مالك بن أبي السمح جابر بن ثعلبة
ويقال: مالك بن أبي السمح بن سليمان بن أوس بن سعد بن أوس بن عمرو بن درماء ويقال: مالك بن أبي السمح بن سلمة بن أوس بن سماك بن سعد بن أوس بن عمرو بن عدي بن وائل بن عوف بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيىء أبو الوليد الطائي، ثم أحد بني درماء كان يتيماً في حجر عبد الله بن جعفر، وكانت له في بني مخزوم خؤولة، وكان قدم المدينة في حطمة أصابت طيئاً بالجبلين، فأقام بها مدة، وأخذ الغناء عن معبد، ومهر فيه، وقدم على يزيد بن عبد الملك، ثم على الوليد بن يزيد.
عن حكم الوادي، قال: قال الوليد بن يزيد بن عبد الملك لجلسائه من المغنين: إني لأشتهي غناء أطول من أهزاجكم، وأقصر من الغناء الطويل. قالوا جميعاً: قد أصبته يا أمير المؤمنين، بالمدينة رجل يقال له مالك بن أبي السمح الطائي حليف لقريش، وهذا غناؤه، وهو أحسن الناس خلقاً، وأحسنهم حديثاً، قال: أرسلوا إليه.
فأرسل إليه، فشخص حتى وافاه وهو بالشام، بدمشق.
قال: فلما دخلنا عليه دخل معنا، فقال له الوليد: غنه. فاندفع، فضرب، فلم يطاوعه خلقه، ولم يصنع قليلاً ولا كثيراً. فقال له الوليد: قم فاخرج.
قال: وأقبل علينا يعنفنا؛ وقال: ما تزالون تغرونني بالرجل وتزعمون بعض ما أشتهيه حتى أدخله وأطلعه على ما لم أكن أحب أن يطلع عليه أحد، ثم لا أجد عنده ما أريد. فقلنا له: يا أمير المؤمنين، والله ما كذبنا، ولكن عسى الرجل تغير بعدنا.
قال: ولم نزل حتى استرسل، وطابت نفسه، وغنيناه حتى نام، وانصرفنا؛ فجعلنا طريقنا على مالك، فافترينا عليه، وكدنا نتناوله. فقال: ويحكم، دخلتني هيبة منعتني من الغناء ومن الكلام الذي أردته، فأعيدوني إليه فإني أرجو أن يرجع إلي خلقي وغنائي.
قال: فكلمنا الوليد، فدعا به، فكان الثانية أسوأ حالاً منه في الأولى، فصاح به أيضاً، فخرج، وفعلنا كفعلنا. قال: فقال: أعيدوني إليه، فامرأته طالق، وما يملك في سبيل الله إن لم أستنزله عن سريره إن هو أنصفني.
قال: فجئنا إلى الوليد فأخبرناه. قال: فقال: وعلي مثل يمينه إن هو لم يستنزلني أن انفذ فيه ما حلف به. فهو أعلم.
قال: فأتيناه، فأخبرناه بمقالة الوليد ويمينه. فقال: قد رضيت.
قال: فحضر معنا داراً يكون فيها إلى أن يدعى بنا، فمر به صاحب الشراب،
فأعطاه ديناراً على أن يأتيه بقدح جيشاني مملوءاً شراباً من شراب الوليد؛ فأتاه بقدح ثم بقدح ثم بقدح - بثلاثة أقداح - فأعطاه ثلاثة دنانير، ثم أدخلناه عليه، فقال له الوليد: هات. قال: فقال: لا والله أو ترجع إلي نفسي، وأطرب، وأرى للغناء موضعاً. قال: فذاك لك. قال: فاشرب يا أمير المؤمنين.
قال: فشرب، وجعل هو يشرب، ويغني المغنون، حتى إذا ثمل الوليد وثمل هو سل صوتاً فأحسنه، وجاء بما نعرف، فطربنا وطرب الوليد، وتحرك، وقال: اسقني يا غلام؛ فسقي، وتغنى مالك صوتاً آخر وجاء بالعجب؛ فقال له الوليد: أحسنت، أحسنت، أحسن الله إليك. فقال: الأرض الأرض يا أمير المؤمنين. قال: ذاك لك؛ ونزل، فحياه وأحسن إليه؛ ولم يزل معه حتى قتل الوليد.
قال الزبير بن بكار: ومما يروى لحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب في شبابه: " من المنسرح "
لا عيش إلا بمالك بن أبي الس ... مح فلا تلحني ولا تلم
أبيض كالسيف أو كما يلمع ال ... بارق في حالك الظلم
يصيب من لذة الكريم ولا ... يهتك حق الإسلام والكرم
يا رب ليل لنا كحاشية ال ... برد ويوم كذاك لم يدم
قد كنت فيه يا مالك بن أبي الس ... مح كريم الأخلاق والشيم
ليس يعاصيك إن رشدت ولا ... يجهل أي الترخيص في اللمم
عن أبي غسان، قال: كان سبب وفاة مالك بن أبي السمح أنه لما كبر ضم إليه رجل من قريش يقوم عليه، ففرش له سريراً، وخرق فيه خرقاً للوضوء، فأتته الجارية يوماً ببخور، فتبخر، فوقعت الجارية بقلبه، فأهوى إليها ليقبلها، وتنحت عنه، فسقط عن السرير، فاندقت عنقه، فمات.
عاش مالك حتى أدرك دولة بني العباس، رحمه الله تعالى.
ويقال: مالك بن أبي السمح بن سليمان بن أوس بن سعد بن أوس بن عمرو بن درماء ويقال: مالك بن أبي السمح بن سلمة بن أوس بن سماك بن سعد بن أوس بن عمرو بن عدي بن وائل بن عوف بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيىء أبو الوليد الطائي، ثم أحد بني درماء كان يتيماً في حجر عبد الله بن جعفر، وكانت له في بني مخزوم خؤولة، وكان قدم المدينة في حطمة أصابت طيئاً بالجبلين، فأقام بها مدة، وأخذ الغناء عن معبد، ومهر فيه، وقدم على يزيد بن عبد الملك، ثم على الوليد بن يزيد.
عن حكم الوادي، قال: قال الوليد بن يزيد بن عبد الملك لجلسائه من المغنين: إني لأشتهي غناء أطول من أهزاجكم، وأقصر من الغناء الطويل. قالوا جميعاً: قد أصبته يا أمير المؤمنين، بالمدينة رجل يقال له مالك بن أبي السمح الطائي حليف لقريش، وهذا غناؤه، وهو أحسن الناس خلقاً، وأحسنهم حديثاً، قال: أرسلوا إليه.
فأرسل إليه، فشخص حتى وافاه وهو بالشام، بدمشق.
قال: فلما دخلنا عليه دخل معنا، فقال له الوليد: غنه. فاندفع، فضرب، فلم يطاوعه خلقه، ولم يصنع قليلاً ولا كثيراً. فقال له الوليد: قم فاخرج.
قال: وأقبل علينا يعنفنا؛ وقال: ما تزالون تغرونني بالرجل وتزعمون بعض ما أشتهيه حتى أدخله وأطلعه على ما لم أكن أحب أن يطلع عليه أحد، ثم لا أجد عنده ما أريد. فقلنا له: يا أمير المؤمنين، والله ما كذبنا، ولكن عسى الرجل تغير بعدنا.
قال: ولم نزل حتى استرسل، وطابت نفسه، وغنيناه حتى نام، وانصرفنا؛ فجعلنا طريقنا على مالك، فافترينا عليه، وكدنا نتناوله. فقال: ويحكم، دخلتني هيبة منعتني من الغناء ومن الكلام الذي أردته، فأعيدوني إليه فإني أرجو أن يرجع إلي خلقي وغنائي.
قال: فكلمنا الوليد، فدعا به، فكان الثانية أسوأ حالاً منه في الأولى، فصاح به أيضاً، فخرج، وفعلنا كفعلنا. قال: فقال: أعيدوني إليه، فامرأته طالق، وما يملك في سبيل الله إن لم أستنزله عن سريره إن هو أنصفني.
قال: فجئنا إلى الوليد فأخبرناه. قال: فقال: وعلي مثل يمينه إن هو لم يستنزلني أن انفذ فيه ما حلف به. فهو أعلم.
قال: فأتيناه، فأخبرناه بمقالة الوليد ويمينه. فقال: قد رضيت.
قال: فحضر معنا داراً يكون فيها إلى أن يدعى بنا، فمر به صاحب الشراب،
فأعطاه ديناراً على أن يأتيه بقدح جيشاني مملوءاً شراباً من شراب الوليد؛ فأتاه بقدح ثم بقدح ثم بقدح - بثلاثة أقداح - فأعطاه ثلاثة دنانير، ثم أدخلناه عليه، فقال له الوليد: هات. قال: فقال: لا والله أو ترجع إلي نفسي، وأطرب، وأرى للغناء موضعاً. قال: فذاك لك. قال: فاشرب يا أمير المؤمنين.
قال: فشرب، وجعل هو يشرب، ويغني المغنون، حتى إذا ثمل الوليد وثمل هو سل صوتاً فأحسنه، وجاء بما نعرف، فطربنا وطرب الوليد، وتحرك، وقال: اسقني يا غلام؛ فسقي، وتغنى مالك صوتاً آخر وجاء بالعجب؛ فقال له الوليد: أحسنت، أحسنت، أحسن الله إليك. فقال: الأرض الأرض يا أمير المؤمنين. قال: ذاك لك؛ ونزل، فحياه وأحسن إليه؛ ولم يزل معه حتى قتل الوليد.
قال الزبير بن بكار: ومما يروى لحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب في شبابه: " من المنسرح "
لا عيش إلا بمالك بن أبي الس ... مح فلا تلحني ولا تلم
أبيض كالسيف أو كما يلمع ال ... بارق في حالك الظلم
يصيب من لذة الكريم ولا ... يهتك حق الإسلام والكرم
يا رب ليل لنا كحاشية ال ... برد ويوم كذاك لم يدم
قد كنت فيه يا مالك بن أبي الس ... مح كريم الأخلاق والشيم
ليس يعاصيك إن رشدت ولا ... يجهل أي الترخيص في اللمم
عن أبي غسان، قال: كان سبب وفاة مالك بن أبي السمح أنه لما كبر ضم إليه رجل من قريش يقوم عليه، ففرش له سريراً، وخرق فيه خرقاً للوضوء، فأتته الجارية يوماً ببخور، فتبخر، فوقعت الجارية بقلبه، فأهوى إليها ليقبلها، وتنحت عنه، فسقط عن السرير، فاندقت عنقه، فمات.
عاش مالك حتى أدرك دولة بني العباس، رحمه الله تعالى.