عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر بْن الحسين بن مصعب بن رزيق، أبو أحمد الخزاعي :
وهو أخو مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن طاهر، ولي إمارة بغداد وحدث عن أبي الصلت الهروي، والزبير بن بكار الزبيري. روى عنه محمد بْن يَحْيَى الصولي، وَعمر بْن الْحَسَن الأشناني، وأبو القاسم الطبراني، وغيرهم. وكان فاضلا أديبا، شاعرا فصيحا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَهْرَيَارَ الأَصْبَهَانِيُّ- بِهَا- أخبرنا سليمان بن أحمد ابن أيّوب الطبراني، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طاهر، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حدّثنا يحيى بن أبي قتيلة، حدّثنا عبد الخالق بن أبي حازم، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» .
قَالَ سُلَيْمَانُ: لا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ الزُّبَيْرُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الدّقّاق، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران الكاتب. قَالَ: أنشدني المظفر بن يحيى للبحتري يمدح عبيد الله لما قدم من خراسان من قصيدة قال:
لقد سرني أن المكارم أصبحت ... تحط إلى أرض العراق حمولها
مجيء عبيد الله من شرق أرضه ... سرى الديمة الوطفاء هبت قبولها
مسير تلقى الأرض منه ربيعها ... وينهج عنه حزنها وسهولها
وأبيض من آل الحسين يرده ... إلى المجد أعراق يهدى دليلها
أضاءت لنا بغداد بعد ظلامها ... فعاد ضحى إمساؤها وأصيلها
مقامات حكم ما يوازن قدرها ... وساعات جود ما يطاع عذولها
كأنهم عند استلام ركابه ... عصائب عند البيت حان قفولها
يجلون مأمولا مخوفا لنائل ... يواليه، أو صولات بأس يصولها
أبا أحمد- والحمد رهن مآثر- ... تؤثلها أو عارفات تنيلها
وصلت بك الحاجات جمعا وإنما ... بطول جليل القوم يقضي جليلها
أَخْبَرَنَا أَبُو بشر مُحَمَّد بْن عُمَر الوكيل، حَدَّثَنَا محمد بن عمران بن موسى المرزباني أنبأنا محمد بن يحيى. قَالَ: أنشدني عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر لنفسه:
حق التنائي بين أهل الهوى ... تكاتب يسخن عين النوى
وفي التداني- لا انقضى عمره- ... تزاور يشفى غليل الجوى
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن محمّد الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا الجريري، حَدَّثَنَا أحمد بن أبي سهل بن عاصم الحلواني، حَدَّثَنَا أبو الحسن عَلِيّ بْن هَارُون بْن عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن أبي منصور قال: كان أبي نازلا في جوار عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر فانتقل عنه إلى دار ابتاعها بنهر المهدي وهي دار إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فكتب إليه عبيد الله متوحشا:
يا من تحول عنا، وهو يألفنا ... بعدت جدا فلأيا صرت تلقانا
واعلم بأنك إذ بدلت جيرتنا ... بدلت جارا وما بدلت إخوانا
فأجابه هارون بن علي:
بعدت عنكم بداري دون خالصتي ... ومحض ودي، وعهدي كالذي كانا
وما تبدلت مذ فارقت قربكم ... إلا هموما أعاينها وأحزانا
وهل يسر بسكنى داره أحد ... وليس أحبابه للدار جيرانا
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، حدّثنا محمّد بن الحسن الهاشميّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباري. قَالَ: أنشدني إبراهيم بن عبد الله الوراق لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر:
ألا أيها الدهر الذي قد مللته ... لتخليطه، هلا مللت حياتي؟
فقد- وجلال الله- حببت دائبا ... إلي- على بغض الوفاة- وفاتي
أَخْبَرَنَا هِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطِّيبِيُّ- مؤدبي- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
زِنْجِيٍّ الْكَاتِبُ. قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْد اللَّه بْن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رُشَيْدٍ الْكَاتِبُ: حَمَلَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ بَرًّا وَاسِعًا إِلَى أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طَاهِر، وَأَوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ وَوَجَدْتُهُ عَلَى فَاقَةٍ شديدة، فقبله وكتب إليه:
أَيَادِيكَ عِنْدِي مُعَظَّمَاتٌ جَلائِلُ ... طِوَالُ الْمَدَى شُكْرِي لَهُنَّ قَصِيرُ
فَإِنْ كُنْتَ عَنْ شُكْرِي غَنِيًّا فَإِنَّنِي ... إِلَى شُكْرِ مَا أَوْلَيْتَنِي لَفَقِيرُ
قَالَ فَقُلْتُ: هَذَا- أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ- حَسَنٌ. قَالَ: أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرَقْتُهُ مِنْهُ فَقُلْتُ وَمَا هو؟ قال: حديثان.
قال: حدّثني بهما أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ بِخُرَاسَانَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرَّضِيِّ عَنْ آبَائِهِ.
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرَعُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً كُفْرَانُ النِّعَمِ» وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يُؤْتَى بِعَبْدٍ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَأْمُرُ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ لِمَ أَمَرْتَ بِي إِلَى النَّارِ؟ فَيَقُولُ لأَنَّكَ لَمْ تَشْكُرْ نِعْمَتِي، فَيَقُولُ أَيْ رب أنعمت على بكذا فشكرت، وكذا، فَلا يَزَالُ يُحْصِي النِّعَمَ وَيُعَدِّدُ الشُّكْرَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى صَدَقْتَ عَبْدِي، إِلا أَنَّكَ لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْكَ بِهَا عَلَى يَدَيْهِ، وَقَدْ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلا أَقْبَلَ شُكْرَ عَبْدٍ عَلَى نِعْمَةٍ أَنْعَمْتُهَا عَلَيْهِ أَوْ يَشْكُرَ مَنْ أَنْعَمْتُ بِهَا عَلَى يَدَيْهِ» .
قال فانصرفت بالخبر إلى أبي الحسن وهو في مجلس أخيه أبي العباس أحمد بن محمد، وذكرت ما جرى، فاستحسن أبو العباس ما ذكرته، وردني إلى عبيد الله ببر واسع أوسع من بر أخيه، فأوصلته إليه فقبله، وكتب إليه:
شكريك معقود بإيماني ... حكم في سري وإعلاني
عقد ضمير وفم ناطق ... وفعل أعضاء وأركان
قال: فَقُلْتُ هَذَا- أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ- أَحْسَنُ مِنَ الأَوَّلِ، فَقَالَ: أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرَقْتُهُ مِنْهُ. قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ بِخُرَاسَانَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرَّضِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جعفر الكاظم، عَنِ الصَّادِقِ، عَنِ الْبَاقِرِ، عَنِ السَّجَّادِ، عَنِ السِّبْطِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ، وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ» قال: فعدت إلى أبي العباس فحدثته
بالحديث، وكان في مجلسه ابن راهويه المتفقه. فقال: ما هذا الإسناد؟ قال ابن رشيد فقلت له: سعوط الشيلشا الذي إذا سعط به المجنون برأ وصح.
قلت: روى غير ابن زنجي هذا الخبر عن ابن رشيد، فذكر في آخره، عن أبي أحمد ابن طاهر أن إسحاق بن راهويه سأل أبا الصّلت، عن إسناد الحديث وذاك أشبه، ويحتمل أن يكون ابن راهويه الذي ذكر ابن رشيد كونه في مجلس ابن الفرات، محمد ابن إسحاق بن راهويه، فالله أعلم.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة. قَالَ: توفي عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر سنة ثلاثمائة، وكان مولده سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
فقال لي هلال ابن المحسن: مات أبو أحمد عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر ليلة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة ثلاثمائة
وهو أخو مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن طاهر، ولي إمارة بغداد وحدث عن أبي الصلت الهروي، والزبير بن بكار الزبيري. روى عنه محمد بْن يَحْيَى الصولي، وَعمر بْن الْحَسَن الأشناني، وأبو القاسم الطبراني، وغيرهم. وكان فاضلا أديبا، شاعرا فصيحا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَهْرَيَارَ الأَصْبَهَانِيُّ- بِهَا- أخبرنا سليمان بن أحمد ابن أيّوب الطبراني، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طاهر، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حدّثنا يحيى بن أبي قتيلة، حدّثنا عبد الخالق بن أبي حازم، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» .
قَالَ سُلَيْمَانُ: لا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ الزُّبَيْرُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ الدّقّاق، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران الكاتب. قَالَ: أنشدني المظفر بن يحيى للبحتري يمدح عبيد الله لما قدم من خراسان من قصيدة قال:
لقد سرني أن المكارم أصبحت ... تحط إلى أرض العراق حمولها
مجيء عبيد الله من شرق أرضه ... سرى الديمة الوطفاء هبت قبولها
مسير تلقى الأرض منه ربيعها ... وينهج عنه حزنها وسهولها
وأبيض من آل الحسين يرده ... إلى المجد أعراق يهدى دليلها
أضاءت لنا بغداد بعد ظلامها ... فعاد ضحى إمساؤها وأصيلها
مقامات حكم ما يوازن قدرها ... وساعات جود ما يطاع عذولها
كأنهم عند استلام ركابه ... عصائب عند البيت حان قفولها
يجلون مأمولا مخوفا لنائل ... يواليه، أو صولات بأس يصولها
أبا أحمد- والحمد رهن مآثر- ... تؤثلها أو عارفات تنيلها
وصلت بك الحاجات جمعا وإنما ... بطول جليل القوم يقضي جليلها
أَخْبَرَنَا أَبُو بشر مُحَمَّد بْن عُمَر الوكيل، حَدَّثَنَا محمد بن عمران بن موسى المرزباني أنبأنا محمد بن يحيى. قَالَ: أنشدني عُبَيْد اللَّهِ بْن عَبْد اللَّه بْن طاهر لنفسه:
حق التنائي بين أهل الهوى ... تكاتب يسخن عين النوى
وفي التداني- لا انقضى عمره- ... تزاور يشفى غليل الجوى
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن محمّد الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا الجريري، حَدَّثَنَا أحمد بن أبي سهل بن عاصم الحلواني، حَدَّثَنَا أبو الحسن عَلِيّ بْن هَارُون بْن عَلِيّ بْن يَحْيَى بْن أبي منصور قال: كان أبي نازلا في جوار عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر فانتقل عنه إلى دار ابتاعها بنهر المهدي وهي دار إسحاق بن إبراهيم الموصلي، فكتب إليه عبيد الله متوحشا:
يا من تحول عنا، وهو يألفنا ... بعدت جدا فلأيا صرت تلقانا
واعلم بأنك إذ بدلت جيرتنا ... بدلت جارا وما بدلت إخوانا
فأجابه هارون بن علي:
بعدت عنكم بداري دون خالصتي ... ومحض ودي، وعهدي كالذي كانا
وما تبدلت مذ فارقت قربكم ... إلا هموما أعاينها وأحزانا
وهل يسر بسكنى داره أحد ... وليس أحبابه للدار جيرانا
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهري، حدّثنا محمّد بن الحسن الهاشميّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القاسم بْن بَشَّار الأنباري. قَالَ: أنشدني إبراهيم بن عبد الله الوراق لعبيد الله بن عبد الله بن طاهر:
ألا أيها الدهر الذي قد مللته ... لتخليطه، هلا مللت حياتي؟
فقد- وجلال الله- حببت دائبا ... إلي- على بغض الوفاة- وفاتي
أَخْبَرَنَا هِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الطِّيبِيُّ- مؤدبي- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
زِنْجِيٍّ الْكَاتِبُ. قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْد اللَّه بْن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رُشَيْدٍ الْكَاتِبُ: حَمَلَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ بَرًّا وَاسِعًا إِلَى أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طَاهِر، وَأَوْصَلْتُهُ إِلَيْهِ وَوَجَدْتُهُ عَلَى فَاقَةٍ شديدة، فقبله وكتب إليه:
أَيَادِيكَ عِنْدِي مُعَظَّمَاتٌ جَلائِلُ ... طِوَالُ الْمَدَى شُكْرِي لَهُنَّ قَصِيرُ
فَإِنْ كُنْتَ عَنْ شُكْرِي غَنِيًّا فَإِنَّنِي ... إِلَى شُكْرِ مَا أَوْلَيْتَنِي لَفَقِيرُ
قَالَ فَقُلْتُ: هَذَا- أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ- حَسَنٌ. قَالَ: أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرَقْتُهُ مِنْهُ فَقُلْتُ وَمَا هو؟ قال: حديثان.
قال: حدّثني بهما أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ بِخُرَاسَانَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرَّضِيِّ عَنْ آبَائِهِ.
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْرَعُ الذُّنُوبِ عُقُوبَةً كُفْرَانُ النِّعَمِ» وَبِهَذَا الإِسْنَادِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يُؤْتَى بِعَبْدٍ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَأْمُرُ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ لِمَ أَمَرْتَ بِي إِلَى النَّارِ؟ فَيَقُولُ لأَنَّكَ لَمْ تَشْكُرْ نِعْمَتِي، فَيَقُولُ أَيْ رب أنعمت على بكذا فشكرت، وكذا، فَلا يَزَالُ يُحْصِي النِّعَمَ وَيُعَدِّدُ الشُّكْرَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى صَدَقْتَ عَبْدِي، إِلا أَنَّكَ لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْكَ بِهَا عَلَى يَدَيْهِ، وَقَدْ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَلا أَقْبَلَ شُكْرَ عَبْدٍ عَلَى نِعْمَةٍ أَنْعَمْتُهَا عَلَيْهِ أَوْ يَشْكُرَ مَنْ أَنْعَمْتُ بِهَا عَلَى يَدَيْهِ» .
قال فانصرفت بالخبر إلى أبي الحسن وهو في مجلس أخيه أبي العباس أحمد بن محمد، وذكرت ما جرى، فاستحسن أبو العباس ما ذكرته، وردني إلى عبيد الله ببر واسع أوسع من بر أخيه، فأوصلته إليه فقبله، وكتب إليه:
شكريك معقود بإيماني ... حكم في سري وإعلاني
عقد ضمير وفم ناطق ... وفعل أعضاء وأركان
قال: فَقُلْتُ هَذَا- أَعَزَّ اللَّهُ الأَمِيرَ- أَحْسَنُ مِنَ الأَوَّلِ، فَقَالَ: أَحْسَنُ مِنْهُ مَا سَرَقْتُهُ مِنْهُ. قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ بِخُرَاسَانَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرَّضِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جعفر الكاظم، عَنِ الصَّادِقِ، عَنِ الْبَاقِرِ، عَنِ السَّجَّادِ، عَنِ السِّبْطِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الإِيمَانُ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ، وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالأَرْكَانِ» قال: فعدت إلى أبي العباس فحدثته
بالحديث، وكان في مجلسه ابن راهويه المتفقه. فقال: ما هذا الإسناد؟ قال ابن رشيد فقلت له: سعوط الشيلشا الذي إذا سعط به المجنون برأ وصح.
قلت: روى غير ابن زنجي هذا الخبر عن ابن رشيد، فذكر في آخره، عن أبي أحمد ابن طاهر أن إسحاق بن راهويه سأل أبا الصّلت، عن إسناد الحديث وذاك أشبه، ويحتمل أن يكون ابن راهويه الذي ذكر ابن رشيد كونه في مجلس ابن الفرات، محمد ابن إسحاق بن راهويه، فالله أعلم.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة. قَالَ: توفي عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر سنة ثلاثمائة، وكان مولده سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
فقال لي هلال ابن المحسن: مات أبو أحمد عبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن طاهر ليلة يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة ثلاثمائة