Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=153858#21fb56
محمد بن هاشم ويقال ابن هشام
ابن شهاب أبو صالح العذري الجسريني من قرية جسرين بالغوطة حدث عن المسيب بن واضح، بسنده إلى مسروق قال: سألت ابن مسعود عن هذه الآية " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون " قال: إنا قد سألنا ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " أرواح الشهداء كطائرٍ خضرٍ تسرح في الجنة حيث تشاء، ولها قناديلٌ معلقةٌ بالعرش تأوي إليها ".
حدث أبو صالح محمد بن هاشم الدمشقي، عن محمد بن أحمد بن مالك المكتب، بسنده إلى عبد الله بن عباس، قال:
قدم وفد عبد القيس على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " أيكم يعرف قس بن ساعدة الإيادي؟ " قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله؛ قال: " لست أنساه بعكاظ على جملٍ له أحمر، يخطب الناس، ويقول: ألا أيها الناس، اجتمعوا، فإذا اجتمعتم فاسمعوا، فإذا سمعتم فعوا، فإذا وعيتم فقولوا، فإذا قلتم فاصدقوا؛ من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آتٍ آت، إن في السماء لخبراً وإن في الأرض لعبرا، مهادٌ موضوعٌ، وسقفٌ مرفوعٌ، ونجومٌ تمور، وبحارٌ لا تغور، أقسم قس قسماً بالله لا كاذباً فيه، ولا آثماً، لئن كان هذا الأمر رضىً ليكونن سخطاً، إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم هذا الذي أنتم عليه " ثم قال: " أيكم ينشد شعره " فأنشدوه: من مجزوء الكامل
في الذاهبين الأولي ... ن من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً ... للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها ... تمضي الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي ولا يب ... قى من الباقين غابر
أيقنت أني لا محا ... لة حيث صار القوم صائر
فقام إليه رجلٌ طويل القامة، عظيم الهامة جهوري الصوت، كأني أنظر إلى حاجبيه وقد سقطا على عينيه فقال: وأنا قد رأيت منه عجبا؛ قال: وما الذي رأيت؟ قال: خرجت في جاهليتي أبغي بغيراً شرد مني، أقفو أثره في تنائف حقاف، ذات ضغابيس، وعرصات جثجاثٍ بين صدور جرعان وغمير حوذان، ومهمه ظلمان، ورضيع أيهقان، وبينا أنا في غوائل الفلوات أجول سبسبها وأرمق فدفدها، إذ جنني
الليل فلجأت إلى هضبةٍ في ستارتها أراك كباثٍ مخضوضلةٌ بأغصانها، كأن بريرها حب فلفلٍ في بواسق أقحوانٍ، وقد مضى من الليل ثلثه الأول، فغلبتني عيني، فرقدت، فإذا أنا بهاتفٍ يقول: من الرجز
وسنان أم تسمع ما أنبيكا ... فارحل هديت وابتغي دميكا
يفري قيام الآل والدلوكا ... حتى تحل منهلاً مسلوكا
بيثربٍ يحظى به سنوكا ... ائت رسولاً عبد المليكا
يدني إليه الحر والمملوكا ... ويقبل السوقة والملوكا
رسول صدقٍ يفرج الشكوكا
فاستيقظت لذلك، وأنشأت أقول: من الرجز
يا أيها الطائف والليل سحم ... ماذا الذي تدعو إليه وتلم
بين لنا عن صدق ما أنت زعم ... هل بعث الله رسولاً معتلم
يجلو عمى الضلال عنا والتهم ... من بعد عيسى في محنات الظلم
ينجي من الزيغ ويهدي من رغم
فقال: ألا إنه قد بطل زور وبعث نبي بالسرور؛ ثم انقطع عني الصوت، فلا حس ولا خبر؛ فبينا أنا أفكر في أمري، وما الذي سمعت من قول الهاتف إذ طلع عمود الصبح فأرغت بعيري، فإذا هو في شجرةٍ يميس ورقها ويهشم من أغصانها، فوثبت إليها فرمتها، ثم استويت على كورها، ثم أقبلت حتى اقتحمت وادياً، فإذا أنا بشجرةٍ عادية، وعينٍ خرارةٍ، وروضةٍ مدهامة، وإذا بقس بن ساعدة جالسٌ في أصل شجرةٍ، وقد ورد على الحوض سباعٌ كثير، فكلما ورد سبعٌ قبل صاحبه ضربه قس بن ساعدة بالقضيب، ثم قال: تنح، حتى يشرب الذي ورد قبلك؛ فلما رأيت ذلك ذعرت ذعراً شديداً؛ فقال لي: لا تخف؛ فإذا بقبرين وبينهما مسجدٌ؛ فقلت: ما هذان القبران؟ فقال: هذان قبرا أخوين كانا يعبدان الله في هذا المكان، فأنا مقيمٌ بينهما أعبد الله حتى ألحق بهما؛ فقلت:
ألا تلحق بقومك، فتكون معهم على خيرهم وتبكتهم على شرهم؟ فقال: ثكلتك أمك، أما علمت أن ولد إسماعيل تركت دين أبيها، واتبعت الأنداد وعظمت السدان، ثم تركني وأقبل على القبرين يبكي، ويقول: من الطويل
خليلي هبا طال ما قد رقدتما ... أجدكما ما تقضيان كراكما
ألم تعلما أني بسمعان مفرداً ... وما لي أنيسٌ من حبيبٍ سواكما
مقيمٌ على قبريكما لست بارحاً ... أؤوب الليالي أو يجيب صداكما
فلو جعلت نفسٌ لنفسٍ فداؤها ... لجدت بنفسي أن يكون فداكما
فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله قساً، رحم الله قساً، أما إنه سيبعث أمةً وحده ".