عبد الله بن علي بن عبد الله
ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي
عم السفاح والمنصور، وهو الذي افتتح دمشق، وهدم سورها، وتولى قتال
مروان بن محمد، وقتل من قتل من بني أمية بنهر أبي فطرس من أرض الرملة، وكان السفاح جعله ولي عهده حين وجهه إلى مروان، فلما بلغه موت السفاح دعا إلى نفسه، فبايعه أهل الشام بالخلافة، فوجه إليه المنصور أبا مسلم الخراساني، فهزمه.
روى عن أخويه وأبيه علي بن عبد الله بن عباس: أن عبد الله بن عباس توفي بالطائف، فصلى عليه محمد بن الحنفية، فكبر عليه أربعاً، وقال: لولا أني سمعته يقول: إن السنة أربع لكبرت عليه سبعاً.
وقال: لما أدرج عبد الله بن عباس في أكفانه، وأدخل حفرته خرج من أكفانه طير أبيض، وسمعوا صوتاً وهو يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضيةً، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
ووهم ابن عساكر الحديث من هذا الطريق وذكره من طريق آخر.
قال يحيى بن حمزة: أول رجل رأيته يلبس السواد عبد الله بن علي، رأيته في باب كيسان عليه قميص أسود، وعمامة سوداء متقلداً سيفاً أسود، والنساء والصبيان يحضرون ينظرون إليه ويقولون: أميرنا عليه ثياب سواد، فسمعت رجلاً ممن كان يتولى بني أمية قال: صليت خلف عبد الله بن علي في مسجد الجامع يوم الجمعة، وكان إلى جنبي شيخ من مشايخ أهل الشام؛ فقال الشيخ: الله أكبر، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ما أوحش وجهك، وأشد سواد لباسك! فقلت: إن الرجل لما رأى السواد استقطعه.
ذكر إبراهيم بن عيسى بن منصور: أن عبد الله بن علي ولد في سنة ثلاث ومائة، وسقط عليه البيت في سنة ثمان وأربعين ومائة.
ومن طريق الخطيب: أول من دفن في مقابر باب الشام عبد الله بن علي سنة سبعٍ وأربعين ومائة وهو ابن اثنتين وخمسين سنةً.
وقال المرزباني: ولد في آخر سنة اثنتين ومائة، ومات في حبس المنصور في سنة سبع وأربعين ومائة، وهو القائل لما قتل من بني أمية من قتل بالشام: مجزوء الكامل
الظلم يصرع أهله ... والظلم مرتعه وخيم
ولقد يكون لك البعي ... د أخاً ويقطعك الحميم
وله أيضاً: من البسيط
بني أمية قد أفنيت آخركم ... فكيف لي منكم بالأول الماضي
يطيب النفس أن النار تجمعكم ... عوضتم بلظاها شر معتاض
منيتم، لا أقال الله عثرتكم ... بليث غاب، إلى الأعداء نهاض
إن كان غيظي لفوتٍ منكم فلقد ... رضيت منكم بما رضي به راض
قال الخطيب: سار عبد الله إلى مروان حتى قتله، واستولى على بلاد الشام، ولم يزل أميراً عليها مدة خلافة السفاح، فلما ولي المنصور خالف عليه، ودعا إلى نفسه، فوجه إليه المنصور أبا مسلم صاحب الدولة، فحاربه بنَصِيبين فانهزم عبد الله بن علي، واختفى، وصار إلى البصرة، فأشخصه سليمان بن علي والي البصرة إلى بغداد، فحبسه أبو جعفر المنصور، ولم يزل في حبسه ببغداد حتى وقع عليه البيت الذي حبس فيه، فقتله.
ودخل عبد الله بن علي على هشام بن عبد الملك، فأدنى مجلسه حتى أقعده معه، وأكرم لقاءه، وأظهر بره، ثم قال: ما أقدمك؟ فذكر له حاجته، وما أصابه من خلة الزمان، فخرج بني لهشام ابن عبد الملك صغير معه قوس ونشاب، وهو يلعب كما يلعب الصبيان، فجعل الصبي يأخذ السهم فيرمي به عبد الله بن علي، حتى فعل ذلك مرات، وعبد الله بن علي ينظر إليه، ثم قام عبد الله، فخرج، فقال مسلمة بن عبد الملك:
يا أمير المؤمنين، أما رأيت ما صنع الصبي؟ والله لا يكون قتله، وقتل رجال أهل بيته إلا على يديه! فما مضت الأيام والليالي حتى ورد عبد الله والياً على الشام من قبل أبي العباس، فقتل ثلاثة وثمانين رجلاً من بني أمية، فأتي بالصبي فيمن أتي به، فقال: أنت صاحب القوس! فقُدّم، فضربت عنقه.
قال محمد بن عائذ:
فلما كان سنة ست وثلاثين ومائة أغزى أبو العباس جماعة من أهل الشام والجزيرة والموصل كما كانوا يغزون، وأغزى جماعة من أهل خراسان، وأهل العراقين، وولى على جماعتهم عبد الله بن علي، وأمره بالإدراب وتوفي أبو العباس، فرأوا كتمان عبد الله بن علي ذلك ليتم إدرابه، وكتبوا إلى صالح بن علي وهو بمصر بولايته على عمله الأول، وعلى ما كان يليه عبد الله بن علي من الشام، ويأمرونه بالمسير إلى ذلك فمر الرسول بذلك إلى صالح بن علي بقربة له بحلب فباح به إليه، واستكتمه إياه يوماً وليلة، ومضى الرسول: فأخبر بذلك المستكتم عامل عبد الله بن علي على حلب، فأخذ الكتاب، فبعث به إلى عبد الله وهو بدُلوك، فقرأه فجمع إليه الناس، ودعا إلى نفسه، واستشهد حميد بن قحطبة وأصحاباً له أن أبا العباس قد كان جعل له العهد في مسيره إلى مروان إن هو هزمه، فشهدوا له بذلك، فبايعوه بالخلافة، وانصرف عن الإدراب، ومضى يريد العراق، فوجه إليه أبو جعفر أبا مسلم في نحوٍ من أربعين ألفاً، فقاتل عبد الله بن علي فاتحة سبع وثلاثين ومائة حتى هزمه الله.
قال العجلي: كان عيسى بن موسى لا يقطع أمراً عن ابن شُبرمة، فبعث أبو جعفر إلى عيسى بن موسى عبد الله بن علي، وأمره أن يحبسه، ثم كتب إليه أن يقتله، فبعث عيسى بن موسى إلى ابن شبرمة، فقال: إن أبا جعفر بعث إلي بعمه، وأمرني أن أحبسه، وكتب إلي أن أقتله، فقال له ابن شبرمة: لم يرد غيرك! وكان عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر، فقال له ابن شبرمة: احبسه واكتب إليه: إني قد قتلته، فقال أبو جعفر - وقد علم بالأمر - قتلني الله إن لم أقتل الأعرابي، عيسى بن موسى لا يعرف هذا! فما زال ابن
شبرمة مختفياً حتى مات؛ وسيره عيسى بن موسى إلى خراسان حين خشي عليه، وإنما أراد أن لو قتل عبد الله بن علي فيقتله به، فيكون قد قتلهما جميعاً.
عبد الله بن علي بن عبد الله
أبو الحسين الصيداوي الوكيل المعروف بابن المخ روى عن أبي الحسن بن جميع بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ".
قال الأمير: وأما المُخ - بضم الميم وبالخاء المعجمة - فهو شيخ سمعنا منه بصيدا من ثغور الشام.
قال غيث بن علي: سألته عن مولده، فقال: في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.
ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي
عم السفاح والمنصور، وهو الذي افتتح دمشق، وهدم سورها، وتولى قتال
مروان بن محمد، وقتل من قتل من بني أمية بنهر أبي فطرس من أرض الرملة، وكان السفاح جعله ولي عهده حين وجهه إلى مروان، فلما بلغه موت السفاح دعا إلى نفسه، فبايعه أهل الشام بالخلافة، فوجه إليه المنصور أبا مسلم الخراساني، فهزمه.
روى عن أخويه وأبيه علي بن عبد الله بن عباس: أن عبد الله بن عباس توفي بالطائف، فصلى عليه محمد بن الحنفية، فكبر عليه أربعاً، وقال: لولا أني سمعته يقول: إن السنة أربع لكبرت عليه سبعاً.
وقال: لما أدرج عبد الله بن عباس في أكفانه، وأدخل حفرته خرج من أكفانه طير أبيض، وسمعوا صوتاً وهو يقول: " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضيةً، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ".
ووهم ابن عساكر الحديث من هذا الطريق وذكره من طريق آخر.
قال يحيى بن حمزة: أول رجل رأيته يلبس السواد عبد الله بن علي، رأيته في باب كيسان عليه قميص أسود، وعمامة سوداء متقلداً سيفاً أسود، والنساء والصبيان يحضرون ينظرون إليه ويقولون: أميرنا عليه ثياب سواد، فسمعت رجلاً ممن كان يتولى بني أمية قال: صليت خلف عبد الله بن علي في مسجد الجامع يوم الجمعة، وكان إلى جنبي شيخ من مشايخ أهل الشام؛ فقال الشيخ: الله أكبر، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ما أوحش وجهك، وأشد سواد لباسك! فقلت: إن الرجل لما رأى السواد استقطعه.
ذكر إبراهيم بن عيسى بن منصور: أن عبد الله بن علي ولد في سنة ثلاث ومائة، وسقط عليه البيت في سنة ثمان وأربعين ومائة.
ومن طريق الخطيب: أول من دفن في مقابر باب الشام عبد الله بن علي سنة سبعٍ وأربعين ومائة وهو ابن اثنتين وخمسين سنةً.
وقال المرزباني: ولد في آخر سنة اثنتين ومائة، ومات في حبس المنصور في سنة سبع وأربعين ومائة، وهو القائل لما قتل من بني أمية من قتل بالشام: مجزوء الكامل
الظلم يصرع أهله ... والظلم مرتعه وخيم
ولقد يكون لك البعي ... د أخاً ويقطعك الحميم
وله أيضاً: من البسيط
بني أمية قد أفنيت آخركم ... فكيف لي منكم بالأول الماضي
يطيب النفس أن النار تجمعكم ... عوضتم بلظاها شر معتاض
منيتم، لا أقال الله عثرتكم ... بليث غاب، إلى الأعداء نهاض
إن كان غيظي لفوتٍ منكم فلقد ... رضيت منكم بما رضي به راض
قال الخطيب: سار عبد الله إلى مروان حتى قتله، واستولى على بلاد الشام، ولم يزل أميراً عليها مدة خلافة السفاح، فلما ولي المنصور خالف عليه، ودعا إلى نفسه، فوجه إليه المنصور أبا مسلم صاحب الدولة، فحاربه بنَصِيبين فانهزم عبد الله بن علي، واختفى، وصار إلى البصرة، فأشخصه سليمان بن علي والي البصرة إلى بغداد، فحبسه أبو جعفر المنصور، ولم يزل في حبسه ببغداد حتى وقع عليه البيت الذي حبس فيه، فقتله.
ودخل عبد الله بن علي على هشام بن عبد الملك، فأدنى مجلسه حتى أقعده معه، وأكرم لقاءه، وأظهر بره، ثم قال: ما أقدمك؟ فذكر له حاجته، وما أصابه من خلة الزمان، فخرج بني لهشام ابن عبد الملك صغير معه قوس ونشاب، وهو يلعب كما يلعب الصبيان، فجعل الصبي يأخذ السهم فيرمي به عبد الله بن علي، حتى فعل ذلك مرات، وعبد الله بن علي ينظر إليه، ثم قام عبد الله، فخرج، فقال مسلمة بن عبد الملك:
يا أمير المؤمنين، أما رأيت ما صنع الصبي؟ والله لا يكون قتله، وقتل رجال أهل بيته إلا على يديه! فما مضت الأيام والليالي حتى ورد عبد الله والياً على الشام من قبل أبي العباس، فقتل ثلاثة وثمانين رجلاً من بني أمية، فأتي بالصبي فيمن أتي به، فقال: أنت صاحب القوس! فقُدّم، فضربت عنقه.
قال محمد بن عائذ:
فلما كان سنة ست وثلاثين ومائة أغزى أبو العباس جماعة من أهل الشام والجزيرة والموصل كما كانوا يغزون، وأغزى جماعة من أهل خراسان، وأهل العراقين، وولى على جماعتهم عبد الله بن علي، وأمره بالإدراب وتوفي أبو العباس، فرأوا كتمان عبد الله بن علي ذلك ليتم إدرابه، وكتبوا إلى صالح بن علي وهو بمصر بولايته على عمله الأول، وعلى ما كان يليه عبد الله بن علي من الشام، ويأمرونه بالمسير إلى ذلك فمر الرسول بذلك إلى صالح بن علي بقربة له بحلب فباح به إليه، واستكتمه إياه يوماً وليلة، ومضى الرسول: فأخبر بذلك المستكتم عامل عبد الله بن علي على حلب، فأخذ الكتاب، فبعث به إلى عبد الله وهو بدُلوك، فقرأه فجمع إليه الناس، ودعا إلى نفسه، واستشهد حميد بن قحطبة وأصحاباً له أن أبا العباس قد كان جعل له العهد في مسيره إلى مروان إن هو هزمه، فشهدوا له بذلك، فبايعوه بالخلافة، وانصرف عن الإدراب، ومضى يريد العراق، فوجه إليه أبو جعفر أبا مسلم في نحوٍ من أربعين ألفاً، فقاتل عبد الله بن علي فاتحة سبع وثلاثين ومائة حتى هزمه الله.
قال العجلي: كان عيسى بن موسى لا يقطع أمراً عن ابن شُبرمة، فبعث أبو جعفر إلى عيسى بن موسى عبد الله بن علي، وأمره أن يحبسه، ثم كتب إليه أن يقتله، فبعث عيسى بن موسى إلى ابن شبرمة، فقال: إن أبا جعفر بعث إلي بعمه، وأمرني أن أحبسه، وكتب إلي أن أقتله، فقال له ابن شبرمة: لم يرد غيرك! وكان عيسى بن موسى ولي العهد بعد أبي جعفر، فقال له ابن شبرمة: احبسه واكتب إليه: إني قد قتلته، فقال أبو جعفر - وقد علم بالأمر - قتلني الله إن لم أقتل الأعرابي، عيسى بن موسى لا يعرف هذا! فما زال ابن
شبرمة مختفياً حتى مات؛ وسيره عيسى بن موسى إلى خراسان حين خشي عليه، وإنما أراد أن لو قتل عبد الله بن علي فيقتله به، فيكون قد قتلهما جميعاً.
عبد الله بن علي بن عبد الله
أبو الحسين الصيداوي الوكيل المعروف بابن المخ روى عن أبي الحسن بن جميع بسنده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ".
قال الأمير: وأما المُخ - بضم الميم وبالخاء المعجمة - فهو شيخ سمعنا منه بصيدا من ثغور الشام.
قال غيث بن علي: سألته عن مولده، فقال: في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.