Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154685&book=5527#45524a
يزيد بن الأسود أبو الأسود
ويقال: أبو عمرو - الجرشي أدرك الجاهلية وأسلم. ولم يلق سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسكن زبدين.
قيل: إنه كان يصلي العشاء الآخرة بمسجد دمشق، ويخرج إلى زبدين، فتضيء إبهامه اليمنى، فيمشي في ضوئها إلى زبدين.
قال يونس بن ميسرة: قلت ليزيد بن الأسود: كم أتى عليك؟ قال: أدركت العزى تعبد في قرية قومي.
والجرشي: بضم الجيم وفتح الراء وكسر الشين المعجمة.
كان يزيد بن الأسود يسير هو ورجل من أهل حمص يقال له: عمرو بن ذي الحليف في أرض الروم، فبينا هما يسيران إذ سمعا منادياً ينادي: يا يزيد بن الأسود، إنك لمن المقربين، وإن صاحبك لمن العابدين، وما نحن بكاذبين، وإنا على ذلكم من الشاهدين. قال: فكان هذا يقول لهذا: أنت نوديت.
كان الأوزاعي يقول إذا ذكر هذا الحديث: إلى هذا انتهى الفضل.
وعن أبي اليمان، أن يزيد بن الأسود قال لقومه: اكتبوني في الغزو، قالوا: قد كبرت، وضعفت، وليس بك غزو، قال: سبحان الله! اكتبوني في الغزو، فأين سوادي في المسلمين؟ قالوا: أما إذ فعلت فأفطر وتقو على العدو، قال: ما كنت أراني أبقى حتى أعاتب في نفسي، والله لا أشبعها من طعام ولا أوطئها من منام حتى تلحق بالذي خلقها. ولقد أدركت أقواماً من سلف هذه الأمة، قد كان الرجل إذا وقع في هوية أو وحلة نادى يا لعباد الله، فيستخرجونه ودابته مما هو فيه. ولقد وقع رجل ذات يوم
في وحلة، فنادى يا لعباد الله، فما أدركت منه إلا مفاضه في الطين، فلأن أكون أدركت من متاعه شيئاً، فأخرجه من تلك الوحلة أحب إلي من دنياكم التي ترغبون فيها.
وكانوا يرون يزيد بن الأسود من الأبدال. ولقد حلف - وبر - ألا يضحك، ولا ينام مضطجعاً، ولا يأكل سميناً أبداً، فما رئي ضاحكاً ولا مضطجعاً ولا أكل سميناً حتى مات، رحمه الله.
وعن سليم بن عامر أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون.
فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي، فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية، فصعد المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم، إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم، إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد، ارفع يديك إلى الله، فرفع يزيد يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب، كأنها ترس، وهبت لها ريح، فسقينا حتى كاد الناس ألا يبلغوا منازلهم.
أصاب الناس قحط بدمشق، وعليها الضحاك بن قيس، فخرج بالناس يستسقي، فقال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فلم يجبه أحد، قال: أين يزيد بن الأسود؟ فلم يجبه، ثم قال: أين يزيد بن الأسود، عزمت عليه إن كان يسمع كلامي إلا قام، فقام وعليه برنس، واستقبل الناس بوجهه، ورفع جانبي برنسه على عاتقيه، ثم رفع يديه ثم قال: أي رب، إن عبادك قد تقربوا بي إليك فاسقهم، فانصرف الناس وهم يخوضون الماء، فقال: اللهم، إنه شهرني فأرحني منه، فما أتت جمعة حتى قتل الضحاك.
ولما وقعت الفتنة قال الناس: نقتدي بهؤلاء الثلاثة، يزيد بن الأسود،
ويزيد بن نمران وربيعة بن عمرو، فأما ربيعة فقتل براهط، وأما يزيد بن نمران فلحق بمروان، وأما يزيد بن الأسود فاعتزل.
لما خرج عبد الملك إلى مصعب بن الزبير رحل معه يزيد بن الأسود. فلما التقوا قال يزيد: اللهم احجز بين هذين الجبلين، وول الأمر أحبهما إليك قال: فظفر عبد الملك.
قال يونس بن حلبس: دخلنا على يزيد بن الأسود، فأخذ بيدي، ودخل عليه واثلة بن الأسقع، فأخذ بيده فمسح بها وجهه وصدره، لأنه بايع بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له واثلة: كيف ظنك بربك؟ قال: خير. قال: فأبشر، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن خير فخير، وإن شر فشر ".
زاد في رواية: " فليظن بي ما شاء ".
وفي حديث آخر أنه قال: كيف ظنك بالله؟ قال: أغرقتني ذنوب لي أشتات على هلكة، ولكن أرجو رحمة الله.
وفي رواية أنه قال له: كيف أصبحت؟ فقال له يزيد: في خوف لا انقطاع له، ثم أغمي عليه ملياً، ثم فتح عينيه، وقال: ورجاء فوق ذلك، فقال واثلة: الله أكبر، الله أكبر، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قال الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما أحب ".