Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=150129#b0d23f
أسد بن عبد الله بن يزيد
ابن أسد بن كرز بن عامر بن عبقري أبو عبد الله ويقال: أبو المنذر البجلي القسري أخو خالد بن عبد الله.
من أهل دمشق، وقسر: فخذ من بجيلة: ولاه أخوه خالد بن عبد الله خراسان، وكان جواداً ممدحاً، وشجاعاً مقداماً؛ ودار أسد بن عبد الله بدمشق عند سوق الزقاقين بناحية دار البطيخ.
قال سلم بن قتيبة بن مسلم: خطبنا أسد بن عبد الله بن يزيد بن أسد على منبر مرو وهو على ولاية خراسان فقال في خطبته: حدثني أبي عن جدي، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ولا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره شره ".
روى عن أبي يحيى بن عفيف، عن جده عفيف، قال: جئت في الجاهلية إلى مكة، وأنا أريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها، فأتيت العباس، وكان رجلاً تاجراً؛ فإني عنده حالس أنظر إلى الكعبة وقد حلقت الشمس فارتفعت في السماء فذهبت، إذا أقبل شاب فنظر إلى السماء ثم قام مستقبل الكعبة، فلم
ألبث إلا يسيراً حتى جاء غلام فقام عن يمنه، ثم لم ألبث إلا يسيراً حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشاب فركع الغلام والمرأة، فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة، فسجد الشاب فسجد الغلام والمرأة؛ فقلت: يا عباس، أمر عظيم؛ فقال: أمر عظيم، تدري من هذا الشاب؟ هذا محمد بن عبد الله، ابن أخي؛ تدري من هذا الغلام؟ هذا علي ابن أخي؛ تدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد زوجته؛ إن ابن أخي هذا حدثني أن ربه رب السموات والأرض أمره بهذا الدين، ولا والله ما على ظهر الأرض أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
قال ابن عدي: وأسد بن عبد الله هذا معروف بهذا الحديث، وما أظن أن له غير هذا، إلا الشيء اليسير، له أخبار تروى عنه، فأما المسند عنه من أخباره فهذا الذي ذكرته يعرف به.
قال فيه قيس بين الحدادية حين نزل عليه هو وناس من أهل بيته هرباً من دم أصابوه، فآواهم، وأحسن إلى قيس، وتحمل عنهم ما أصابوا في خزاعة وفي بني فراس: من البسيط
لا تعذليني سليمى اليوم وانتظري ... أن يجمع الله شعباً طالما افترقا
إن شتت الدهر شملاً بين جيرتكم ... فطال في نعمةٍ يا سلم ما اتفقا
وقد حللنا بقسري أخي ثقة ... كالبدر يجلو دجى الظلماء والأفقا
كم من ثأىً وعظيمٍ قد تداركه ... وقد تفاقم فيه الأمر وانخرقا
لا يجبر الناس شيئاً هاضه أسد ... يوماً ولا يرتقون الدهر ما فتقا
عن السري بن سالم مولى بني أمية، قال: قعد أسد بن عبد الله يوماً على سرير، ورجل من جرم إلى جانبه، فأقبل عبد المؤمن أبو الهندي التميمي بفرس له فعرضها على أسد؛ فقال الجرمي: من أين الهندي؟ وساومه أسد بالفرس واشتراه منه، ثم قال أبو الهندي: أيها الأمير، ما تعدون
الكبائر؟ قال أسد: أربع؛ الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله.
قال أبو الهندي: بلغني أنها خمس؛ قال: وما هن؟ قال: تجافيف على جمل، وسراج في شمس، ولبن في باطية، وخمر في علبة، وجرمي على سرير الأمير.
فضحك أسد وقال: قد كنت عن هذا غنياً!.
وعن المبرد، قال: سأل رجل أسد بن عبد الله، فاعتل عليه؛ فقال له السائل. والله لقد سألتك من غير حاجة؛ قال: فما الذي حملك على هذا؟ قال: رأيتك تحب من لك عنده حسن بلاء فأردت أن أتعلق منك بحبل مودةٍ! فوصله وأكرمه.
وعن محمد بن جرير الطبري، قال: وفيها يعني سنة عشرين ومئة كانت وفاة أسد بن عبد الله في قول المدائني.
وكان سبب ذلك أنه كانت به فيما ذكر دبيلة في جوفه، فحضر المهرجان وهو ببلخ، فقدم عليه الأمراء والدهاقين بالهدايا، فكان فيمن قدم عليه إبراهيم بن عبد الرحمن الحنفي عامله على هراة، وخراسان دهقان هراة، فقدما بهدية فقومت الهدية ألف ألف، فكان فيما قدما به قصران، قصر من ذهب وقصر من فضة، وأباريق من ذهب وأباريق من فضة، وصحاف من ذهب وفضة، فأقبلا وأسد جالس على سرير، وأشراف خراسان على الكراسي، فوضعها القصرين، ثم وضعا خلفهما الأباريق والصحاف والديباج المروي والقوهي والهروي وغير ذلك حتى امتلأ السماط، وكان فيما حيا به الدهقان أسداً كرة من ذهب، ثم قام الدهقان خطيباً، فقال: أصلح الله الأمير، إنا معشر العجم أكلنا الدنيا أربعمئة سنة، أكلناها بالحلم والعقل والوقار، ليس فينا كتاب ناطق ولا نبي مرسل، فكانت الرجال عند ثلاثة: رجل ميمون النقيبة أينما توجه فتح الله عليه؛ والذي يليه رجل تمت مروءته في بيته، فإن كان كذلك رجي وعظم وقود وقدم؛ ورجل رحب صدره، وبسط يده فرجي، فإن كان كذلك قود وقدم؛ وإن الله جعل صفات هؤلاء الرجال الثلاثة فيك أيها الأمير، فما نعلم أحداً هو أتم كتخدانية
منك، إنك ضبطت أهل بيتك وحشمك ومواليك، فليس أحد منهم يستطيع أن يتعدى على صغير ولا كبير، ولا غني ولا فقير؛ فهذا تمام التخدانية؛ ثم بنيت الإيوانات في المفاوز، فيجيء الجائي من المشرق والآخر من المغرب فلا يجدان عيباً إلا أني يقولا: سبحان الله، ما أحسن ما بني؛ ومن يمن نقيبتك أنك لقيت خاقان وهو في مئة ألف، معه الحارث بن سريج، فهزمته وفللته، وقتلت أصحابه، وأبحت عسكره، وأما رحب صدرك وبسط يديك، فإنا ما ندري أي المالي أقر لعينك؟ أمال قدم عليك، أم مال خرج من عندك! بل أنت بما خرج أقر عيناً.
قال: فضحك أسد، وقال: أنت خير دهاقيننا، وأحسنهم هدية، وناوله تفاحة كانت في يده؛ وسجد له خراسان دهقان هرة؛ وأطرق أسد ينظر إلى تلك الهدايا، فنظر عن يمينه فقال: يا عذافر بن يزيد، مر بحمل هذا القصر الذهب، فحمل؛ ثم قال: يا معن بن أحمر رأس قيس أو قال: قنسرين مر بهذا القصر يحمل؛ ثم قال: يا فلان، خذ إبريقاً، ويا فلان، خذ إبريقاً، وأعطى الصحاف حتى بقيت صحفتان؛ ثم قال: قم يا ابن الصيداء فخذ صحفة؛ فقام فأخذ واحدة فوزنها فوضعها، ثم أخذ الأخرى فوزنها؛ فقال له أسد: مالك؟ قال: آخذ أرزنهما؛ قال: خذهما جميعاً. وأعطى العرفاء وأصحاب البلاء، فقام أبو اليعفور، وكان يسير أمام صاحب خراسان في المغازي ينادي: هلم إلى الطريق؛ فقال أسد: ما أحسن ما ذكرت بنفسك، خذ ديباجتين. قال: وقام ميمون بن الغراب فقال: إني على يساركم، إلى الجادة؛ قال: ما أحسن ما ذكرت بنفسك، خذ ديباجة. قال: وأعطى ما في السماط كله، فقال نهار بن توسعة: من الطويل
تقلون إن نادى لروع مثوب ... وأنتم غداة المهرجان كثير
ثم مرض أسد، فأفاق إفاقة، فخرج يوماً فأتي بكمثرى أول ما جاء، فأطعم الناس منه واحدةً واحدةً، ثم أخذ كمثراة فرمى بها إلى خراسان دهقان هراة، فانقطعت الدبيلة، فهلك.
واستخلف جعفر بن حنظلة البهراني سنة عشرين ومئة، فعمل أربعة أشهر، وجاء
عهد نصر بن سيار في رجب سنة إحدى وعشرين ومئة، فقال ابن عرس العبدي: من الوافر
نعى أسد بن عبد الله ناع ... فريع القلب للملك المطاع
ببلخ وافق المقدار يسري ... وما لقضاء ربك من دفاع
فجودي عين بالعبرات سحاً ... ألم يحزنك تفريق الجماع!
أتاه حمامه في جوف صيغ ... وكم بالصيغ من بطل شجاع
كتائب قد يجيبون المنادي ... على جرد مسومةٍ سراع
سقيت الغيث إنك كنت غيثاً ... مريعاً عند مرتاد النجاع
وقال سليمان بن قتة، مولى بني تيم بن مرة، وكان صديقاً لأسد بن عبد الله: من الطويل
سقى الله بلخاً حزن بلخٍ وسهلها ... ومروي خراسان السحاب المجمما
وما بي لتسقاه ولكن حفرةً ... بها غيبوا شلواً كريماً وأعظما
مراجم أقوامٍ ومردي عظيمةٍ ... وطلاب أوتارٍ عفرنا عثمثما
لقد كان يعطي السيف في الروع حقه ... ويروي السنان الزاعبي المقوما
قال خليفة بن خياط: وفيها يعني سنة عشرين ومئة مات أسد بن عبد الله بخراسان.