خير بْن عَبْد اللَّهِ، أَبُو الْحَسَن النساج الصوفي :
من أَهْل سر من رأى. نزل بَغْدَاد وَكَانَ له حلقة يتكلم فيها، وكان قد صحب أبا
حمزة مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الصوفي وَغيره، وَصحبه الجنيد بْن مُحَمَّد، وَأبو الْعَبَّاس بْن عطاء، وَأبو مُحَمَّد الجريري، وَأبو بَكْر الشبلي. وَعمر عمرا طويلا حتى لقيه أحمد ابن عطاء الروذباري. وَللصوفية عنه حكايات غريبة، وَأمور مستظرفة عجيبة.
وَذكر فارس البغدادي أن اسمه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل وَلقبه خير، وَقد ذكرنا ذلك فِي باب المحمدين.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الرّحمن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن فضالة النيسابوري- بالري- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الرازي بنيسابور. قال سمعت أبا الحسن خيرا النساج يقول: إذا أحبك دللك وَعافاك، وَإذا أحببته أتعبك وَأبلاك.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري. قَالَ: خير النساج قيل كَانَ اسمه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، وَإنما سمي خير النساج لأنه خرج إِلَى الحج فأخذه رجل على باب الكوفة وَقَالَ: أنت عبدي وَاسمك خير- وَكَانَ أسود- فلم يخالفه، فاستعمله الرجل فِي نسج الخز، فكان يقول يا خير، فيقول لبيك. ثُمَّ قَالَ الرجل له بعد سنين: غلطت لا أنت عبدي وَلا اسمك خير. فمضى وَقَالَ لا أغير اسما سماني به رجل مسلم. وحكيت هذه الحكاية عَنْ جَعْفَر الخلدي عَنْ خير على وجه طريف، وسياقه طويلة وعجيبة.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ أخبرنا جعفر الخلدي- في كتابه- قال سألنا خير النساج، أكان النسج حرفتك؟ قَالَ. لا، قلت فمن أين سميت به؟ قَالَ كنت عاهدت اللَّه تعالى أن لا آكل الرطب أبدا، فغلبتني نفسي يوما، فأخذت نصف رطل، فلما أكلت وَاحدة إذا رجل نظر إِلي وَقَالَ: خير يا آبق، هربت مني. وَكَانَ له غلام هرب اسمه خير فوقع علي شبهه وَصورته، فاجتمع الناس، فَقَالُوا هذا وَالله غلامك خير، فبقيت متحيرا وَعلمت بما أخذت، وَعرفت جنايتي، فحملني إِلَى حانوته الَّذِي كَانَ ينسج فيه غلمانه، فَقَالُوا يا عَبْد السوء تهرب من مولاك؟ ادخل فاعمل عملك الَّذِي كنت تعمل. وَأمرني بنسج الكرباس، فدليت رجلي على أن أعمل، وَأخذت بيدي آلته فكأني كنت أعمل من سنين، فبقيت معه أشهرا أنسج له، فقمت ليلة فتمسحت وَقمت إِلَى صلاة الغداة، فسجدت وقلت في سجودي إلهي لا أعود إِلَى ما فعلت، فأصبحت وَإذا الشبه ذهب عني، وَعدت إِلَى صورتي الَّتِي كنت عليها، فأطلقت فثبت علي هذا الاسم، فكان سبب النسج إتياني شهوة عاهدت اللَّه أن لا آكلها،
فعاقبني اللَّه بما سمعت. وَكَانَ يقول: لا نسب أشرف من نسب من خلقه اللَّه بيده فلم يعصمه، وَلا علم أرفع من علم من علمه اللَّه الأسماء كلها فلم ينفعه فِي وَقت جريان القضاء عَلَيْهِ.
قلت: جَعْفَر الخلدي ثقة، وَهذه الحكاية ظريفة جدا يسبق إِلَى القلب استحالتها، وَقد كَانَ الخلدي كتب إلى شيخنا أبي نعيم يجيز له رواية جميع علومه عنه، وكتب أبو نعيم هذه الحكاية عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن مقسم عَنِ الخلدي، وَرواها لنا عَنِ الخلدي نفسه إجازة، وَكَانَ ابْن مقسم غير ثقة. وَالله أعلم.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمذاني حدّثني أحمد ابن عطاء قَالَ: كنت مَعَ خير النساج وَهُوَ من شيوخ خالي فِي السماع، وَكَانَ قد احدودب، وَكَانَ إذا سمع السماع قام ظهره وَرجعت قوته كالشاب المطلق، فإذا غاب عَنِ الوجود عاد إِلَى حاله، وَقد كَانَ عُمَر مائة وَعشرين سنة، وَكَانَ يذكر أن إِبْرَاهِيم الخواص صحبه.
قَالَ لي أَبُو نعيم الْحَافِظ: - وَذكر خيرا- سمعت عَلِيّ بْن هارون الحربي يحكى عَنْ غير وَاحد ممن حضر موته من أصحابه أنه غشي عَلَيْهِ عند صلاة المغرب، ثُمَّ أفاق وَنظر إِلَى ناحية من باب البيت فَقَالَ: قف عافاك اللَّه، فإنما أنت عَبْد مأمور، وَأنا عَبْد مأمور، ما أمرت به لا يفوتك، وَما أمرت به يفوتني، فدعني أمضي لما أمرت به، ثُمَّ امض أنت لما أمرت به، وَدعا بماء فتوضأ للصلاة وَصلى، ثُمَّ تمدد وَغمض عينيه، وَتشهد فمات، فرآه بعض أصحابه فِي المنام فَقَالَ له: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: لا تسألني عَنْ هذا، وَلكن استرحت من دنياكم الوضرة.
بلغني أن خيرا مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة » .
انقضى باب الخاء
من أَهْل سر من رأى. نزل بَغْدَاد وَكَانَ له حلقة يتكلم فيها، وكان قد صحب أبا
حمزة مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيمَ الصوفي وَغيره، وَصحبه الجنيد بْن مُحَمَّد، وَأبو الْعَبَّاس بْن عطاء، وَأبو مُحَمَّد الجريري، وَأبو بَكْر الشبلي. وَعمر عمرا طويلا حتى لقيه أحمد ابن عطاء الروذباري. وَللصوفية عنه حكايات غريبة، وَأمور مستظرفة عجيبة.
وَذكر فارس البغدادي أن اسمه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل وَلقبه خير، وَقد ذكرنا ذلك فِي باب المحمدين.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الرّحمن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن فضالة النيسابوري- بالري- أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الرازي بنيسابور. قال سمعت أبا الحسن خيرا النساج يقول: إذا أحبك دللك وَعافاك، وَإذا أحببته أتعبك وَأبلاك.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري. قَالَ: خير النساج قيل كَانَ اسمه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل، وَإنما سمي خير النساج لأنه خرج إِلَى الحج فأخذه رجل على باب الكوفة وَقَالَ: أنت عبدي وَاسمك خير- وَكَانَ أسود- فلم يخالفه، فاستعمله الرجل فِي نسج الخز، فكان يقول يا خير، فيقول لبيك. ثُمَّ قَالَ الرجل له بعد سنين: غلطت لا أنت عبدي وَلا اسمك خير. فمضى وَقَالَ لا أغير اسما سماني به رجل مسلم. وحكيت هذه الحكاية عَنْ جَعْفَر الخلدي عَنْ خير على وجه طريف، وسياقه طويلة وعجيبة.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ أخبرنا جعفر الخلدي- في كتابه- قال سألنا خير النساج، أكان النسج حرفتك؟ قَالَ. لا، قلت فمن أين سميت به؟ قَالَ كنت عاهدت اللَّه تعالى أن لا آكل الرطب أبدا، فغلبتني نفسي يوما، فأخذت نصف رطل، فلما أكلت وَاحدة إذا رجل نظر إِلي وَقَالَ: خير يا آبق، هربت مني. وَكَانَ له غلام هرب اسمه خير فوقع علي شبهه وَصورته، فاجتمع الناس، فَقَالُوا هذا وَالله غلامك خير، فبقيت متحيرا وَعلمت بما أخذت، وَعرفت جنايتي، فحملني إِلَى حانوته الَّذِي كَانَ ينسج فيه غلمانه، فَقَالُوا يا عَبْد السوء تهرب من مولاك؟ ادخل فاعمل عملك الَّذِي كنت تعمل. وَأمرني بنسج الكرباس، فدليت رجلي على أن أعمل، وَأخذت بيدي آلته فكأني كنت أعمل من سنين، فبقيت معه أشهرا أنسج له، فقمت ليلة فتمسحت وَقمت إِلَى صلاة الغداة، فسجدت وقلت في سجودي إلهي لا أعود إِلَى ما فعلت، فأصبحت وَإذا الشبه ذهب عني، وَعدت إِلَى صورتي الَّتِي كنت عليها، فأطلقت فثبت علي هذا الاسم، فكان سبب النسج إتياني شهوة عاهدت اللَّه أن لا آكلها،
فعاقبني اللَّه بما سمعت. وَكَانَ يقول: لا نسب أشرف من نسب من خلقه اللَّه بيده فلم يعصمه، وَلا علم أرفع من علم من علمه اللَّه الأسماء كلها فلم ينفعه فِي وَقت جريان القضاء عَلَيْهِ.
قلت: جَعْفَر الخلدي ثقة، وَهذه الحكاية ظريفة جدا يسبق إِلَى القلب استحالتها، وَقد كَانَ الخلدي كتب إلى شيخنا أبي نعيم يجيز له رواية جميع علومه عنه، وكتب أبو نعيم هذه الحكاية عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن مقسم عَنِ الخلدي، وَرواها لنا عَنِ الخلدي نفسه إجازة، وَكَانَ ابْن مقسم غير ثقة. وَالله أعلم.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمذاني حدّثني أحمد ابن عطاء قَالَ: كنت مَعَ خير النساج وَهُوَ من شيوخ خالي فِي السماع، وَكَانَ قد احدودب، وَكَانَ إذا سمع السماع قام ظهره وَرجعت قوته كالشاب المطلق، فإذا غاب عَنِ الوجود عاد إِلَى حاله، وَقد كَانَ عُمَر مائة وَعشرين سنة، وَكَانَ يذكر أن إِبْرَاهِيم الخواص صحبه.
قَالَ لي أَبُو نعيم الْحَافِظ: - وَذكر خيرا- سمعت عَلِيّ بْن هارون الحربي يحكى عَنْ غير وَاحد ممن حضر موته من أصحابه أنه غشي عَلَيْهِ عند صلاة المغرب، ثُمَّ أفاق وَنظر إِلَى ناحية من باب البيت فَقَالَ: قف عافاك اللَّه، فإنما أنت عَبْد مأمور، وَأنا عَبْد مأمور، ما أمرت به لا يفوتك، وَما أمرت به يفوتني، فدعني أمضي لما أمرت به، ثُمَّ امض أنت لما أمرت به، وَدعا بماء فتوضأ للصلاة وَصلى، ثُمَّ تمدد وَغمض عينيه، وَتشهد فمات، فرآه بعض أصحابه فِي المنام فَقَالَ له: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: لا تسألني عَنْ هذا، وَلكن استرحت من دنياكم الوضرة.
بلغني أن خيرا مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة » .
انقضى باب الخاء