غيلان بن سلمة بن معتب
ابن مالك بن كعب بن عمو بن سعد بن عوف الثقفي له صحبة، وكان بدمشق حين توفي عبد الملك بن مروان.
حدث غيلان بن سلمة أن نافعاً كان عبداً لغيلان بن سلمة ففر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وغيلان مشرك، ثم أسلم غيلان، فرد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاءه.
وعن غيلان بن سلمة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من آمن بي وصدقني، وعلم أن ما جئت به الحق من عندك فأقلل ماله وولده، وحبب إليه لقاءك، ومن لم يؤمن بي ولم يدصقني، ولم يعلم أن ما جئت به الحق من عندك فأكثر ماله وولده، وأطل عمره.
وعن غيلان بن سلمة الثقفي قال: خرجنا مع نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأينا منه عجباً، مررنا بأرض فيها أشاء متفرق، فقال نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا غيلان، ائت هاتين الاشاءتين فمر إحداهما تنضم إلى صاحبتها حتى أستتر بهما فأتوضأ. قال: فانطلقت فقمت بينهما فقلت: إن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر إحداكما أن تنضم إلى صاحبتها. قال: فمادت إحداهما ثم انقلعت تخد في الأرض حتى انضمت إلى صاحبتها فنزل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوضأ خلفهما ثم ركب؛ وعادت تخد في الأرض إلى موضعهما. قال: ثم نزلنا معه منزلاً، فأقبل امرأة بابن لها كأنه الدينار، فقالت: يا نبي الله؟ ما كان في الحي غلامٌ أحب إلي بابني هذا، فأصابته الموتة، فأنا أتمنى موته، فادع الله له يا نبي الله؟ قال: فأدناه نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: باسم الله، أنا رسول الله اخرج عدو الله - ثلاثاً - قال: اذهبي بابنك، لن تري بأساً إن شاء الله. قال: ثم مضينا فنزلنا منزلاً، فجاء رجلٌ فقال: يا نبي الله؟ إنه كان لي حائطٌ منه عيشي وعيش عيالي، ولي فيه ناضحان فاغتلما ومنعاني أنفسهما وحائطي وما فيه، ولا يقدر أحدٌ على الدنو منهما. قال: فنهض نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه حتى أتى الحائط فقال لصاحبه: افتح، فقال: با نبي الله أمرهما أعظم من ذلك؟ قال: فافتح. فلما حرك الباب بالمفتاح، أقبلا لهما جلبةٌ كحفيف الريح، فلما أفرج الباب فنظر إلى نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بركا ثم سجدا؟؟! فأخذ نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رؤوسهما ثم دفعهما إلى صاحبهما فقال: استعملهما وأحسن علفهما. فقال القوم: يا نبي الله! تسجد لك البهائم! فما لله عندنا بك أحسن من هذا، أجرتنا من الضلالة، واستنقذتنا من الهلكة، أفلا تأذن لنا بالسجود لك؟ قال: كيف كنتم صانعين بأخيكم إذا مات؟ أتسجدون لقبره؟ قالوا: يا نبي الله نتبع أمرك. فقال نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن السجود ليس إلا للحي الذي
لا يموت، لو كنت آمر أحداً بالسجود من هذه الأمة لأمرت المرأة بالسجود لبعلها. قال: ثم رجعنا؛ فجاءت المرأة أم الغلام فقالت: يا نبي الله! والذي بعثك بالحق، ما زال من غلمان الحي؛ وجاءت بسمنٍ ولبنٍ وجزر، فرد عليها السمن والجزر وأمرهم بشرب اللبن.
ولما مات عبد الملك قال الوليد ابنه: انهضوا على اسم الله فبايعوا. فبايع له أعلام الناس، ثم جهز أباه، فبينما هو في دفنه إذ أقبل غيلان بن سلمة؛ والناس لا يدرون يعزونه قبل أو يهنئونه! فقال: أصبحت يا أمير المؤمنين رزئت خير الآباء وسميت خير الأسماء، وأعطيت أفضل الأشياء، فعزم اله لك في الرزية على الصبر، وأثابك في ذلك نوافل الأجر، وأعانك في حسن ثوابه إياك على الشكر، وقضى لعبد الملك خير القضية، وأنزله المنزلة الرضية، وأعانك على أمر الرعية. فقال له الوليد: من أنت؟ قال: من ثقيف. قال: في كم أنت؟ قال: في مئة دينار. فأمر به أن يلحق بالشرف، فكان أول من قضى له حاجةٌ حين استخلف.
قال المصنف: ولا أراه بقي إلى أيام الوليد، فإنه مات في خلافة عمر بن الخطاب، ولعله ابن غيلان بن سلمة، وغيلان أسلم وتحته عشرة نسوة، فأمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يختار منهن أربعاً.
وعن ابن عمر قال: طلق غيلان بن سلمة نساءه، وقسم ماله بين بنيه في خلافة عمر، فبلغ ذلك عمر فقال له: أطلقت نساءك وقسمت مالك بين بنيك؟ قال: نعم، قال: والله إني لأرى الشيطان فيما يسترق السمع بموتك فألقاه في نفسك، فلعلك لا تمكث إلا قليلاً، وأيم الله لئن لم تراجع نساءك وترجع في مالك لأورثتم منك إذا مت، ثم لآمرن بقبرك فليرجمن كما رجم قبر أبي رغال.
أبو رغال: أبو ثقيف. قال: فراجع نساءه، ورجع في ماله. قال نافع: فلم يمكث إلا سبعاً حتى مات.
وكان غيلان شاعراً، وفد على كسرى، وسأله أن يبني له حصناً بالطائف، فبنى له حصناً بالطائف، ثم جاء الإسلام، فأسلم غيلان وعنده عشر نسوة - زاد في رواية: وأسلمن معه - فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اختر منهن أربعاً وفارق بقيتهن. فقال: قد كن ولا يعلمن
أيتهن آثر عندي وسيعلمن اليوم ذلك. فاختار منهن أربعاً، وجعل يقول لمن أراد منهن: أقبلي، ومن لم يرد يقول لها: أدبري حتى اختار منهن أربعة وفارق بقيتهن.
وعن عكرمة: في قوله عز وجل: " وثيابك فطهر " قال: لا تلبسها على غدرةٍ ولا فجرة ثم تمثل بشعر غيلان: من الطويل
فإني بحمد الله لا ثوب فاجرٍ ... لبست ولا من غدرة أتقنع
دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أم سلمة وهم محاصر والطائف وعندها مخنث يقال له هيت يقول لأن سلمة: إذا فتحتم الطائف فقولي لأخيك يأخذ بادية بنت غيلان بن سلمة - وكانت أشهر نساء ثقيف جمالاً وهيئة - فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإنك لتفطن لهذا! لا يدخلن عليكم.
وعن أبي جعدة قال: قالت خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية - ومانت امرأة عثمان بن مظعون وهي الخولاء: يا رسول الله إذا فتح الله عليك الطائف فأعطني حلي بادية بنت غيلان، قال: وإن لم يكن أذن لي فيها يا خولة. فأتت عمر بن الخطاب مسرعةٌ فأخبرته. وكان المسلمون يظنون أنهم يفتحونها، قد فتح مكة وظفروا بحنين في وجههم ذاك. فجاء عمر بن الخطاب إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: شيء أخبرتنيه خويلة؟ قال: نعم، رأيت كأني أريد جلب مياهٍ وهي تعتاص علي، فظننت أني لا أنال منهم شيئاً في وجهي هذا. قال: أفلا تأذن في الناس بالرحيل؟ قال: بلى.
توفي غيلان في آخر خلافة عمر، سنة ثلاثٍ وعشرين.
ابن مالك بن كعب بن عمو بن سعد بن عوف الثقفي له صحبة، وكان بدمشق حين توفي عبد الملك بن مروان.
حدث غيلان بن سلمة أن نافعاً كان عبداً لغيلان بن سلمة ففر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وغيلان مشرك، ثم أسلم غيلان، فرد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاءه.
وعن غيلان بن سلمة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من آمن بي وصدقني، وعلم أن ما جئت به الحق من عندك فأقلل ماله وولده، وحبب إليه لقاءك، ومن لم يؤمن بي ولم يدصقني، ولم يعلم أن ما جئت به الحق من عندك فأكثر ماله وولده، وأطل عمره.
وعن غيلان بن سلمة الثقفي قال: خرجنا مع نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأينا منه عجباً، مررنا بأرض فيها أشاء متفرق، فقال نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا غيلان، ائت هاتين الاشاءتين فمر إحداهما تنضم إلى صاحبتها حتى أستتر بهما فأتوضأ. قال: فانطلقت فقمت بينهما فقلت: إن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر إحداكما أن تنضم إلى صاحبتها. قال: فمادت إحداهما ثم انقلعت تخد في الأرض حتى انضمت إلى صاحبتها فنزل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوضأ خلفهما ثم ركب؛ وعادت تخد في الأرض إلى موضعهما. قال: ثم نزلنا معه منزلاً، فأقبل امرأة بابن لها كأنه الدينار، فقالت: يا نبي الله؟ ما كان في الحي غلامٌ أحب إلي بابني هذا، فأصابته الموتة، فأنا أتمنى موته، فادع الله له يا نبي الله؟ قال: فأدناه نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: باسم الله، أنا رسول الله اخرج عدو الله - ثلاثاً - قال: اذهبي بابنك، لن تري بأساً إن شاء الله. قال: ثم مضينا فنزلنا منزلاً، فجاء رجلٌ فقال: يا نبي الله؟ إنه كان لي حائطٌ منه عيشي وعيش عيالي، ولي فيه ناضحان فاغتلما ومنعاني أنفسهما وحائطي وما فيه، ولا يقدر أحدٌ على الدنو منهما. قال: فنهض نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه حتى أتى الحائط فقال لصاحبه: افتح، فقال: با نبي الله أمرهما أعظم من ذلك؟ قال: فافتح. فلما حرك الباب بالمفتاح، أقبلا لهما جلبةٌ كحفيف الريح، فلما أفرج الباب فنظر إلى نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بركا ثم سجدا؟؟! فأخذ نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رؤوسهما ثم دفعهما إلى صاحبهما فقال: استعملهما وأحسن علفهما. فقال القوم: يا نبي الله! تسجد لك البهائم! فما لله عندنا بك أحسن من هذا، أجرتنا من الضلالة، واستنقذتنا من الهلكة، أفلا تأذن لنا بالسجود لك؟ قال: كيف كنتم صانعين بأخيكم إذا مات؟ أتسجدون لقبره؟ قالوا: يا نبي الله نتبع أمرك. فقال نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن السجود ليس إلا للحي الذي
لا يموت، لو كنت آمر أحداً بالسجود من هذه الأمة لأمرت المرأة بالسجود لبعلها. قال: ثم رجعنا؛ فجاءت المرأة أم الغلام فقالت: يا نبي الله! والذي بعثك بالحق، ما زال من غلمان الحي؛ وجاءت بسمنٍ ولبنٍ وجزر، فرد عليها السمن والجزر وأمرهم بشرب اللبن.
ولما مات عبد الملك قال الوليد ابنه: انهضوا على اسم الله فبايعوا. فبايع له أعلام الناس، ثم جهز أباه، فبينما هو في دفنه إذ أقبل غيلان بن سلمة؛ والناس لا يدرون يعزونه قبل أو يهنئونه! فقال: أصبحت يا أمير المؤمنين رزئت خير الآباء وسميت خير الأسماء، وأعطيت أفضل الأشياء، فعزم اله لك في الرزية على الصبر، وأثابك في ذلك نوافل الأجر، وأعانك في حسن ثوابه إياك على الشكر، وقضى لعبد الملك خير القضية، وأنزله المنزلة الرضية، وأعانك على أمر الرعية. فقال له الوليد: من أنت؟ قال: من ثقيف. قال: في كم أنت؟ قال: في مئة دينار. فأمر به أن يلحق بالشرف، فكان أول من قضى له حاجةٌ حين استخلف.
قال المصنف: ولا أراه بقي إلى أيام الوليد، فإنه مات في خلافة عمر بن الخطاب، ولعله ابن غيلان بن سلمة، وغيلان أسلم وتحته عشرة نسوة، فأمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يختار منهن أربعاً.
وعن ابن عمر قال: طلق غيلان بن سلمة نساءه، وقسم ماله بين بنيه في خلافة عمر، فبلغ ذلك عمر فقال له: أطلقت نساءك وقسمت مالك بين بنيك؟ قال: نعم، قال: والله إني لأرى الشيطان فيما يسترق السمع بموتك فألقاه في نفسك، فلعلك لا تمكث إلا قليلاً، وأيم الله لئن لم تراجع نساءك وترجع في مالك لأورثتم منك إذا مت، ثم لآمرن بقبرك فليرجمن كما رجم قبر أبي رغال.
أبو رغال: أبو ثقيف. قال: فراجع نساءه، ورجع في ماله. قال نافع: فلم يمكث إلا سبعاً حتى مات.
وكان غيلان شاعراً، وفد على كسرى، وسأله أن يبني له حصناً بالطائف، فبنى له حصناً بالطائف، ثم جاء الإسلام، فأسلم غيلان وعنده عشر نسوة - زاد في رواية: وأسلمن معه - فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اختر منهن أربعاً وفارق بقيتهن. فقال: قد كن ولا يعلمن
أيتهن آثر عندي وسيعلمن اليوم ذلك. فاختار منهن أربعاً، وجعل يقول لمن أراد منهن: أقبلي، ومن لم يرد يقول لها: أدبري حتى اختار منهن أربعة وفارق بقيتهن.
وعن عكرمة: في قوله عز وجل: " وثيابك فطهر " قال: لا تلبسها على غدرةٍ ولا فجرة ثم تمثل بشعر غيلان: من الطويل
فإني بحمد الله لا ثوب فاجرٍ ... لبست ولا من غدرة أتقنع
دخل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أم سلمة وهم محاصر والطائف وعندها مخنث يقال له هيت يقول لأن سلمة: إذا فتحتم الطائف فقولي لأخيك يأخذ بادية بنت غيلان بن سلمة - وكانت أشهر نساء ثقيف جمالاً وهيئة - فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وإنك لتفطن لهذا! لا يدخلن عليكم.
وعن أبي جعدة قال: قالت خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية - ومانت امرأة عثمان بن مظعون وهي الخولاء: يا رسول الله إذا فتح الله عليك الطائف فأعطني حلي بادية بنت غيلان، قال: وإن لم يكن أذن لي فيها يا خولة. فأتت عمر بن الخطاب مسرعةٌ فأخبرته. وكان المسلمون يظنون أنهم يفتحونها، قد فتح مكة وظفروا بحنين في وجههم ذاك. فجاء عمر بن الخطاب إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: شيء أخبرتنيه خويلة؟ قال: نعم، رأيت كأني أريد جلب مياهٍ وهي تعتاص علي، فظننت أني لا أنال منهم شيئاً في وجهي هذا. قال: أفلا تأذن في الناس بالرحيل؟ قال: بلى.
توفي غيلان في آخر خلافة عمر، سنة ثلاثٍ وعشرين.