علوي بْن عبد اللَّه بْن عبيد، الشاعر المعروف بالباز الأشهب :
من أهل الحلة السيفية، كان شاعرًا محسنًا من أرباب المعاني، متفننا في علم الأدب، مليح الإيراد للشعر، قدم بغداد ومدح بها قاضي القضاة ابن الشهرزوري وغيره، وروى بها شيئًا من شعره.
أنشدني أبو الحسن [بْن] القطيعي قَالَ: أنشدنا علوي بْن عبيد الحلي لنفسه ببغداد:
سل البانة الغناء هل مطر الحمى ... وهل آن للورقاء أن تترنما
وهل عذبات الرند نبهها الصبا ... لذكر الصبا قدما فقد كن نوما
وإن تكن الأيام قصت جناحها ... فقد طالما مدت بنانا ومعصما
بكتها الغوادي رحمة فتنفست ... وأعطت رياض الحزن سرّا مكتما
وشقت ثيابا كن سترًا لأمرها ... فلما رآها الأقحوان تبسما
خليلي هل من سامع ما أقوله ... فقد منع الجهال أن أتكلما
عرفت المعالي قبل تعرف نفسها ... وما سفرت وجها ولا ثغرت فما
وأوردتها ماء البلاغة منطقًا ... فصارت بجيد الدهر عقدًا منظما
وكانت تناجيني بألسن حالها ... فأدرك سر الوحي منها توهما
فما لليالي لا تقر بأنني ... خلعت لها منها بدورًا وأنجما
ورب جهول قَالَ لو كان صادقًا ... لأمكنت الأيام أن يتقدما
ولم يدر أبي لو أشاء حويتها ... ولكن صرفت النفس عنها تكرما
أبى اللَّه أن ألقى بخيلا بمدحه ... وقد جعل الشكوى إلى المدح سلما
إذا المرء لم يحكم عَلَى النفس قادرا ... يمت غير مأجور ويحيي مذمما
فقد كنت لا أبغي سوى العز مطمعا ... ولا أرتضي ماء ولو بلغ الظما
وكنت متى مثلت للنفس حاجة ... أرى وجه إعراضي ولو كنت أينما
وأحسب أن الشيب غير حالتي ... وصير جل الغانيات محرما
رعى اللَّه أيامًا عرفت بها الهوى ... عشية غازلت الغزال المنعما
عشية باب الدهر طوع مطالبي ... وأيامه تجلو علي التكرما
فإن سلبت ما ألبست من محاسن ... وأصبح ديناري من الحظ درهما
فقد ضمنت أبكار فكري ردها ... إذا قابلت قاضي القضاة المعظما
فتى عطر الدنيا بأنفاس عدله ... وخط عَلَى وجه المحامد ميسما
بنى كأبيه بيت دين محمد ... علوا ولولا رأيه لتهدما
رآه أمير المؤمنين مسددا ... فسد به ممن نمى وتغرما
أمولاي قَالَ الدهر صم إن رأيته ... فصمت وأضحى الدهر والناس صوما
أخبرني ابن القطيعي أن علوي بْن عبيد الشاعر مات ببغداد في يوم الأحد لسبع خلون من ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمسمائة، ودفن بمقابر قريش.
من أهل الحلة السيفية، كان شاعرًا محسنًا من أرباب المعاني، متفننا في علم الأدب، مليح الإيراد للشعر، قدم بغداد ومدح بها قاضي القضاة ابن الشهرزوري وغيره، وروى بها شيئًا من شعره.
أنشدني أبو الحسن [بْن] القطيعي قَالَ: أنشدنا علوي بْن عبيد الحلي لنفسه ببغداد:
سل البانة الغناء هل مطر الحمى ... وهل آن للورقاء أن تترنما
وهل عذبات الرند نبهها الصبا ... لذكر الصبا قدما فقد كن نوما
وإن تكن الأيام قصت جناحها ... فقد طالما مدت بنانا ومعصما
بكتها الغوادي رحمة فتنفست ... وأعطت رياض الحزن سرّا مكتما
وشقت ثيابا كن سترًا لأمرها ... فلما رآها الأقحوان تبسما
خليلي هل من سامع ما أقوله ... فقد منع الجهال أن أتكلما
عرفت المعالي قبل تعرف نفسها ... وما سفرت وجها ولا ثغرت فما
وأوردتها ماء البلاغة منطقًا ... فصارت بجيد الدهر عقدًا منظما
وكانت تناجيني بألسن حالها ... فأدرك سر الوحي منها توهما
فما لليالي لا تقر بأنني ... خلعت لها منها بدورًا وأنجما
ورب جهول قَالَ لو كان صادقًا ... لأمكنت الأيام أن يتقدما
ولم يدر أبي لو أشاء حويتها ... ولكن صرفت النفس عنها تكرما
أبى اللَّه أن ألقى بخيلا بمدحه ... وقد جعل الشكوى إلى المدح سلما
إذا المرء لم يحكم عَلَى النفس قادرا ... يمت غير مأجور ويحيي مذمما
فقد كنت لا أبغي سوى العز مطمعا ... ولا أرتضي ماء ولو بلغ الظما
وكنت متى مثلت للنفس حاجة ... أرى وجه إعراضي ولو كنت أينما
وأحسب أن الشيب غير حالتي ... وصير جل الغانيات محرما
رعى اللَّه أيامًا عرفت بها الهوى ... عشية غازلت الغزال المنعما
عشية باب الدهر طوع مطالبي ... وأيامه تجلو علي التكرما
فإن سلبت ما ألبست من محاسن ... وأصبح ديناري من الحظ درهما
فقد ضمنت أبكار فكري ردها ... إذا قابلت قاضي القضاة المعظما
فتى عطر الدنيا بأنفاس عدله ... وخط عَلَى وجه المحامد ميسما
بنى كأبيه بيت دين محمد ... علوا ولولا رأيه لتهدما
رآه أمير المؤمنين مسددا ... فسد به ممن نمى وتغرما
أمولاي قَالَ الدهر صم إن رأيته ... فصمت وأضحى الدهر والناس صوما
أخبرني ابن القطيعي أن علوي بْن عبيد الشاعر مات ببغداد في يوم الأحد لسبع خلون من ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمسمائة، ودفن بمقابر قريش.