محمد بن جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد
ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو عيسى بن المتوكل الهاشمي قدم مع أبيه دمشق.
كتب أبو محمد عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر بخطه: أنه لما عزم المعتمد على الخروج إلى الشام، والموفق إذ ذاك يحارب الخائن بالبصرة، والدنيا مضطربة، أشار عليه أبو عيسى بن المتوكل أخوه ألا يفعل، وحرص به، فأبى عليه. فقال أبو عيسى، وعمل فيه لحناً: من المتقارب
أقول له عند توداعه ... وكل بعبرته مبلس
لئن قعدت عنك أجسامنا ... لقد سافرت معك الأنفس
وقال، وقد أمر بالركوب لينحدر من سر من رأى: من مجزوء الخفيف
سيكون الذي قضي ... سخط العبد أو رضي
ليس هذا بدائم ... كل هذا سينقضي
ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق: أن أبا عيسى بن المتوكل وعبد الله وحمزة ابني المعتز حملوا من سر من رأى، فأدخلوا بغداد يوم الجمعة مستهل شعبان سنة تسع وسبعين ومئتين.
حدث عبد الله بن عبد الملك المعروف بالهدادي الشاعر قال:
كان السبب في قتل أبي عيسى بن المتوكل أن أبا عيسى كاتب أبا الجيش في أمر ضيعته، وكان النهيكي وكيله في ضياعه بدمشق، فتخلف عن أبي عيسى من مالها ستة عشر ألف دينار، فاستأذن أبا القاسم بن سليمان في مكاتبة أبي الجيش، ليستعين به على النهيكي، واستأذن المعتضد، وهو إذ ذاك ولي العهد، فأذن لأبي عيسى في مكاتبة أبي الجيش، فاتصلت بهذا السبب بينهما المكاتبة، وأهدى إلى أبي الجيش هدايا لها قيمة. فلما علم النهيكي بمكاتبته أبا الجيش، خاف أبا الجيش على نفسه، وكتب إلى السلطان: إن أردتم دولتكم وخلافتكم، فاستوثقوا من أبي عيسى بن المتوكل، فإنه قد كاتب أبا الجيش، وقد مال إليه أهل مصر جميعاً. فوجه المعتضد جنى الصغير، فأقام بسر من رأى شهرين قبل أن يحدث على أبي عيسى ما حدث، فلما أن أفضت الخلافة إلى المعتضد، وجه إلى جنى أن يحمل أبا عيسى إليه، فوجه بإنسان من المستأمنة، يعرف بالشعراني في حمل
أبي عيسى إلى بغداد، وتقدموا إليه في قتله في الطريق، وأن يحمل رأسه إليهم. قال الهدادي: وكنت قاعداً بين يدي أبي عيسى بعد صلاة الغداة، ودخل الغلمان فقالوا: جنى بالباب. فقال لي: الحجرة. فقمت. وأذن له، فدخل إليه فقال: لأي شيء قصدتني، وما تريد؟ قال: تركب معي إلى دار إسحاق بن إبراهيم، نبايع لأمير المؤمنين المعتضد. فقال له: إني قد أمرت بإصلاح حراقة، وقد فرشت، وقد كتبت استأذن في الانحدار إلى أمير المؤمنين، فإن كنت أمرت بشيء فأعلمني، فحلف له أنه ما أمر فيه بشيء، وإنما يريد منه أن يبايع. فركب، وكان آخر العهد به. فلما كان في بعض الطريق، قال له: اعدل إلى دار الموفق، فقال له: أليس حلفت أنك إنما قصدت لأن أبايع في دار إسحاق؟ قال له جنى: يا سيدي، اعذرني، فإني عبد مأمور. ومضى به إلى دار سيما صاحب الشرطة بسر من رأى، ثم سلم إلى المستأمن البصري الشعراني، فقتله بالبردان؛ غرقه وأخذ رأسه. وقبل ذلك دلي في الماء، وقد ثقل بالحديد، ثم أخرج، وهم يظنون أنه قد قضى، فوجدوا به رمقاً، فردوه، فلما قضى، أخرجوه، وأخذ رأسه، ورمي ببدنه في الماء، وكان في إصبعه خاتم ياقوت فأخذه منه الشعراني. وكانت بيعة المعتضد في رجب سنة تسع وسبعين ومئتين.
ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس أبو عيسى بن المتوكل الهاشمي قدم مع أبيه دمشق.
كتب أبو محمد عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر بخطه: أنه لما عزم المعتمد على الخروج إلى الشام، والموفق إذ ذاك يحارب الخائن بالبصرة، والدنيا مضطربة، أشار عليه أبو عيسى بن المتوكل أخوه ألا يفعل، وحرص به، فأبى عليه. فقال أبو عيسى، وعمل فيه لحناً: من المتقارب
أقول له عند توداعه ... وكل بعبرته مبلس
لئن قعدت عنك أجسامنا ... لقد سافرت معك الأنفس
وقال، وقد أمر بالركوب لينحدر من سر من رأى: من مجزوء الخفيف
سيكون الذي قضي ... سخط العبد أو رضي
ليس هذا بدائم ... كل هذا سينقضي
ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق: أن أبا عيسى بن المتوكل وعبد الله وحمزة ابني المعتز حملوا من سر من رأى، فأدخلوا بغداد يوم الجمعة مستهل شعبان سنة تسع وسبعين ومئتين.
حدث عبد الله بن عبد الملك المعروف بالهدادي الشاعر قال:
كان السبب في قتل أبي عيسى بن المتوكل أن أبا عيسى كاتب أبا الجيش في أمر ضيعته، وكان النهيكي وكيله في ضياعه بدمشق، فتخلف عن أبي عيسى من مالها ستة عشر ألف دينار، فاستأذن أبا القاسم بن سليمان في مكاتبة أبي الجيش، ليستعين به على النهيكي، واستأذن المعتضد، وهو إذ ذاك ولي العهد، فأذن لأبي عيسى في مكاتبة أبي الجيش، فاتصلت بهذا السبب بينهما المكاتبة، وأهدى إلى أبي الجيش هدايا لها قيمة. فلما علم النهيكي بمكاتبته أبا الجيش، خاف أبا الجيش على نفسه، وكتب إلى السلطان: إن أردتم دولتكم وخلافتكم، فاستوثقوا من أبي عيسى بن المتوكل، فإنه قد كاتب أبا الجيش، وقد مال إليه أهل مصر جميعاً. فوجه المعتضد جنى الصغير، فأقام بسر من رأى شهرين قبل أن يحدث على أبي عيسى ما حدث، فلما أن أفضت الخلافة إلى المعتضد، وجه إلى جنى أن يحمل أبا عيسى إليه، فوجه بإنسان من المستأمنة، يعرف بالشعراني في حمل
أبي عيسى إلى بغداد، وتقدموا إليه في قتله في الطريق، وأن يحمل رأسه إليهم. قال الهدادي: وكنت قاعداً بين يدي أبي عيسى بعد صلاة الغداة، ودخل الغلمان فقالوا: جنى بالباب. فقال لي: الحجرة. فقمت. وأذن له، فدخل إليه فقال: لأي شيء قصدتني، وما تريد؟ قال: تركب معي إلى دار إسحاق بن إبراهيم، نبايع لأمير المؤمنين المعتضد. فقال له: إني قد أمرت بإصلاح حراقة، وقد فرشت، وقد كتبت استأذن في الانحدار إلى أمير المؤمنين، فإن كنت أمرت بشيء فأعلمني، فحلف له أنه ما أمر فيه بشيء، وإنما يريد منه أن يبايع. فركب، وكان آخر العهد به. فلما كان في بعض الطريق، قال له: اعدل إلى دار الموفق، فقال له: أليس حلفت أنك إنما قصدت لأن أبايع في دار إسحاق؟ قال له جنى: يا سيدي، اعذرني، فإني عبد مأمور. ومضى به إلى دار سيما صاحب الشرطة بسر من رأى، ثم سلم إلى المستأمن البصري الشعراني، فقتله بالبردان؛ غرقه وأخذ رأسه. وقبل ذلك دلي في الماء، وقد ثقل بالحديد، ثم أخرج، وهم يظنون أنه قد قضى، فوجدوا به رمقاً، فردوه، فلما قضى، أخرجوه، وأخذ رأسه، ورمي ببدنه في الماء، وكان في إصبعه خاتم ياقوت فأخذه منه الشعراني. وكانت بيعة المعتضد في رجب سنة تسع وسبعين ومئتين.