سعيد بن زِيَاد الْمُؤَذّن يروي عَن عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ عَن بن أبي مليكَة روى عَنهُ زِيَاد بن يُونُس الإسْكَنْدراني
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بنِ حَزْنٍ القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ
ابْنِ أَبِي وَهْبٍ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذِ بنِ عِمْرَانَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، المَخْزُوْمِيُّ، عَالِمُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ،
وَسَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ.وُلِدَ: لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَقِيْلَ: لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْهَا، بِالمَدِيْنَةِ.
رَأَى عُمَرَ، وَسَمِعَ: عُثْمَانَ، وَعَلِيّاً، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا مُوْسَى، وَسَعْداً، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ مُرْسَلاً، وَبِلاَلٍ كَذَلِكَ، وَسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ كَذَلِكَ، وَأَبِي ذرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ كَذَلِكَ.
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ شَرِيْكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِيْهِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ: فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَعَنْ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَمَعْمَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ: فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) .
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمَا فِي (البُخَارِيِّ) .
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عُمَرَ فِي (السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ) .
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَسُرَاقَةَ بنِ مَالِكٍ، وَصُهَيْبٍ، وَالضَّحَّاكِ بنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ.
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَتَّابِ بنِ أَسِيْدٍ فِي (السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ) ، وَهُوَ مُرْسَلٌ.
وَأَرْسَلَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
وَكَانَ زَوْجَ بِنْتِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِهِ.
رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ، مِنْهُم: إِدْرِيْسُ بنُ صَبِيْحٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَبَشِيْرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ العَبْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، وَعُقْبَةُ
بنُ حُرَيْثٍ، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَعَلِيُّ بنُ نُفَيْلٍ الحَرَّانِيُّ، وَعُمَارَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طُعْمَةَ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَعَمْرُو بنُ مُسْلِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ عَاصِمٍ، وَابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَفْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَبِيْبَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَمَعْبَدُ بنُ هُرْمُزَ، وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ، وَمُوْسَى بنُ وَرْدَانَ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَأَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ السِّنْدِيُّ - وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ - وَهَاشِمُ بنُ هَاشِمٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ قُسَيْطٍ، وَيَزِيْدُ بنُ نُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيُوْنُسُ بنُ سَيْفٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الخَطْمِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ الأَسَدِيُّ، مِنْ (التَّهْذِيْبِ) .وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، وَبَشَرٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِمَّنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ القَرَافِيُّ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ) .
هَذَا صَحِيْحٌ، عَالٍ، فِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الخِصَالَ مِنْ كِبَارِ الذُّنُوْبِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً مَعَ عُلُوِّهِ فِي نَفْسِهِ لِمُسْلِمٍ وَلَنَا.
فَإِنَّ أَعْلَى أَنْوَاعِ الإِبْدَالِ أَنْ يَكُوْنَ الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلَى حَدِيْثِ صَاحِبِ ذَلِكَ الكِتَابِ.
وَيَقَعُ لَكَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَعْلَى بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ الآدَمِيُّ (ح) ، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ يُوْسُفُ سَمَاعاً، وَقَالَ الآخَرُ إِجَازَةً:
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَالَ لِي جِبْرِيْلُ: لِيَبْكِ الإِسْلاَمُ عَلَى مَوْتِ عُمَرَ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
وَحَبِيْبٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، مَعَ أَنَّ سَعِيْداً عَنْ أُبَيٍّ: مُنْقَطِعٌ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بنِ حَزْنٍ:
أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا اسْمُكَ؟) .
قَالَ: حَزْنٌ.
قَالَ: (بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ) .قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! اسْمٌ سَمَّانِي بِهِ أَبَوَايَ، وَعُرِفْتُ بِهِ فِي النَّاسِ.
فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زِلْنَا تُعْرَفُ الحُزُوْنَةُ فِيْنَا أَهْلَ البَيْتِ.
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَمَرَاسِيْلُ سَعِيْدٍ مُحْتَجٌّ بِهَا.
لَكِنَّ عَلِيَّ بنَ زَيْدٍ: لَيْسَ بِالحُجَّةِ.
وَأَمَّا الحَدِيْثُ فَمَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ مُتَّصِلٍ، وَلَفْظُهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: (مَا اسْمُكَ؟) .
قَالَ: حَزْنٌ.
قَالَ: (أَنْتَ سَهْلٌ) .
فَقَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْماً سَمَّانِيْهِ أَبِي.
قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الحُزُوْنَةُ فِيْنَا بَعْدُ.
العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
مَا فَاتَتْنِي الصَّلاَةُ فِي جَمَاعَةٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
مَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، إِلاَّ وَأَنَا فِي المَسْجِدِ.
إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ حَازِمٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ.
مِسْعَرٌ : عَنْ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ أَبُو بَكْرٍ، وَلاَ عُمَرُ مِنِّي.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ نَافِعٍ:أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: هُوَ -وَاللهِ- أَحَدُ المُفْتِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مُرْسَلاَتُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ صِحَاحٌ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ - وَاللَّفْظُ لِقَتَادَةَ -: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَعْلَمُ فِي التَّابِعِيْنَ أَحَداً أَوْسَعَ عِلْماً مِنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ أَرْبَعِيْنَ حِجَّةً.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ يُكْثِرُ أَنْ يَقُوْلَ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
مَعْنٌ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيْرُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ الوَاحِدِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ يَعْقُوْبَ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ سَمِعَهَا غَيْرِي.
أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: عَنْ بُكَيْرِ بنِ الأَخْنَسِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ، قَالَ:سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى المِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لاَ أَجِدُ أَحَداً جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، إِلاَّ عَاقَبْتُهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ.
وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، وَسُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عِلْمَهُ؟
فَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ.
وَجَالَسَ: سعْداً، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ.
وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَسَمِعَ
مِنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَصُهَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ.وَجُلُّ رِوَايَتِهِ المُسْنَدَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ.
وَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.
وَعَنْ قُدَامَةَ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ يُفْتِي وَالصَّحَابَةُ أَحْيَاءٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، قَالَ:
كَانَ المُقَدَّمَ فِي الفَتْوَى فِي دَهْرِهِ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَيُقَالَ لَهُ: فَقِيْهُ الفُقَهَاءِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَالِمُ العُلَمَاءِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: ابْنُ المُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ، وَأَفْقَهُهُم فِي رَأْيِهِ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: أَخْبَرَنِي مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ:
أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا، فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: هَذَا يَقُوْلُهُ مَيْمُوْنٌ مَعَ لُقِيِّهِ لأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
عُمَرُ بنُ الوَلِيْدِ الشَّنِّيُّ: عَنْ شِهَابِ بنِ عَبَّادٍ العَصَرِيِّ:
حَجَجْتُ، فَأَتَيْنَا المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا، فَقَالُوا: سَعِيْدٌ.
قُلْتُ: عُمَرُ لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قَالَهُ: النَّسَائِيُّ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ لاَ يَقْضِي
بِقَضِيَّةٍ -يَعْنِي: وَهُوَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ- حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَأَرْسَل إِلَيْهِ إِنْسَاناً يَسْأَلُهُ، فَدَعَاهُ، فَجَاءَ.فَقَالَ عُمَرُ لَهُ: أَخْطَأَ الرَّسُوْلُ، إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ.
وَكَانَ عُمَرُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ إِلاَّ يَأْتِيْنِي بِعِلْمِهِ، وَكُنْتُ أُوْتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ:
سَأَلَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوْكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَأَلَنِي.
قَالَ سَلاَّمٌ: يَقُوْلُ عِمْرَانُ:
وَاللهِ مَا أَرَاهُ مَرَّ عَلَى أُذُنِهِ شَيْءٌ قَطُّ إِلاَّ وَعَاهُ قَلْبُهُ -يَعْنِي: ابْنَ المُسَيِّبِ- وَإِنِّي أَرَى أَنَّ نَفْسَ سَعِيْدٍ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ:
بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَأْتِ المَسْجِدَ فَيَجِدُ أَهْلَهُ قَدِ اسْتَقْبَلُوْهُ خَارِجِيْنَ مِنَ الصَّلاَةِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ مَا مَنَعَكَ مِنَ الحَجِّ إِلاَّ أَنَّكَ جَعَلْتَ للهِ عَلَيْكَ إِذَا رَأَيْتَ الكَعْبَةَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَى ابْنِ مَرْوَانَ.
قَالَ: مَا فَعَلْتُ، وَمَا أُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ دَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِم، وَإِنِّي قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ علِيَّ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعُمْرَةٌ، وَإِنِّي أَرَى نَاساً مِنْ قَوْمِكَ يَسْتَدِيْنُوْنَ، وَيَحِجُّوْنَ، وَيَعْتَمِرُوْنَ، ثُمَّ يَمُوْتُوْنَ، وَلاَ يُقْضَى عَنْهُم، وَلَجُمُعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حِجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ تَطَوُّعاً.
فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ الحَسَنَ، فَقَالَ: مَا قَالَ شَيْئاً، لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ، مَا حَجَّ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ اعْتَمَرُوا.
فَصْلٌ: فِي عِزَّةِ نَفْسِهِ وَصَدْعِهِ بِالحَقِّسَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِ المَالِ بِضْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، عَطَاؤُهُ.
وَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا، فَيَأْبَى، وَيَقُوْلُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي مَرْوَانَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ:
أَنَّهُ قِيْلَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا شَأْنُ الحَجَّاجَ لاَ يَبْعَثُ إِلَيْكَ، وَلاَ يُحَرِّكُكَ، وَلاَ يُؤْذِيْكَ؟
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي، إِلاَّ أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَبِيْهِ المَسْجِدَ، فَصَلَّى صَلاَةً لاَ يُتِمُّ رُكُوْعَهَا وَلاَ سُجُوْدَهَا، فَأَخَذْتُ كَفّاً مِنْ حَصَىً، فَحَصَبْتُهُ بِهَا.
زَعَمَ أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: مَا زِلْتُ بَعْدُ أُحْسِنُ الصَّلاَةَ.
فِي (الطَّبَقَاتِ) لابْنِ سَعْدٍ : أَنْبَأَنَا كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُوْنٌ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
قَدِمَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ المَدِيْنَةَ، فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ القَائِلَةُ، وَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ، هَلْ فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ حُدَّاثِنَا؟
فَخَرَجَ، فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فِي حَلْقَتِهِ، فَقَامَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ غَمَزَهُ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ وَلَّى، فَلَمْ يَتَحَرَّكْ سَعِيْدٌ.
فَقَالَ: لاَ أُرَاهُ فَطِنَ.
فَجَاءَ، وَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ غَمَزَهُ، وَقَالَ: أَلَمْ تَرَنِي أُشِيْرُ إِلَيْكَ؟
قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: إِلَيَّ أَرْسَلَكَ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَالَ: انْظُرْ بَعْضَ حُدَّاثِنَا، فَلَمْ أَرَى أَحَداً أَهْيَأَ مِنْكَ.
قَالَ: اذْهَبْ، فَأَعْلِمْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ.
فَخَرَجَ الحَاجِبُ، وَهُوَ يَقُوْلُ: مَا أَرَى هَذَا الشَّيْخَ إِلاَّ مَجْنُوْناً.
وَذَهَبَ، فَأَخْبَرَ عَبْدَ المَلِكِ، فَقَالَ: ذَاكَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَدَعْهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَلْحَةَ الخُزَاعِيِّ، قَالَ:حَجَّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَة، وَوَقَفَ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، أَرْسَلَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ رَجُلاً يَدْعُوْهُ وَلاَ يُحَرِّكُهُ.
فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ، وَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَاقِفٌ بِالبَابِ يُرِيْدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ.
فَقَالَ: مَا لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَيَّ حَاجَةٌ، وَمَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ، وَإِنَّ حَاجَتَهُ لِي لَغَيْرُ مَقْضِيَّةٍ.
فَرَجَعَ الرَّسُوْلُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلاَ تُحَرِّكْهُ.
فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلاً.
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ فِيْكَ، مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِرَأْسِكَ، يُرْسِلُ إِلَيْكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُكَلِّمُكَ تَقُوْلُ مِثْلَ هَذَا!
فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْراً، فَهُوَ لَكَ، وَإِنْ كَانَ يُرِيْدُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلاَ أَحُلُّ حَبْوَتِي حَتَّى يَقْضِيَ مَا هُوَ قَاضٍ.
فَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَا مُحَمَّدٍ، أَبَى إِلاَّ صَلاَبَةً.
زَادَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيْثِهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ:
فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوَلِيْدُ، قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَرَأَى شَيْخاً قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ.
فَلَمَّا جَلَسَ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ، فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: لَعَلَّكَ أَخْطَأْتَ بِاسْمِي، أَوْ لَعَلَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى غَيْرِي.
فَرَدَّ الرَّسُوْلَ، فَأَخْبَرَهُ، فَغَضِبَ، وَهَمَّ بِهِ.
قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمئِذٍ تَقِيَّةٌ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ، وَشَيْخُ قُرَيْشٍ، وَصَدِيْقُ أَبِيْكَ، لَمْ يَطْمَعْ مَلِكٌ قَبْلَكَ أَنْ يَأْتِيَهُ.
فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَضْرَبَ عَنْهُ.
عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ - مِنْ أَصْحَابِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ -: مَا عَلِمْتُ فِيْهِ
لِيْناً.قُلْتُ: كَانَ عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ أَمْرٌ عَظِيْمٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَسُوْءِ سِيْرَتِهِم، وَكَانَ لاَ يَقْبَلَ عَطَاءهُم.
قَالَ مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: لَوْ تَبَدَّيْتَ، وَذَكَرْتُ لَهُ البَادِيَةَ وَعَيْشَهَا وَالغَنَمَ.
فَقَالَ: كَيْفَ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الوَلِيْدُ بنُ عَطَاءِ بنِ الأَغَرِّ المَكِّيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
لَقَدْ رَأَيْتُنِي لَيَالِيَ الحَرَّةِ، وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي، وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَيَدْخُلُوْنَ زُمَراً يَقُوْلُوْنَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا المَجْنُوْنِ.
وَمَا يَأْتِي وَقْتُ صَلاَةٍ إِلاَّ سَمِعْتُ أَذَاناً فِي القَبْرِ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ، فَأَقَمْتُ، وَصَلَّيْتُ، وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي.
عَبْدُ الحَمِيْدِ هَذَا: ضَعِيْفٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدٌ أَيَّامَ الحَرَّةِ فِي المَسْجِدِ لَمْ يَخْرُجْ، وَكَانَ يُصَلِّي مَعَهُمُ
الجُمُعَةَ، وَيَخْرُجُ فِي اللَّيْلِ.قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ، أَسْمَعُ أَذَاناً يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ القَبْرِ، حَتَّى أَمِنَ النَّاسُ.
ذِكْرُ مِحْنَتِهِ:
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالُوا:
اسْتَعْمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جَابِرَ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَلَى المَدِيْنَةِ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ.
فَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: لاَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ.
فَضَرَبَهُ سِتِّيْنَ سَوْطاً، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَلُوْمُهُ، وَيَقُوْلُ: مَا لَنَا وَلِسَعِيْدٍ، دَعْهُ.
وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ جَابِرُ بنُ الأَسْوَدِ - عَامِلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى المَدِيْنَةِ - قَدْ تَزَوَّجَ الخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، فَلَمَّا ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، صَاحَ بِهِ سَعِيْدٌ وَالسِّيَاطُ تَأْخُذُهُ:
وَاللهِ مَا رَبَّعْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَإِنَّك تَزَوَّجْتَ الخَامِسَةَ قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، وَمَا هِيَ إِلاَّ لَيَالٍ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَسَوْفَ يَأْتِيْكَ مَا تَكْرَهُ.
فَمَا مَكَثَ إِلاَّ يَسِيْراً حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ:
أَنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ
بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَعَقَدَ عَبْدُ المَلِكِ لابْنَيْهِ: الوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالعَهْدِ، وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى البُلْدَانِ، وَعَامِلُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى المَدِيْنَةِ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَخْزُوْمِيُّ.فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ، فَبَايَعُوا، وَأَبَى سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ.
فَضَرَبَهُ هِشَامٌ سِتِّيْنَ سَوْطاً، وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ، حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَأْسَ الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ، قَالَ: أَيْنَ تَكُرُّوْنَ بِي؟
قَالُوا: إِلَى السِّجْنِ.
فَقَالَ: وَالله لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُهُ الصَّلْبُ، مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَداً.
فَرَدُّوْهُ إِلَى السِّجْنِ، فَحَبَسَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يُخْبِرُهُ بِخِلاَفِهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ يَلُوْمُهُ فِيْمَا صَنَعَ بِهِ، وَيَقُوْلُ: سَعِيْدٌ! كَانَ -وَاللهِ- أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَهُ خِلاَفٌ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
دَخَلَ قَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بِكِتَابِ هِشَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ يَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيْداً، وَطَافَ بِهِ.
قَالَ قَبِيْصَةُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَفْتَاتُ عَلَيْكَ هِشَامٌ بِمِثْلِ هَذَا، وَاللهِ لاَ يَكُوْنُ سَعِيْدٌ أَبَداً أَمْحَلَ وَلاَ أَلَجَّ مِنْهُ حِيْنَ يُضْرَبُ، لَوْ لَمْ يُبَايِعْ سَعِيْدٌ، مَا كَانَ يَكُوْنُ مِنْهُ، وَمَا هُوَ مِمَّنْ يُخَافُ فَتْقُهُ، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اكْتُبْ إِلَيْهِ.
فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: اكْتُبْ أَنْتَ إِلَيْهِ عَنِّي تُخْبِرْهُ بِرَأْيِي فِيْهِ، وَمَا خَالَفَنِي مِنْ ضَرْبِ هِشَامٍ إِيَّاهُ.
فَكَتَبَ قَبِيْصَةُ بِذَلِكَ إِلَى سَعِيْدٍ، فَقَالَ سَعِيْدٌ حِيْنَ قَرَأَ الكِتَابَ: اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمنِي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ السِّجْنَ، فَإِذَا هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ، فَجُعِلَ الإِهَابُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضْباً رَطْباً.
وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنِي مِنْ هِشَامٍ.
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ:دُعِيَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَ أَبِيْهِمَا، فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ اثْنَيْنِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
فَقِيْلَ: ادْخُلْ وَاخْرُجْ مِنَ البَابِ الآخَرِ.
قَالَ: وَاللهِ لاَ يَقْتَدِي بِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ: فَجَلَدَهُ مائَةً، وَأَلْبَسَهُ المُسُوْحَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بنُ جَمِيْلٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدٍ القَارِّيُّ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ حِيْنَ قَامَتِ البَيْعَةُ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالمَدِيْنَةِ: إِنِّي مُشِيْرٌ عَلَيْكَ بِخِصَالٍ.
قَالَ: مَا هُنَّ؟
قَالَ: تَعْتَزِلُ مَقَامَكَ، فَإِنَّكَ تَقُوْمُ حَيْثُ يَرَاكَ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ.
قَالَ: مَا كُنْتُ لأُغَيِّرَ مَقَاماً قُمْتُهُ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: تَخْرُجُ مُعْتَمِراً.
قَالَ: مَا كُنْتُ لأُنْفِقَ مَالِي وَأُجْهِدَ بَدَنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ لِي فِيْهِ نِيَّةٌ.
قَالَ: فَمَا الثَّالِثَةُ؟
قَالَ: تُبَايِعُ.
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ اللهُ أَعْمَى قَلْبَكَ كَمَا أَعْمَى بَصَرَكَ، فَمَا عَلَيَّ؟
قَالَ: - وَكَانَ أَعْمَى - قَالَ رَجَاءٌ: فَدَعَاهُ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى البَيْعَةِ، فَأَبَى، فَكَتَبَ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: مَالَكَ وَلِسَعِيْدٍ، وَمَا كَانَ عَلَيْنَا مِنْهُ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلْتَ، فَاضْرِبْهُ ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً، وَأَلْبِسْهُ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ، لِئَلاَّ يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ.
فَدَعَاهُ هِشَامٌ، فَأَبَى، وَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ لاثْنَيْنِ.
فَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَضَرَبَه ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً، وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ.
فَحَدَّثَنِي الأَيْلِيُّوْنَ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي الشُّرَطِ بِالمَدِيْنَةِ، قَالُوا:
عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَلْبَسُ التُّبَّانَ طَائِعاً، قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ القَتْلُ، فَاسْتُرْ عَوْرَتَكَ.
قَالَ: فَلَبِسَهُ، فَلَمَّا ضُرِبَ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّا خَدَعْنَاهُ.
قَالَ: يَا مُعَجِّلَةَ أَهْلِ أَيْلَةَ، لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ القَتْلُ مَا لَبِسْتُهُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ حِيْنَ ضُرِبَ فِي تُبَّانٍ شَعْرٍ.
يَحْيَى بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَقَدْ أُلْبِسَ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَأُقِيْمَ فِي الشَّمْسِ، فَقُلْتُ لِقَائِدِي: أَدْنِنِي مِنْهُ.
فَأَدْنَانِي، فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَفُوْتَنِي، وَهُوَ يُجِيْبُنِي حِسْبَةً، وَالنَّاسُ يَتَعَجَّبُوْنَ.
قَالَ أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ:
أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ خَمْسِيْنَ سَوْطاً، وَأَقَامَهُ بِالحَرَّةِ، وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ.
فَقَالَ سَعِيْدٌ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُم لاَ يَزِيْدُوْنِي عَلَى الضَّرْبِ مَا لَبِسْتُهُ، إِنَّمَا تَخَوَّفْتُ مِنْ أَنْ يَقْتُلُوْنِي، فَقُلْتُ: تُبَّانٌ أَسْتَرُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ، قَالَ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: ادْعُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ دِيْنَكَ، وَأَظْهِرْ أَوْلِيَاءكَ، وَاخْزِ أَعْدَاءكَ فِي عَافِيَةٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: عَنْ أَبِي يُوْنُسَ القَوِيِّ، قَالَ:
دَخَلْتُ مَسْجِدَ المَدِيْنَةِ، فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُ؟
قِيْلَ: نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ.
هَمَّامٌ: عَنْ قَتَادَةَ:
أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُجَالِسَهُ، قَالَ: إِنَّهُم قَدْ جَلَدُوْنِي، وَمَنَعُوا النَّاسَ أَنْ يُجَالِسُوْنِي.
عَنْ أَبِي عِيْسَى الخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
لَا تَمْلَؤُوا أَعْيُنَكُم مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إِلاَّ بِإِنْكَارٍ مِنْ قُلُوْبِكُم، لِكَيْلاَ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُم.
تَزْوِيْجُهُ ابْنَتَهُ:أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ الشُّرُوْطِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ:
كُتِبَ إِلَى ضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ.
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، عَنْ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَتْ بِنْتُ سَعِيْدٍ قَدْ خَطَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ لابْنِهِ الوَلِيْدِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَالُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَيْهِ حَتَّى ضَرَبَهُ مائَةَ سَوْطٍ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ، وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوْفٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَعْنِي: كَثِيْراً- قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً، فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟
قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا.
فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَنَا، فَشَهِدْنَاهَا.
ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟
فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إِلاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟
قَالَ: أَنَا.
فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ تَحَمَّدَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوَّجَنِي عَلَى دِرْهَمَيْنِ -أَوْ قَالَ: ثَلاَثَةٍ- فَقُمْتُ، وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَحِ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيْمَنْ أَسْتدِيْنُ.
فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ، وَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِماً، فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ، وَكَانَ خُبْزاً وَزَيْتاً، فَإِذَا بَابِي يُقْرَعُ.
فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: سَعِيْدٌ.
فَأَفْكَرْتُ فِي كُلِّ مَنِ
اسْمُهُ سَعِيْدٌ إِلاَّ ابْنَ المُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ.فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟
قَالَ: لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً، فَتَزَوَّجْتَ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ، وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَدَفَعَهَا فِي البَابِ، وَرَدَّ البَابَ.
فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ، فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ، ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ تَرَاهُ، ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ، فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ، فَجَاؤُوْنِي، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُم، وَنَزَلُوا إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي، فَجَاءتْ، وَقَالَتْ:
وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ.
فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى تَقَوَّضَ المَجْلِسُ.
فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟
قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ، وَيَكْرَهُ العَدُوُّ.
قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ، فَالعَصَا.
فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: ابْنُ أَبِي وَدَاعَةَ هُوَ كَثِيْرُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: هُوَ سَهْمِيٌّ، مَكِيٌّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ المُطَّلِبِ؛ أَحَدِ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ؛ جَعْفَرُ بنُ كَثِيْرٍ، وَابْنُ حَرْمَلَةَ.
تَفَرَّدَ بِالحِكَايَةِ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ.
وَعَلَى ضَعْفِهِ قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:زَوَّجَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بِنْتاً لَهُ مِنْ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَ لَهَا: شُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، وَاتْبَعِيْنِي.
فَفَعَلَتْ، ثُمَّ قَالَ: صَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى زَوْجِهَا، فَوَضَعَ يَدَهَا فِي يَدهِ، وَقَالَ: انْطَلِقْ بِهَا.
فَذَهَبَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْهَا أَمُّهُ، قَالَتْ: مَنْ هَذِهِ؟
قَالَ: امْرَأَتِي.
قَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتَّى أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْشٍ.
فَأَصْلَحَتْهَا، ثُمَّ بَنَى بِهَا.
وَمِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالتَّعْبِيْرِ:
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيْهَا.
ثُمَّ سَاقَ الوَاقِدِيُّ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ، مِنْهَا :
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُسَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبِ بنِ قُلَيْعٍ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْد سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ يَوْماً، وَقَدْ ضَاقَتْ بِيَ الأَشْيَاءُ، وَرَهِقَنِي دَيْنٌ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ، فَأَضْجَعْتُهُ إِلَى الأَرْضِ، وَبَطَحْتُهُ، فَأَوْتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ.
قَالَ: مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا.
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: لاَ أُخْبِرُكَ أَوْ تُخْبِرَنِي.
قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا، وَهُوَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ.
قَالَ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ، قَتَلَهُ عَبْدُ المَلِكِ، وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ المَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُم يَكُوْنُ خَلِيْفَةً.
قَالَ: فَرَحلْتُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِالشَّامِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَسُرَّ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيْدٍ وَعَنْ حَالِهِ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَأَمَرَ بِقَضَاءِ دَيْنِي، وَأَصَبْتُ مِنْهُ خَيْراً.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ، قَالَ:قَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُ كَأَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ يَبُوْلُ فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ مِرَارٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ:
إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، قَامَ فِيْهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاءَ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ، عَنْ شَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: رَأَيْتُ كَأَنَّ أَسْنَانِي سَقَطَتْ فِي يَدِي، ثُمَّ دَفَنْتُهَا.
فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ :
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُسَيِّبِ: رَأَيْتُ أَنِّي أَبُوْلُ فِي يَدِي.
فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ مَحْرَمٍ.
فَنَظَرَ، فَإِذَا امْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ.
وَبِهِ: وَجَاءهُ آخَرُ، فَقَالَ: أَرَانِي كَأَنِّي أَبُوْلُ فِي أَصْلِ زَيْتُوْنَةٍ.
فَقَالَ: إِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ رَحِمٍ.
فَنَظَرَ، فَوَجَدَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً وَقَعَتْ عَلَى المَنَارَةِ.
فَقَالَ: يَتَزَوَّجُ الحَجَّاجُ ابْنَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
وَبِهِ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: الكَبْلُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدِّيْنِ.
قِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي الظِّلِ، فَقُمْتُ إِلَى الشَّمْسِ.
فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، لَتَخْرُجَنَّ مِنَ الإِسْلاَمِ.
قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنِّي أَرَانِي
أُخْرِجْتُ حَتَّى أُدْخِلْتُ فِي الشَّمْسِ، فَجَلَسْتُ.قَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ.
قَالَ: فَأُسِرَ، وَأُكْرِهَ عَلَى الكُفْرِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا بِالمَدِيْنَةِ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ السَّائِبِ:
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُسَيِّبِ: إِنَّهُ رَأَى كَأَنَّهُ يَخُوْضُ النَّارَ.
قَالَ: لاَ تَمُوْتُ حَتَّى تَرْكَبَ البَحْرَ، وَتَمُوْتَ قَتِيْلاً.
فَرَكِبَ البَحْرَ، وَأَشْفَى عَلَى الهَلَكَةِ، وَقُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدٍ.
وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ خَوَّاتٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
آخِرُ الرُّؤْيَا أَرْبَعُوْنَ سَنَةً -يَعْنِي: تَأْوِيْلَهَا -.
رَوَى هَذَا الفَصْلَ: ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ ) ، عَنِ الوَاقِدِيِّ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
رَأَى الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ كَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوْبٌ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ.
فَقَصُّوْهَا عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ، فَقَلَّمَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ.
فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ:
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ.
ثُمَّ قَالَ لَنَا سَعِيْدٌ - وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَهُوَ يَعْشُو بِالأُخْرَى -: مَا شَيْءٌ أَخَوْفُ عِنْدِي مِنَ النِّسَاءِ.
وَقَالَ: مَا أُصَلِّي صَلاَةً، إِلاَّ دَعَوْتُ اللهَ عَلَى بَنِي مَرْوَانَ.قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
مَا سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ سَبَّ أَحَداً مِنَ الأَئِمَّةِ، إِلاَّ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
قَاتَلَ الله فُلاَناً، كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ قَالَ: (الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ) .
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً.
العَطَّافُ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
قَالَ سَعِيْدٌ: لاَ تَقُوْلُوا مُصَيْحِفٌ، وَلاَ مُسَيْجِدٌ، مَا كَانَ للهِ فَهُوَ عَظِيْمٌ حَسَنٌ جَمِيْلٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْل:
لاَ خَيْرَ فِيْمَنْ لاَ يُرِيْدُ جَمْعَ المَالِ مِنْ حِلِّهِ، يُعْطِي مِنْهُ حَقَّهُ، وَيَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ عَنِ النَّاسِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ خَلَّفَ مائَةَ دِيْنَارٍ.وَعَنْ عَبَّادِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ خَلَّفَ أَلْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا إِلاَّ لأَصُوْنَ بِهَا دِيْنِي.
وَعَنْهُ، قَالَ: مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ، افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
دَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ: عَنْ بِشْرِ بنِ عَاصِمٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَا عَمِّ، أَلاَ تَخْرُجُ، فَتَأْكُلَ اليَوْمَ مَعَ قَوْمِكَ؟
قَالَ: مَعَاذِ اللهِ يَا ابْنَ أَخِي! أَدَعُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ صَلاَةً خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَقَدْ سَمِعْتُ كَعْباً يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ عَادَ قَطِرَاناً.تَتْبَعُ قُرَيْشٌ أَذْنَابَ الإِبِلِ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الشَّاذِّ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ.
العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ:
أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ، فَقَالُوا: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى العَقِيْقِ، فَنَظَرْتَ إِلَى الخُضْرَةِ، لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً.
قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ وَالصُّبْحِ.
العَطَّافُ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ:
قُلْتُ لِبُرْدٍ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ: مَا صَلاَةُ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، إِنَّهُ لَيُصَلِّي صَلاَةً كَثِيْرَةً، إِلاَّ أَنَّهُ يَقْرَأُ بـ: {ص، وَالقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } .
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ العَبَّاسِ الأَسَدِيُّ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يُذَكِّرُ، وَيُخَوِّفُ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ، وَسَمِعْتُهُ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ الشِّعْرَ، وَكَانَ لاَ يُنْشِدُهُ، وَرَأَيْتُهُ يَمْشِي حَافِياً وَعَلَيْهِ بَتٌّ، وَرَأَيْتُهُ يُخْفِي شَارِبَهُ شَبِيْهاً بِالحَلْقِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ، وَكَانَ يَكْرَهُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بَأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي رَحْلِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ مُلاَءً شَرْقِيَّةً.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَا أُحْصِي مَا رَأَيْتُ
عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ مِنْ عِدَّةِ قُمُصِ الهَرَوِيِّ، وَكَانَ يَلْبَسُ هَذِهِ البُرُوْدَ الغَالِيَةَ البِيْضَ.أَبَانُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ:
سَأَلْتُ سَعِيْداً عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى الطَّنْفِسَةِ، فَقَالَ: مُحْدَثٌ.
مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، حَدَّثَتْنِي غُنَيْمَةُ جَارِيَةُ سَعِيْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ لاَ يَأْذَنُ لِبِنْتِهِ فِي لُعَبِ العَاجِ، وَيُرَخِّصُ لَهَا فِي الكَبَرِ - تَعْنِي: الطَّبْلَ -.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ:
مَا تِجَارَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ البَّزِّ، مَا لَمْ يَقَعْ فِيْهِ أَيْمَانٌ !
مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ:
قَالَ بُرْدٌ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ!
قَالَ سَعِيْدٌ: وَمَا يَصْنَعُوْنَ؟
قَالَ: يُصَلِّي أَحَدُهُم الظُّهْرَ، ثُمَّ لاَ يَزَالُ صَافّاً رِجْلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ العَصْرَ.
فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا بُرْدُ! أَمَا -وَاللهِ- مَا هِيَ بِالعِبَادَةِ، إِنَّمَا العِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ، وَالكَفُّ عَنْ مَحَارِم اللهِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ:
قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَا خِفْتُ عَلَى نَفْسِي شَيْئاً مَخَافَةَ النِّسَاءِ.
قَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يُرِيْدُ النِّسَاءَ، وَلاَ تُرِيْدُهُ النِّسَاءُ.
فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُوْلُ لَكُم.
وَكَانَ شَيْخاً كَبِيْراً، أَعْمَشَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ:قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليُسْرَيْنِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُوْمُ، فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلَى جَسَدِهِ.
فَقَامَ، وَجَاءَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ وَجْهَ زِنْجِيٍّ، وَجَسَدُهُ أَبْيَضُ.
فَقَالَ سَعِيْدٌ: إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلاَءِ: طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - فَنَهَيْتُهُ، فَأَبَى، فَدَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَسَوَّدَ اللهُ وَجْهَكَ.
فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قَرْحَةٌ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ.
مَالِكٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَنْ آيَةٍ، فَقَالَ سَعِيْدٌ: لاَ أَقُوْلُ فِي القُرْآنِ شَيْئاً.
قُلْتُ: وَلِهَذَا قَلَّ مَا نُقِل عَنْهُ فِي التَّفْسِيْرِ.
ذِكْرُ لِبَاسِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ ) : أَخْبَرَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ نِسْطَاسَ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، ثُمَّ يُرْسِلُهَا خَلْفَهُ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَاراً وَطَيْلَسَاناً وَخُفَّيْنِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ:
أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَطِيْفَةٌ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ، لَهَا عَلَمٌ أَحْمَرُ، يُرْخِيْهَا وَرَاءهُ شِبْراً.
أَخْبَرَنَا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عُثَيْمٌ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ فِي الفِطْرِ
وَالأَضْحَى عِمَامَةً سَوْدَاءَ، وَيَلْبَسُ عَلَيْهَا بُرْنُساً أَحْمَرَ أُرْجُوَاناً.أَخْبَرَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ:
رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ بُرْنُسَ أُرْجُوَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ:
رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدٍ قَمِيْصاً إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَكُمَّاهُ إِلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَرِدَاءً فَوْقَ القَمِيْصِ، خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ.
أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عِمْرَانَ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً أَزْرَارُهُ دِيْبَاجٌ.
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: لَمْ أَرَ سَعِيْداً لَبِسَ غَيْرَ البَيَاضِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ سَرَاوِيْلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ الخَزَّ.
أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَخْضِبُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الغُصْنِ:
أَنَّهُ
رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ أَبَيْضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالمَكْتَبِ، قَالَ لِلصِّبْيَانِ: هَؤُلاَءِ النَّاسُ بَعْدَنَا.
ذِكْرُ مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وَهُوَ شَدِيْدُ المَرَضِ، وَهُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ يُوْمِئُ إِيْمَاءً، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: بِـ (الشَّمْسِ وَضُحَاهَا) .
الثَّوْرِيُّ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا.
فَقَالَ: مَا يَقُوْلُ رَاجِزُهُم! قَدْ حَرَّجْتُ عَلَى أَهْلِي أَنْ يَرْجُزَ مَعِي رَاجِزٌ، وَأَنْ يَقُوْلُوا: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، حَسْبِي مَنْ يَقْلِبُنِي إِلَى رَبِّي، وَأَنْ يَمْشُوا مَعِي بِمِجْمَرٍ، فَإِنْ أَكُنْ طَيِّباً، فَمَا عِنْدَ اللهِ أَطْيَبُ مِنْ طِيْبِهِم.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
أَوْصَيْتُ أَهْلِي بِثَلاَثٍ: أَنْ لاَ يَتْبَعَنِي رَاجِزٌ وَلاَ نَارٌ، وَأَنْ يَعْجَلُوا بِي، فَإِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، فَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا عِنْدَكُم.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيِّ، قَالَ:
اشْتدَّ وَجَعُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ يَعُوْدُهُ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ نَافِعٌ: وَجِّهُوْهُ. فَفَعَلُوا، فَأَفَاقَ،
فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُحَوِّلُوا فِرَاشِي إِلَى القِبْلَةِ، أَنَافِعٌ؟قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ لَهُ سَعِيْدٌ: لَئِنْ لَمْ أَكُنْ عَلَى القِبْلَةِ وَالمِلَّةِ وَاللهِ لاَ يَنْفَعُنِي تَوْجِيْهُكُم فِرَاشِي.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنْ أَخِيْهِ المُغِيْرَةِ:
أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيْهِ عَلَى سَعِيْدٍ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَوُجِّهِ إِلَى القِبْلَةِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ:
مَنْ صَنَعَ بِي هَذَا، أَلَسْتُ امْرَءاً مُسْلِماً؟ وَجْهِي إِلَى اللهِ حَيْثُ مَا كُنْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ القَيْسِ الزَّيَّاتُ، عَنْ زُرْعَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: يَا زُرْعَةُ، إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى ابْنِي مُحَمَّدٍ لاَ يُؤْذِنَنَّ بِي أَحَداً، حَسْبِي أَرْبَعَةٌ يَحْمِلُوْنِي إِلَى رَبِّي.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، تَرَكَ دَنَانِيْرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَتْرُكْهَا إِلاَّ لأَصُوْنَ بِهَا حَسَبِي وَدِيْنِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ:
شَهِدتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَوْمَ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَرَأَيْتُ قَبْرَهُ قَدْ رُشَّ عَلَيْهِ المَاءُ، وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السَّنَةِ سَنَةَ الفُقَهَاءِ؛ لَكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُم فِيْهَا.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ عِدَّةُ فُقَهَاءٍ، مِنْهُم سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ.
وَفِيْهَا أَرَّخَ وَفَاةَ ابْنِ المُسَيِّبِ: سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالوَاقِدِيُّ.
وَمَا ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ سِوَاهُ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ:
أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَأَمَّا مَا قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، فَغَلَطٌ.
وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُم، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
وَمَالَ إِلَيْهِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
آخِرُ التَّرْجَمَةِ، وَالحَمْدُ للهِ.
ابْنِ أَبِي وَهْبٍ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذِ بنِ عِمْرَانَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، المَخْزُوْمِيُّ، عَالِمُ أَهْلِ المَدِيْنَةِ،
وَسَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ.وُلِدَ: لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وَقِيْلَ: لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْهَا، بِالمَدِيْنَةِ.
رَأَى عُمَرَ، وَسَمِعَ: عُثْمَانَ، وَعَلِيّاً، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا مُوْسَى، وَسَعْداً، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ مُرْسَلاً، وَبِلاَلٍ كَذَلِكَ، وَسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ كَذَلِكَ، وَأَبِي ذرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ كَذَلِكَ.
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ شَرِيْكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِيْهِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ: فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَعَنْ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَمَعْمَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ: فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) .
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمَا فِي (البُخَارِيِّ) .
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عُمَرَ فِي (السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ) .
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَسُرَاقَةَ بنِ مَالِكٍ، وَصُهَيْبٍ، وَالضَّحَّاكِ بنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ.
وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَتَّابِ بنِ أَسِيْدٍ فِي (السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ) ، وَهُوَ مُرْسَلٌ.
وَأَرْسَلَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
وَكَانَ زَوْجَ بِنْتِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِهِ.
رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ، مِنْهُم: إِدْرِيْسُ بنُ صَبِيْحٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَبَشِيْرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ العَبْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، وَعُقْبَةُ
بنُ حُرَيْثٍ، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَعَلِيُّ بنُ نُفَيْلٍ الحَرَّانِيُّ، وَعُمَارَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طُعْمَةَ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَعَمْرُو بنُ مُسْلِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ عَاصِمٍ، وَابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَفْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَبِيْبَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَمَعْبَدُ بنُ هُرْمُزَ، وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ، وَمُوْسَى بنُ وَرْدَانَ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَأَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ السِّنْدِيُّ - وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ - وَهَاشِمُ بنُ هَاشِمٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ قُسَيْطٍ، وَيَزِيْدُ بنُ نُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيُوْنُسُ بنُ سَيْفٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الخَطْمِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ الأَسَدِيُّ، مِنْ (التَّهْذِيْبِ) .وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، وَبَشَرٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِمَّنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ القَرَافِيُّ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بنُ
مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ) .
هَذَا صَحِيْحٌ، عَالٍ، فِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الخِصَالَ مِنْ كِبَارِ الذُّنُوْبِ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.
فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً مَعَ عُلُوِّهِ فِي نَفْسِهِ لِمُسْلِمٍ وَلَنَا.
فَإِنَّ أَعْلَى أَنْوَاعِ الإِبْدَالِ أَنْ يَكُوْنَ الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلَى حَدِيْثِ صَاحِبِ ذَلِكَ الكِتَابِ.
وَيَقَعُ لَكَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَعْلَى بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ الآدَمِيُّ (ح) ، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ يُوْسُفُ سَمَاعاً، وَقَالَ الآخَرُ إِجَازَةً:
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (قَالَ لِي جِبْرِيْلُ: لِيَبْكِ الإِسْلاَمُ عَلَى مَوْتِ عُمَرَ ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ.
وَحَبِيْبٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، مَعَ أَنَّ سَعِيْداً عَنْ أُبَيٍّ: مُنْقَطِعٌ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بنِ حَزْنٍ:
أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (مَا اسْمُكَ؟) .
قَالَ: حَزْنٌ.
قَالَ: (بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ) .قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! اسْمٌ سَمَّانِي بِهِ أَبَوَايَ، وَعُرِفْتُ بِهِ فِي النَّاسِ.
فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زِلْنَا تُعْرَفُ الحُزُوْنَةُ فِيْنَا أَهْلَ البَيْتِ.
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَمَرَاسِيْلُ سَعِيْدٍ مُحْتَجٌّ بِهَا.
لَكِنَّ عَلِيَّ بنَ زَيْدٍ: لَيْسَ بِالحُجَّةِ.
وَأَمَّا الحَدِيْثُ فَمَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ مُتَّصِلٍ، وَلَفْظُهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: (مَا اسْمُكَ؟) .
قَالَ: حَزْنٌ.
قَالَ: (أَنْتَ سَهْلٌ) .
فَقَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْماً سَمَّانِيْهِ أَبِي.
قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الحُزُوْنَةُ فِيْنَا بَعْدُ.
العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ: عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
مَا فَاتَتْنِي الصَّلاَةُ فِي جَمَاعَةٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
مَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، إِلاَّ وَأَنَا فِي المَسْجِدِ.
إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ حَازِمٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ.
مِسْعَرٌ : عَنْ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ أَبُو بَكْرٍ، وَلاَ عُمَرُ مِنِّي.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ نَافِعٍ:أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: هُوَ -وَاللهِ- أَحَدُ المُفْتِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مُرْسَلاَتُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ صِحَاحٌ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ - وَاللَّفْظُ لِقَتَادَةَ -: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَعْلَمُ فِي التَّابِعِيْنَ أَحَداً أَوْسَعَ عِلْماً مِنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ أَرْبَعِيْنَ حِجَّةً.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ يُكْثِرُ أَنْ يَقُوْلَ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
مَعْنٌ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيْرُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ الوَاحِدِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ يَعْقُوْبَ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ سَمِعَهَا غَيْرِي.
أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ: عَنْ بُكَيْرِ بنِ الأَخْنَسِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ
المُسَيِّبِ، قَالَ:سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى المِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لاَ أَجِدُ أَحَداً جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، إِلاَّ عَاقَبْتُهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ.
وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، وَسُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عِلْمَهُ؟
فَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ.
وَجَالَسَ: سعْداً، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ.
وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ. وَسَمِعَ
مِنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَصُهَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ.وَجُلُّ رِوَايَتِهِ المُسْنَدَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ.
وَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.
وَعَنْ قُدَامَةَ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ يُفْتِي وَالصَّحَابَةُ أَحْيَاءٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، قَالَ:
كَانَ المُقَدَّمَ فِي الفَتْوَى فِي دَهْرِهِ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَيُقَالَ لَهُ: فَقِيْهُ الفُقَهَاءِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَالِمُ العُلَمَاءِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: ابْنُ المُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ، وَأَفْقَهُهُم فِي رَأْيِهِ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: أَخْبَرَنِي مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ:
أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا، فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: هَذَا يَقُوْلُهُ مَيْمُوْنٌ مَعَ لُقِيِّهِ لأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
عُمَرُ بنُ الوَلِيْدِ الشَّنِّيُّ: عَنْ شِهَابِ بنِ عَبَّادٍ العَصَرِيِّ:
حَجَجْتُ، فَأَتَيْنَا المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا، فَقَالُوا: سَعِيْدٌ.
قُلْتُ: عُمَرُ لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قَالَهُ: النَّسَائِيُّ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ لاَ يَقْضِي
بِقَضِيَّةٍ -يَعْنِي: وَهُوَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ- حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَأَرْسَل إِلَيْهِ إِنْسَاناً يَسْأَلُهُ، فَدَعَاهُ، فَجَاءَ.فَقَالَ عُمَرُ لَهُ: أَخْطَأَ الرَّسُوْلُ، إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ.
وَكَانَ عُمَرُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ إِلاَّ يَأْتِيْنِي بِعِلْمِهِ، وَكُنْتُ أُوْتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ:
سَأَلَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوْكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَأَلَنِي.
قَالَ سَلاَّمٌ: يَقُوْلُ عِمْرَانُ:
وَاللهِ مَا أَرَاهُ مَرَّ عَلَى أُذُنِهِ شَيْءٌ قَطُّ إِلاَّ وَعَاهُ قَلْبُهُ -يَعْنِي: ابْنَ المُسَيِّبِ- وَإِنِّي أَرَى أَنَّ نَفْسَ سَعِيْدٍ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ:
بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَأْتِ المَسْجِدَ فَيَجِدُ أَهْلَهُ قَدِ اسْتَقْبَلُوْهُ خَارِجِيْنَ مِنَ الصَّلاَةِ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ مَا مَنَعَكَ مِنَ الحَجِّ إِلاَّ أَنَّكَ جَعَلْتَ للهِ عَلَيْكَ إِذَا رَأَيْتَ الكَعْبَةَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَى ابْنِ مَرْوَانَ.
قَالَ: مَا فَعَلْتُ، وَمَا أُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ دَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِم، وَإِنِّي قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ علِيَّ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعُمْرَةٌ، وَإِنِّي أَرَى نَاساً مِنْ قَوْمِكَ يَسْتَدِيْنُوْنَ، وَيَحِجُّوْنَ، وَيَعْتَمِرُوْنَ، ثُمَّ يَمُوْتُوْنَ، وَلاَ يُقْضَى عَنْهُم، وَلَجُمُعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حِجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ تَطَوُّعاً.
فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ الحَسَنَ، فَقَالَ: مَا قَالَ شَيْئاً، لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ، مَا حَجَّ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ اعْتَمَرُوا.
فَصْلٌ: فِي عِزَّةِ نَفْسِهِ وَصَدْعِهِ بِالحَقِّسَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِ المَالِ بِضْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، عَطَاؤُهُ.
وَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا، فَيَأْبَى، وَيَقُوْلُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي مَرْوَانَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ:
أَنَّهُ قِيْلَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا شَأْنُ الحَجَّاجَ لاَ يَبْعَثُ إِلَيْكَ، وَلاَ يُحَرِّكُكَ، وَلاَ يُؤْذِيْكَ؟
قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي، إِلاَّ أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَبِيْهِ المَسْجِدَ، فَصَلَّى صَلاَةً لاَ يُتِمُّ رُكُوْعَهَا وَلاَ سُجُوْدَهَا، فَأَخَذْتُ كَفّاً مِنْ حَصَىً، فَحَصَبْتُهُ بِهَا.
زَعَمَ أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: مَا زِلْتُ بَعْدُ أُحْسِنُ الصَّلاَةَ.
فِي (الطَّبَقَاتِ) لابْنِ سَعْدٍ : أَنْبَأَنَا كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُوْنٌ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المَلِيْحِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ:
قَدِمَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ المَدِيْنَةَ، فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ القَائِلَةُ، وَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ، هَلْ فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ حُدَّاثِنَا؟
فَخَرَجَ، فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فِي حَلْقَتِهِ، فَقَامَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ غَمَزَهُ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ وَلَّى، فَلَمْ يَتَحَرَّكْ سَعِيْدٌ.
فَقَالَ: لاَ أُرَاهُ فَطِنَ.
فَجَاءَ، وَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ غَمَزَهُ، وَقَالَ: أَلَمْ تَرَنِي أُشِيْرُ إِلَيْكَ؟
قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: إِلَيَّ أَرْسَلَكَ؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَالَ: انْظُرْ بَعْضَ حُدَّاثِنَا، فَلَمْ أَرَى أَحَداً أَهْيَأَ مِنْكَ.
قَالَ: اذْهَبْ، فَأَعْلِمْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ.
فَخَرَجَ الحَاجِبُ، وَهُوَ يَقُوْلُ: مَا أَرَى هَذَا الشَّيْخَ إِلاَّ مَجْنُوْناً.
وَذَهَبَ، فَأَخْبَرَ عَبْدَ المَلِكِ، فَقَالَ: ذَاكَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَدَعْهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَلْحَةَ الخُزَاعِيِّ، قَالَ:حَجَّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَة، وَوَقَفَ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، أَرْسَلَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ رَجُلاً يَدْعُوْهُ وَلاَ يُحَرِّكُهُ.
فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ، وَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَاقِفٌ بِالبَابِ يُرِيْدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ.
فَقَالَ: مَا لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَيَّ حَاجَةٌ، وَمَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ، وَإِنَّ حَاجَتَهُ لِي لَغَيْرُ مَقْضِيَّةٍ.
فَرَجَعَ الرَّسُوْلُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلاَ تُحَرِّكْهُ.
فَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلاً.
فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ إِلَيَّ فِيْكَ، مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ إِلاَّ بِرَأْسِكَ، يُرْسِلُ إِلَيْكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُكَلِّمُكَ تَقُوْلُ مِثْلَ هَذَا!
فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْراً، فَهُوَ لَكَ، وَإِنْ كَانَ يُرِيْدُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلاَ أَحُلُّ حَبْوَتِي حَتَّى يَقْضِيَ مَا هُوَ قَاضٍ.
فَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَا مُحَمَّدٍ، أَبَى إِلاَّ صَلاَبَةً.
زَادَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيْثِهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ:
فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوَلِيْدُ، قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَرَأَى شَيْخاً قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ.
فَلَمَّا جَلَسَ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ، فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: لَعَلَّكَ أَخْطَأْتَ بِاسْمِي، أَوْ لَعَلَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى غَيْرِي.
فَرَدَّ الرَّسُوْلَ، فَأَخْبَرَهُ، فَغَضِبَ، وَهَمَّ بِهِ.
قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمئِذٍ تَقِيَّةٌ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ، وَشَيْخُ قُرَيْشٍ، وَصَدِيْقُ أَبِيْكَ، لَمْ يَطْمَعْ مَلِكٌ قَبْلَكَ أَنْ يَأْتِيَهُ.
فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَضْرَبَ عَنْهُ.
عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ - مِنْ أَصْحَابِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ -: مَا عَلِمْتُ فِيْهِ
لِيْناً.قُلْتُ: كَانَ عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ أَمْرٌ عَظِيْمٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَسُوْءِ سِيْرَتِهِم، وَكَانَ لاَ يَقْبَلَ عَطَاءهُم.
قَالَ مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: لَوْ تَبَدَّيْتَ، وَذَكَرْتُ لَهُ البَادِيَةَ وَعَيْشَهَا وَالغَنَمَ.
فَقَالَ: كَيْفَ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الوَلِيْدُ بنُ عَطَاءِ بنِ الأَغَرِّ المَكِّيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ:
لَقَدْ رَأَيْتُنِي لَيَالِيَ الحَرَّةِ، وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي، وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَيَدْخُلُوْنَ زُمَراً يَقُوْلُوْنَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا المَجْنُوْنِ.
وَمَا يَأْتِي وَقْتُ صَلاَةٍ إِلاَّ سَمِعْتُ أَذَاناً فِي القَبْرِ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ، فَأَقَمْتُ، وَصَلَّيْتُ، وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي.
عَبْدُ الحَمِيْدِ هَذَا: ضَعِيْفٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدٌ أَيَّامَ الحَرَّةِ فِي المَسْجِدِ لَمْ يَخْرُجْ، وَكَانَ يُصَلِّي مَعَهُمُ
الجُمُعَةَ، وَيَخْرُجُ فِي اللَّيْلِ.قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ، أَسْمَعُ أَذَاناً يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ القَبْرِ، حَتَّى أَمِنَ النَّاسُ.
ذِكْرُ مِحْنَتِهِ:
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالُوا:
اسْتَعْمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جَابِرَ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَلَى المَدِيْنَةِ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ.
فَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: لاَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ.
فَضَرَبَهُ سِتِّيْنَ سَوْطاً، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَلُوْمُهُ، وَيَقُوْلُ: مَا لَنَا وَلِسَعِيْدٍ، دَعْهُ.
وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ جَابِرُ بنُ الأَسْوَدِ - عَامِلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى المَدِيْنَةِ - قَدْ تَزَوَّجَ الخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، فَلَمَّا ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، صَاحَ بِهِ سَعِيْدٌ وَالسِّيَاطُ تَأْخُذُهُ:
وَاللهِ مَا رَبَّعْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَإِنَّك تَزَوَّجْتَ الخَامِسَةَ قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، وَمَا هِيَ إِلاَّ لَيَالٍ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَسَوْفَ يَأْتِيْكَ مَا تَكْرَهُ.
فَمَا مَكَثَ إِلاَّ يَسِيْراً حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ:
أَنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مَرْوَانَ تُوُفِّيَ
بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَعَقَدَ عَبْدُ المَلِكِ لابْنَيْهِ: الوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالعَهْدِ، وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى البُلْدَانِ، وَعَامِلُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى المَدِيْنَةِ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَخْزُوْمِيُّ.فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ، فَبَايَعُوا، وَأَبَى سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ.
فَضَرَبَهُ هِشَامٌ سِتِّيْنَ سَوْطاً، وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ، حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَأْسَ الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ، قَالَ: أَيْنَ تَكُرُّوْنَ بِي؟
قَالُوا: إِلَى السِّجْنِ.
فَقَالَ: وَالله لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُهُ الصَّلْبُ، مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَداً.
فَرَدُّوْهُ إِلَى السِّجْنِ، فَحَبَسَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يُخْبِرُهُ بِخِلاَفِهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ يَلُوْمُهُ فِيْمَا صَنَعَ بِهِ، وَيَقُوْلُ: سَعِيْدٌ! كَانَ -وَاللهِ- أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَهُ خِلاَفٌ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
دَخَلَ قَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بِكِتَابِ هِشَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ يَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيْداً، وَطَافَ بِهِ.
قَالَ قَبِيْصَةُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يَفْتَاتُ عَلَيْكَ هِشَامٌ بِمِثْلِ هَذَا، وَاللهِ لاَ يَكُوْنُ سَعِيْدٌ أَبَداً أَمْحَلَ وَلاَ أَلَجَّ مِنْهُ حِيْنَ يُضْرَبُ، لَوْ لَمْ يُبَايِعْ سَعِيْدٌ، مَا كَانَ يَكُوْنُ مِنْهُ، وَمَا هُوَ مِمَّنْ يُخَافُ فَتْقُهُ، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اكْتُبْ إِلَيْهِ.
فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: اكْتُبْ أَنْتَ إِلَيْهِ عَنِّي تُخْبِرْهُ بِرَأْيِي فِيْهِ، وَمَا خَالَفَنِي مِنْ ضَرْبِ هِشَامٍ إِيَّاهُ.
فَكَتَبَ قَبِيْصَةُ بِذَلِكَ إِلَى سَعِيْدٍ، فَقَالَ سَعِيْدٌ حِيْنَ قَرَأَ الكِتَابَ: اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمنِي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ السِّجْنَ، فَإِذَا هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ، فَجُعِلَ الإِهَابُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضْباً رَطْباً.
وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ انْصُرْنِي مِنْ هِشَامٍ.
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ:دُعِيَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَ أَبِيْهِمَا، فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ اثْنَيْنِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
فَقِيْلَ: ادْخُلْ وَاخْرُجْ مِنَ البَابِ الآخَرِ.
قَالَ: وَاللهِ لاَ يَقْتَدِي بِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.
قَالَ: فَجَلَدَهُ مائَةً، وَأَلْبَسَهُ المُسُوْحَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بنُ جَمِيْلٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدٍ القَارِّيُّ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ حِيْنَ قَامَتِ البَيْعَةُ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالمَدِيْنَةِ: إِنِّي مُشِيْرٌ عَلَيْكَ بِخِصَالٍ.
قَالَ: مَا هُنَّ؟
قَالَ: تَعْتَزِلُ مَقَامَكَ، فَإِنَّكَ تَقُوْمُ حَيْثُ يَرَاكَ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ.
قَالَ: مَا كُنْتُ لأُغَيِّرَ مَقَاماً قُمْتُهُ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: تَخْرُجُ مُعْتَمِراً.
قَالَ: مَا كُنْتُ لأُنْفِقَ مَالِي وَأُجْهِدَ بَدَنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ لِي فِيْهِ نِيَّةٌ.
قَالَ: فَمَا الثَّالِثَةُ؟
قَالَ: تُبَايِعُ.
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ اللهُ أَعْمَى قَلْبَكَ كَمَا أَعْمَى بَصَرَكَ، فَمَا عَلَيَّ؟
قَالَ: - وَكَانَ أَعْمَى - قَالَ رَجَاءٌ: فَدَعَاهُ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى البَيْعَةِ، فَأَبَى، فَكَتَبَ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: مَالَكَ وَلِسَعِيْدٍ، وَمَا كَانَ عَلَيْنَا مِنْهُ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلْتَ، فَاضْرِبْهُ ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً، وَأَلْبِسْهُ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ، لِئَلاَّ يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ.
فَدَعَاهُ هِشَامٌ، فَأَبَى، وَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ لاثْنَيْنِ.
فَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَضَرَبَه ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً، وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ.
فَحَدَّثَنِي الأَيْلِيُّوْنَ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي الشُّرَطِ بِالمَدِيْنَةِ، قَالُوا:
عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَلْبَسُ التُّبَّانَ طَائِعاً، قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ القَتْلُ، فَاسْتُرْ عَوْرَتَكَ.
قَالَ: فَلَبِسَهُ، فَلَمَّا ضُرِبَ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّا خَدَعْنَاهُ.
قَالَ: يَا مُعَجِّلَةَ أَهْلِ أَيْلَةَ، لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ القَتْلُ مَا لَبِسْتُهُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ حِيْنَ ضُرِبَ فِي تُبَّانٍ شَعْرٍ.
يَحْيَى بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ:أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَقَدْ أُلْبِسَ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَأُقِيْمَ فِي الشَّمْسِ، فَقُلْتُ لِقَائِدِي: أَدْنِنِي مِنْهُ.
فَأَدْنَانِي، فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَفُوْتَنِي، وَهُوَ يُجِيْبُنِي حِسْبَةً، وَالنَّاسُ يَتَعَجَّبُوْنَ.
قَالَ أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ:
أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ خَمْسِيْنَ سَوْطاً، وَأَقَامَهُ بِالحَرَّةِ، وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ.
فَقَالَ سَعِيْدٌ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُم لاَ يَزِيْدُوْنِي عَلَى الضَّرْبِ مَا لَبِسْتُهُ، إِنَّمَا تَخَوَّفْتُ مِنْ أَنْ يَقْتُلُوْنِي، فَقُلْتُ: تُبَّانٌ أَسْتَرُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ، قَالَ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: ادْعُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ دِيْنَكَ، وَأَظْهِرْ أَوْلِيَاءكَ، وَاخْزِ أَعْدَاءكَ فِي عَافِيَةٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: عَنْ أَبِي يُوْنُسَ القَوِيِّ، قَالَ:
دَخَلْتُ مَسْجِدَ المَدِيْنَةِ، فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُ؟
قِيْلَ: نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ.
هَمَّامٌ: عَنْ قَتَادَةَ:
أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُجَالِسَهُ، قَالَ: إِنَّهُم قَدْ جَلَدُوْنِي، وَمَنَعُوا النَّاسَ أَنْ يُجَالِسُوْنِي.
عَنْ أَبِي عِيْسَى الخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
لَا تَمْلَؤُوا أَعْيُنَكُم مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إِلاَّ بِإِنْكَارٍ مِنْ قُلُوْبِكُم، لِكَيْلاَ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُم.
تَزْوِيْجُهُ ابْنَتَهُ:أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ الشُّرُوْطِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ:
كُتِبَ إِلَى ضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ.
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ، عَنْ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَتْ بِنْتُ سَعِيْدٍ قَدْ خَطَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ لابْنِهِ الوَلِيْدِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَالُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَيْهِ حَتَّى ضَرَبَهُ مائَةَ سَوْطٍ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ، وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوْفٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَعْنِي: كَثِيْراً- قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً، فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟
قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا.
فَقَالَ: أَلاَ أَخْبَرْتَنَا، فَشَهِدْنَاهَا.
ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟
فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إِلاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟
قَالَ: أَنَا.
فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ تَحَمَّدَ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوَّجَنِي عَلَى دِرْهَمَيْنِ -أَوْ قَالَ: ثَلاَثَةٍ- فَقُمْتُ، وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَحِ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيْمَنْ أَسْتدِيْنُ.
فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ، وَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي، وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِماً، فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ، وَكَانَ خُبْزاً وَزَيْتاً، فَإِذَا بَابِي يُقْرَعُ.
فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: سَعِيْدٌ.
فَأَفْكَرْتُ فِي كُلِّ مَنِ
اسْمُهُ سَعِيْدٌ إِلاَّ ابْنَ المُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ.فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟
قَالَ: لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً، فَتَزَوَّجْتَ، فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ، وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ.
فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا، فَدَفَعَهَا فِي البَابِ، وَرَدَّ البَابَ.
فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ، فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ، ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ تَرَاهُ، ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ، فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ، فَجَاؤُوْنِي، فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُم، وَنَزَلُوا إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي، فَجَاءتْ، وَقَالَتْ:
وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ.
فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى تَقَوَّضَ المَجْلِسُ.
فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟
قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ، وَيَكْرَهُ العَدُوُّ.
قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ، فَالعَصَا.
فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: ابْنُ أَبِي وَدَاعَةَ هُوَ كَثِيْرُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: هُوَ سَهْمِيٌّ، مَكِيٌّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ المُطَّلِبِ؛ أَحَدِ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ؛ جَعْفَرُ بنُ كَثِيْرٍ، وَابْنُ حَرْمَلَةَ.
تَفَرَّدَ بِالحِكَايَةِ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ.
وَعَلَى ضَعْفِهِ قَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:زَوَّجَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بِنْتاً لَهُ مِنْ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَ لَهَا: شُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، وَاتْبَعِيْنِي.
فَفَعَلَتْ، ثُمَّ قَالَ: صَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى زَوْجِهَا، فَوَضَعَ يَدَهَا فِي يَدهِ، وَقَالَ: انْطَلِقْ بِهَا.
فَذَهَبَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْهَا أَمُّهُ، قَالَتْ: مَنْ هَذِهِ؟
قَالَ: امْرَأَتِي.
قَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتَّى أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْشٍ.
فَأَصْلَحَتْهَا، ثُمَّ بَنَى بِهَا.
وَمِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالتَّعْبِيْرِ:
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيْهَا.
ثُمَّ سَاقَ الوَاقِدِيُّ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ، مِنْهَا :
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُسَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبِ بنِ قُلَيْعٍ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عِنْد سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ يَوْماً، وَقَدْ ضَاقَتْ بِيَ الأَشْيَاءُ، وَرَهِقَنِي دَيْنٌ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ، فَأَضْجَعْتُهُ إِلَى الأَرْضِ، وَبَطَحْتُهُ، فَأَوْتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ.
قَالَ: مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا.
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: لاَ أُخْبِرُكَ أَوْ تُخْبِرَنِي.
قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا، وَهُوَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ.
قَالَ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ، قَتَلَهُ عَبْدُ المَلِكِ، وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ المَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُم يَكُوْنُ خَلِيْفَةً.
قَالَ: فَرَحلْتُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِالشَّامِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَسُرَّ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيْدٍ وَعَنْ حَالِهِ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَأَمَرَ بِقَضَاءِ دَيْنِي، وَأَصَبْتُ مِنْهُ خَيْراً.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ، قَالَ:قَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُ كَأَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ يَبُوْلُ فِي قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعَ مِرَارٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ:
إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، قَامَ فِيْهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاءَ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ، عَنْ شَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: رَأَيْتُ كَأَنَّ أَسْنَانِي سَقَطَتْ فِي يَدِي، ثُمَّ دَفَنْتُهَا.
فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ :
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُسَيِّبِ: رَأَيْتُ أَنِّي أَبُوْلُ فِي يَدِي.
فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ مَحْرَمٍ.
فَنَظَرَ، فَإِذَا امْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ.
وَبِهِ: وَجَاءهُ آخَرُ، فَقَالَ: أَرَانِي كَأَنِّي أَبُوْلُ فِي أَصْلِ زَيْتُوْنَةٍ.
فَقَالَ: إِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ رَحِمٍ.
فَنَظَرَ، فَوَجَدَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً وَقَعَتْ عَلَى المَنَارَةِ.
فَقَالَ: يَتَزَوَّجُ الحَجَّاجُ ابْنَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
وَبِهِ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: الكَبْلُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدِّيْنِ.
قِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي الظِّلِ، فَقُمْتُ إِلَى الشَّمْسِ.
فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ، لَتَخْرُجَنَّ مِنَ الإِسْلاَمِ.
قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنِّي أَرَانِي
أُخْرِجْتُ حَتَّى أُدْخِلْتُ فِي الشَّمْسِ، فَجَلَسْتُ.قَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ.
قَالَ: فَأُسِرَ، وَأُكْرِهَ عَلَى الكُفْرِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا بِالمَدِيْنَةِ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ السَّائِبِ:
قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُسَيِّبِ: إِنَّهُ رَأَى كَأَنَّهُ يَخُوْضُ النَّارَ.
قَالَ: لاَ تَمُوْتُ حَتَّى تَرْكَبَ البَحْرَ، وَتَمُوْتَ قَتِيْلاً.
فَرَكِبَ البَحْرَ، وَأَشْفَى عَلَى الهَلَكَةِ، وَقُتِلَ يَوْمَ قُدَيْدٍ.
وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ خَوَّاتٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
آخِرُ الرُّؤْيَا أَرْبَعُوْنَ سَنَةً -يَعْنِي: تَأْوِيْلَهَا -.
رَوَى هَذَا الفَصْلَ: ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ ) ، عَنِ الوَاقِدِيِّ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
رَأَى الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ كَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوْبٌ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ.
فَقَصُّوْهَا عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ، فَقَلَّمَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ.
فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ:
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ.
ثُمَّ قَالَ لَنَا سَعِيْدٌ - وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، وَهُوَ يَعْشُو بِالأُخْرَى -: مَا شَيْءٌ أَخَوْفُ عِنْدِي مِنَ النِّسَاءِ.
وَقَالَ: مَا أُصَلِّي صَلاَةً، إِلاَّ دَعَوْتُ اللهَ عَلَى بَنِي مَرْوَانَ.قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
مَا سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ سَبَّ أَحَداً مِنَ الأَئِمَّةِ، إِلاَّ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
قَاتَلَ الله فُلاَناً، كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ قَالَ: (الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ) .
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً.
العَطَّافُ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
قَالَ سَعِيْدٌ: لاَ تَقُوْلُوا مُصَيْحِفٌ، وَلاَ مُسَيْجِدٌ، مَا كَانَ للهِ فَهُوَ عَظِيْمٌ حَسَنٌ جَمِيْلٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْل:
لاَ خَيْرَ فِيْمَنْ لاَ يُرِيْدُ جَمْعَ المَالِ مِنْ حِلِّهِ، يُعْطِي مِنْهُ حَقَّهُ، وَيَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ عَنِ النَّاسِ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ خَلَّفَ مائَةَ دِيْنَارٍ.وَعَنْ عَبَّادِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ خَلَّفَ أَلْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا إِلاَّ لأَصُوْنَ بِهَا دِيْنِي.
وَعَنْهُ، قَالَ: مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ، افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
دَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ: عَنْ بِشْرِ بنِ عَاصِمٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَا عَمِّ، أَلاَ تَخْرُجُ، فَتَأْكُلَ اليَوْمَ مَعَ قَوْمِكَ؟
قَالَ: مَعَاذِ اللهِ يَا ابْنَ أَخِي! أَدَعُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ صَلاَةً خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَقَدْ سَمِعْتُ كَعْباً يَقُوْلُ:
وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ عَادَ قَطِرَاناً.تَتْبَعُ قُرَيْشٌ أَذْنَابَ الإِبِلِ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الشَّاذِّ، وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ.
العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ:
أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ، فَقَالُوا: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى العَقِيْقِ، فَنَظَرْتَ إِلَى الخُضْرَةِ، لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً.
قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ وَالصُّبْحِ.
العَطَّافُ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ:
قُلْتُ لِبُرْدٍ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ: مَا صَلاَةُ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، إِنَّهُ لَيُصَلِّي صَلاَةً كَثِيْرَةً، إِلاَّ أَنَّهُ يَقْرَأُ بـ: {ص، وَالقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } .
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ العَبَّاسِ الأَسَدِيُّ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يُذَكِّرُ، وَيُخَوِّفُ، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ، وَسَمِعْتُهُ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ الشِّعْرَ، وَكَانَ لاَ يُنْشِدُهُ، وَرَأَيْتُهُ يَمْشِي حَافِياً وَعَلَيْهِ بَتٌّ، وَرَأَيْتُهُ يُخْفِي شَارِبَهُ شَبِيْهاً بِالحَلْقِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ، وَكَانَ يَكْرَهُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بَأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي رَحْلِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ مُلاَءً شَرْقِيَّةً.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَا أُحْصِي مَا رَأَيْتُ
عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ مِنْ عِدَّةِ قُمُصِ الهَرَوِيِّ، وَكَانَ يَلْبَسُ هَذِهِ البُرُوْدَ الغَالِيَةَ البِيْضَ.أَبَانُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ:
سَأَلْتُ سَعِيْداً عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى الطَّنْفِسَةِ، فَقَالَ: مُحْدَثٌ.
مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، حَدَّثَتْنِي غُنَيْمَةُ جَارِيَةُ سَعِيْدٍ:
أَنَّهُ كَانَ لاَ يَأْذَنُ لِبِنْتِهِ فِي لُعَبِ العَاجِ، وَيُرَخِّصُ لَهَا فِي الكَبَرِ - تَعْنِي: الطَّبْلَ -.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ:
مَا تِجَارَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ البَّزِّ، مَا لَمْ يَقَعْ فِيْهِ أَيْمَانٌ !
مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ:
قَالَ بُرْدٌ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ!
قَالَ سَعِيْدٌ: وَمَا يَصْنَعُوْنَ؟
قَالَ: يُصَلِّي أَحَدُهُم الظُّهْرَ، ثُمَّ لاَ يَزَالُ صَافّاً رِجْلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ العَصْرَ.
فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا بُرْدُ! أَمَا -وَاللهِ- مَا هِيَ بِالعِبَادَةِ، إِنَّمَا العِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ، وَالكَفُّ عَنْ مَحَارِم اللهِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ:
قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَا خِفْتُ عَلَى نَفْسِي شَيْئاً مَخَافَةَ النِّسَاءِ.
قَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يُرِيْدُ النِّسَاءَ، وَلاَ تُرِيْدُهُ النِّسَاءُ.
فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُوْلُ لَكُم.
وَكَانَ شَيْخاً كَبِيْراً، أَعْمَشَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ:قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليُسْرَيْنِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، قَالَ:
قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُوْمُ، فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلَى جَسَدِهِ.
فَقَامَ، وَجَاءَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ وَجْهَ زِنْجِيٍّ، وَجَسَدُهُ أَبْيَضُ.
فَقَالَ سَعِيْدٌ: إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلاَءِ: طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم - فَنَهَيْتُهُ، فَأَبَى، فَدَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَسَوَّدَ اللهُ وَجْهَكَ.
فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قَرْحَةٌ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ.
مَالِكٌ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَنْ آيَةٍ، فَقَالَ سَعِيْدٌ: لاَ أَقُوْلُ فِي القُرْآنِ شَيْئاً.
قُلْتُ: وَلِهَذَا قَلَّ مَا نُقِل عَنْهُ فِي التَّفْسِيْرِ.
ذِكْرُ لِبَاسِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي (الطَّبَقَاتِ ) : أَخْبَرَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ نِسْطَاسَ، قَالَ:
رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، ثُمَّ يُرْسِلُهَا خَلْفَهُ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَاراً وَطَيْلَسَاناً وَخُفَّيْنِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ:
أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَطِيْفَةٌ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ، لَهَا عَلَمٌ أَحْمَرُ، يُرْخِيْهَا وَرَاءهُ شِبْراً.
أَخْبَرَنَا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عُثَيْمٌ:
رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ فِي الفِطْرِ
وَالأَضْحَى عِمَامَةً سَوْدَاءَ، وَيَلْبَسُ عَلَيْهَا بُرْنُساً أَحْمَرَ أُرْجُوَاناً.أَخْبَرَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ:
رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ بُرْنُسَ أُرْجُوَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ:
رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدٍ قَمِيْصاً إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَكُمَّاهُ إِلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَرِدَاءً فَوْقَ القَمِيْصِ، خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ.
أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عِمْرَانَ، قَالَ:
كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً أَزْرَارُهُ دِيْبَاجٌ.
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: لَمْ أَرَ سَعِيْداً لَبِسَ غَيْرَ البَيَاضِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ سَرَاوِيْلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ الخَزَّ.
أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَخْضِبُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الغُصْنِ:
أَنَّهُ
رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ أَبَيْضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالمَكْتَبِ، قَالَ لِلصِّبْيَانِ: هَؤُلاَءِ النَّاسُ بَعْدَنَا.
ذِكْرُ مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وَهُوَ شَدِيْدُ المَرَضِ، وَهُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ يُوْمِئُ إِيْمَاءً، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: بِـ (الشَّمْسِ وَضُحَاهَا) .
الثَّوْرِيُّ: عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا.
فَقَالَ: مَا يَقُوْلُ رَاجِزُهُم! قَدْ حَرَّجْتُ عَلَى أَهْلِي أَنْ يَرْجُزَ مَعِي رَاجِزٌ، وَأَنْ يَقُوْلُوا: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، حَسْبِي مَنْ يَقْلِبُنِي إِلَى رَبِّي، وَأَنْ يَمْشُوا مَعِي بِمِجْمَرٍ، فَإِنْ أَكُنْ طَيِّباً، فَمَا عِنْدَ اللهِ أَطْيَبُ مِنْ طِيْبِهِم.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ:
أَوْصَيْتُ أَهْلِي بِثَلاَثٍ: أَنْ لاَ يَتْبَعَنِي رَاجِزٌ وَلاَ نَارٌ، وَأَنْ يَعْجَلُوا بِي، فَإِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، فَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا عِنْدَكُم.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيِّ، قَالَ:
اشْتدَّ وَجَعُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ يَعُوْدُهُ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ نَافِعٌ: وَجِّهُوْهُ. فَفَعَلُوا، فَأَفَاقَ،
فَقَالَ: مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُحَوِّلُوا فِرَاشِي إِلَى القِبْلَةِ، أَنَافِعٌ؟قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ لَهُ سَعِيْدٌ: لَئِنْ لَمْ أَكُنْ عَلَى القِبْلَةِ وَالمِلَّةِ وَاللهِ لاَ يَنْفَعُنِي تَوْجِيْهُكُم فِرَاشِي.
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنْ أَخِيْهِ المُغِيْرَةِ:
أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيْهِ عَلَى سَعِيْدٍ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَوُجِّهِ إِلَى القِبْلَةِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ:
مَنْ صَنَعَ بِي هَذَا، أَلَسْتُ امْرَءاً مُسْلِماً؟ وَجْهِي إِلَى اللهِ حَيْثُ مَا كُنْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ القَيْسِ الزَّيَّاتُ، عَنْ زُرْعَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: يَا زُرْعَةُ، إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى ابْنِي مُحَمَّدٍ لاَ يُؤْذِنَنَّ بِي أَحَداً، حَسْبِي أَرْبَعَةٌ يَحْمِلُوْنِي إِلَى رَبِّي.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، تَرَكَ دَنَانِيْرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَتْرُكْهَا إِلاَّ لأَصُوْنَ بِهَا حَسَبِي وَدِيْنِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ:
شَهِدتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَوْمَ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَرَأَيْتُ قَبْرَهُ قَدْ رُشَّ عَلَيْهِ المَاءُ، وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السَّنَةِ سَنَةَ الفُقَهَاءِ؛ لَكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُم فِيْهَا.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ عِدَّةُ فُقَهَاءٍ، مِنْهُم سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ.
وَفِيْهَا أَرَّخَ وَفَاةَ ابْنِ المُسَيِّبِ: سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالوَاقِدِيُّ.
وَمَا ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ سِوَاهُ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ:
أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَأَمَّا مَا قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، فَغَلَطٌ.
وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُم، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ.
وَمَالَ إِلَيْهِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
آخِرُ التَّرْجَمَةِ، وَالحَمْدُ للهِ.
سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى
أبو محمد. ويقال: أبو عبد العزيز التنوخي فقيه أهل دمشق ومفتيهم بعد الأوزاعي.
حدث سعيد بن عبد العزيز عن زياد بن أبي سودة قال: رؤي عبادة بن الصامت وهو على سور بيت المقدس الشرقي وهو يبكي. قال: فقيل: ما يبكيك يا أبا الوليد؟ قال: من هاهنا، أخبرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه رأى جهنم.
ولد سعيد بن عبد العزيز سنة تسعين، وكان الحاكم أبو عبد الله يقول: سعيد بن عبد العزيز لأهل الشام كمالك بن أنس لأهل المدينة في التقدم، والفضل، والفقه، والأمانة.
قال إسحاق بن إبراهيم: كنت أرى سعيد بن عبد العزيز مستقبل القبلة يصلي، قال: وكنت أسمع لدموعه وقعاً على الحصير.
قال أبو عبد الرحمن الأسدي: قلت لسعيد بن عبد العزيز: يا أبا محمد! ما هذا البكاء الذي يعرض لك في الصلاة؟
فقال: يا بن أخي! وما سؤالك عن ذلك!؟ قلت: لعل الله أن ينفعني به. فقال سعيد: ما قمت إلى صلاة إلا مثلت لي جهنم.
قال الوليد بن مسلم: رأيت سعيد بن عبد العزيز شيخاً كبيراً إذا فاتته الصلاة في جماعة أخذ بلحيته وقعد يبكي.
قال عبد الواحد بن بسر النصري، من ولد عبد الله عامل المدينة ومكة، قال: خرجت في آخر الليل أريد المسجد، فوجدت باب البريد مغلقاً، فدنوت من الباب، فإذا هو لم يفتح، فاعتزلت ناحيةً، فأقبل شيخ يهلل ويكبر، حتى صار إلى باب المسجد، فدفعه فانفتح، قال: فلحقت به، فإذا الباب مغلق، فجلست ناحية أنتظر الفتح، فأذن المؤذن للفجر، وفتح الباب، فدخلت، فلم يكن لي همٌّ إلا أن أعرف من الشيخ، فإذا هو سعيد بن عبد العزيز يحيي الليل، فإذا طلع الفجر جدد وضوءه وخرج إلى المسجد. قال أبو مسهر: ما رأيت سعيد بن عبد العزيز ضحك قط ولا تبسم ولا رأيته شكا شيئاً قط ولا رأيته سأل إنساناً شيئاً قط. زاد غيره ولا عاب شيئاً قط.
قال أبو مسهر: ينبغي للرجل أن يقتصر على علم بلده وعلى علم عالمه، فلقد رأيتني أقتصر على سعيد بن عبد العزيز، فما أفتقر معه إلى أحد.
قال أبو مسهر: كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته، وكان يعرض عليه قبل أن يموت، وكان يقو: لا أجيزها.
وكان سعيد بن عبد العزيز يقول:
ذكر الله شفاء يبرىء من الداء، وذكر الناس داء لا يقبل الشفاء.
قال سعيد بن عبد العزيز: لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين: صموت واعٍ، وناطق عارف.
وقال سعيد بن عبد العزيز: من أحسن فليرج الثواب، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء، ومن أخذ عزاً بغير حق أورثه الله ذلاًّ بحق، ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم.
قال سعيد بن عبد العزيز: من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم.
وقال: الدنيا غنيمة الآخرة.
وسئل سعيد بن عبد العزيز عن الكفاف من الرزق: ما هو؟ قال: شبع يوم وجوع يوم.
قال سعيد بن عبد العزيز: من استخار واستشار فقد قضى ما عليه.
قال حبيب بن أوس: تذوكر الكلام في مجلس سعيد بن عبد العزيز وحسنه، والصمت ونبله، فقال: ليس النجم كالقمر، إنك إنما تمدح السكوت بالكلام، ولن تمدح الكلام بالسكوت، وما نبأ عن شيء فهو أكبر منه.
روي عن ابنٍ لسعيد بن عبد العزيز الأصغر أنه قال: رأيت في المنام من قبل أن يموت أبي بأربع أني دخلت من باب الخضراء، فإذا أنا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس في مجلس ابن جابر، وإذا رأس أبي في حجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقال لي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارفق بهذا الشيخ، فكأنه قد فارقك. قال: فما لبث بعد ذلك إلا أربعاً حتى مات.
ولد سعيد سنة سبع وستين. ومات سنة تسع وخمسين ومئة.
وقيل سنة ثلاث وستين ومئة، وهو وهم، قال: والصواب أنه توفي سنة سبع وستين. وقيل: توفي سنة أربع وستين، وهو وهم أيضاً. وقيل: توفي سنة سبع وخمسين ومئة، وقيل سنة تسع وستين.
وقيل: ولد سنة ثلاث وثمانين، وتوفي سنة سبع وستين، فكانت وفاته وهو ابن أربع وثمانين، وقيل: توفي سنة ثمان وستين.
قال مروان بن محمد: رأيت ابن حلبس في النوم، قال: فقلت: إلى شيء صرت؟ قال: إلى خير. قال: قلت: فسعيد بن عبد العزيز؟ قال: هيهات، رفع ذاك إلى عليين.
أبو محمد. ويقال: أبو عبد العزيز التنوخي فقيه أهل دمشق ومفتيهم بعد الأوزاعي.
حدث سعيد بن عبد العزيز عن زياد بن أبي سودة قال: رؤي عبادة بن الصامت وهو على سور بيت المقدس الشرقي وهو يبكي. قال: فقيل: ما يبكيك يا أبا الوليد؟ قال: من هاهنا، أخبرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه رأى جهنم.
ولد سعيد بن عبد العزيز سنة تسعين، وكان الحاكم أبو عبد الله يقول: سعيد بن عبد العزيز لأهل الشام كمالك بن أنس لأهل المدينة في التقدم، والفضل، والفقه، والأمانة.
قال إسحاق بن إبراهيم: كنت أرى سعيد بن عبد العزيز مستقبل القبلة يصلي، قال: وكنت أسمع لدموعه وقعاً على الحصير.
قال أبو عبد الرحمن الأسدي: قلت لسعيد بن عبد العزيز: يا أبا محمد! ما هذا البكاء الذي يعرض لك في الصلاة؟
فقال: يا بن أخي! وما سؤالك عن ذلك!؟ قلت: لعل الله أن ينفعني به. فقال سعيد: ما قمت إلى صلاة إلا مثلت لي جهنم.
قال الوليد بن مسلم: رأيت سعيد بن عبد العزيز شيخاً كبيراً إذا فاتته الصلاة في جماعة أخذ بلحيته وقعد يبكي.
قال عبد الواحد بن بسر النصري، من ولد عبد الله عامل المدينة ومكة، قال: خرجت في آخر الليل أريد المسجد، فوجدت باب البريد مغلقاً، فدنوت من الباب، فإذا هو لم يفتح، فاعتزلت ناحيةً، فأقبل شيخ يهلل ويكبر، حتى صار إلى باب المسجد، فدفعه فانفتح، قال: فلحقت به، فإذا الباب مغلق، فجلست ناحية أنتظر الفتح، فأذن المؤذن للفجر، وفتح الباب، فدخلت، فلم يكن لي همٌّ إلا أن أعرف من الشيخ، فإذا هو سعيد بن عبد العزيز يحيي الليل، فإذا طلع الفجر جدد وضوءه وخرج إلى المسجد. قال أبو مسهر: ما رأيت سعيد بن عبد العزيز ضحك قط ولا تبسم ولا رأيته شكا شيئاً قط ولا رأيته سأل إنساناً شيئاً قط. زاد غيره ولا عاب شيئاً قط.
قال أبو مسهر: ينبغي للرجل أن يقتصر على علم بلده وعلى علم عالمه، فلقد رأيتني أقتصر على سعيد بن عبد العزيز، فما أفتقر معه إلى أحد.
قال أبو مسهر: كان سعيد بن عبد العزيز قد اختلط قبل موته، وكان يعرض عليه قبل أن يموت، وكان يقو: لا أجيزها.
وكان سعيد بن عبد العزيز يقول:
ذكر الله شفاء يبرىء من الداء، وذكر الناس داء لا يقبل الشفاء.
قال سعيد بن عبد العزيز: لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين: صموت واعٍ، وناطق عارف.
وقال سعيد بن عبد العزيز: من أحسن فليرج الثواب، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء، ومن أخذ عزاً بغير حق أورثه الله ذلاًّ بحق، ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم.
قال سعيد بن عبد العزيز: من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم.
وقال: الدنيا غنيمة الآخرة.
وسئل سعيد بن عبد العزيز عن الكفاف من الرزق: ما هو؟ قال: شبع يوم وجوع يوم.
قال سعيد بن عبد العزيز: من استخار واستشار فقد قضى ما عليه.
قال حبيب بن أوس: تذوكر الكلام في مجلس سعيد بن عبد العزيز وحسنه، والصمت ونبله، فقال: ليس النجم كالقمر، إنك إنما تمدح السكوت بالكلام، ولن تمدح الكلام بالسكوت، وما نبأ عن شيء فهو أكبر منه.
روي عن ابنٍ لسعيد بن عبد العزيز الأصغر أنه قال: رأيت في المنام من قبل أن يموت أبي بأربع أني دخلت من باب الخضراء، فإذا أنا بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس في مجلس ابن جابر، وإذا رأس أبي في حجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقال لي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارفق بهذا الشيخ، فكأنه قد فارقك. قال: فما لبث بعد ذلك إلا أربعاً حتى مات.
ولد سعيد سنة سبع وستين. ومات سنة تسع وخمسين ومئة.
وقيل سنة ثلاث وستين ومئة، وهو وهم، قال: والصواب أنه توفي سنة سبع وستين. وقيل: توفي سنة أربع وستين، وهو وهم أيضاً. وقيل: توفي سنة سبع وخمسين ومئة، وقيل سنة تسع وستين.
وقيل: ولد سنة ثلاث وثمانين، وتوفي سنة سبع وستين، فكانت وفاته وهو ابن أربع وثمانين، وقيل: توفي سنة ثمان وستين.
قال مروان بن محمد: رأيت ابن حلبس في النوم، قال: فقلت: إلى شيء صرت؟ قال: إلى خير. قال: قلت: فسعيد بن عبد العزيز؟ قال: هيهات، رفع ذاك إلى عليين.