علي بن عبد الله بن أبي الهيجاء بن حمدان بن حمدون
ابن الحارث بن لقمان بن راشد أبو الحسن الأمير التغلبي، والمعروف بسيف الدولة أصله من الجزيرة. قدم دمشق سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، وملك حلب ثم توجّه منها إلى حمص، فلقيه عسكر الإخشيد محمد بن طغج بنجف أمير الشام ومصر مع غلامه كافور الإخشيدي الذي مدحه المتنبي، فكان الظفر لسيف الدولة، وجاء إلى دمشق، فنزل عليها فلم يفتحوا له، فرجع، وكان الإخشيد قد خرج من مصر إلى الشام، فالتقى هو وسيف الدولة بأرض قنّسرين، فلم يظفر أحد العسكرين بصاحبه، ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة. فلما رجع الإخشيد إلى دمشق رجع سيف الدولة إلى حلب، ثم مات الإخشيد سنة أربع أو خمس وثلاثين وثلاث مئة، وسار كافور إلى مصر، فقصد سيف الدولة دمشق فملكها، وأقام بها، فذكر أنه كان يساير الشريف العقيقي بها فقال: ما تصلح هذه الغوطة إلا لرجل واحد، فقال له العقيقي: هي لأقوام كثير، فقال له سيف الدولة: لئن أخذتها القوانين لينبرون منها، فأعلم العقيقي أهل دمشق بهذا القول، فكاتبوا كافوراً فجاءهم، وأخرجوا سيف الدولة من دمشق سنة خمس أو ستّ وثلاثين، ووليها كافور.
ولد سيف الدولة سنة إحدى وثلاث ومئة. وقيل: سنة ثلاث وثلاث مئة.
ذكر أبو منصور الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر فصلاً في ذكر ابن حمدان فقال: كان بنو حمدان ملوكاً وأمراء، أوجههم الصباحة، وألسنتهم الفصاحة، وأيديهم السماحة، وعقولهم الرجاحة، وسيف الدولة مشهور بسيادتهم، وواسطة قلادتهم، وكان غرة الزمان وعماد الإسلام، ومن به سداد الثغور، وسداد الأمور، وكان له وقائع في عصاة العرب، وغزوات مع طاغية الروم، وحضرته مقصد الوفود، ومطلع الجود، وقبلة الآمال، ومحطّ الرحال، وموسم الأدباء، وحلبة الشعراء. ويقال إنه ما اجتمع بباب أحد
من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه، من شيوخ الشعراء، ونجوم الدهر. فإن السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها. وكان أديباً شاعراً، ومحبّاً لجيد الشعر، شديد الاهتزاز لما يمدح به.
قال أبو الحسن السلامي الشاعر:
تصدّ ودارها صدد ... وتوعده ولا تعد
وقد قتلته ظالمةً ... فلا عقلٌ ولا قود
منها في مدحه:
فوجهٌ كلّه قمرٌ ... وسائر جسمه أسد
فأعجب بها سيف الدولة، واستحسن هذا البيت منها، وجعل يردد إنشاده، فدخل عليه الشيظمي الشاعر، فقال له: اسمع هذا البيت، وأنشده إياها، فقال له الشيظمي: احمد ربك فإنه جعلك من عجائب البحر.
ومن شعر سيف الدولة في أخيه ناصر الدولة: الطويل
وهبت لك العليا وقد كنت أهلها ... وقلت لهم بيني وبين أخي فرق
وما كان بي عنها نكولٌ وإنّما ... تجاوزت عن حقي فتمّ لك الحقّ
أما كنت ترضى أن أكون مصلّياً ... إذا كنت أرضى أن يكون لك السّبق
ومما يستحسن من شعر سيف الدولة: الطويل
وساقٍ صبيحٍ للصّبوح دعوته ... فقام وفي أجفانه سنة الغمض
يطوف بكاسات العقار كأنجمٍ ... فمن بين منقضٍّ علينا ومنفضّ
وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفاً ... على الأفق دكناً والحواشي على الأرض
يطرّزها قوس السّحاب بأصفرٍ ... على أحمرٍ في أخضرٍ إثر مبيضّ
كأذيال خودٍ أقبلت في غلائلٍ ... مصبّغةٍ والبعض أقصر من بعض
ومما ينسب إليه: المديد
قد جرى في دمعه دمه ... فإلى كم أنت تظلمه
ردّ عنه الطّرف منك فقد ... جرّحته منك أسهمه
كيف يسطيع التجلّد من ... خطرات الوهم تؤلمه
توفي كافور الإخشيدي وسيف الدولة أبو الحسن بن حمدان سنة ستّ وخمسين وثلاث مئة. وقيل: إنه توفي بحلب، وحمل في تابوت إلى ميّافارقين، ومات بالفالج. وقيل: مات بعسر البول.
ابن الحارث بن لقمان بن راشد أبو الحسن الأمير التغلبي، والمعروف بسيف الدولة أصله من الجزيرة. قدم دمشق سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة، وملك حلب ثم توجّه منها إلى حمص، فلقيه عسكر الإخشيد محمد بن طغج بنجف أمير الشام ومصر مع غلامه كافور الإخشيدي الذي مدحه المتنبي، فكان الظفر لسيف الدولة، وجاء إلى دمشق، فنزل عليها فلم يفتحوا له، فرجع، وكان الإخشيد قد خرج من مصر إلى الشام، فالتقى هو وسيف الدولة بأرض قنّسرين، فلم يظفر أحد العسكرين بصاحبه، ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة. فلما رجع الإخشيد إلى دمشق رجع سيف الدولة إلى حلب، ثم مات الإخشيد سنة أربع أو خمس وثلاثين وثلاث مئة، وسار كافور إلى مصر، فقصد سيف الدولة دمشق فملكها، وأقام بها، فذكر أنه كان يساير الشريف العقيقي بها فقال: ما تصلح هذه الغوطة إلا لرجل واحد، فقال له العقيقي: هي لأقوام كثير، فقال له سيف الدولة: لئن أخذتها القوانين لينبرون منها، فأعلم العقيقي أهل دمشق بهذا القول، فكاتبوا كافوراً فجاءهم، وأخرجوا سيف الدولة من دمشق سنة خمس أو ستّ وثلاثين، ووليها كافور.
ولد سيف الدولة سنة إحدى وثلاث ومئة. وقيل: سنة ثلاث وثلاث مئة.
ذكر أبو منصور الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر فصلاً في ذكر ابن حمدان فقال: كان بنو حمدان ملوكاً وأمراء، أوجههم الصباحة، وألسنتهم الفصاحة، وأيديهم السماحة، وعقولهم الرجاحة، وسيف الدولة مشهور بسيادتهم، وواسطة قلادتهم، وكان غرة الزمان وعماد الإسلام، ومن به سداد الثغور، وسداد الأمور، وكان له وقائع في عصاة العرب، وغزوات مع طاغية الروم، وحضرته مقصد الوفود، ومطلع الجود، وقبلة الآمال، ومحطّ الرحال، وموسم الأدباء، وحلبة الشعراء. ويقال إنه ما اجتمع بباب أحد
من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه، من شيوخ الشعراء، ونجوم الدهر. فإن السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها. وكان أديباً شاعراً، ومحبّاً لجيد الشعر، شديد الاهتزاز لما يمدح به.
قال أبو الحسن السلامي الشاعر:
تصدّ ودارها صدد ... وتوعده ولا تعد
وقد قتلته ظالمةً ... فلا عقلٌ ولا قود
منها في مدحه:
فوجهٌ كلّه قمرٌ ... وسائر جسمه أسد
فأعجب بها سيف الدولة، واستحسن هذا البيت منها، وجعل يردد إنشاده، فدخل عليه الشيظمي الشاعر، فقال له: اسمع هذا البيت، وأنشده إياها، فقال له الشيظمي: احمد ربك فإنه جعلك من عجائب البحر.
ومن شعر سيف الدولة في أخيه ناصر الدولة: الطويل
وهبت لك العليا وقد كنت أهلها ... وقلت لهم بيني وبين أخي فرق
وما كان بي عنها نكولٌ وإنّما ... تجاوزت عن حقي فتمّ لك الحقّ
أما كنت ترضى أن أكون مصلّياً ... إذا كنت أرضى أن يكون لك السّبق
ومما يستحسن من شعر سيف الدولة: الطويل
وساقٍ صبيحٍ للصّبوح دعوته ... فقام وفي أجفانه سنة الغمض
يطوف بكاسات العقار كأنجمٍ ... فمن بين منقضٍّ علينا ومنفضّ
وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفاً ... على الأفق دكناً والحواشي على الأرض
يطرّزها قوس السّحاب بأصفرٍ ... على أحمرٍ في أخضرٍ إثر مبيضّ
كأذيال خودٍ أقبلت في غلائلٍ ... مصبّغةٍ والبعض أقصر من بعض
ومما ينسب إليه: المديد
قد جرى في دمعه دمه ... فإلى كم أنت تظلمه
ردّ عنه الطّرف منك فقد ... جرّحته منك أسهمه
كيف يسطيع التجلّد من ... خطرات الوهم تؤلمه
توفي كافور الإخشيدي وسيف الدولة أبو الحسن بن حمدان سنة ستّ وخمسين وثلاث مئة. وقيل: إنه توفي بحلب، وحمل في تابوت إلى ميّافارقين، ومات بالفالج. وقيل: مات بعسر البول.