داود بن علي بن عبد الله
ابن عباس بن عبد المطلب، أبو سليمان الهاشمي ولي إمرة الكوفة في زمن ابن أخيه أبي العباس السفاح؛ ثم ولاه المدينة والموسم ومكة واليمن. قدم دمشق غير مرة. وقيل إنه كان قدرياً.
حدث داود بن علي عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال: بعثني العباس إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتيته ممسياً وهو في بيت خالتي ميمونة. قال: فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل، فلما صلى الركعتين قبل الفجر قال: اللهم إني أسألك رحمةً من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء. اللهم أعطني إيماناً صادقاً، ويقيناً ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة؛ اللهم، إني أسألك الفوز عند القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء؛ اللهم أنزل بها حاجتي، وإن قصر رأيي وضعف عملي وافتقرت إلى
رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور، ويلا شافي الصدور، كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور، اللهم ما قصر عنه رأيي وضعف عنه عملي، ولم تبلغه نيتي أو أمنيتي من خير وعدته أحداً من عبادك، أو خير أنت معطيه أحداً من خلقك؛ فإني أرغب إليك فيه. وأسألك يا رب العالمين. اللهم اجعلنا هادين مهديين، غير ضالين ولا مضلين، حرباً لأعدائك، سلماً لأوليائك، نحب بحبك الناس، ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك. اللهم هذا الدعاء وعليك الاستجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم ذا الحبل الشديد والأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود، مر المقربين الشهود، والركع السجود، الموفين بالعهود، إنك رحيم ودود، وأنت تفعل ما تريد. سبحان الذي تعطف العز وقال به. سبحان الذي لبس المجد وتكرم به. سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له. سبحان ذي الفضل والنعم. سبحان ذي القدرة والكرم. سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه. اللهم اجعل لي نوراً في قلبي، ونوراً في قبري، ونوراً في سمعي، ونوراً في بصري، ونوراً في شعري، ونوراً في بشري، ونوراً في لحمي، ونوراً في دمي، ونوراً في عظامي، ونوراً من بين يدي، ونوراً من خلفي، ونوراً عن يميني، ونوراً عن شمالي، ونوراً من فوقي، ونوراً من تحتي؛ اللهم زدني نوراً، وأعطني نوراً، واجعل لي نوراً ".
وعنه قال: أردت أن أعرف صلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل، فسألته عن ليلته؟ فقيل: لميمونة الهلالية؛ فأتيتها فقلت: إني تنحيت عن الشيخ، ففرشت لي في جانب الحجرة. فلما صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه صلاة العشاء الآخرة دخل إلى منزله، فحس حسي، فقال: يا ميمونة، من ضيفك؟ قالت: ابن عمك يا رسول الله عبد بن عباس. قال: فأوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فراشه. فلما كان في جوف الليل خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه ثم قال: نامت العيون،
وغارت النجوم، والله حي قيوم، ثم رجع إلى فراشه. فلما كان ثلث الليل الآخر خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه وقال: نامت العيون، وغارت النجوم، والله حي قيوم، ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة، فحل شناقها، ثم توضأ فأسبغ وضوءه، ثم قام إلى مصلاه، فكبر وقام حتى قلت: لن يركع، ثم ركع فقلت: لن يرفع صلبه، ثم رفع صلبه، ثم سجد فقلت: لن يرفع رأسه، ثم جلس فقلت: لن يعود، ثم سجد فقلت: لن يقوم، ثم قام فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم. وصلى ثلاثاً أوتر بهن بعد الاثنتين، وقام في الواحدة الأولى. فلما ركع الركعة الأخيرة، فاعتدل قائماً من ركوعه، قنت فقال: اللهم إني أسألك رحمةً من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري.. الدعاء إلى آخره بمعنى الدعاء الأول، ثم سجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فكان فراغه من وتره وقت ركعتي الفجر؛ فركع في منزله، ثم خرج فصلى بأصحابه صلاة الصبح.
وعنه أيضاً قال: أكل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحماً ثم صلى ولم يتوضأ.
قال محمد بن أبي رزين الخزاعي: سمعت داود بن علي حين بويع لبني العباس، وهو مسند ظهره إلى الكعبة فقال: شكراً شكرا، إنا والله ما خرجنا لنحتفر فيكم نهراً، ولا لنبني قصراً؛ ظن عدو الله أن لن نقدر عليه؛ أمهل الله له في طغيانه وأرخى له من زمامه، حتى عثر في فضل خطامه؛ فالآن أخذ القوس باربها، وعاد النبال إلى النزعة، وعاد الملك في نصابه، في أهل بيت نبيكم، أهل الرأفة والرحمة. والله إن كنا لنشهد لكم ونحن على فرشنا، أمن الأسود والأبيض. لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، ها ورب هذه البنية لا نهيج أحداً. ثم نزل.
قال جرير: سمعت سالم بن أبي حفصة يطوف بالبيت وهو يقول: لبيك مهلك بني أمية، فأجاره داود بن علي بألف دينار.
مات داود بن علي سنة ثلاث وثلاثين ومئة، وهو وال على المدينة، وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. وإنما أدرك من دولتهم ثمانية أشهر.
ابن عباس بن عبد المطلب، أبو سليمان الهاشمي ولي إمرة الكوفة في زمن ابن أخيه أبي العباس السفاح؛ ثم ولاه المدينة والموسم ومكة واليمن. قدم دمشق غير مرة. وقيل إنه كان قدرياً.
حدث داود بن علي عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال: بعثني العباس إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتيته ممسياً وهو في بيت خالتي ميمونة. قال: فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل، فلما صلى الركعتين قبل الفجر قال: اللهم إني أسألك رحمةً من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها شملي، وتلم بها شعثي، وترد بها ألفتي، وتصلح بها ديني، وتحفظ بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتبيض بها وجهي، وتلهمني بها رشدي، وتعصمني بها من كل سوء. اللهم أعطني إيماناً صادقاً، ويقيناً ليس بعده كفر، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة؛ اللهم، إني أسألك الفوز عند القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، ومرافقة الأنبياء، والنصر على الأعداء؛ اللهم أنزل بها حاجتي، وإن قصر رأيي وضعف عملي وافتقرت إلى
رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور، ويلا شافي الصدور، كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور، اللهم ما قصر عنه رأيي وضعف عنه عملي، ولم تبلغه نيتي أو أمنيتي من خير وعدته أحداً من عبادك، أو خير أنت معطيه أحداً من خلقك؛ فإني أرغب إليك فيه. وأسألك يا رب العالمين. اللهم اجعلنا هادين مهديين، غير ضالين ولا مضلين، حرباً لأعدائك، سلماً لأوليائك، نحب بحبك الناس، ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك. اللهم هذا الدعاء وعليك الاستجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم ذا الحبل الشديد والأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود، مر المقربين الشهود، والركع السجود، الموفين بالعهود، إنك رحيم ودود، وأنت تفعل ما تريد. سبحان الذي تعطف العز وقال به. سبحان الذي لبس المجد وتكرم به. سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له. سبحان ذي الفضل والنعم. سبحان ذي القدرة والكرم. سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه. اللهم اجعل لي نوراً في قلبي، ونوراً في قبري، ونوراً في سمعي، ونوراً في بصري، ونوراً في شعري، ونوراً في بشري، ونوراً في لحمي، ونوراً في دمي، ونوراً في عظامي، ونوراً من بين يدي، ونوراً من خلفي، ونوراً عن يميني، ونوراً عن شمالي، ونوراً من فوقي، ونوراً من تحتي؛ اللهم زدني نوراً، وأعطني نوراً، واجعل لي نوراً ".
وعنه قال: أردت أن أعرف صلاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل، فسألته عن ليلته؟ فقيل: لميمونة الهلالية؛ فأتيتها فقلت: إني تنحيت عن الشيخ، ففرشت لي في جانب الحجرة. فلما صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه صلاة العشاء الآخرة دخل إلى منزله، فحس حسي، فقال: يا ميمونة، من ضيفك؟ قالت: ابن عمك يا رسول الله عبد بن عباس. قال: فأوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فراشه. فلما كان في جوف الليل خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه ثم قال: نامت العيون،
وغارت النجوم، والله حي قيوم، ثم رجع إلى فراشه. فلما كان ثلث الليل الآخر خرج إلى الحجرة، فقلب في أفق السماء وجهه وقال: نامت العيون، وغارت النجوم، والله حي قيوم، ثم عمد إلى قربة في ناحية الحجرة، فحل شناقها، ثم توضأ فأسبغ وضوءه، ثم قام إلى مصلاه، فكبر وقام حتى قلت: لن يركع، ثم ركع فقلت: لن يرفع صلبه، ثم رفع صلبه، ثم سجد فقلت: لن يرفع رأسه، ثم جلس فقلت: لن يعود، ثم سجد فقلت: لن يقوم، ثم قام فصلى ثمان ركعات، كل ركعة دون التي قبلها، يفصل في كل ثنتين بالتسليم. وصلى ثلاثاً أوتر بهن بعد الاثنتين، وقام في الواحدة الأولى. فلما ركع الركعة الأخيرة، فاعتدل قائماً من ركوعه، قنت فقال: اللهم إني أسألك رحمةً من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري.. الدعاء إلى آخره بمعنى الدعاء الأول، ثم سجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فكان فراغه من وتره وقت ركعتي الفجر؛ فركع في منزله، ثم خرج فصلى بأصحابه صلاة الصبح.
وعنه أيضاً قال: أكل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحماً ثم صلى ولم يتوضأ.
قال محمد بن أبي رزين الخزاعي: سمعت داود بن علي حين بويع لبني العباس، وهو مسند ظهره إلى الكعبة فقال: شكراً شكرا، إنا والله ما خرجنا لنحتفر فيكم نهراً، ولا لنبني قصراً؛ ظن عدو الله أن لن نقدر عليه؛ أمهل الله له في طغيانه وأرخى له من زمامه، حتى عثر في فضل خطامه؛ فالآن أخذ القوس باربها، وعاد النبال إلى النزعة، وعاد الملك في نصابه، في أهل بيت نبيكم، أهل الرأفة والرحمة. والله إن كنا لنشهد لكم ونحن على فرشنا، أمن الأسود والأبيض. لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، ها ورب هذه البنية لا نهيج أحداً. ثم نزل.
قال جرير: سمعت سالم بن أبي حفصة يطوف بالبيت وهو يقول: لبيك مهلك بني أمية، فأجاره داود بن علي بألف دينار.
مات داود بن علي سنة ثلاث وثلاثين ومئة، وهو وال على المدينة، وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. وإنما أدرك من دولتهم ثمانية أشهر.