سعيد بْن إسماعيل بْن سعيد بْن منصور، أبو عثمان الواعظ الحيري :
ولد بالري ونشأ بها، ثم انتقل إلى نيسابور فسكنها إلى أن توفي بها. وكان قد سمع بالري من محمد بن مقاتل، وموسى بن نصر، وبالعراق من محمد بن إسماعيل الأحمسي وحميد بن الربيع اللخمي، وغيرهما. ودخل بغداد. ويقال إنه كان مستجاب الدعوة.
حدثت عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان قال: سمعت أبا عثمان سعيد
ابن إسماعيل يقول: دخلت بغداد على رجل في بيته، فرأيت ثمة حصيرا وكوزا مكسورا. قال: فكنت أنظر في البيت قال: ففطن الرجل فقال: العفا خير من العافية.
أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إبراهيم العبدوي- بنيسابور- قَالَ: سمعتُ أَبَا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن العباس العصمي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي عثمان يقول:
سمعت أبي أبا عثمان- وقام في مجلسه رجل من أهل بغداد- فقال: يا أبا عثمان متى يكون الرجل صادقا في حب مولاه؟ قال: إذا خلا من خلافه، كان صادقا في حبه.
قال: فوضع الرجل التراب على رأسه وصاح وقال: كيف أدعي حبه ولم أخل طرفة عين من خلافه؟ قال: فبكى أبو عثمان وأهل المجلس، وجعل أبو عثمان يبكي ويقول: صادق في حبه، مقصر في حقه.
وأَخْبَرَنَا أبو حازم قال: سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول: سمعت أبا عثمان سعيد ابن إسماعيل يقول: لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوما. قال أبو حازم: لم يزدنا أبو عمرو على هذا القدر، فسمعت أبا عبد الله بن أبي ذهل يقول: سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول: كنت أختلف إلى أبي عثمان مدة في وقت شبابي، وكنت قد حظيت عنده، فقضي من القضاء أني اشتغلت مرة بشيء مما تشتغل به الفتيان، فنقل ذلك إلى أبي عثمان، فانقطعت عنه بعد ذلك، فافتقدني، فأقمت على انقطاعي عنه، وكنت إذا رأيته في طريق- أو من بعيد- اختفيت في موضع حتى لا تقع عينه علي، فدخلت يوما سكة من السكك فخرج علي أبو عثمان من عطفة في السكة، فلم أجد عنه محيصا، فتقدمت إليه وأنا دهش متشوش، فلما رأى ذلك قال لي: يا أبا عمرو لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوما، هذا معنى الحكاية.
حدثت عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الْعُصْمي قَالَ: سمعت أبا بكر بن أبي عثمان يقول:
سمعت أبي يقول: طول العتاب فرقة، وترك العتاب حشمة.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم العبدوي قَالَ: سمعتُ أَبَا عمرو إسماعيل بن نجيد يقول: سمعت أبا عثمان سعيد بْن إسماعيل يقول: موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم.
وأَخْبَرَنَا أبو حازم قال: سمعت محمد بن حمدويه الحافظ يقول: سمعت أمي تقول: سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول: كنا نؤخر اللعب والضحك والحديث إلى أن يدخل أبو عثمان في ورده من الصلاة، فإنه كان إذا دخل ستر الخلوة لم يحس بشيء من الحديث وغيره.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أمي تقول: سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول: صادفت من أبي عثمان خلوة فاغتنمتها، فقلت: يا أبا عثمان أي عملك أرجى عندك؟ فقال: يا مريم لما ترعرعت وأنا بالري، وكانوا يريدونني على التزويج فأمتنع، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان قد أحببتك حبا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب، وأتوسل به إليك أن تتزوج بي. قلت: ألك والد؟ قالت: نعم فلان الخياط في موضع كذا وكذا فراسلت أباها أن يزوجها مني ففرح بذلك، وأحضرت الشهود فتزوجت بها، فلما دخلت بها وجدتها عوراء، عرجاء، مشوهة الخلق، فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته لي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك فأزيدها برا وإكراما، إلى أن صارت بحيث لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجالس إيثارا لرضاها وحفظا لقلبها. ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة، وكأني في بعض أوقاتي على الجمر وأنا لا أبدي لها شيئا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.
أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري النيسابوري قَالَ: سمعتُ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السلمي يَقُولُ: سمعت عبد الله بن محمد الشعراني يقول: سمعت أبا عثمان يقول: منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته.
أَخْبَرَنَا أبو حازم، أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن مطر قال: حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد، فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد للتذكير، فسكت حتى طال سكوته، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس: نرى أن تقول في سكوتك شيئا، فأنشأ يقول:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي والطبيب مريض
قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج.
أَخْبَرَنِي محمد بن علي المقرئ، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: سمعت أبا الحسن بن أبي عثمان الزاهد يقول: توفي أبي ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين ومائتين.
ولد بالري ونشأ بها، ثم انتقل إلى نيسابور فسكنها إلى أن توفي بها. وكان قد سمع بالري من محمد بن مقاتل، وموسى بن نصر، وبالعراق من محمد بن إسماعيل الأحمسي وحميد بن الربيع اللخمي، وغيرهما. ودخل بغداد. ويقال إنه كان مستجاب الدعوة.
حدثت عن أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان قال: سمعت أبا عثمان سعيد
ابن إسماعيل يقول: دخلت بغداد على رجل في بيته، فرأيت ثمة حصيرا وكوزا مكسورا. قال: فكنت أنظر في البيت قال: ففطن الرجل فقال: العفا خير من العافية.
أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أَحْمَد بْنُ إبراهيم العبدوي- بنيسابور- قَالَ: سمعتُ أَبَا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن العباس العصمي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي عثمان يقول:
سمعت أبي أبا عثمان- وقام في مجلسه رجل من أهل بغداد- فقال: يا أبا عثمان متى يكون الرجل صادقا في حب مولاه؟ قال: إذا خلا من خلافه، كان صادقا في حبه.
قال: فوضع الرجل التراب على رأسه وصاح وقال: كيف أدعي حبه ولم أخل طرفة عين من خلافه؟ قال: فبكى أبو عثمان وأهل المجلس، وجعل أبو عثمان يبكي ويقول: صادق في حبه، مقصر في حقه.
وأَخْبَرَنَا أبو حازم قال: سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول: سمعت أبا عثمان سعيد ابن إسماعيل يقول: لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوما. قال أبو حازم: لم يزدنا أبو عمرو على هذا القدر، فسمعت أبا عبد الله بن أبي ذهل يقول: سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول: كنت أختلف إلى أبي عثمان مدة في وقت شبابي، وكنت قد حظيت عنده، فقضي من القضاء أني اشتغلت مرة بشيء مما تشتغل به الفتيان، فنقل ذلك إلى أبي عثمان، فانقطعت عنه بعد ذلك، فافتقدني، فأقمت على انقطاعي عنه، وكنت إذا رأيته في طريق- أو من بعيد- اختفيت في موضع حتى لا تقع عينه علي، فدخلت يوما سكة من السكك فخرج علي أبو عثمان من عطفة في السكة، فلم أجد عنه محيصا، فتقدمت إليه وأنا دهش متشوش، فلما رأى ذلك قال لي: يا أبا عمرو لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوما، هذا معنى الحكاية.
حدثت عَنْ مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الْعُصْمي قَالَ: سمعت أبا بكر بن أبي عثمان يقول:
سمعت أبي يقول: طول العتاب فرقة، وترك العتاب حشمة.
أَخْبَرَنَا أَبُو حازم العبدوي قَالَ: سمعتُ أَبَا عمرو إسماعيل بن نجيد يقول: سمعت أبا عثمان سعيد بْن إسماعيل يقول: موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم.
وأَخْبَرَنَا أبو حازم قال: سمعت محمد بن حمدويه الحافظ يقول: سمعت أمي تقول: سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول: كنا نؤخر اللعب والضحك والحديث إلى أن يدخل أبو عثمان في ورده من الصلاة، فإنه كان إذا دخل ستر الخلوة لم يحس بشيء من الحديث وغيره.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب، أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: سمعت أمي تقول: سمعت مريم امرأة أبي عثمان تقول: صادفت من أبي عثمان خلوة فاغتنمتها، فقلت: يا أبا عثمان أي عملك أرجى عندك؟ فقال: يا مريم لما ترعرعت وأنا بالري، وكانوا يريدونني على التزويج فأمتنع، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان قد أحببتك حبا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب، وأتوسل به إليك أن تتزوج بي. قلت: ألك والد؟ قالت: نعم فلان الخياط في موضع كذا وكذا فراسلت أباها أن يزوجها مني ففرح بذلك، وأحضرت الشهود فتزوجت بها، فلما دخلت بها وجدتها عوراء، عرجاء، مشوهة الخلق، فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته لي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك فأزيدها برا وإكراما، إلى أن صارت بحيث لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجالس إيثارا لرضاها وحفظا لقلبها. ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة، وكأني في بعض أوقاتي على الجمر وأنا لا أبدي لها شيئا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.
أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم عَبْد الكريم بْن هوازن القشيري النيسابوري قَالَ: سمعتُ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السلمي يَقُولُ: سمعت عبد الله بن محمد الشعراني يقول: سمعت أبا عثمان يقول: منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته.
أَخْبَرَنَا أبو حازم، أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن مطر قال: حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد، فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد للتذكير، فسكت حتى طال سكوته، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس: نرى أن تقول في سكوتك شيئا، فأنشأ يقول:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي والطبيب مريض
قال: فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج.
أَخْبَرَنِي محمد بن علي المقرئ، أَخْبَرَنِي محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: سمعت أبا الحسن بن أبي عثمان الزاهد يقول: توفي أبي ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين ومائتين.