أبرش بن الوليد بن عبد عمرو
ابن جبلة بن وائل بن قيس بن بكر بن الجلاح وهو عامر بن عوف بن بكر بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن الحاف ابن قضاعة واسمه سعيد، والأبرش لقب؛ أبو مجاشع الكلبيّ أحد الفصحاء من أصحاب هشام بن عبد الملك.
عن هشام بن محمد بن السّائب الكلبيّ: أتت الخلافة هشاماً، وعنده سالم كاتبه، وكان مولاه، وإليه تنسب أجمة سالم؛ والرّبيع حاجبه؛ والأبرش الكلبيّ جليسه؛ فسجد هشام وكاتبه وحاجبه، ولم يسجد الأبرش، فلّما رفع هشام رأسه قال:
يا أبرش، ما منعك من السّجود وقد سجدت وسجد هذا وهذا؟ قال: أمّا أنت فأتتك الخلافة فشكرت الله عزّ وجلّ على عطاء جزيل، وأما هذا فكاتبك وشريكك، وأمّا هذا فحاجبك والمؤدّي عنك وإليك، وأمّا أنا فرجل من العرب لي بك حرمة وخاصيّة، وأنا أخاف أن تغيّرك الخلافة، فعلى ماذا أسجد؟ قال: وإنّما منعك من السّجود ما ذكرت!؟ نعم؛ قال: فلك ذمّة الله وذمّة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا أتغيّر عليك؛ قال: الآن طاب السّجود، الله أكبر.
وحدّث الأبرش، قال: دخلت على هشام بن عبد الملك، فسألته حاجة، فامتنع عليّ، فقلت: يا أمير المؤمنين لا بدّ منها، فإنّا قد ثنينا عليها رجلاً؛ قال: ذاك أضعف لك، أن تثني رجلك على ما ليس عندك؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما كنت أظنّ أنّي أمدّ يدي إلى شيء ممّا قبلك إلاّ نلته؛ قال: ولم؟ قلت: لأنّي رأيتك لذلك أهلاً، ورأيتني مستحقّة منك؛ قال: يا أبرش، ما اكثر من يرى أنه مستحقّ أمراً ليس له بأهل؛ فقلت: أفّ لك! إنك والله ما علمت قليل الخير نكده، والله إن نصيب منك الشّيء إلاّ بعد مسألة، فإذا وصل إلينا مننت به، والله إن أصبنا منك الخير قطّ.
قال: لا والله، ولكنّا وجدنا الأعرابيّ أقلّ شيء شكراً؛ قلت: والله إني لأكره الرّجل يحصي ما يعطي.
ودخل عليه أخوه سعيد بن عبد الملك، ونحن في ذلك، فقال: مه يا أبا مجاشع، لا تقل ذلك لأمير المؤمنين.
قال: فقال هشام: أترضى بأبي عثمان بيني وبينك؟ قلت: نعم؛ قال: قال سعيد: ما تقول يا أبا مجاشع؟ فقلت: لا تعجل، صحبت والله هذا، وهو أرذل بني أبيه، وأنا يومئذ سيّد قومي، وأكثرهم مالاً، وأوجههم جاهاً، ادعى إلى الأمور العظام من قبل الخلفاء، وما يطمع هذا يومئذ فيما صار إليه حتى إذا صار إلى البحر الأخضر غرف لنا منه غرفةً، ثم قال: حسبك؛ فقال هشام: يا أبرش، اغفرها لي، فوالله لا أعود بشيء تكرهه أبداً، صدق يا أبا عثمان.
قال: فوالله ما زال لي مكرماً حتى مات.
وعن محمد بن سلاّم الجمحيّ، قال: قال الفرزدق أبياتاً كتب بها إلى سعيد بن الوليد الأبرش الكلبيّ، فكلّم له هشاماً، وهي: من الطويل
إلى الأبرش الكلبيّ أسندت حاجةً ... تواكلها حيّاً تميم ووائل
على حين أن زلّت بي النّعل زلّةً ... وأخلف ظنّي كلّ حاف وناعل
فدونكها يا بان الوليد فإنّها ... مفضفة أصحابها في المحافل
ودونكها يا ابن الوليد فقم لها ... قيام امرئ في قومه غير حامل
فكلّم فيها هشاماً، فأمر بتخليته، فقال: من الطويل
لقد وثب الكلبيّ وثبة حازم ... إلى خير خلق الله نفساً وعنصراً
إلى خبر أبناء الخلافة لم تجد ... لحاجته من دونها متأخراً
أبى حلف كلب في تميم وعقدها ... لما سنّت الآباء أن يتغيّرا
وكان حلف قديم بين كلب وتميم في الجاهلية؛ في ذلك قول جرير: من الطويل
تميم إلى كلب، وكلب إليهم ... أحقّ وأولى من صداء وحميرا
وعن أبي اليقظان، قال: كان بين مسلمة وهشام تباعد، وكان الأبرش الكلبيّ يدخل إليهما، وكان أحسن النّاس حديثاً وعقلاً وعلماً، فقال له هشام: كيف تكون خاصّاً بي وبمسلمة على ما بيننا؟ فقال: لأنّي كما قال الشاعر: من الطويل
أعاشر قوماً لست أخبر بعضهم ... بأسرار بعض، إن صدري واسع
فقال: كذلك والله أنت.
وعن محمد بن سلاّم، قال: حدا الأبرش بالمنصور، فقال: من الراجز
أغرّ بين حاجبيه نوره ... إذا توارى ربه ستوره
فأطرب المنصور، فأمر له بدرهم! فقال: يا أمير المؤمنين؛ إني حدوت بهشام بن عبد الملك، فطرب فأمر لي بعشرة آلاف درهم؛ فقال: يا ربيع، طالبه بها، وقد أعطاه ما لا يستحقّه، وأخذه من غير حلّه! ؛ فلم يزل أهل الدّولة يشفعون له حتى ردّ الدّرهم وخلّي.
ابن جبلة بن وائل بن قيس بن بكر بن الجلاح وهو عامر بن عوف بن بكر بن كعب بن عوف بن عامر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن الحاف ابن قضاعة واسمه سعيد، والأبرش لقب؛ أبو مجاشع الكلبيّ أحد الفصحاء من أصحاب هشام بن عبد الملك.
عن هشام بن محمد بن السّائب الكلبيّ: أتت الخلافة هشاماً، وعنده سالم كاتبه، وكان مولاه، وإليه تنسب أجمة سالم؛ والرّبيع حاجبه؛ والأبرش الكلبيّ جليسه؛ فسجد هشام وكاتبه وحاجبه، ولم يسجد الأبرش، فلّما رفع هشام رأسه قال:
يا أبرش، ما منعك من السّجود وقد سجدت وسجد هذا وهذا؟ قال: أمّا أنت فأتتك الخلافة فشكرت الله عزّ وجلّ على عطاء جزيل، وأما هذا فكاتبك وشريكك، وأمّا هذا فحاجبك والمؤدّي عنك وإليك، وأمّا أنا فرجل من العرب لي بك حرمة وخاصيّة، وأنا أخاف أن تغيّرك الخلافة، فعلى ماذا أسجد؟ قال: وإنّما منعك من السّجود ما ذكرت!؟ نعم؛ قال: فلك ذمّة الله وذمّة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا أتغيّر عليك؛ قال: الآن طاب السّجود، الله أكبر.
وحدّث الأبرش، قال: دخلت على هشام بن عبد الملك، فسألته حاجة، فامتنع عليّ، فقلت: يا أمير المؤمنين لا بدّ منها، فإنّا قد ثنينا عليها رجلاً؛ قال: ذاك أضعف لك، أن تثني رجلك على ما ليس عندك؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما كنت أظنّ أنّي أمدّ يدي إلى شيء ممّا قبلك إلاّ نلته؛ قال: ولم؟ قلت: لأنّي رأيتك لذلك أهلاً، ورأيتني مستحقّة منك؛ قال: يا أبرش، ما اكثر من يرى أنه مستحقّ أمراً ليس له بأهل؛ فقلت: أفّ لك! إنك والله ما علمت قليل الخير نكده، والله إن نصيب منك الشّيء إلاّ بعد مسألة، فإذا وصل إلينا مننت به، والله إن أصبنا منك الخير قطّ.
قال: لا والله، ولكنّا وجدنا الأعرابيّ أقلّ شيء شكراً؛ قلت: والله إني لأكره الرّجل يحصي ما يعطي.
ودخل عليه أخوه سعيد بن عبد الملك، ونحن في ذلك، فقال: مه يا أبا مجاشع، لا تقل ذلك لأمير المؤمنين.
قال: فقال هشام: أترضى بأبي عثمان بيني وبينك؟ قلت: نعم؛ قال: قال سعيد: ما تقول يا أبا مجاشع؟ فقلت: لا تعجل، صحبت والله هذا، وهو أرذل بني أبيه، وأنا يومئذ سيّد قومي، وأكثرهم مالاً، وأوجههم جاهاً، ادعى إلى الأمور العظام من قبل الخلفاء، وما يطمع هذا يومئذ فيما صار إليه حتى إذا صار إلى البحر الأخضر غرف لنا منه غرفةً، ثم قال: حسبك؛ فقال هشام: يا أبرش، اغفرها لي، فوالله لا أعود بشيء تكرهه أبداً، صدق يا أبا عثمان.
قال: فوالله ما زال لي مكرماً حتى مات.
وعن محمد بن سلاّم الجمحيّ، قال: قال الفرزدق أبياتاً كتب بها إلى سعيد بن الوليد الأبرش الكلبيّ، فكلّم له هشاماً، وهي: من الطويل
إلى الأبرش الكلبيّ أسندت حاجةً ... تواكلها حيّاً تميم ووائل
على حين أن زلّت بي النّعل زلّةً ... وأخلف ظنّي كلّ حاف وناعل
فدونكها يا بان الوليد فإنّها ... مفضفة أصحابها في المحافل
ودونكها يا ابن الوليد فقم لها ... قيام امرئ في قومه غير حامل
فكلّم فيها هشاماً، فأمر بتخليته، فقال: من الطويل
لقد وثب الكلبيّ وثبة حازم ... إلى خير خلق الله نفساً وعنصراً
إلى خبر أبناء الخلافة لم تجد ... لحاجته من دونها متأخراً
أبى حلف كلب في تميم وعقدها ... لما سنّت الآباء أن يتغيّرا
وكان حلف قديم بين كلب وتميم في الجاهلية؛ في ذلك قول جرير: من الطويل
تميم إلى كلب، وكلب إليهم ... أحقّ وأولى من صداء وحميرا
وعن أبي اليقظان، قال: كان بين مسلمة وهشام تباعد، وكان الأبرش الكلبيّ يدخل إليهما، وكان أحسن النّاس حديثاً وعقلاً وعلماً، فقال له هشام: كيف تكون خاصّاً بي وبمسلمة على ما بيننا؟ فقال: لأنّي كما قال الشاعر: من الطويل
أعاشر قوماً لست أخبر بعضهم ... بأسرار بعض، إن صدري واسع
فقال: كذلك والله أنت.
وعن محمد بن سلاّم، قال: حدا الأبرش بالمنصور، فقال: من الراجز
أغرّ بين حاجبيه نوره ... إذا توارى ربه ستوره
فأطرب المنصور، فأمر له بدرهم! فقال: يا أمير المؤمنين؛ إني حدوت بهشام بن عبد الملك، فطرب فأمر لي بعشرة آلاف درهم؛ فقال: يا ربيع، طالبه بها، وقد أعطاه ما لا يستحقّه، وأخذه من غير حلّه! ؛ فلم يزل أهل الدّولة يشفعون له حتى ردّ الدّرهم وخلّي.