Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152168&book=5549#623fe3
عبيد الله بن زياد بن عبيد
المعروف بابن أبي سفيان، أبو حفص أمير العراق قدم دمشق على معاوية، ثم قدمها بعد موت يزيد بن معاوية، وكانت له بها دار
بناحية زقاق الديماس النافذ إلى سوق الأساكفة العتق، وعرفت بعده بدار ابن عجلان. ولد سنة تسع وثلاثين، وكان ابن ثمان وعشرين سنة حين قتل الحسين. وهو ابن مرجانة.
روى عن أبي أمية أخي بني جعدة قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتغدى في السفر، وأنا قريب منه جالس، فقال: " هلم إلى الغداء "، فقلت: يا رسول الله، إني صائم، فقال: هلم أحدثك ما للمسافر عند الله، إن الله وضع عن أمتي نصف الصلاة، والصيام في السفر " قال المزرباني: عبيد الله بن زياد بن أبيه. أمه مرجانة سبية من أصبهان. هو القائل لمروان حين وجهه لحرب ابن الأشتر - قال: إياك والفرار كعادتك -: من الطويل
سيعلم مروان ابن نسوة أنني ... إذا التقيت الخيلان أطعنها شزرا
وإني إذا حل الضيوف ولم أجد ... سوى فرسي أوسعته لهم نحرا
قال ثابت بن عبد الرحمن: كتب معاوية بن أبي سفيان إلى زياد: إذا جاءك كتابي فأوفد إلي ابنك عبيد الله. فأوفده عليه، فما سأله عن شيء إلا أنفذه له، حتى سأله عن الشعر، فلم يعرف منه شيئاً. قال: ما منعك من روايته؟ قال: كرهت أن أجمع كلام الله، وكلام الشيطان في صدري، فقال: اغربوالله لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين مراراً، ما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الإطنابة حيث يقول: من الوافر
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإعطائي على الإعدام مالي ... وإقدامي على البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت ... مكانك تعذري أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحاتٍ ... وأحمي بعد عن أنفٍ صحيح
وكتب إلى أبيه: أن روه الشعر. فرواه، فما كان يسقط عليه من شيء ولي معاوية عبيد الله بن زياد البصرة سنة خمسٍ وخمسين، فلم يزل والياً حتى مات معاوية بدمشق، فلما قام يزيد بن معاوية أقر عبيد الله بن زياد على البصرة، وضم إليها الكوفة، فبنى في سلطان بن يزيد البيضاء، وعلق عليها باب قصر الأبيض، أبيض كسرى، وهو المحبس، وبنى الحمراء، وهي على سكة المربد؛ فكان يشتو في الحمراء، ويصيف في البيضاء - يعني بالكوفة - فلم يزل على البصرة حتى هلك يزيد بن معاوية بحمص، فلما خرج الناس على عبيد الله بن زياد تراضوا بعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، ويلقب: ببه.
وروى الأصمعي أن معاوية قال للناس: كيف ابن زياد فيكم؟ قالوا: ظريف على أنه يلحن، قال: فذاك أظرف له. يريد باللحن: أفقه، يقول: ألحن بحجته.
قال ابن قتيبة: أراد القوم اللحن الذي هو الخطأ، وذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة. قال: والأول بسكون الحاء، والثاني بفتحها.
ولي معاوية عبيد الله بن زياد خراسان سنة ثلاث وخمسين. وفي سنة أربع وخمسين غزا عبيد الله بن زياد خراسان، فقطع النهر إلى بخارى على الإبل، فكان أول عربي قطع
النهر إلى بخارى، وافتتح زامين ونصف بيكند، وهما من بخارى، وجمع يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد الكوفة والعراق.
وبعث مروان بن الحكم عبيد الله بن زياد إلى العراق، فقتله ابن الأشتر بالخازر من أرض الموصل.
خاصمت أم الفجيع زوجها إلى عبيد الله بن زياد، وكانت قد أحبت فراقه، فقال: أبو الفجيع: أصلح الله الأمير، لاتحكم لها، ودع ما تقول؛ فإن خير شطري الرجل آخره، وإن شر شطري المرأة آخره. قال: وكيف ذاك؟ قال: إن الرجل إذا أسن اشتد عقله، واستحكم رأيه، وذهب جهله، وإن المرأة إذا أسنت ساء خلقها، وعقم رحمها، وحد لسانها. فقال: صدقت، خذ بيدها وانصرف.
قال العتبي:
أتي عبيد الله بن زياد برجلٍ، فقال: أيها الأمير، ماتت امرأتي، وأردت أن أتزوج أمها، وليس عندي تمام صداقها، فأعني. قال: كم عطاؤك؟ قال: سبع مائة، قال: يا غلام، حطه أربع مائة، يكفيك من فقهك هذا ثلاثمائة.
أمر ابن زياد لصفوان بن محرز بألفي درهم، فسرقت، فقال: عسى أن يكون خيراً، فقال أهله: كيف يكون هذا خيراً؟ فبلغ ابن زياد، فأمر له بألفين، فوجد الأولى التي سرقت، فصارت أربعة آلاف.
قال أبو عتاب: ما رأيت رجلا: أحسن وجهاً من عبيد الله بن زياد قيل لهند بنت أسماء بن خارجة: أي أزواجك كان أحب إليك؟ فقالت: ما أكرم النساء إكرام بشر بن مروان، ولاهاب النساء هيبة الحجاج، وددت أن القيامة قد قامت فأرى عبيد الله بن زياد، وأشتفي من حديثه، والنظر إليه.
كان أبا عذرتها قال إبراهيم النخعي: أول من جهر بالمعوذتين في المكتوبة عبيد الله بن مرجانة وعن مغيرة قال: أول من ضرب الزيوف عبيد الله بن مرجانة قال أبو وائل: دخلت على ابن زياد وعنده مال، فقال: يا أبا وائل، هذا ثلاثة آلاف ألف خراج أصبهان، فما ظنك بمن مات وهذا عنده؟؟ قال: قلت: أصلح الله الأمير، فكيف أيضاً إذا كان من خيانة؟؟؟ عن الحسن قال: ثقل معقل بن يسار، فدخل إليه عبيد الله بن زياد يعوده، فقال: هل تعلم يا معقل أني سفكت دماً؟؟ قال: ما علمت. قال: هل تعلم أني دخلت في شيء من أسعار المسلمين؟ قال: ما علمت، أجلسوني، ثم قال: اسمع يا عبيد الله حتى أحدثك شيئاً لم أسمعه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة "، ولامرتين؛ سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من دخل في شيءٍ من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظمٍ من النار يوم القيامة ". قال: أنت سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم، غير مرةٍ، ولا مرتين.
وقال الحسن: دخل عبيد الله بن زياد على عبد الله بن مغفل قال: حدثني بشيء سمعته من
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولاتحد ثني بشيءٍ سمعته من غيره، وإن كان ثقة في نفسك، فقال: لولا أني سمعته غير مرة ما حدثتك، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ويل للوالي من الرعية، إلا والياً يحوطهم من ورائهم بالنصيحة " وقال: قدم علينا عبيد الله بن زياد أميراً، أمره علينا معاوية، فقدم علينا غلاماً سفيهاً يسفك الدماء سفكاً شديداً، وفينا عبد الله بن مغفل المزني صاحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان من التسعة رهطٍ الذين بعثهم عمر بن الخطاب يفقهون أهل البصرة في الدين، فدخل عليه ذات يوم فقال له: انته عما أراك تصنع، فإن شر الرعاء الحطمة، فقال له: وما أنت وذاك، إنما أنت حثالة من حثالات أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: وهل كان فيهم حثالة لا أم لك؟ بل كانوا أهل بيوتات وشرفٍ ممن كانوا منه، أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: " ما من إمام، ولا وال بات ليلة سوداء غاشاً لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ". ثم خرج من عنده حتى أتى المسجد فجلس فيه. فما لبث الشيخ أن مرض مرضه الذي توفي فيه، فأتاه عبيد الله بن زياد يعوده، فقال له: أتعهد إلينا شيئاً نفعل فيه الذي تحب، قال: أو فاعل أنت؟ قال: نعم، قال: فإني أسألك ألا تصلي علي، ولا تقم على قبري، وأن تخلي بيني وبين أصحابي حتى يكونوا هم الذين يلون ذلك مني. قال: فكان عبيد الله بن زياد رجلاً جباناً يركب في كل غداة، فركب ذات يوم، فإذا الناس في السكك، ففزع، فقال: ما لهؤلاء؟ قالوا: مات عبد الله بن مغفل صاحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فوقف حتى مر بسريره، فقال: أما إنه لولا أنه سألنا شيئاً فأعطيناه إياه لسرنا معه حتى نصلي عليه، ونقوم على قبره.
وقال: مرض معقل بن يسار مرضاً ثقل منه، فأتاه ابن زياد يعوده، فقال: إني محدثك حديثاً سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من
استرعي رعية " فلم يحطهم بنصيحته لم يجد ريح الجنة " وريحها يوجد من مسيرة مائة عامٍ ". قال ابن زياد: ألا كنت حدثتني بهذا الحديث قبل الآن؟ قال: والآن لولا الذي أنا عليه لم أحدثك.
وروى أن عائذ بن عمرو - وكان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل على عبيد الله بن زياد، فقال: أي بني، إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أن شر الرعاء الحطمة "، فإياك أن تكون منهم. فقال: اجلس، فإنما أنت من نخالة أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: هل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم في غيرهم.
قال مغيرة: قالت مرجانة لابنها عبيد الله: يا خبيث، قتلت ابن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاتدخل الجنة أبداً.
لما مات يزيد بن معاوية، صعد عبيد الله بن زياد المنبر، فخطب، ونعاه إلى أهل البصرة، فقال: اختاروا لأنفسكم، فإنه سيأتيكم الآن أمير، فقالوا: فإنا نختارك، فقال: لعل يحملكم على هذا حداثة عهدي عليكم؟ قالوا: لا، فإنا نختارك، أخرج إلينا إخواننا من السجن. قال: إني اشير عليكم بغير ذلك، اجمعوا جزلاً من جزل الحطب، ثم أحدقوا بالسجن، ثم حرقوا عليهم. قالوا: فإنا لانفعل ذلك بإخواننا. قال: فأخرجهم، فبايعوه. قال: فما خرج منهم إلا قليل حتى جعلوا يغلظون له في البيعة. قال: فخرجوا من السجن، فخرجوا عليه، فحصبوه. قال: فأرسل إلى الحارث بن قيس الجهضمي، فجاءه، فقال: إن نفسي قد أبت إلا قومك، قال: والله ما ذلك لك عندهم، وقد أبلوا في أبيك ما أبلوا، ففعلت بهم ما فعلت. قال: فأردف الحارث بن قيس، وكان الناس يتحارسون. قال: فانطلق به من ناحية، قال: فمر بقوم يحرسون، فقالوا: من هذا؟ قال: الحارث بن قيس، قالوا: ابن أختنا، انطلق. قال: وفطن رجل، فقال: ابن مرجانة! فرماه بسهم، فوقع في قلنسوته، وجاء به إلى مسعود بن عمرو، فلبث في منزله ما لبث.
انطلق مالك بن مسمع، وسويد بن منجوف إلى مسعود ليحالفوه، ويردوا ابن زياد إلى دار الإمارة، فقال ابن زياد لأخيه: أكد بينهم الخلف.
فكتبوا بينهم كتاباً، وختمه مسعود بخاتمه، وكتب لمالك بن مسمع كتاباً، وختمه بخاتمه، ودفع الكتاب إلى ذراع النمري أبي هارون بن ذراع، فوضعوهما على يده، وقالوا لابن زياد: انطلق حتى ترد إلى دار الإمارة. فقال لهم ابن زياد: انطلقوا، فمسعود عليكم، فإن ظفرتم رأيتم حينئذ رأيكم. فسار مسعود وأصحابه يريدون الدار، ودخل أصحاب مسعود المسجد، وقتلوا قصاراً كان في ناحية المسجد، ونهبوا دار امرأة يقال لها: عزة، وبلغ الأحنف، فبعث حين علم بذلك إلى بني تميم، فجاؤوا، ودخلت الأساورة المسجد، فرموا بالنشاب. وجاء رجل من بني تميم إلى مسعود، وهو واقف في رحبة بني سليم، فقتله، وهرب مالك بن مسمع، فلجأ إلى بني عدي، وانهزم الناس.
وقد كان لمروان لما بايع لعبد الملك وعبد العزيز عقد لعبيد الله بن مرجانة، وجعل له ماغلب عليه. ومات مروان قبل أن ينفصل، فأمضى عبد الملك بعثه، فخرج متوجهاً إلى العراق، وبلغ ذلك أهل الكوفة، وذلك في سنة ست وستين، ففزع شيعة الكوفة إلى سليمان بن صرد الخزاعي، وإلى المسيب بن نجبة الفزاري، وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وإلى عبد الله بن وال التميمي، وإلى رفاعة بن شداد البجلي.
وقد كان أهل الكوفة وثبوا على عمرو بن حريث حين هلك يزيد، فأخرجوه من القصر، فاصطلحوا على عامر بن مسعود بن أمية بن خلف الجمحي، فصلى بالناس، وبايع لابن الزبير.
وقدم المختار بن أبي عبيد في النصف من رمضان يوم الجمعة. وبعث إبراهيم بن الأشتر لقتال ابن زياد، فمضى حتى التقى مع ابن زياد بالخازر، وبين الخازر وبين الموصل خمس فراسخ، والتقوا هم وأهل الشام، فصارت الدائرة على أهل الشام، وانهزموا بعد قتال شديد، وقتلى كثيرة بين الفريقين، وهمهم ابن زياد، وقالوا ترون نجا؟ فقال إبراهيم بن الأشتر: قد قتلت رجلاً وجدت منه رائحة المسك، شرقت يداه، وغربت رجلاه، تحت راية منفرداً على شاطىء النهر، فانظروا من هو. فالتمس، فإذا هو عبيد الله بن زياد مقتولاً كما وصف إبراهيم بن الأشتر
ولقي إبراهيم بنت الأشتر عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء أول سنة ست وستين بالخازر من أرض الموصل عن عمارة بن عمير قال:
لما جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه نضدت في المسجد في الرحبة، فانتبهت إليهم وهم يقولون: قد جاءت قد جاءت. فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد، فمكثت هنيهة، ثم خرجت، فذهبت حتى تغيبت، ثم قالوا: قد جاءت، قد جاءت. ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثاً.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح