خزيمة بن حكيم السلمي البهزي
قيل: إن له صحبة، وإنه خرج مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بصرى في تجارة.
قال الزهري: قدم خزيمة بن حكيم السلمي ثم البهزي على خديجة ابنة خويلد، وكان إذا قدم عليها أصابته بخير، ثم انصرف إلى بلاده. وإنه قدم عليها مرة فوجهته مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع غلام لها يقال له ميسرة إلى بصرى، وبصرى من أرض الشام؛ فأحب خزيمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حباً شديداً، حتى اطمأن إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له خزيمة: يا محمد؛ إني أرى فيك أشياء ما أراها في أحد من الناس، وإنك لصريح في ميلادك، أمين في أنفس قومك، وإني أرى عليك من الناس محبة، وإني لأظنك الذي يخرج بتهامة. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فإني محمد رسول الله. قال: أشهد إنك لصادق، وإني قد آمنت بك، فلما انصرفوا من الشام رجع خزيمة إلى بلاده، وقال: يا رسول الله إذا سمعت بخروجك أتيتك. فأبطأ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كان يوم فتح مكة أقبل خزيمة حتى وقف على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له رسول الله لما نظر إليه: مرحباً بالمهاجر الأول. قال خزيمة: أما والله
يا رسول الله، لقد أتيتك عدد أصابعي هذه، فما نهنهني عنك إلا أن أكون مجداً في إعلانك، غير منكر لرسالتك، ولا مخالف لدعوتك، آمنت بالقرآن، وكفرت بالأوثان، لكن أصابتنا سنوات شداد تركت المخ راراً والمطي هاراً، غاضت لها الدرة ونقصت لها الثرة، وعاد لها اليراع مجرنثماً " والذيخ محرنجما " والفريش مستحلكاً والعضاه مستهلكاً، أيبست بارض الوديس، واجتاحت بها جميم اليبيس، وأفنت أصول الوشيج، حتى آل السلامى، وأخلف الخزامى، وأينعت العنمة وسقطت البرمة، وتفطر اللحاء، وتبحبح الجدا، فحمل الراعي العجالة، واكتفى من حملها بالقيلة؛ وأتيتك يا رسول الله غير مبدل لقولي، ولا ناكث لبيعتي. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله يعرض على عبده في كل يوم نصيحة، فإن هو قبلها سعد، وإن تركها شقي؛ فإن الله باسط يده لمسيء النهار ليتوب. قال: فإن تاب تاب الله عليه؛ وإن الحق ثقيل كثقله يوم القيامة، وإن الباطل خفيف كخفته يوم القيامة؛ وإن الجنة محظور عليها بالمكاره، وإن النار محظور عليها بالشهوات، انعم صباحاً تربت يداك.
قال خزيمة: يا رسول الله؛ أخبرني عن ظلمة الليل وضوء النهار، وحر الماء في الشتاء وبرده في الصيف، ومخرج السحاب، وعن قرار ماء الرجل، وماء المرأة، وعن موضع النفس من الجسد، وما شراب المولود في بطن أمه وعن مخرج الجراد، وعن البلد الأمين؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما ظلمة الليل وضوء النهار، فإن الله عز وجل خلق خلقاً من غثاء الماء، باطنه أسود وظاهره أبيض، وطرفه بالمشرق وطرفه بالمغرب تمده الملائكة، فإذا أشرق الصبح طردت الملائكة الظلمة حتى تجعلها في المغرب، وتنسلخ الجلبات، وإذا أظلم الليل طردت الملائكة الضوء حتى تحله في طرف الهواء؛ فهما كذلك يتراوحان لا يبليان ولا ينفدان.
وأما إسخان الماء في الشتاء وبرده في الصيف فإن الشمس إذا سقطت تحت الأرض سارت حتى تطلع من مكانها؛ فإذا طال الليل في الشتاء كثر لبثها في الأرض، فيسخن الماء لذلك؛ فإذا كان الصيف مرت مسرعةً لا تلبث تحت الأرض لقصر الليل، فثبت الماء على حاله بارداً.
وأما السحاب فينشق من طرف الخافقين بين السماء والأرض، فيظل عليه الغبار مكففاً من المزاد المكفوف، حوله الملائكة صفوف، تخرقه الجنوب والصبا، وتلحمه الشمال والدبور.
وأما قرار ماء الرجل، فإنه يخرج ماؤه من الإحليل وهو عروق تجري من ظهره حتى يستقر قراره في البيضة اليسرى، وأما ماء المرأة فإن ماءها في التربية يتغلغل، لا يزال يدنو حتى يذوق عسيلتها.
وأما موضع النفس، ففي القلب، والقلب معلق بالنياط، والنياط يسقي العروق، فإذا هلك القلب انقطع العرق.
وأما شراب المولود في بطن أمه فإنه يكون نطفةً أربعين ليلة، ثم علقةً أربعين ليلة، ومشيجاً أربعين ليلة، وغبيساً أربعين ليلة، ثم مضغةً أربعين ليلة، ثم العظم حنيكاً أربعين ليلة، ثم جنيناً، فعند ذلك يستهل وينفخ فيه الروح. فإذا أراد الله جل اسمه أن يخرجه تاماً أخرجه، وإن أراد أن يؤخره في الرحم تسعة أشهر فأمره نافذ، وقوله صادق، تجتلب عليه عروق الرحم؛ ومنها يكون الولد.
وأما مخرج الجراد فإنه نترة حوت في البحر، يقال له الإبزار، وفيه يهلك.
وأما البلد الأمين فبلد مكة، مهاجر الغيث والرعد والبرق، لا يدخلها الدجال؛ وإن خروجه إذا منع الحياء وفشا الزنى، ونقض العهد.
ولخزيمة في مقدمه على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعر.
قوله: تركت المخ راراً: لا شيء فيه، ويقال: ذائب مثل الماء. والمطي هاراً: أي هالكا ". وغاضت الدرة: أي ذهبت الألبان، ونقصت لها الثرة: أي السعة. وعاد لها اليراع مجرنثماً: اليراع ضعيف، واجرنثم الرجل: إذا سقط. والذيخ محرنجماً: الذيخ: ولد الضبع، ويقال إنه السمين من الغنم وكل شيء، محرنجما: كالحاً. والفريش مستحلكاً: أي مسوداً، والفريش من قوله عز وجل: " حمولةً وفرشاً " وهو صغار الإبل. والعضاه: الشجر الملتف من طلح ودوح، وما كان ملتفاً. أيبست بارض الوديس: يقال: ودست الأرض إذا رمت بما فيها. والجميم والعميم: متقاربان، من النبت، إلا أن الجميم ما اجتم فصار كالجمة، والعميم ما اعتم فصار كالعمة، إلا أن العميم أطول من الجميم. وأفنت أصول الوشيج: والوشيج: الشجر الملتف بعضه ببعض. وحتى آل السلامى: أي حتى رجع، والسلامى عرق في الأخمص وهو في الرجل. والعنمة: العنبة. والبرمة: من الأراك. بضت الحنمة: أي سالت؛ والحنمة: الحوض الذي لم يبق فيه من الماء إلا قليل. تبحبح: توسط الحبوة، والحبوة: مساقط القوم الذين يحلون فيها، وهي المحامي. والعجالة: التي تحمل من زاد الراعي واكتفى من حملها بالقيلة، وهي الشربة الواحدة.
قيل: إن له صحبة، وإنه خرج مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بصرى في تجارة.
قال الزهري: قدم خزيمة بن حكيم السلمي ثم البهزي على خديجة ابنة خويلد، وكان إذا قدم عليها أصابته بخير، ثم انصرف إلى بلاده. وإنه قدم عليها مرة فوجهته مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع غلام لها يقال له ميسرة إلى بصرى، وبصرى من أرض الشام؛ فأحب خزيمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حباً شديداً، حتى اطمأن إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له خزيمة: يا محمد؛ إني أرى فيك أشياء ما أراها في أحد من الناس، وإنك لصريح في ميلادك، أمين في أنفس قومك، وإني أرى عليك من الناس محبة، وإني لأظنك الذي يخرج بتهامة. فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فإني محمد رسول الله. قال: أشهد إنك لصادق، وإني قد آمنت بك، فلما انصرفوا من الشام رجع خزيمة إلى بلاده، وقال: يا رسول الله إذا سمعت بخروجك أتيتك. فأبطأ على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حتى إذا كان يوم فتح مكة أقبل خزيمة حتى وقف على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له رسول الله لما نظر إليه: مرحباً بالمهاجر الأول. قال خزيمة: أما والله
يا رسول الله، لقد أتيتك عدد أصابعي هذه، فما نهنهني عنك إلا أن أكون مجداً في إعلانك، غير منكر لرسالتك، ولا مخالف لدعوتك، آمنت بالقرآن، وكفرت بالأوثان، لكن أصابتنا سنوات شداد تركت المخ راراً والمطي هاراً، غاضت لها الدرة ونقصت لها الثرة، وعاد لها اليراع مجرنثماً " والذيخ محرنجما " والفريش مستحلكاً والعضاه مستهلكاً، أيبست بارض الوديس، واجتاحت بها جميم اليبيس، وأفنت أصول الوشيج، حتى آل السلامى، وأخلف الخزامى، وأينعت العنمة وسقطت البرمة، وتفطر اللحاء، وتبحبح الجدا، فحمل الراعي العجالة، واكتفى من حملها بالقيلة؛ وأتيتك يا رسول الله غير مبدل لقولي، ولا ناكث لبيعتي. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله يعرض على عبده في كل يوم نصيحة، فإن هو قبلها سعد، وإن تركها شقي؛ فإن الله باسط يده لمسيء النهار ليتوب. قال: فإن تاب تاب الله عليه؛ وإن الحق ثقيل كثقله يوم القيامة، وإن الباطل خفيف كخفته يوم القيامة؛ وإن الجنة محظور عليها بالمكاره، وإن النار محظور عليها بالشهوات، انعم صباحاً تربت يداك.
قال خزيمة: يا رسول الله؛ أخبرني عن ظلمة الليل وضوء النهار، وحر الماء في الشتاء وبرده في الصيف، ومخرج السحاب، وعن قرار ماء الرجل، وماء المرأة، وعن موضع النفس من الجسد، وما شراب المولود في بطن أمه وعن مخرج الجراد، وعن البلد الأمين؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما ظلمة الليل وضوء النهار، فإن الله عز وجل خلق خلقاً من غثاء الماء، باطنه أسود وظاهره أبيض، وطرفه بالمشرق وطرفه بالمغرب تمده الملائكة، فإذا أشرق الصبح طردت الملائكة الظلمة حتى تجعلها في المغرب، وتنسلخ الجلبات، وإذا أظلم الليل طردت الملائكة الضوء حتى تحله في طرف الهواء؛ فهما كذلك يتراوحان لا يبليان ولا ينفدان.
وأما إسخان الماء في الشتاء وبرده في الصيف فإن الشمس إذا سقطت تحت الأرض سارت حتى تطلع من مكانها؛ فإذا طال الليل في الشتاء كثر لبثها في الأرض، فيسخن الماء لذلك؛ فإذا كان الصيف مرت مسرعةً لا تلبث تحت الأرض لقصر الليل، فثبت الماء على حاله بارداً.
وأما السحاب فينشق من طرف الخافقين بين السماء والأرض، فيظل عليه الغبار مكففاً من المزاد المكفوف، حوله الملائكة صفوف، تخرقه الجنوب والصبا، وتلحمه الشمال والدبور.
وأما قرار ماء الرجل، فإنه يخرج ماؤه من الإحليل وهو عروق تجري من ظهره حتى يستقر قراره في البيضة اليسرى، وأما ماء المرأة فإن ماءها في التربية يتغلغل، لا يزال يدنو حتى يذوق عسيلتها.
وأما موضع النفس، ففي القلب، والقلب معلق بالنياط، والنياط يسقي العروق، فإذا هلك القلب انقطع العرق.
وأما شراب المولود في بطن أمه فإنه يكون نطفةً أربعين ليلة، ثم علقةً أربعين ليلة، ومشيجاً أربعين ليلة، وغبيساً أربعين ليلة، ثم مضغةً أربعين ليلة، ثم العظم حنيكاً أربعين ليلة، ثم جنيناً، فعند ذلك يستهل وينفخ فيه الروح. فإذا أراد الله جل اسمه أن يخرجه تاماً أخرجه، وإن أراد أن يؤخره في الرحم تسعة أشهر فأمره نافذ، وقوله صادق، تجتلب عليه عروق الرحم؛ ومنها يكون الولد.
وأما مخرج الجراد فإنه نترة حوت في البحر، يقال له الإبزار، وفيه يهلك.
وأما البلد الأمين فبلد مكة، مهاجر الغيث والرعد والبرق، لا يدخلها الدجال؛ وإن خروجه إذا منع الحياء وفشا الزنى، ونقض العهد.
ولخزيمة في مقدمه على سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعر.
قوله: تركت المخ راراً: لا شيء فيه، ويقال: ذائب مثل الماء. والمطي هاراً: أي هالكا ". وغاضت الدرة: أي ذهبت الألبان، ونقصت لها الثرة: أي السعة. وعاد لها اليراع مجرنثماً: اليراع ضعيف، واجرنثم الرجل: إذا سقط. والذيخ محرنجماً: الذيخ: ولد الضبع، ويقال إنه السمين من الغنم وكل شيء، محرنجما: كالحاً. والفريش مستحلكاً: أي مسوداً، والفريش من قوله عز وجل: " حمولةً وفرشاً " وهو صغار الإبل. والعضاه: الشجر الملتف من طلح ودوح، وما كان ملتفاً. أيبست بارض الوديس: يقال: ودست الأرض إذا رمت بما فيها. والجميم والعميم: متقاربان، من النبت، إلا أن الجميم ما اجتم فصار كالجمة، والعميم ما اعتم فصار كالعمة، إلا أن العميم أطول من الجميم. وأفنت أصول الوشيج: والوشيج: الشجر الملتف بعضه ببعض. وحتى آل السلامى: أي حتى رجع، والسلامى عرق في الأخمص وهو في الرجل. والعنمة: العنبة. والبرمة: من الأراك. بضت الحنمة: أي سالت؛ والحنمة: الحوض الذي لم يبق فيه من الماء إلا قليل. تبحبح: توسط الحبوة، والحبوة: مساقط القوم الذين يحلون فيها، وهي المحامي. والعجالة: التي تحمل من زاد الراعي واكتفى من حملها بالقيلة، وهي الشربة الواحدة.