مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، أبو عبد الله:
وأمه الرباب بنت أنيف الكلبية. كان من أحسن الناس وجها، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا. وولي إمارة العراقين وقت دعى لأخيه عبد الله بن الزبير بالخلافة، فلم يزل كذلك حتى سار إليه عبد الملك بن مروان، فقتله بمسكن في موضع قريب من أوانا، على نهر دجيل، عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حدّثنا محمّد بن الفضل السقطي، حدّثنا محمّد بن عبيد بن حساب، حدّثنا محمّد بن حمدان، حدّثنا عيسى بن عبد الرّحمن السلمي، أَخْبَرَنِي الشعبي قَالَ: مر بي مصعب بن الزبير وأنا على باب داري. قَالَ: فقال بيده هكذا، قَالَ فتبعته، قَالَ: فلما دخل أذن لي فدخلت عليه، فتحدثت معه ساعة ثم قَالَ بيده هكذا، فرفع الستر فإذا عائشة بنت طلحة امرأته. فقال: يا شعبي رأيت مثل هذه قط؟ قَالَ: قلت لا، ثم خرجت، ثم لقيني بعد ذلك فقال: يا شعبي تدري ما قالت لي؟ قلت: لا، قالت: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئا، قَالَ: فقد أمرت لك بعشرة آلاف، فاخذتها فكان أول مال ملكته.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان، أخبرني أبو علي السجستاني، حَدَّثَنِي أبو عبد الله بن سلمويه قَالَ: أسر مصعب بن الزبير رجلا فأمر بضرب عنقه، فقال: أعز الله الأمير، ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فأتعلق بأطرافك الحسنة، وبوجهك الذي يستضاء به، فأقول: يا رب سل مصعبا فيم قتلني؟ فقال يا غلام اعف عنه. فقال: أعز الله الأمير إن رأيت أن تجعل ما وهبت من حياتي في عيش رخي، قَالَ: يا غلام أعطه مائة ألف، فقال: أعز الله الأمير فإني أشهد الله وأشهدك أني قد جعلت لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفا، فقال له: ولم؟ قَالَ: لقوله فيك:
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
أَخْبَرَنَا الجوهري والتنوخي قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَف بْن المرزبان قَالَ: حدَّثَنِي أبو العبّاس محمّد بن إسحاق، حَدَّثَنَا ابن عائشة قَالَ:
سمعت أبي يقول: قيل لعبد الملك بن مروان- وهو يحارب مصعبا: إن مصعبا قد شرب الشراب. فقال عبد الملك: مصعب يشرب الشراب؟ والله لو علم مصعب أن الماء ينقص من مروءته ما روى منه.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حَدَّثَنِي محمد بن الحسن عن زافر بن قتيبة عن الكلبي قَالَ: قَالَ عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟ فقالوا: شبيب، قطري، فلان، فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين، وعائشة بنت طلحة، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبَى، ومشى بسيفه حتى مات. ذلك مصعب بن زبير، لا من قطع الجسور مرة هاهنا ومرة هاهنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثنا محمّد بن موسى المارستاني، حدّثنا الزّبير ابن أبي بكر، حَدَّثَنِي فليح بن إسماعيل وجعفر بن أبي كثير عن أبيه قَالَ: لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان قَالَ:
لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلاما غير مناع المتاع
ولا فرح بخير إن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع
ولا وقافة والخيل تعدو ... ولا خال كأنبوب اليراع
فقال الذي جاءه برأسه: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح في يده تارة، والسيف تارة، يضرب بهذا، ويطعن بهذا، لرأيت رجلا يملأ القلب والعين شجاعة وإقداما، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده، وبقي وحده ما زال ينشد:
وإني على المكروه عند حضوره ... أكذب نفسي والجفون له تنضي
وما ذاك من ذل، ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد ... وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك: كان والله كما وصف نفسه وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفا ومودة، ولكن الملك عقيم.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا سليمان بن حرب، حَدَّثَنِي غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد قَالَ:
وثب عبيد الله بن زياد بن ظبيبان على مصعب، فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له دجيل من أرض مسكن واحتز رأسه، فذهب التميمي به إلى عبد الملك، فسجد عبد الملك لما أتي برأسه، قَالَ يعقوب: سنة اثنتين وسبعين فيها قتل مصعب بن الزبير.
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الضبي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسلم المخرمي، حَدَّثَنَا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حَدَّثَنِي أبو محلم قَالَ: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى، فعرفته بشامة في فخذه، فأكبت عليه فقالت: يرحمك الله، نعم والله حليل المسلمة كنت، أدركك والله ما قَالَ عنترة:
وحليل غانية تركت مجدلا ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فهتكت بالرمح الطويل إهابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ:
حَدَّثَنِي مصعب بن عثمان قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن أربعين سنة.
قال الزّبير: حدثني إبراهيم بن حمزة قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وثلاثين سنة.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عمي مصعب قَالَ: يقولون: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وأربعين سنة. قَالَ الزبير وَقَالَ عبيد الله بن قيس يرثي مصعبا:
لقد أورث المصرين خزيا وذلة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
فما نصحت لله بكر بن وائل ... ولا صدقت يوم اللقاء تميم
وفي رواية المخلص بنهر الجاثليق-.
وأمه الرباب بنت أنيف الكلبية. كان من أحسن الناس وجها، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا. وولي إمارة العراقين وقت دعى لأخيه عبد الله بن الزبير بالخلافة، فلم يزل كذلك حتى سار إليه عبد الملك بن مروان، فقتله بمسكن في موضع قريب من أوانا، على نهر دجيل، عند دير الجاثليق، وقبره إلى الآن معروف هناك.
أَخْبَرَنَا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطّان، حدّثنا محمّد بن الفضل السقطي، حدّثنا محمّد بن عبيد بن حساب، حدّثنا محمّد بن حمدان، حدّثنا عيسى بن عبد الرّحمن السلمي، أَخْبَرَنِي الشعبي قَالَ: مر بي مصعب بن الزبير وأنا على باب داري. قَالَ: فقال بيده هكذا، قَالَ فتبعته، قَالَ: فلما دخل أذن لي فدخلت عليه، فتحدثت معه ساعة ثم قَالَ بيده هكذا، فرفع الستر فإذا عائشة بنت طلحة امرأته. فقال: يا شعبي رأيت مثل هذه قط؟ قَالَ: قلت لا، ثم خرجت، ثم لقيني بعد ذلك فقال: يا شعبي تدري ما قالت لي؟ قلت: لا، قالت: تجلوني عليه ولا تعطيه شيئا، قَالَ: فقد أمرت لك بعشرة آلاف، فاخذتها فكان أول مال ملكته.
أَخْبَرَنِي الأزهري، حدّثنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان، أخبرني أبو علي السجستاني، حَدَّثَنِي أبو عبد الله بن سلمويه قَالَ: أسر مصعب بن الزبير رجلا فأمر بضرب عنقه، فقال: أعز الله الأمير، ما أقبح بمثلي أن يقوم يوم القيامة فأتعلق بأطرافك الحسنة، وبوجهك الذي يستضاء به، فأقول: يا رب سل مصعبا فيم قتلني؟ فقال يا غلام اعف عنه. فقال: أعز الله الأمير إن رأيت أن تجعل ما وهبت من حياتي في عيش رخي، قَالَ: يا غلام أعطه مائة ألف، فقال: أعز الله الأمير فإني أشهد الله وأشهدك أني قد جعلت لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفا، فقال له: ولم؟ قَالَ: لقوله فيك:
إنما مصعب شهاب من الله ... تجلت عن وجهه الظلماء
أَخْبَرَنَا الجوهري والتنوخي قالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَف بْن المرزبان قَالَ: حدَّثَنِي أبو العبّاس محمّد بن إسحاق، حَدَّثَنَا ابن عائشة قَالَ:
سمعت أبي يقول: قيل لعبد الملك بن مروان- وهو يحارب مصعبا: إن مصعبا قد شرب الشراب. فقال عبد الملك: مصعب يشرب الشراب؟ والله لو علم مصعب أن الماء ينقص من مروءته ما روى منه.
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حدّثنا الزّبير بن بكّار، حَدَّثَنِي محمد بن الحسن عن زافر بن قتيبة عن الكلبي قَالَ: قَالَ عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟ فقالوا: شبيب، قطري، فلان، فلان. فقال عبد الملك: إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين، وعائشة بنت طلحة، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه رباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، وولي العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبَى، ومشى بسيفه حتى مات. ذلك مصعب بن زبير، لا من قطع الجسور مرة هاهنا ومرة هاهنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثنا محمّد بن موسى المارستاني، حدّثنا الزّبير ابن أبي بكر، حَدَّثَنِي فليح بن إسماعيل وجعفر بن أبي كثير عن أبيه قَالَ: لما وضع رأس مصعب بن الزبير بين يدي عبد الملك بن مروان قَالَ:
لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلاما غير مناع المتاع
ولا فرح بخير إن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع
ولا وقافة والخيل تعدو ... ولا خال كأنبوب اليراع
فقال الذي جاءه برأسه: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح في يده تارة، والسيف تارة، يضرب بهذا، ويطعن بهذا، لرأيت رجلا يملأ القلب والعين شجاعة وإقداما، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده، وبقي وحده ما زال ينشد:
وإني على المكروه عند حضوره ... أكذب نفسي والجفون له تنضي
وما ذاك من ذل، ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضي
وإني لأهل الشر بالشر مرصد ... وإني لذي سلم أذل من الأرض
فقال عبد الملك: كان والله كما وصف نفسه وصدق، ولقد كان من أحب الناس إلي، وأشدهم لي إلفا ومودة، ولكن الملك عقيم.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جعفر بن درستويه، حدّثنا يعقوب بن سفيان، حدّثنا سليمان بن حرب، حَدَّثَنِي غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد قَالَ:
وثب عبيد الله بن زياد بن ظبيبان على مصعب، فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له دجيل من أرض مسكن واحتز رأسه، فذهب التميمي به إلى عبد الملك، فسجد عبد الملك لما أتي برأسه، قَالَ يعقوب: سنة اثنتين وسبعين فيها قتل مصعب بن الزبير.
أَخْبَرَنَا عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الضبي، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حَدَّثَنَا أحمد بن محمد بن مسلم المخرمي، حَدَّثَنَا أبو سعيد عبد الله بن شبيب، حَدَّثَنِي أبو محلم قَالَ: لما قتل مصعب بن الزبير خرجت سكينة تطلبه في القتلى، فعرفته بشامة في فخذه، فأكبت عليه فقالت: يرحمك الله، نعم والله حليل المسلمة كنت، أدركك والله ما قَالَ عنترة:
وحليل غانية تركت مجدلا ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم
فهتكت بالرمح الطويل إهابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم
أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدوري قالا: حَدَّثَنَا أحمد بن سليمان الطّوسيّ، حَدَّثَنَا الزبير بْن بكار قَالَ:
حَدَّثَنِي مصعب بن عثمان قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن أربعين سنة.
قال الزّبير: حدثني إبراهيم بن حمزة قَالَ: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وثلاثين سنة.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عمي مصعب قَالَ: يقولون: قتل مصعب بن الزبير وهو ابن خمس وأربعين سنة. قَالَ الزبير وَقَالَ عبيد الله بن قيس يرثي مصعبا:
لقد أورث المصرين خزيا وذلة ... قتيل بدير الجاثليق مقيم
فما نصحت لله بكر بن وائل ... ولا صدقت يوم اللقاء تميم
وفي رواية المخلص بنهر الجاثليق-.