حزام بن هشام بن حبيش ين خالد
ابن الأشعر الخزاعي القديدي من أهل الرقم بادية بالحجاز، وفد على عمر بن عبد العزيز مع أبيه.
حدث حزام بن هشام صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتيل البطحاء يوم الفتح، عن أبيه عن جده حبيش بن خالد وهو أخو عاتكة بنت خالد، وكنيتها أن معبد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خرج من مكة خرج منها مهاجراً إلى المدينة، هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة دليلهم الليثي عبد الله بن الأريقط، فنزلوا خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة برزة جلدة، تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين. فنظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى شاة في كسر الخيمة قال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلّفها الجهد عن الغنم. قال: هل من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: أتأذنين أن أحلبها؟ قالت: بأبي أنت وأمي، نعم إن رأيت بها حلباً فاحلبها. فدعا بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح بيده ضرعها، وسمّى الله، ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرّت واجترت ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجّاً حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم، ثم أراضوا، ثم حلب فيه ثانياً بعد بدء، حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها وبايعها، فارتحلوا عنها.
فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد، يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزلاً، فلما أن رأى عند أم معبد اللبن عجب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد، والشاء عازب، ولا خلوف في البيت؟! قالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك، من حاله كذا وكذا،
فقال: صفيه لي يا أم معبد. قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به سفلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق فصل، لا نزر ولا هذر، كأنما منطقه خرزات نظم يتحدّرن، لا تشنؤوه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون، إن قال أنصتوا له، وإن أمر بادروا إلى أمره، محفود محشود.
قال أبو معبد: هو الله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، فأصبح صوت بمكة عالياً يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصيّ ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا يجاري وسؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلّبت ... عليه صريحاً ضرّة الشاة مزبد
فغادرها رهناً لديها لحالب ... يردّدها في مصدر ثم مورد
فلما سمع حسان بن ثابت الأنصاري الهاتف يهتف، أنشد يجاوب الهاتف ويقول:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيّهم ... وقدّس من يسري إليهم ويغتدي
ترحّل عن قوم فضلت عقولهم ... وحلّ على قوم بنور مجدد
هداهم به الضلالة ربهم ... وأرشدهم. من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... عمايتهم هاد به كل مهتدي
وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
قال حزان: أرسل عمر بن عبد العزيز إلى أبي يوماً، فدعا أبي براحلة له فركب عليه، وأنا إذ ذاك غلام أعقل الكلام، فدعاني أبي فحملني خلف رجله، فخرجنا حتى إذا نحن بعمر بن عبد العزيز في جماعة من أصحابه. فسلم عليه أبي بالخلافة، فرد عليه عمر السلام. ثم قال له عمر: يا أبا حزام، أين نحن من القوم؟ فقال له أبي: كل يعمل على شاكلته، أشهد يا عمر بن عبد العزيز، لأرسل إلي عمر بن الخطاب في منزلك هذا، فرأيته في جماعة من أصحابه نزل عن راحلته، ثم حط رحله، ثم قيد راحلته كرجل من أصحابه، ثم حس ركاب القوم فوجد فيها راحلة مقارباً لها من قيدها، فأرخى لها عمر بن الخطاب، ثم أقبل يتغيظ، قال: بئس الغيظ في وجهه فقال: أيكم صاحب الراحلة، فقال رجل من القوم: أنا أمير المؤمنين. قال: بئس ما صنعت، تبيت على فؤاده تضرب صدره، حتى إذا حان رزقه جمعت بين عظمين من عظامه، فهلا كنت فاعلاً هذا يا عمر بن عبد العزيز! فبكى عند ذلك عمر بن عبد العزيز بكاء شديداً.
وحدث حزام أيضا قال: بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي، فانطلقت معه إليه، فقال له عمر: أين ترانا من القوم؟ قال: كل يعمل على شاكلته. قال: فأخبرنا عن القوم؟ قال: شهدت عمر بن الخطاب، وأتاه صاحب الصدقة فقال: إن إبل الصدقة قد كثرت، فقام عمر بناس معه، فنادى عمر على فريضة فيمن مر يزيد، وأخذ عقلها فشد به حقوه، ثم مر على المساكين، فجعل يتصدق به عليهم.
وكان حزام ينزل قديداً.
وأسلم خالد الأشعر قبل فتح مكة، وشهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفتح، فسلك هو وكرز بن جابر غير طريق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي دخل منها مكة، فأخطأ الطريق، ولقيتهم خيل المشركين فقتلا شهيدين. وكان الذي قتل خالد الأشعر، ابن أبي الجذع الجمحي.
ابن الأشعر الخزاعي القديدي من أهل الرقم بادية بالحجاز، وفد على عمر بن عبد العزيز مع أبيه.
حدث حزام بن هشام صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قتيل البطحاء يوم الفتح، عن أبيه عن جده حبيش بن خالد وهو أخو عاتكة بنت خالد، وكنيتها أن معبد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين خرج من مكة خرج منها مهاجراً إلى المدينة، هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة دليلهم الليثي عبد الله بن الأريقط، فنزلوا خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت امرأة برزة جلدة، تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين. فنظر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى شاة في كسر الخيمة قال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلّفها الجهد عن الغنم. قال: هل من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: أتأذنين أن أحلبها؟ قالت: بأبي أنت وأمي، نعم إن رأيت بها حلباً فاحلبها. فدعا بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح بيده ضرعها، وسمّى الله، ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرّت واجترت ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجّاً حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم، ثم أراضوا، ثم حلب فيه ثانياً بعد بدء، حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها وبايعها، فارتحلوا عنها.
فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد، يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزلاً، فلما أن رأى عند أم معبد اللبن عجب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد، والشاء عازب، ولا خلوف في البيت؟! قالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك، من حاله كذا وكذا،
فقال: صفيه لي يا أم معبد. قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به سفلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق فصل، لا نزر ولا هذر، كأنما منطقه خرزات نظم يتحدّرن، لا تشنؤوه عين من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون، إن قال أنصتوا له، وإن أمر بادروا إلى أمره، محفود محشود.
قال أبو معبد: هو الله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، فأصبح صوت بمكة عالياً يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصيّ ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا يجاري وسؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلّبت ... عليه صريحاً ضرّة الشاة مزبد
فغادرها رهناً لديها لحالب ... يردّدها في مصدر ثم مورد
فلما سمع حسان بن ثابت الأنصاري الهاتف يهتف، أنشد يجاوب الهاتف ويقول:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيّهم ... وقدّس من يسري إليهم ويغتدي
ترحّل عن قوم فضلت عقولهم ... وحلّ على قوم بنور مجدد
هداهم به الضلالة ربهم ... وأرشدهم. من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... عمايتهم هاد به كل مهتدي
وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
قال حزان: أرسل عمر بن عبد العزيز إلى أبي يوماً، فدعا أبي براحلة له فركب عليه، وأنا إذ ذاك غلام أعقل الكلام، فدعاني أبي فحملني خلف رجله، فخرجنا حتى إذا نحن بعمر بن عبد العزيز في جماعة من أصحابه. فسلم عليه أبي بالخلافة، فرد عليه عمر السلام. ثم قال له عمر: يا أبا حزام، أين نحن من القوم؟ فقال له أبي: كل يعمل على شاكلته، أشهد يا عمر بن عبد العزيز، لأرسل إلي عمر بن الخطاب في منزلك هذا، فرأيته في جماعة من أصحابه نزل عن راحلته، ثم حط رحله، ثم قيد راحلته كرجل من أصحابه، ثم حس ركاب القوم فوجد فيها راحلة مقارباً لها من قيدها، فأرخى لها عمر بن الخطاب، ثم أقبل يتغيظ، قال: بئس الغيظ في وجهه فقال: أيكم صاحب الراحلة، فقال رجل من القوم: أنا أمير المؤمنين. قال: بئس ما صنعت، تبيت على فؤاده تضرب صدره، حتى إذا حان رزقه جمعت بين عظمين من عظامه، فهلا كنت فاعلاً هذا يا عمر بن عبد العزيز! فبكى عند ذلك عمر بن عبد العزيز بكاء شديداً.
وحدث حزام أيضا قال: بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي، فانطلقت معه إليه، فقال له عمر: أين ترانا من القوم؟ قال: كل يعمل على شاكلته. قال: فأخبرنا عن القوم؟ قال: شهدت عمر بن الخطاب، وأتاه صاحب الصدقة فقال: إن إبل الصدقة قد كثرت، فقام عمر بناس معه، فنادى عمر على فريضة فيمن مر يزيد، وأخذ عقلها فشد به حقوه، ثم مر على المساكين، فجعل يتصدق به عليهم.
وكان حزام ينزل قديداً.
وأسلم خالد الأشعر قبل فتح مكة، وشهد مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفتح، فسلك هو وكرز بن جابر غير طريق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي دخل منها مكة، فأخطأ الطريق، ولقيتهم خيل المشركين فقتلا شهيدين. وكان الذي قتل خالد الأشعر، ابن أبي الجذع الجمحي.