عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بْن نصر بْن حمرة بْن عَلِيّ بْن عبيد الله، أبو بكر
هكذا كان يذكر نسبه ويوصله إلى أَبِي بكر الصديق. ورأيت المشايخ الثقات من أصحاب الحديث وغيرهم ينكرون نسبه هَذَا ويقولون: [إن] أباه وأمه كانا يخدمان المرضي بالمارستان البتشي فِي أسفل البلد، وكان أبوه مشهورا بفريج- تصغير أَبِي الفرج- عاميا لا يفهم شيئا، وأنه سئل عن نسبه فلم يعرفه وأنكر ذلك، ثم إنه أدعى لأمه نسبا إلى قحطان وأدعى لأبيه سماعا من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ وسمعته منه، وكذلك أدعى لنفسه سماعا من أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عمر الأرموي وكل ذلك باطل، وكان قد طلب العلم فِي صباه، فقرأ الأدب وتفقه عَلَى مذهب أَبِي عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، وسمع كثيرا من الحديث من أَبِي المظفر بْن الشبلي وأبي الفتح بْن البطي ويحيى بْن ثابت بْن بندار وأمثالهم، وقرأ كثيرا عَلَى المتأخرين وعلى مشايخنا.
وكتب بخطه. وحصل الأصول ولم يقنع بذلك حتى أدعى السماع عمن لم يدركه وألحق طباقا عَلَى الكتب بخطوط مجهولة تشهد بكذبه وتزويره وجمع مجموعات فِي فنون من التواريخ وأخبار الناس. من نظر فيها ظهر له من كذبه وقبحه وتهوره ما كان مخفيا عنه، وبان له تركيبه الإسناد عَلَى الحكايات والأشعار والأخبار وتزويق الكلام فيخفى بينه الكذب والأخلاق، ويأبى اللَّه سبحانه إلا أظهار ما أخفاه، نعوذ باللَّه من تسويل الشيطان.
وكان قد قرأ كثيرا من علم الطب والمنطق والفلسفة، وكانت بينه وبين عبيد الله ابن يونس صداقة ومصاحبه، فلما أفضت إليه الوزارة اختص به وقوى جاهه وبنى دارا بدرب الشاكرية وسماها دار العلم، وجعل فيها خزانة كتب وأوقفها على طلاب العلم، وكانت له حلقة بجامع القصر يقرأ فيها الحديث يوم الجمعة ويحضر عنده الناس
فيسمعون منه، ورتب ناظرا في أوقاف المارستاني العضدي، فلم تحمد سيرته فقبض عليه وسجن فِي المارستان مدة مع المجانين مسلسلًا، وبيعت دار العلم بما فيها من الكتب مع سائر أمواله وقبضت، وبقى معتقلًا مدة ثم أطلق فصار يطبب الناس ويدور عَلَى المرضى فِي منازلهم، وصادف قبولا فِي ذلك فأثرى وعاد إلى حالة حسنة، وحصل كتبا كثيرة، ثم إنه ندب للتوجه فِي رسالة من الديوان فخلع عليه خلعة سوداء قميص وعمامة وطرحة، وأعطى سيفا وأركب مركبا جميلًا، وتوجه إلى تفليس فِي صفر سنة تسع وتسعين إلى الأمير أَبِي بكر المذكر بْن البهلوان زعيم تلك البلاد فأدركه أجله هناك.
وكان أديبا فاضلًا فصيحا مليح العبارة بليغا حسن التصنيف، وقد حدث بكثير مما اختلقه وعن جماعة لم يلقهم، سمع منه الغرباء ومن لا يعرف طريقة الحديث، ورأيته كثيرا ولم أكتب عنه شيئا.
وقد نقلت فِي هَذَا الكتاب من خطه وقوله وروايته أشياء العهدة عليه فِي صحتها، فأني لا أطمئن إلى صحتها ولا أشهد بحقيقة بطلانها- واللَّه أعلم بالصحيح.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الحنبلي بأصبهان عن معمر بْن عَبْد الواحد بْن الفاخر الْقُرَشِيّ ونقلته من خطه قَالَ: أنشدني أَبُو بكر عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن نصر بْن حمرة التيمي لنفسه:
أفردتني بالهموم ... ذات ذل ونعيم
أودعت قلبي سقاما ... [و] الحشا نار الجحيم
ليس لي شغل سواها ... من خليل وحميم
هي داء للمعافي ... ودواء للسقيم
شغلت قلبي بأمر ... مقعد فيها مقيم
سَمِعْت أبا الحسين بْن القطيعي يَقُول: سَمِعْت أَبَا الفرج بْن الجوزي يَقُول: قَالَ لي أَبُو بكر ابن المارستانية: مولدي في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
بلغنا أنه توفي في موضع «بجرخ بند» وكان راجعا من تفليس قاصدا للأمير أَبِي بكر فِي ليلة الأحد غرة ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن فِي ذلك الموضع- رحمه اللَّه.
هكذا كان يذكر نسبه ويوصله إلى أَبِي بكر الصديق. ورأيت المشايخ الثقات من أصحاب الحديث وغيرهم ينكرون نسبه هَذَا ويقولون: [إن] أباه وأمه كانا يخدمان المرضي بالمارستان البتشي فِي أسفل البلد، وكان أبوه مشهورا بفريج- تصغير أَبِي الفرج- عاميا لا يفهم شيئا، وأنه سئل عن نسبه فلم يعرفه وأنكر ذلك، ثم إنه أدعى لأمه نسبا إلى قحطان وأدعى لأبيه سماعا من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ وسمعته منه، وكذلك أدعى لنفسه سماعا من أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عمر الأرموي وكل ذلك باطل، وكان قد طلب العلم فِي صباه، فقرأ الأدب وتفقه عَلَى مذهب أَبِي عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، وسمع كثيرا من الحديث من أَبِي المظفر بْن الشبلي وأبي الفتح بْن البطي ويحيى بْن ثابت بْن بندار وأمثالهم، وقرأ كثيرا عَلَى المتأخرين وعلى مشايخنا.
وكتب بخطه. وحصل الأصول ولم يقنع بذلك حتى أدعى السماع عمن لم يدركه وألحق طباقا عَلَى الكتب بخطوط مجهولة تشهد بكذبه وتزويره وجمع مجموعات فِي فنون من التواريخ وأخبار الناس. من نظر فيها ظهر له من كذبه وقبحه وتهوره ما كان مخفيا عنه، وبان له تركيبه الإسناد عَلَى الحكايات والأشعار والأخبار وتزويق الكلام فيخفى بينه الكذب والأخلاق، ويأبى اللَّه سبحانه إلا أظهار ما أخفاه، نعوذ باللَّه من تسويل الشيطان.
وكان قد قرأ كثيرا من علم الطب والمنطق والفلسفة، وكانت بينه وبين عبيد الله ابن يونس صداقة ومصاحبه، فلما أفضت إليه الوزارة اختص به وقوى جاهه وبنى دارا بدرب الشاكرية وسماها دار العلم، وجعل فيها خزانة كتب وأوقفها على طلاب العلم، وكانت له حلقة بجامع القصر يقرأ فيها الحديث يوم الجمعة ويحضر عنده الناس
فيسمعون منه، ورتب ناظرا في أوقاف المارستاني العضدي، فلم تحمد سيرته فقبض عليه وسجن فِي المارستان مدة مع المجانين مسلسلًا، وبيعت دار العلم بما فيها من الكتب مع سائر أمواله وقبضت، وبقى معتقلًا مدة ثم أطلق فصار يطبب الناس ويدور عَلَى المرضى فِي منازلهم، وصادف قبولا فِي ذلك فأثرى وعاد إلى حالة حسنة، وحصل كتبا كثيرة، ثم إنه ندب للتوجه فِي رسالة من الديوان فخلع عليه خلعة سوداء قميص وعمامة وطرحة، وأعطى سيفا وأركب مركبا جميلًا، وتوجه إلى تفليس فِي صفر سنة تسع وتسعين إلى الأمير أَبِي بكر المذكر بْن البهلوان زعيم تلك البلاد فأدركه أجله هناك.
وكان أديبا فاضلًا فصيحا مليح العبارة بليغا حسن التصنيف، وقد حدث بكثير مما اختلقه وعن جماعة لم يلقهم، سمع منه الغرباء ومن لا يعرف طريقة الحديث، ورأيته كثيرا ولم أكتب عنه شيئا.
وقد نقلت فِي هَذَا الكتاب من خطه وقوله وروايته أشياء العهدة عليه فِي صحتها، فأني لا أطمئن إلى صحتها ولا أشهد بحقيقة بطلانها- واللَّه أعلم بالصحيح.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الحنبلي بأصبهان عن معمر بْن عَبْد الواحد بْن الفاخر الْقُرَشِيّ ونقلته من خطه قَالَ: أنشدني أَبُو بكر عُبَيْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن نصر بْن حمرة التيمي لنفسه:
أفردتني بالهموم ... ذات ذل ونعيم
أودعت قلبي سقاما ... [و] الحشا نار الجحيم
ليس لي شغل سواها ... من خليل وحميم
هي داء للمعافي ... ودواء للسقيم
شغلت قلبي بأمر ... مقعد فيها مقيم
سَمِعْت أبا الحسين بْن القطيعي يَقُول: سَمِعْت أَبَا الفرج بْن الجوزي يَقُول: قَالَ لي أَبُو بكر ابن المارستانية: مولدي في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
بلغنا أنه توفي في موضع «بجرخ بند» وكان راجعا من تفليس قاصدا للأمير أَبِي بكر فِي ليلة الأحد غرة ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن فِي ذلك الموضع- رحمه اللَّه.