عيسى بن يزيد بن بكر بن داب، أبو الوليد :
أحد بني ليث بن بكر المديني قدم بغداد وأقام بها وحدث عن صالح بن كيسان، وهشام بن عروة، وغيرهما. روى عنه شبابة بن سوار، وحوثرة بن أشرس، ومحمّد ابن سلام الجمحي، وكان ابن داب راوية عن العرب، وافر الأدب، عالما بالنسب، عارفا بأيام الناس، حافظا للسير، وقيل أنه كان يزيد في الأحاديث ما ليس منها.
وَقَدْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَنَا به ابن الفضل: أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حدثنا أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا الْبُخَارِيُّ قَالَ:
عِيسَى بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الْمَدِينِيُّ عن عبد الرّحمن ابن أخي زَيْدٍ سَمِعَ مِنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي حَفْصٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْصَرَفْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ مُنْكَرٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ دَابٍ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ دَابٍ فَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَرَقِيُّ، حدّثنا حامد بن محمّد بن شعيب، حدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا شبابة بن سوار، حدّثنا عيسى بن يزيد المديني، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الرِّدَّةُ، قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَى وكفى، وَأَعْطَى فَأَغْنَى، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِلْمُ شَرِيدٌ، وَالإِسْلامُ غَرِيبٌ طَرِيدٌ، وَقَدْ رَثَّ حَبْلُهُ، وَخَلِقَ عَهْدُهُ، وَضَلَّ أهله منه،
وَمَقَتَ اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فَلا يُعْطِيهِمْ خَيْرًا لِخَيْرٍ عِنْدَهُمْ، وَلا يَصْرِفُ عَنْهُمْ شَرًّا لِشَرٍّ عِنْدَهُمْ، قَدْ غَيَّرُوا كِتَابَهُمْ، وَأَتَوْا عَلَيْهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَالْعَرَبُ الأُمِّيُّونَ صفر مِنَ اللَّهِ لا يَعْبُدُونَهُ وَلا يَدْعُونَهُ، أَجْهَدُهُمْ عَيْشًا، وَأَضَلُّهُمْ دينا في ظلف من الأرض مع قلة السَّحَابِ، فَجَمَعَهُمُ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَهُمُ الأُمَّةَ الْوُسْطَى، نَصَرَهُمْ بِمَنِ اتَّبَعَهُمْ وَنَصَرَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَرَكِبَ مِنْهُمُ الشَّيْطَانُ مَرْكَبَهُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمْ، وَبَغَى هَلَكَتَهُمْ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
[آل عمران 144] إِنَّ مَنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْعَرَبِ مَنَعُوا شَاتَهُمْ وَبَعِيرَهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا فِي دِينِهِمْ- وَإِنْ رَجَعُوا إِلَيْهِ- أَزْهَدَ مِنْهُمْ يَوْمَهُمْ هَذَا، وَلَمْ تَكُونُوا فِي دِينِكُمْ أَقْوَى مِنْكُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا، عَلَى مَا قَدْ فَقَدْتُمْ مِنْ بَرَكَةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ وَكَّلَكُمْ إِلَى الْكَافِي، الَّذِي وَجَدَهُ ضَالا فَهَدَاهُ، وَعَائِلا فَأَغْنَاهُ، وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا، والله لا أدع أن أُقَاتِلُ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ حَتَّى يُنْجِزَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَيوفي لَنَا عَهْدَهُ، وَيُقْتَلُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا شَهِيدًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَبْقَى مَنْ بَقِيَ مِنَّا خَلِيفَتُهُ وَوَرَثَتُهُ فِي أَرْضِهِ، قَضَاءُ اللَّهِ الْحَقُّ، وَقَوْلُهُ الَّذِي لا خُلْفَ لَهُ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
الآية [النور 55] . ثُمَّ نَزَلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم ابن داب عيسى بن يزيد.
أخبرنا الأزهري، أَخْبَرَنَا أبو الحسن الدارقطني قال: ابن داب الأخباري هو عيسى ابن يزيد بن بكر بن داب بن كرز بن الحارث بن عبد الله بن أحمد بن يعمر. قاله ابن الكلبي.
قلت: ويعمر هو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر.
أَخْبَرَنَا الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال:
لم يتول الخلافة قبل الهادي بسنه أحد، لأنه كان حدثا، وكانت فيه شكاسة شديدة، وصعوبة عرام، وقلة احتمال، وسوء ظن، وكان يكره أن يسأل، فإذا أعطى أجزل العطية وتابعها. وكان يحب الأدب وأهله، ويعطي عليه، وكان عيسى بن داب يجالسه،
وكان أكثر أهل الحجاز أدبا، وأعذبهم ألفاظا، وكان قد حظى عند الهادي وكان يدعو له [إذا جلس] بتكاء وما طمع في هذا أحد منه غيره، وكان يقول له: ما استطلت بك يوما ولا ليلة قط، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت أن لا أرى غيرك. وأمر له ذات ليلة بثلاثين ألف دينار، فلما أصبح ابن داب وجه قهرمانه يطالب بالمال، فلقي الحاجب فأبلغه رسالته، فأعلمه أن ذلك ليس إليه، وأنه يحتاج إلى توقيع، فأمسك ابن داب. فبينا موسى- يعني الهادي- في مستشرف له إذ نظر إلى ابن داب قد أقبل وليس معه غلام، فقال لإبراهيم الحراني: أما ترى ابن داب، ما غير من حاله؟ ولا تزيّا لنا، وقد بررناه بالأمس ليرى أثرنا عليه، فقال له إبراهيم: إن أمرني أمير المؤمنين عرضت له بشيء من هذا، قال: لا، هو أعلم بأمره ودخل ابن داب فأخذ في حديثه إلى أن عرض له الهادي بشيء من أمره. فقال: أرى ثوبك غسيلا، وهذا شتاء يحتاج إلى لبس الجديد واللين. فقال: يا أمير المؤمنين باعي قصير عما أحتاج إليه. فقال: كيف ذاك، وقد صرفنا إليك من برنا ما فيه صلاح شأنك؟ قال: ما وصل إلى، فدعا بصاحب بيت مال الخاصة. فقال: عجل الساعة له بثلاثين ألف دينار، فحملت بين يديه.
أَخْبَرَنَا علي بن الحسين- صاحب العباسي- أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، أَخْبَرَنَا أَبُو علي الْحُسَيْن بْن القاسم الكوكبي، حدّثنا ابن أبي سعد، حَدَّثَنِي إبراهيم بن المنذر قال: حَدَّثَنِي أيوب بن عباية عن ابن داب أنه كان لا يأكل مع هارون- أو موسى أمير المؤمنين- قال: فقيل لابن داب: يا أبا الوليد مالك لا تتغدى مع أمير المؤمنين إذا أتى بالطعام؟ فقال: ما كنت لأتغدى عند رجل لا أغسل يدي عنده، قال:
فكان موسى قد أمر به من بينهم أن يغسل يده إذا تغدى، قال فقيل لابن داب يا أبا الوليد ربما حملت الكتاب وأنت رجل تجد في نفسك؟ قال: إن حمل الدفاتر من المروءة.
أخبرني الأزهري، أخبرنا محمّد بن عمران الكاتب- إجازة- حدثني أحمد بن محمّد الجوهريّ، حدّثنا العنزي، حدّثنا عمر بن عبيدة، حَدَّثَنِي خالي ابن أبي شميلة قال: كان خلف الأحمر ينسب ابن داب إلى الكذب، قال: فغدوت أنا وخلف يوما على ابن داب، فأخذ في حديث الخاصة حتى انقضى، فلما انصرفنا قلت لخلف: يا أبا محرز أتراه كذب؟ قال: لا أدري والله، ما أعرف مما حدث به قليلا ولا كثيرا.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: قَالَ أَبُو داود- سُلَيْمَان بْن الأشعث- سمعت أبا حاتم قال: سمعت الأصمعي قال: قال لي خلف الأحمر: آفتنا بين المشرق والمغرب، ابن داب، يضع الحديث بالمدينة، وابن شوكر يضع الحديث بالسند.
أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الجوهري، حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ، حَدَّثَنَا الزبير بن بكار قال: أنشدني إبراهيم بن المنذر لابن مناذر:
ومن يبغ الوصاة فإن عندي ... وصاة للكهول وللشباب
خذوا عن مالك وعن ابن عون ... ولا ترووا أحاديث ابن داب
ترى الهلاك ينتجعون منها ... ملاهي من أحاديث كذاب
إذ طلبت منافعها اضمحلت ... كما يرفض رقراق السراب
أحد بني ليث بن بكر المديني قدم بغداد وأقام بها وحدث عن صالح بن كيسان، وهشام بن عروة، وغيرهما. روى عنه شبابة بن سوار، وحوثرة بن أشرس، ومحمّد ابن سلام الجمحي، وكان ابن داب راوية عن العرب، وافر الأدب، عالما بالنسب، عارفا بأيام الناس، حافظا للسير، وقيل أنه كان يزيد في الأحاديث ما ليس منها.
وَقَدْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَنَا به ابن الفضل: أخبرنا عليّ بن إبراهيم المستملي، حدثنا أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا الْبُخَارِيُّ قَالَ:
عِيسَى بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الْمَدِينِيُّ عن عبد الرّحمن ابن أخي زَيْدٍ سَمِعَ مِنْهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. قَالَ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي حَفْصٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْصَرَفْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ مُنْكَرٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ دَابٍ، فَإِنْ كَانَ ابْنُ دَابٍ فَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
أخبرنا العتيقي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَرَقِيُّ، حدّثنا حامد بن محمّد بن شعيب، حدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا شبابة بن سوار، حدّثنا عيسى بن يزيد المديني، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الرِّدَّةُ، قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَى وكفى، وَأَعْطَى فَأَغْنَى، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِلْمُ شَرِيدٌ، وَالإِسْلامُ غَرِيبٌ طَرِيدٌ، وَقَدْ رَثَّ حَبْلُهُ، وَخَلِقَ عَهْدُهُ، وَضَلَّ أهله منه،
وَمَقَتَ اللَّهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فَلا يُعْطِيهِمْ خَيْرًا لِخَيْرٍ عِنْدَهُمْ، وَلا يَصْرِفُ عَنْهُمْ شَرًّا لِشَرٍّ عِنْدَهُمْ، قَدْ غَيَّرُوا كِتَابَهُمْ، وَأَتَوْا عَلَيْهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَالْعَرَبُ الأُمِّيُّونَ صفر مِنَ اللَّهِ لا يَعْبُدُونَهُ وَلا يَدْعُونَهُ، أَجْهَدُهُمْ عَيْشًا، وَأَضَلُّهُمْ دينا في ظلف من الأرض مع قلة السَّحَابِ، فَجَمَعَهُمُ اللَّهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَهُمُ الأُمَّةَ الْوُسْطَى، نَصَرَهُمْ بِمَنِ اتَّبَعَهُمْ وَنَصَرَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَرَكِبَ مِنْهُمُ الشَّيْطَانُ مَرْكَبَهُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمْ، وَبَغَى هَلَكَتَهُمْ: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
[آل عمران 144] إِنَّ مَنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْعَرَبِ مَنَعُوا شَاتَهُمْ وَبَعِيرَهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا فِي دِينِهِمْ- وَإِنْ رَجَعُوا إِلَيْهِ- أَزْهَدَ مِنْهُمْ يَوْمَهُمْ هَذَا، وَلَمْ تَكُونُوا فِي دِينِكُمْ أَقْوَى مِنْكُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا، عَلَى مَا قَدْ فَقَدْتُمْ مِنْ بَرَكَةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ وَكَّلَكُمْ إِلَى الْكَافِي، الَّذِي وَجَدَهُ ضَالا فَهَدَاهُ، وَعَائِلا فَأَغْنَاهُ، وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا، والله لا أدع أن أُقَاتِلُ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ حَتَّى يُنْجِزَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَيوفي لَنَا عَهْدَهُ، وَيُقْتَلُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا شَهِيدًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَبْقَى مَنْ بَقِيَ مِنَّا خَلِيفَتُهُ وَوَرَثَتُهُ فِي أَرْضِهِ، قَضَاءُ اللَّهِ الْحَقُّ، وَقَوْلُهُ الَّذِي لا خُلْفَ لَهُ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
الآية [النور 55] . ثُمَّ نَزَلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بْن مُحَمَّد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: اسم ابن داب عيسى بن يزيد.
أخبرنا الأزهري، أَخْبَرَنَا أبو الحسن الدارقطني قال: ابن داب الأخباري هو عيسى ابن يزيد بن بكر بن داب بن كرز بن الحارث بن عبد الله بن أحمد بن يعمر. قاله ابن الكلبي.
قلت: ويعمر هو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر.
أَخْبَرَنَا الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال:
لم يتول الخلافة قبل الهادي بسنه أحد، لأنه كان حدثا، وكانت فيه شكاسة شديدة، وصعوبة عرام، وقلة احتمال، وسوء ظن، وكان يكره أن يسأل، فإذا أعطى أجزل العطية وتابعها. وكان يحب الأدب وأهله، ويعطي عليه، وكان عيسى بن داب يجالسه،
وكان أكثر أهل الحجاز أدبا، وأعذبهم ألفاظا، وكان قد حظى عند الهادي وكان يدعو له [إذا جلس] بتكاء وما طمع في هذا أحد منه غيره، وكان يقول له: ما استطلت بك يوما ولا ليلة قط، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت أن لا أرى غيرك. وأمر له ذات ليلة بثلاثين ألف دينار، فلما أصبح ابن داب وجه قهرمانه يطالب بالمال، فلقي الحاجب فأبلغه رسالته، فأعلمه أن ذلك ليس إليه، وأنه يحتاج إلى توقيع، فأمسك ابن داب. فبينا موسى- يعني الهادي- في مستشرف له إذ نظر إلى ابن داب قد أقبل وليس معه غلام، فقال لإبراهيم الحراني: أما ترى ابن داب، ما غير من حاله؟ ولا تزيّا لنا، وقد بررناه بالأمس ليرى أثرنا عليه، فقال له إبراهيم: إن أمرني أمير المؤمنين عرضت له بشيء من هذا، قال: لا، هو أعلم بأمره ودخل ابن داب فأخذ في حديثه إلى أن عرض له الهادي بشيء من أمره. فقال: أرى ثوبك غسيلا، وهذا شتاء يحتاج إلى لبس الجديد واللين. فقال: يا أمير المؤمنين باعي قصير عما أحتاج إليه. فقال: كيف ذاك، وقد صرفنا إليك من برنا ما فيه صلاح شأنك؟ قال: ما وصل إلى، فدعا بصاحب بيت مال الخاصة. فقال: عجل الساعة له بثلاثين ألف دينار، فحملت بين يديه.
أَخْبَرَنَا علي بن الحسين- صاحب العباسي- أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، أَخْبَرَنَا أَبُو علي الْحُسَيْن بْن القاسم الكوكبي، حدّثنا ابن أبي سعد، حَدَّثَنِي إبراهيم بن المنذر قال: حَدَّثَنِي أيوب بن عباية عن ابن داب أنه كان لا يأكل مع هارون- أو موسى أمير المؤمنين- قال: فقيل لابن داب: يا أبا الوليد مالك لا تتغدى مع أمير المؤمنين إذا أتى بالطعام؟ فقال: ما كنت لأتغدى عند رجل لا أغسل يدي عنده، قال:
فكان موسى قد أمر به من بينهم أن يغسل يده إذا تغدى، قال فقيل لابن داب يا أبا الوليد ربما حملت الكتاب وأنت رجل تجد في نفسك؟ قال: إن حمل الدفاتر من المروءة.
أخبرني الأزهري، أخبرنا محمّد بن عمران الكاتب- إجازة- حدثني أحمد بن محمّد الجوهريّ، حدّثنا العنزي، حدّثنا عمر بن عبيدة، حَدَّثَنِي خالي ابن أبي شميلة قال: كان خلف الأحمر ينسب ابن داب إلى الكذب، قال: فغدوت أنا وخلف يوما على ابن داب، فأخذ في حديث الخاصة حتى انقضى، فلما انصرفنا قلت لخلف: يا أبا محرز أتراه كذب؟ قال: لا أدري والله، ما أعرف مما حدث به قليلا ولا كثيرا.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: قَالَ أَبُو داود- سُلَيْمَان بْن الأشعث- سمعت أبا حاتم قال: سمعت الأصمعي قال: قال لي خلف الأحمر: آفتنا بين المشرق والمغرب، ابن داب، يضع الحديث بالمدينة، وابن شوكر يضع الحديث بالسند.
أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الجوهري، حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ، حَدَّثَنَا الزبير بن بكار قال: أنشدني إبراهيم بن المنذر لابن مناذر:
ومن يبغ الوصاة فإن عندي ... وصاة للكهول وللشباب
خذوا عن مالك وعن ابن عون ... ولا ترووا أحاديث ابن داب
ترى الهلاك ينتجعون منها ... ملاهي من أحاديث كذاب
إذ طلبت منافعها اضمحلت ... كما يرفض رقراق السراب
عِيسَى بن يزِيد بن بكر بن دَاب أَبُو الْوَلِيد يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ البُخَارِيّ والرازي مُنكر الحَدِيث وَقَالَ خَالِد الْأَحْمَر يضع الحَدِيث