Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=152775&book=5568#b5a1bc
عمرو بن معدي كرب بن عبد الله
ابن عمرو بن عصم بن عمرو بن زبيد بن ربيعة بن سلمة ابن مازن بن ربيعة بن منبّه، وهو زبيد الأكبر بن صعب بن سعد العشيرة ابن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ابن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو ثور الزّبيديّ له وفادة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان شجاعاً من فرسان العرب المذكورين، روى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثاً، روى عنه شراحيل بن القعقاع، وشهد اليرموك.
عن شراحيل بن القعقاع، قال: قال عمرو بن معدي كرب: الحمد لله، لقد كنّا من قريب إذا حججنا قلنا: لبّيك اللهم، لبّيك تعظيماً إليك عذراً، هذي زبيد قد أتتك قسراً، يقطعن خبّاً وجبالاً وعراً، قد تركوا الأنداد خلواً صفراً، يقطعن من بين غضىً وسمراً، ونحن اليوم نقول كما علّمنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لبّيك لبّيك، لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك ". وإن كنّا لنمنع النّاس أن يقفوا بعرفة وذاك في الجاهليّة وإن كان موقفهم ببطن محسّر عشيّة عرفة فرقاً من أن يخطفنا الجنّ؛ فقال لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أجيزوا بطن عرنة فإنّما هم إذا أسلموا إخوانكم ".
عن أبي حذيفة إسحاق بن بشر القرشيّ، قال: وأمدّهم يعني أبا عبيدة بن الجرّاح بتسعة عشر رجلاً ممن شهد اليرموك، منهم عمرو بن معدي كرب، وذكر غيره، يعني يوم القادسيّة.
عن الهيثم بن عديّ، قال: قال ابن عبّاس: عمرو بن معدي كرب ذهبت عينه يوم اليرموك.
قال ابن سعد: وكان عمرو فارس العرب.
وقال محمد بن إسماعيل: كان بالمدينة، ثم كان بالعراق.
قال أبو نعيم: له الوقائع المذكورة في الجاهليّة، وأدرك الإسلام، فقدم على النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلّمه التّلبية، وله في الإسلام بالقادسيّة بلاء حسن حين بعثه عمر إلى سعد بن أبي وقاص، وكتب إليه أن يصدر عن مشورته في الحرب.
وكان لعمرو سيف يسمّيه الصّمصامة.
عن ابن إسحاق، قال: وقدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرو بن معدي كرب في ناس من بني زبيد، فأسلم، وقد كان عمرو قال لقيس بن مكشوح المراديّ حين انتهى إليه أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا قيس، إنك سيّد قومك، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد، قد خرج بالحجاز، يقول إنه نبيّ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبيّاً كما يقول فلن يخفى علينا، وإذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه؛ فأبى عليه قيس ذلك وسفّه رأيه. فركب عمرو حتى قدم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم وصدّق وآمن به؛ فلمّا بلغ ذلك قيساً أوعد عمراً، وتحطّم عليه، وقال: خالفني وترك رأيي. فقال عمرو في ذلك: من مجزوء الوافر
أمرتك يوم ذي صنعا ... ء أمراً بادياً رشده
أمرتك باتّقاء اللّ ... هـ والمعروف تتّعده
خرجت من المنى مثل ال ... حميّر غرّه وتده
تمنّاني على فرس ... عليه جالساً أسده
عليّ مفاضة كالنّه ... ي أخلص ماءه جدده
تردّ الرّمح منثني الس ... سنان عوائراً قصده
فلو لاقيتني للقي ... ت ليثاً فوقه لبده
تلاقي شنبثاً ششن ال ... براثن ناشراً كتده
يسامي القرن إن قرن ... تيّممه فيضطهده
رفيقاً بافتراس القر ... ن يرميه فيفتضده
فيدمغه فيحطمه ... فيأكله فيزدرده
ظلوم الشّرك فيما أح ... رزت أنيابه ويده
براثنه له وظب ... كثير حوله عدده
فأقام عمرو في قومه من بني زبيد وعليهم فروة بن مسيك، فلمّا توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتدّ عمرو بن معدي كرب، فقال حين ارتدّ: من الوافر
وجدنا ملك فروة شرّ ملك ... حمار ساف منخره بثفر
وكنت إذا رأيت أبا عمير ... ترى الحولاء من خبث وغدر
وقد قيل: إن عمراً لم يأت النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال عمرو بن معدي كرب: من الخفيف
إنني بالنّبيّ موقنة نف ... سي وإن لم أر النّبيّ عيانا
سيّد العالمين طرّاً وأدنا ... هم إلى الله حيث كان مكانا
جاء بالناموس من لدن الل ... هـ وكان الأمين فيه المعانا
حكمة بعد حكمة وضياء ... فاهتدينا بنورها من عمانا
ورأينا السّبيل حين رأينا ... هـ جديداً بكرهنا ورضانا
وعبدنا الإله حقّاً وكنّا ... للجهلات نعبد الأوثانا
وائتلفنا به وكنّا عدوّاً ... ورجعنا به معاً إخوانا
فعليه السّلام والسّلم منّا ... حيث كنّا في البلاد وكانا
إن نكن لم نر النّبيّ فإنّا ... قد تبعنا سبيله إيمانا
وأسينا أن لا نكون رأينا ... هـ فقد أقرح الصّدور أسانا
لو رأيت النّبيّ ما لمت نفسي ... فيه بالعون حين كان استعانا
يوم أحد ولا غزاة حنين ... يوم ساقت هوازن غطفانا
ويرى أن في زبيد صلاحاً ... وضراباً من دونه وطعاناً
وتراني من دونه لا أبالي ... فيه وقع السّيوف والمرّانا
لوقيت النّبيّ بالنّفس منّي ... ولعانقت دونه الأقرانا
ويصلّي عليّ حيّاً شهيداً ... أو أروّي من النّجيع السّنانا
عن نيار بن مكرم الأسلميّ، قال: شهدت القادسيّة، فنزلنا يوماً اشتدّ فيه القتال بيننا وبين الفرس، فرأيت رجلاً يفعل بالعدوّ يومئذ الأفاعيل. قلت: من هذا جزاه الله خيراً؟ قيل: عمرو بن معدي كرب.
قال ابن إسحاق: فلمّا فتح الله للمسلمين يوم القادسيّة على عدوّهم، وأصابوا عسكرهم وما فيه، أقبل سعد على النّاس يقسم بينهم الأموال ويعطيهم على قدر ما قرؤوا من القرآن، فأراد التّقصير ببشر بن ربيعة الخثعميّ ويزيد بن جحفة التّميميّ، وكانوا أشدّ أهل العسكر، ولم يكونوا بلغوا في القرآن، فأبوا أن يأخذوا قسمته، إلاّ أن يفضّلهم على النّاس، فقال عمرو بن معدي كرب: من الوافر
أمن ليلى تسرّى بعد هدء ... خيال هاج للقلب ادّكارا
يذكّرني الشّباب وأمّ عمرو ... وشامات المرابع والدّيارا
وحيّا من بني صعب بن سعد ... سقوا الأرصاد والدّيم الغزارا
ألا أبلغ أمير القوم سعداً ... فقد كذبت أليّته وجارا
وحرّق نابه ظلماً وجهلاً ... عليّ فقد أتى ذمّاً وعارا
هبلت لقد نسيت جلاد عمرو ... وأنت كخامع تلج الوجارا
أطاعن دونك الأعداء شزراً ... وأغشى البيض والأسل الحرارا
بباب القادسيّة مستميتاً ... كليث أريكة يأبى الفرارا
أكرّ عليهم مهري وأحمي ... إذا كرهوا الحقائق والذّمارا
جزاك الله في جنبي عقوقاً ... وبعد الموت زقّوماً ونارا
فلمّا بلغه قوله أرسل إليه فأعطاه، وفضّله فأرضاه.
قال أبو عبيدة: إن عمرو بن معدي كرب حمل يوم القادسيّة على مرزبان وهو يرى أنه رستم، فقتله، فقال في ذلك: من السريع
ألم بسلمى قبل أن تظعنا ... إنّ لسلمى عندنا ديدنا
قد علمت سلمى وأشياعها ... ما قطّر الفارس إلاّ أنا
شككت بالرّمح حيازيمه ... فالخيل تعدو رهباً بيننا
قال الشعبيّ: إن الأعاجم كانوا يومئذ يعني يوم القادسيّة مئة ألف وعشرين ألفاً، معهم ثلاثون فيلاً، مع كلّ فيل أربعة آلاف؛ فقال سعد بن أبي وقّاص لعمرو بن معدي كرب الزّبيدي ولقيس بن مكشوح المرادي ولطلحة بن خويلد الأسديّ: إنكم شواحطنا، فسيروا في النّاس فحرّضوهم. فقام عمرو بن معدي كرب فقال: أيّها النّاس، كونوا أشدّ حذراً إذا برز إلى أحدكم قرنه، فلا يكله إلى غيره، إن هؤلاء معشر الأعاجم إذا لقي أحدهم قرنه فهو تيس؛
فبينما هو يحرّضهم ويرتجز ويقول: من الرجز
أنا أبو ثور وسيفي ذو النّون ... أضربهم ضرب غلام مجنون
يال زبيد إنّهم يموتون
إذ جاءته نشّابة أصابت قربوسه، فحمل على صاحبها، فأخذه أخذ الجارية، فوضعه بين الصّفّين، ثم احتزّ رأسه، وقال: اصنعوا هكذا! قال عمرو بن معدي كرب: كانت خيل المسلمين تنفر من الفيلة يوم القادسيّة، وخيل الفرس لا تنفر؛ فأمرت رجلاً فتّرس عنّي، ثم دنوت من الفيل فضربت خطمه، فقطعته، فنفر ونفرت الفيلة، فحطمت العسكر، وألحّ المسلمون عليهم حتى انهزموا.
قال عنه العجليّ: كوفيّ، تابعيّ، ثقة.
عن الشّعبيّ، عن رجل، قال: كنت في مجلس عمر بن الخطّاب، وعنده جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتذاكرون فضائل القرآن؛ فقال بعضهم: خواتيم سورة النّحل، وقال بعضهم: سورة " يس "، وقال عليّ بن أبي طالب: فأين أنتم عن فضيلة آية الكرسيّ، أما إنّها خمسون كلمة، في كلّ سبعون بركةً. وفي القوم عمرو بن معدي كرب لا يحير جواباً، فقال: فأين أنتم عن " بسم الله الرّحمن الرّحيم "؟.
فقال له عمر: حدّثنا يا أبا ثور. فقال: بينما أنا في الجاهليّة إذ أجهدني الجوع، فأقحمت فرسي البرّيّة فما أصبت إلاّ بيض النّعام، فبينما أنا أسير إذا أنا بشيخ عربيّ في خيمة وإلى جانبه جارية كأنها شمس طالعة، ومعه غنيمات له؛ فقلت له: استأسر،
ثكلتك أمّك. فرفع رأسه إليّ، وقال: يا فتى، إن أردت قرىً فانزل، وإن أردت معونة أعنّاك. فقلت له: استأسر. فقال: من الطويل
عرضنا عليك النّزل منّا تكرمّاً ... فلم ترعوني جهلاً كفعل الأشائم
وجئت ببهتان وزور ودون ما ... تمنّيته بالبيض حزّ الحلاقم
ووثب إليّ وثبةً وهو يقول: " بسم الله الرحمن الرحيم "، فكأني مثلت تحته. قال: أأقتلك أم أخلّي عنك؟ قلت: بل خلّ عنّي. ثم إن نفسي حدّثتني بالمعاودة، فقلت: استأسر، ثكلتك أمّك. فقال: من الوافر
ببسم الله والرّحمن فزنا ... هنالك والرّحيم به قهرنا
وما يغني جلادة ذي حفاظ ... إذا يوماً لمعركة برزنا
ثم وثب إليّ وثبة فكأني مثلت تحته؛ فقال: أأقتلك أم أخلّي عنك؟ قلت: بل خلّ عنّي. فخلّى عنّي. فانطلقت غير بعيد ثم قلت في نفسي: يا عمرو، يقهرك مثل هذا الشّيخ! والله للموت خير لك من الحياة. فرجعت إليه، فقلت: استأسر، ثكلتك أمّك. فوثب إليّ وثبة وهو يقول: " بسم الله الرّحمن الرّحيم " فكأني مثلت تحته، فقال: أأقتلك أم أخلّي عنك؟ فقلت: بل خلّ عنّي. قال: هيهات! يا جارية ائتني بالمدية. فأتته بالمدية، فجزّ ناصيتي وكانت العرب إذا ظفرت برجل فجزّت ناصيته استعبدته فكنت معه أخدمه مدةً. ثم إنه قال لي: يا عمرو، أريد أن تركب معي إلى البرّيّة، فليس بي منك وجل، وإني ب " بسم الله الرّحمن الرّحيم " لواثق. قال: فسرنا، حتى أتينا وادياً أشبا نشبا، مهولاً مغولاً؛ فنادى بأعلى صوته: " بسم الله الرّحمن الرّحيم " فلم يبق طير في وكره إلاّ طار؛ ثم أعاد الصّوت، فلم يبق
سبع في مربضه إلاّ هرب؛ ثم أعاد الصّوت، فإذا نحن بحبشيّ قد خرج علينا من الوادي كالنّخلة السّحوق. فقال لي: يا عمرو، إذا رأيتنا قد اتّحدنا فقل: غلبه صاحبي ب " بسم الله الرّحمن الرّحيم ". قال: فلّما رأيتهما قد اتّحدا، قلت: غلبه صاحبي باللاّت والعزّى؛ فلم يصنع الشّيخ شيئاً. فرجع إليّ، وقال: قد علمت أنك خالفت قولي. قلت: أجل، ولست بعائد. فقال: إذا رأيتنا قد اتّحدنا فقل: غلبه صاحبي ب " بسم الله الرّحمن الرّحيم ". قلت: أفعل. فلّما رأيتهما قد اتّحدا، قلت: غلبه صاحبي ب " بسم الله الرّحمن الرّحيم ".قال: فاتّكأ عليه الشّيخ، فبعجه بسيفه، فانشقّ جوفه، فاستخرج منه شيئاً كهيئة القنديل الأسود، ثم قال: يا عمرو، هذا غشّه وغلّه؛ ثم قال: أتدري من تلك الجارية؟ قلت: لا. قال: تلك الفارغة بنت السّليل الجرهميّ، وكان أبو من خيار الجنّ، وهؤلاء أهلها وبنو عمّها، يغروني منهم كلّ عام رجل ينصرني الله عليه ب " بسم الله الرّحمن الرّحيم "؛ ثم قال: لقد رأيت ما كان منّي إلى الحبشيّ، وقد غلب عليّ الجوع، فائتني بشيء آكله. فأقحمت فرسي البريّة، فما أصبت إلاّ بيض النّعام؛ فأتيته فوجدته نائماً، وإذا تحت رأسه شيء كهيئة الخشبة؛ فاستللته فإذا هو سيف عرضه شبر في سبعة أشبار؛ فضربت ساقيه ضربة أبنت السّاقين مع القدمين؛ فاستوى على فقار ظهره، وهو يقول: قاتلك الله ما أغدرك يا غدّار. قال عمر: ثم ماذا صنعت؟ قلت: فلم أزل أضربه بسيفه حتى قطّعته إرباً إرباً. قال: فوجم لذلك عمر ثم أنشأ يقول: من البسيط
بالغدر نلت أخا الإسلام عن كثب ... ما إن سمعت كذا في سالف العرب
والعجم تأنف ممّا جئته كرماً ... تبّاً لما جئته في السّيّد الأرب
إنّي لأعجب أنّى نلت قتلته؟ ... أم كيف جازاك عند الذّنب؟ لم تتب؟
قرم عفا عنك مرّات وقد علقت ... بالجسم منك يداه موضع العطب
لو كنت آخذ في الإسلام ما فعلوا ... في الجاهليّة أهل الشّرك والصّلب
إذا لنالتك من عدلي مشطّبة ... يدعى لذائقها بالويل والحرب
قال: ثم ماذا كان من حال الجارية؟ قلت: ثم إني أتيت الجارية، فلمّا رأتني قالت: ما فعل الشّيخ؟ قلت: قتله الحبشيّ، قالت: كذبت، بل قتلته أنت بغدرك. ثم أنشأت تقول: من الخفيف
عيني جودي للفارس المغوار ... ثم جودي بواكفات غزار
لا تملّي البكاء إذ خانك الدّه ... ر بوافي حقيقة صبّار
وتقيّ، وذي وقار، وحلم ... وعديل الفخار يوم الفخار
لهف نفسي على بقائك عمرو ... أسلمتك الأعمار للأقدار
ولعمري لو لم ترمه بغدر ... رمت ليثاً بصارم بتّار
فأحفظني قولها، فاستللت سيفي، ودخلت الخيمة لأقتلها، فلم أر في الخيمة أحداً. فاستقت الماشية، وجئت إلى أهلي.
عن صالح بن الوجيه، قال: في سنة إحدى وعشرين كانت وقيعة نهاوند، ولقي النّعمان بن عمرو مقرّن المشركين بنهاوند وهم يومئذ في جمع لا يوصف كثرةً وعدّةً وكراعاً، فاشتدّت الحرب بينهم حتى قتل النّعمان، ثم انهزم المشركون في آخر النّهار، وشهد عمرو بن معدي كرب نهاوند، فقاتل حتى كان الفتح، وأثبتته الجراح، فحمل، فمات بقرية من قرى نهاوند يقال لها روذة، فقالت امرأته الجعفيّة ترثيه: من الطويل
لقد غادر الرّكبان حين تحمّلوا ... بروذة شخصاً لا جباناً ولا غمرا
فقل لزبيد بل لمذحج كلّها ... رزئتم أبا ثور قريعكم عمرا
وزاد في أخرى:
فإن تجزعوا لا يغن ذلك بعده ... ولكن سلوا الرّحمن يعقبكم أجرا
وحدّث من شهد موت عمرو بن معدي كرب، قال: وكانت مغازي العرب إذ ذاك إلى الرّيّ، فخرج حتى نزل روذة، ورقد، فلما أرادوا الرّحيل أيقظوه، فقام وقد مال شقّه، وذهب لسانه، فلم يلبث أن مات، فدفن بروذة.