Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=151586&book=5556#7d96c3
عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر
المعروف بالراهب واسمه عبد الرحمن بن صيفي ابن النعمان بن مالك بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، ويقال: مالك بن أمية بن ضبيعة وقيل غير ذلك أبو عبد الرحمن، ويقال أبو بكر الأنصاري من أهل المدينة، أدرك سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفد على يزيد بن معاوية، ثم رجع من عنده، وخرج مع من خرج في فتنة الحرة فقتل. وأبوه حنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة قتل مع سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد شهيداً.
وعن عبد الله بن حنظلة بن الراهب قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطوف بالبيت على ناقة لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك.
وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: درهم رباً يأكله الرجل وهو يعلم، أشد من ست وثلاثين زنيةً.
وفي حديث آخر: درهم رباً أشد من ثلاث وثلاثين زنية في الخطيئة.
وعن عبد الله بن يزيد الخطمي وكان أميراً على الكوفة قال: أتينا قيس بن سعد بن عبادة في بيته فأذنت الصلاة، فقلنا لقيس: قم فصل لنا فقال: لم أكن لأصلي لقوم لست عليهم بأمير، فقال رجل: ليس بدونه، فقال له: عبد الله بن حنظلة، ابن الغسيل، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الرجل أحق بصدر دابته، وبصدر فرسه وأن يؤم في رحله، فقال قيس بن سعد عند ذلك: يا فلان - لمولى لهم - قم فصل بهم.
وعن عبد الله بن حنظلة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة.
كان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي سلول، فأدخلت عليه في الليلة التي في صبحها قتال أحد، وكان قد استأذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبيت عندها فأذن له، فلما صلى الصبح غدا يريد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولزمته جميلة فعاد فكان معها، فأجنب منها، ثم أراد الخروج وقد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها، فقيل لها بعد: لم أشهدت عليه؟ قالت: رأيت كأن السماء فرجت فدخل فيها، ثم أطبقت فقلت: هذه الشهادة، فأشهدت عليه أنه قد دخل، وتعلق بعبد الله بن حنظلة، ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد، فتلد محمد بن ثابت بن قيس. وقتل حنظلة يومئذ شهيداً فغسلته الملائكة، فيقال لولده: بنو غسيل الملائكة، وولدت جميلة عبد الله بن حنظلة بعد ذلك بتسعة أشهر.
لها بعد: لم أشهدت عليه؟ قالت: رأيت كأن السماء فرجت فدخل فيها، ثم أطبقت فقلت: هذه الشهادة، فأشهدت عليه أنه قد دخل، وتعلق بعبد الله بن حنظلة، ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد، فتلد محمد بن ثابت بن قيس. وقتل حنظلة يومئذ شهيداً فغسلته الملائكة، فيقال لولده: بنو غسيل الملائكة، وولدت جميلة عبد الله بن حنظلة بعد ذلك بتسعة أشهر.
توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الله بن حنظلة ابن سبع سنين. وقتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين.
وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأيت حنظلة تغسله الملائكة بين السماء والأرض.
وولت الأنصار أمرها يوم الحرة عبد الله.
ولما فرض عمر بن الخطاب للناس فرض لعبد الله بن حنظلة ألفي درهم، فأتاه طلحة بابن أخ له، ففرض له دون ذلك فقال: يا أمير المؤمنين، فضلت هذا الأنصاري على ابن أخي فقال: نعم، لأني رأيت أباه يستتر يوم أحد بسيفه كما يستتر الجمل.
قال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: سمعت عبد الله بن حنظلة يوماً وهو على فراشه، وعدته من علة، فتلا رجل من هذه الآية " لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش " فبكى حتى ظننت أن نفسه ستخرج، ثم قال: صاروا بين أطباق النار، ثم قام على رجليه فقال له قائل: يا أبا عبد الرحمن، اقعد، فقال: منع مني ذكر جهنم القعود، ولا أدري لعلي أحدهم.
ولم يكن لعبد الله بن حنظلة فراش ينام عليه، إنما كان يلقي نفسه هكذا، إذا أعيا من الصلاة توسد رداءه وذراعه، ثم هجع شيئاً.
روي أن عبد الله بن حنظلة، ابن الغسيل لقيه الشيطان وهو خارج من المسجد فقال: تعرفني يا بن حنظلة؟ فقال: نعم. قال: من أنا؟ قال: أنت الشيطان. قال: فكيف علمت ذلك؟ قال: خرجت وأنا أذكر الله، فلما رأيتك بلدت، أنظر إليك فشغلني النظر إليك عن ذكر الله، فعلمت أنك الشيطان، قال: نعم يا بن حنظلة، فاحفظ عني شيئاً أعلمكه، قال: لا حاجة لي به، قال: تنظر فإن كان خيراً قبلت وإن كان شراً رددت: يا بن حنظلة، لا تسأل أحداً غير الله سؤال رغبة، وانظر كيف تكون إذا غضبت.
كان عبد الله بن حنظلة ممن وفد إلى يزيد بن معاوية، ومعه ثمانية بنين له، فأعطاه مئة ألف، وأعطى بنيه كل واحد منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملانهم،
فلما قدم عبد الله بن حنظلة المدينة أتاه الناس فقالوا: ما وراءك؟ فقال: أتيتكم من عند رجل، والله لو لم أجد إلا بني هؤلاء لجاهدته بهم قالوا: فإنه بلغنا أنه أكرمك وأعطاك، قال: قد فعل، وما قبلت ذلك منه إلا لأتقوى به عليه، وحضض الناس فبايعوه.
قال: فخرج أهل المدينة بجموع وهيئة لم ير مثلها، فلما رآهم أهل الشام هابوهم وكرهوا قتالهم، فأمر مسلم بن عقبة بسرير فوضع بين الصفين ثم أمر مناديه: قاتلوا عني أو دعوا، فشد الناس في قتالهم، فسمعوا التكبير خلفهم في جوف المدينة، وأقحم عليه بنو حارثة أهل الشام وهم على الحرة، فانهزم الناس وعبد الله بن حنظلة متساند إلى بعض بنيه يغط نوماً، فنبهه ابنه. فلما فتح عينيه فرأى ما صنع أمر أكبر بنيه فقاتل حتى قتل، فلم يزل يقدمهم واحداً فواحداً حتى أتى على آخرهم، ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل وهو يقول: " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ".
حدث جماعة قالوا: لما وثب أهل المدينة ليالي الحرة، فأخرجوا بني أمية عن المدينة، وأظهروا عيب يزيد بن معاوية وخلافه، أجمعوا على عبد الله بن حنظلة، فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت وقال: يا قوم، اتقوا الله وحده لا شريك له، فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء. إن رجلاً ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر، ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسناً، فتواثب الناس يومئذ يبايعون من كل النواحي، وما كان لعبد الله بن حنظلة تلك الليالي مبيت إلا المسجد، وما كان يزيد على شربة من سويق يفطر عليها إلى مثلها من الغد يؤتى بها في المسجد، يصوم الدهر، وما رئي رافعاً رأسه إلى السماء إخباتاً. فلنا دنا أهل الشام من وادي القرى صلى عبد الله بن حنظلة بالناس الظهر، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إنما خرجتمغضباً لدينكم، فأبلوا بلاءً حسناً ليوجب لكم به مغفرته، ويحل به عليكم رضوانه.
أخبرني من نزل مع القوم السويداء:
وقد نزل القوم ذا خشب ومعهم مروان بن الحكم - والله إن شاء الله مخيبه بنقضه العهد والميثاق عند منبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتصايح القوم، وجعلوا ينالون من مروان ويقولون: الوزغ ابن الوزغ، وجعل ابن حنظلة يهدئهم ويقول: إن الشتم ليس بشيء، ولكن اصدقوهم اللقاء، والله ما صدق قوم إلا حازوا النصر بقدرة الله، ثم رفع يديه إلى السماء، واستقبل القبلة وقال: اللهم إنا بك واثقون، بك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك ألجأنا ظهورنا، ثم نزل، وصبح القوم المدينة، فقاتل أهل المدينة قتالاً شديداً حتى كثرهم أهل الشام، ودخلت المدينة من النواحي كلها، فلبس عبد الله بن حنظلة يومئذ درعين، وجعل يحض أصحابه على القتال فجعلوا يقاتلون، وقتل الناس، فما نرى إلا راية عبد الله بن حنظلة يمشي بها مع عصابة من أصحابه، وكانت الظهر فقال لمولى له: احم لي ظهري حتى أصلي فصلى الظهر أربعاً متمكناً. فلما قضى صلاته قال له مولاه: والله، يا أبا عبد الرحمن ما بقي أحد فعلام تقيم؟ ولواؤه قائم، ما حوله خمسة، فقال: ويحك، إنما خرجنا على أن نموت، ثم انصرف من الصلاة وبه جراحات كثيرة، فتقلد السيف ونزع الدرع، ولبس ساعدين من ديباج، ثم حث الناس على القتال وأهل المدينة كالنعام الشرود، وأهل الشام يقتلونهم في كل وجه. فلما هزم الناس طرح الدرع وما عليه من سلاح، وجعل يقاتلهم وهو حاسر حتى قتلوه. ضربه رجل من أهل الشام ضربة بالسيف، فقطع منكبه حتى بدا سحره، ووقع ميتاً، فجعل مسرف يطوف على فرس له في القتلى ومعه مروان بن الحكم، فمر على عبد الله بن حنظلة وهو ماد اصبعه السبابة فقال مروان: أما والله لئن نصبتها ميتاً لطالما نصبتها حياً.
ولما قتل عبد الله بن حنظلة لم يكن للناس مقام، فانكشفوا في كل وجه، وكان الذي ولي قتل عبد الله بن حنظلة رجلان شرعا فيه جميعاً وحزا رأسه، فانطلق به أحدهما إلى مسرف وهو يقول: رأس أمير القوم. فأومأ مسرف بالسجود وهو على دابته، وقال: من
أنت؟ قال: رجل من بني فزارة، قال: ما اسمك؟ قال: مالك، قال: وأنت وليت قتله وحز رأسه؟ قال: نعم، وجاء الآخر: رجل من السكون من أهل حمص، يقال له: سعد بن الجون، فقال: أصلح الله الأمير، نحن شرعنا فيه رمحينا فأنفذناه بهما، ثم ضربناه بسيفنا، حتى تثلما مما يلتقيان. قال الفزاري: باطل. قال السكوني: فأحلفه بالطلاق والحرية، فأبى أن يحلف، وحلف السكوني على ما قال. فقال مسرف: أمير المؤمنين يحكم في أمركما، فأدبرهما، فقدما على يزيد بقتل أهل الحرة وبقتل ابن حنظلة، فأجازهما بجوائز عظيمة، وجعلهما في شرف من الديوان، ثم ردهما إلى الحصين بن نمير، فقتلا في حصار ابن الزبير. وكانت الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين.
وعن محمد بن كعب قال: مر مروان بعبد الله بن حنظلة فرآه مشيراً باصبعه قد يبست فقال: لئن أشرت بها ميتاً لطالما دعوت وتضرعت بها إلى الله عز وجل فقال رجل من أهل الشام: لئن كان هؤلاء كما تقول ما دعوتمونا إلا لنقتل أهل الجنة! قال مروان: إنهم خالفوا ونكثوا.
قال عبد الله بن أبي سفيان سمعت أبي يقول: رأيت عبد الله بن حنظلة بعد مقتله في النوم في أحسن صورة، معه لواؤه فقلت: أبا عبد الرحمن، أما قتلت؟ قال: بلى، ولقيت ربي، فأدخلني الجنة، فأنا أسرح في ثمارها حيث شئت، فقلت: أصحابك ما صنع بهم؟ قال: هم معي حول لوائي هذا الذي ترى، لم يحل عقده حتى الساعة. قال: ففرغت من النوم فرأيت أنه خير رأيته له.