يوسف بن يحيى، أبو يعقوب البويطي المصري الفقيه صاحب الشافعي :
سَمِعَ عبد الله بن وهب، ومحمد بْن إدريس الشافعي. روى عَنْهُ أَبُو إِسْمَاعِيل الترمذي، وإبراهيم بْن إِسْحَاق الحربي، وقاسم بْن المغيرة الجوهري، وَأَحْمَد بْن منصور الرمادي، والقاسم بْن هاشم السمسار.
وكان قد حُمِلَ إلى بغداد فِي أيام المحنة، وأُريدَ عَلَى القول بخلق القرآن فامتنعَ من الإجابة إلى ذَلِكَ، فحُبِسَ ببغداد ولَم يزل فِي الحبس إلى حين وفاته. وكان صالِحًا متعبدًا زاهدًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بندار الإستراباذي- ببيت المقدس- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الطيبي- باستراباذ- حدثنا أبو نعيم عبد الملك ابن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ الربيع- هُوَ ابن سُلَيْمَان- قَالَ: سمعتُ أَبَا الوليد بْن أبي الجارود يَقُولُ: كَانَ أَبُو يعقوب البويطي جاري، قَالَ: فما كنت أنتبه ساعة من الليل إلا سَمِعْتُهُ يقرأ ويصلي. قَالَ الربيع: كَانَ أَبُو يعقوب أبدًا يُحرك شفتيه بذكر الله- أو نحو ما قَالَ-.
أخبرني الأزهري، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْكَانَ الْفَقِيهُ الهمداني قَالَ:
حدَّثَنِي الفضل بْن الفضل الكنديّ، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن- يعني ابن مُحَمَّد الرازي- قَالَ: قَالَ الربيع بْن سُلَيْمَان: ما رأيتُ أحدا أسرع بحجة من كتاب الله تعالى من أبي يعقوب البويطي.
أَخْبَرَنَا العتيقي والتنوخي. قالا: أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز البرذعي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قَالَ: فِي كتابي عَن الربيع بْن سُلَيْمَان. قَالَ: كَانَ لأبي يعقوب البويطي من الشافعي منزلة، وكان الرجل ربما يسأله عَن المسألة فيقول: سل أبا
يعقوب، فإذا أجابه أخبره فيقول: هُوَ كما قَالَ. قَالَ: وربما جاء إلى الشافعي رسول صاحب الشرط فيوجه الشافعي أَبَا يعقوب البويطي ويقول: هذا لساني.
حدثت عَن أبي أَحْمَد الْحُسَيْن بْن علي التميمي النيسابوري قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّد ابن إسحاق- يعني أَبَا بَكْر بْن خُزيمة- يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: كَانَ الشافعي ربما جاء راكبًا إلى الباب فيقول: ادع لي محمدًا، فأدعوه فيذهب معه إلى منزله فيبقى عنده ويقيلُ عنده. قَالَ أَبُو بَكْر وهم أربعة إخوة؛ عَبْد الحكم، وعبد الرّحمن، ومحمّد، وسعد، ولم نُدرك نحنُ منهم إلا اثنين، وكان مُحَمَّد أعلم من رأيت بِمذهب مالك وأحفظهم لَهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كنت أتعجب ممن يَقُولُ فِي المسائل لا أدري. قَالَ أَبُو بَكْر: فأمّا الإسناد فلم يكن يحفظه، وكان أعبدهم وأكثرهم اجتهادًا وصلاة سعد بْن عَبْد الله وكان محمّد بن أصحاب الشافعي وممن يتعلم منه، فوقعت وحشة بينه وبين يوسف بْن يَحْيَى البويطي فِي مرض الشافعي الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ.
فحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَر السكري- صديق للربيع- قَالَ: لما مرض الشافعي مرضه الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، جاء مُحَمَّد بن الحكم ينازع البويطي مجلس الشافعي. فقال البويطي: أَنَا أحق بِهِ منك، وقال ابن عَبْد الحكم: أَنَا أحق بِمجلسه منك. فجاء الحميدي- وكان فِي تِلْكَ الأيام بِمصر- فقال قَالَ الشافعي: لَيْسَ أحدٌ أحق بمجلسي من يوسف بْن يَحْيَى، وليس أحد من أصحابي أعلم منه. فقال لَهُ ابن عَبْد الحكم: كذبت، فقال لَهُ الحميدي: كذبت أنت، وكذب أبوك، وكذبت أمك. وغضب ابن عَبْد الحكم فترك مجلس الشافعي، وتقدّم فجلس فِي الطاق الثالث، وترك طاقًا بين مجلس الشافعي ومجلسه، وجلس البويطي فِي مجلس الشافعي فِي الطاق الَّذِي كَانَ يجلس. قَالَ أَبُو بَكْر وقال لي ابن عَبْد الحكم: كَانَ الحميدي معي فِي الدار نحوًا من سنة، وأعطاني كتاب ابن عُيَيْنَة، ثُمَّ أبوا إلا أن يُوقعوا بيننا ما وقع.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الإِسْتَرَابَاذِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ- بِنَيْسَابُورَ- قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب- غير مرة- يَقُولُ: رأيتُ أبي فِي المنام فقال لي: يا بُني عليك بكتاب الْبُوَيْطي، فليسَ فِي الكتب أقلَّ خطأ منه.
أَخْبَرَنَا أَبُو نصر الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن طلاب الخطيب- بدمشق- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان السلمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بشر الزنبري - بِمصر- قَالَ: سمعت
الربيع بْن سُلَيْمَان يَقُولُ: كنتُ عِنْدَ الشافعي أَنَا والمزني وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا فقال لي: أنت تموت فِي الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه- أو جدله- وقال للبويطي: أنت تموت فِي الحديد. قَالَ الربيع: فدخلتُ عَلَى البويطي أيام المحنة فرأيته مقيدًا إلى أنصاف ساقيه، مغلولة يده إلى عنقه.
أخبرنا الخلّال، أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى الدقاق قَالَ: حدَّثَنِي أَحْمَد بْن قاج- من لفظه- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَمدان بْن سُفْيَان الرازي الطرائفي قَالَ:
سمعتُ الربيع بْن سُلَيْمَان المرادي يَقُولُ: كُنَّا جلوسًا بين يدي الشافعي: أَنَا، والبويطي، والمزني، فنظر إلى البويطي فقال: ترون هذا؟ إنه لن يموت إلا في حديده، ثم نظر إلى المزني فقال: ترون هذا؟ أما إنه سيأتي عليه زمان لا يُفسر شيئًا فيخطئه، ثُمَّ نظر إليّ فقال: أما إنه ما فِي القوم أحدٌ أنفع لي منه، ولوددت أني حشوته العلم حشوًا.
حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز البزاز- إملاء بِهمذان- حدثنا عبد الرّحمن بن أحمد الأنماطيّ، حدثنا محمّد بن حمدان الطرائفي، حَدَّثَنَا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: رأيتُ البويطي عَلَى بَغل فِي عنقه غلٌّ، وفي رجليه قيدٌ، وبين الغل والقيد سلسلة حديد، فيها طوبة وزنَها أربعون رطلا، وهو يَقُولُ: إنّما خلق الله الخلق بكن، فإذا كانت كُن مخلوقة فكانت مخلوقا خلق مخلوقا، فو الله لأموتن فِي حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قومٌ يعلمون أَنَّهُ قد مات فِي هذا الشأن قومٌ فِي حديدهم، ولئن أدخلت إِلَيْهِ لأصدقنّه- يعني الواثق- قَالَ الربيع: وكتب إليّ من السجن أَنَّهُ ليأتي عليّ أوقات ما أحس بالحديد أَنَّهُ عَلَى بدني حتى تمسه يدي فإذا قرأتَ كتابي هذا فأحسن خُلقُك مَعَ أهل حلقتك، واستوص بالْغُرباء خاصة خيرًا، فكثيرًا ما كنت أسمع الشافعي يتمثل بِهذا البيت:
أهين لَهم نفسي لكي يُكرمونَها ... ولا تُكرَم النفسُ التي لا تُهينُها
أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الربيع بْن سُلَيْمَان يَقُولُ: كتب إليّ أبو يعقوب البويطيّ أن أصبر نفسي للغرباء، وأظنك خُلقك لأهل حلقتك فإني لَم أزل أسمع الشافعي يَقُولُ، يكثر أن يتمثل بِهذا البيت:
أهين لَهم نفسي لكي يُكرمونَها ... ولا تُكرَم النفسُ التي لا تُهينُها
أخبرنا أبو سعد الأسترآباذي، أخبرنا علي بن محمّد الطيني قَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد: قلت للربيع سَمِعْتُ البويطي يَقُولُ: إنّما خلق الله كل شيء بكن، فإن كان كن مخلوقة فمخلوق خلق مخلوقًا؟ قَالَ: نعم.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَدَ بْن يونس بْن عبد الأعلى المصريّ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: يوسف بْن يَحْيَى أَبُو يعقوب البويطي كَانَ من أصحاب الشافعي، وكان متقشفًا، حُمِلَ من مصر أيام الفتنة والمحنة بالقرآن إلى العراق، فأرادوه عَلَى الفتنة فامتنع، فسجن ببغداد وقُيد وأقام مسجونًا إلى أن تُوُفِّيَ فِي السجن والقيد ببغداد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وقد كُتب عَنْهُ شيء يسير.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان الحضرمي قَالَ: سنة إحدى وثلاثين ومائتين فيها مات البويطي.
قلت: هذا القول فِي وفاته أصح، وقد ذكره هكذا غيرُ واحد.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد اللَّه بْن مُحَمَّد البغوي.
وأَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أحمد بن رزق، أخبرنا محمد بن عمر بن غالب، حدثنا موسى ابن هارون قَالَ: مات أَبُو يعقوب البويطي فِي رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قَالَ مُوسَى: وشهدتُ جنازته، حبس فِي القرآن فلم يُجب.
سَمِعَ عبد الله بن وهب، ومحمد بْن إدريس الشافعي. روى عَنْهُ أَبُو إِسْمَاعِيل الترمذي، وإبراهيم بْن إِسْحَاق الحربي، وقاسم بْن المغيرة الجوهري، وَأَحْمَد بْن منصور الرمادي، والقاسم بْن هاشم السمسار.
وكان قد حُمِلَ إلى بغداد فِي أيام المحنة، وأُريدَ عَلَى القول بخلق القرآن فامتنعَ من الإجابة إلى ذَلِكَ، فحُبِسَ ببغداد ولَم يزل فِي الحبس إلى حين وفاته. وكان صالِحًا متعبدًا زاهدًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْد إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن بندار الإستراباذي- ببيت المقدس- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الطيبي- باستراباذ- حدثنا أبو نعيم عبد الملك ابن مُحَمَّد قَالَ: سمعتُ الربيع- هُوَ ابن سُلَيْمَان- قَالَ: سمعتُ أَبَا الوليد بْن أبي الجارود يَقُولُ: كَانَ أَبُو يعقوب البويطي جاري، قَالَ: فما كنت أنتبه ساعة من الليل إلا سَمِعْتُهُ يقرأ ويصلي. قَالَ الربيع: كَانَ أَبُو يعقوب أبدًا يُحرك شفتيه بذكر الله- أو نحو ما قَالَ-.
أخبرني الأزهري، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْكَانَ الْفَقِيهُ الهمداني قَالَ:
حدَّثَنِي الفضل بْن الفضل الكنديّ، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن- يعني ابن مُحَمَّد الرازي- قَالَ: قَالَ الربيع بْن سُلَيْمَان: ما رأيتُ أحدا أسرع بحجة من كتاب الله تعالى من أبي يعقوب البويطي.
أَخْبَرَنَا العتيقي والتنوخي. قالا: أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز البرذعي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قَالَ: فِي كتابي عَن الربيع بْن سُلَيْمَان. قَالَ: كَانَ لأبي يعقوب البويطي من الشافعي منزلة، وكان الرجل ربما يسأله عَن المسألة فيقول: سل أبا
يعقوب، فإذا أجابه أخبره فيقول: هُوَ كما قَالَ. قَالَ: وربما جاء إلى الشافعي رسول صاحب الشرط فيوجه الشافعي أَبَا يعقوب البويطي ويقول: هذا لساني.
حدثت عَن أبي أَحْمَد الْحُسَيْن بْن علي التميمي النيسابوري قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّد ابن إسحاق- يعني أَبَا بَكْر بْن خُزيمة- يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: كَانَ الشافعي ربما جاء راكبًا إلى الباب فيقول: ادع لي محمدًا، فأدعوه فيذهب معه إلى منزله فيبقى عنده ويقيلُ عنده. قَالَ أَبُو بَكْر وهم أربعة إخوة؛ عَبْد الحكم، وعبد الرّحمن، ومحمّد، وسعد، ولم نُدرك نحنُ منهم إلا اثنين، وكان مُحَمَّد أعلم من رأيت بِمذهب مالك وأحفظهم لَهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كنت أتعجب ممن يَقُولُ فِي المسائل لا أدري. قَالَ أَبُو بَكْر: فأمّا الإسناد فلم يكن يحفظه، وكان أعبدهم وأكثرهم اجتهادًا وصلاة سعد بْن عَبْد الله وكان محمّد بن أصحاب الشافعي وممن يتعلم منه، فوقعت وحشة بينه وبين يوسف بْن يَحْيَى البويطي فِي مرض الشافعي الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ.
فحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَر السكري- صديق للربيع- قَالَ: لما مرض الشافعي مرضه الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، جاء مُحَمَّد بن الحكم ينازع البويطي مجلس الشافعي. فقال البويطي: أَنَا أحق بِهِ منك، وقال ابن عَبْد الحكم: أَنَا أحق بِمجلسه منك. فجاء الحميدي- وكان فِي تِلْكَ الأيام بِمصر- فقال قَالَ الشافعي: لَيْسَ أحدٌ أحق بمجلسي من يوسف بْن يَحْيَى، وليس أحد من أصحابي أعلم منه. فقال لَهُ ابن عَبْد الحكم: كذبت، فقال لَهُ الحميدي: كذبت أنت، وكذب أبوك، وكذبت أمك. وغضب ابن عَبْد الحكم فترك مجلس الشافعي، وتقدّم فجلس فِي الطاق الثالث، وترك طاقًا بين مجلس الشافعي ومجلسه، وجلس البويطي فِي مجلس الشافعي فِي الطاق الَّذِي كَانَ يجلس. قَالَ أَبُو بَكْر وقال لي ابن عَبْد الحكم: كَانَ الحميدي معي فِي الدار نحوًا من سنة، وأعطاني كتاب ابن عُيَيْنَة، ثُمَّ أبوا إلا أن يُوقعوا بيننا ما وقع.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الإِسْتَرَابَاذِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ- بِنَيْسَابُورَ- قَالَ: سمعت أبا الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يعقوب- غير مرة- يَقُولُ: رأيتُ أبي فِي المنام فقال لي: يا بُني عليك بكتاب الْبُوَيْطي، فليسَ فِي الكتب أقلَّ خطأ منه.
أَخْبَرَنَا أَبُو نصر الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن طلاب الخطيب- بدمشق- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان السلمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بشر الزنبري - بِمصر- قَالَ: سمعت
الربيع بْن سُلَيْمَان يَقُولُ: كنتُ عِنْدَ الشافعي أَنَا والمزني وأبو يعقوب البويطي، فنظر إلينا فقال لي: أنت تموت فِي الحديث، وقال للمزني: هذا لو ناظره الشيطان قطعه- أو جدله- وقال للبويطي: أنت تموت فِي الحديد. قَالَ الربيع: فدخلتُ عَلَى البويطي أيام المحنة فرأيته مقيدًا إلى أنصاف ساقيه، مغلولة يده إلى عنقه.
أخبرنا الخلّال، أَخْبَرَنَا عبيد اللَّه بْن عثمان بْن يحيى الدقاق قَالَ: حدَّثَنِي أَحْمَد بْن قاج- من لفظه- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَمدان بْن سُفْيَان الرازي الطرائفي قَالَ:
سمعتُ الربيع بْن سُلَيْمَان المرادي يَقُولُ: كُنَّا جلوسًا بين يدي الشافعي: أَنَا، والبويطي، والمزني، فنظر إلى البويطي فقال: ترون هذا؟ إنه لن يموت إلا في حديده، ثم نظر إلى المزني فقال: ترون هذا؟ أما إنه سيأتي عليه زمان لا يُفسر شيئًا فيخطئه، ثُمَّ نظر إليّ فقال: أما إنه ما فِي القوم أحدٌ أنفع لي منه، ولوددت أني حشوته العلم حشوًا.
حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز البزاز- إملاء بِهمذان- حدثنا عبد الرّحمن بن أحمد الأنماطيّ، حدثنا محمّد بن حمدان الطرائفي، حَدَّثَنَا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ: رأيتُ البويطي عَلَى بَغل فِي عنقه غلٌّ، وفي رجليه قيدٌ، وبين الغل والقيد سلسلة حديد، فيها طوبة وزنَها أربعون رطلا، وهو يَقُولُ: إنّما خلق الله الخلق بكن، فإذا كانت كُن مخلوقة فكانت مخلوقا خلق مخلوقا، فو الله لأموتن فِي حديدي هذا حتى يأتي من بعدي قومٌ يعلمون أَنَّهُ قد مات فِي هذا الشأن قومٌ فِي حديدهم، ولئن أدخلت إِلَيْهِ لأصدقنّه- يعني الواثق- قَالَ الربيع: وكتب إليّ من السجن أَنَّهُ ليأتي عليّ أوقات ما أحس بالحديد أَنَّهُ عَلَى بدني حتى تمسه يدي فإذا قرأتَ كتابي هذا فأحسن خُلقُك مَعَ أهل حلقتك، واستوص بالْغُرباء خاصة خيرًا، فكثيرًا ما كنت أسمع الشافعي يتمثل بِهذا البيت:
أهين لَهم نفسي لكي يُكرمونَها ... ولا تُكرَم النفسُ التي لا تُهينُها
أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قَالَ: سمعتُ الربيع بْن سُلَيْمَان يَقُولُ: كتب إليّ أبو يعقوب البويطيّ أن أصبر نفسي للغرباء، وأظنك خُلقك لأهل حلقتك فإني لَم أزل أسمع الشافعي يَقُولُ، يكثر أن يتمثل بِهذا البيت:
أهين لَهم نفسي لكي يُكرمونَها ... ولا تُكرَم النفسُ التي لا تُهينُها
أخبرنا أبو سعد الأسترآباذي، أخبرنا علي بن محمّد الطيني قَالَ: قَالَ أَبُو نُعَيْم عَبْد الملك بْن مُحَمَّد: قلت للربيع سَمِعْتُ البويطي يَقُولُ: إنّما خلق الله كل شيء بكن، فإن كان كن مخلوقة فمخلوق خلق مخلوقًا؟ قَالَ: نعم.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَدَ بْن يونس بْن عبد الأعلى المصريّ، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: يوسف بْن يَحْيَى أَبُو يعقوب البويطي كَانَ من أصحاب الشافعي، وكان متقشفًا، حُمِلَ من مصر أيام الفتنة والمحنة بالقرآن إلى العراق، فأرادوه عَلَى الفتنة فامتنع، فسجن ببغداد وقُيد وأقام مسجونًا إلى أن تُوُفِّيَ فِي السجن والقيد ببغداد سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وقد كُتب عَنْهُ شيء يسير.
أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان الحضرمي قَالَ: سنة إحدى وثلاثين ومائتين فيها مات البويطي.
قلت: هذا القول فِي وفاته أصح، وقد ذكره هكذا غيرُ واحد.
أَخْبَرَنَا العتيقي، أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد اللَّه بْن مُحَمَّد البغوي.
وأَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أحمد بن رزق، أخبرنا محمد بن عمر بن غالب، حدثنا موسى ابن هارون قَالَ: مات أَبُو يعقوب البويطي فِي رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين. قَالَ مُوسَى: وشهدتُ جنازته، حبس فِي القرآن فلم يُجب.