عمرو بن عبسة بن خالد بن حذيفة
ابن عمر بن خلف بن مازن بن مالك بن ثعلبة ابن بهثة بن سليم بن منصور ابن عطرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار أبو نجيح السّلميّ، العجليّ صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من السّابقين اللأوّلين، كان يقال له: ربع الإسلام.
روى عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد اختلف في نسبه.
قال عمرو بن عبسة: صلّى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السّكون والسّكاسك، وعلى خولان العالية، وعلى الأملوك أملوك ردمان.
عن أبي أمامة، عن عمرو بن عبسة السّلميّ، قال: لقد رأيتني وإني لربع الإسلام. قال: قلت له: حدّثنا حدّيث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس فيه انتقاص ولا وهم. قال: سمعته يقول: " من ولد له ثلاثة في الإسلام فقبضوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله الجّنة بفضل رحمته إيّاهم، ومن شاب شيبةً في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله بلغ العدّو أصاب أو أخطأ كان له كعتق رقبة، ومن أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضواً منها عضواً منه من النّار، ومن أنفق زوجين في سبيل الله فإن للجنّة ثمانية أبواب يدخله الله من أيّ باب شاء ".
قال سيف بن عمر في تسمية الأمراء يوم اليرموك: وعمرو بن عبسة على كردوس.
قال خليفة: هو أخو أبي ذرّ لأمّه.
قال محمد بن عمر: لمّا أسلم عمرو بن عبسة بمكة رجع إلى بلاد قومه بني سليم، وكان ينزل بصفنة وحاذة وهي من أرض بني سليم فلم يزل مقيماً هناك حتى مضت بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر، ثم قدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك المدينة.
عن حريز بن عثمان، أن حمص نزلها من بني سليم أربعمئة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو نجيح
السّلميّ، وهو من المهاجرين الأوّلين، شهد بدراً، وقال: أتيت النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعكاظ وليس معه إلاّ أبو بكر وبلال، فلقد رأيتني ربع الإسلام.
عن عمرو بن عبسة، قال: رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية، وذلك أنها باطل، فلقيت رجلاً من أهل الكتاب، من أهل تيماء، فقلت: إني امرؤ ممّن يعبد الحجارة، فينزل الحي ليس معهم إله، فخرج الرّجل منهم فيأتي بأربعة أحجار فينصب ثلاثة لقدره، ويجعل أحسنها إلهاً يعبده، ثم لعلّه يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه ويأخذ غيره إذا نزل منزلاً سواه، فرأيت أنه إله باطل لا ينفع ولا يضرّ، فدلنيّ على خير من هذا. فقال: يخرج من مكة رجل يرغب عن آلهة قومه ويدعو إلى غيرها، فإذا رأيت ذلك فاتّبعه فإنه يأتي بأفضل الدّين. فلم تكن لي همّة منذ قال لي ذلك إلاّ مكة، فآتي فأسأل: هل حدث فيها حدث؟ فيقال: لا. ثم قدمت مرّةً فسألت، فقالوا: حدث فيها رجل يرغب عن آلهة قومه، ويدعو إلى غيرها. فرجعت إلى أهلي فشددت راحلتي برحلها، ثم قدمت منزلي الذي كنت أنزله بمكة، فسألت عنه فوجدته مستخفياً، ووجدت قريشاً عليه أشدّاء، تلطّفت له حتى دخلت عليه، فسألته، فقلت: أيّ شيء أنت؟ قال: " نبيّ " قلت: ومن أرسلك؟ قال: " الله " قلت: وبم أرسلك؟ قال: " بعبادة الله وحده لا شريك له، وبقن الدّماء، وبكسر الأوثان، وصلة الرّحم، وأمان السّبيل " فقلت: نعم ما أرسلت به، قد آمنت بك وصدّقتك، أتأمرني أمكث معك أو انصرف؟ قال: " ألا ترى كراهية النّاس ما جئت به؟ فلا تستطيع أن تمكث، كن في أهلك فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجاً فاتبعني ". فمكثت في أهلي حتى إذا خرج إلى المدينة سرت إليه، فقدمت المدينة، فقلت: يا نبيّ الله، أتعرفني؟ قال: " نعم، أنت السّلمي الذي أتيتني بمكة فسألتني عن كذا وكذا، فقلت لك كذا وكذا ".
فاغتنمت ذلك المجلس وعلمت أن لا يكون الدّهر أفرغ قلباً لي منه في ذلك المجلس، فقلت: يا نبيّ الله، أيّ الساعات أسمع؟ قال: " الثّلث الآخر، فإن الصّلاة مشهودة مقبولة حتى تطلع الشّمس، فإذا رأيتها حمراء كأنها الحجفة فأقصر نعها، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فيصلّي لها الكفّار، فإذا ارتفعت قيد رمح أو رمحين فإن الصّلاة مشهودة مقبولة حتى يساوي الرّجل ظلّه، فأقصر عنها، فإنها حينئذ تسجر جهنّم، فإذا فاء الفيء فصل، فإن الصّلاة مشهودة مقبولة حتى تغرب الشّمس، فإذا رأيتها غربت حمراء كأنها الحجفة فأقصر ". ثم ذكر الوضوء، فقال: إذا توضأت فغسلت يديك ووجهك ورجليك، فإن جلست كان ذلك لك طهوراً، وإن قمت فصلّيت وذكرت ربّك بما هو أهله، انصرفت من صلاتك كهيئتك يوم ولدتك أمك من الخطايا ".
عن أبي نجيح السّلميّ، قال: حاصرت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصر الطّائف، فسمعت نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رمى بسهم فبلغه درجة في الجنّة ". قال رجل: يا نبيّ الله، إن رميت فبلغت فلي درجة؟ قال: " نعم " قال: فرمى فبلغ. قال: فبلغت يومئذ ستة عشر سهماً.
عمرو بن عبيد بن وهيب ابن أبي الشّعثاء مالك بن حريث بن جابر بن بحر وهو راعي الشّمس الأكبر بن يعمر بن عدّي ابن الدّيل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة أبو الحكم الدّيليّ، المعروف بالحزين شاعر من أهل الحجاز ويقال: إنه الحزين بن سليمان ويكنى سليمان أبا الشّعثاء مولى لبني الدّيل.
قدم دمشق، وذكرها في شعره؛ كان هجاءً خبيث اللّسان قال في عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وكان أميراً على مصر: من البسيط
الله يعلم أن قد جبت ذا يمن ... ثم العراقين لا يثنيني السّأم
ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها ... كذاك تسري على الأهوال بي القدم
ثم المواسم قد أوطنتها زمناً ... وحيث تحلق عند الحيرة اللّمم
قالوا دمشق ينبّيك الخبير بها ... ثم ائت مصر فثمّ النّائل الغمم
لّما وقفت عليها في الجموع ضحىً ... وقد ترّضت الحجّاب والخدم
حيّيته بسلام وهو مرتفق ... وضجّة القوم عند الباب تزدحم
في كفّه خيرزان ريحها عبق ... من كفّ أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلّم إلاّ حين يبتسم
ترى رؤوس بني مروان واستبشروا جذلاً ... وإن هم آنسوا إعراضه وجموا
كلتا يديه ربيع غير ذي خلف ... بحر يفيض وهادي عارض هزم
قال أبو الفرج: ومن النّاس من يقول: إن الحزين قال في عبد العزيز بن مروان، لذكره دمشق ومصر، والصّحيح إنها في عبد الله بن عبد الملك.
قال محمد بن يحيى: وإنما سمّوا رعاة الشمس، لأن الشمس لم تكن تطلع في الجاهليّة عليهم ولا تغرب إلاّ وقدورهم تغلي للأضياف، فسمّوا لذلك رعاة الشمس؛ قال الحزين: من الطويل
أنا ابن ربيع النّاس في كلّ شتوة ... وجدّاي راعي الشمس وابن عريب
قال ابن ماكولا: أما حزين بفتح الحاء المهملة وكسر الزّاي التي تليها وآخره نون، فهو الحزين الشّاعر، من التّابعين.
عن عبد الله بن مصعب: أن الحزين مرّ بالعقيق في غداة باردة، فمرّ عبد الله بن جعفر عليه مقطّعات خزّ، فاستعار الحزين من رجل ثوباً، ثم قام إليه فقال: من المتقارب
أقول له حين واجهته ... عليك السّلام أبا جعفر
فقال: وعليك السّلام. فقال:
فأنت المهذّب من غالب ... وفي البيت منها الذي يذكر
قال: كذبت يا عدوّ الله، ذاك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال:
فهذي ثيابي قد أخلقت ... وقد عضّني زمن منكر
قال: فلك ثيابي. فأعطاه ثيابه.
عن مصعب بن عبد الله، قال: مرّ الحزين على جعفر بن محمد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث، وعليه أطمار؛ فقال له: يا بن أبي الشّعثاء إلى أين أصبحت غادياً؟ قال: أمتع الله بك، نزل عبد الله بن عبد الملك الحرّة يريد الحجّ، وقد كنت وفدت إليه بمصر فأحسن إليّ. قال: أفما وجدت شيئاً تلبسه غير هذه الثّياب؟ قال: استعرت أهل المدينة فلم يعرني أحد منهم شيئاً. قال: فدعا جعفر غلاماً له، فقال ائتني بجبّة وقميص ورداء؛ فجاءه به. فقال: البس وأبل وأخلق. فلمّا ولّى الحزين قال جلساء جعفر له: ما صنعت؟ يعمد إلى هذه الثياب التي كسوته فيبيعها ويفسد ثمنها؟ قال: ما أبالي إذا كافأته بثيابه ما صنع بها، مع إنه يصيب بها لذةً. فسمع الحزين قولهم، وما ردّ عليهم؛ ومضى حتى أتى عبد الله بن عبد الملك،
فأحسن إليه وكساه. فلمّا أصبح الحزين أتى جعفراً ومعه القوم الذين لاموه بالأمس، فأنشده: من الطويل
ومازال ينمي جعفر بن محمد ... إلى المجد حتى عبهلته عواذله
وقلن له: هل من طريف وتالد ... من المال إلاّ أنت في الحقّ باذله
يحاولنه عن شيمة قد علمنها ... وفي نفسه أمر كريم يحاوله
ثم قال: بأبي أنت وأمّي، قد سمعت ما قالوا وما رددت عليهم.
قال الزّبير: ولطلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصّدّيق يقول الحزين الدّيليّ: من المتقارب
وإن تك يا طلح أعطيتني ... عذافرةً تستخفّ الضّفارا
فما كان نفعك لي مرّةً ... ولا مرّتين ولكن مراراً
أبوك الذي صدّق المصطفى ... وسار مع المصطفى حيث سارا
وأمّك بيضاء تيميّةً ... إذا نسب النّاس كانت نضارا
أم طلحة هذا: عائشة بنت طلحة بن عبيد الله.
ابن عمر بن خلف بن مازن بن مالك بن ثعلبة ابن بهثة بن سليم بن منصور ابن عطرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار أبو نجيح السّلميّ، العجليّ صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من السّابقين اللأوّلين، كان يقال له: ربع الإسلام.
روى عن النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد اختلف في نسبه.
قال عمرو بن عبسة: صلّى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السّكون والسّكاسك، وعلى خولان العالية، وعلى الأملوك أملوك ردمان.
عن أبي أمامة، عن عمرو بن عبسة السّلميّ، قال: لقد رأيتني وإني لربع الإسلام. قال: قلت له: حدّثنا حدّيث سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس فيه انتقاص ولا وهم. قال: سمعته يقول: " من ولد له ثلاثة في الإسلام فقبضوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله الجّنة بفضل رحمته إيّاهم، ومن شاب شيبةً في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله بلغ العدّو أصاب أو أخطأ كان له كعتق رقبة، ومن أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضواً منها عضواً منه من النّار، ومن أنفق زوجين في سبيل الله فإن للجنّة ثمانية أبواب يدخله الله من أيّ باب شاء ".
قال سيف بن عمر في تسمية الأمراء يوم اليرموك: وعمرو بن عبسة على كردوس.
قال خليفة: هو أخو أبي ذرّ لأمّه.
قال محمد بن عمر: لمّا أسلم عمرو بن عبسة بمكة رجع إلى بلاد قومه بني سليم، وكان ينزل بصفنة وحاذة وهي من أرض بني سليم فلم يزل مقيماً هناك حتى مضت بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر، ثم قدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك المدينة.
عن حريز بن عثمان، أن حمص نزلها من بني سليم أربعمئة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم أبو نجيح
السّلميّ، وهو من المهاجرين الأوّلين، شهد بدراً، وقال: أتيت النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعكاظ وليس معه إلاّ أبو بكر وبلال، فلقد رأيتني ربع الإسلام.
عن عمرو بن عبسة، قال: رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية، وذلك أنها باطل، فلقيت رجلاً من أهل الكتاب، من أهل تيماء، فقلت: إني امرؤ ممّن يعبد الحجارة، فينزل الحي ليس معهم إله، فخرج الرّجل منهم فيأتي بأربعة أحجار فينصب ثلاثة لقدره، ويجعل أحسنها إلهاً يعبده، ثم لعلّه يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه ويأخذ غيره إذا نزل منزلاً سواه، فرأيت أنه إله باطل لا ينفع ولا يضرّ، فدلنيّ على خير من هذا. فقال: يخرج من مكة رجل يرغب عن آلهة قومه ويدعو إلى غيرها، فإذا رأيت ذلك فاتّبعه فإنه يأتي بأفضل الدّين. فلم تكن لي همّة منذ قال لي ذلك إلاّ مكة، فآتي فأسأل: هل حدث فيها حدث؟ فيقال: لا. ثم قدمت مرّةً فسألت، فقالوا: حدث فيها رجل يرغب عن آلهة قومه، ويدعو إلى غيرها. فرجعت إلى أهلي فشددت راحلتي برحلها، ثم قدمت منزلي الذي كنت أنزله بمكة، فسألت عنه فوجدته مستخفياً، ووجدت قريشاً عليه أشدّاء، تلطّفت له حتى دخلت عليه، فسألته، فقلت: أيّ شيء أنت؟ قال: " نبيّ " قلت: ومن أرسلك؟ قال: " الله " قلت: وبم أرسلك؟ قال: " بعبادة الله وحده لا شريك له، وبقن الدّماء، وبكسر الأوثان، وصلة الرّحم، وأمان السّبيل " فقلت: نعم ما أرسلت به، قد آمنت بك وصدّقتك، أتأمرني أمكث معك أو انصرف؟ قال: " ألا ترى كراهية النّاس ما جئت به؟ فلا تستطيع أن تمكث، كن في أهلك فإذا سمعت بي قد خرجت مخرجاً فاتبعني ". فمكثت في أهلي حتى إذا خرج إلى المدينة سرت إليه، فقدمت المدينة، فقلت: يا نبيّ الله، أتعرفني؟ قال: " نعم، أنت السّلمي الذي أتيتني بمكة فسألتني عن كذا وكذا، فقلت لك كذا وكذا ".
فاغتنمت ذلك المجلس وعلمت أن لا يكون الدّهر أفرغ قلباً لي منه في ذلك المجلس، فقلت: يا نبيّ الله، أيّ الساعات أسمع؟ قال: " الثّلث الآخر، فإن الصّلاة مشهودة مقبولة حتى تطلع الشّمس، فإذا رأيتها حمراء كأنها الحجفة فأقصر نعها، فإنها تطلع بين قرني شيطان، فيصلّي لها الكفّار، فإذا ارتفعت قيد رمح أو رمحين فإن الصّلاة مشهودة مقبولة حتى يساوي الرّجل ظلّه، فأقصر عنها، فإنها حينئذ تسجر جهنّم، فإذا فاء الفيء فصل، فإن الصّلاة مشهودة مقبولة حتى تغرب الشّمس، فإذا رأيتها غربت حمراء كأنها الحجفة فأقصر ". ثم ذكر الوضوء، فقال: إذا توضأت فغسلت يديك ووجهك ورجليك، فإن جلست كان ذلك لك طهوراً، وإن قمت فصلّيت وذكرت ربّك بما هو أهله، انصرفت من صلاتك كهيئتك يوم ولدتك أمك من الخطايا ".
عن أبي نجيح السّلميّ، قال: حاصرت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصر الطّائف، فسمعت نبيّ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رمى بسهم فبلغه درجة في الجنّة ". قال رجل: يا نبيّ الله، إن رميت فبلغت فلي درجة؟ قال: " نعم " قال: فرمى فبلغ. قال: فبلغت يومئذ ستة عشر سهماً.
عمرو بن عبيد بن وهيب ابن أبي الشّعثاء مالك بن حريث بن جابر بن بحر وهو راعي الشّمس الأكبر بن يعمر بن عدّي ابن الدّيل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة أبو الحكم الدّيليّ، المعروف بالحزين شاعر من أهل الحجاز ويقال: إنه الحزين بن سليمان ويكنى سليمان أبا الشّعثاء مولى لبني الدّيل.
قدم دمشق، وذكرها في شعره؛ كان هجاءً خبيث اللّسان قال في عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وكان أميراً على مصر: من البسيط
الله يعلم أن قد جبت ذا يمن ... ثم العراقين لا يثنيني السّأم
ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها ... كذاك تسري على الأهوال بي القدم
ثم المواسم قد أوطنتها زمناً ... وحيث تحلق عند الحيرة اللّمم
قالوا دمشق ينبّيك الخبير بها ... ثم ائت مصر فثمّ النّائل الغمم
لّما وقفت عليها في الجموع ضحىً ... وقد ترّضت الحجّاب والخدم
حيّيته بسلام وهو مرتفق ... وضجّة القوم عند الباب تزدحم
في كفّه خيرزان ريحها عبق ... من كفّ أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلّم إلاّ حين يبتسم
ترى رؤوس بني مروان واستبشروا جذلاً ... وإن هم آنسوا إعراضه وجموا
كلتا يديه ربيع غير ذي خلف ... بحر يفيض وهادي عارض هزم
قال أبو الفرج: ومن النّاس من يقول: إن الحزين قال في عبد العزيز بن مروان، لذكره دمشق ومصر، والصّحيح إنها في عبد الله بن عبد الملك.
قال محمد بن يحيى: وإنما سمّوا رعاة الشمس، لأن الشمس لم تكن تطلع في الجاهليّة عليهم ولا تغرب إلاّ وقدورهم تغلي للأضياف، فسمّوا لذلك رعاة الشمس؛ قال الحزين: من الطويل
أنا ابن ربيع النّاس في كلّ شتوة ... وجدّاي راعي الشمس وابن عريب
قال ابن ماكولا: أما حزين بفتح الحاء المهملة وكسر الزّاي التي تليها وآخره نون، فهو الحزين الشّاعر، من التّابعين.
عن عبد الله بن مصعب: أن الحزين مرّ بالعقيق في غداة باردة، فمرّ عبد الله بن جعفر عليه مقطّعات خزّ، فاستعار الحزين من رجل ثوباً، ثم قام إليه فقال: من المتقارب
أقول له حين واجهته ... عليك السّلام أبا جعفر
فقال: وعليك السّلام. فقال:
فأنت المهذّب من غالب ... وفي البيت منها الذي يذكر
قال: كذبت يا عدوّ الله، ذاك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال:
فهذي ثيابي قد أخلقت ... وقد عضّني زمن منكر
قال: فلك ثيابي. فأعطاه ثيابه.
عن مصعب بن عبد الله، قال: مرّ الحزين على جعفر بن محمد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث، وعليه أطمار؛ فقال له: يا بن أبي الشّعثاء إلى أين أصبحت غادياً؟ قال: أمتع الله بك، نزل عبد الله بن عبد الملك الحرّة يريد الحجّ، وقد كنت وفدت إليه بمصر فأحسن إليّ. قال: أفما وجدت شيئاً تلبسه غير هذه الثّياب؟ قال: استعرت أهل المدينة فلم يعرني أحد منهم شيئاً. قال: فدعا جعفر غلاماً له، فقال ائتني بجبّة وقميص ورداء؛ فجاءه به. فقال: البس وأبل وأخلق. فلمّا ولّى الحزين قال جلساء جعفر له: ما صنعت؟ يعمد إلى هذه الثياب التي كسوته فيبيعها ويفسد ثمنها؟ قال: ما أبالي إذا كافأته بثيابه ما صنع بها، مع إنه يصيب بها لذةً. فسمع الحزين قولهم، وما ردّ عليهم؛ ومضى حتى أتى عبد الله بن عبد الملك،
فأحسن إليه وكساه. فلمّا أصبح الحزين أتى جعفراً ومعه القوم الذين لاموه بالأمس، فأنشده: من الطويل
ومازال ينمي جعفر بن محمد ... إلى المجد حتى عبهلته عواذله
وقلن له: هل من طريف وتالد ... من المال إلاّ أنت في الحقّ باذله
يحاولنه عن شيمة قد علمنها ... وفي نفسه أمر كريم يحاوله
ثم قال: بأبي أنت وأمّي، قد سمعت ما قالوا وما رددت عليهم.
قال الزّبير: ولطلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر الصّدّيق يقول الحزين الدّيليّ: من المتقارب
وإن تك يا طلح أعطيتني ... عذافرةً تستخفّ الضّفارا
فما كان نفعك لي مرّةً ... ولا مرّتين ولكن مراراً
أبوك الذي صدّق المصطفى ... وسار مع المصطفى حيث سارا
وأمّك بيضاء تيميّةً ... إذا نسب النّاس كانت نضارا
أم طلحة هذا: عائشة بنت طلحة بن عبيد الله.