عبد الله بن أبي نهيك المخزوي: ثقة.
57976. عبد الله بن أبي نجيح البجلي1 57977. عبد الله بن أبي نجيح المكي2 57978. عبد الله بن أبي نجيح المكي المفسر أكثر...1 57979. عبد الله بن أبي نجيح يسار أبو يسار الثقفي...1 57980. عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي1 57981. عبد الله بن أبي نهيك157982. عبد الله بن أبي هاشم بن عتبة1 57983. عبد الله بن أبي هند2 57984. عبد الله بن أبي هياج1 57985. عبد الله بن أبي يحيى2 57986. عبد الله بن أحمد أبو محمد الزبيري1 57987. عبد الله بن أحمد أبو محمد الشنتريني1 57988. عبد الله بن أحمد أبي عمرو بن حفص1 57989. عبد الله بن أحمد الدشتكي2 57990. عبد الله بن أحمد الدورقي1 57991. عبد الله بن أحمد الفارسي البغدادي1 57992. عبد الله بن أحمد اليحصبي1 57993. عبد الله بن أحمد بن أبي بكر المحب جمال الدين المقدسي...1 57994. عبد الله بن أحمد بن أفلح البلوي القاص...1 57995. عبد الله بن أحمد بن إسحاق1 57996. عبد الله بن أحمد بن المحب الحافظ أبو محمد جمال الدين...1 57997. عبد الله بن أحمد بن المنيب1 57998. عبد الله بن أحمد بن بشير1 57999. عبد الله بن أحمد بن جعفر1 58000. عبد الله بن أحمد بن حمدية1 58001. عبد الله بن أحمد بن خالد بن عبد الملك الأموي...1 58002. عبد الله بن أحمد بن ديزويه1 58003. عبد الله بن أحمد بن ذكوان القاضي البعلبكي...1 58004. عبد الله بن أحمد بن راشد1 58005. عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن خالد بن عبد الرحمن بن زبر...1 58006. عبد الله بن أحمد بن زياد1 58007. عبد الله بن أحمد بن عامر1 58008. عبد الله بن أحمد بن عبد الله1 58009. عبد الله بن أحمد بن علي1 58010. عبد الله بن أحمد بن علي بن طالب1 58011. عبد الله بن أحمد بن عمر1 58012. عبد الله بن أحمد بن عمر أبو محمد بن السمرقندي...1 58013. عبد الله بن أحمد بن عمرو1 58014. عبد الله بن أحمد بن محمد1 58015. عبد الله بن أحمد بن محمد بن حبيب الدامغاني المعمري أبو محمد بن أب...1 58016. عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل1 58017. عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني...1 58018. عبد الله بن أحمد بن مروان1 58019. عبد الله بن أحمد بن موسى1 58020. عبد الله بن أحمد بن موسى القاضي1 58021. عبد الله بن أحمد بن وهيب1 58022. عبد الله بن أحمد بن يوسف بن محمد بن حيان...1 58023. عبد الله بن أذينة1 58024. عبد الله بن أرقم القرشي الزهري1 58025. عبد الله بن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي...1 58026. عبد الله بن أزهر1 58027. عبد الله بن أسود1 58028. عبد الله بن أسيد1 58029. عبد الله بن أعسر الهمداني1 58030. عبد الله بن أقرم1 58031. عبد الله بن أقرم الخزاعي2 58032. عبد الله بن أم مكتوم الأعمى القرشي1 58033. عبد الله بن أمية بن أبي عثمان1 58034. عبد الله بن أنس النخعي عنه إبراهيم النخعي قصة...1 58035. عبد الله بن أنس بن مالك1 58036. عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري1 58037. عبد الله بن أنيس3 58038. عبد الله بن أنيس أبويحيى الجهنى1 58039. عبد الله بن أنيس الجهني1 58040. عبد الله بن أنيس الجهني أبو يحيى المدني...1 58041. عبد الله بن أوس الخزاعي1 58042. عبد الله بن أوفى1 58043. عبد الله بن أيوب بن أبي عائشة1 58044. عبد الله بن أيوب بن أبي علاج الموصلي1 58045. عبد الله بن إبراهيم أبو القاسم الآبندوني...1 58046. عبد الله بن إبراهيم الغفاري2 58047. عبد الله بن إبراهيم القرشي1 58048. عبد الله بن إبراهيم بن عبد الرحمن1 58049. عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله1 58050. عبد الله بن إبراهيم بن عمر1 58051. عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان أبو بزيد الصنعاني...1 58052. عبد الله بن إبراهيم بن قارظ الزهري1 58053. عبد الله بن إبراهيم بن محمد القزويني المحتد الحلبي أبو أحمد الحنف...1 58054. عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن علي...1 58055. عبد الله بن إبراهيم بن يوسف1 58056. عبد الله بن إدريس1 58057. عبد الله بن إدريس الأودي2 58058. عبد الله بن إدريس الزعافري أبو محمد1 58059. عبد الله بن إدريس بن يزيد1 58060. عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي1 58061. عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي...1 58062. عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي الفقيه...1 58063. عبد الله بن إسحاق2 58064. عبد الله بن إسحاق أبو محمد التبان1 58065. عبد الله بن إسحاق بن إسماعيل1 58066. عبد الله بن إسحاق بن محمد الزهري1 58067. عبد الله بن إسماعيل الديلي1 58068. عبد الله بن إسماعيل بن دينار البنبلي...1 58069. عبد الله بن إسماعيل بن عبد كلال1 58070. عبد الله بن إسماعيل بن يزيد1 58071. عبد الله بن إنسان1 58072. عبد الله بن ابان الازدي1 58073. عبد الله بن ابان بن الوليد ابو محمد المؤدب الزراد...1 58074. عبد الله بن ابان بن عثمان ابو عبيد الثقفي...1 58075. عبد الله بن ابان بن عثمان الثقفي1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
عبد الله بن محمد بن علي
ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو هاشم العلوي الهاشمي من أهل المدينة، وفد على الوليد بن عبد الملك - ويقال: على سليمان بن عبد الملك - فأدركه أجله بالبقاء في رجوعه، ودفن بالحميمة.
روى عن أبيه انه سمع أباه علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
قال مصعب: كان عبد الله بن محمد يكنى أبا هاشم، وكان صاحب الشيعة، فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفع إليه كتبه ومات عنده، وقد انقرض ولده إلا من قبل النساء.
قال خليفة: أمه فتاة - يعني أم ولد - توفي سنة ثمان - أو تسع - وتسعين.
قال ابن سعد: كان أبو هاشم صاحب علم ورواية، وكان ثقة قليل الحديث، وكانت الشيعة يلقونه وينتحلونه وكان بالشام مع بني هاشم.
قال البخاري: كان عبد الله يتبع السبائية.
قال عيسى بن علي: مات أبو هاشم بن الحنفية في عسكر الوليد بدمشق، فخالفني مصعب الزبيري وقال: مات بالحِجر من بلاد الثمود.
عن عبد الله بن عياش وجويرية بن أسماء:
أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي وفد إلى سليمان بن عبد الملك في حوائج عرضت له، فدخل عليه، فأكرمه سليمان، ورفعه، وسأله، فأجاب بأحسن جواب، وخاطب سليمان بأشياء مما قدم له من أموره، فأبلغ وأوجز، فاستحسن سليمان كلامه
وأدبه واستعذب ألفاظه، وقال: ما كلمني قرشي قط بشبه هذا، وما أظنه إلا الذي كنا نخبر عنه أنه سيكون منه كذا وكذا، وقضى حوائجه، وأحسن جائزته وصرفه. فتوجه من دمشق يريد فلسطين، فبعث سليمان مولى له أديباً حصيفاً مكراً، فسبق أبا هاشم إلى بلاد لحمٍ وجذام، فواطأ قوماً منهم، فضربوا أبنية على الطريق كهيئة الحوانيت، وبين كل بناء نحو الميل - وأقل وأكثر - وأعدوا عندهم لبناً مسموماً، فلما مر بهم أبو هاشم، وهو راكب بغلةً له جعلوا ينادون: الشراب الشراب، اللبن اللبن، فلما تجاوز عدةً منهم تاقت نفسه إلى اللبن، فقال: هاتوا لبنكم هذا، فناولوه، فلما استقر في جوفه، وتجاوزهم قليلاً أحس بالأمر، وعلم أنه قد اغتيل، فقال لمن معه: أنا والله يا هؤلاء ميت، فانظروا القوم الذين سقوني اللبن من هم؟ فعادوا إليهم، فإذا هم قد طاروا على وجوههم، فذهبوا فقال أبو هاشم: ميلوا بي إلى ابن عمي محمد بن علي بالحميمة، وما أحسبني أدركه، فأغذوا السير، قال: فجدوا في السير حتى أدركوا الحميمة كداً - وهي من الشراة - فنزل على محمد بن علي، فقال: يا بن عم، إني ميت من سم سقيته، وأخبره الخبر، وأعلمه أن هذا الأمر صائر إلى ولده، وأوصاه في ذلك، وعرفه بما تمسك به محمد بن علي، ومات أبو هاشم من ساعته.
وذكر أبو معشر ان الذي سم أبا هاشم الوليد بن عبد الملك.
ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو هاشم العلوي الهاشمي من أهل المدينة، وفد على الوليد بن عبد الملك - ويقال: على سليمان بن عبد الملك - فأدركه أجله بالبقاء في رجوعه، ودفن بالحميمة.
روى عن أبيه انه سمع أباه علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
قال مصعب: كان عبد الله بن محمد يكنى أبا هاشم، وكان صاحب الشيعة، فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفع إليه كتبه ومات عنده، وقد انقرض ولده إلا من قبل النساء.
قال خليفة: أمه فتاة - يعني أم ولد - توفي سنة ثمان - أو تسع - وتسعين.
قال ابن سعد: كان أبو هاشم صاحب علم ورواية، وكان ثقة قليل الحديث، وكانت الشيعة يلقونه وينتحلونه وكان بالشام مع بني هاشم.
قال البخاري: كان عبد الله يتبع السبائية.
قال عيسى بن علي: مات أبو هاشم بن الحنفية في عسكر الوليد بدمشق، فخالفني مصعب الزبيري وقال: مات بالحِجر من بلاد الثمود.
عن عبد الله بن عياش وجويرية بن أسماء:
أن أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي وفد إلى سليمان بن عبد الملك في حوائج عرضت له، فدخل عليه، فأكرمه سليمان، ورفعه، وسأله، فأجاب بأحسن جواب، وخاطب سليمان بأشياء مما قدم له من أموره، فأبلغ وأوجز، فاستحسن سليمان كلامه
وأدبه واستعذب ألفاظه، وقال: ما كلمني قرشي قط بشبه هذا، وما أظنه إلا الذي كنا نخبر عنه أنه سيكون منه كذا وكذا، وقضى حوائجه، وأحسن جائزته وصرفه. فتوجه من دمشق يريد فلسطين، فبعث سليمان مولى له أديباً حصيفاً مكراً، فسبق أبا هاشم إلى بلاد لحمٍ وجذام، فواطأ قوماً منهم، فضربوا أبنية على الطريق كهيئة الحوانيت، وبين كل بناء نحو الميل - وأقل وأكثر - وأعدوا عندهم لبناً مسموماً، فلما مر بهم أبو هاشم، وهو راكب بغلةً له جعلوا ينادون: الشراب الشراب، اللبن اللبن، فلما تجاوز عدةً منهم تاقت نفسه إلى اللبن، فقال: هاتوا لبنكم هذا، فناولوه، فلما استقر في جوفه، وتجاوزهم قليلاً أحس بالأمر، وعلم أنه قد اغتيل، فقال لمن معه: أنا والله يا هؤلاء ميت، فانظروا القوم الذين سقوني اللبن من هم؟ فعادوا إليهم، فإذا هم قد طاروا على وجوههم، فذهبوا فقال أبو هاشم: ميلوا بي إلى ابن عمي محمد بن علي بالحميمة، وما أحسبني أدركه، فأغذوا السير، قال: فجدوا في السير حتى أدركوا الحميمة كداً - وهي من الشراة - فنزل على محمد بن علي، فقال: يا بن عم، إني ميت من سم سقيته، وأخبره الخبر، وأعلمه أن هذا الأمر صائر إلى ولده، وأوصاه في ذلك، وعرفه بما تمسك به محمد بن علي، ومات أبو هاشم من ساعته.
وذكر أبو معشر ان الذي سم أبا هاشم الوليد بن عبد الملك.
عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب: ثقة، وكان شيعيًّا.
عبد الله بن محمد بن على بن أبى طالب الهاشمي أخو الحسن بن محمد كنيته أبو هاشم من عباد أهل المدينة وقراء أهل البيت مات بالمدينة
عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أبي طَالب الْهَاشِمِي أَخُو الْحسن بْن مُحَمَّد كنيته أَبُو هَاشم من أهل الْمَدِينَة يروي عَن أَبِيه عَن عَليّ روى عَنهُ الزُّهْرِيّ مَاتَ بِالشَّام فِي ولَايَة سُلَيْمَان بْن عَبْد الْملك
عبد الله بن محمد بن علي
ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو جعفر المنصور بويع له بالخلافة بعد أخيه أبي العباس السفاح، وأمه أم ولد بربرية اسمها سلامة.
روى عن أبيه عن جده عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتختم في يمينه.
كان المنصور حاجاً في وقت وفاة السفاح، فعقد له البيعة بالأنبار عمه عيسى بن علي، وورد الخبر على المنصور في أربعة عشر يوماً، وكان له من السن إذ ذاك إحدى وأربعون سنة وشهور، وكان مولده بالحُميمة سنة خمسٍ وتسعين.
وصفه علي بن ميسرة الرازي فقال: رأيت سنة خمسٍ وعشرين أبا جعفر المنصور بمكة فتىً أسمر رقيق السمرة، موفر اللمة، خفيف اللحية، رحب الجبهة، أقنى الأنف، بيّن القنى، أعين، كأن عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أبهة الملوك بزي النساك، تقبله القلوب، وتتبعه العيون، يعرف الشرف في تواضعه، والعتق في صورته، واللب في مشيته.
خرج أبو جعفر المنصور إلى بيت المقدس سنة أربع وخمسين، واستقرى الجزيرة وأجناد الشام مدينةً مدينةً، ودخل دمشق مرتين.
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " منا القائم، ومنا المنصور، ومنا السفاح، ومن المهدي، فأما القائم فتأتيه الخلافة ولم يهرق فيها محجمةً من دمٍ، وأما المنصور فلا ترد له راية، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم، وأما المهدي فيملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً ".
عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس، فذكرنا المهدي، وكان منضجعاً فاستوى جالساً، فقال: " منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي ".
قالت سلامة أم أمير المؤمنين المنصور: لما حملت بأبي جعفر رأيت كان أسداً خرج من فرجي، فأقعى وزأر وضرب بذنبه، فرأيت الأُسد تقبل من كل ناحية إليه، فكلما انتهى إليه أسد منها سجد له.
حدث أبو سهل بن علي بن نوبخت قال: كان جدنا نوبخت على دين المجوسية، وكان في علم النجوم نهايةً، وكان محبوساً بسجن الأهواز، فقال: رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن، فرأيت من هيبته وجلالته، وسيماه وحسن وجهه وبنائه ما لم أرَ لأحدٍ قط، قال: فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي، ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد! فقال: أجل يا مجوسي، قلت: فمن أي بلادٍ أنت؟ فقال: من أهل المدينة، فقلت: أي مدينةٍ؟ فقال: من مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة؟ قال: لا، ولكني من عرب المدينة، قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته؟ فقال: كنيتي أبو جعفر، فقلت: أبشر فوحق المجوسية لتملكن جميع
ما في هذه البلدة حتى تملك فارس، وخراسان، والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول، فاذكر لي هذه البشرى، فقال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: قلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفساً، وطلبت دواةً، فوجدتها فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم: يا نوبخت، إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مؤونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله لم نُغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا.
قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه، فأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر، ولك متوقع، فالحمد لله الذي صدق وعده، وحقق الظن، ورد الأمر إلى أهله، فأسلم نوبخت، فكان منجّماً لأبي جعفر.
عن الربيع بن حظيان قال: كنت مع أبي جعفر المنصور في مسجد دمشق عند المقصورة أيام مروان بن محمد، فقال لي: يا ربيع، ترى لهذا الأمر من فرج؟ ثم تذاكرنا الأمر، فقلت: من ترى لهذا الأمر؟ فقال: ما أعرف له أحداً إلا عبد الله بن حسن بن حسن، فقلت: ما هو لها بأهلٍ، لا في فضله، ولا في عقله، قال: لا تقل ذاك يغفر الله لك، إن له برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرابةً قريبة، فقال لي: فأنت من ترى لها؟ فقلت له: أنت؟ ووالله الذي لا إله غيره ما علمت يومئذٍ أحداً أحق بها منه. قال: فلما ولي الخلافة أرسل إليّ، فدخلت عليه فقال لي: يا ربيع الحديث الذي كان بيني وبينك بدمشق تحفظه؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: والله يا ربيع لو نازعني فيها أحد من الناس لضربت ما بين عينيه بالسيف، قال: ثم لم يزل يحادثني ويذاكرني أمر عبد الله بن حسن، وقال: قد وليتك دار الضرب بدمشق، فاخرج إليها.
واستخلف أبو جعفر المنصور - وهو عبد الله الأكبر، ويقال له: عبد الله الطويل الأكبر - يوم توفي العباس بالأنبار، وأبو جعفر يومئذٍ بمكة في الحج، وأنفذ إليه الخبر بذلك، فلقيه الرسول في منصرفه من الحج بمنزلٍ يقال له: صُفَينة، من ناحية طريق
الجادة، فتفاءل باسم المنزل، وقال: صفت لنا - إن شاء الله - وأغذ السير، ثم قدم الأنبار، وهي يومئذٍ دار الملك، فاستقبل بخلافته المحرم من سنة سبع وثلاثين، فكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً تنقص أياماً، وتوفي بأكناف مكة وهو محرم، وكان يلقب في أيام أبيه مدرك الترات.
ويحكى أن أبا جعفر المنصور كان يرحل في طلب العلم قبل الخلافة، فبينا هو يدخل منزلاً من المنازل قبض عليه صاحب الرصد، فقال: زن درهمين، قال: خل عني؛ فإني من بني أعمام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: زن درهمين، قال: خل عني، فإني رجل قارئ لكتاب الله، قال: زن درهمين، قال: خل عني فإني رجل عالم بالفقه والفرائض، قال: زن درهمين، قال: فلم أعياه أمرُه وزن الدرهمين، ولزم جمع المال، والتدنيق فيه، فبقي على ذلك بُرهةً من زمانه إلى أن قلد الخلافة، وبقي عليه فصار الناس يبخلونه، فلقب بأبي الدوانيق.
عن الأصمعي قال: قالت أعرابية للمنصور في طريق مكة بعد وفاة أبي العباس: أعظم الله أجرك في أخيك، لا مصيبة على الأمة أعظم من مصيبتك، ولا عوض لها أعظم من خلافتك.
قال المنصور: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والملوك أربعة: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وأنا.
عن مالك بن أنس قال: دخلت على أبي جعفر الخليفة فقال: من أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فهجم عليّ أمر لم أعلم رأيه، قال: قلت: أبو بكر، وعمر، قال: أصبت، وذلك رأي أمير المؤمنين.
وأقام الحج أبو جعفر المنصور سنة ست وثلاثين ومائة، وسنة أربعين ومائة، وسنة أربع وأربعين ومائة، وسنة سبع وأربعين ومائة، وسنة اثنتين وخمسين ومائة.
عن إسماعيل الفهري قال: سمعت المنصور في يوم عرفة على منبر عرفة يقول في خطبته: أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على فيئه بمشيئته، أقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله تعالى عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم، وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني، فارغبوا إلى الله تعالى، أيها الناس، وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه إذ يقول: " اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً " أن يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والإحسان إليكم، ويفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب.
عن الأصمعي قال: صعد أبو جعفر المنصور المنبر، فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، اذكر من أنت في ذكره! فقال أبو جعفر: مرحباً، مرحباً، لقد ذكرت جليلاً، وخوفت عظيماً، وأعوذ بالله من أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم، والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها، فأحلف بالله ما الله أردت بها، وإنما أردت أن يقال: قام، فقال: فعوقب، فصبر، فأهون بها من قائلها، وإياكم - معشر الناس - وأمثالها.
قال أبو الفضل الربعي: حدثني أبي قال: بينما المنصور ذات يومٍ يخطب، وقد علا بكاؤه، إذ قام رجل فقال: يا وصاف،
تأمر بما تحتقبه، وتنهى عما تركبه؟ بنفسك فابدأ، ثم بالناس. فنظر إليه المنصور وتأمله ملياً، وقطع الخطبة، ثم قال: يا عبد الجبار خذه إليك، فأخذه عبد الجبار، وعاد إلى خطبته حتى أتمها، وقضى الصلاة، ثم دخل ودعا بعبد الجبار، فقال له: ما فعل الرجل؟ قال: محبوس عندنا يا أمير المؤمنين، قال: أملٍ عليه ثم عرض له بالدنيا، فإن صدف عنها، وقلاها فلعمري إنه لمريد، وإن كان كلامه ليقع موقعاً حسناً، وإن مال إلى الدنيا، ورغب فيها إن لي فيه أدباً يزعه عن الوثوب على الخلفاء، وطلب الدنيا بعمل الآخرة.
فخرج عبد الجبار، فدعا بالرجل، وقد دعا بغدائه، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: حق لله كان في عنقي، فأديته إلى خليفته، قال: ادن فكل من هذا الطعام حتى يدعو بك أمير المؤمنين، قال: لا حاجة لي فيها، قال: وما عليك من أكل الطعام؟ إن كانت نيتك حسنةً فلا يفثؤك عنها شيء، فدنا، فأكل فلما أكل طمع فيه، فتركه أياماً، ثم دعاه فقال: لَهِيَ عنك أمير المؤمنين وأنت محبوس، فهل لك في جارية تؤنسك، وتسكن إليها؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه جاريةً، ثم أرسل إليه: هذا الطعام قد أكلت، والجارية قد قبلت، فهل لك في ثيابٍ تكتسيها، وتكسو عيالك - إن كان لك عيال - ونفقة تستعين بها على أمرك إلى أن يدعو بك أمير المؤمنين؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه، ثم قال له: ما عليك أن تصنع خلة تبلغ بها الوسيلة من أمير المؤمنين إن أردت الوسيلة عنده، إذا ذكرك، قال: وما هي؟ قال: أوليك الحسبة والمظالم، فتكون أحد عماله، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال: ما أكره ذلك، فولاه الحسبة والمظالم، فلما انتهى شهر قال عبد الجبار للمنصور: الرجل الذي تكلم بما تكلم به، فأمرت بحبسه قد أكل من طعام أمير المؤمنين، ولبس من ثيابه، وعاث في نعمته، وصار أحد ولاته، وإن أحب أمير المؤمنين أن أدخله إليه في زي الشيعة فعلت. قال: فأدخله، فخرج عبد الجبار إلى الرجل، فقال: قد دعا بك أمير المؤمنين وقد
أعلمته أنك أحد عماله على المظالم والحسبة، فادخل عليه في الزي الذي يحب، فدخل، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وعليك، ألست القائم بنا والواعظ لنا ومذكرنا بأيام الله على رؤوس الملأ؟ قال: نعم، قال: فكيف ملت عن مذهبك؟ قال: يا أمير المؤمنين فكرت في أمري فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به، ورأيتني مصيباً في مشاركة أمير المؤمنين في أمانته، فقال: هيهات أخطأت استك الحفرة! هبناك يوم أعلنت الكلام، وظننا أنك أردت الله به، فكففنا عنك! فلما تبين لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظةً لغيرك حتى لا يجترئ بعدك مجترئ على الخلافة، أخرجه يا عبد الجبار، فاضرب عنقه! فأخرجه فقتله.
قال أبو عبيد الله: سمعت المنصور أمير المؤمنين يقول لأمير المؤمنين المهدي: يا أبا عبد الله، إن الخليفة لا يصلحه إلى التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
وقال له: لا تبرمن أمراً حتى تفكر فيه؛ فإن فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
عن الأصمعي أن المنصور قال لابنه: أي بني ائتدم النعمة بالشكر، والمقدرة بالعفو، والطاعة بالتآلف والنصر بالتواضع والرحمة للناس.
عن المبارك بن فضالة قال: كنا عند أمير المؤمنين المنصور فدعا برجلٍ، ودعا بالسيف، فأخرج المبارك رأسه
في السماط، فقال: يا أمير المؤمنين، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما سمعه المنصور يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل عليه بوجهه يسمع منه، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان يوم القيامة قام منادٍ من عند الله ينادي: ليقم الذين أجرهم على الله، فلا يقوم إلا من عفا " فقال المنصور: خلوا سبيله، ثم أقبل على جلسائه يخبرهم بعظيم جرمه، وما صنع.
حدث قطن بن معاوية الغلابي قال: كنت ممن سارع إلى إبراهيم، واجتهد معه؛ فلما قتل طلبني أبو جعفر، واستخفيت فقبض أموالي ودوري، فلحقت بالبادية، فجاورت في بني نصر بن معاوية، ثم في بني كلاب، ثم في بني فزارة، ثم في بني سليم، ثم تنقلت في بلاد قيس أجاورهم حتى ضقت ذرعاً، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر، والاعتراف له؛ فقدمت البصرة فنزلت في طرفٍ منها، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء، وكان لي وداً، فشاورته في الذي أزمعت عليه، فقيَّل رأيي، وقال: والله إذا ليقتلنك، وإنك لتعين على نفسك، فلم ألتفت إليه، وشخصت حتى قدمت بغداد، وقد بنى أبو جعفر مدينته، ونزلها، وليس من الناس أحد يركب فيها ما خلا المهدي، فنزلت الخان، ثم قلت لغلماني: أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين، فأمهلوا ثلاثاً، فإن جئتكم وإلا فانصرفوا.
ومضيت حتى دخلت المدينة، فجئت دار الربيع، والناس ينتظرونه وهو يومئذٍ داخل المدينة في الشارعة على قصر الذهب، فلم ألبث أن خرج يمشي، فقام إليه الناس، وقمت معهم، فسلمت عليه فرد علي وقال: من أنت؟ قلت: قطن بن معاوية، قال: انظر ما تقول! قلت: أنا هو. فأقبل على مسودةٍ معه، فقال: احتفظوا بهذا. قال: فلما حرست لحقتني ندامةً، وتذكرت رأي أبي عمرو، فتأسفت عليه، ودخل الربيع، فلم يطل حتى خرج خصيّ فأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بيتاً حصيناً فأدخلني فيه، ثم أغلق بابه وانطلق فاشتدت ندامتي، وأيقنت بالبلاء،
وخلوت بنفسي ألومها، فلما كانت الظهر أتاني الخصي بماءٍ، فتوضأت وصليت وأتاني بطعامٍ، فأخبرته أني صائم، فلما كانت المغرب أتاني بماءٍ، فتوضأت وصليت، وأرخى الليل علي سدوله، فيئست من الحياة، وسمعت أبواب المدينة تغلق، وأقفالها تشدد، فامتنع مني النوم، فلما ذهب صدر الليل أتاني الخصي، ففتح عني، ومضى بي فأدخلني صحن دارٍ ثم أدناني من سترٍ مسدولٍ، فخرج علينا خادم، فأدخلنا، فإذا أبو جعفر وحده والربيع قائم في ناحيةٍ، فأكب أبو جعفر هنيهةً مطرقاً، ثم رفع رأسه فقال: هيه! قلت: يا أمير المؤمنين أنا قطن ابن معاوية، قد والله جهدت عليك جهدي؛ فعصيت أمرك، وواليت عدوك، وحرصت على أن أسلبك ملكك؛ فإن عفوت فأهل ذاك أنت، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني، قال: فسكت هنيهةً، ثم قال: هيه!؟ فأعدت مقالتي، فقال: فإن أمير المؤمنين قد عفا عنك.
وكتب إلى عامله على البصرة برد جميع ما اصطفى له.
قال الأصمعي: أُتي المنصور برجلٍ يعاقبه على شيءٍ بلغه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين، فعفا عنه.
ولقي أبو جعفر المنصور أعرابياً بالشام فقال: احمد الله يا أعرابي الذي رفع عنكم الطاعون بولايتنا - أهل البيت - قال: إن الله لم يجمع علينا حشفاً وسوء كيلٍ؛ ولايتكم والطاعون!.
قال عباد بن كثير لسفيان الثوري: قلت لأبي جعفر المنصور: أتؤمن بالله!؟ قال: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتموها من أموال بني أمية، فوالله لئن كانت صارت إليهم ظلماً وغصباً لما رددتموها إلى أهلها الذين ظلموا وغُصبوا؟! ولئن كانت الأموال لهم لقد أخذتم ما لا يحل، ولا يطيب، إذا دعيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاؤوا بعمر بن عبد العزيز، فإذا دعيتم أنتم بالعدل وأنتم أمس رحماً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تجيئوا بأحدٍ، فكن أنت ذاك الأحد؛ فقد مضت خلافتك ست عشرة سنةً، وما رأينا خليفةً قبلك بلغ اثنتين وعشرين سنةً، فهبك تبلغها، فما ست سنين تعدل فيها؟! عن النضر بن زرارة قال: أدخل سفيان الثوري على أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين، فأقبل عليه أبو جعفرٍ يوبخه، فقال: تُبغِضنا، وتبغض هذه الدعوة، وتُبغِض عِترة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وسفيان ساكت يقول: سَلْم، سلم. قال: فلما قضى أبو جعفر كلامه، قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد " إلى قوله: " إن ربك لبالمرصاد " قال: ونكس أبو جعفرٍ رأسه، وجعل ينكت بقضيبٍ في يده الأرض، فقال سفيان: البول البول، قال: قم، قال: فخرج وأبو جعفر ينظر إليه.
عن بكر العابد قال: قال سفيان الثوري لأبي جعفر المنصور.
إني لأعلم رجلاً إن صلح صلحت الأمة، قال: ومن هو؟ قال: أنت.
قال محمد بن منصور البغدادي: قام بعض الزهاد بين يدي المنصور، فقال: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تبيت في القبر لم تبت قبلها ليلةً، واذكر ليلةً تمخّض عن يومٍ لا ليلة بعده.
قال: فأفحم أبو جعفر من قوله، فقال الربيع: أيها الرجل، إنك قد عممت أمير المؤمنين! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، هذا صحبك عشرين سنةً لم يرَ لك عليه أن ينصحك يوماً واحداً، ولا عمل وراء بابك بشيءٍ من كتاب الله تبارك وتعالى، ولا بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له المنصور بمالٍ، فقال: لو احتجت إلى مالك لما وعظتك.
عن عقبة بن هارون قال:
دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفرٍ المنصور، وعنده المهدي، بعد أن بايع له ببغداد، فقال له: يا أبا عثمان، عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذِّرك ليلةً تمخّض بيومٍ لا ليلة بعده.
عن إسحاق بن الفضل، قال: إني لعلى باب المنصور، وإلى جنبي عمارة بن حمزة إذا طلع عمرو بن عبيد على حماره، فنزل عن حماره، ونحى البساط برجله، وجلس دونه، فالتفت إلي عمارة، فقال: لا تزال بصرتكم، قد رمتنا بأحمق! فما فصل كلامه من فيه حتى خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه، فاتكأ بيده ثم قال: أجب أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، فمر متوكئاً عليه، فالتفت إلى عمارة، فقلت: إن الرجل الذي استحمقت قد دعي وتركنا! فقال: كثيراً ما يكون مثل هذا، فأطال اللبث، ثم خرج الربيع وعمرو متوكئاً عليه، وهو يقول: يا غلام، حمار أبو عثمان! فما برح حتى أقره على سرجه، وضم إليه نشر ثوبه، واستودعه الله، فأقبل عمارة على الربيع فقال: لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلاً لو فعلتموه بوليِّ عهدكم لكنتم قد قضيتم حقه! قال: فما غاب عنك والله مما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب! قال: فإن اتسع لك الحديث فحدثنا فقال: ما هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه، فما أمهل حتى أمر بمجلسٍ ففرش لبوداً، ثم
انتقل هو والمهدي، وعلى المهدي سواده وسيفه، ثم أذن له، فلما دخل سلم عليه بالخلافة فرد عليه، وما زال يدنيه حتى أتكأه على فخذه، وتخفى به، ثم سأله عن نفسه، وعن عياله، يسميهم رجلاً رجلاً، وامرأةً امرأةً، ثم قال: يا أبا عثمان عظني، فقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: " والفجر، وليالٍ عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر، هل في ذلك قسم لذي حجر، ألم تر كيف فعل ربك بعادٍ، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك - يا أبا جعفر - لبالمرصاد " قال: فبكى بكاءً شديداً، كأنه لم يسمع تلك الآيات إلا تلك الساعة، ثم قال: يا أبا عثمان، هل من حاجة؟ قال: نعم، قال: وما هي؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، قال: إذاً لا نلتقي، قال: عن حاجتي سألتني! قال: فاستخلفه الله عز وجل وودعه، ونهض، فلما ولى أمده بصره وهو يقول: مجزوء الكامل
كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيدْ
غير عمرو بن عبيد
عن عبد السلام بن حرب قال: قدم أبو جعفر المنصور البصرة، فنزل عند الجسر، فبعث إلى عمرو بن عبيد، فجاءه، فأمر له بمالٍ، فأبى أن يقبله، فقال المنصور: والله لتقبلنه، فقال: لا والله لا أقبله، فقال له المهدي: يحلف عليك أمير المؤمنين، فتحلف ألا تقبله! فقال: أمير المؤمنين أقوى على كفارة اليمين من عمك، فقال المنصور: يا أبا عثمان، علمت أني جعلت هذا ولي عهدي؟ قال: يا أمير المؤمنين يأتيه الأمر يوم يأتيه وأنت مشغول.
عن عبد الله بن صالح قال: كتب أبو جعفر إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي يخاصم فيها فلان القائد فلاناً التاجر، فادفعها إلى فلانٍ القائد.
فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها لفلانٍ التاجر، فلست أخرجها من يديه إلا ببينة. فكتب إليه أبو جعفر المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى فلان القائد! فكتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجتها من يد فلانٍ التاجر إلا بحق! فلما جاءه الكتاب قال أبو جعفر: ملأتها والله عدلاً، صار قضاتي يردوني إلى الحق.
قالوا: شُكي سوار بن عبد الله القاضي إلى أبي جعفر المنصور، وأُثني عليه عنده شراً، قال: فاستقدمه، فلما قدم دخل عليه، فعطس المنصور، فلم يشمته سوار، فقال: ما يمنعك من التشميت؟ قال: لأنك لم تحمد الله، فقال: حمدت في نفسي، قال: فقد شمتك في نفسي، فقال: ارجع إلى عملك، فإنك إذا لم تحابني لم تحاب غيري.
عن نمير المدني قال:
قدم علينا أمير المؤمنين المنصور المدينة، ومحمد بن عمران الطلحي على قضائه، وأنا كاتبه، فاستعدى الجمالون على أمير المؤمنين في شيءٍ ذكروه، فأمرني أن أكتب إليه كتاباً بالحضور معهم، وإنصافهم، فقلت: تعفيني من هذا، فإنه يعرف خطي، فقال: اكتب! فكتبت، ثم ختمه، فقال: لا يمضي به والله غيرك، فمضيت به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه، فقال: لا عليك فدخل عليه بالكتاب، ثم خرج الربيع فقال للناس: - وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم - إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام، ويقول لكم: إني قد دعيت إلى مجلس الحكم، فلا أعلمن أحداً قام إليّ، إذا خرجت أو تدانى بالسلام، ثم خرج المسيب بين يديه، والربيع، وأنا خلفه، وهو في إزارٍ ورداء، فسلم على الناس، فما قام إليه أحد، ثم مضى حتى بدأ بالقبر، فسلم على
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم التفت إلى الربيع، فقال: يا ربيع، ويحك! أخشى إن رآني ابن عمران أن يدخل قلبه لي هيبة، فيتحول عن مجلسه، وبالله لئن فعل لا ولي ولايةً أبداً! فلما رآه وكان متكئاً أطلق رداءه عن عاتقه ثم احتبى به، ودعا بالخصوم والجمالين، ثم دعا بأمير المؤمنين، ثم ادعى عليه القوم، فقضى لهم عليه، فلما دخل الدار قال للربيع: اذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه، فقال: يا أمير المؤمنين ما دعا بك إلا بعد أن فرغ من أمر الناس جميعاً، فلما دخل عليه سلم، فقال: جزاك الله عن دينك، وعن نبيك، وعن حسبك، وعن خليفتك أحسن الجزاء، قد أمرت لك بعشرة آلاف دينارٍ فاقبضها، وكانت عامة أموال محمد بن عمران من تلك الصلة.
قال المعلى بن أيوب: دخل رجل على المنصور، فقال له: ما مالك؟ فقال: ما يكف وجهي، ويعجز عن بر الصديق، فقال المنصور: لقد تلطف للسؤال، ووصله.
قال محمد بن يزيد المبرد: دخل أعرابي على المنصور، فكلمه بكلام أعجبه، فقال له المنصور: سل حاجتك، فقال: ما لي حاجة يا أمير المؤمنين، فأطال الله عمرك، وأنعم على الرعية بدوام النعمة عليك، قال: ويحك! سل حاجتك؛ فإنه لا يمكنك الدخول علينا كلما أردت، ولا يمكننا أن نأمر لك كلما دخلت، قال: ولِمَ يا أمير المؤمنين وأنا لا أستقصر عمرك، ولا أغتنم مالك؟ وإن العرب لتعلم في مشارق الأرض ومغاربها أن مناجاتك شرف، وما للشريف عنك منحرف، وإن عطاءك لزين، وما مسألتك بنقصٍ ولا شين، فتمثل المنصور بقول الأعشى: من البسيط
فجربوه فما زادت تجاربهم ... أبا قدامة إلا المجد والفنعا
ثم قال: يا غلام أعطه ألف دينار.
قال محمد بن حفص العجلي: ولد لأبي دلامة ابنة فغدا على أبي جعفر المنصور فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه ولد لي الليلة ابنة، قال: فما سميتها؟ قال: أم دلام، قال: وأي شيءٍ تريد؟ قال: أريد أن يعينني عليها أمير المؤمنين، ثم أنشده: من البسيط
لو كان يقعد فوق الشمس من كرمٍ ... قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
ثم ارتقوا في شعاع الشمس كلكم ... إلى السماء، فأنتم أكرم الناس
قال: فهل قلت فيها شيئاً؟ قال: نعم قلت: من الوافر
فما ولدتك مريم أم عيسى ... ولم يكفلك لقمان الحكيم
ولكن قد تضمك أم سوءٍ ... إلى لباتها وأن لئيم
قال: فضحك أبو جعفر ثم أخرج أبو دلامة خريطة من خرق، فقال: ما هذه؟ قال: يا أمير المؤمنين أجعل فيها ما تحبوني به، قال: املؤوها له دراهم، فوسعت ألفي درهم.
عن بعض الهاشميين قال: كنت جالساً عند المنصور بإرمينية، وهو أميرها لأخيه أبي العباس، وقد جلس للمظالم، فدخل عليه رجل، فقال: إن لي مظلمةً، وإني أسألك أن تسمع مني مثلاً أضربه قبل أن أذكر مظلمتي، قال: قل، قال: إني وجلت لله تبارك وتعالى؛ خلق الخلق
على طبقَاتٍ، فالصبي إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلا أمه، ولا يطلب غيرها، فإذا فزع من شيءٍ لجأ إليها، ثم يرتفع عن ذلك طبقةً، فيعرف أن أباه أعز من أمه، فإن أفزعه شيء لجأ إلى أبيه، ثم يبلغ، ويستحكم، فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه، فإن ظلمه ظالم انتصر به، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه، واستنصره، وقد كنت في هذه الطبقات وقد ظلمني ابن نهيك في ضيعةٍ لي في ولايته، فإن نصرتني عليه، وأخذت بمظلمتي وإلا استنصرت إلى الله عز وجل ولجأت إليه، فانظر لنفسك أيها الأمير، أو دع!
فتضاءل أبو جعفر، وقال: أعد علي الكلام؟ فأعاده، فقال: أما أول شيءٍ فقد عزلت ابن نهيك عن ناحيته، وأمر برد ضيعته.
قيل لأبي جعفر المنصور: هل بقي لذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة؛ أن أقعد في مصطبةٍ وحولي أصحاب الحديث، يقول المستملي: من ذكرت - رحمك الله -؟ قال: فغدا عليه الندماء، وأبناء الوزير بالمحابر والدفاتر فقال: لستم به، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم برد الآفاق ونقلة الحديث.
عن محمد بن سلام والزيادي قالا: اجتمع جماعة من أهل العلم عند المنصور فيهم عمرو بن عبيد، فسأل المنصور عمرو بن عبيد عن الحديث: " فيمن اقتنى كلباً لغير زرعٍ، ولا حراسة، إنه ينقص كل يومٍ من أجره قيراط " فقال له عمرو بن عبيد: هكذا جاء الحديث، قال المنصور: خذها بحقها؛ إنما قيل ذلك لأنه ينبح الضيف، ويروّع السائل، ثم أنشد: من الكامل
أعددت للضيفان كلباً ضارياً ... عندي، وفضل هراوةٍ من أرزن
ومعاذراً كذباً، ووجهاً باسراً ... وتشكياً عض الزمان الألزن
قال: فما بقي أحد في المجلس إلا كتب عن المنصور.
قال أبو العيناء: دخل المنصور من باب الذهب، فإذا ثلاثة قناديل مصطفة، فقال: ما هذا؟ أما واحد من هذا كان كافياً؟ يقتصر من هذا على واحدٍ، فلما أصبح أشرف على الناس وهم يتغدون، فرأى الطعام قد خف من بين أيديهم من قبل أن يشبعوا، فقالوا: يا غلام، علي بالقهرمان، قال: ما لي رأيت الطعام قد خف من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيتك قد قدرت الزيت فقدرت الطعام، قال: فقال: وأنت لا تفرق بين زيتٍ يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل فضل وجدت له آكلاً! ابطحوه، فبطحوه فضربه سبع دررٍ.
عن الربيع الحاجب قال: لما مات المنصور قال لي المهدي: يا ربيع، قم بنا حتى ندور في خزائن أمير المؤمنين، قال: فدرنا فوقعنا على بيتٍ فيه أربعمائة حبٍّ مطينة الرؤوس، قال: فقلنا: ما هذه؟ قيل: هذه فيها أكباد مملحة، أعدها المنصور للحصار.
عن يونس قال: كتب زياد بن عبيد الله الحارثي إلى المنصور يسأله الزيادة في عطائه وأرزاقه، وأبلغ في كتابه فوقّع المنصور في القصة: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجلٍ أبطراه، وأمير المؤمنين يشفق عليك من ذلك، فاكتف بالبلاغة.
قال المنصور: إذا مد إليك عدوك يده، فإن قدرت على قطعها وإلا قبلها.
عن محمد بن سلام قال: رأت جارية للمنصور قميصه مرقوعاً، فقالت: خليفة وقميصه مرقوع؟! فقال: ويحك! أما سمعت ما قال ابن هرمة: من الكامل
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خلق، وجيب قميصه مرقوع
لما قتل المنصور أبا مسلم قال وهو طريح بين يديه: من الوافر
قد اكتنفتك خلات ثلاث ... جلبن عليك محتوم الحمام
خلافك وامتناعك من يميني ... وقودك للجماهير العظام
وله لما عزم على قتله: من الطويل
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ ... فإن فسادها الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوماً بقُدرةٍ ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
قال الربيع الحاجب: حججت مع المنصور أبي جعفر، فلما كنا بالقادسية، قال لي: يا ربيع، إني مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، فناد في الناس، فناديت، فلما كان من الغد قال لي: يا ربيع، أجمت المنزل، فناد بالرحيل، فقلت: ناديت أمس أنك مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، وترحل الساعة!؟ قال: أجمت المنزل، فرحل، ورحل الناس، وقربت له ناقة ليركب، وجاؤوه بمجمرٍ ليتبخر، فقمت بين يديه، فقال: ما عندك؟ فقلت: رحل الناس، فأخذ فحمة من المجمر، فبلها بريقه، وقام إلى الحائط، فجعل يكتب على الحائط بريقه
حتى كتب أربعة أسطرٍ، ثم قال: اركب يا ربيع، فكان في نفسي هم لأعلم ما كتب، ثم حججنا، فكان من أمر وفاته ما كان، ثم رجعت من مكة، فبسط لي في الموضع الذي بسط له فيه في القادسية، فدخلت وفي نفسي أن أعلم ما كتب على الحائط، فإذا هو قد كتب على الحائط: مجزوء الكامل
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عمرٍ قد يضره
تبلى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حت ... ى لا يرى شيئاً يسره
كم شامتٍ بي إن هلك ... ت وقائلٍ لله دره
وقال: لما مرض أمير المؤمنين المنصور بالله مرضه الذي مات فيه بمكة أتيته يوماً وهو وحده، فنظر إلى القبلة، فرأى فيها كتاباً، فقرأه وقال: يا ربيع، قم بيني وبين القبلة، فإذا الكتابة في صدري، فقال: افتح الباب، فعاد الكتاب إلى القبلة، فقال: ظننت هذا من حيلة الآدميين، وإذا فيه: من الطويل
أبا جعفرٍ حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لا بد واقع
أبا جعفرٍ هل كاهن أو منجمٍ ... لك اليوم من ريب المنية دافع
قال طيفور: كان سبب إحرام المنصور من خضراء مدينة السلام أنه نام ليلةً، فانتبه فزعاً، ثم عاود النوم، فانتبه فزعاً ثم راجع النوم، فانتبه فزعاً، فقال: يا ربيع، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد رأيت في منامي عجباً، قال: ما رأيت، جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت كأن آتياً أتاني، فهينم بشيءٍ لم أفهمه، فانتبهت فزعاً، ثم عاودت النوم، فعاودني يقول ذلك الشيء، ثم عاودني يقوله، حتى فهمته، وحفظته، وهو: من الطويل
كأني بهذا القصر قد باد آهله ... وعري منه أهله ومنازله
وصار رئيس القوم من بعد بهجةٍ ... إلى جدثٍ تبنى عليه جنادله
وما أحسبني يا ربيع إلا قد حانت وفاتي، وحضر أجلي، ومالي غير ربي.
قال بعض أهل العلم: كان آخر ما تكلم به عند الموت أبو جعفر عبد الله بن محمد: اللهم بارك لي في لقائك، وكان نقش خاتمه: الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن.
قال فليح بن سليمان: قال لي أبو جعفر سنة حج، فمات فيها: ابن كم أنت؟ قلت: ابن ثلاثٍ وستين، قال: تلك سني، ثم قال: تدري ما كانت العرب تسميها؟ قلت: لا، قال: مدقة الأعناق، ثم مضى فمات فيها.
قال الحكم بن عثمان: قال المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين عند موته: اللهم إنك تعلم أني قد ارتكبت من الأمور العظام جرأةً مني عليك، وإنك تعلم أني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك، شهادة أن لا إله إلا الله مخلصاً، مناً منك لا مناً عليك، ثم خرجت نفسه.
عن هارون الفروي: حدثني من رأى أبا جعفر محمولاً على السرير ميتاً مكشوف الوجه، وكان مات محرماً، قال: وبصرت برجلٍ أبصره على تلك الحال تمثل هذا البيت: من المتقارب
وافى القبور أبو مالكٍ ... برغم العداة وأوتارها
ومات أبو جعفر ببئر ميمون يوم السبت لسبع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وصلى عليه عيسى بن موسى بن محمد بن علي - ويقال: إبراهيم بن يحيى بن محمد، وكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً، ودفن مكشوف الوجه.
قال أبو شيخ: كنت حاجاً في سنة ثمان وخمسين - وقد حج فيها أبو جعفر - فلما قربنا من مكة رأيت كان رأسي قطع، فأخبرت بذاك عديلي سعيد بن خالد، فقال: الرأس أبو جعفر، ولا أراه إلا يموت، فما مكثنا إلا أياماً حتى مات أبو جعفر.
عبد الله بن محمد بن علي
ابن نفيل بن زراع بن عبد الله بن قيس أبو جعفر النفيلي الحراني روى عن محمد بن سلمة بسنده عن عبد الله بن زمعة بن الأسود قال: لما استعز برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا عنده أتاه بلال، فآذنه بالصلاة، فقال: " مروا من يصلي بالناس ".
قال الخطيب في ولد بَصَر - بالباء المعجمة بواحدة -: أبو جعفر النفيلي المحدث، واسمه: عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، بن زراع بن عبد الله ابن قيس بن عُصُم بن كوز بن هلال بن عصم بن بصر بن زِمّان.
وقال أبو علي التنوخي في نسب تنوخ: وبعض النساب يقول: نصْر - بالنون وبالصاد الساكنة.
قال أبو جعفر بن نفيل: قدم علينا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فسألني يحيى وهو يعانقني، فقال: يا أبا جعفر، قرأت على معقل بن عبيد الله، عن عطاء: " أدنى وقت الحائض يوم "؟ فقال: له أبو عبد الله: لو جلست! فقال: أكره أن يموت، أو يفارق الدنيا قبل أن أسمعه.
ثم قال: حدثك نضر بن عربي، عن عكرمة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرش له في قبره قطيفة بيضاء بعلبكية؟ وذكر أبو عبد الله أبا جعفر النفيلي فأثنى عليه خيراً، وقال: كان يجيء معي إلى مسكين بن بكير.
قال صالح بن علي النفيلي:
سألت النفيلي عن تفضيل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجرى بيني وبينه كلام - فقلت: يا أبا جعفر، فأنا أريد أن أجعلك حجةً بيني وبين الله عز وجل قال: ومن أنا؟ قلت: لم أرَ مثلك، قال: يا بن أخي، فإنا نقول: خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي. قلت: يا أبا جعفر، إن أحمد بن حنبل، ويعقوب ابن كعب يقولان: عثمان، ويقفان عن علي، قال: أخطآ جميعاً؛ أدركت الناس وأهل السنة والجماعة على هذا.
وقال أبو جعفر النفيلي: من شرب مسكراً فقد شرب خمراً، ولو أن رجلاً حلف بالطلاق لا يشرب خمراً، فشرب نبيذاً مسكراً، فإن كانت له نية في خمر العنب فهو ونيته، وأن لم يكن له نية قلت له: اعتزل امرأتك.
وقال: المسكر حرام، المسكر حرام.
مات أبو جعفر النفيلي سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين.
وثقه النسائي والدارقطني.
ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو جعفر المنصور بويع له بالخلافة بعد أخيه أبي العباس السفاح، وأمه أم ولد بربرية اسمها سلامة.
روى عن أبيه عن جده عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتختم في يمينه.
كان المنصور حاجاً في وقت وفاة السفاح، فعقد له البيعة بالأنبار عمه عيسى بن علي، وورد الخبر على المنصور في أربعة عشر يوماً، وكان له من السن إذ ذاك إحدى وأربعون سنة وشهور، وكان مولده بالحُميمة سنة خمسٍ وتسعين.
وصفه علي بن ميسرة الرازي فقال: رأيت سنة خمسٍ وعشرين أبا جعفر المنصور بمكة فتىً أسمر رقيق السمرة، موفر اللمة، خفيف اللحية، رحب الجبهة، أقنى الأنف، بيّن القنى، أعين، كأن عينيه لسانان ناطقان، تخالطه أبهة الملوك بزي النساك، تقبله القلوب، وتتبعه العيون، يعرف الشرف في تواضعه، والعتق في صورته، واللب في مشيته.
خرج أبو جعفر المنصور إلى بيت المقدس سنة أربع وخمسين، واستقرى الجزيرة وأجناد الشام مدينةً مدينةً، ودخل دمشق مرتين.
عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " منا القائم، ومنا المنصور، ومنا السفاح، ومن المهدي، فأما القائم فتأتيه الخلافة ولم يهرق فيها محجمةً من دمٍ، وأما المنصور فلا ترد له راية، وأما السفاح فهو يسفح المال والدم، وأما المهدي فيملؤها عدلاً كما ملئت ظلماً ".
عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس، فذكرنا المهدي، وكان منضجعاً فاستوى جالساً، فقال: " منا السفاح، ومنا المنصور، ومنا المهدي ".
قالت سلامة أم أمير المؤمنين المنصور: لما حملت بأبي جعفر رأيت كان أسداً خرج من فرجي، فأقعى وزأر وضرب بذنبه، فرأيت الأُسد تقبل من كل ناحية إليه، فكلما انتهى إليه أسد منها سجد له.
حدث أبو سهل بن علي بن نوبخت قال: كان جدنا نوبخت على دين المجوسية، وكان في علم النجوم نهايةً، وكان محبوساً بسجن الأهواز، فقال: رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن، فرأيت من هيبته وجلالته، وسيماه وحسن وجهه وبنائه ما لم أرَ لأحدٍ قط، قال: فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي، ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد! فقال: أجل يا مجوسي، قلت: فمن أي بلادٍ أنت؟ فقال: من أهل المدينة، فقلت: أي مدينةٍ؟ فقال: من مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة؟ قال: لا، ولكني من عرب المدينة، قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته؟ فقال: كنيتي أبو جعفر، فقلت: أبشر فوحق المجوسية لتملكن جميع
ما في هذه البلدة حتى تملك فارس، وخراسان، والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول، فاذكر لي هذه البشرى، فقال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: قلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفساً، وطلبت دواةً، فوجدتها فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم: يا نوبخت، إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مؤونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله لم نُغفل ما يجب من حق خدمتك إيانا.
قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه، فأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر، ولك متوقع، فالحمد لله الذي صدق وعده، وحقق الظن، ورد الأمر إلى أهله، فأسلم نوبخت، فكان منجّماً لأبي جعفر.
عن الربيع بن حظيان قال: كنت مع أبي جعفر المنصور في مسجد دمشق عند المقصورة أيام مروان بن محمد، فقال لي: يا ربيع، ترى لهذا الأمر من فرج؟ ثم تذاكرنا الأمر، فقلت: من ترى لهذا الأمر؟ فقال: ما أعرف له أحداً إلا عبد الله بن حسن بن حسن، فقلت: ما هو لها بأهلٍ، لا في فضله، ولا في عقله، قال: لا تقل ذاك يغفر الله لك، إن له برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرابةً قريبة، فقال لي: فأنت من ترى لها؟ فقلت له: أنت؟ ووالله الذي لا إله غيره ما علمت يومئذٍ أحداً أحق بها منه. قال: فلما ولي الخلافة أرسل إليّ، فدخلت عليه فقال لي: يا ربيع الحديث الذي كان بيني وبينك بدمشق تحفظه؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: والله يا ربيع لو نازعني فيها أحد من الناس لضربت ما بين عينيه بالسيف، قال: ثم لم يزل يحادثني ويذاكرني أمر عبد الله بن حسن، وقال: قد وليتك دار الضرب بدمشق، فاخرج إليها.
واستخلف أبو جعفر المنصور - وهو عبد الله الأكبر، ويقال له: عبد الله الطويل الأكبر - يوم توفي العباس بالأنبار، وأبو جعفر يومئذٍ بمكة في الحج، وأنفذ إليه الخبر بذلك، فلقيه الرسول في منصرفه من الحج بمنزلٍ يقال له: صُفَينة، من ناحية طريق
الجادة، فتفاءل باسم المنزل، وقال: صفت لنا - إن شاء الله - وأغذ السير، ثم قدم الأنبار، وهي يومئذٍ دار الملك، فاستقبل بخلافته المحرم من سنة سبع وثلاثين، فكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً تنقص أياماً، وتوفي بأكناف مكة وهو محرم، وكان يلقب في أيام أبيه مدرك الترات.
ويحكى أن أبا جعفر المنصور كان يرحل في طلب العلم قبل الخلافة، فبينا هو يدخل منزلاً من المنازل قبض عليه صاحب الرصد، فقال: زن درهمين، قال: خل عني؛ فإني من بني أعمام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: زن درهمين، قال: خل عني، فإني رجل قارئ لكتاب الله، قال: زن درهمين، قال: خل عني فإني رجل عالم بالفقه والفرائض، قال: زن درهمين، قال: فلم أعياه أمرُه وزن الدرهمين، ولزم جمع المال، والتدنيق فيه، فبقي على ذلك بُرهةً من زمانه إلى أن قلد الخلافة، وبقي عليه فصار الناس يبخلونه، فلقب بأبي الدوانيق.
عن الأصمعي قال: قالت أعرابية للمنصور في طريق مكة بعد وفاة أبي العباس: أعظم الله أجرك في أخيك، لا مصيبة على الأمة أعظم من مصيبتك، ولا عوض لها أعظم من خلافتك.
قال المنصور: الخلفاء أربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والملوك أربعة: معاوية، وعبد الملك، وهشام، وأنا.
عن مالك بن أنس قال: دخلت على أبي جعفر الخليفة فقال: من أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فهجم عليّ أمر لم أعلم رأيه، قال: قلت: أبو بكر، وعمر، قال: أصبت، وذلك رأي أمير المؤمنين.
وأقام الحج أبو جعفر المنصور سنة ست وثلاثين ومائة، وسنة أربعين ومائة، وسنة أربع وأربعين ومائة، وسنة سبع وأربعين ومائة، وسنة اثنتين وخمسين ومائة.
عن إسماعيل الفهري قال: سمعت المنصور في يوم عرفة على منبر عرفة يقول في خطبته: أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على فيئه بمشيئته، أقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله تعالى عليه قفلاً إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم، وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني، فارغبوا إلى الله تعالى، أيها الناس، وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه إذ يقول: " اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً " أن يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والإحسان إليكم، ويفتحني لإعطائكم، وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب.
عن الأصمعي قال: صعد أبو جعفر المنصور المنبر، فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأؤمن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، اذكر من أنت في ذكره! فقال أبو جعفر: مرحباً، مرحباً، لقد ذكرت جليلاً، وخوفت عظيماً، وأعوذ بالله من أن أكون ممن إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم، والموعظة منا بدت، ومن عندنا خرجت، وأنت يا قائلها، فأحلف بالله ما الله أردت بها، وإنما أردت أن يقال: قام، فقال: فعوقب، فصبر، فأهون بها من قائلها، وإياكم - معشر الناس - وأمثالها.
قال أبو الفضل الربعي: حدثني أبي قال: بينما المنصور ذات يومٍ يخطب، وقد علا بكاؤه، إذ قام رجل فقال: يا وصاف،
تأمر بما تحتقبه، وتنهى عما تركبه؟ بنفسك فابدأ، ثم بالناس. فنظر إليه المنصور وتأمله ملياً، وقطع الخطبة، ثم قال: يا عبد الجبار خذه إليك، فأخذه عبد الجبار، وعاد إلى خطبته حتى أتمها، وقضى الصلاة، ثم دخل ودعا بعبد الجبار، فقال له: ما فعل الرجل؟ قال: محبوس عندنا يا أمير المؤمنين، قال: أملٍ عليه ثم عرض له بالدنيا، فإن صدف عنها، وقلاها فلعمري إنه لمريد، وإن كان كلامه ليقع موقعاً حسناً، وإن مال إلى الدنيا، ورغب فيها إن لي فيه أدباً يزعه عن الوثوب على الخلفاء، وطلب الدنيا بعمل الآخرة.
فخرج عبد الجبار، فدعا بالرجل، وقد دعا بغدائه، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: حق لله كان في عنقي، فأديته إلى خليفته، قال: ادن فكل من هذا الطعام حتى يدعو بك أمير المؤمنين، قال: لا حاجة لي فيها، قال: وما عليك من أكل الطعام؟ إن كانت نيتك حسنةً فلا يفثؤك عنها شيء، فدنا، فأكل فلما أكل طمع فيه، فتركه أياماً، ثم دعاه فقال: لَهِيَ عنك أمير المؤمنين وأنت محبوس، فهل لك في جارية تؤنسك، وتسكن إليها؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه جاريةً، ثم أرسل إليه: هذا الطعام قد أكلت، والجارية قد قبلت، فهل لك في ثيابٍ تكتسيها، وتكسو عيالك - إن كان لك عيال - ونفقة تستعين بها على أمرك إلى أن يدعو بك أمير المؤمنين؟ قال: ما أكره ذلك، فأعطاه، ثم قال له: ما عليك أن تصنع خلة تبلغ بها الوسيلة من أمير المؤمنين إن أردت الوسيلة عنده، إذا ذكرك، قال: وما هي؟ قال: أوليك الحسبة والمظالم، فتكون أحد عماله، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال: ما أكره ذلك، فولاه الحسبة والمظالم، فلما انتهى شهر قال عبد الجبار للمنصور: الرجل الذي تكلم بما تكلم به، فأمرت بحبسه قد أكل من طعام أمير المؤمنين، ولبس من ثيابه، وعاث في نعمته، وصار أحد ولاته، وإن أحب أمير المؤمنين أن أدخله إليه في زي الشيعة فعلت. قال: فأدخله، فخرج عبد الجبار إلى الرجل، فقال: قد دعا بك أمير المؤمنين وقد
أعلمته أنك أحد عماله على المظالم والحسبة، فادخل عليه في الزي الذي يحب، فدخل، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: وعليك، ألست القائم بنا والواعظ لنا ومذكرنا بأيام الله على رؤوس الملأ؟ قال: نعم، قال: فكيف ملت عن مذهبك؟ قال: يا أمير المؤمنين فكرت في أمري فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به، ورأيتني مصيباً في مشاركة أمير المؤمنين في أمانته، فقال: هيهات أخطأت استك الحفرة! هبناك يوم أعلنت الكلام، وظننا أنك أردت الله به، فكففنا عنك! فلما تبين لنا أنك الدنيا أردت جعلناك عظةً لغيرك حتى لا يجترئ بعدك مجترئ على الخلافة، أخرجه يا عبد الجبار، فاضرب عنقه! فأخرجه فقتله.
قال أبو عبيد الله: سمعت المنصور أمير المؤمنين يقول لأمير المؤمنين المهدي: يا أبا عبد الله، إن الخليفة لا يصلحه إلى التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من هو دونه.
وقال له: لا تبرمن أمراً حتى تفكر فيه؛ فإن فكرة العاقل مرآة تريه قبيحه وحسنه.
عن الأصمعي أن المنصور قال لابنه: أي بني ائتدم النعمة بالشكر، والمقدرة بالعفو، والطاعة بالتآلف والنصر بالتواضع والرحمة للناس.
عن المبارك بن فضالة قال: كنا عند أمير المؤمنين المنصور فدعا برجلٍ، ودعا بالسيف، فأخرج المبارك رأسه
في السماط، فقال: يا أمير المؤمنين، سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما سمعه المنصور يقول: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل عليه بوجهه يسمع منه، فقال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان يوم القيامة قام منادٍ من عند الله ينادي: ليقم الذين أجرهم على الله، فلا يقوم إلا من عفا " فقال المنصور: خلوا سبيله، ثم أقبل على جلسائه يخبرهم بعظيم جرمه، وما صنع.
حدث قطن بن معاوية الغلابي قال: كنت ممن سارع إلى إبراهيم، واجتهد معه؛ فلما قتل طلبني أبو جعفر، واستخفيت فقبض أموالي ودوري، فلحقت بالبادية، فجاورت في بني نصر بن معاوية، ثم في بني كلاب، ثم في بني فزارة، ثم في بني سليم، ثم تنقلت في بلاد قيس أجاورهم حتى ضقت ذرعاً، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر، والاعتراف له؛ فقدمت البصرة فنزلت في طرفٍ منها، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء، وكان لي وداً، فشاورته في الذي أزمعت عليه، فقيَّل رأيي، وقال: والله إذا ليقتلنك، وإنك لتعين على نفسك، فلم ألتفت إليه، وشخصت حتى قدمت بغداد، وقد بنى أبو جعفر مدينته، ونزلها، وليس من الناس أحد يركب فيها ما خلا المهدي، فنزلت الخان، ثم قلت لغلماني: أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين، فأمهلوا ثلاثاً، فإن جئتكم وإلا فانصرفوا.
ومضيت حتى دخلت المدينة، فجئت دار الربيع، والناس ينتظرونه وهو يومئذٍ داخل المدينة في الشارعة على قصر الذهب، فلم ألبث أن خرج يمشي، فقام إليه الناس، وقمت معهم، فسلمت عليه فرد علي وقال: من أنت؟ قلت: قطن بن معاوية، قال: انظر ما تقول! قلت: أنا هو. فأقبل على مسودةٍ معه، فقال: احتفظوا بهذا. قال: فلما حرست لحقتني ندامةً، وتذكرت رأي أبي عمرو، فتأسفت عليه، ودخل الربيع، فلم يطل حتى خرج خصيّ فأخذ بيدي فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بيتاً حصيناً فأدخلني فيه، ثم أغلق بابه وانطلق فاشتدت ندامتي، وأيقنت بالبلاء،
وخلوت بنفسي ألومها، فلما كانت الظهر أتاني الخصي بماءٍ، فتوضأت وصليت وأتاني بطعامٍ، فأخبرته أني صائم، فلما كانت المغرب أتاني بماءٍ، فتوضأت وصليت، وأرخى الليل علي سدوله، فيئست من الحياة، وسمعت أبواب المدينة تغلق، وأقفالها تشدد، فامتنع مني النوم، فلما ذهب صدر الليل أتاني الخصي، ففتح عني، ومضى بي فأدخلني صحن دارٍ ثم أدناني من سترٍ مسدولٍ، فخرج علينا خادم، فأدخلنا، فإذا أبو جعفر وحده والربيع قائم في ناحيةٍ، فأكب أبو جعفر هنيهةً مطرقاً، ثم رفع رأسه فقال: هيه! قلت: يا أمير المؤمنين أنا قطن ابن معاوية، قد والله جهدت عليك جهدي؛ فعصيت أمرك، وواليت عدوك، وحرصت على أن أسلبك ملكك؛ فإن عفوت فأهل ذاك أنت، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني، قال: فسكت هنيهةً، ثم قال: هيه!؟ فأعدت مقالتي، فقال: فإن أمير المؤمنين قد عفا عنك.
وكتب إلى عامله على البصرة برد جميع ما اصطفى له.
قال الأصمعي: أُتي المنصور برجلٍ يعاقبه على شيءٍ بلغه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين، فعفا عنه.
ولقي أبو جعفر المنصور أعرابياً بالشام فقال: احمد الله يا أعرابي الذي رفع عنكم الطاعون بولايتنا - أهل البيت - قال: إن الله لم يجمع علينا حشفاً وسوء كيلٍ؛ ولايتكم والطاعون!.
قال عباد بن كثير لسفيان الثوري: قلت لأبي جعفر المنصور: أتؤمن بالله!؟ قال: نعم، قلت: فحدثني عن الأموال التي اصطفيتموها من أموال بني أمية، فوالله لئن كانت صارت إليهم ظلماً وغصباً لما رددتموها إلى أهلها الذين ظلموا وغُصبوا؟! ولئن كانت الأموال لهم لقد أخذتم ما لا يحل، ولا يطيب، إذا دعيت يوم القيامة بنو أمية بالعدل جاؤوا بعمر بن عبد العزيز، فإذا دعيتم أنتم بالعدل وأنتم أمس رحماً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تجيئوا بأحدٍ، فكن أنت ذاك الأحد؛ فقد مضت خلافتك ست عشرة سنةً، وما رأينا خليفةً قبلك بلغ اثنتين وعشرين سنةً، فهبك تبلغها، فما ست سنين تعدل فيها؟! عن النضر بن زرارة قال: أدخل سفيان الثوري على أبي جعفر المنصور أمير المؤمنين، فأقبل عليه أبو جعفرٍ يوبخه، فقال: تُبغِضنا، وتبغض هذه الدعوة، وتُبغِض عِترة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وسفيان ساكت يقول: سَلْم، سلم. قال: فلما قضى أبو جعفر كلامه، قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد " إلى قوله: " إن ربك لبالمرصاد " قال: ونكس أبو جعفرٍ رأسه، وجعل ينكت بقضيبٍ في يده الأرض، فقال سفيان: البول البول، قال: قم، قال: فخرج وأبو جعفر ينظر إليه.
عن بكر العابد قال: قال سفيان الثوري لأبي جعفر المنصور.
إني لأعلم رجلاً إن صلح صلحت الأمة، قال: ومن هو؟ قال: أنت.
قال محمد بن منصور البغدادي: قام بعض الزهاد بين يدي المنصور، فقال: إن الله أعطاك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تبيت في القبر لم تبت قبلها ليلةً، واذكر ليلةً تمخّض عن يومٍ لا ليلة بعده.
قال: فأفحم أبو جعفر من قوله، فقال الربيع: أيها الرجل، إنك قد عممت أمير المؤمنين! فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، هذا صحبك عشرين سنةً لم يرَ لك عليه أن ينصحك يوماً واحداً، ولا عمل وراء بابك بشيءٍ من كتاب الله تبارك وتعالى، ولا بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر له المنصور بمالٍ، فقال: لو احتجت إلى مالك لما وعظتك.
عن عقبة بن هارون قال:
دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفرٍ المنصور، وعنده المهدي، بعد أن بايع له ببغداد، فقال له: يا أبا عثمان، عظني، فقال: إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذِّرك ليلةً تمخّض بيومٍ لا ليلة بعده.
عن إسحاق بن الفضل، قال: إني لعلى باب المنصور، وإلى جنبي عمارة بن حمزة إذا طلع عمرو بن عبيد على حماره، فنزل عن حماره، ونحى البساط برجله، وجلس دونه، فالتفت إلي عمارة، فقال: لا تزال بصرتكم، قد رمتنا بأحمق! فما فصل كلامه من فيه حتى خرج الربيع وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فوالله ما دل على نفسه حتى أرشد إليه، فاتكأ بيده ثم قال: أجب أمير المؤمنين، جعلني الله فداك، فمر متوكئاً عليه، فالتفت إلى عمارة، فقلت: إن الرجل الذي استحمقت قد دعي وتركنا! فقال: كثيراً ما يكون مثل هذا، فأطال اللبث، ثم خرج الربيع وعمرو متوكئاً عليه، وهو يقول: يا غلام، حمار أبو عثمان! فما برح حتى أقره على سرجه، وضم إليه نشر ثوبه، واستودعه الله، فأقبل عمارة على الربيع فقال: لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلاً لو فعلتموه بوليِّ عهدكم لكنتم قد قضيتم حقه! قال: فما غاب عنك والله مما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب! قال: فإن اتسع لك الحديث فحدثنا فقال: ما هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه، فما أمهل حتى أمر بمجلسٍ ففرش لبوداً، ثم
انتقل هو والمهدي، وعلى المهدي سواده وسيفه، ثم أذن له، فلما دخل سلم عليه بالخلافة فرد عليه، وما زال يدنيه حتى أتكأه على فخذه، وتخفى به، ثم سأله عن نفسه، وعن عياله، يسميهم رجلاً رجلاً، وامرأةً امرأةً، ثم قال: يا أبا عثمان عظني، فقال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: " والفجر، وليالٍ عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر، هل في ذلك قسم لذي حجر، ألم تر كيف فعل ربك بعادٍ، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك - يا أبا جعفر - لبالمرصاد " قال: فبكى بكاءً شديداً، كأنه لم يسمع تلك الآيات إلا تلك الساعة، ثم قال: يا أبا عثمان، هل من حاجة؟ قال: نعم، قال: وما هي؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، قال: إذاً لا نلتقي، قال: عن حاجتي سألتني! قال: فاستخلفه الله عز وجل وودعه، ونهض، فلما ولى أمده بصره وهو يقول: مجزوء الكامل
كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيدْ
غير عمرو بن عبيد
عن عبد السلام بن حرب قال: قدم أبو جعفر المنصور البصرة، فنزل عند الجسر، فبعث إلى عمرو بن عبيد، فجاءه، فأمر له بمالٍ، فأبى أن يقبله، فقال المنصور: والله لتقبلنه، فقال: لا والله لا أقبله، فقال له المهدي: يحلف عليك أمير المؤمنين، فتحلف ألا تقبله! فقال: أمير المؤمنين أقوى على كفارة اليمين من عمك، فقال المنصور: يا أبا عثمان، علمت أني جعلت هذا ولي عهدي؟ قال: يا أمير المؤمنين يأتيه الأمر يوم يأتيه وأنت مشغول.
عن عبد الله بن صالح قال: كتب أبو جعفر إلى سوار بن عبد الله قاضي البصرة: انظر الأرض التي يخاصم فيها فلان القائد فلاناً التاجر، فادفعها إلى فلانٍ القائد.
فكتب إليه سوار: إن البينة قد قامت عندي أنها لفلانٍ التاجر، فلست أخرجها من يديه إلا ببينة. فكتب إليه أبو جعفر المنصور: والله الذي لا إله إلا هو لتدفعنها إلى فلان القائد! فكتب إليه سوار: والله الذي لا إله إلا هو لا أخرجتها من يد فلانٍ التاجر إلا بحق! فلما جاءه الكتاب قال أبو جعفر: ملأتها والله عدلاً، صار قضاتي يردوني إلى الحق.
قالوا: شُكي سوار بن عبد الله القاضي إلى أبي جعفر المنصور، وأُثني عليه عنده شراً، قال: فاستقدمه، فلما قدم دخل عليه، فعطس المنصور، فلم يشمته سوار، فقال: ما يمنعك من التشميت؟ قال: لأنك لم تحمد الله، فقال: حمدت في نفسي، قال: فقد شمتك في نفسي، فقال: ارجع إلى عملك، فإنك إذا لم تحابني لم تحاب غيري.
عن نمير المدني قال:
قدم علينا أمير المؤمنين المنصور المدينة، ومحمد بن عمران الطلحي على قضائه، وأنا كاتبه، فاستعدى الجمالون على أمير المؤمنين في شيءٍ ذكروه، فأمرني أن أكتب إليه كتاباً بالحضور معهم، وإنصافهم، فقلت: تعفيني من هذا، فإنه يعرف خطي، فقال: اكتب! فكتبت، ثم ختمه، فقال: لا يمضي به والله غيرك، فمضيت به إلى الربيع وجعلت أعتذر إليه، فقال: لا عليك فدخل عليه بالكتاب، ثم خرج الربيع فقال للناس: - وقد حضر وجوه أهل المدينة والأشراف وغيرهم - إن أمير المؤمنين يقرأ عليكم السلام، ويقول لكم: إني قد دعيت إلى مجلس الحكم، فلا أعلمن أحداً قام إليّ، إذا خرجت أو تدانى بالسلام، ثم خرج المسيب بين يديه، والربيع، وأنا خلفه، وهو في إزارٍ ورداء، فسلم على الناس، فما قام إليه أحد، ثم مضى حتى بدأ بالقبر، فسلم على
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم التفت إلى الربيع، فقال: يا ربيع، ويحك! أخشى إن رآني ابن عمران أن يدخل قلبه لي هيبة، فيتحول عن مجلسه، وبالله لئن فعل لا ولي ولايةً أبداً! فلما رآه وكان متكئاً أطلق رداءه عن عاتقه ثم احتبى به، ودعا بالخصوم والجمالين، ثم دعا بأمير المؤمنين، ثم ادعى عليه القوم، فقضى لهم عليه، فلما دخل الدار قال للربيع: اذهب فإذا قام وخرج من عنده من الخصوم فادعه، فقال: يا أمير المؤمنين ما دعا بك إلا بعد أن فرغ من أمر الناس جميعاً، فلما دخل عليه سلم، فقال: جزاك الله عن دينك، وعن نبيك، وعن حسبك، وعن خليفتك أحسن الجزاء، قد أمرت لك بعشرة آلاف دينارٍ فاقبضها، وكانت عامة أموال محمد بن عمران من تلك الصلة.
قال المعلى بن أيوب: دخل رجل على المنصور، فقال له: ما مالك؟ فقال: ما يكف وجهي، ويعجز عن بر الصديق، فقال المنصور: لقد تلطف للسؤال، ووصله.
قال محمد بن يزيد المبرد: دخل أعرابي على المنصور، فكلمه بكلام أعجبه، فقال له المنصور: سل حاجتك، فقال: ما لي حاجة يا أمير المؤمنين، فأطال الله عمرك، وأنعم على الرعية بدوام النعمة عليك، قال: ويحك! سل حاجتك؛ فإنه لا يمكنك الدخول علينا كلما أردت، ولا يمكننا أن نأمر لك كلما دخلت، قال: ولِمَ يا أمير المؤمنين وأنا لا أستقصر عمرك، ولا أغتنم مالك؟ وإن العرب لتعلم في مشارق الأرض ومغاربها أن مناجاتك شرف، وما للشريف عنك منحرف، وإن عطاءك لزين، وما مسألتك بنقصٍ ولا شين، فتمثل المنصور بقول الأعشى: من البسيط
فجربوه فما زادت تجاربهم ... أبا قدامة إلا المجد والفنعا
ثم قال: يا غلام أعطه ألف دينار.
قال محمد بن حفص العجلي: ولد لأبي دلامة ابنة فغدا على أبي جعفر المنصور فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه ولد لي الليلة ابنة، قال: فما سميتها؟ قال: أم دلام، قال: وأي شيءٍ تريد؟ قال: أريد أن يعينني عليها أمير المؤمنين، ثم أنشده: من البسيط
لو كان يقعد فوق الشمس من كرمٍ ... قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
ثم ارتقوا في شعاع الشمس كلكم ... إلى السماء، فأنتم أكرم الناس
قال: فهل قلت فيها شيئاً؟ قال: نعم قلت: من الوافر
فما ولدتك مريم أم عيسى ... ولم يكفلك لقمان الحكيم
ولكن قد تضمك أم سوءٍ ... إلى لباتها وأن لئيم
قال: فضحك أبو جعفر ثم أخرج أبو دلامة خريطة من خرق، فقال: ما هذه؟ قال: يا أمير المؤمنين أجعل فيها ما تحبوني به، قال: املؤوها له دراهم، فوسعت ألفي درهم.
عن بعض الهاشميين قال: كنت جالساً عند المنصور بإرمينية، وهو أميرها لأخيه أبي العباس، وقد جلس للمظالم، فدخل عليه رجل، فقال: إن لي مظلمةً، وإني أسألك أن تسمع مني مثلاً أضربه قبل أن أذكر مظلمتي، قال: قل، قال: إني وجلت لله تبارك وتعالى؛ خلق الخلق
على طبقَاتٍ، فالصبي إذا خرج إلى الدنيا لا يعرف إلا أمه، ولا يطلب غيرها، فإذا فزع من شيءٍ لجأ إليها، ثم يرتفع عن ذلك طبقةً، فيعرف أن أباه أعز من أمه، فإن أفزعه شيء لجأ إلى أبيه، ثم يبلغ، ويستحكم، فإن أفزعه شيء لجأ إلى سلطانه، فإن ظلمه ظالم انتصر به، فإذا ظلمه السلطان لجأ إلى ربه، واستنصره، وقد كنت في هذه الطبقات وقد ظلمني ابن نهيك في ضيعةٍ لي في ولايته، فإن نصرتني عليه، وأخذت بمظلمتي وإلا استنصرت إلى الله عز وجل ولجأت إليه، فانظر لنفسك أيها الأمير، أو دع!
فتضاءل أبو جعفر، وقال: أعد علي الكلام؟ فأعاده، فقال: أما أول شيءٍ فقد عزلت ابن نهيك عن ناحيته، وأمر برد ضيعته.
قيل لأبي جعفر المنصور: هل بقي لذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة؛ أن أقعد في مصطبةٍ وحولي أصحاب الحديث، يقول المستملي: من ذكرت - رحمك الله -؟ قال: فغدا عليه الندماء، وأبناء الوزير بالمحابر والدفاتر فقال: لستم به، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم برد الآفاق ونقلة الحديث.
عن محمد بن سلام والزيادي قالا: اجتمع جماعة من أهل العلم عند المنصور فيهم عمرو بن عبيد، فسأل المنصور عمرو بن عبيد عن الحديث: " فيمن اقتنى كلباً لغير زرعٍ، ولا حراسة، إنه ينقص كل يومٍ من أجره قيراط " فقال له عمرو بن عبيد: هكذا جاء الحديث، قال المنصور: خذها بحقها؛ إنما قيل ذلك لأنه ينبح الضيف، ويروّع السائل، ثم أنشد: من الكامل
أعددت للضيفان كلباً ضارياً ... عندي، وفضل هراوةٍ من أرزن
ومعاذراً كذباً، ووجهاً باسراً ... وتشكياً عض الزمان الألزن
قال: فما بقي أحد في المجلس إلا كتب عن المنصور.
قال أبو العيناء: دخل المنصور من باب الذهب، فإذا ثلاثة قناديل مصطفة، فقال: ما هذا؟ أما واحد من هذا كان كافياً؟ يقتصر من هذا على واحدٍ، فلما أصبح أشرف على الناس وهم يتغدون، فرأى الطعام قد خف من بين أيديهم من قبل أن يشبعوا، فقالوا: يا غلام، علي بالقهرمان، قال: ما لي رأيت الطعام قد خف من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيتك قد قدرت الزيت فقدرت الطعام، قال: فقال: وأنت لا تفرق بين زيتٍ يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل فضل وجدت له آكلاً! ابطحوه، فبطحوه فضربه سبع دررٍ.
عن الربيع الحاجب قال: لما مات المنصور قال لي المهدي: يا ربيع، قم بنا حتى ندور في خزائن أمير المؤمنين، قال: فدرنا فوقعنا على بيتٍ فيه أربعمائة حبٍّ مطينة الرؤوس، قال: فقلنا: ما هذه؟ قيل: هذه فيها أكباد مملحة، أعدها المنصور للحصار.
عن يونس قال: كتب زياد بن عبيد الله الحارثي إلى المنصور يسأله الزيادة في عطائه وأرزاقه، وأبلغ في كتابه فوقّع المنصور في القصة: إن الغنى والبلاغة إذا اجتمعا في رجلٍ أبطراه، وأمير المؤمنين يشفق عليك من ذلك، فاكتف بالبلاغة.
قال المنصور: إذا مد إليك عدوك يده، فإن قدرت على قطعها وإلا قبلها.
عن محمد بن سلام قال: رأت جارية للمنصور قميصه مرقوعاً، فقالت: خليفة وقميصه مرقوع؟! فقال: ويحك! أما سمعت ما قال ابن هرمة: من الكامل
قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خلق، وجيب قميصه مرقوع
لما قتل المنصور أبا مسلم قال وهو طريح بين يديه: من الوافر
قد اكتنفتك خلات ثلاث ... جلبن عليك محتوم الحمام
خلافك وامتناعك من يميني ... وقودك للجماهير العظام
وله لما عزم على قتله: من الطويل
إذا كنت ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ ... فإن فسادها الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوماً بقُدرةٍ ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا
قال الربيع الحاجب: حججت مع المنصور أبي جعفر، فلما كنا بالقادسية، قال لي: يا ربيع، إني مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، فناد في الناس، فناديت، فلما كان من الغد قال لي: يا ربيع، أجمت المنزل، فناد بالرحيل، فقلت: ناديت أمس أنك مقيم بهذا المنزل ثلاثاً، وترحل الساعة!؟ قال: أجمت المنزل، فرحل، ورحل الناس، وقربت له ناقة ليركب، وجاؤوه بمجمرٍ ليتبخر، فقمت بين يديه، فقال: ما عندك؟ فقلت: رحل الناس، فأخذ فحمة من المجمر، فبلها بريقه، وقام إلى الحائط، فجعل يكتب على الحائط بريقه
حتى كتب أربعة أسطرٍ، ثم قال: اركب يا ربيع، فكان في نفسي هم لأعلم ما كتب، ثم حججنا، فكان من أمر وفاته ما كان، ثم رجعت من مكة، فبسط لي في الموضع الذي بسط له فيه في القادسية، فدخلت وفي نفسي أن أعلم ما كتب على الحائط، فإذا هو قد كتب على الحائط: مجزوء الكامل
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عمرٍ قد يضره
تبلى بشاشته ويب ... قى بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حت ... ى لا يرى شيئاً يسره
كم شامتٍ بي إن هلك ... ت وقائلٍ لله دره
وقال: لما مرض أمير المؤمنين المنصور بالله مرضه الذي مات فيه بمكة أتيته يوماً وهو وحده، فنظر إلى القبلة، فرأى فيها كتاباً، فقرأه وقال: يا ربيع، قم بيني وبين القبلة، فإذا الكتابة في صدري، فقال: افتح الباب، فعاد الكتاب إلى القبلة، فقال: ظننت هذا من حيلة الآدميين، وإذا فيه: من الطويل
أبا جعفرٍ حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لا بد واقع
أبا جعفرٍ هل كاهن أو منجمٍ ... لك اليوم من ريب المنية دافع
قال طيفور: كان سبب إحرام المنصور من خضراء مدينة السلام أنه نام ليلةً، فانتبه فزعاً، ثم عاود النوم، فانتبه فزعاً ثم راجع النوم، فانتبه فزعاً، فقال: يا ربيع، قال: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد رأيت في منامي عجباً، قال: ما رأيت، جعلني الله فداك يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت كأن آتياً أتاني، فهينم بشيءٍ لم أفهمه، فانتبهت فزعاً، ثم عاودت النوم، فعاودني يقول ذلك الشيء، ثم عاودني يقوله، حتى فهمته، وحفظته، وهو: من الطويل
كأني بهذا القصر قد باد آهله ... وعري منه أهله ومنازله
وصار رئيس القوم من بعد بهجةٍ ... إلى جدثٍ تبنى عليه جنادله
وما أحسبني يا ربيع إلا قد حانت وفاتي، وحضر أجلي، ومالي غير ربي.
قال بعض أهل العلم: كان آخر ما تكلم به عند الموت أبو جعفر عبد الله بن محمد: اللهم بارك لي في لقائك، وكان نقش خاتمه: الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن.
قال فليح بن سليمان: قال لي أبو جعفر سنة حج، فمات فيها: ابن كم أنت؟ قلت: ابن ثلاثٍ وستين، قال: تلك سني، ثم قال: تدري ما كانت العرب تسميها؟ قلت: لا، قال: مدقة الأعناق، ثم مضى فمات فيها.
قال الحكم بن عثمان: قال المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين عند موته: اللهم إنك تعلم أني قد ارتكبت من الأمور العظام جرأةً مني عليك، وإنك تعلم أني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك، شهادة أن لا إله إلا الله مخلصاً، مناً منك لا مناً عليك، ثم خرجت نفسه.
عن هارون الفروي: حدثني من رأى أبا جعفر محمولاً على السرير ميتاً مكشوف الوجه، وكان مات محرماً، قال: وبصرت برجلٍ أبصره على تلك الحال تمثل هذا البيت: من المتقارب
وافى القبور أبو مالكٍ ... برغم العداة وأوتارها
ومات أبو جعفر ببئر ميمون يوم السبت لسبع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وصلى عليه عيسى بن موسى بن محمد بن علي - ويقال: إبراهيم بن يحيى بن محمد، وكانت خلافته ثنتين وعشرين سنةً، ودفن مكشوف الوجه.
قال أبو شيخ: كنت حاجاً في سنة ثمان وخمسين - وقد حج فيها أبو جعفر - فلما قربنا من مكة رأيت كان رأسي قطع، فأخبرت بذاك عديلي سعيد بن خالد، فقال: الرأس أبو جعفر، ولا أراه إلا يموت، فما مكثنا إلا أياماً حتى مات أبو جعفر.
عبد الله بن محمد بن علي
ابن نفيل بن زراع بن عبد الله بن قيس أبو جعفر النفيلي الحراني روى عن محمد بن سلمة بسنده عن عبد الله بن زمعة بن الأسود قال: لما استعز برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا عنده أتاه بلال، فآذنه بالصلاة، فقال: " مروا من يصلي بالناس ".
قال الخطيب في ولد بَصَر - بالباء المعجمة بواحدة -: أبو جعفر النفيلي المحدث، واسمه: عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، بن زراع بن عبد الله ابن قيس بن عُصُم بن كوز بن هلال بن عصم بن بصر بن زِمّان.
وقال أبو علي التنوخي في نسب تنوخ: وبعض النساب يقول: نصْر - بالنون وبالصاد الساكنة.
قال أبو جعفر بن نفيل: قدم علينا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، فسألني يحيى وهو يعانقني، فقال: يا أبا جعفر، قرأت على معقل بن عبيد الله، عن عطاء: " أدنى وقت الحائض يوم "؟ فقال: له أبو عبد الله: لو جلست! فقال: أكره أن يموت، أو يفارق الدنيا قبل أن أسمعه.
ثم قال: حدثك نضر بن عربي، عن عكرمة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرش له في قبره قطيفة بيضاء بعلبكية؟ وذكر أبو عبد الله أبا جعفر النفيلي فأثنى عليه خيراً، وقال: كان يجيء معي إلى مسكين بن بكير.
قال صالح بن علي النفيلي:
سألت النفيلي عن تفضيل أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجرى بيني وبينه كلام - فقلت: يا أبا جعفر، فأنا أريد أن أجعلك حجةً بيني وبين الله عز وجل قال: ومن أنا؟ قلت: لم أرَ مثلك، قال: يا بن أخي، فإنا نقول: خير الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي. قلت: يا أبا جعفر، إن أحمد بن حنبل، ويعقوب ابن كعب يقولان: عثمان، ويقفان عن علي، قال: أخطآ جميعاً؛ أدركت الناس وأهل السنة والجماعة على هذا.
وقال أبو جعفر النفيلي: من شرب مسكراً فقد شرب خمراً، ولو أن رجلاً حلف بالطلاق لا يشرب خمراً، فشرب نبيذاً مسكراً، فإن كانت له نية في خمر العنب فهو ونيته، وأن لم يكن له نية قلت له: اعتزل امرأتك.
وقال: المسكر حرام، المسكر حرام.
مات أبو جعفر النفيلي سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين.
وثقه النسائي والدارقطني.
عَبْد اللَّه بْن طَاهِر بْن الْحُسَيْن بْن مصعب بن رزيق، أبو العباس الْخُزَاعِيّ :
كان أمير المؤمنين المأمون ولاه الشام حَرْبًا وخراجًا، فخرج من بغداد إليها واحتوى عليها، وبلغ إلى مصر ثم عاد، فولاه المأمون إمارة خراسان، فخرج إليها، وأقام بها حَتَّى مات. وكان أحد الأجواد الممدحين، والسمحاء المذكورين.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثني أبو الفضل الربعي، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ المأمون لعبد اللَّه بن طاهر: أيما أطيب مجلسي أو مجلسك؟ قَالَ: ما عدلت بك يا أمير المؤمنين شيئًا، قَالَ: ليس إلى هذا ذهبت، إنما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللذة، قَالَ:
منزلي يا أمير المؤمنين، قَالَ: ولم ذاك؟ قَالَ: لأني فيه مالك، وأنا هاهنا مملوك! أخبرني الأزهري، أنبأنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال:
غلب عبد اللَّه بن طاهر على الشام، ووهب [له] المأمون ما وصل إليه من الأموال هنالك ففرقه على القواد، ثم وقف على باب مصر فقَالَ: أخزى اللَّه فرعون ما كان أخسه وأدنى همته، ملك هذه القرية فَقَالَ: أنا ربكم الأعلى! والله لادخلتها.
أَخْبَرَنَا أبو الفرج أَحْمَد بن عمر الغضاري، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مسروق، حدّثني عبيد الله بن فرقد، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن الفضل بن مُحَمَّد بن منصور قَالَ: لما افتتح عبد اللَّه بن طاهر مصر ونحن معه، سوغه المأمون خراجها سنة، فصعد المنبر فلم ينزل حتى أجاز بها كلها، ثلاثة آلاف ألف دينار- أو نحوها- فقبل أن ينزل أتاه معلى الطائي، وقد أعلموه ما صنع عبد اللَّه بن طاهر بالناس في الجوائز، وكان عليه واجدًا، فوقف بين يديه تحت المنبر فَقَالَ: أصلح اللَّه الأمير أنا معلى الطائي، ما كان مني من جفاء وغلظة فلا يغلظ عليَّ
قلبك، ولا يستخفنك ما قد بلغك، أنا الذي أقول:
يا أعظم الناس عفوًا عند مقدرة ... وأظلم الناس عند الجود للمال
لو يصبح النيل يجري ماؤه ذَهبًا ... لَما أشرت إلى خزن بمثقال
تعني بما فِيهِ رق الحمد تملكه ... وليس شيء أعاض الحمد بالغالي
تَفُك باليسر كُفَّ الْعُسْر من زمن ... إذا استطالَ عَلَى قوم بإقلال
لَمْ تُخْلِ كفَّكَ من جود لمختبط ... أو مرهف قاتل فِي رأس قتَّال
وما بثثت رَعيل الخيل فِي بلد ... إلا عصفن بأرزاق وآجال
هَلْ من سبيل إلى إذن فقد ظمئت ... نفسي إليك فما تروى إلى حال
إن كنت منك عَلَى بال مننت بِهِ ... فإن شكرك من حمدي عَلَى بال
ما زلتُ مُقتضيًا لولا مجاهرة ... من ألسن خُضْنَ فِي صبري بأقوال
قَالَ: فضحك عبد اللَّه وسر بِما كان منه. وقَالَ: يا أبا السمراء باللَّه أقرضني عشرة آلاف دينار فما أمسيت أملكها، فأقرضه فدفعها إليه.
حَدَّثَنِي الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بن أبي طاهر، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَغْرِبِ، كَانَ مَعَهُ كَاتِبُهُ أَحْمَدُ بْنُ نَهِيكٍ، فَلَمَّا نَزَلَ دِمَشْقَ أُهْدِيَتْ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ هَدَايَا كَثِيرَةً فِي طَرِيقِهِ وَبِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُثْبِتُ كُلَّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ وَيَدْفَعُهُ إِلَى خَازِنٍ لَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ دِمَشْقَ أَمَرَ أَحْمَدَ بْنَ نَهِيكٍ أن يعود عَلَيْهِ بِعَمَلٍ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ، فَأَمَرَ خَازنه أن يخرج إليه قرطاسًا فيه العمل الذي أمر بإخراجه ويضعه في المحراب بين يديه لئلا ينساه وقت ركوبه في السحر، فغلط الخازن فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت ما أهدي إليه فوضعه في المحراب، فلما صلى أَحْمَد بن نهيك الفجر أخذ القرطاس من المحراب ووضعه في خفه، فلما دخل على عبد اللَّه سأله عما تقدم إليه من إخراجه العمل الذي أمره به، فأخرج الدرج من خفه فدفعه إليه، فقرأه عبد اللَّه من أوله إلى آخره، وتأمله ثم أدرجه ودفعه إلى أَحْمَد بن نهيك وقَالَ له: ليس هذا الذي أردت، فلما نظر أَحْمَد بن نهيك فيه أسقط في يديه، فلما انصرف إلى مضربه وجه إليه عبد اللَّه بن طاهر يعلمه أنه: قد وقفت على ما في القرطاس فوجدته سبعين ألف دينار، وأعلم أنه قد لزمتك مئونة عظيمة غليظة في خروجك، ومعك
زوار وغيرهم، وإنك تحتاج إلى بِرهم، وليس مقدار ما صار إليك. يفي بمؤونتك، وقد وجهت إليك بمائة ألف دينار لتصرفها في الوجوه التي ذكرتها.
حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بن أبي الفتح، حدّثنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن خلف بْن المرزبان قَالَ: حَدَّثَنِي عبد اللَّه بن بشر، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بن علي بن طاهر قَالَ: بعث عبد اللَّه بن طاهر إلى عبد الله بن السمط بن مروان بن أبي حفصة- وهو بالجزيرة، وعبد اللَّه ببغداد- بكسوة وعشرين ألف درهم. فَقَالَ عبد اللَّه بن السمط:
لعمري لنعم الغيث غيث أصابنا ... ببغداد من أرض الجزيرة وابله
ونعم الفتى- والبيد دون مزاره ... بعشرين ألفا صبحتنا رسائله
فكنا كحي صبح الغيث أهله ... ولم ينتجع إطعامه وحمائله
أتى جود عبد اللَّه حتى كفت به ... رواحلنا سير الفلاة رواحله
حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ: وجدت في كتابي عن أبي نصر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن موسى الملاحمي النيسابوري- شيخ قدم علينا- قَالَ: سمعت عمرو بن إسحاق السّكني يقول: سمعت سهل بن مرة يَقُول: لما رجع أبو العباس عبد اللَّه بن طاهر من الشام، ارتفع فوق سطح قصره، فنظر إلى دخان مرتفع فِي جِوَارِهِ. فَقَالَ لعمرويه: ما هذا الدخان؟ فَقَالَ: أظن القوم يخبزون، فَقَالَ: ويحتاج جيراننا أن يتكلفوا ذلك؟! ثم دعا حاجبه فَقَالَ: امض ومعك كاتب، فأحص جيراننا ممن لا يقطعهم عنا شارع قال فمضى فأحصاهم فبلغ عدد صغيرهم وكبيرهم أربعة آلاف نفس، فأمر لكل واحد منهم في كلّ يوم بمنوين خبزا، ومن اللحم، ومن التوابل في كل شهر عشرة دراهم، والكسوة في الشتاء مائة وخمسين درهمًا، وفي الصيف مائة درهم، وكان ذلك دأبه مدة مقامه ببغداد، فلما خرج انقطعت الوظائف إلا الكسوة ما عاش أبو العباس.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر الغضاري، أخبرنا جعفر الخلدي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق قَالَ: حَدَّثَنِي عبد اللَّه بن الربيع قَالَ: حَدَّثَنِي محلم بن أبي محلم الشاعر عَن أبِيهِ قَالَ: شخصت مع عبد اللَّه بن طاهر إلى خراسان في الوقت الذي شخص، وكنت أعادله وأسامره، فلما صرنا إلى الري مررنا بِها سحرًا، فسمعنا أصوات الأطيار من القمارى وغيرها، فقال لي عبد اللَّه: للَّه در أبي كبير الهذلي حيث يقول:
إلا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك مياد ففيم تنوح
قَالَ: ثم قَالَ: يا أبا محلم هل يحضرك في هذا شيء؟ فقلت: أصلح اللَّه الأمير، كبرت سني وفسدت ذهني، ولعل شيئا أن يحضرني، ثم حضر شيء فقلت: أصلح اللَّه الأمير، قد حضر شيء تسمعه؟ فَقَالَ: هاته فقلت:
أفي كل عام غربة ونزوح ... أما للنوى من ونية فنريح
لقد طلح البين المشت ركائبي ... فهل أرين البين وهو طليح
وذكرني بالري نوح حمامة ... فنحت وذو الشجو الحزين ينوح
على أنها ناحت ولم تذر دمعة ... ونحت وأسراب الدموع سفوح
وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه فيح
عسى جود عبد اللَّه أن يعكس النوى ... فنلقي عصى التطواف وهي طريح
قَالَ: فَقَالَ: يا غلام أنخ، لا واللَّه لا جزت معي حافرًا ولا خفًا حتى ترجع إلى أفراخك، كم الأبيات؟ فقلت: ستة. قَالَ: يا غلام أعطه ستين ألفًا، ومركبًا، وكسوة، وودعته وانصرفت.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر بن روح النهرواني ومُحَمَّد بن الْحُسَيْن الجازري- قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنَا، وقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا- المعافى بن زكريّا- حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثني أحمد بن أبي طاهر، حدّثني أبو هفان، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: دخل العتابي على عبد اللَّه بن طاهر فأنشده:
حسن ظني وحسن ما عود اللَّه ... سواي بك الغداة أتى بي
أي شيء يكون أحسن من حس ... ن يقين حدا إليك ركابي
فأمر له بجائزة، ثم دخل عليه مرة أخرى فأنشده:
جودك يكفيك في حاجتي ... ورؤيتي تكفيك مني السؤال
فكيف أخشى الفقر ما عشت لي ... وإنما كفاك لي بيت مال
فأجازه أيضًا، ثم دخل عليه اليوم الثالث فأنشده:
أكسني ما يبيد أصلحك الل ... هـ فإني أكسوك ما لا يبيد
فأجازه وكساه وحمله.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جعفر البرذعي والْحَسَن بْن عَلِيّ الْجَوْهَرِيُّ قَالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّه بْن الشخير الصيرفِي، حدّثنا أحمد بن إسحاق الملحمي، حَدَّثَنِي أبو عمير عبد الكبير بن مُحَمَّد الأنصاريّ- بمصر- حدّثني الحسن بن
الحضرمي بن علي الأزدي قَالَ: سمعت أَحْمَد بن أبي داود يَقُول: خرج دعبل بن علي إلى خراسان فنادم عبد اللَّه بن طاهر فأعجب به، فكان في كل يوم ينادمه فيه يأمر له بعشرة آلاف درهم، وكان ينادمه في الشهر خمسة عشر يومًا، وكان ابن طاهر يصله في كل شهر بمائة وخمسين ألف درهم، فلما كثرت صلاته له توارى عنه دعبل يوم منادمته في بعض الخانات، فطلبه فلم يقدر عليه فشق ذلك عليه، فلما كان من الغد كتب:
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة ... وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائرًا ... فأفرطت في بري عجزت عن الشكر
فملان لا آتيك إلا معذرًا ... أزورك في الشهرين يومًا وفي الشهر
فإن زدت في بري تزيدت جفوة ... ولم تلقني حتى القيامة والحشر
وقد حدّثني أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ عَنِ الْمَهْدِيِّ عَنِ الْمَنْصُورِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لا يَشْكُرِ النَّاسَ لا يَشْكُرِ اللَّهَ، وَمَنْ لا يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لا يَشْكُرِ الْكَثِيرَ»
فَوَصَلَهُ بثلاثمائة أَلْفِ دِرْهَمٍ وَانْصَرَفَ.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بن أبي بكر، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عمران الجوري- في كتابه- أخبرنا أحمد بن حمدان بن الخضر، حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّي، حَدَّثَنِي أبو حسان الزيادي قَالَ: سنة ثلاثين ومائتين فيها مات عبد اللَّه بن طاهر، ويكنى أبا العباس بِمرو، في شهر ربيع الأول لإحدى عشرة ليلة خلت منه، وكان مرضه يوم الاثنين لثمان خلون فمرض ثلاثة أيام من وجع أصابه في حلقه، وتوفي وهو والي خراسان، وجرجان، والري، وطبرستان. ذكر غير أَبِي حسان أنه توفي بنيسابور.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي طالب، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن محمّد بن عمران، أخبرنا محمّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن حماد عَنِ الْحَسَن بن وهب قَالَ: توفي عبد اللَّه بن طاهر بنيسابور ليلة الجمعة لأيام خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المعدّل،
أَخْبَرَنَا الحارث بن مُحَمَّد قَالَ: مات عبد اللَّه بن طاهر بن الْحُسَيْن بنيسابور سنة ثلاثين ومائتين وهو والي خراسان، وكان لعبد اللَّه بن طاهر حين توفي ثمان وأربعون سنة، وتسعة وأربعون يوما.
آخر الجزء التاسع
الجزء العاشر
[تتمة باب العين]
تتمة ذكر من اسمه عبد الله]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
حرف العين من آباء العبادلة
كان أمير المؤمنين المأمون ولاه الشام حَرْبًا وخراجًا، فخرج من بغداد إليها واحتوى عليها، وبلغ إلى مصر ثم عاد، فولاه المأمون إمارة خراسان، فخرج إليها، وأقام بها حَتَّى مات. وكان أحد الأجواد الممدحين، والسمحاء المذكورين.
أَخْبَرَنَا أَبُو يعلى أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثني أبو الفضل الربعي، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ المأمون لعبد اللَّه بن طاهر: أيما أطيب مجلسي أو مجلسك؟ قَالَ: ما عدلت بك يا أمير المؤمنين شيئًا، قَالَ: ليس إلى هذا ذهبت، إنما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللذة، قَالَ:
منزلي يا أمير المؤمنين، قَالَ: ولم ذاك؟ قَالَ: لأني فيه مالك، وأنا هاهنا مملوك! أخبرني الأزهري، أنبأنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال:
غلب عبد اللَّه بن طاهر على الشام، ووهب [له] المأمون ما وصل إليه من الأموال هنالك ففرقه على القواد، ثم وقف على باب مصر فقَالَ: أخزى اللَّه فرعون ما كان أخسه وأدنى همته، ملك هذه القرية فَقَالَ: أنا ربكم الأعلى! والله لادخلتها.
أَخْبَرَنَا أبو الفرج أَحْمَد بن عمر الغضاري، أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدّثنا أحمد بن محمّد بن مسروق، حدّثني عبيد الله بن فرقد، أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن الفضل بن مُحَمَّد بن منصور قَالَ: لما افتتح عبد اللَّه بن طاهر مصر ونحن معه، سوغه المأمون خراجها سنة، فصعد المنبر فلم ينزل حتى أجاز بها كلها، ثلاثة آلاف ألف دينار- أو نحوها- فقبل أن ينزل أتاه معلى الطائي، وقد أعلموه ما صنع عبد اللَّه بن طاهر بالناس في الجوائز، وكان عليه واجدًا، فوقف بين يديه تحت المنبر فَقَالَ: أصلح اللَّه الأمير أنا معلى الطائي، ما كان مني من جفاء وغلظة فلا يغلظ عليَّ
قلبك، ولا يستخفنك ما قد بلغك، أنا الذي أقول:
يا أعظم الناس عفوًا عند مقدرة ... وأظلم الناس عند الجود للمال
لو يصبح النيل يجري ماؤه ذَهبًا ... لَما أشرت إلى خزن بمثقال
تعني بما فِيهِ رق الحمد تملكه ... وليس شيء أعاض الحمد بالغالي
تَفُك باليسر كُفَّ الْعُسْر من زمن ... إذا استطالَ عَلَى قوم بإقلال
لَمْ تُخْلِ كفَّكَ من جود لمختبط ... أو مرهف قاتل فِي رأس قتَّال
وما بثثت رَعيل الخيل فِي بلد ... إلا عصفن بأرزاق وآجال
هَلْ من سبيل إلى إذن فقد ظمئت ... نفسي إليك فما تروى إلى حال
إن كنت منك عَلَى بال مننت بِهِ ... فإن شكرك من حمدي عَلَى بال
ما زلتُ مُقتضيًا لولا مجاهرة ... من ألسن خُضْنَ فِي صبري بأقوال
قَالَ: فضحك عبد اللَّه وسر بِما كان منه. وقَالَ: يا أبا السمراء باللَّه أقرضني عشرة آلاف دينار فما أمسيت أملكها، فأقرضه فدفعها إليه.
حَدَّثَنِي الجوهريّ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بن أبي طاهر، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْمَغْرِبِ، كَانَ مَعَهُ كَاتِبُهُ أَحْمَدُ بْنُ نَهِيكٍ، فَلَمَّا نَزَلَ دِمَشْقَ أُهْدِيَتْ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ هَدَايَا كَثِيرَةً فِي طَرِيقِهِ وَبِدِمَشْقَ، وَكَانَ يُثْبِتُ كُلَّ مَا يُهْدَى إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ وَيَدْفَعُهُ إِلَى خَازِنٍ لَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ دِمَشْقَ أَمَرَ أَحْمَدَ بْنَ نَهِيكٍ أن يعود عَلَيْهِ بِعَمَلٍ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ، فَأَمَرَ خَازنه أن يخرج إليه قرطاسًا فيه العمل الذي أمر بإخراجه ويضعه في المحراب بين يديه لئلا ينساه وقت ركوبه في السحر، فغلط الخازن فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت ما أهدي إليه فوضعه في المحراب، فلما صلى أَحْمَد بن نهيك الفجر أخذ القرطاس من المحراب ووضعه في خفه، فلما دخل على عبد اللَّه سأله عما تقدم إليه من إخراجه العمل الذي أمره به، فأخرج الدرج من خفه فدفعه إليه، فقرأه عبد اللَّه من أوله إلى آخره، وتأمله ثم أدرجه ودفعه إلى أَحْمَد بن نهيك وقَالَ له: ليس هذا الذي أردت، فلما نظر أَحْمَد بن نهيك فيه أسقط في يديه، فلما انصرف إلى مضربه وجه إليه عبد اللَّه بن طاهر يعلمه أنه: قد وقفت على ما في القرطاس فوجدته سبعين ألف دينار، وأعلم أنه قد لزمتك مئونة عظيمة غليظة في خروجك، ومعك
زوار وغيرهم، وإنك تحتاج إلى بِرهم، وليس مقدار ما صار إليك. يفي بمؤونتك، وقد وجهت إليك بمائة ألف دينار لتصرفها في الوجوه التي ذكرتها.
حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بن أبي الفتح، حدّثنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن خلف بْن المرزبان قَالَ: حَدَّثَنِي عبد اللَّه بن بشر، حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بن علي بن طاهر قَالَ: بعث عبد اللَّه بن طاهر إلى عبد الله بن السمط بن مروان بن أبي حفصة- وهو بالجزيرة، وعبد اللَّه ببغداد- بكسوة وعشرين ألف درهم. فَقَالَ عبد اللَّه بن السمط:
لعمري لنعم الغيث غيث أصابنا ... ببغداد من أرض الجزيرة وابله
ونعم الفتى- والبيد دون مزاره ... بعشرين ألفا صبحتنا رسائله
فكنا كحي صبح الغيث أهله ... ولم ينتجع إطعامه وحمائله
أتى جود عبد اللَّه حتى كفت به ... رواحلنا سير الفلاة رواحله
حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ: وجدت في كتابي عن أبي نصر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن موسى الملاحمي النيسابوري- شيخ قدم علينا- قَالَ: سمعت عمرو بن إسحاق السّكني يقول: سمعت سهل بن مرة يَقُول: لما رجع أبو العباس عبد اللَّه بن طاهر من الشام، ارتفع فوق سطح قصره، فنظر إلى دخان مرتفع فِي جِوَارِهِ. فَقَالَ لعمرويه: ما هذا الدخان؟ فَقَالَ: أظن القوم يخبزون، فَقَالَ: ويحتاج جيراننا أن يتكلفوا ذلك؟! ثم دعا حاجبه فَقَالَ: امض ومعك كاتب، فأحص جيراننا ممن لا يقطعهم عنا شارع قال فمضى فأحصاهم فبلغ عدد صغيرهم وكبيرهم أربعة آلاف نفس، فأمر لكل واحد منهم في كلّ يوم بمنوين خبزا، ومن اللحم، ومن التوابل في كل شهر عشرة دراهم، والكسوة في الشتاء مائة وخمسين درهمًا، وفي الصيف مائة درهم، وكان ذلك دأبه مدة مقامه ببغداد، فلما خرج انقطعت الوظائف إلا الكسوة ما عاش أبو العباس.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر الغضاري، أخبرنا جعفر الخلدي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق قَالَ: حَدَّثَنِي عبد اللَّه بن الربيع قَالَ: حَدَّثَنِي محلم بن أبي محلم الشاعر عَن أبِيهِ قَالَ: شخصت مع عبد اللَّه بن طاهر إلى خراسان في الوقت الذي شخص، وكنت أعادله وأسامره، فلما صرنا إلى الري مررنا بِها سحرًا، فسمعنا أصوات الأطيار من القمارى وغيرها، فقال لي عبد اللَّه: للَّه در أبي كبير الهذلي حيث يقول:
إلا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك مياد ففيم تنوح
قَالَ: ثم قَالَ: يا أبا محلم هل يحضرك في هذا شيء؟ فقلت: أصلح اللَّه الأمير، كبرت سني وفسدت ذهني، ولعل شيئا أن يحضرني، ثم حضر شيء فقلت: أصلح اللَّه الأمير، قد حضر شيء تسمعه؟ فَقَالَ: هاته فقلت:
أفي كل عام غربة ونزوح ... أما للنوى من ونية فنريح
لقد طلح البين المشت ركائبي ... فهل أرين البين وهو طليح
وذكرني بالري نوح حمامة ... فنحت وذو الشجو الحزين ينوح
على أنها ناحت ولم تذر دمعة ... ونحت وأسراب الدموع سفوح
وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه فيح
عسى جود عبد اللَّه أن يعكس النوى ... فنلقي عصى التطواف وهي طريح
قَالَ: فَقَالَ: يا غلام أنخ، لا واللَّه لا جزت معي حافرًا ولا خفًا حتى ترجع إلى أفراخك، كم الأبيات؟ فقلت: ستة. قَالَ: يا غلام أعطه ستين ألفًا، ومركبًا، وكسوة، وودعته وانصرفت.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر بن روح النهرواني ومُحَمَّد بن الْحُسَيْن الجازري- قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنَا، وقَالَ مُحَمَّد حَدَّثَنَا- المعافى بن زكريّا- حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدّثني أحمد بن أبي طاهر، حدّثني أبو هفان، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: دخل العتابي على عبد اللَّه بن طاهر فأنشده:
حسن ظني وحسن ما عود اللَّه ... سواي بك الغداة أتى بي
أي شيء يكون أحسن من حس ... ن يقين حدا إليك ركابي
فأمر له بجائزة، ثم دخل عليه مرة أخرى فأنشده:
جودك يكفيك في حاجتي ... ورؤيتي تكفيك مني السؤال
فكيف أخشى الفقر ما عشت لي ... وإنما كفاك لي بيت مال
فأجازه أيضًا، ثم دخل عليه اليوم الثالث فأنشده:
أكسني ما يبيد أصلحك الل ... هـ فإني أكسوك ما لا يبيد
فأجازه وكساه وحمله.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جعفر البرذعي والْحَسَن بْن عَلِيّ الْجَوْهَرِيُّ قَالا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّه بْن الشخير الصيرفِي، حدّثنا أحمد بن إسحاق الملحمي، حَدَّثَنِي أبو عمير عبد الكبير بن مُحَمَّد الأنصاريّ- بمصر- حدّثني الحسن بن
الحضرمي بن علي الأزدي قَالَ: سمعت أَحْمَد بن أبي داود يَقُول: خرج دعبل بن علي إلى خراسان فنادم عبد اللَّه بن طاهر فأعجب به، فكان في كل يوم ينادمه فيه يأمر له بعشرة آلاف درهم، وكان ينادمه في الشهر خمسة عشر يومًا، وكان ابن طاهر يصله في كل شهر بمائة وخمسين ألف درهم، فلما كثرت صلاته له توارى عنه دعبل يوم منادمته في بعض الخانات، فطلبه فلم يقدر عليه فشق ذلك عليه، فلما كان من الغد كتب:
هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة ... وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر
ولكنني لما أتيتك زائرًا ... فأفرطت في بري عجزت عن الشكر
فملان لا آتيك إلا معذرًا ... أزورك في الشهرين يومًا وفي الشهر
فإن زدت في بري تزيدت جفوة ... ولم تلقني حتى القيامة والحشر
وقد حدّثني أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ عَنِ الْمَهْدِيِّ عَنِ الْمَنْصُورِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لا يَشْكُرِ النَّاسَ لا يَشْكُرِ اللَّهَ، وَمَنْ لا يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لا يَشْكُرِ الْكَثِيرَ»
فَوَصَلَهُ بثلاثمائة أَلْفِ دِرْهَمٍ وَانْصَرَفَ.
أَخْبَرَنِي الْحَسَن بن أبي بكر، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عمران الجوري- في كتابه- أخبرنا أحمد بن حمدان بن الخضر، حدّثنا أحمد بن يونس الضّبّي، حَدَّثَنِي أبو حسان الزيادي قَالَ: سنة ثلاثين ومائتين فيها مات عبد اللَّه بن طاهر، ويكنى أبا العباس بِمرو، في شهر ربيع الأول لإحدى عشرة ليلة خلت منه، وكان مرضه يوم الاثنين لثمان خلون فمرض ثلاثة أيام من وجع أصابه في حلقه، وتوفي وهو والي خراسان، وجرجان، والري، وطبرستان. ذكر غير أَبِي حسان أنه توفي بنيسابور.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي طالب، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن محمّد بن عمران، أخبرنا محمّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْن حماد عَنِ الْحَسَن بن وهب قَالَ: توفي عبد اللَّه بن طاهر بنيسابور ليلة الجمعة لأيام خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق المعدّل،
أَخْبَرَنَا الحارث بن مُحَمَّد قَالَ: مات عبد اللَّه بن طاهر بن الْحُسَيْن بنيسابور سنة ثلاثين ومائتين وهو والي خراسان، وكان لعبد اللَّه بن طاهر حين توفي ثمان وأربعون سنة، وتسعة وأربعون يوما.
آخر الجزء التاسع
الجزء العاشر
[تتمة باب العين]
تتمة ذكر من اسمه عبد الله]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
حرف العين من آباء العبادلة
عبد الله بْن محرمة بْن عبد العزى، بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي
القرشي، العامري، يكنى أَبَا مُحَمَّد فِي قول الْوَاقِدِيّ. أمه أم نهيك بِنْت صَفْوَان، من بني مَالِك بْن كنانة. آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين فروة بْن عَمْرو بْن ودقة البياضي. كَانَ من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا، وسائر المشاهد.
وقال الْوَاقِدِيّ: هاجر عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة العامري الهجرتين جميعا، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر الهجرة الأولى، وَقَالَ: إنه هاجر الهجرة الثانية مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْن ثلاثين سنة، واستشهد يَوْم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ ابْن إحدى وأربعين سنة. ومن ولده نوفل بْن مساحق بْن عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة. روى عَنْهُ أَنَّهُ دعا الله عز وجل ألا يميته حَتَّى يرى فِي كل مفصل منه ضربة فِي سبيل الله. فضرب يَوْم اليمامة فِي مفاصله.
واستشهد، وَكَانَ فاضلا عابدا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن محمد بن علي، قال، حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله
ابن يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزْنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ صَرِيعًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابن عُمَرَ، هَلْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ؟ قَلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْعَلْ فِي هَذَا الْمِجَنِّ مَاءً لَعَلِّي أُفْطِرُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ الْحَوْضَ وَهُوَ مَمْلُوءٌ مَاءً فَضَرَبْتُهُ بِحَجَفَةٍ مَعِي. ثُمَّ اغْتَرَفْتُ فِيهِ فَأَتَيْتُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ. رَضِيَ اللَّهُ عنه.
القرشي، العامري، يكنى أَبَا مُحَمَّد فِي قول الْوَاقِدِيّ. أمه أم نهيك بِنْت صَفْوَان، من بني مَالِك بْن كنانة. آخى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين فروة بْن عَمْرو بْن ودقة البياضي. كَانَ من المهاجرين الأولين، وشهد بدرا، وسائر المشاهد.
وقال الْوَاقِدِيّ: هاجر عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة العامري الهجرتين جميعا، ولم يذكره ابْن إِسْحَاق فيمن هاجر الهجرة الأولى، وَقَالَ: إنه هاجر الهجرة الثانية مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْن ثلاثين سنة، واستشهد يَوْم اليمامة سنة اثنتي عشرة، وَهُوَ ابْن إحدى وأربعين سنة. ومن ولده نوفل بْن مساحق بْن عَبْد اللَّهِ بْن مخرمة. روى عَنْهُ أَنَّهُ دعا الله عز وجل ألا يميته حَتَّى يرى فِي كل مفصل منه ضربة فِي سبيل الله. فضرب يَوْم اليمامة فِي مفاصله.
واستشهد، وَكَانَ فاضلا عابدا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن محمد بن علي، قال، حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله
ابن يُونُسَ، قَالَ حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُزْنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْرَمَةَ صَرِيعًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابن عُمَرَ، هَلْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ؟ قَلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْعَلْ فِي هَذَا الْمِجَنِّ مَاءً لَعَلِّي أُفْطِرُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُ الْحَوْضَ وَهُوَ مَمْلُوءٌ مَاءً فَضَرَبْتُهُ بِحَجَفَةٍ مَعِي. ثُمَّ اغْتَرَفْتُ فِيهِ فَأَتَيْتُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ. رَضِيَ اللَّهُ عنه.
عبد الله بن نهيك يروي عَن على روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي
عبد الله بن نهيك سمع عليا رضي الله عنه قوله (كَمَثَلِ الشيطان) روى عنه أبو إسحاق الهمداني سمعت أبى يقول ذلك.
عبد الله بن نهيك
عَبْد اللَّه بْن نهيك أحد بني مَالِك بْن حسل، ذكره ابْنُ داب فِي الصحابة، وقَالَ: بعثه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بني معيص، وَإِلى محارب بْن فهر، يدعوهم إِلَى الْإِسْلَام.
عَبْد اللَّه بْن نهيك أحد بني مَالِك بْن حسل، ذكره ابْنُ داب فِي الصحابة، وقَالَ: بعثه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بني معيص، وَإِلى محارب بْن فهر، يدعوهم إِلَى الْإِسْلَام.
عَبْد اللَّه بْن نهيك،
سَمِعَ عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (1) في قَوْله (1) " كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للانسان اكفر " قَالَه مُحَمَّد بْن مقاتل (2) أَخْبَرَنَا النضر عَنْ شُعْبَة عَنْ أَبِي إِسْحَاق: سَمِعَ عَبْد اللَّه.
سَمِعَ عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (1) في قَوْله (1) " كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للانسان اكفر " قَالَه مُحَمَّد بْن مقاتل (2) أَخْبَرَنَا النضر عَنْ شُعْبَة عَنْ أَبِي إِسْحَاق: سَمِعَ عَبْد اللَّه.
عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي مكي وكان قاضيا على عهد ابن الزبير، أبو بكر الأحول ويقال أبو محمد روى عن ابن عباس وابن عمرو ابن الزبير وعائشة روى عنه ابن جريج وعبد الجبار ابن الورد سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد وروى عن المسور ابن مخرمة وذكوان مولى عائشة وعبيد الله ابن أبي نهيك روى عنه أيوب السختياني وعبيد الله بن الأخنس وعثمان بن الأسود وأبو عامر
صالح بن رستم ونافع بن عمر وعمر بن سعيد بن أبي حسين وعبد الله بن المؤمل وابنه عبد الرحمن والليث بن سعد، نا عبد الرحمن قال سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: مكي ثقة.
عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم روى عن أبي غطفان عن أبي رافع، روى عن أبيه عن جده سمعت أبى يقول ذلك.
قال أبو محمد وروى عن المسور ابن مخرمة وذكوان مولى عائشة وعبيد الله ابن أبي نهيك روى عنه أيوب السختياني وعبيد الله بن الأخنس وعثمان بن الأسود وأبو عامر
صالح بن رستم ونافع بن عمر وعمر بن سعيد بن أبي حسين وعبد الله بن المؤمل وابنه عبد الرحمن والليث بن سعد، نا عبد الرحمن قال سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: مكي ثقة.
عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم روى عن أبي غطفان عن أبي رافع، روى عن أبيه عن جده سمعت أبى يقول ذلك.
عبد الله بن أبي معقل بن نهيك بن أساف بن عدي
ابن زيد بن جشم بن حارثة شهد عبد الله أحد.
ويقال: عامر بن ساعدة بن عامر بن عدي بن جش
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد وتوفي في آخر خلافة معاوية.
عبد الله بن الحارث بن هيشة
شهد أحدا وتوفي وليس له عقب.
ابن زيد بن جشم بن حارثة شهد عبد الله أحد.
ويقال: عامر بن ساعدة بن عامر بن عدي بن جش
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد وتوفي في آخر خلافة معاوية.
عبد الله بن الحارث بن هيشة
شهد أحدا وتوفي وليس له عقب.
عبد الله بن وَاقد الْحَرَّانِي أَبُو قَتَادَة مولى بني عمار وَقد قيل مولى بني تَمِيم أَصله من خُرَاسَان يروي عَن بن جريج وَالثَّوْري روى عَنهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَأهل بَلَده مَاتَ سنة سبع أَو عشر وَمِائَتَيْنِ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنَا أَبُو زرْعَة قَالَ سَمِعت يحيى بكير يَقُول قدم أَبُو قَتَادَة الْحَرَّانِي على اللَّيْث بن سعد وَكَانَ عَلَيْهِ جُبَّة صوف وَهُوَ يكْتب فِي كتف وَقد وضع صوفة فِي قشرة جوز يكْتب مِنْهَا فَلَمَّا ذهب إِلَى منزله بعث إِلَيْهِ اللَّيْث سبعين دِينَارا فَردهَا أَبُو قَتَادَة فَلَا أَدْرِي أَيهمَا كَانَ أنبل اللَّيْث بن سعد حِين وَجه إِلَيْهِ أَو أَبُو قَتَادَة حِين ردهَا قَالَ أَبُو حَاتِم كَانَ أَبُو قَتَادَة من عباد أهل الجزيرة وقرائهم مِمَّن غلب عَلَيْهِ الصّلاح حَتَّى غفل عَن الإتقان فَكَانَ يحدث على التَّوَهُّم فيرفع الْمَنَاكِير فِي أخباره والمقلوبات فِيمَا يرْوى عَن الثِّقَات حَتَّى لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ وَإِن اعْتبر بِمَا وَافق الثِّقَات من الْأَحَادِيث مُعْتَبر فَلم أر بذلك بَأْسا من غير أَن يحكم لَهُ أَو عَلَيْهِ فيجرح الْعدْل بروايته أَو يعدل الْمَجْرُوح بموافقته وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كَثِيرًا مَا يُقَبِّلُ نَحْرَ فَاطِمَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ أَكُنْ أَرَاك تَفْعَلهُ قَالَ أَو مَا عَلِمْتِ يَا حُمَيْرَاءُ أَنَّ اللَّهَ جلّ وَعلا لما
أُسْرَي بِي إِلَى السَّمَاءِ أَمَرَ جِبْرِيلَ فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ فَأَوْقَفَنِي عَلَى شَجَرَةٍ مَا رَأَيْتُ أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْهَا وَلا أَطْيَبَ ثَمَرًا فَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ يَفْرُكُ وَيُطْعِمُنِي فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا فِي صُلْبِي نُطْفَةً فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الدُّنْيَا وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ فَكُلَّمَا اشْتَقْتُ إِلَى رَائِحَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ شَمَمْتُ نَحْرَ فَاطِمَة فوجت رَاحَة تِلْكَ الشَّجَرَةِ فِيهَا وَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَلا تَعْتَلُّ كَمَا يَعْتَلُّ أَهْلُ الدُّنْيَا أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ بِخُرَاسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ حَسَّانٍ الْهَاشِمِيُّ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ رَوَى أَبُو قَتَادَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ عَطاء عَن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ صَامَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَتَصَدَّقَ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ أخبرنَا مَكْحُولٌ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أبان يَقُول سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول أَبُو جَعْفَر بن نفَيْل يحدث عَن أبي قَتَادَة فَقلت أَي شَيْء يصنع بِهَذَا فَسمع أَبُو عبد الله فَقَالَ دَعه فَإِن الْقَوْم أعرف بِأَهْل بلدهم وَأَبُو جَعْفَر أهل أَن يقْتَدى قَالَ أَبُو حَاتِم وَقَدْ رَوَى أَبُو قَتَادَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أبي سُفْيَان عَن طَاوس
عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ إِنَّمَا أَتَقَبَّلُ الصَّلاةَ لِمَنْ تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِي وَقَطَعَ نَهَارَهُ بِذِكْرِي وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي وَلَمْ يَتَعَاظَمْ عَلَى خَلْقِي وَلَمْ يَبِتْ مُصِرًّا عَلَى خَطِيئَةٍ يُطْعِمُ الْجَائِعَ وَيُؤْوِي الْغَرِيبَ وَيَرْحَمُ الْمُصَابَ فَذَلِكَ الَّذِي يُضِيءُ نُورُ وَجْهِهِ كَمَا يُضِيءُ نُورُ الشَّمْسِ يَدْعُونِي فَأُلَبِّي وَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِي فَمَثَلُهُ عِنْدِي كَمَثَلِ الْفِرْدَوْسِ فِي الْجِنَانِ لَا يَفْنَى ثَمَرُهَا وَلا تَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهَا أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السُّكَيْنِ بِوَاسِطَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَرَوى عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنِ بن رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ شَيْءٌ فَأَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَلَمْ يَقْضِيهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ صَلَّى تَطَوُّعًا وَعَلَيْهِ مَكْتُوبَةٌ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَرَوَى عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ مَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا أَخْبَرَنَاهُ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمِهْرَجَانِ بَطَرَسُوسَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد
مِسْعَرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ حَدِيثِ مِسْعَرٍ وَقَدْ وَهِمَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَيْثُ قَالَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَقْلَبَهُ جَعَلَ بَدَلَ الْمُغِيرَةِ النُّعْمَانَ وَهُوَ أَيْضًا وَهْمٌ وَقَدْ وَهِمَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَيْثُ قَالَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ لَيْسَ لِقَتَادَةَ وَلَا لأنس فِي الْخَبَر معنى
أُسْرَي بِي إِلَى السَّمَاءِ أَمَرَ جِبْرِيلَ فَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ فَأَوْقَفَنِي عَلَى شَجَرَةٍ مَا رَأَيْتُ أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْهَا وَلا أَطْيَبَ ثَمَرًا فَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ يَفْرُكُ وَيُطْعِمُنِي فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا فِي صُلْبِي نُطْفَةً فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى الدُّنْيَا وَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ فَكُلَّمَا اشْتَقْتُ إِلَى رَائِحَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ شَمَمْتُ نَحْرَ فَاطِمَة فوجت رَاحَة تِلْكَ الشَّجَرَةِ فِيهَا وَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَلا تَعْتَلُّ كَمَا يَعْتَلُّ أَهْلُ الدُّنْيَا أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ بِخُرَاسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ حَسَّانٍ الْهَاشِمِيُّ الْحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ رَوَى أَبُو قَتَادَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ عَطاء عَن بن عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ صَامَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ وَتَصَدَّقَ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ أخبرنَا مَكْحُولٌ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أبان يَقُول سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول أَبُو جَعْفَر بن نفَيْل يحدث عَن أبي قَتَادَة فَقلت أَي شَيْء يصنع بِهَذَا فَسمع أَبُو عبد الله فَقَالَ دَعه فَإِن الْقَوْم أعرف بِأَهْل بلدهم وَأَبُو جَعْفَر أهل أَن يقْتَدى قَالَ أَبُو حَاتِم وَقَدْ رَوَى أَبُو قَتَادَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أبي سُفْيَان عَن طَاوس
عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ إِنَّمَا أَتَقَبَّلُ الصَّلاةَ لِمَنْ تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِي وَقَطَعَ نَهَارَهُ بِذِكْرِي وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي وَلَمْ يَتَعَاظَمْ عَلَى خَلْقِي وَلَمْ يَبِتْ مُصِرًّا عَلَى خَطِيئَةٍ يُطْعِمُ الْجَائِعَ وَيُؤْوِي الْغَرِيبَ وَيَرْحَمُ الْمُصَابَ فَذَلِكَ الَّذِي يُضِيءُ نُورُ وَجْهِهِ كَمَا يُضِيءُ نُورُ الشَّمْسِ يَدْعُونِي فَأُلَبِّي وَيَسْأَلُنِي فَأُعْطِي فَمَثَلُهُ عِنْدِي كَمَثَلِ الْفِرْدَوْسِ فِي الْجِنَانِ لَا يَفْنَى ثَمَرُهَا وَلا تَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهَا أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السُّكَيْنِ بِوَاسِطَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَرَوى عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنِ بن رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ شَيْءٌ فَأَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فَلَمْ يَقْضِيهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ صَلَّى تَطَوُّعًا وَعَلَيْهِ مَكْتُوبَةٌ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ وَرَوَى عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ مَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا أَخْبَرَنَاهُ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمِهْرَجَانِ بَطَرَسُوسَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد
مِسْعَرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ حَدِيثِ مِسْعَرٍ وَقَدْ وَهِمَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَيْثُ قَالَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَلَاقَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَقْلَبَهُ جَعَلَ بَدَلَ الْمُغِيرَةِ النُّعْمَانَ وَهُوَ أَيْضًا وَهْمٌ وَقَدْ وَهِمَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَيْثُ قَالَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ لَيْسَ لِقَتَادَةَ وَلَا لأنس فِي الْخَبَر معنى
عبد الله بن هانئ روى عن القاسم بن محمد روى عنه عبد العزير ابن محمد الدراوردي.
عبد الله بن هانئ
د ع: عَبْد اللَّه بْن هانئ أخو شريح بْن هانئ بْن يَزِيدَ بْن نهيك بْن دريد بْن سُفْيَان بْن الضباب، واسمه سَلَمة بْن رَبِيعة بْن الحارث بْن كعب الحارثي من بني الحارث بْن كعب بْن مذحج.
رَوَى يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ هَانِئِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ "، فَقَالَ: شُرَيْحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُسْلِمٌ، قَالَ: " فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ "، قَالَ: شُرَيْحٌ، قَالَ: " أَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ ".
ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَنْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
د ع: عَبْد اللَّه بْن هانئ أخو شريح بْن هانئ بْن يَزِيدَ بْن نهيك بْن دريد بْن سُفْيَان بْن الضباب، واسمه سَلَمة بْن رَبِيعة بْن الحارث بْن كعب الحارثي من بني الحارث بْن كعب بْن مذحج.
رَوَى يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ هَانِئِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ "، فَقَالَ: شُرَيْحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمُسْلِمٌ، قَالَ: " فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ "، قَالَ: شُرَيْحٌ، قَالَ: " أَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ ".
ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِيمَنْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَنْدَهْ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
عَبْدُ اللهِ بْنُ هَانِئٍ أَخُو شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ: «كَمْ لَكَ مِنَ الْوُلَيْدِ؟» ، قُلْتُ: شُرَيْحٌ، وَعَبْدُ اللهِ، وَمُسْلِمٌ، قَالَ: «مَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» ، قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: «أَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلَدِهِ
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ: أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ: «كَمْ لَكَ مِنَ الْوُلَيْدِ؟» ، قُلْتُ: شُرَيْحٌ، وَعَبْدُ اللهِ، وَمُسْلِمٌ، قَالَ: «مَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» ، قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: «أَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَلَدِهِ
عَبد الله بن هارون البجلي الكوفي.
روى عنه حاتم بن إسماعيل وصفوان بن عيسى.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَبُو الطَّاهِرِ الإِخْمِيمِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْريّ، حَدَّثَنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْبَجَلِيُّ الصُّوفيّ عَنْ لَيْث بْنِ أبِي سُلَيم عن طاووس، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: عَلِّمُوا، ولاَ تُعَسِّرُوا وَاعْلَمُوا، ولاَ تُعَسِّرُوا، وَإذا غَضِبْتُمْ فَاسْكُتُوا، وَإذا غَضِبْتُمْ فَاسْكُتُوا، وَإذا غَضِبْتُمْ فاسكتوا.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ، أَخْبَرنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبد اللَّهِ بْنُ هَارُونَ عَن أَبَان بْن أَبِي عياش عَنْ عَطَاءٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ وَعَلَيْهِ نَعْلاهُ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ من مائها.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْحَاسِبُ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورَقِيُّ، حَدَّثَنا صفوان بن عيسى، قَال: حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ هَارُونَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِي نَهِيكٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ وَيَضَعَهُمَا إِلَى جَنْبِهِ.
ولم أر لعبد الله بن هارون هذا غير هذه الأحاديث التي ذكرتها ولعل له غيرها وفي هذه الأحاديث التي ذكرتها بعض الإنكار وقد شرطت في كتابي هذا أني أذكر كل من في رواياته اضطراب وفي متونه مناكير واذكره وأبين أمره ولم أر للمتقدمين في عَبد الله كلاما فأذكره
روى عنه حاتم بن إسماعيل وصفوان بن عيسى.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَبُو الطَّاهِرِ الإِخْمِيمِيُّ، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْريّ، حَدَّثَنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثني عَبد اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْبَجَلِيُّ الصُّوفيّ عَنْ لَيْث بْنِ أبِي سُلَيم عن طاووس، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَن رسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسَلَّم قَال: عَلِّمُوا، ولاَ تُعَسِّرُوا وَاعْلَمُوا، ولاَ تُعَسِّرُوا، وَإذا غَضِبْتُمْ فَاسْكُتُوا، وَإذا غَضِبْتُمْ فَاسْكُتُوا، وَإذا غَضِبْتُمْ فاسكتوا.
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبد اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنا أَبُو مُصْعَبٍ، أَخْبَرنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبد اللَّهِ بْنُ هَارُونَ عَن أَبَان بْن أَبِي عياش عَنْ عَطَاءٍ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ وَعَلَيْهِ نَعْلاهُ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَشَرِبَ من مائها.
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْحَاسِبُ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورَقِيُّ، حَدَّثَنا صفوان بن عيسى، قَال: حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ هَارُونَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَن أَبِي نَهِيكٍ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ وَيَضَعَهُمَا إِلَى جَنْبِهِ.
ولم أر لعبد الله بن هارون هذا غير هذه الأحاديث التي ذكرتها ولعل له غيرها وفي هذه الأحاديث التي ذكرتها بعض الإنكار وقد شرطت في كتابي هذا أني أذكر كل من في رواياته اضطراب وفي متونه مناكير واذكره وأبين أمره ولم أر للمتقدمين في عَبد الله كلاما فأذكره
عبد الرحمن بن مسلمة: "شامي"، تابعي، ثقة.
عبد الرحمن بن مسلمة: الأسدي أخو شقيق، وكان من أصحاب عبد الله: ثقة.
عبد الرَّحْمَن بن مسلمة عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ هُوَ صَالح الحَدِيث وانكر على البُخَارِيّ إِدْخَاله فِي الضُّعَفَاء
عبد الرحمن بن مسلمة روى عن أبي عبيدة بن الجراح روى عنه الوليد بن أبي مالك سمعت أبي يقول ذلك.
نا عبد الرحمن قال سألت أبي عنه فقال: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء وقال: يحول من هناك.
نا عبد الرحمن قال سألت أبي عنه فقال: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء وقال: يحول من هناك.
عبد الرحمن بن مسلمة
قال الحافظ: أظنه ابن حبيب بن مسلمة الفهري روى
أن رجلاً أجار رجلاً - زاد في رواية: من المشركين - وهو مع أبي عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد. قال عمر وخالد: لا نجير من أجاره. فقال أبو عبيدة: بلى، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يجير على المسلمين بعضهم " - وفي رواية: " أحدهم ".
قال ابن أبي حاتم: عبد الرحمن بن مسلمة، سألت أبي عنه، فقال: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء
عبد الرحمن بن مسلم
ويقال: ابن عثمان بن يسار، أبو مسلم الخراساني صاحب دعوة بني العباس قدم هو وأبو سلمة حفص بن سليمان المعروف بالخلال على إبراهيم بن محمد الإمام، فأمرهما بالمصير إلى خراسان، وبالحميمة كان إبراهيم الإمام حينئذ
روى مصعب بن بشر، عن أبيه قال: قام رجل إلى أبي مسلم، وهو يخطب، فقال له: ما هذا السواد الذي أرى عليك؟ قال: حدثني أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء، وهذه ثياب الهيبة، وثياب الدولة. يا غلام، اضرب عنقه.
وروى أبو مسلم عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يرد هوان قريشٍ أهانه الله " - وفي رواية: " من أراد " قيل إن مولد أبي مسلم بأصبهان، برستاق فريذين، وهو الذي أقام دولة بني العباس، وقيل له: كيف أنت إذا حوسبت على إنفاقك المال في غير حقه؟ فقال: لولا ذنوبي في إقامة دولة بين العباس لطمعت في خفة المحاسبة على تبذير المال.
وكان فاتكاً شجاعاً، ذا رأي وعقل وتدبير وحزم.
قال الخطيب: كان اسم أبي مسلم صاحب الدعوة: إبراهيم بن عثمان بن يسار بن شيدوس بن جوردن، من ولد بزر جمهر، وكان يكنى أبا إسحاق، وولد بأصبهان، ونشأ بالكوفة. وكان أبوه أوصى إلى عيسى بن موسى السراج، فحمله إلى الكوفة، وهو ابن سبع سنين، فقال له إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس لما عزم على توجيهه إلى خراسان: غير اسمك: فإنه لايتم لنا الأمر إلا بتغييرك اسمك على ما وجدته في الكتب، فقال: قد سميت نفسي عبد الرحمن بن مسلم. وتكنى أبا مسلم. ومضى لشأنه وله
ذؤابة، فمضى على حمار بإكاف، وقال له: خذ نفقة من مالي، لا أريد أن تمضي بنفقةٍ من مالك، ولامن مال عيسى السراج.
فمضى على ما أمره. ومات عيسى ولا يعلم أن أبا مسلم هو أبو مسلم إبراهيم بن عثمان. وتوجه أبو مسلم لشأنه وهو ابن تسع عشرة سنة "، وزوجه إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بنت عمران بن إسماعيل الطائي، المعروف بأبي النجم على أربعمائة، وهي بخراسان مع أبيها، وزوجه وقت خروجه إلى خراسان، وبنى بها بخراسان.
وروى المعافى بن زكريا الجريري بسنده عن رجل من آل خراسان قال: كنت أطلب العلم، فلا آتي موضعاً إلا وجدت أبا مسلم قد سبقني إليه، فألفني، فدعاني إلى منزله، ودعا بما حضر، فأكلت، ثم قال: كيف لعبك بالشطرنج؟ وذكر أنه كان يلاعبه ويلهو بهذين البيتين: من الطويل
ذروني ذروني ما قررت فإنني ... متى ما أهج حرباً تضيق بكم أرضي
وأبعث في سود الحديد إليكم ... كتائب سوداً طالما انتظرت نهضي
قال رؤبة: كان أبو مسلم عالماً بالشعر.
وذكر الخطيب من طريقه عن محمد بن زكويه قال: روي لنا أن أبا مسلم صاحب الدولة قال: ارتديت الصبر، وآثرت الكتمان، وحالفت الأحزان والأشجان، وسامحت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية همتي، وأدركت نهاية بغيتي. ثم أنشأ يقول: من البسيط
قد نلت بالحزم والكتمان ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا
مازلت أضربهم بالسيف فانتبهوا ... من رقدةٍ لم ينمها قبلهم أحد
طفقت أسعى عليهم في ديارهم ... والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا
ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ ... ونام عنها تولى رعيها الأسد
دعا أبو مسلم الناس إلى البيعة، فدعا إبراهيم الصائغ، فقال له: بايع طوعاً غير كاره، فقال الصائغ: لا بل كرهاً غير طائعٍ، قال: فكيف بايعت لنصر بن سيار؟ قال: إني لم أسأل عن ذلك، ولو سئلت لقلت.
وكتب الصائغ إلى أبي مسلم كتاباً يأمره وينهاه، وكان أبو مسلم وعده القيام بالحق، والذب عن الحرم أيام دولة بني أمية، فقال أبو مسلم: يا إبراهيم، أين كنت عن نصر بن سيار وهو يتخذ زقاق الذهب للخمر، فيبعث بها إلى الوليد بن يزيد؟ فقال إبراهيم: إني كنت معهم أخشى، وأنت وعدتني أن تعمل بالحق، وأن تقيمه. فكف عنه أبو مسلم. وكان إبراهيم يظهر مخالفته إياه، ومع ذلك لا يدع ما يمكنه.
قال محمد بن سلام الجمحي: دخل أبو مسلم على أبي العباس، فسلم عليه، وعنده أبو جعفر، فقال له: يا أبا مسلم، هذا أبو جعفر، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك.
ومن طريق المعافى: كتب أبو مسلم إلى المنصور حين استوحش منه: أما بعد، فقد كنت اتخذت أخاك إماماً، وجعلته على الدين دليلاً لقرابته، والوصية التي زعم أنها صارت إليه، فأوطأني عشوة الضلالة، وأوهقني في ربعة الفتنة، وأمرني أن آخذ بالظنة، وأقتل على التهمة، ولا أقبل المعذرة؛ فهتكت بأمره
حرمات حكم الله وصيانتها - وفي رواية: حتم الله صونها - وسفكت دماء فرض الله حقنها، وزويت الأمر عن أهله، ووضعته منه في غير محله. فإن يعف الله عني فبفضل منه، وإن يعاقب فيما كسبت يداي، وما الله بظلام للعبيد.
ثم أنساه الله هذا حتى جاءه حتف أنفه فقتله.
ومن كتب أبي جعفر إلى أبي مسلم: أما بعد، فإنه يرين على القلوب، وتطبع عليها المعاصي، فقع أيها الطائر، وأفق أيها السكران، وانتبه أيها الحالم، فإنك مغرور بأضغاث أحلام كاذبة، وفي برزخ دنيا قد غرت قبلك، وسحر بها سوالف القرون، فهل " تحس منهم من أحد، أو تسمع لهم ركزاً. وإن الله تعالى لا يعجزه من هرب، ولا يفوته من طلب. ولا تغتر بمن معك من شيعتي، وأهل دعوتي، فكأنهم قد صاولوك إن أنت خلعت الطاعة، وفارقت الجماعة، فبدا لك عند ذلك من الله ما لم تكن تحتسب. فمهلاً مهلاً، أحذر البغي أبا مسلم؛ فإنه من بغى واعتدى تخلى الله عنه، ونصر عليه من يصرعه باليدين والفم. أحذر أن تكون سنة في الذين خلوا من قبل، فقد قامت الحجة، أعذرت إليك، وإلى أهل طاعتي فيك؛ قال الله تعالى: " واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان، فكان من الغاوين "
فأجابه أبو مسلم: أما بعد، فقد قرأت كتابك، فرأيتك فيه للصواب مجانباً، وعن الحق حائداً، إذ تضرب فيه الأمثال على غير أشكالها، وتضرب لي فيه آيات منزلة " من الله في الكافرين، وما يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وإني والله ما انسلخت من آيات الله، ولكن يا عبد الله بن محمد كنت رجلاً متأولاً فيكم من القرآن آياتٍ أوجبت لكم بها الولاية والطاعة، فأتممت بأخوين لك من قبلك، ثم بك من بعدهما؛ فكنت لهم شيعة " متديناً، أحسبني هادياً، وأخطأت في التأويل، وقديماً لعمري ما أخطأ المتأولون المريدون بذلك وجه الله تعالى، المبتغون إقامة حكم الله سبحانه. وفيما أنزل الله سبحانه من القرآن: " إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل: سلام عليكم "، إلى قوله: " فإنه غفور رحيم " ومن رسالة أخرى كتبها إليه أبو جعفر: أيها الفاسق، إني وليت موسى بن كعب خراسان، وأمرته بالمقام بنيسابور، فإن أردت خراسان لقيك دونها بمن معه من قوادي وشيعتي. وأنا موجه للقائك أقرانك، فاجمع كيدك وأمرك غير مسددٍ، ولا موفق، وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل.
وسفرت بين أبي مسلم وأبي جعفر السفراء، وأخذوا له الأمان، فأقبل حتى دخل على أبي جعفر، وهو يومئذ بالرومية من المدائن، فأمر الناس، فتلقوه، وأذن له، فدخل على دابته، ورحب به، وعانقه، وقال: كدت تخرج قبل أن أفضي إليك بما أريد، قال: أتيت يا أمير المؤمنين، فمر بأمرك، قال: انصرف إلى منزلك، وضع ثيابك، وادخل الحمام، واسترح عنك كلال السفر.
وجعل أبو جعفر ينتظر به الفرص، ويريه من الإكرام ما لم يره قبل ذلك حتى إذا مضت أيام أقبل على التجني عليه. فأتى أبو مسلم عيسى بن موسى، فقال: اركب معي إلى أمير المؤمنين، فإني قد أردت عتابه، قال عيسى: تقدم حتى آتيك، قال أبو مسلم:
إني أخافه، قال: أنت في ذمتي، وأقبل أبو مسلم، فقيل له: ادخل، فلما صار إلى الرواق الداخل قيل له: أمير المؤمنين يتوضأ، فلو جلست. وأبطأ عيسى بن موسى عليه.
وقد هيأ له أبو جعفر عثمان بن نهيك في عدة فيهم: شعيب بن رزاح. وتقدم أبو جعفر إلى عثمان فقال: إذا عاتبته فعلا له صوتي، فأخرجوا، وعثمان وأصحابه في سترة من أبي مسلم.
قال الحافظ: الصواب: شبيب بن واج قال أبو العباس المنصوري: لما قتل أمير المؤمنين المنصور أبا مسلم قال: رحمك الله أبا مسلم، بايعتنا وبايعناك، وعاهدتنا، وعاهدناك، ووفيت لنا، ووفينا لك؛ وإنا بايعناك على أنه لا يخرج علينا أحد في هذه الأيام إلا قتلناه، فخرجت علينا، فقتلناك.
قال: ولما أراد المنصور قتله دس له رجالاً من القواد منهم: شبيب بن واج، وتقدم إليهم فقال: إذا سمعتم تصفيقي فاخرجوا إليه، فاضربوه، فلما حضر وحاوره طويلاً حتى قال له في بعض قوله: وقتلت وجوه شيعتنا: فلاناً وفلاناً، وقتلت سليمان بن كثير وهو من رؤساء أنصار دولتنا، وقتلت لاهزاً، قال: إنهم عصوني، فقتلتهم. وقد كان قبل ذلك قال المنصور له: ما فعل سفيان بلغني أنك أخذتهما من عبد الله بن علي؟ فقال: هذا أحدهما يا أمير المؤمنين - يعني السيف الذي هو متقلده - قال: أرينه، قال: فدفعه إليه، فوضعه المنصور تحت مصلاه، وسكنت نفسه. فلما قال ما قال، قال المنصور: ياللعجب! أتقتلهم حين عصوك، وتعصيني أنت فلا أقتلك؟! ثم صفق، فخرج القوم، وبدرهم إليه شبيب فضربه فلم يزد على أن قطع حمائل سيفه، فقال له المنصور: اضربه، قطع الله يدك، فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين، استبقني
لعدوك، قال: وأي عدو أعدى لي منك؟!! اضربوه! فضربوه بأسيافهم حتى قطعوه إرباً إرباً، فقال المنصور: الحمد لله الذي أراني يومك يا عدو الله.
واستؤذن لعيسى بن موسى، فلما دخل، ورأى أبا مسلم على تلك الحال استرجع، فقال له المنصور: احمد الله، فإنك إنما هجمت على نعمةٍ، ولم تهجم على مصيبة.
وروى يعقوب بن جعفر بعد قتل أبي مسلم فقال: أيها الناس، لا تنفروا أطراف النعمة بقلة الشكر فتحل بكم النقمة، ولا تسروا غش الأئمة، فإن أحداً لا يسر منكراً إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه، وطوالع نظره، وإنا لن نجهل حقوقكم ما عرفتم حقنا، ولا ننسى الإحسان إليكم ما ذكرتم فضلنا. ومن نازعنا هذا القميص أوطأنا أم رأسه خبيىء هذا الغمد. وإن أبا مسلم بايع لنا على أنه من نكث بيعتنا، وأضمر غشاً لنا فقد أباحنا دمه، ونكث، وغدر، وفجر وكفر، فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره لنا.
قيل لعبد الله بن المبارك: أبو مسلم كان خيراً أو الحجاج؟ قال: لا أزعم أن أبا مسلم كان خيراً من أحدٍ، ولكن الحجاج شر منه.
ظهر أبو مسلم لخمسٍ بقين من شهر رمضان سنة تسعٍ وعشرين ومائة، ثم سار إلى أمير المؤمنين أبي العباس سنة ست وثلاثين ومائة، وقتل في سنة سبع وثلاثين ومائة، وبقي أبو مسلم فيما كان فيه ثمانية وسبعين شهراً غير ثلاثة عشر يوماً. وقتل لخمس ليال بقين من شعبان - ويقال: لليلتين بقيتا منه - وفي رواية: لسبع ليالٍ خلون من شعبان - وفي رواية: سنة أربعين ومائة - وفي المدائن كان مقتله.
قال الحافظ: أظنه ابن حبيب بن مسلمة الفهري روى
أن رجلاً أجار رجلاً - زاد في رواية: من المشركين - وهو مع أبي عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، وخالد بن الوليد. قال عمر وخالد: لا نجير من أجاره. فقال أبو عبيدة: بلى، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يجير على المسلمين بعضهم " - وفي رواية: " أحدهم ".
قال ابن أبي حاتم: عبد الرحمن بن مسلمة، سألت أبي عنه، فقال: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء
عبد الرحمن بن مسلم
ويقال: ابن عثمان بن يسار، أبو مسلم الخراساني صاحب دعوة بني العباس قدم هو وأبو سلمة حفص بن سليمان المعروف بالخلال على إبراهيم بن محمد الإمام، فأمرهما بالمصير إلى خراسان، وبالحميمة كان إبراهيم الإمام حينئذ
روى مصعب بن بشر، عن أبيه قال: قام رجل إلى أبي مسلم، وهو يخطب، فقال له: ما هذا السواد الذي أرى عليك؟ قال: حدثني أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء، وهذه ثياب الهيبة، وثياب الدولة. يا غلام، اضرب عنقه.
وروى أبو مسلم عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يرد هوان قريشٍ أهانه الله " - وفي رواية: " من أراد " قيل إن مولد أبي مسلم بأصبهان، برستاق فريذين، وهو الذي أقام دولة بني العباس، وقيل له: كيف أنت إذا حوسبت على إنفاقك المال في غير حقه؟ فقال: لولا ذنوبي في إقامة دولة بين العباس لطمعت في خفة المحاسبة على تبذير المال.
وكان فاتكاً شجاعاً، ذا رأي وعقل وتدبير وحزم.
قال الخطيب: كان اسم أبي مسلم صاحب الدعوة: إبراهيم بن عثمان بن يسار بن شيدوس بن جوردن، من ولد بزر جمهر، وكان يكنى أبا إسحاق، وولد بأصبهان، ونشأ بالكوفة. وكان أبوه أوصى إلى عيسى بن موسى السراج، فحمله إلى الكوفة، وهو ابن سبع سنين، فقال له إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس لما عزم على توجيهه إلى خراسان: غير اسمك: فإنه لايتم لنا الأمر إلا بتغييرك اسمك على ما وجدته في الكتب، فقال: قد سميت نفسي عبد الرحمن بن مسلم. وتكنى أبا مسلم. ومضى لشأنه وله
ذؤابة، فمضى على حمار بإكاف، وقال له: خذ نفقة من مالي، لا أريد أن تمضي بنفقةٍ من مالك، ولامن مال عيسى السراج.
فمضى على ما أمره. ومات عيسى ولا يعلم أن أبا مسلم هو أبو مسلم إبراهيم بن عثمان. وتوجه أبو مسلم لشأنه وهو ابن تسع عشرة سنة "، وزوجه إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بنت عمران بن إسماعيل الطائي، المعروف بأبي النجم على أربعمائة، وهي بخراسان مع أبيها، وزوجه وقت خروجه إلى خراسان، وبنى بها بخراسان.
وروى المعافى بن زكريا الجريري بسنده عن رجل من آل خراسان قال: كنت أطلب العلم، فلا آتي موضعاً إلا وجدت أبا مسلم قد سبقني إليه، فألفني، فدعاني إلى منزله، ودعا بما حضر، فأكلت، ثم قال: كيف لعبك بالشطرنج؟ وذكر أنه كان يلاعبه ويلهو بهذين البيتين: من الطويل
ذروني ذروني ما قررت فإنني ... متى ما أهج حرباً تضيق بكم أرضي
وأبعث في سود الحديد إليكم ... كتائب سوداً طالما انتظرت نهضي
قال رؤبة: كان أبو مسلم عالماً بالشعر.
وذكر الخطيب من طريقه عن محمد بن زكويه قال: روي لنا أن أبا مسلم صاحب الدولة قال: ارتديت الصبر، وآثرت الكتمان، وحالفت الأحزان والأشجان، وسامحت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية همتي، وأدركت نهاية بغيتي. ثم أنشأ يقول: من البسيط
قد نلت بالحزم والكتمان ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا
مازلت أضربهم بالسيف فانتبهوا ... من رقدةٍ لم ينمها قبلهم أحد
طفقت أسعى عليهم في ديارهم ... والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا
ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ ... ونام عنها تولى رعيها الأسد
دعا أبو مسلم الناس إلى البيعة، فدعا إبراهيم الصائغ، فقال له: بايع طوعاً غير كاره، فقال الصائغ: لا بل كرهاً غير طائعٍ، قال: فكيف بايعت لنصر بن سيار؟ قال: إني لم أسأل عن ذلك، ولو سئلت لقلت.
وكتب الصائغ إلى أبي مسلم كتاباً يأمره وينهاه، وكان أبو مسلم وعده القيام بالحق، والذب عن الحرم أيام دولة بني أمية، فقال أبو مسلم: يا إبراهيم، أين كنت عن نصر بن سيار وهو يتخذ زقاق الذهب للخمر، فيبعث بها إلى الوليد بن يزيد؟ فقال إبراهيم: إني كنت معهم أخشى، وأنت وعدتني أن تعمل بالحق، وأن تقيمه. فكف عنه أبو مسلم. وكان إبراهيم يظهر مخالفته إياه، ومع ذلك لا يدع ما يمكنه.
قال محمد بن سلام الجمحي: دخل أبو مسلم على أبي العباس، فسلم عليه، وعنده أبو جعفر، فقال له: يا أبا مسلم، هذا أبو جعفر، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك.
ومن طريق المعافى: كتب أبو مسلم إلى المنصور حين استوحش منه: أما بعد، فقد كنت اتخذت أخاك إماماً، وجعلته على الدين دليلاً لقرابته، والوصية التي زعم أنها صارت إليه، فأوطأني عشوة الضلالة، وأوهقني في ربعة الفتنة، وأمرني أن آخذ بالظنة، وأقتل على التهمة، ولا أقبل المعذرة؛ فهتكت بأمره
حرمات حكم الله وصيانتها - وفي رواية: حتم الله صونها - وسفكت دماء فرض الله حقنها، وزويت الأمر عن أهله، ووضعته منه في غير محله. فإن يعف الله عني فبفضل منه، وإن يعاقب فيما كسبت يداي، وما الله بظلام للعبيد.
ثم أنساه الله هذا حتى جاءه حتف أنفه فقتله.
ومن كتب أبي جعفر إلى أبي مسلم: أما بعد، فإنه يرين على القلوب، وتطبع عليها المعاصي، فقع أيها الطائر، وأفق أيها السكران، وانتبه أيها الحالم، فإنك مغرور بأضغاث أحلام كاذبة، وفي برزخ دنيا قد غرت قبلك، وسحر بها سوالف القرون، فهل " تحس منهم من أحد، أو تسمع لهم ركزاً. وإن الله تعالى لا يعجزه من هرب، ولا يفوته من طلب. ولا تغتر بمن معك من شيعتي، وأهل دعوتي، فكأنهم قد صاولوك إن أنت خلعت الطاعة، وفارقت الجماعة، فبدا لك عند ذلك من الله ما لم تكن تحتسب. فمهلاً مهلاً، أحذر البغي أبا مسلم؛ فإنه من بغى واعتدى تخلى الله عنه، ونصر عليه من يصرعه باليدين والفم. أحذر أن تكون سنة في الذين خلوا من قبل، فقد قامت الحجة، أعذرت إليك، وإلى أهل طاعتي فيك؛ قال الله تعالى: " واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان، فكان من الغاوين "
فأجابه أبو مسلم: أما بعد، فقد قرأت كتابك، فرأيتك فيه للصواب مجانباً، وعن الحق حائداً، إذ تضرب فيه الأمثال على غير أشكالها، وتضرب لي فيه آيات منزلة " من الله في الكافرين، وما يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وإني والله ما انسلخت من آيات الله، ولكن يا عبد الله بن محمد كنت رجلاً متأولاً فيكم من القرآن آياتٍ أوجبت لكم بها الولاية والطاعة، فأتممت بأخوين لك من قبلك، ثم بك من بعدهما؛ فكنت لهم شيعة " متديناً، أحسبني هادياً، وأخطأت في التأويل، وقديماً لعمري ما أخطأ المتأولون المريدون بذلك وجه الله تعالى، المبتغون إقامة حكم الله سبحانه. وفيما أنزل الله سبحانه من القرآن: " إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل: سلام عليكم "، إلى قوله: " فإنه غفور رحيم " ومن رسالة أخرى كتبها إليه أبو جعفر: أيها الفاسق، إني وليت موسى بن كعب خراسان، وأمرته بالمقام بنيسابور، فإن أردت خراسان لقيك دونها بمن معه من قوادي وشيعتي. وأنا موجه للقائك أقرانك، فاجمع كيدك وأمرك غير مسددٍ، ولا موفق، وحسب أمير المؤمنين الله ونعم الوكيل.
وسفرت بين أبي مسلم وأبي جعفر السفراء، وأخذوا له الأمان، فأقبل حتى دخل على أبي جعفر، وهو يومئذ بالرومية من المدائن، فأمر الناس، فتلقوه، وأذن له، فدخل على دابته، ورحب به، وعانقه، وقال: كدت تخرج قبل أن أفضي إليك بما أريد، قال: أتيت يا أمير المؤمنين، فمر بأمرك، قال: انصرف إلى منزلك، وضع ثيابك، وادخل الحمام، واسترح عنك كلال السفر.
وجعل أبو جعفر ينتظر به الفرص، ويريه من الإكرام ما لم يره قبل ذلك حتى إذا مضت أيام أقبل على التجني عليه. فأتى أبو مسلم عيسى بن موسى، فقال: اركب معي إلى أمير المؤمنين، فإني قد أردت عتابه، قال عيسى: تقدم حتى آتيك، قال أبو مسلم:
إني أخافه، قال: أنت في ذمتي، وأقبل أبو مسلم، فقيل له: ادخل، فلما صار إلى الرواق الداخل قيل له: أمير المؤمنين يتوضأ، فلو جلست. وأبطأ عيسى بن موسى عليه.
وقد هيأ له أبو جعفر عثمان بن نهيك في عدة فيهم: شعيب بن رزاح. وتقدم أبو جعفر إلى عثمان فقال: إذا عاتبته فعلا له صوتي، فأخرجوا، وعثمان وأصحابه في سترة من أبي مسلم.
قال الحافظ: الصواب: شبيب بن واج قال أبو العباس المنصوري: لما قتل أمير المؤمنين المنصور أبا مسلم قال: رحمك الله أبا مسلم، بايعتنا وبايعناك، وعاهدتنا، وعاهدناك، ووفيت لنا، ووفينا لك؛ وإنا بايعناك على أنه لا يخرج علينا أحد في هذه الأيام إلا قتلناه، فخرجت علينا، فقتلناك.
قال: ولما أراد المنصور قتله دس له رجالاً من القواد منهم: شبيب بن واج، وتقدم إليهم فقال: إذا سمعتم تصفيقي فاخرجوا إليه، فاضربوه، فلما حضر وحاوره طويلاً حتى قال له في بعض قوله: وقتلت وجوه شيعتنا: فلاناً وفلاناً، وقتلت سليمان بن كثير وهو من رؤساء أنصار دولتنا، وقتلت لاهزاً، قال: إنهم عصوني، فقتلتهم. وقد كان قبل ذلك قال المنصور له: ما فعل سفيان بلغني أنك أخذتهما من عبد الله بن علي؟ فقال: هذا أحدهما يا أمير المؤمنين - يعني السيف الذي هو متقلده - قال: أرينه، قال: فدفعه إليه، فوضعه المنصور تحت مصلاه، وسكنت نفسه. فلما قال ما قال، قال المنصور: ياللعجب! أتقتلهم حين عصوك، وتعصيني أنت فلا أقتلك؟! ثم صفق، فخرج القوم، وبدرهم إليه شبيب فضربه فلم يزد على أن قطع حمائل سيفه، فقال له المنصور: اضربه، قطع الله يدك، فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين، استبقني
لعدوك، قال: وأي عدو أعدى لي منك؟!! اضربوه! فضربوه بأسيافهم حتى قطعوه إرباً إرباً، فقال المنصور: الحمد لله الذي أراني يومك يا عدو الله.
واستؤذن لعيسى بن موسى، فلما دخل، ورأى أبا مسلم على تلك الحال استرجع، فقال له المنصور: احمد الله، فإنك إنما هجمت على نعمةٍ، ولم تهجم على مصيبة.
وروى يعقوب بن جعفر بعد قتل أبي مسلم فقال: أيها الناس، لا تنفروا أطراف النعمة بقلة الشكر فتحل بكم النقمة، ولا تسروا غش الأئمة، فإن أحداً لا يسر منكراً إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه، وطوالع نظره، وإنا لن نجهل حقوقكم ما عرفتم حقنا، ولا ننسى الإحسان إليكم ما ذكرتم فضلنا. ومن نازعنا هذا القميص أوطأنا أم رأسه خبيىء هذا الغمد. وإن أبا مسلم بايع لنا على أنه من نكث بيعتنا، وأضمر غشاً لنا فقد أباحنا دمه، ونكث، وغدر، وفجر وكفر، فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره لنا.
قيل لعبد الله بن المبارك: أبو مسلم كان خيراً أو الحجاج؟ قال: لا أزعم أن أبا مسلم كان خيراً من أحدٍ، ولكن الحجاج شر منه.
ظهر أبو مسلم لخمسٍ بقين من شهر رمضان سنة تسعٍ وعشرين ومائة، ثم سار إلى أمير المؤمنين أبي العباس سنة ست وثلاثين ومائة، وقتل في سنة سبع وثلاثين ومائة، وبقي أبو مسلم فيما كان فيه ثمانية وسبعين شهراً غير ثلاثة عشر يوماً. وقتل لخمس ليال بقين من شعبان - ويقال: لليلتين بقيتا منه - وفي رواية: لسبع ليالٍ خلون من شعبان - وفي رواية: سنة أربعين ومائة - وفي المدائن كان مقتله.
عبد الرحمن بن يزيد
- عبد الرحمن بن يزيد. بن جابر الأزدي. وكان أكبر من أخيه يزيد بن يزيد بن جابر. ومات عبد الرحمن سنة أربع وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر وهو ابن بضع وثمانين سنة. وكان ثقة.
- عبد الرحمن بن يزيد. بن جابر الأزدي. وكان أكبر من أخيه يزيد بن يزيد بن جابر. ومات عبد الرحمن سنة أربع وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر وهو ابن بضع وثمانين سنة. وكان ثقة.
- عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة.
عبد الرحمن بن يزيد من أبناء الفرس من أهل اليمن كنيته أبو محمد ممن صحب بن عمر
- وعبد الرحمن بن يزيد بن مالك بن عبد الله بن ذؤيب بن سلمة بن عمرو بن ذهل بن مراد بن جعفي. هو أبو خيثمة بن عبد الرحمن.
عبد الرحمن بن يزيد بن جارية
- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية. أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح من الأوس. مات سنة ثمان وتسعين.
- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية. أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح من الأوس. مات سنة ثمان وتسعين.
- عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة بن عامر بن مجمع بن العطاف بن ضبيعة بن زيد بن مالك. مات سنة ثمان وتسعين, أمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عبد الرحمن بن يزيد أخو الأسود بن يزيد سمع عثمان بن عفان وابن مسعود سمعت أبي يقول ذلك.
نا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: عبد الرحمن بن يزيد ثقة.
نا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: عبد الرحمن بن يزيد ثقة.
عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد أخو الاسود النخعي، سمع عثمان رضى الله عَنْهُ، قَالَ ابْن صباح عَنْ شريك عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مهاجر عَنْ
عَبْد الرَّحْمَن: خرجت مع ابن مسعود رضى الله عَنْهُ إلى مكة فإذا غابت الشمس قَالَ لى: يا بابكر! الأذان، وقَالَ عَبَّاس عَنْ عَبْد الأعلى عَنِ ابْن إِسْحَاق أن (2) عَبْد الرَّحْمَن بْن الأسود حدثنى: انه حج وعلقمة وعبد الرحمن ابن يزيد ونهيك فلزمت أنا وعلقمة عُمَر رَضِيَ الله عَنْهُ ولزم نهيك وعبد الرَّحْمَن عَبْد اللَّه رضى الله عَنْهُ، هو كوفي.
عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد من ابناء فارس اليماني أبو محمد،
سَمِعَ ابْن عُمَر (1) ، كناه عَبْد الرزاق عَنْ أَبِيه.
عَبْد الرَّحْمَن: خرجت مع ابن مسعود رضى الله عَنْهُ إلى مكة فإذا غابت الشمس قَالَ لى: يا بابكر! الأذان، وقَالَ عَبَّاس عَنْ عَبْد الأعلى عَنِ ابْن إِسْحَاق أن (2) عَبْد الرَّحْمَن بْن الأسود حدثنى: انه حج وعلقمة وعبد الرحمن ابن يزيد ونهيك فلزمت أنا وعلقمة عُمَر رَضِيَ الله عَنْهُ ولزم نهيك وعبد الرَّحْمَن عَبْد اللَّه رضى الله عَنْهُ، هو كوفي.
عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد من ابناء فارس اليماني أبو محمد،
سَمِعَ ابْن عُمَر (1) ، كناه عَبْد الرزاق عَنْ أَبِيه.
عبد الرحمن بن يزيد
- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بن عمرو من الأوس. وأمه جميلة بِنْت ثابت بْن أبي الأقلح بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد من بني عَمْرو بْن عوف. وأخوه لأمه عاصم بن عمر بن الخطاب. فولد عبد الرحمن بن يزيد عيسى قتل يوم الحرة وإسحاق وجميلة وأم عَبْد اللَّه وأم أيّوب وأم عاصم وأمهم حسنة بِنْت بُكَيْر بْن جارية بْن عامر بْن مجمع. وجميلًا وأمه أم ولد. وعبد الكريم وعبد الرَّحْمَن وأمهما أمامة بِنْت عَبْد الله بْن سعد بن خيثمة من بني عَمْرو بْن عَوْف وُلِدَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان قديما. وقد روى عَنْ عُمَر وولي قضاء المدينة لعمر بْن عَبْد العزيز ومات بالمدينة سَنَة ثلاث وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك. وكان عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد يكنى أَبَا مُحَمَّد. وكان ثقة قليل الحديث.
- عبد الرحمن بن يزيد بن جارية بْن عامر بْن مجمع بْن العطاف بْن ضبيعة بْن زَيْد بْن مالك بْن عوف بن عمرو من الأوس. وأمه جميلة بِنْت ثابت بْن أبي الأقلح بْن عصمة بْن مالك بْن أمة بْن ضبيعة بْن زَيْد من بني عَمْرو بْن عوف. وأخوه لأمه عاصم بن عمر بن الخطاب. فولد عبد الرحمن بن يزيد عيسى قتل يوم الحرة وإسحاق وجميلة وأم عَبْد اللَّه وأم أيّوب وأم عاصم وأمهم حسنة بِنْت بُكَيْر بْن جارية بْن عامر بْن مجمع. وجميلًا وأمه أم ولد. وعبد الكريم وعبد الرَّحْمَن وأمهما أمامة بِنْت عَبْد الله بْن سعد بن خيثمة من بني عَمْرو بْن عَوْف وُلِدَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان قديما. وقد روى عَنْ عُمَر وولي قضاء المدينة لعمر بْن عَبْد العزيز ومات بالمدينة سَنَة ثلاث وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك. وكان عَبْد الرَّحْمَن بْن يزيد يكنى أَبَا مُحَمَّد. وكان ثقة قليل الحديث.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ
- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مالك بن علقمة بن سلامان ابن كهل بن بكر بن عوف بن النخع من مذحج. وهو أخو الأسود بن قيس. روى عن عمر وعبد اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَامَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. فَقُلْنَا: إِنَّمَا أَتَيْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. فقال: إنما صنعت هذا من أجلكم. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرحمن بن يزيد يصفر لحيته. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن يزيد يسجد في برنس شامي. قال: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عِمَامَةً غَلِيظَةَ الْكُوَرِ. قَالَ يَعْلَى فِي حَدِيثِهِ: فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي فَيَسْجُدُ عَلَى الْكُوَرِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي حَدِيثِهِ: قَدْ حَالَتْ بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَبَيْنَ الأَرْضِ. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. قَالَ وَقَالُوا وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ. وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِي وِلايَةِ الْحَجَّاجِ قَبْلَ الْجَمَاجِمِ. وَكَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ. وَمِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. رحمهما الله ورضي عنهما
- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مالك بن علقمة بن سلامان ابن كهل بن بكر بن عوف بن النخع من مذحج. وهو أخو الأسود بن قيس. روى عن عمر وعبد اللَّهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَامَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. فَقُلْنَا: إِنَّمَا أَتَيْنَاكَ لِنَسْأَلَكَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ. فقال: إنما صنعت هذا من أجلكم. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرحمن بن يزيد يصفر لحيته. قَالَ: أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن يزيد يسجد في برنس شامي. قال: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عِمَامَةً غَلِيظَةَ الْكُوَرِ. قَالَ يَعْلَى فِي حَدِيثِهِ: فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي فَيَسْجُدُ عَلَى الْكُوَرِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي حَدِيثِهِ: قَدْ حَالَتْ بَيْنَ جَبْهَتِهِ وَبَيْنَ الأَرْضِ. قال: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ أَبِي صَخْرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. قَالَ وَقَالُوا وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ. وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِي وِلايَةِ الْحَجَّاجِ قَبْلَ الْجَمَاجِمِ. وَكَانَ ثِقَةً وَلَهُ أَحَادِيثُ. وَمِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ مِمَّنْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب. رحمهما الله ورضي عنهما
- عبد الرحمن بن يزيد. يكنى أبا بكر, مات قبل الجماجم.
- وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة, وكان أسنَّ من أخيه يزيد.
عبد الله بن قرة الهلالي
عَبْد اللَّه بْن قُرَّة بْن نهيك الهلالي دعا لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبركة، رَأَيْته فِي بعض نسخ كتاب أَبِي عَبْد اللَّه بْن منده 13232 ب:
عَبْد اللَّه بْن قُرَّة بْن نهيك الهلالي دعا لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالبركة، رَأَيْته فِي بعض نسخ كتاب أَبِي عَبْد اللَّه بْن منده 13232 ب:
عبد الرَّحْمَن بن سعيد عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان
عبد الرحمن بن سعيد
- عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني. وكان قليل الحديث.
- عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني. وكان قليل الحديث.
عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد (3) عَنْ صفية بِنْت شيبة، روى عَنْهُ شُعْبَة.
عبد الرحمن بن سعيد أرَاهُ ابْن وهب الْهَمدَانِي
روى عَن الشّعبِيّ فِي الْبيُوع
روى عَنهُ مُحَمَّد بن عجلَان
روى عَن الشّعبِيّ فِي الْبيُوع
روى عَنهُ مُحَمَّد بن عجلَان
- وعبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. أمه أم جميل بنت الخطاب بن نفيل.
- وعبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الصغير. أمه من غسان, ولا أدري أيهما روي عنه الحديث, الصغير أم الكبير, فأشبههما أن يكون الصغير.
- وعبد الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الصغير. أمه من غسان, ولا أدري أيهما روي عنه الحديث, الصغير أم الكبير, فأشبههما أن يكون الصغير.
عبد الرحمن بن سعيد
- عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم. وأمه أم عبيد أروى بنت عركي بن عمرو بن قيس بن سويد بن عمرو من عد. فولد عبد الرحمن بن سعيد عثمان وأبا بكر وسعيدا وعمر وأمهم الرابعة بنت يزيد بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عتاب بن رئاب من بني عبس. وعباسا وخالدا ويحيى وأمهم أم الحكم بنت بلعاء بن نهيك بن معاوية بن الوحيد من بني عامر. وعكرمة وأمه أم الفضل بنت عكرمة بن ربيعة من بني هلال. ومحمدا لأم ولد وأم حكيم وأمها عاتكة بنت سعد بن الأعشى من بلمصطلق من خزاعة. ويكنى عبد الرحمن أبا محمد. توفي في سنة تسع ومائة وهو ابن ثمانين سنة. وكان ثقة في الحديث.
- عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم. وأمه أم عبيد أروى بنت عركي بن عمرو بن قيس بن سويد بن عمرو من عد. فولد عبد الرحمن بن سعيد عثمان وأبا بكر وسعيدا وعمر وأمهم الرابعة بنت يزيد بن عبد الله بن عمرو بن حبيب بن عتاب بن رئاب من بني عبس. وعباسا وخالدا ويحيى وأمهم أم الحكم بنت بلعاء بن نهيك بن معاوية بن الوحيد من بني عامر. وعكرمة وأمه أم الفضل بنت عكرمة بن ربيعة من بني هلال. ومحمدا لأم ولد وأم حكيم وأمها عاتكة بنت سعد بن الأعشى من بلمصطلق من خزاعة. ويكنى عبد الرحمن أبا محمد. توفي في سنة تسع ومائة وهو ابن ثمانين سنة. وكان ثقة في الحديث.
عَبْدُ الرحمن بن سعيد
- عَبْدُ الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَديّ بْن كعب. وأمه أمامة بِنْت الدجيج من غسّان. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد زيدا وسعيدا لا بقيّة لَهُ. وفاطمة وأمهم أم وُلِدَ. وعَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن وأمه من بني خطمة. ويقال بل أمه أم ثابت. ويقال أم أناس بِنْت ثابت بْن قيس بْن شماس. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ اسْمُهُ مُوسَى فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ. وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ربيعة بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ فَذَهَبَ إِلَيْهِ وَذَهَبْنَا مَعَهُ. فَأَمَرَنِي فَغَسَلْتُهُ. وَابْنُ عُمَرَ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَغَسَلَ رَجُلٌ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَوَجْهَهُ وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِي فِيهِ. ثُمَّ غَسَلَ عُنُقَهُ وَصَدْرَهُ وَفَرْجَهُ. وَقَدْ جَعَلَ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً أَوَّلَ ذَلِكَ حِينَ جَرَّدَهُ. فَغَسَلَهُ حَتَّى بَلَغَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ قَلَبَهُ. فَغَسَّلْنَا خَلْفَهُ كَمَا غَسَّلْنَا مُقَدَّمَهُ. ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمْسَكَ رَجُلٌ بِمَنْكِبَيْهِ فَعَصَرَ بَطْنَهُ وَرَجُلٌ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. ثُمَّ نَفَضَ رَأْسَهُ. هَذِهِ غَسْلَةٌ بِالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّانِيَةَ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ يُصِبْهُ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ ثَلاثُ غَسَلاتٍ. ثُمَّ جَفَّفَهُ فِي شَيْءٍ. ثُمَّ حَشَوْهُ قُطْنًا فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِهِ إِلَى أَكْفَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ. فَأُلْبِسَ الْقَمِيصَ غَيْرَ مُزَرَّرٍ ثُمَّ حُنِّطَ فِي مُقَدَّمَهِ وَعِنْدَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ حَتَّى بَلَغَ رِجْلَيْهِ فَمَا فَضَّلَهُ جَعَلَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ. ثُمَّ لَفَّ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ بِعِمَامَةٍ. ثُمَّ أُدْرِجَ بِالأَثْوَابِ الثَّلاثَةِ فَأَدْخَلَهَا هَكَذَا وَهَكَذَا وَلَمْ تُعْقَدْ. ثُمَّ قَالَ نَافِعٌ هَكَذَا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.
- عَبْدُ الرحمن بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْلَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَّاحِ بْنِ عَديّ بْن كعب. وأمه أمامة بِنْت الدجيج من غسّان. فولد عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد زيدا وسعيدا لا بقيّة لَهُ. وفاطمة وأمهم أم وُلِدَ. وعَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَن وأمه من بني خطمة. ويقال بل أمه أم ثابت. ويقال أم أناس بِنْت ثابت بْن قيس بْن شماس. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ مِنْ آلِ يَرْبُوعٍ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَكَانَ اسْمُهُ مُوسَى فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَثَبَتَ اسْمُهُ إِلَى الْيَوْمِ. وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُغَيِّرَ اسْمَ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ. أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ربيعة بْنُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: دُعِيَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَسْتَجْمِرُ لِلْجُمُعَةِ فَذَهَبَ إِلَيْهِ وَذَهَبْنَا مَعَهُ. فَأَمَرَنِي فَغَسَلْتُهُ. وَابْنُ عُمَرَ يَصُبُّ الْمَاءَ. وَغَسَلَ رَجُلٌ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَوَجْهَهُ وَجَعَلَ الْمَاءَ فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِي فِيهِ. ثُمَّ غَسَلَ عُنُقَهُ وَصَدْرَهُ وَفَرْجَهُ. وَقَدْ جَعَلَ عَلَى فَرْجِهِ خِرْقَةً أَوَّلَ ذَلِكَ حِينَ جَرَّدَهُ. فَغَسَلَهُ حَتَّى بَلَغَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ قَلَبَهُ. فَغَسَّلْنَا خَلْفَهُ كَمَا غَسَّلْنَا مُقَدَّمَهُ. ثُمَّ أَقْعَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَأَمْسَكَ رَجُلٌ بِمَنْكِبَيْهِ فَعَصَرَ بَطْنَهُ وَرَجُلٌ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. ثُمَّ نَفَضَ رَأْسَهُ. هَذِهِ غَسْلَةٌ بِالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّانِيَةَ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ. ثُمَّ غَسَّلَهُ الثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ يُصِبْهُ عَلَيْهِ. فَهَذِهِ ثَلاثُ غَسَلاتٍ. ثُمَّ جَفَّفَهُ فِي شَيْءٍ. ثُمَّ حَشَوْهُ قُطْنًا فِي مَنْخِرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِهِ إِلَى أَكْفَانِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ. فَأُلْبِسَ الْقَمِيصَ غَيْرَ مُزَرَّرٍ ثُمَّ حُنِّطَ فِي مُقَدَّمَهِ وَعِنْدَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ حَتَّى بَلَغَ رِجْلَيْهِ فَمَا فَضَّلَهُ جَعَلَهُ عَلَى رِجْلَيْهِ. ثُمَّ لَفَّ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ بِعِمَامَةٍ. ثُمَّ أُدْرِجَ بِالأَثْوَابِ الثَّلاثَةِ فَأَدْخَلَهَا هَكَذَا وَهَكَذَا وَلَمْ تُعْقَدْ. ثُمَّ قَالَ نَافِعٌ هَكَذَا غُسِّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ.