
وكأنها والسمع معقود بها ... شخص الحبيب بدا لعين محبه
فقال أبو العباس: لو سمع الأوائل هذا الشعر ما فضلوا عليه شعراً.
قال خزيمة بن أحمد الكناني: كنت في شبابي بنهر عيسى، فبت ليلة، فصليت الغداة، وقد سقط الظل على الزهرة، فاستحسنتها، ورأيت شقائق النعمان فيها، ففكرت في نفسي، وقلت: ليت شعري! من النعمان الذي نسبت هذه الريحانة إليه؟ ثم غليني النسيم؛ فنمت؛ فرأيت قائلاً يقول: النعمان ولي من أولياء الله، سأل الله أن يريه لباسه في الجنة؛ فأنبت هذه الريحانة؛ فنسبت إليه، فكان إذا رآها يقوف: رحم الله النعمان، فذكرته للبحتري، فأنشدني: " من البسيط "
إن الشقيق إذا أبصرت حمرته ... فوق السواد على أغصانه الذلل
كأنها دمعة قد غسلت كحلاً ... فاضت بها عبرة في وجنتي خجل
قال أبو العباس بن طومار: كنت أنادم المتوكل، فكنت عنده يوماً، ومعنا البحتري، وكان بين يديه غلام حسن الوجه، يقال له راح.
فقال المتوكل للفتح: إن البحتري يعشق راحاً، فنظر إليه الفتح، وأدمن النظر، فلم يره ينظر إليه.
فقال له الفتح: يا أمير المؤمنين، أرى البحتري في شغل عنه؛ فقال: ذاك دليل عليه.
ثم قال المتوكل: يا راح، خذ رطلاً بلوراً، فاملأه شراباً، وادفعه إليه.
فلما دفعه إليه بهت البحتري ينظر إليه.
فقال المتوكل: يا فتح كيف ترى؟ ثم قال: يا بحتري، قل في راح بيت شعر،
ولا تصرح باسمه، فقال: " من الرمل "
حار بالود فتى أم ... سى رهيناً بك مدنف
اسم من أهواه في شع ... ري مقلوب مصحف
قال أحمد بن محمد الأديب البشتي المعروف بالمولى: خرجت إلى بخارى بقصيد؛ مدحت بها الشيخ أبا الفضل البلعمي، فوصلت إليه، وقد أحس بموجدة السلطان، وقد أثر ذلك فيه.
فحضرت الديوان غير مرة لأصادف منه خلوة أو في المنزل، فلم أصادفها، فقرأ يوماً قصة لبعض المتصلين به، فرفع رأسه إلى الكتبة، فقال: من يحفظ منكم قول البحتري في مساعدة الزمان ومعاندته؟ فسكتوا عن آخرهم، فقمت، فقلت: أنا أحفظها، فقال: هاتها، فأنشدته: " من الطويل "
خليلي إن كان الزمان مساعدي ... وآذيتماني لم يضق عنكما صدري
ولكن إذا كان الزمان معاندي ... فإياكما أن تؤذياني مع الدهر
فقال: أحسنت، ارفع حاجتك، فقلت: أعزك الله، معي قريض من نيسابور، فقال: هاته، فأنشدته القصيدة، فوصلني وقضى حوائجي.
ومن شعره: " من المتقارب "
إذا المرء لم يرض ما أمكنه ... ولم يأت من أمره أزينة
وأعجب بالعجب فاقتاده ... وتاه به التيه فاستحسنه
فدعه فقد ساء تدبيره ... سيضحك يوماً ويبكي سنة
مرض البحتري، فوصف الطبيب له مرقدة، فقال بعض إخوانه: عندي أحذق خلق الله بها، ومضى ليوجه بها، فلم يفعل، فكتب إليه البحتري: " من البسيط "
وجدت وعدك زوراً في مرقدة ... ذكرت مبتدئاً إحكام طاهيها
فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها ... ولا علت كف ملق كفه فيها
فاحبس رسولك عني أن يجيء بها ... فقد حبست رسولي عن تقاضيها
ومن شعره: " من الكامل "
وإذا أتى للمرء من أعوامه ... خمسون وهو عن الصبا لم يجنح
عكفت عليه المخزيات وقلن قد ... أضحكتنا وسررتنا لا تبرح
وإذا رأى إبليس صورة وجهه ... حياً وقال فديت من لا يفلح
قال أبو هفان: كنا في دعوة أنا والبحتري، فلما انصرفنا قلت: لا بد أن أعيب بالبحتري؛ فقلت له: يا أبا عبادة من الذي يقول: " من المتقارب "
تلبس للحرب أثوابها ... وقال أنا الفارس البحتري
فلما رأى الخيل قد أقبلت ... أصيب على سرجه قد خري
أنشد البحتري يوماً المتوكل قصيدة التي أولها: من مجزوء الكامل
عن أي ثغر تبتسم
وفيها يقول:
يا جعفر بن المعتصم ... يا منعم بن المنتقم
وكان إذا أنشد تبختر في إنشاده، وحرك يديه، وأشار برأسه إعجاباً بما يأتي، وقال: أحسنت والله! مالكم لا تستحسنون، وتتعجبون مما تسمعون، وكان ذلك ربما غاظ المتوكل منه، ففعل مثل ذلك وهو ينشد هذه القصيدة، وأبو العنبس الصيمري حاضر، فلما فرغ منها ردد البيت الأول، وكذلك كان يفعل في قصائده، فلما ردد قوله:
عن أي ثغر تبتسم ... وبأي طرف تحتكم
غمز المتوكل أبا العنبس أن يولع به، فقال للبحتري: " من مجزوء الكامل "
عن أي سلح ترتطم ... وبأي كف تلتقم
أدخلت رأسك في الرحم
فولى البحتري لما سمع ذلك مغضباً، فجعل أبو العنبس يصيح من خلفه: وعلمت أنك تنهزم فضحك المتوكل، وأمر لأبي العنبس بالصلة التي أعدت للبحتري، فراح البحتري إلى أبي خالد، فقال: أنت عشير وابن عم وصديق، وقد رأيت ما جرى علي. أترى لي أن أخرج إلى منبج بغير إذن، فقد ضاع العلم وهلك.
فقال: لا تفعل، والملوك تمزح بما هو أعظم من هذا.
وتوجه إلى الفتح، فشكا ذلك، فأشار عليه بمثل ذلك، وعوضه، فسكن إلى ذلك، توفي البحتري سنة ثلاث وثمانين ومئتين. وقيل: سنة أربع وثمانين وعمره ثلاث وثمانون سنة، أسكت منها ثلاث سنين.
وقيل: توفي سنة خمس وثمانين، ومولده سنة ست وثمانين.
البحتري، أبو عبادة، ويكنى أيضاً أبو الحسن الطائي الشاعر من أهل منبج.
شاعر، سائر القول مغلق مفتن في أنواع الشعر، تغني شهرته عن وصفه. مدح جماعة من الخلفاء والأمراء. وقدم دمشق مع المتوكل. وفي نسبه اختلاف.
والبحتري: بتاء مضمومة مثناة.
قال صالح بن الأصبغ التنوخي المنبجي: رأيت البحتري ههنا قبل أن يخرج إلى العراق يمدح أصحاب البصل والباذنجان، ثم كان منه ما كان.
وكانت كنيته أبو الحسن، وكناه المتوكل أبا عبادة.
وقيل: إنه كان يكنى بهما، فأشير عليه في أيام المتوكل أن يقتصر على أبي عبادة؛ فإنها أشهر.
وامتدح البحتري أبا الجيش بن طولون بقصيدته التي يقول فيها: " من البسيط "
وقد رأيت جيوش النصر منزلة ... على جنود أبي الجيش بن طولونا
يوم الثنية إذ يثني بكرته ... في النقع خمسين ألفاً أو يزيدونا
ويوم الثنية: هو اليوم الذي أوقع بابن أبي الساج، فانصرف عنه منهزماً.
اجتمع في دار أبي عبد الله بن المعتز يوماً البحتري وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد في سنة ست وسبعين ومئتين، وقد أنشد البحتري شعراً في معنى قد قال في مثله أبو تمام،
فقال له: أنت أشعر في هذا من أبي تمام، فقال: كلا والله، ذاك الرئيس الأستاذ، والله ما أكلت الخبز إلا به، فقال له المبرد: يا أبا الحسن تأبى إلا شرفاً من جميع جواباتك.
قال البحتري: أنشدت أبا تمام يوماً شيئاً من شعري، فأنشد بيت أوس بن حجر: " من الطويل "
إذا مقرم منا ذرا حد نابه ... تخمط منا ناب آخر مقرم
وقال: نعيت إلي نفسي، فقلت: أعيذك بالله، فقال: إن عمري ليس يطول وقد نشأ مثلك بطيئ، أما علمت أن خالد بن صفوان المنقري رأى شبيب بن شبة، وهو من رهطه يتكلم؛ فقال: يا بني نعى نفسي إحسانك في كلامك؛ لأنا أهل بيت، ما نشأ فينا خطيب إلا مات من قبله.
فمات أبو تمام بعد سنة من قوله هذا.
قال البحتري: أنشدت أبا تمام شعراً لي في بعض بني حميد، وصلت به إلى " مال له خطر ". فقال لي: أحسنت، أنت أمير الشعر بعدي. فكان قوله هذا أحب إلي من جميع ما حويته.
أنشد رجل أبا العباس ثعلباً قول البحتري: " من الكامل "
وإذا دجت أقلامه ثم انتحت ... برقت مصابيح الدجى في كتبه
باللفظ يقرب فهمه في بعده ... منا ويبعد نيله في قربه
حكم سحائبها خلال بنانه ... هطالة وقليبها في قلبه
كالروض مختلفاً بحمرة نوره ... وبياض زهرته وخضرة عشبه
وكأنها والسمع معقود بها ... شخص الحبيب بدا لعين محبه
فقال أبو العباس: لو سمع الأوائل هذا الشعر ما فضلوا عليه شعراً.
قال خزيمة بن أحمد الكناني: كنت في شبابي بنهر عيسى، فبت ليلة، فصليت الغداة، وقد سقط الظل على الزهرة، فاستحسنتها، ورأيت شقائق النعمان فيها، ففكرت في نفسي، وقلت: ليت شعري! من النعمان الذي نسبت هذه الريحانة إليه؟ ثم غليني النسيم؛ فنمت؛ فرأيت قائلاً يقول: النعمان ولي من أولياء الله، سأل الله أن يريه لباسه في الجنة؛ فأنبت هذه الريحانة؛ فنسبت إليه، فكان إذا رآها يقوف: رحم الله النعمان، فذكرته للبحتري، فأنشدني: " من البسيط "
إن الشقيق إذا أبصرت حمرته ... فوق السواد على أغصانه الذلل
كأنها دمعة قد غسلت كحلاً ... فاضت بها عبرة في وجنتي خجل
قال أبو العباس بن طومار: كنت أنادم المتوكل، فكنت عنده يوماً، ومعنا البحتري، وكان بين يديه غلام حسن الوجه، يقال له راح.
فقال المتوكل للفتح: إن البحتري يعشق راحاً، فنظر إليه الفتح، وأدمن النظر، فلم يره ينظر إليه.
فقال له الفتح: يا أمير المؤمنين، أرى البحتري في شغل عنه؛ فقال: ذاك دليل عليه.
ثم قال المتوكل: يا راح، خذ رطلاً بلوراً، فاملأه شراباً، وادفعه إليه.
فلما دفعه إليه بهت البحتري ينظر إليه.
فقال المتوكل: يا فتح كيف ترى؟ ثم قال: يا بحتري، قل في راح بيت شعر،
ولا تصرح باسمه، فقال: " من الرمل "
حار بالود فتى أم ... سى رهيناً بك مدنف
اسم من أهواه في شع ... ري مقلوب مصحف
قال أحمد بن محمد الأديب البشتي المعروف بالمولى: خرجت إلى بخارى بقصيد؛ مدحت بها الشيخ أبا الفضل البلعمي، فوصلت إليه، وقد أحس بموجدة السلطان، وقد أثر ذلك فيه.
فحضرت الديوان غير مرة لأصادف منه خلوة أو في المنزل، فلم أصادفها، فقرأ يوماً قصة لبعض المتصلين به، فرفع رأسه إلى الكتبة، فقال: من يحفظ منكم قول البحتري في مساعدة الزمان ومعاندته؟ فسكتوا عن آخرهم، فقمت، فقلت: أنا أحفظها، فقال: هاتها، فأنشدته: " من الطويل "
خليلي إن كان الزمان مساعدي ... وآذيتماني لم يضق عنكما صدري
ولكن إذا كان الزمان معاندي ... فإياكما أن تؤذياني مع الدهر
فقال: أحسنت، ارفع حاجتك، فقلت: أعزك الله، معي قريض من نيسابور، فقال: هاته، فأنشدته القصيدة، فوصلني وقضى حوائجي.
ومن شعره: " من المتقارب "
إذا المرء لم يرض ما أمكنه ... ولم يأت من أمره أزينة
وأعجب بالعجب فاقتاده ... وتاه به التيه فاستحسنه
فدعه فقد ساء تدبيره ... سيضحك يوماً ويبكي سنة
مرض البحتري، فوصف الطبيب له مرقدة، فقال بعض إخوانه: عندي أحذق خلق الله بها، ومضى ليوجه بها، فلم يفعل، فكتب إليه البحتري: " من البسيط "
وجدت وعدك زوراً في مرقدة ... ذكرت مبتدئاً إحكام طاهيها
فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها ... ولا علت كف ملق كفه فيها
فاحبس رسولك عني أن يجيء بها ... فقد حبست رسولي عن تقاضيها
ومن شعره: " من الكامل "
وإذا أتى للمرء من أعوامه ... خمسون وهو عن الصبا لم يجنح
عكفت عليه المخزيات وقلن قد ... أضحكتنا وسررتنا لا تبرح
وإذا رأى إبليس صورة وجهه ... حياً وقال فديت من لا يفلح
قال أبو هفان: كنا في دعوة أنا والبحتري، فلما انصرفنا قلت: لا بد أن أعيب بالبحتري؛ فقلت له: يا أبا عبادة من الذي يقول: " من المتقارب "
تلبس للحرب أثوابها ... وقال أنا الفارس البحتري
فلما رأى الخيل قد أقبلت ... أصيب على سرجه قد خري
أنشد البحتري يوماً المتوكل قصيدة التي أولها: من مجزوء الكامل
عن أي ثغر تبتسم
وفيها يقول:
يا جعفر بن المعتصم ... يا منعم بن المنتقم
وكان إذا أنشد تبختر في إنشاده، وحرك يديه، وأشار برأسه إعجاباً بما يأتي، وقال: أحسنت والله! مالكم لا تستحسنون، وتتعجبون مما تسمعون، وكان ذلك ربما غاظ المتوكل منه، ففعل مثل ذلك وهو ينشد هذه القصيدة، وأبو العنبس الصيمري حاضر، فلما فرغ منها ردد البيت الأول، وكذلك كان يفعل في قصائده، فلما ردد قوله:
عن أي ثغر تبتسم ... وبأي طرف تحتكم
غمز المتوكل أبا العنبس أن يولع به، فقال للبحتري: " من مجزوء الكامل "
عن أي سلح ترتطم ... وبأي كف تلتقم
أدخلت رأسك في الرحم
فولى البحتري لما سمع ذلك مغضباً، فجعل أبو العنبس يصيح من خلفه: وعلمت أنك تنهزم فضحك المتوكل، وأمر لأبي العنبس بالصلة التي أعدت للبحتري، فراح البحتري إلى أبي خالد، فقال: أنت عشير وابن عم وصديق، وقد رأيت ما جرى علي. أترى لي أن أخرج إلى منبج بغير إذن، فقد ضاع العلم وهلك.
فقال: لا تفعل، والملوك تمزح بما هو أعظم من هذا.
وتوجه إلى الفتح، فشكا ذلك، فأشار عليه بمثل ذلك، وعوضه، فسكن إلى ذلك، توفي البحتري سنة ثلاث وثمانين ومئتين. وقيل: سنة أربع وثمانين وعمره ثلاث وثمانون سنة، أسكت منها ثلاث سنين.
وقيل: توفي سنة خمس وثمانين، ومولده سنة ست وثمانين.