Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=130610&book=5570#1362c8
مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بن زيد بن درهم، أبو عمر القاضي الأزدي مولى آل جرير بْن حازم :
سمع محمد بن الوليد البسري، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، وزيد بن أخرم، وعثمان بن هشام بن دلهم، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وطبقتهم.
وكان ثقة فاضلا. روى عنه أبو بكر الأبهري الفقيه، وأبو الحسن الدارقطني، ويوسف بن عمر القواس، وأبو القاسم بن حبابة، وغيرهم.
قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي. قَالَ: أبو عمر القاضي، كان مولده بالبصرة لتسع خلون من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
أَخْبَرَنِي أبو القاسم الأزهرى حدّثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة. قال: وفي هذه السنة- يعني سنة أربع وثمانين ومائتين- ولى أبو عمر محمّد ابن يوسف قضاء مدينة المنصور، والأعمال المتصلة بها، والقضاء بين أهل بزرج سابور، والراذانين، وسكرود، وقطربل، وجلس في المسجد الجامع بالمدينة. وأبو عمر محمّد بن يوسف في الحكام لا نظير له عقلا، وحلما وذكاء، وتمكنا واستيفاء للمعاني الكثيرة باللفظ اليسير، مع معرفته باقدار الناس ومواضعهم، وحسن التأني في الأحكام، والحفظ لما يجرى على يده.
حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن المحسن حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الشَّاهِدُ. قَالَ: أبو عمر محمد بن يوسف من تصفح أخبار الناس لم يخف عليه موضعه، وإذا بالغنا في وصفه كنا إلى التقصير فيما نذكره من ذلك أقرب، ومن سعادة جده أن المثل ضرب بعقله وحلمه، وانتشر على لسان الخطير والحقير ذكر فضله، حتى إن الإنسان كان إذا بالغ في وصف رجل. قَالَ: كأنه أبو عمر القاضي! وإذا امتلأ الإنسان غيظا. قَالَ: لو أني أبو عمر القاضي ما صبرت. سوى ما انضاف إلى ذلك من الجلالة، والرياسة، والصبر على المكاره، واحتمال كل جريرة إن لحقته من عدوه، وغلط إن جرى من صديقه، وتعطفه بالإحسان إلى الكبير والصغير، واصطناع المعروف عند الداني والقاصي، ومداراته للنظير والتابع، ولم يزل على طول الزمان يزداد جلالة ونبلا، ثم استخلف لأبيه يوسف على القضاء بالجانب الشرقي، فكان يحكم بين أهل مدينة المنصور رياسة، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة، إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فإن أبا حازم توفي- وكان قاضيا على الكرخ أعنى الشرقيه- فنقل أبو عمر عن مدينة المنصور إلى قضاء الشرقيه، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين ومائتين، ثم صرف هو ووالده يوسف عن جميع ما كان إليهما، وتوفي والده سنة سبع وتسعين ومائتين، وما زال أبو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة، فإن أبا الحسن علي بن عيسى تقلد الوزارة، فأشار على المقتدر به، فرضي عنه، وقلده الجانب الشرقي والشرقيه
وعدة نواح من السواد، والشام والحرمين، واليمن وغير ذلك، وقلده القضاء سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وحمل الناس عنه علما واسعا من الحديث وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل- يعني ابن إسحاق- وقطعة من التفسير وعمل مسندا كبيرا قرا أكثره على الناس، ولم ير الناس ببغداد أحسن من مجلسه لما حدث، وذلك أن العلماء وأصحاب الحديث كانوا يتجملون بحضور مجلسه، حتى أنه كان يجلس للحديث وعن يمينه أبو القاسم بن منيع- وهو قريب من أبيه في السن والإسناد- وابن صاعد على يساره، وأبو بكر النيسابوري بين يديه، وسائر الحفاظ حول سريره، وتوفي في شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، وله ثمان وسبعون سنة.
وكان يذكر عن جده يعقوب حديثا لقنه إياه وهو ابن أربع سنين. عن وهب بن جرير عن أبيه عن الحسن «لا بأس بالكحل للصائم» .
حدّثنا على بن أبي على المعدّل حدثنا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْدٍ الدَّقَّاقُ. قَالَ قَالَ لي أبو إسحاق إبراهيم بن جابر الفقيه الذي تقلد بعد ذلك القضاء:
لما ولي أبو عمر محمد بن يوسف القضاء، طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه، فكنا نستفتي فنقول: امضوا إلى القاضي. ونراعي ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم على واجبه وألطف، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص فنخاف أن نخرج إن لم نفت، فنفتي، فتعود الفتاوى إليه فيحكم بما يفتى به الفقهاء، فما عثرنا عليه بخطأة.
حَدَّثَنَا القاضي أبو العلاء مُحَمَّد بن علي الواسطي حدّثنا محمّد بن جعفر التّميمى- بالكوفة- أَخْبَرَنِي أبو الحسن العروضي عن أبي عمر القاضي. قال: قدم إليه ابن النديم بن المنجم في شيء كان بينهما، فقال له ابن المنجم: إن هذا يدل بخاصة له عند القاضي. فقال أبو عمر ما أنكرها! وأنها لنافعة له عندي، غير ضارة لك. إن كان الحق له كفيناه مئونة اجتذابه، وإن كان عليه سلمناه إليك من غير استذلال له.
أَخْبَرَنِي عَلِيّ بن أَبِي عَلِيّ قَالَ سمعت أبا إسحاق إبراهيم بْن أَحْمَد الطبري يقول سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول: كنت بحضرة أبي عمر القاضي وجماعة من شهوده وخلفائه الذين يأنس بهم، فأحضر ثوبا يمانيا قيل له في ثمنه خمسين دينارا، فاستحسنه كل من حضر المجلس، فقال: يا غلام، هات القلانسي. فجاء، فقال: اقطع جميع هذا الثوب قلانس، واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة، ثم
التفت إلينا فقال: إنكم استحسنتموه بأجمعكم، ولو استحسنه واحد لوهبته له، فلما اشتركت في استحسانه لم أجد طريقا إلى أن يحصل لكل واحد شيء منه إلا بأن أجعله قلانس، فيأخذ كل واحد منكم واحدة منها.
سمعت علي بن محمد بن الحسن الحربي يقول: كان يقال إن إسماعيل القاضي:
بكاتبه، ويوسف القاضي: بابنه. وأبو الحسين بن أبي عمر: بأبيه. والوصف في جميع هذه الأمور عائد إلى أبي عمر. أو كما قَالَ.
حَدَّثَنَا أبو بكر البرقاني قَالَ حكى لي الحمدوني أن إسماعيل القاضي ببغداد كان يحب الاجتماع مع إبراهيم الحربي، فقيل لإبراهيم لو لقيته؟ فقال: ما أقصد من له حاجب. فقيل ذلك لإسماعيل، فنحَّى الحاجب عن بابه أياما. فذكر ذلك لإبراهيم فقصده فلما دخل تلقاه أبو عمر محمد بن يوسف القاضي وكان بين يدي إسماعيل قائما، فلما نزع إبراهيم نعله أمر أبو عمر غلاما له أن يرفع نعل إبراهيم في منديل معه، فلما طال المجلس بين إبراهيم وإسماعيل، وجرى بينهما من العلم ما تعجب منه الحاضرون، وأراد إبراهيم القيام، نفذ أبو عمر إلى الغلام أن يضع نعله بين يديه من حيث رآها ملفوفة في المنديل، فقال- إبراهيم- لأبي عمر: رفع الله قدرك في الدنيا والآخرة. فقيل إن عمر لما توفي رآه بعضهم في المنام فقال: ما فعل الله بك؟ فقال:
أدركتني دعوة الرجل الصالح إبراهيم فغفر لي، قَالَ البرقاني: أو كما قَالَ لي الحمدوني.
حَدَّثَنَا على بن المحسن- من حفظه- حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الأسدي قَالَ قَالَ لي أبي: دخلت يوما على القاضي أبو عمر محمد بن يوسف وبين يديه ابن ابنه أبو نصر- وقد ترعرع، فقال لي: يا أبا بكر:
إذا الرجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها
وجعلت إعلالها تعدادها ... فهي زروع قد دنى حصادها
فقلت: يبقى الله القاضي. فقال: ثم أيش؟! حدّثنا أحمد بن أبي جعفر قَالَ: سمعت الْقَاضِي أبا الْحَسَن الجراحي يقول:
وأَخْبَرَنِي عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي الصيرفي. قَالَ: قَالَ لنا أحمد بن محمد بن عمران: توفي القاضي أبو عمر في سنة عشرين وثلاثمائة.
قرأت على الحسن بن علي بن أبي بكر عن أحمد بن كامل. وأنبأنا عمر بن إبراهيم الفقيه حَدَّثَنَا عيسى بن حامد القاضي. قالا: مات أبو عمر القاضي يوم
الأربعاء لخمس بقين- وَقَالَ عيسى: لسبع بقين، من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة. قَالَ ابن كامل: ودفن في داره.