علي بن مهدي، أبو الحسن الأصبهاني، المعروف بالكسروي :
كان أديبا فاضلا شاعرا راوية للأخبار، وكان عارفا بكتاب «العين» للخليل خاصة، كان يؤدب هارون بن علي بن يحيى بن المنجم واتصل بعد ذلك ببدر المعتضدي، وله مصنفات، يروي عن أبيه عن الجاحظ و «ديك الجن» الشاعر واسمه عبد السلام بن رغبان الحمصي، روى عنه علي بن يحيى بن المنجم، وأبو علي الكوكبي.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِم سَعِيد بْن مُحَمَّد الموصلي، عن أَبِي العز أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه العكبري، أنبأنا القاضي أَبُو يعلى مُحَمَّد بْن الحسين بْن الْفَرَّاءِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إسماعيل بن سعيد الشاهد، حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، حدثني
علي بن مهدي الكسروي ، حدثني أبي، عن سلمة بن هرمزذان قال سمعت ابن المقفع كاتب الحكماء يقول: ليس للعاقل أن يجيب عما يسئل عنه غيره.
وبالإسناد قال: وأنبأنا علي بن مهدي الكسروي ، حدثني أبي قال: كانت الروم تقول: نحن لا نملك من يحتاج أن نشاوره، قالت الفرس: نحن لا نملك من يستغنى عن المشورة.
قال قال علي بن مهدي: مر طبيب بأبي الواسع المازني، فشكى إليه ريحا في بطنه فقال له خذ الصعتر ، فقال: يا غلام دواة وقرطاس، قال: قلت ماذا؟
أصلحك الله؛ قال: كف صعتر ومكوك شعير، قال: لم تذكر الشعير أولا؟ قال: ولا علمت أنك حمار أيضا إلى الساعة.
أنبأنا ذاكر بن كامل الحذاء، عن ثعلب بن جعفر السراج: أن أبا محمد بالجوهري أخبره، عن المعافى بن زكريا النهرواني، حدّثنا أبو علي الكوكبي، حدّثنا أبو الحسن علي بن مهدي الكسروي ، عن أبيه قال: قال حكيم الفرس لابنه: يا بني! إذا طلبك صاحب أشقر فعليك بالجرن، فإن الأشقر دقيق الحافر، وإن طلبك صاحب أدهم فعليك بالوحل فإن الأدهم رديء القوائم، وإن طلبك صاحب كميت فعليك بالجدد، وحقيق ألا ينجو.
قال: وحدثني علي بن مهدي، عن أبيه قال: كانوا يقولون: اعتفر من الدابة كل شيء إلا البلادة والغلظ، فإن راكبهما مركوب.
قال: حدثني علي بن مهدي، عن أبيه قال: قال بعض الحكماء لرابض له: ما تقول في هذا البرذون؟ قال: من أفره الدواب إلا أنه يجذب لجامه، فقال: لا خير فيه إنما أركب لأودع بدني وما أبالي أيدي أعيت أم رجلي.
قرأت على أبي الكرم العباسي، عن أبي بكر الحنبلي، أنبأنا أبو منصور النديم إذنا، عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بن الحسين، عن علي بن مهدي
الكسروي، عن الجاحظ قال: قال لي ثمامة: كنت في مجلس المأمون إذ دخل أبو العتاهية فأنشد شعرا استحسنه المأمون، ثم قال بعقب شعره: يعرض لي يا أمير المؤمنين ما في الأرض قوم أشقى من القدرية ولا أضعف حجة، فقال له المأمون: أنت رجل شاعر وأنت بالشعر أبصر منك بالكلام، فقال: لو جمع أمير المؤمنين بيني وبين واحد منهم لعرف موضعي، فقال له المأمون: فهذا ثمامة فناظره! فنظر إليّ أبو العتاهية وتبسم كالمستهزئ فاغتظت عليه، فقال: يا أمير المؤمنين! أقطعه في أول كلمة، قال:
شأنك! فنظر يده فحركها ثم قال: من حرك يدي؟ قلت: من أمه فاعلة، فقال: زنا بي أمير المؤمنين، قلت: ناقضت يا ماص بظر أمه، فضحك المأمون ضحكا ما رأيته ضحك مثله قط، فقلت له: ويلك إن كان المحرك ليدك غيرك فلم أزنك وإن كنت أنت المحرك لها فأنت على قولي، فأفحم، فلما كان بعد أيام لقيني فقال: يا أبا معن! ما كانت لك في الحجة مندوحة عن السفه، فقلت له: إن خير الكلام ما جمع الحجة والانتقام.
قرأت على محمد بن عبد الواحد بن أحمد، عن محمد بن عبيد الله بن نصر، أنبأنا محمد بن محمد بن أحمد الشاهد إذنا، عن مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن يحيى السّكّري، أخبرني أحمد بن سعيد الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي:
أبا حسن أنت ابن مهدي فارس ... فرفقا بنا لست ابن مهدي هاشم
وأنت أخ في يوم لهو ولذة ... ولست أخا عند الأمور العظائم
أجابه علي:
أيا سيدي [إن] ابن مهدي فارس ... فداء ومن يهوى لمهدي بن هاشم
بلوت أخا في كل أمر تحبه ... ولم تبله عند الأمور العظائم
وإنك لو نبهته لملمة ... لأنساك صولات الأسود الضراغم
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ محمد بن الحسن الماوردي، أنبأنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد الجرجاني، أنشدنا الرئيس ما سرجس بن عيسى النصراني بالبصرة، أنشدني الكسروي الشاعر لنفسه:
قم سل قلبي بالمدام ... ففيه هم قد أمضه
أو ما ترى بدر السماء ... كأنه تعويذ فضة
فإذا المحاق أذابه ... فكأنه آثار عضه
قرأت في كتاب «الورقة» لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح قال: علي بن مهدي الكسروي أبو الحسن الأديب مجيد راوية شاعر من قوله:
ولما أبى أن يستقيم وصلته ... على حالتيه مكرهاً غير طائع
حذارا عليه أن يميل بوده ... فأبلى بقلب ليس عنه بنازع
فأصبح كالظمآن بهريق ماءه ... لضوء سراب في المهامة لامع
فلا الماء أبقى للحياة ولا أتى ... على منهل يجدي عليه بنافع
ذكر عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر: أن علي بن مهدي الكسروي توفي في خلافة المعتضد.
كان أديبا فاضلا شاعرا راوية للأخبار، وكان عارفا بكتاب «العين» للخليل خاصة، كان يؤدب هارون بن علي بن يحيى بن المنجم واتصل بعد ذلك ببدر المعتضدي، وله مصنفات، يروي عن أبيه عن الجاحظ و «ديك الجن» الشاعر واسمه عبد السلام بن رغبان الحمصي، روى عنه علي بن يحيى بن المنجم، وأبو علي الكوكبي.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِم سَعِيد بْن مُحَمَّد الموصلي، عن أَبِي العز أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه العكبري، أنبأنا القاضي أَبُو يعلى مُحَمَّد بْن الحسين بْن الْفَرَّاءِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إسماعيل بن سعيد الشاهد، حدثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، حدثني
علي بن مهدي الكسروي ، حدثني أبي، عن سلمة بن هرمزذان قال سمعت ابن المقفع كاتب الحكماء يقول: ليس للعاقل أن يجيب عما يسئل عنه غيره.
وبالإسناد قال: وأنبأنا علي بن مهدي الكسروي ، حدثني أبي قال: كانت الروم تقول: نحن لا نملك من يحتاج أن نشاوره، قالت الفرس: نحن لا نملك من يستغنى عن المشورة.
قال قال علي بن مهدي: مر طبيب بأبي الواسع المازني، فشكى إليه ريحا في بطنه فقال له خذ الصعتر ، فقال: يا غلام دواة وقرطاس، قال: قلت ماذا؟
أصلحك الله؛ قال: كف صعتر ومكوك شعير، قال: لم تذكر الشعير أولا؟ قال: ولا علمت أنك حمار أيضا إلى الساعة.
أنبأنا ذاكر بن كامل الحذاء، عن ثعلب بن جعفر السراج: أن أبا محمد بالجوهري أخبره، عن المعافى بن زكريا النهرواني، حدّثنا أبو علي الكوكبي، حدّثنا أبو الحسن علي بن مهدي الكسروي ، عن أبيه قال: قال حكيم الفرس لابنه: يا بني! إذا طلبك صاحب أشقر فعليك بالجرن، فإن الأشقر دقيق الحافر، وإن طلبك صاحب أدهم فعليك بالوحل فإن الأدهم رديء القوائم، وإن طلبك صاحب كميت فعليك بالجدد، وحقيق ألا ينجو.
قال: وحدثني علي بن مهدي، عن أبيه قال: كانوا يقولون: اعتفر من الدابة كل شيء إلا البلادة والغلظ، فإن راكبهما مركوب.
قال: حدثني علي بن مهدي، عن أبيه قال: قال بعض الحكماء لرابض له: ما تقول في هذا البرذون؟ قال: من أفره الدواب إلا أنه يجذب لجامه، فقال: لا خير فيه إنما أركب لأودع بدني وما أبالي أيدي أعيت أم رجلي.
قرأت على أبي الكرم العباسي، عن أبي بكر الحنبلي، أنبأنا أبو منصور النديم إذنا، عَنْ أَبِي عُبَيْد اللَّهِ الْمَرْزُبَانِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بن الحسين، عن علي بن مهدي
الكسروي، عن الجاحظ قال: قال لي ثمامة: كنت في مجلس المأمون إذ دخل أبو العتاهية فأنشد شعرا استحسنه المأمون، ثم قال بعقب شعره: يعرض لي يا أمير المؤمنين ما في الأرض قوم أشقى من القدرية ولا أضعف حجة، فقال له المأمون: أنت رجل شاعر وأنت بالشعر أبصر منك بالكلام، فقال: لو جمع أمير المؤمنين بيني وبين واحد منهم لعرف موضعي، فقال له المأمون: فهذا ثمامة فناظره! فنظر إليّ أبو العتاهية وتبسم كالمستهزئ فاغتظت عليه، فقال: يا أمير المؤمنين! أقطعه في أول كلمة، قال:
شأنك! فنظر يده فحركها ثم قال: من حرك يدي؟ قلت: من أمه فاعلة، فقال: زنا بي أمير المؤمنين، قلت: ناقضت يا ماص بظر أمه، فضحك المأمون ضحكا ما رأيته ضحك مثله قط، فقلت له: ويلك إن كان المحرك ليدك غيرك فلم أزنك وإن كنت أنت المحرك لها فأنت على قولي، فأفحم، فلما كان بعد أيام لقيني فقال: يا أبا معن! ما كانت لك في الحجة مندوحة عن السفه، فقلت له: إن خير الكلام ما جمع الحجة والانتقام.
قرأت على محمد بن عبد الواحد بن أحمد، عن محمد بن عبيد الله بن نصر، أنبأنا محمد بن محمد بن أحمد الشاهد إذنا، عن مُحَمَّدُ بْنُ عمران بن مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بن يحيى السّكّري، أخبرني أحمد بن سعيد الدمشقي قال: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي:
أبا حسن أنت ابن مهدي فارس ... فرفقا بنا لست ابن مهدي هاشم
وأنت أخ في يوم لهو ولذة ... ولست أخا عند الأمور العظائم
أجابه علي:
أيا سيدي [إن] ابن مهدي فارس ... فداء ومن يهوى لمهدي بن هاشم
بلوت أخا في كل أمر تحبه ... ولم تبله عند الأمور العظائم
وإنك لو نبهته لملمة ... لأنساك صولات الأسود الضراغم
أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ محمد بن الحسن الماوردي، أنبأنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد الجرجاني، أنشدنا الرئيس ما سرجس بن عيسى النصراني بالبصرة، أنشدني الكسروي الشاعر لنفسه:
قم سل قلبي بالمدام ... ففيه هم قد أمضه
أو ما ترى بدر السماء ... كأنه تعويذ فضة
فإذا المحاق أذابه ... فكأنه آثار عضه
قرأت في كتاب «الورقة» لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح قال: علي بن مهدي الكسروي أبو الحسن الأديب مجيد راوية شاعر من قوله:
ولما أبى أن يستقيم وصلته ... على حالتيه مكرهاً غير طائع
حذارا عليه أن يميل بوده ... فأبلى بقلب ليس عنه بنازع
فأصبح كالظمآن بهريق ماءه ... لضوء سراب في المهامة لامع
فلا الماء أبقى للحياة ولا أتى ... على منهل يجدي عليه بنافع
ذكر عبد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر: أن علي بن مهدي الكسروي توفي في خلافة المعتضد.