مسلم بن الحجاج بن مسلم، أبو الحسين القشيري النيسابوري :
أحد الأئمة من حفاظ الحديث، وهو صاحب المسند الصحيح. رحل إلى العراق، والحجاز والشام، ومصر. وسمع يحيى بْن يَحْيَى النيسابوري، وقتيبة بْن سَعِيد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عمرو زنيجا، ومحمّد بن مهران الحمال، وإبراهيم ابن موسى الفراء، وعلي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله القواريري، وخلف ابن هشام، وسريج بن يونس، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبا الربيع الزهراني، وعبيد الله بن معاذ بن معاذ، وعمر بن حفص بن غياث، وعمرو بن طلحة القناد ومالك بن إسماعيل النهدي، وأحمد بن يونس، وأحمد بن جواس، وَإسماعيل بْن أَبِي أويس، وَإِبْرَاهِيم بْن المنذر، وأبا مصعب الزهري، وسعيد بن منصور، ومحمد بن رمح، وحرملة بن يحيى، وعمرو بن سواد، وغيرهم. وقدم بغداد- غير مرة- وَحَدَّثَ بِهَا. فرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِهَا يَحْيَى بْن صاعد، ومحمد بن مخلد. وآخر قدومه بغداد كان في سنة تسع وخمسين وَمائتين.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهديّ، أخبرنا محمّد بن مخلد الدّوريّ، حدّثنا مسلم بن الحجّاج، حدّثنا محمّد بن مهران، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مَصَادِ بْنِ عَقْبَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا لِظَهْرِهِ رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْل مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم قَالَ: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.
وأَخْبَرَنِي ابن يعقوب، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت الحسين بن محمد الماسرجسي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- بأصبهان- قَالَ:
سمعت محمد بن إسحاق بن منده يقول: سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث.
أخبرني ابن يعقوب، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت عمر بن أحمد الزاهد يقول: سمعت الثقة من أصحابنا- وأكثر ظني أنه أبو سعيد بن يعقوب- يقول: رأيت فيما يرى النائم كأن أبا علي الزعوري يمضي في شارع الحيرة وبيده جزء من كتاب مسلم- يعني ابن الحجاج- فقلتُ لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ فَقَالَ: نجوت بهذا- وأشار إلى ذلك الجزء.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الواحد المنكدري، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن محمّد الحافظ- بنيسابور- حدّثنا محمّد بن إبراهيم الهاشميّ، حَدَّثَنَا أحمد بن سلمة قَالَ: سمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي- وذكر مسلم بن الحجّاج- فقال: مراد كابن بوذ قال المنكدري وتفسيره: أي رجل كان هذا؟
حَدَّثَنِي أبو القاسم السوذرجاني قَالَ: سمعت محمد بن إسحاق بن منده يقول:
سمعت محمد بن يعقوب الأخرم يقول- وذكر كلاما معناه- قلما يفوت البخاري ومسلما ما يثبت من الحديث.
حدثت عن أبي عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الْحِيرِيُّ قَالَ: سمعت أبا العبّاس ابن سعيد بن عقدة- وسألته عن مُحَمَّد بْن إسماعيل البخاري، ومسلم بْن الحجاج النيسابوري، أيهما أعلم؟ - فقال: كان محمد بن إسماعيل عالما، ومسلم عالما.
وكررت عليه مرارا وهو يجيبني بمثل هذا الجواب. ثم قَالَ لي: يا أبا عمرو: قد يقع
لمحمد بن إسماعيل الغلط في أهل الشام، وذاك أنه أخذ كتبهم فنظر فيها، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته، ويذكره في موضع آخر باسمه، ويتوهم أنهما اثنان. فأما مسلم فقلما يقع له الغلط. إنه كتب المقاطيع والمراسيل.
قلت: إنما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه، وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم وأدام الاختلاف إليه.
أخبرني محمد بن عُبيد الله بْن أَحْمَد بْن عُثمان الصيرفي قال: سمعت أبا الحسن الدّارقطنيّ قال: لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء.
أخبرني أبو بكر المنكدري، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد الْحَافِظ، حَدَّثَنِي أبو نصر أحمد بن محمد الوراق قَالَ: سمعت أبا حامد أحمد بن حمدون القصار يقول: سمعت مسلم بن الحجاج- وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه- وَقَالَ: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله- حدثك محمد بن سلام، حدّثنا مخلد بن يزيد الحرّانيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كفارة المجلس، فما علته؟ قَالَ محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلا أنه معلول. حَدَّثَنَا به موسى بن إسماعيل، حدّثنا وهيب، حَدَّثَنَا سهيل عن عون بن عبد الله قوله. قال محمّد بن إسماعيل هذا أول، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل، وكان مسلم أيضا يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه.
فأَخْبَرَنِي محمد بن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب الحافظ يقول: لما استوطن محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور: أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه، فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة، قطعه أكثر الناس غير مسلم، فإنه لم يتخلف عن زيارته. فأنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا، وأنه عوتب على ذلك بالعراق والحجاز ولم يرجع عنه. فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قَالَ في آخر مجلسه: ألا من قَالَ باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا.
فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه، وجمع كل
ما كان كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه وعن زيارته.
وَقَالَ محمد بن عبد الله النيسابوري: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب يقول:
سمعت أحمد بن سلمة يقول: عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة، فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج. وَقَالَ لمن في الدار:
لا يدخلن أحد منكم هذا البيت، فقيل له أهديت لناسلة فيها تمر، فقال: قدموها إلي، فقدموها إليه، فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة يمضغها، فأصبح وقد فنى التمر ووجد الحديث.
قَالَ محمد بن عبد الله: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات.
وَقَالَ أيضا: سمعت محمد بن يعقوب أبا عبد الله الحافظ يقول: توفي مسلم بن الحجاج عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين.
أحد الأئمة من حفاظ الحديث، وهو صاحب المسند الصحيح. رحل إلى العراق، والحجاز والشام، ومصر. وسمع يحيى بْن يَحْيَى النيسابوري، وقتيبة بْن سَعِيد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عمرو زنيجا، ومحمّد بن مهران الحمال، وإبراهيم ابن موسى الفراء، وعلي بن الجعد، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله القواريري، وخلف ابن هشام، وسريج بن يونس، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبا الربيع الزهراني، وعبيد الله بن معاذ بن معاذ، وعمر بن حفص بن غياث، وعمرو بن طلحة القناد ومالك بن إسماعيل النهدي، وأحمد بن يونس، وأحمد بن جواس، وَإسماعيل بْن أَبِي أويس، وَإِبْرَاهِيم بْن المنذر، وأبا مصعب الزهري، وسعيد بن منصور، ومحمد بن رمح، وحرملة بن يحيى، وعمرو بن سواد، وغيرهم. وقدم بغداد- غير مرة- وَحَدَّثَ بِهَا. فرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِهَا يَحْيَى بْن صاعد، ومحمد بن مخلد. وآخر قدومه بغداد كان في سنة تسع وخمسين وَمائتين.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهديّ، أخبرنا محمّد بن مخلد الدّوريّ، حدّثنا مسلم بن الحجّاج، حدّثنا محمّد بن مهران، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ عَنْ مَصَادِ بْنِ عَقْبَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا لِظَهْرِهِ رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْل مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم قَالَ: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما.
وأَخْبَرَنِي ابن يعقوب، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت الحسين بن محمد الماسرجسي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السوذرجاني- بأصبهان- قَالَ:
سمعت محمد بن إسحاق بن منده يقول: سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول: ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث.
أخبرني ابن يعقوب، أَخْبَرَنَا محمد بن نعيم قَالَ: سمعت عمر بن أحمد الزاهد يقول: سمعت الثقة من أصحابنا- وأكثر ظني أنه أبو سعيد بن يعقوب- يقول: رأيت فيما يرى النائم كأن أبا علي الزعوري يمضي في شارع الحيرة وبيده جزء من كتاب مسلم- يعني ابن الحجاج- فقلتُ لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ فَقَالَ: نجوت بهذا- وأشار إلى ذلك الجزء.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الواحد المنكدري، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بن محمّد الحافظ- بنيسابور- حدّثنا محمّد بن إبراهيم الهاشميّ، حَدَّثَنَا أحمد بن سلمة قَالَ: سمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي- وذكر مسلم بن الحجّاج- فقال: مراد كابن بوذ قال المنكدري وتفسيره: أي رجل كان هذا؟
حَدَّثَنِي أبو القاسم السوذرجاني قَالَ: سمعت محمد بن إسحاق بن منده يقول:
سمعت محمد بن يعقوب الأخرم يقول- وذكر كلاما معناه- قلما يفوت البخاري ومسلما ما يثبت من الحديث.
حدثت عن أبي عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ الْحِيرِيُّ قَالَ: سمعت أبا العبّاس ابن سعيد بن عقدة- وسألته عن مُحَمَّد بْن إسماعيل البخاري، ومسلم بْن الحجاج النيسابوري، أيهما أعلم؟ - فقال: كان محمد بن إسماعيل عالما، ومسلم عالما.
وكررت عليه مرارا وهو يجيبني بمثل هذا الجواب. ثم قَالَ لي: يا أبا عمرو: قد يقع
لمحمد بن إسماعيل الغلط في أهل الشام، وذاك أنه أخذ كتبهم فنظر فيها، فربما ذكر الواحد منهم بكنيته، ويذكره في موضع آخر باسمه، ويتوهم أنهما اثنان. فأما مسلم فقلما يقع له الغلط. إنه كتب المقاطيع والمراسيل.
قلت: إنما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه، وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم وأدام الاختلاف إليه.
أخبرني محمد بن عُبيد الله بْن أَحْمَد بْن عُثمان الصيرفي قال: سمعت أبا الحسن الدّارقطنيّ قال: لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء.
أخبرني أبو بكر المنكدري، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد الْحَافِظ، حَدَّثَنِي أبو نصر أحمد بن محمد الوراق قَالَ: سمعت أبا حامد أحمد بن حمدون القصار يقول: سمعت مسلم بن الحجاج- وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري فقبل بين عينيه- وَقَالَ: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله- حدثك محمد بن سلام، حدّثنا مخلد بن يزيد الحرّانيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كفارة المجلس، فما علته؟ قَالَ محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلا أنه معلول. حَدَّثَنَا به موسى بن إسماعيل، حدّثنا وهيب، حَدَّثَنَا سهيل عن عون بن عبد الله قوله. قال محمّد بن إسماعيل هذا أول، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماع من سهيل، وكان مسلم أيضا يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمد بن يحيى الذهلي بسببه.
فأَخْبَرَنِي محمد بن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه النَّيْسَابُورِيّ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب الحافظ يقول: لما استوطن محمد بن إسماعيل البخاري نيسابور: أكثر مسلم بن الحجاج الاختلاف إليه، فلما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه حتى هجر، وخرج من نيسابور في تلك المحنة، قطعه أكثر الناس غير مسلم، فإنه لم يتخلف عن زيارته. فأنهي إلى محمد بن يحيى أن مسلم بن الحجاج على مذهبه قديما وحديثا، وأنه عوتب على ذلك بالعراق والحجاز ولم يرجع عنه. فلما كان يوم مجلس محمد بن يحيى قَالَ في آخر مجلسه: ألا من قَالَ باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا.
فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته وقام على رءوس الناس وخرج من مجلسه، وجمع كل
ما كان كتب منه وبعث به على ظهر حمال إلى باب محمد بن يحيى، فاستحكمت بذلك الوحشة، وتخلف عنه وعن زيارته.
وَقَالَ محمد بن عبد الله النيسابوري: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب يقول:
سمعت أحمد بن سلمة يقول: عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجاج مجلس للمذاكرة، فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج. وَقَالَ لمن في الدار:
لا يدخلن أحد منكم هذا البيت، فقيل له أهديت لناسلة فيها تمر، فقال: قدموها إلي، فقدموها إليه، فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة يمضغها، فأصبح وقد فنى التمر ووجد الحديث.
قَالَ محمد بن عبد الله: زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات.
وَقَالَ أيضا: سمعت محمد بن يعقوب أبا عبد الله الحافظ يقول: توفي مسلم بن الحجاج عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين.