عَبْد المنعم بْن عَبْد الوهاب بْن سعد بْن صدقة بْن الخضر بْن كليب الحراني، أبو الفرج بن أبي الفتح التاجر :
من ساكني درب الآجر بخرابة بن حوذة، ولد ببغداد وبكربه في سماع الحديث وعمره ست سنين، فأسمعه عمه أبو عبد الله محمد بن سعد من الشريف أبي طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي وأبي القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان وأبي
علي محمد بن سعيد بن نبهان وأبي عثمان إسماعيل بن محمد بن أحمد بن مسلمة الأصبهاني وأبي الخير المبارك بن الحسين بن أحمد الغسال المقرئ وأبي منصور محمد ابن أحمد بن طاهر بن حمد الخازن وأبي بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني وأبي العلاء صاعد بن سيار بن محمد الإسحاقي الهروي، وكان آخر من حدث عن هؤلاء على وجه الأرض، وكانت له إجازة من الشريف أبي العز محمد بن المختار بن المؤيد وأبي الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي وأبي الخطاب محمود بن أحمد الكلوذاني وأبي البركات طلحة بن أحمد بن بادي العاقولي وأبي طاهر عبد الرحمن ابن أحمد بن عبد القادر بن يوسف وأبي العباس أحمد بن الحسين بن قريش وأبي عبد الله محمد بن عبد الباقي الدوري وعبد الوهاب بن أحمد بن الصحناي وعبد الكريم ابن هبة اللَّه بن النحوي وأحمد بن عبد الباقي بن بشر العطار وعبد اللَّه بن محمد بن جحشويه الآجري وأبي الفتح أحمد بن أحمد بن هبة اللَّه العراقي وسعد اللَّه بن علي بن الحسين بن أيوب البزاز وأبي بكر محمد بن مكي بن دوست العلاف وأبي المعالي هبة اللَّه بن المبارك الدواني ويحيى بن عثمان بن الشواء وأبي طاهر حمزة بن محمد الروذراوري وجماعة غيرهم وتفرد بالرواية عن هؤلاء ببغداد.
وسمع منه شيوخنا أبو الفرج بن الجوزي وأبو محمد بن الأخضر وأبو الفتوح بن الخضري وأبو العباس بن البندنيجي وجماعة غيرهم، ألحق الصغار بالكبار، وصارت الرحلة إليه من جميع الأقطار، ومات خلق ممن سمع منه وهو حي، وكان بين سماعه وروايته إحدى وتسعون سنة، ومتعه اللَّه بسمعه وبصره وجوارحه وقوته وصحة ذهنه وكمال عقله وحسن صورته وحمرة وجهه كهيئة ألوان الشباب، وكان الغرباء والطلاب يترددون إلى بابه كل يوم، فيجلس لهم بلا ضجر ولا ملل، وكتب أحاديث الحسن بن عرفة بخطه- وله سبع وتسعون سنة- خطا مليحا بلا ارتعاش يد، وحدث
به من لفظه في مجلس عام حضره خلق كثيرون في دار كثيرة، وحضرت ذلك اليوم في آخر المجلس، وسمعت بعضه من لفظه، وكنت قد سمعت منه قبل ذلك مرتين ولله الحمد، وكان رحمه اللَّه من أعيان التجار ببغداد وأرباب الثروة الواسعة والتحمل الكثير، وكان قد سافر كثيرا في طلب الكسب برا وبحرا ورأى العجائب، ثم عاد في آخر عمره إلى بغداد وافتقر وتضعضع ولزم منزله إلى حين وفاته، واحتاج إلى أن يأخذ من طلاب الحديث والأغنياء ما يرفق به، وكان لا يروي أحاديث بن عرفة إلا بدينار، وذلك من تحسين ولده له، سمعت منه الكثير وقرأت عليه كثيرا بالسمع والإجازة، وكنت كثير الملازمة له، وكان صدوقا أمينا حسن الأخلاق، مليح المجالسة، دمثا، من محاسن الزمان وبقية الناس.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بن عبد الوهاب الحراني قراءة عليه غيرة مرة قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ بَيَانٍ الْكَاتِبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شهر ربيع الآخر من سنة ست وخمسمائة أنبأنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيم بْن مخلد البزاز، أنبأنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ أَخُو سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُمْنَعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَبِّرَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا وَيُسَبِّحَ عَشْرًا وَيَحْمَدَ عَشْرًا، فَذَاكَ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وخمسمائة فِي الْمِيزَانِ، وَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَسَبَّحَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي يومه ابن كليب وليلته ألفين وخمسمائة سيئة» .
أخبرنا أبو الفرج بن كلب قراءة عليه، أنبأنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ الكاتب قراءة عليه في سنة تسع وخمسمائة أنبأ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن
شَاذَانَ أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بن دعلج حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْبَأَ أَبُو عُبَيْدٍ القاسم بن سلام حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الإنجيل ولا في الفرقان ولا في أنبأنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن شاذان، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دعلج، حدثنا علي بن عبد العزيز، أنبأنا أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا إسماعيل الإنجيل ولا في الزبور وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا لِلسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي أُعْطِيتُ» .
أخبرنا عبد المنعم بن عبد الوهاب التاجر قال: أنبأنا أبو علي بن نبهان قراءة عليه، أنبأنا بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَاتِنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بن أَحْمَدَ بْنِ مخلد، حدثنا أبو العباس أحمد بن مسروق، حدثنا محمد بن الحسين- يعني البرجلاني- حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا مبارك بن سعيد بن مسروق الثوري عن عبد الملك بن عمير قال: وجدت في حكمة أبي فارس: رأيت الكرماء والعقلاء يبتغون إلى المعروف وصلة، ورأيت المودة بين الصالحين سريعا اتصالها، بطيئا انقطاعها، ككوز الذهب سريع الإعادة إذا أصابه ثلم أو كسر؛ ورأيت المودة بين الأشرار بطيئا اتصالها، سريعا انقطاعها، ككوز الفخار إن أصابه ثلم أو كسر فلا إعادة له، ورأيت الكريم يحفظ الكريم على اللقيا الواحدة ومعرفة اليوم، ورأيت اللئيم لا ينفع عنده معرفة إلا عن رغبة أو رهبة، وقال الأول:
أصل الكريم إذا أراد وصالنا ... وأصد عنه صدوده أحيانا
فإذا استمر على الجفاء تركته ... ووجدت عنه مذهبا ومكانا
لا في القطيعة مفشيا أسراره ... بل حافظ من ذاك ما استرعانا
إن اللئيم إذا تقطع وصله ... من ذي المودة قال كان وكانا
حدثني إبراهيم بن علي الشاهد قال: سمعت الناس يحكون أن أبا الفرج بن كليب التاجر عمل دعوة ببعض بلاد خراسان في زمن الصيف وتكلف تكلفا كثيرا، وكان من جملته أنه حمل أحمالا من عمل مصر فيها شروب وتلثيمات، [و] فرقها على الحاضرين ليتحققوا بها، فلما انقضى المجلس وأعادوها فلم يقبلها وأقسم عليهم في قبولها، وانفصلوا بها، هناك لها قيمة كثيرة.
قال أنبأنا إبراهيم: فذكرت هذه الحكاية للشيخ أبي الفرج وسألته عن صحتها فرافع، فألححت عليه فقال: قد كان ذلك.
سمعت أبا الفرج بن كليب تحلى للجماعة يوما فقال: وصلني خبر مرة عن مملوك لي غرق في البحر بما كان لي معه وكان مقداره ستة آلاف دينار أو أكثر فلم أتأثر لذلك لسعة حالي، ولم يمت حتى طلب من الناس.
سألت عن مولده فقال: في صفر سنة خمسمائة، وتوفي صبيحة يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وخمسمائة، وحضرت الصلاة عليه بالمدرسة النظامية، ودفن بباب حرب.
من ساكني درب الآجر بخرابة بن حوذة، ولد ببغداد وبكربه في سماع الحديث وعمره ست سنين، فأسمعه عمه أبو عبد الله محمد بن سعد من الشريف أبي طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي وأبي القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان وأبي
علي محمد بن سعيد بن نبهان وأبي عثمان إسماعيل بن محمد بن أحمد بن مسلمة الأصبهاني وأبي الخير المبارك بن الحسين بن أحمد الغسال المقرئ وأبي منصور محمد ابن أحمد بن طاهر بن حمد الخازن وأبي بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني وأبي العلاء صاعد بن سيار بن محمد الإسحاقي الهروي، وكان آخر من حدث عن هؤلاء على وجه الأرض، وكانت له إجازة من الشريف أبي العز محمد بن المختار بن المؤيد وأبي الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي وأبي الخطاب محمود بن أحمد الكلوذاني وأبي البركات طلحة بن أحمد بن بادي العاقولي وأبي طاهر عبد الرحمن ابن أحمد بن عبد القادر بن يوسف وأبي العباس أحمد بن الحسين بن قريش وأبي عبد الله محمد بن عبد الباقي الدوري وعبد الوهاب بن أحمد بن الصحناي وعبد الكريم ابن هبة اللَّه بن النحوي وأحمد بن عبد الباقي بن بشر العطار وعبد اللَّه بن محمد بن جحشويه الآجري وأبي الفتح أحمد بن أحمد بن هبة اللَّه العراقي وسعد اللَّه بن علي بن الحسين بن أيوب البزاز وأبي بكر محمد بن مكي بن دوست العلاف وأبي المعالي هبة اللَّه بن المبارك الدواني ويحيى بن عثمان بن الشواء وأبي طاهر حمزة بن محمد الروذراوري وجماعة غيرهم وتفرد بالرواية عن هؤلاء ببغداد.
وسمع منه شيوخنا أبو الفرج بن الجوزي وأبو محمد بن الأخضر وأبو الفتوح بن الخضري وأبو العباس بن البندنيجي وجماعة غيرهم، ألحق الصغار بالكبار، وصارت الرحلة إليه من جميع الأقطار، ومات خلق ممن سمع منه وهو حي، وكان بين سماعه وروايته إحدى وتسعون سنة، ومتعه اللَّه بسمعه وبصره وجوارحه وقوته وصحة ذهنه وكمال عقله وحسن صورته وحمرة وجهه كهيئة ألوان الشباب، وكان الغرباء والطلاب يترددون إلى بابه كل يوم، فيجلس لهم بلا ضجر ولا ملل، وكتب أحاديث الحسن بن عرفة بخطه- وله سبع وتسعون سنة- خطا مليحا بلا ارتعاش يد، وحدث
به من لفظه في مجلس عام حضره خلق كثيرون في دار كثيرة، وحضرت ذلك اليوم في آخر المجلس، وسمعت بعضه من لفظه، وكنت قد سمعت منه قبل ذلك مرتين ولله الحمد، وكان رحمه اللَّه من أعيان التجار ببغداد وأرباب الثروة الواسعة والتحمل الكثير، وكان قد سافر كثيرا في طلب الكسب برا وبحرا ورأى العجائب، ثم عاد في آخر عمره إلى بغداد وافتقر وتضعضع ولزم منزله إلى حين وفاته، واحتاج إلى أن يأخذ من طلاب الحديث والأغنياء ما يرفق به، وكان لا يروي أحاديث بن عرفة إلا بدينار، وذلك من تحسين ولده له، سمعت منه الكثير وقرأت عليه كثيرا بالسمع والإجازة، وكنت كثير الملازمة له، وكان صدوقا أمينا حسن الأخلاق، مليح المجالسة، دمثا، من محاسن الزمان وبقية الناس.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بن عبد الوهاب الحراني قراءة عليه غيرة مرة قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن مُحَمَّدِ بْنِ بَيَانٍ الْكَاتِبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي شهر ربيع الآخر من سنة ست وخمسمائة أنبأنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيم بْن مخلد البزاز، أنبأنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ أَخُو سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُمْنَعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَبِّرَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشْرًا وَيُسَبِّحَ عَشْرًا وَيَحْمَدَ عَشْرًا، فَذَاكَ فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وخمسمائة فِي الْمِيزَانِ، وَإِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كَبَّرَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَسَبَّحَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي يومه ابن كليب وليلته ألفين وخمسمائة سيئة» .
أخبرنا أبو الفرج بن كلب قراءة عليه، أنبأنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبْهَانَ الكاتب قراءة عليه في سنة تسع وخمسمائة أنبأ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن
شَاذَانَ أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بن دعلج حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْبَأَ أَبُو عُبَيْدٍ القاسم بن سلام حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الإنجيل ولا في الفرقان ولا في أنبأنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بن شاذان، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دعلج، حدثنا علي بن عبد العزيز، أنبأنا أبو عبيد القاسم بن سلام، حدثنا إسماعيل الإنجيل ولا في الزبور وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا لِلسَّبْعِ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي أُعْطِيتُ» .
أخبرنا عبد المنعم بن عبد الوهاب التاجر قال: أنبأنا أبو علي بن نبهان قراءة عليه، أنبأنا بُشْرَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَاتِنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بن أَحْمَدَ بْنِ مخلد، حدثنا أبو العباس أحمد بن مسروق، حدثنا محمد بن الحسين- يعني البرجلاني- حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا مبارك بن سعيد بن مسروق الثوري عن عبد الملك بن عمير قال: وجدت في حكمة أبي فارس: رأيت الكرماء والعقلاء يبتغون إلى المعروف وصلة، ورأيت المودة بين الصالحين سريعا اتصالها، بطيئا انقطاعها، ككوز الذهب سريع الإعادة إذا أصابه ثلم أو كسر؛ ورأيت المودة بين الأشرار بطيئا اتصالها، سريعا انقطاعها، ككوز الفخار إن أصابه ثلم أو كسر فلا إعادة له، ورأيت الكريم يحفظ الكريم على اللقيا الواحدة ومعرفة اليوم، ورأيت اللئيم لا ينفع عنده معرفة إلا عن رغبة أو رهبة، وقال الأول:
أصل الكريم إذا أراد وصالنا ... وأصد عنه صدوده أحيانا
فإذا استمر على الجفاء تركته ... ووجدت عنه مذهبا ومكانا
لا في القطيعة مفشيا أسراره ... بل حافظ من ذاك ما استرعانا
إن اللئيم إذا تقطع وصله ... من ذي المودة قال كان وكانا
حدثني إبراهيم بن علي الشاهد قال: سمعت الناس يحكون أن أبا الفرج بن كليب التاجر عمل دعوة ببعض بلاد خراسان في زمن الصيف وتكلف تكلفا كثيرا، وكان من جملته أنه حمل أحمالا من عمل مصر فيها شروب وتلثيمات، [و] فرقها على الحاضرين ليتحققوا بها، فلما انقضى المجلس وأعادوها فلم يقبلها وأقسم عليهم في قبولها، وانفصلوا بها، هناك لها قيمة كثيرة.
قال أنبأنا إبراهيم: فذكرت هذه الحكاية للشيخ أبي الفرج وسألته عن صحتها فرافع، فألححت عليه فقال: قد كان ذلك.
سمعت أبا الفرج بن كليب تحلى للجماعة يوما فقال: وصلني خبر مرة عن مملوك لي غرق في البحر بما كان لي معه وكان مقداره ستة آلاف دينار أو أكثر فلم أتأثر لذلك لسعة حالي، ولم يمت حتى طلب من الناس.
سألت عن مولده فقال: في صفر سنة خمسمائة، وتوفي صبيحة يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وخمسمائة، وحضرت الصلاة عليه بالمدرسة النظامية، ودفن بباب حرب.