عثمان بن عمارة بن خريم الناعم
ابن عمرو بن الحارث بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن مرة المري، أخو أبي الهيذام.
من أهل دمشق، ولاه الرشيد سجستان، وحبس وطولب بالمال.
روى الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة عن أشياخهم من بني مرة قال: رحل رجل منا إلى ناحية الشام مما يلي تيماء والشراة في طلب بغية له، فإذا هو بخيمة رفعت له، وقد أصابه مطر، فعدل إليها فتنحنح، فكلمته امرأة، فقالت له: انزل. وراحت إبلهم وغنمهم، فإذا أمر عظيم ورعاء كثير، أي لبعض العبيد سلوا هذا الرجل من أين أقبل؟ فقلت من ناحية اليمامة ونجد، فقالت: بلاد نجد وطئت؟ قلت: كلها. فقالت: بمن نزلت هناك؟ قلت: ببني عامر. فتنفست الصعداء وقالت: بأي بني عامر؟ فقلت: ببني الحريش. فاستعبرت، ثم قالت: هل سمعت بذكر فتى يقال له: قيس ويلقب بالمجنون؟ فقلت: إي والله، ونزلت بأبيه ورأيته يهيم في تلك الفيافي، ويكون مع الوحش، لا يعقل ولا يفهم، إلا أن تذكر له ليلى، فيبكي وينشد أشعاراً
يقول فيها. قالت: فرفعت الستر بيني وبينها فإذا شقة قمر، لم تر عيني مثلها، فبكت وانتحبت حتى ظننت أن قلبها قد انصدع، فقلت لها: اتقي الله فما قلت بأساً، فمكثت طويلاً على تلك الحال من البكاء والنحيب، ثم قالت: من الطويل:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ... متى رحل قيس مستقل فراجع
بنفسي من لا يستقل برحله ... ومن هو إن لم يحفظ الله ضائع
ثم بكت حتى غشي عليها، فلما أفاقت فلت: من أنت؟ قالت: أنا ليلى المشؤومة عليه غير المساعدة، فما رأيت مثل حزنها عليه ووجدها به.
لما طولب عثمان بن خريم أخو أبي الهيذام بخمسة آلاف درهم، وكان على سجستان أيام الرشيد، وحبس قال: من الطويل:
أغثني أمير المؤمنين بنظرة ... تزول بها عني المخافة والأزل
ففضلك أرجو ل البراءة إنه ... أبى الله إلا أن يكون لك الفضل
وإلا أكن أهلاً لما أنت أهله ... فأنت أمير المؤمنين له أهل
قال عبد ال بن المعتز: دخل عدة من أهل الشام على المنصور حين عفا عنهم في اجلائهم مع عبد الله بن علي، فقال عثمان بن خريم: يا أمير المؤمنين، لقد أعطيت فشكرت، وابتليت فصبرت، وقدرت فغفرت.
قال محمد بن يزيد المبرد: قال أبو يعقوب الخريمي يرثي عثمان بن خريم: من الطويل:
جزى الله عثمان الخريمي خير ما ... جزى صاحباً جزل المواهب مفضلا
أخاً كان إن أقبلت بالود زادني ... صفاءً وإن أدبرت حن وأقبلا
أخاً لم يخني في الحياة ولم أبت ... تخوفني الأعداء منه التنقلا
كفى جفوة الإخوان طول حياته ... وأورث مما كان أعطى وخولا
مضى سلفاً قبلي وخلفت بعده ... أسيراً لأهوال الرجال مكبلا
ابن عمرو بن الحارث بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن مرة المري، أخو أبي الهيذام.
من أهل دمشق، ولاه الرشيد سجستان، وحبس وطولب بالمال.
روى الهيثم بن عدي عن عثمان بن عمارة عن أشياخهم من بني مرة قال: رحل رجل منا إلى ناحية الشام مما يلي تيماء والشراة في طلب بغية له، فإذا هو بخيمة رفعت له، وقد أصابه مطر، فعدل إليها فتنحنح، فكلمته امرأة، فقالت له: انزل. وراحت إبلهم وغنمهم، فإذا أمر عظيم ورعاء كثير، أي لبعض العبيد سلوا هذا الرجل من أين أقبل؟ فقلت من ناحية اليمامة ونجد، فقالت: بلاد نجد وطئت؟ قلت: كلها. فقالت: بمن نزلت هناك؟ قلت: ببني عامر. فتنفست الصعداء وقالت: بأي بني عامر؟ فقلت: ببني الحريش. فاستعبرت، ثم قالت: هل سمعت بذكر فتى يقال له: قيس ويلقب بالمجنون؟ فقلت: إي والله، ونزلت بأبيه ورأيته يهيم في تلك الفيافي، ويكون مع الوحش، لا يعقل ولا يفهم، إلا أن تذكر له ليلى، فيبكي وينشد أشعاراً
يقول فيها. قالت: فرفعت الستر بيني وبينها فإذا شقة قمر، لم تر عيني مثلها، فبكت وانتحبت حتى ظننت أن قلبها قد انصدع، فقلت لها: اتقي الله فما قلت بأساً، فمكثت طويلاً على تلك الحال من البكاء والنحيب، ثم قالت: من الطويل:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ... متى رحل قيس مستقل فراجع
بنفسي من لا يستقل برحله ... ومن هو إن لم يحفظ الله ضائع
ثم بكت حتى غشي عليها، فلما أفاقت فلت: من أنت؟ قالت: أنا ليلى المشؤومة عليه غير المساعدة، فما رأيت مثل حزنها عليه ووجدها به.
لما طولب عثمان بن خريم أخو أبي الهيذام بخمسة آلاف درهم، وكان على سجستان أيام الرشيد، وحبس قال: من الطويل:
أغثني أمير المؤمنين بنظرة ... تزول بها عني المخافة والأزل
ففضلك أرجو ل البراءة إنه ... أبى الله إلا أن يكون لك الفضل
وإلا أكن أهلاً لما أنت أهله ... فأنت أمير المؤمنين له أهل
قال عبد ال بن المعتز: دخل عدة من أهل الشام على المنصور حين عفا عنهم في اجلائهم مع عبد الله بن علي، فقال عثمان بن خريم: يا أمير المؤمنين، لقد أعطيت فشكرت، وابتليت فصبرت، وقدرت فغفرت.
قال محمد بن يزيد المبرد: قال أبو يعقوب الخريمي يرثي عثمان بن خريم: من الطويل:
جزى الله عثمان الخريمي خير ما ... جزى صاحباً جزل المواهب مفضلا
أخاً كان إن أقبلت بالود زادني ... صفاءً وإن أدبرت حن وأقبلا
أخاً لم يخني في الحياة ولم أبت ... تخوفني الأعداء منه التنقلا
كفى جفوة الإخوان طول حياته ... وأورث مما كان أعطى وخولا
مضى سلفاً قبلي وخلفت بعده ... أسيراً لأهوال الرجال مكبلا