كلثوم بْن عمرو، أَبُو عمرو العتابي :
كان شاعرا خطيبا بليغا مجيدا، وهو من أهل قنسرين وقدم بغداد ومدح هارون الرشيد وغيره من الخلفاء والأشراف، وله رسائل مستحسنة، وكان يتجنب غشيان السلطان قناعة وتنزها، وصيانة وتقززا. وكان يلبس الصوف ويظهر الزهد.
أَخْبَرَنِي الحسن بْن الحسين بْن العباس النعالي قال: قَالَ أَبُو الفرج عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الأصبهاني: العتابي هو كلثوم بْن عمرو بْن أيوب بْن عبيد بْن خنيس بْن أوس بْن مسعود بْن عبد اللَّه بْن عمرو بْن كلثوم الشاعر. وهو ابْن مالك بْن عتاب بْن سعد بْن زهير بْن جشم بْن بكر بْن حبيب بْن عمرو بْن غنم بْن تغلب. شاعر مترسل، بليغ مطبوع، متصرف في فنون من الشعر، مقدم في الخطابة والرواية، حسن المعارضة
والبديهة، من شعراء الدولة العباسية ومنصور النمري راويته وتلميذه. وكان العتابي منقطعا إلى البرامكة، فوصفوه للرشيد ووصلوه به، فبلغ عنده كل مبلغ وعظمت فوائده منه، ثم فسدت الحال بينه وبين منصور وتباعدت.
قلت: ساق غير أبي الفرج الأصبهاني نسب كلثوم بْن عمرو فقال: حبيش مكان خنيس.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا، حدّثنا عبد الله بن منصور الحارثي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي طاهر قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو دعامة الشاعر قَالَ: كتب طوق بْن مالك إلى العتابي يستزيره ويدعوه إلى أن يصل القرابة بينه وبينه، فرد عليه: إن قريبك من قرب منك خيره، وإن عمك من عمك نفعه، وإن عشيرتك من أحسن عشرتك، وإن أحب الناس إليك أجداهم بالمنفعة عليك. ولذلك أقول:
ولقد بلوت الناس ثم سبرتهم ... وخبرت ما وصلوا من الأسباب
فإذا القرابة لا تقرب قاطعا ... وإذا المودة أكبر الأنساب
ويروي- أقرب الأنساب.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا علان بن أحمد الرّزّاز، حَدَّثَنَا قاسم الأنباري قَالَ: قَالَ أَحْمَد بْن يحيى: قيل للعتابي إنك تلقى العامة ببشر وتقريب.
فقال: رفع ضغينة بأيسر مؤنة، واكتساب إخوان بأهون مبذول.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشيباني قَالَ: حَدَّثَنِي كلثوم بْن عمرو بْن كلثوم التغلبي قَالَ: أنشدني أبي أن جده كلثوم بن عمرو أنشده لنفسه:
إني لأخفي من علمي جواهره ... كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
ورب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال دينون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا
وقد تقدم في هذا أَبُو حسن ... أوصى حسينا بما قد خبر الحسنا
أَخْبَرَنَا الحسن بْن الحسين النعالي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج الأصبهاني قَالَ: ذكر أَحْمَد بن أبي طاهر عن عبد اللَّه بْن أبي سعد أن عبد اللَّه بْن سعيد بْن زرارة حدثه عَنْ محمّد ابن إبراهيم السياري قَالَ: لما قدم العتابي مدينة السلام على المأمون أذن له، فدخل
عليه وعنده إسحاق الموصلي، وكان العتابي شيخا جليلا نبيلا، فسلم فرد عليه، وأدناه وقربه، حتى قرب منه فقبل يده، ثم أمره بالجلوس فجلس، وأقبل عليه فسأله عَنْ حاله وهو يجيبه بلسان طلق، فاستظرف المأمون ذلك منه وأقبل عليه بالمداعبة والمزح، فظن الشيخ أنه استخف به فقال: يا أمير المؤمنين الإيناس قبل الإبساس، فاشتبه على المأمون قوله، فنظر إلى إسحاق مستفهما، فأومأ إليه بعينه وغمزه على معناه حتى فهمه، ثم قَالَ: نعم، يا غلام ألف دينار، فأتي بذلك فوضعه بين يدي العتابي وأخذوا في الحديث، ثم غمز المأمون إسحاق بْن إبراهيم عليه، فجعل العتابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحاق، فبقي العتابي متعجبا. ثم قَالَ: يا أمير المؤمنين أتأذن لي في مسألة هذا الشيخ عَن اسمه، قَالَ نعم سله، فقال لإسحاق يا شيخ من أنت وما اسمك؟ قَالَ أنا من الناس، واسمي كل بصل. فتبسم العتابي ثم قَالَ: أما النسب فمعروف، وأما الاسم فمنكر، فقال له إسحاق: ما أقل إنصافك، أتنكر أن يكون اسمي كل بصل، واسمك كل ثوم وما كلثوم من الأسماء؟ أو ليس البصل أطيب من الثوم، قال له العتابي لله درك ما أحجك، أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما وصلتني به؟ فقال له المأمون: بل ذلك موفر عليك، ونأمر له بمثله. فقال له إسحاق: أما إذ أقررت بهذه فتوهمني تجدني. فقال له: ما أظنك إلا إسحاق الموصلي الذي يتناهى إلينا خبره؟ قَالَ:
أنا حيث ظننت. فأقبل عليه بالتحية والسلام. فقال المأمون- وقد طال الحديث بينهما- أما إذا اتفقتما على المودة فانصرفا. فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده.
وأخبرنا النعالي، أخبرنا أبو الفرج الأصبهانيّ، أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أيوب عَنْ عبد اللَّه بْن مسلم قَالَ أَبُو الفرج وَأَخْبَرَنِي علي بْن سليمان عَنْ مُحَمَّد بْن يزيد قالا جميعا:
كتب المأمون في إشخاص كلثوم بْن عمرو العتابي فلما دخل عليه قَالَ له يا كلثوم بلغتني وفاتك فساءتني، ثم بلغتني وفادتك فسرتني. فقال له العتابي: يا أمير المؤمنين لو قسمت هاتان الكلمتان على أهل الأرض لوسعتاهم فضلا وإنعاما، وقد خصصتني منهما بما لا يتسع له أمنية، ولا ينبسط لسواه أمل، لأنه لا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك. قَالَ: سلني، قَالَ: يدك بالعطاء أطلق من لساني بالسؤال، فوصله صلات سنية، وبلغ به من التقديم والإكرام أعلى محل.
أخبرنا محمّد بن الحسن بن محمّد الأهوازي، حَدَّثَنَا الحسن بْن عبد اللَّه بْن سعيد اللغوي، حدّثنا أحمد بن عمرو الحنفيّ، حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري، حَدَّثَنَا الأصمعي قَالَ: كتب كلثوم بْن عمرو إلى رجل:
إن الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتى تراه غنيا وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود
إذا تكرهت أن تعطي القليل ولا ... تكون ذا سعة لم يظهر الجود
بث النوال ولا يمنعك قلته ... فكل ما سد فقرا فهو محمود
قَالَ: فشاطره ماله حتى بعث بنصف خاتمه، وفرد نعله.
أَخْبَرَنَا الحسين بْن الحسن بْن مُحَمَّد بن القاسم المخزوميّ، حدّثنا عثمان بن أحمد ابن عبد الله الدّقّاق، حَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم الختلي قَالَ: أنشدت للعتابي:
ألا قد نكس الدهر ... فأضحى حلوه مرا
وقد جربت من فيه ... فلم أحمدهم طرا
فالزم نفسك الياس ... من الناس تعش حرا
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي بْن الحسين المحتسب، أخبرنا المعافى بن زكريا، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ، حدّثنا الرقاشي قَالَ: قَالَ مالك بْن طوق للعتابي: يا أبا عمرو رأيتك كلمت فلانا فأقللت كلامك؟ قَالَ: نعم! كانت معي حيرة الداخل وفكرة صاحب الحاجة، وذل المسألة، وخوف الرد، مع شدة الطمع.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بن روح النهرواني، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدّثنا محمّد ابن يحيى الصولي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: دخل العتابي على يحيى بْن خالد البرمكي، وكانت له جارية يقال لها خلوب تجالس الأدباء، وتناقض الشعراء، فقال لها يحيى: يا جارية سليه عن حاله، فأنشدت الجارية تقول:
إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا
فأنشأ العتابي يقول:
بقيت بلا قلب لأني هائم ... فهل من معير يا خلوب بكم قلبا
حلفت لها بالله إنك منيتي ... فكوني بعيني حيث ما نظرت نصبا
عسى اللَّه يوما أن يرينيك خاليا ... فأحظى بلحظ من محاسنكم قربا
وقد قَالَ بيتا ما سمعت بمثله ... خلي من الأحزان لم يذق الحبا
إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزرغبا
كان شاعرا خطيبا بليغا مجيدا، وهو من أهل قنسرين وقدم بغداد ومدح هارون الرشيد وغيره من الخلفاء والأشراف، وله رسائل مستحسنة، وكان يتجنب غشيان السلطان قناعة وتنزها، وصيانة وتقززا. وكان يلبس الصوف ويظهر الزهد.
أَخْبَرَنِي الحسن بْن الحسين بْن العباس النعالي قال: قَالَ أَبُو الفرج عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الأصبهاني: العتابي هو كلثوم بْن عمرو بْن أيوب بْن عبيد بْن خنيس بْن أوس بْن مسعود بْن عبد اللَّه بْن عمرو بْن كلثوم الشاعر. وهو ابْن مالك بْن عتاب بْن سعد بْن زهير بْن جشم بْن بكر بْن حبيب بْن عمرو بْن غنم بْن تغلب. شاعر مترسل، بليغ مطبوع، متصرف في فنون من الشعر، مقدم في الخطابة والرواية، حسن المعارضة
والبديهة، من شعراء الدولة العباسية ومنصور النمري راويته وتلميذه. وكان العتابي منقطعا إلى البرامكة، فوصفوه للرشيد ووصلوه به، فبلغ عنده كل مبلغ وعظمت فوائده منه، ثم فسدت الحال بينه وبين منصور وتباعدت.
قلت: ساق غير أبي الفرج الأصبهاني نسب كلثوم بْن عمرو فقال: حبيش مكان خنيس.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا، حدّثنا عبد الله بن منصور الحارثي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي طاهر قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو دعامة الشاعر قَالَ: كتب طوق بْن مالك إلى العتابي يستزيره ويدعوه إلى أن يصل القرابة بينه وبينه، فرد عليه: إن قريبك من قرب منك خيره، وإن عمك من عمك نفعه، وإن عشيرتك من أحسن عشرتك، وإن أحب الناس إليك أجداهم بالمنفعة عليك. ولذلك أقول:
ولقد بلوت الناس ثم سبرتهم ... وخبرت ما وصلوا من الأسباب
فإذا القرابة لا تقرب قاطعا ... وإذا المودة أكبر الأنساب
ويروي- أقرب الأنساب.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا علان بن أحمد الرّزّاز، حَدَّثَنَا قاسم الأنباري قَالَ: قَالَ أَحْمَد بْن يحيى: قيل للعتابي إنك تلقى العامة ببشر وتقريب.
فقال: رفع ضغينة بأيسر مؤنة، واكتساب إخوان بأهون مبذول.
أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشيباني قَالَ: حَدَّثَنِي كلثوم بْن عمرو بْن كلثوم التغلبي قَالَ: أنشدني أبي أن جده كلثوم بن عمرو أنشده لنفسه:
إني لأخفي من علمي جواهره ... كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتتنا
ورب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال دينون دمي ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا
وقد تقدم في هذا أَبُو حسن ... أوصى حسينا بما قد خبر الحسنا
أَخْبَرَنَا الحسن بْن الحسين النعالي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج الأصبهاني قَالَ: ذكر أَحْمَد بن أبي طاهر عن عبد اللَّه بْن أبي سعد أن عبد اللَّه بْن سعيد بْن زرارة حدثه عَنْ محمّد ابن إبراهيم السياري قَالَ: لما قدم العتابي مدينة السلام على المأمون أذن له، فدخل
عليه وعنده إسحاق الموصلي، وكان العتابي شيخا جليلا نبيلا، فسلم فرد عليه، وأدناه وقربه، حتى قرب منه فقبل يده، ثم أمره بالجلوس فجلس، وأقبل عليه فسأله عَنْ حاله وهو يجيبه بلسان طلق، فاستظرف المأمون ذلك منه وأقبل عليه بالمداعبة والمزح، فظن الشيخ أنه استخف به فقال: يا أمير المؤمنين الإيناس قبل الإبساس، فاشتبه على المأمون قوله، فنظر إلى إسحاق مستفهما، فأومأ إليه بعينه وغمزه على معناه حتى فهمه، ثم قَالَ: نعم، يا غلام ألف دينار، فأتي بذلك فوضعه بين يدي العتابي وأخذوا في الحديث، ثم غمز المأمون إسحاق بْن إبراهيم عليه، فجعل العتابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحاق، فبقي العتابي متعجبا. ثم قَالَ: يا أمير المؤمنين أتأذن لي في مسألة هذا الشيخ عَن اسمه، قَالَ نعم سله، فقال لإسحاق يا شيخ من أنت وما اسمك؟ قَالَ أنا من الناس، واسمي كل بصل. فتبسم العتابي ثم قَالَ: أما النسب فمعروف، وأما الاسم فمنكر، فقال له إسحاق: ما أقل إنصافك، أتنكر أن يكون اسمي كل بصل، واسمك كل ثوم وما كلثوم من الأسماء؟ أو ليس البصل أطيب من الثوم، قال له العتابي لله درك ما أحجك، أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما وصلتني به؟ فقال له المأمون: بل ذلك موفر عليك، ونأمر له بمثله. فقال له إسحاق: أما إذ أقررت بهذه فتوهمني تجدني. فقال له: ما أظنك إلا إسحاق الموصلي الذي يتناهى إلينا خبره؟ قَالَ:
أنا حيث ظننت. فأقبل عليه بالتحية والسلام. فقال المأمون- وقد طال الحديث بينهما- أما إذا اتفقتما على المودة فانصرفا. فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده.
وأخبرنا النعالي، أخبرنا أبو الفرج الأصبهانيّ، أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أيوب عَنْ عبد اللَّه بْن مسلم قَالَ أَبُو الفرج وَأَخْبَرَنِي علي بْن سليمان عَنْ مُحَمَّد بْن يزيد قالا جميعا:
كتب المأمون في إشخاص كلثوم بْن عمرو العتابي فلما دخل عليه قَالَ له يا كلثوم بلغتني وفاتك فساءتني، ثم بلغتني وفادتك فسرتني. فقال له العتابي: يا أمير المؤمنين لو قسمت هاتان الكلمتان على أهل الأرض لوسعتاهم فضلا وإنعاما، وقد خصصتني منهما بما لا يتسع له أمنية، ولا ينبسط لسواه أمل، لأنه لا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك. قَالَ: سلني، قَالَ: يدك بالعطاء أطلق من لساني بالسؤال، فوصله صلات سنية، وبلغ به من التقديم والإكرام أعلى محل.
أخبرنا محمّد بن الحسن بن محمّد الأهوازي، حَدَّثَنَا الحسن بْن عبد اللَّه بْن سعيد اللغوي، حدّثنا أحمد بن عمرو الحنفيّ، حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري، حَدَّثَنَا الأصمعي قَالَ: كتب كلثوم بْن عمرو إلى رجل:
إن الكريم ليخفي عنك عسرته ... حتى تراه غنيا وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود
إذا تكرهت أن تعطي القليل ولا ... تكون ذا سعة لم يظهر الجود
بث النوال ولا يمنعك قلته ... فكل ما سد فقرا فهو محمود
قَالَ: فشاطره ماله حتى بعث بنصف خاتمه، وفرد نعله.
أَخْبَرَنَا الحسين بْن الحسن بْن مُحَمَّد بن القاسم المخزوميّ، حدّثنا عثمان بن أحمد ابن عبد الله الدّقّاق، حَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم الختلي قَالَ: أنشدت للعتابي:
ألا قد نكس الدهر ... فأضحى حلوه مرا
وقد جربت من فيه ... فلم أحمدهم طرا
فالزم نفسك الياس ... من الناس تعش حرا
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي بْن الحسين المحتسب، أخبرنا المعافى بن زكريا، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْدٍ، حدّثنا الرقاشي قَالَ: قَالَ مالك بْن طوق للعتابي: يا أبا عمرو رأيتك كلمت فلانا فأقللت كلامك؟ قَالَ: نعم! كانت معي حيرة الداخل وفكرة صاحب الحاجة، وذل المسألة، وخوف الرد، مع شدة الطمع.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بن روح النهرواني، أخبرنا المعافى بن زكريا، حدّثنا محمّد ابن يحيى الصولي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد قَالَ: دخل العتابي على يحيى بْن خالد البرمكي، وكانت له جارية يقال لها خلوب تجالس الأدباء، وتناقض الشعراء، فقال لها يحيى: يا جارية سليه عن حاله، فأنشدت الجارية تقول:
إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزر غبا
فأنشأ العتابي يقول:
بقيت بلا قلب لأني هائم ... فهل من معير يا خلوب بكم قلبا
حلفت لها بالله إنك منيتي ... فكوني بعيني حيث ما نظرت نصبا
عسى اللَّه يوما أن يرينيك خاليا ... فأحظى بلحظ من محاسنكم قربا
وقد قَالَ بيتا ما سمعت بمثله ... خلي من الأحزان لم يذق الحبا
إذا شئت أن تقلى فزر متواترا ... وإن شئت أن تزداد حبا فزرغبا