أبو مودود البصرى. بحر بن موسى. عن الحسن. روى عنه الثورى والمفضل، وموسى بن زياد ، وهو ابن ابنه، موسى بن زياد بن أبى مودود بحر بن موسى. قال أبو حاتم : "أبو مودود المدنى أحب إلى من أبى مودود بحر، ومن أبى مودود فضة" .
ʿAbd al-Karīm al-Samʿānī (d. 1167 CE) - al-Taḥbīr fī-l-Muʿjām al-kābīr - عبد الكريم السمعاني - التحبير في المعجم الكبير
ا
ت
ح
خ
ز
س
ض
ط
ع
م
ه
I pay $140/month to host my websites. If you wish to help, please use the following button (secure payments with Stripe).
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 1105 1. ابو مودود12. أبو أحمد البقال1 3. أبو أحمد التميمي1 4. أبو أحمد الجورجيري1 5. أبو أحمد الحللي1 6. أبو أحمد الخياط1 7. أبو أحمد السمرقندي1 8. أبو أحمد السنجي1 9. أبو أحمد الصندوقي1 10. أبو أحمد الصوري1 11. أبو أحمد المستملي1 12. أبو أحمد الهروي1 13. أبو إبراهيم البنداري1 14. أبو إبراهيم الجرجاني1 15. أبو إبراهيم الطهراني1 16. أبو إبراهيم الهاني1 17. أبو إسحاق الأنصاري1 18. أبو إسحاق البغوي1 19. أبو إسحاق الجاجرمي1 20. أبو إسحاق الجويني1 21. أبو إسحاق الخرساني1 22. أبو إسحاق الدواتي1 23. أبو إسحاق الصالحاني1 24. أبو إسحاق الطاسبندي1 25. أبو إسماعيل الأصبهاني1 26. أبو إسماعيل الأنصاري1 27. أبو إسماعيل الهمذاني1 28. أبو الأزهر الراذكاني1 29. أبو الأسعد القشيري1 30. أبو الأكرم الهمداني1 31. أبو البدر الطبراني1 32. أبو البدر الطوسي1 33. أبو البدر الكرابيسي1 34. أبو البدر النهاوندي1 35. أبو البركات الجصاص1 36. أبو البركات الحارثي1 37. أبو البركات العلوي1 38. أبو البركات الملقاباذي2 39. أبو البقاء المديني1 40. أبو البكر الحبال1 41. أبو الحسن الأبرينقي1 42. أبو الحسن الأسبيجابي1 43. أبو الحسن الأندلسي1 44. أبو الحسن البحيري1 45. أبو الحسن البروجردي1 46. أبو الحسن البشبقي1 47. أبو الحسن البغوي1 48. أبو الحسن الجرجاني2 49. أبو الحسن الجوهري1 50. أبو الحسن الجويني2 51. أبو الحسن الحلبي1 52. أبو الحسن الحلواني1 53. أبو الحسن الحيري1 54. أبو الحسن الخشنامي1 55. أبو الحسن الدمشقي2 56. أبو الحسن الرشيدي1 57. أبو الحسن السجزي1 58. أبو الحسن السرخسي2 59. أبو الحسن السيدي1 60. أبو الحسن الشاواني1 61. أبو الحسن الشعري1 62. أبو الحسن الطوسي1 63. أبو الحسن العلوي4 64. أبو الحسن الفارسي2 65. أبو الحسن الفلكي1 66. أبو الحسن الفنجكردي1 67. أبو الحسن الفندروجي1 68. أبو الحسن الفواكهي1 69. أبو الحسن القرشي1 70. أبو الحسن القطني1 71. أبو الحسن الكرابيسي1 72. أبو الحسن الكشاني1 73. أبو الحسن الكوفي1 74. أبو الحسن اللباد1 75. أبو الحسن المخلدي1 76. أبو الحسن المديني2 77. أبو الحسن المروزي1 78. أبو الحسن المقرئ1 79. أبو الحسن الموسوي1 80. أبو الحسن النابلسي1 81. أبو الحسن النصراباذي1 82. أبو الحسن النوقاني2 83. أبو الحسن النيسابوري3 84. أبو الحسن اليمني1 85. أبو الحسين الدمشقي1 86. أبو الحسين العسقلاني1 87. أبو الحسين الفوشنجي1 88. أبو الحسين القصار1 89. أبو الحسين الهمذاني1 90. أبو الخطاب الروذباري1 91. أبو الخير الأصبهاني1 92. أبو الخير الباغبان1 93. أبو الخير الجيراني1 94. أبو الخير الحسناباذي1 95. أبو الخير الصالحاني1 96. أبو الخير الفاشاني1 97. أبو الخير الفورجي1 98. أبو الخير القصري1 99. أبو الخير المؤدب1 100. أبو الدر الحبشي1 ▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
ʿAbd al-Karīm al-Samʿānī (d. 1167 CE) - al-Taḥbīr fī-l-Muʿjām al-kābīr - عبد الكريم السمعاني - التحبير في المعجم الكبير are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو مشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=126044&book=5560#11e830
أبو مودود المدنى عبد العزيز بن أبى سليمان. مولى (هذيل) رأى أنس بن مالك والسائب بن يزيد وابن أبى حدرد . روى عن محمد بن كعب القرظى. روى عنه عبد الرحمن بن مهدى، ووكيع، وخالد بن مخلد والقعنبى (وزيد) بن الحباب. قال أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين : "أبو مودود المدنى ثقة".
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=108626&book=5560#8ea566
أَبُو مودود الْمدنِي اسْمه عبد الْعَزِيز بْن أَبِي سُلَيْمَان يَرْوِي عَن الْحِجَازِيِّينَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيره وَقد قيل إِنَّه رأى أنسا وَلَيْسَ ذَلِك بمحظوظ روى عَنْهُ وَكِيع بْن الْجراح وَكَانَ مِمَّن يخطىء
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=65069&book=5560#cb785c
أَبُو مودود عَنِ الْحَسَن، اسمه بحر بْن مُوسَى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=65069&book=5560#c19ec4
أبو مودود
- أبو مودود واسمه عبد العزيز بن أبي سليمان. وكان أيضًا من أهل النسك والفضل وكان متكلمًا يعظ ويذكر. وكان كبيرًا وتأخر موته. قَالَ محمد بن سعد: وأخبرت عن أبي مودود. قَالَ: رأيت السائب بن يزيد أبيض الرأس واللحية.
- أبو مودود واسمه عبد العزيز بن أبي سليمان. وكان أيضًا من أهل النسك والفضل وكان متكلمًا يعظ ويذكر. وكان كبيرًا وتأخر موته. قَالَ محمد بن سعد: وأخبرت عن أبي مودود. قَالَ: رأيت السائب بن يزيد أبيض الرأس واللحية.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=157580&book=5560#32416b
أَبُو عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوْدُوْدٍ السُّلَمِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُعَمَّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ مَوْدُوْد السُّلَمِيُّ، الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مَخْلَدَ بنَ مَالِكٍ السَّلَمسِينِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحَارِثِ الرَّافقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ وَهْبِ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الفَزَارِيَّ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَالمُسَيَّبَ بنَ وَاضِحٍ، وَأَحْمَدَ بنَ بَكَّارِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدِ بنِ حَمَّادٍ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا يُوْسُفَ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبُوْرٍ المَكِّيَّ، وَأَيُّوْبَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَزَّانَ، وَعَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الحِمْصِيَّ، وَكَثِيْرَ بنَ عُبَيْدٍ، وَأَبَا نُعَيْمٍ عُبَيْدَ بنَ هِشَامٍ الحَلَبِيَّ، وَمُعَلّلَ بنَ نُفَيْلٍ النَّهْدِيَّ - صَاحِبَ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ - وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بنَ الضَّحَّاكِ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى الحِمْصِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم
بِالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَالحِجَازِ، وَالعِرَاقِ.حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القَطَّانُ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَرَّاحِ المِصْرِيُّ - ابْنُ النَّحَّاسِ - وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلاَّنَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ السَّكَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السُّنِّيِّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآبُرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ - غُنْدَرٌ الوَرَّاقُ - وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُرِيْدَةَ الأَزْدِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَلَهُ: كِتَابُ (الطَّبَقَاتِ) ، وَكِتَابُ (تَارِيْخُ الجَزِيْرَةِ) سَمِعْنَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ عَارِفاً بِالرِّجَالِ وَبِالحَدِيْثِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مُفْتِي أَهْلِ حَرَّانَ، شَفَانِي حِيْنَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ فِي (الكُنَى) :أَبُو عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوْدُوْدِ بنِ حَمَّادٍ السُّلَمِيُّ، سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَمْرٍو البَجَلِيَّ، وَأَبَا وَهْبٍ بنَ مُسَرَّحٍ، وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ، وَأَحْسَنِهِم حِفْظاً، يَرْجِعُ إِلَى حُسْنِ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ، وَالكَلاَمِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ:
كَانَ أَبُو عَرُوْبَةَ غَالِياً فِي التَّشَيُّعِ، شَدِيْدَ المَيْلِ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قُلْتُ: كُلُّ مَنْ أَحَبَّ الشَّيْخَيْنِ فَلَيْسَ بِغَالٍ، بَلْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ تَنَقُّصٍ فَإِنَّهُ رَافِضِيٌّ غَالٍ، فَإِنْ سَبَّ، فَهُوَ مِنْ شِرَارِ الرَّافِضَةِ، فَإِنْ كَفَّرَ فَقَدْ بَاءَ بِالكُفْرِ، وَاسْتَحَقَّ الخِزْيَ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ فَمِنْ أَيْنَ يَجِيْئُهُ الغُلُوُّ وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثٍ وَحَرَّانِيٌّ؟ بَلَى لَعَلَّهُ يَنَالُ مِنَ المَرْوَانِيَّةِ، فَيُعذَرُ.
قَالَ القَرَّابُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ: أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو المُهَاجِرِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثَلاَثاً ثَلاَثاً.
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُعَمَّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ مَوْدُوْد السُّلَمِيُّ، الجَزَرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مَخْلَدَ بنَ مَالِكٍ السَّلَمسِينِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحَارِثِ الرَّافقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ وَهْبِ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الفَزَارِيَّ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَالمُسَيَّبَ بنَ وَاضِحٍ، وَأَحْمَدَ بنَ بَكَّارِ بنِ أَبِي مَيْمُوْنَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدِ بنِ حَمَّادٍ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا يُوْسُفَ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُنْبُوْرٍ المَكِّيَّ، وَأَيُّوْبَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَزَّانَ، وَعَمْرَو بنَ عُثْمَانَ الحِمْصِيَّ، وَكَثِيْرَ بنَ عُبَيْدٍ، وَأَبَا نُعَيْمٍ عُبَيْدَ بنَ هِشَامٍ الحَلَبِيَّ، وَمُعَلّلَ بنَ نُفَيْلٍ النَّهْدِيَّ - صَاحِبَ زُهَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ - وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بنَ الضَّحَّاكِ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى الحِمْصِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم
بِالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَالحِجَازِ، وَالعِرَاقِ.حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيٍّ القَطَّانُ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجَرَّاحِ المِصْرِيُّ - ابْنُ النَّحَّاسِ - وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلاَّنَ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ السَّكَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السُّنِّيِّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الآبُرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ - غُنْدَرٌ الوَرَّاقُ - وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُرِيْدَةَ الأَزْدِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَلَهُ: كِتَابُ (الطَّبَقَاتِ) ، وَكِتَابُ (تَارِيْخُ الجَزِيْرَةِ) سَمِعْنَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ عَارِفاً بِالرِّجَالِ وَبِالحَدِيْثِ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مُفْتِي أَهْلِ حَرَّانَ، شَفَانِي حِيْنَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ فِي (الكُنَى) :أَبُو عَرُوْبَةَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوْدُوْدِ بنِ حَمَّادٍ السُّلَمِيُّ، سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَمْرٍو البَجَلِيَّ، وَأَبَا وَهْبٍ بنَ مُسَرَّحٍ، وَكَانَ مِنْ أَثْبَتِ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ، وَأَحْسَنِهِم حِفْظاً، يَرْجِعُ إِلَى حُسْنِ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ، وَالكَلاَمِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ:
كَانَ أَبُو عَرُوْبَةَ غَالِياً فِي التَّشَيُّعِ، شَدِيْدَ المَيْلِ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
قُلْتُ: كُلُّ مَنْ أَحَبَّ الشَّيْخَيْنِ فَلَيْسَ بِغَالٍ، بَلْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْ تَنَقُّصٍ فَإِنَّهُ رَافِضِيٌّ غَالٍ، فَإِنْ سَبَّ، فَهُوَ مِنْ شِرَارِ الرَّافِضَةِ، فَإِنْ كَفَّرَ فَقَدْ بَاءَ بِالكُفْرِ، وَاسْتَحَقَّ الخِزْيَ، وَأَبُو عَرُوْبَةَ فَمِنْ أَيْنَ يَجِيْئُهُ الغُلُوُّ وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْثٍ وَحَرَّانِيٌّ؟ بَلَى لَعَلَّهُ يَنَالُ مِنَ المَرْوَانِيَّةِ، فَيُعذَرُ.
قَالَ القَرَّابُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ: أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو المُهَاجِرِ، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثَلاَثاً ثَلاَثاً.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125859&book=5560#819a4c
أبو حفص المدنى. سمع ابن عباس. قال اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: ليس به بأس .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=125859&book=5560#865432
أبو حفص المدنى. عمر بن راشد مولى عبد الرحمن بن أبان بن عثمان سكن القُلْزُم . روى عن ابن عجلان. وأبى مودود ومالك وابن أبى ذئب. قال أبو حاتم : هو ضعيف عنده مناكير. روى عنه يعقوب بن سفيان .
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=160007&book=5560#ba87d7
أَبُو الحَسَنِ سِنَانُ بنُ سَلْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ البَاطِنِيُّ
رَاشِدُ الدِّينِ، كَبِيْرُ الإِسْمَاعِيْلِيَّة وَطَاغوتُهُم، أَبُو الحَسَنِ سِنَانُ بنُ
سَلْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ، البَاطِنِيُّ، صَاحِبُ الدَّعوَةِ النِّزَارِيَّةِ.كَانَ ذَا أَدبٍ وَفضِيْلَةٍ، وَنظَرٍ فِي الفَلْسَفَةِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَفِيْهِ شَهَامَةٌ وَدهَاءٌ وَمكرٌ وَغَوْرٌ، فَذَكَر رَسُوْلٌ لَهُ وَهُوَ سَعْدُ الدِّينِ عَبْدُ الكَرِيْمِ، قَالَ: حَكَى الشَّيْخُ سنَانٌ قَالَ: وَردْتُ الشَّامَ، فَاجتزْتُ بِحَلَبَ، فَصَلَّيْتُ العصرَ بِمشهدٍ عَلَى ظَاهِرِ بَابِ الجنانِ، وَثَمَّ شَيْخٌ مُسِنٌّ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ الشَّيْخُ؟
قَالَ: مَنْ صِبيَانِ حلبَ.
قُلْتُ: الدَّعوَةُ النِّزَارِيَّةُ نسبَةٌ إِلَى نزَارِ ابْنِ خَلِيْفَة العُبَيْدِيَّةِ المُسْتَنْصِرِ، صَيَّرَهُ أَبُوْهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ، وَبثَّ لَهُ الدُّعَاةَ، فَمنهُم صَبَّاحٌ جدُّ أَصْحَابِ الْأَلْمُوتِ، أَحَدُ شيَاطينِ الإِنْسِ، ذُو سَمْتٍ، وَذلقٍ، وَتَخَشُّعٍ، وَتنَمُّسٍ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ.
دَخَلَ الشَّامَ وَالسَّوَاحِلَ فِي حُدُوْدِ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مرَامُهُ، فَسَارَ إِلَى العَجَمِ، وَخَاطبَ الغُتْمَ الصُّمَّ، فَاستجَابَ لَهُ خَلْقٌ، وَسَلَخَهُم، وَحَلَّهُم، وَكثرُوا، وَأَظهرُوا شغلَ السِّكِّين، وَالوثَوْبَ عَلَى الكِبَارِ، ثُمَّ قصدَ قَلْعَةَ الْأَلْمُوتِ بقَزْوِيْنَ، وَهِيَ مَنِيعَةٌ بِأَيدِي قَوْمٍ شجعَان، لَكنَّهُم جهلَةٌ فُقَرَاءُ، فَقَالَ لَهُم: نَحْنُ قَوْمٌ عُبَّادٌ مسَاكينُ،
فَأَقَامُوا مُدَّةً، فَمَالُوا إِلَيْهِم، ثُمَّ قَالَ: بِيعُونَا نِصْفَ قلعتِكُم بِسَبْعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَفَعلُوا، فَدَخَلوهَا، وَكثرُوا، وَاستولَى صَبَّاحٌ عَلَى القَلْعَةِ، وَمَعَهُ نَحْوُ الثَّلاَثِ مائَةٍ، وَاشْتُهِرَ بِأَنَّهُ يُفْسدُ الدِّينَ، وَيَحلُّ مِنَ الإِيْمَانِ، فَنهدَ لَهُ ملكُ تِلْكَ النَّاحيَةِ، وَحَاصَرَ القَلْعَةَ مَعَ اشتغَالِهِ بلعبِهِ وَسُكْرِهِ.فَقَالَ عَلِيٌّ اليَعْقُوْبِيُّ مِنْ خوَاصِّ صَبَّاح: أَيش يَكُوْنُ لِي عَلَيْكُم إِنْ قتلتُهُ؟
قَالُوا: يَكُوْنُ لَكَ ذُكْرَان فِي تسَابيحنَا.
قَالَ: رضيتُ، فَأَمرهُم بِالنُّزَولِ ليلاً، وَقسَمَهُم أَربَاعاً فِي نوَاحِي ذَلِكَ الجَيْشِ، وَرتَّب مَعَ كُلِّ فِرقَةٍ طُبُولاً، وَقَالَ: إِذَا سَمِعتُم الصَّيحَةَ فَاضربُوا الطُّبولَ، فَاختبطَ الجَيْشُ، فَانْتهزَ الفرصَةَ، وَهجم عَلَى الملكِ فَقَتَلَهُ، وَقُتِلَ، وَهَرَبَ العَسْكَرُ، فَحَوَتِ الصَّبَّاحيَّةُ الخيَامَ بِمَا حَوَتْ، وَاسْتغنَوا، وَعظُمَ البَلاَءُ بِهِم، وَدَامت الألموتُ لَهُم مائَةً وَسِتِّيْنَ عَاماً، فَكَانَ سنَان مِنْ نُوَّابِهِم.
فَأَمَّا نِزَارٌ فَإِنَّ عَمَّتهُ عَمِلَتْ عَلَيْهِ، وَعَاهدَتِ الأُمَرَاءَ أَنْ تُقيمَ أَخَاهُ صَبِيّاً، فَخَافَ نِزَارٌ، فَهَرَبَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْرٌ وَحُرُوْبٌ، ثُمَّ قُتِلَ، وَصَارَ صَبَّاحٌ يَقُوْلُ: لَمْ يَمتْ، بَلِ اخْتَفَى، وَسيظهرُ، ثُمَّ أَحبلَ جَارِيَةً وَقَالَ لَهُم: سيظهرُ مِنْ بطنِهَا، فَأَذعنُوا لَهُ، وَاغتَالُوا أُمَرَاءَ وَعُلَمَاءَ خبطُوا عَلَيْهِم، وَخَافتْهُمُ المُلُوْكُ، وَصَانَعوهُم بِالأَمْوَالِ.
وَبَعَثَ صَبَّاحٌ الدَّاعِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ إِلَى الشَّامِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَقوِيَ أَمرُهُ، وَاستجَابَ لَهُ الجبليَّةُ الجَاهِلِيَّةُ، وَاسْتولَوا عَلَى قَلْعَةٍ مِنْ جبلِ السّماقِ.
ثُمَّ هَلَكَ هَذَا الدَّاعِي، وَجَاءَ بَعْدَهُ سنَان، فَكَانَ سخطَةً وَبلاَءً، مُتَنَسِّكاً، متخَشِّعاً، وَاعِظاً، كَانَ يَجلسُ عَلَى صخرَةٍ كَأَنَّهُ صخرَةٌ لاَ يَتحرَّكُ مِنْ سِوَى لِسَانِهِ، فَربطهُم، وَغَلَوا فِيْهِ، وَاعتقدَ مِنْهُم بِهِ الإِلهيَّةَ، فَتبّاً لَهُ وَلجهلِهِم، فَاستغوَاهُم بسحرٍ وَسيمِيَاء، وَكَانَ لَهُ كتبٌ كَثِيْرَةٌ، وَمُطَالَعَةٌ، وَطَالَتْ أَيَّامُهُ.وَأَمَّا الألموتُ فَوَلِيهَا بَعْدَ صَبَّاحٍ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ بَعْدَهُ حَفِيْدُهُ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَظهرَ شعَارَ الإِسْلاَمِ، وَنبذَ الانحَلاَلَ تَقيَّةً، وَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الإِمَامَ عَلِيّاً، فَأَمرَهُ بِإِعَادَةِ رُسومِ الدِّينِ، وَقَالَ لخوَاصِّهِ: أَلَيْسَ الدِّين لِي؟
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: فَتَارَةً أَضعُ عَلَيْكُم التَّكَالِيفَ، وَتَارَةً أَرفضُهَا.
قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطعنَا، وَاستحضرَ فُقَهَاءَ وَقُرَّاءَ لِيُعَلِّمُوهُم، وَتَخَلَّصُوا بِهَذَا مِنْ صولَةِ خُوَارِزْمشَاه.
نعم، وَكَانَ سنَان قَدْ عَرَجَ مِنْ حجَرٍ وَقَعَ عَلَيْهِ فِي الزَّلْزَلَةِ الكَبِيْرَةِ، زَمَنَ نُوْرِ الدِّيْنِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مُحِبُّوهُ عَلَى مَا حَكَى المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ليقتلُوْهُ، فَقَالَ: وَلِمَ تَقتلونِي؟
قَالُوا: لِتعُوْدَ إِلَيْنَا صَحِيْحاً، فَشَكَرَ لَهُم وَدَعَا، وَقَالَ: اصبرُوا عَلَيَّ -يَعْنِي: ثُمَّ قَتَلَهُم بِحِيلَةٍ-.
وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحلَّهُم مِنَ الإِسْلاَمِ، نَزلَ فِي رَمَضَانَ إِلَى مَقْثَأَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَأَكلُوا مَعَهُ.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ فِي (تَارِيْخِهِ) : أَخْبَرَنِي شَيْخٌ أَدْرَكَ سنَاناً أَنَّهُ كَانَ بَصْرِيّاً،
يُعلِّمُ الصِّبْيَانَ، وَأَنَّهُ مرَّ وَهُوَ طَالعٌ إِلَى الحُصُونِ عَلَى حِمَارٍ، فَأَرَادَ أَهْلُ إِقمِينَاسَ أَخَذَ حِمَارِهِ، فَبعدَ جُهْدٍ تركوهُ، ثُمَّ آلَ أَمرُهُ إِلَى أَنْ تَملَّكَ عِدَّةَ قِلاعٍ.أَوْصَى يَوْماً أَتْبَاعَهُ فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالصَّفَاءِ بَعْضُكُم لبَعْضٍ، لاَ يَمنعَنَّ أَحَدُكُم أَخَاهُ شَيْئاً لَهُ، فَأَخَذَ هَذَا بِنْتَ هَذَا، وَأَخَذَ هَذَا أُخْتَ هَذَا سِفَاحاً، وَسَمَّوا نُفُوْسَهُم الصُّفَاةُ، فَاسْتدَعَاهُم سنَانٌ مرَّةً وَقَتَلَ خلقاً مِنْهُم.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: تَمَكَّنَ فِي الحُصُونِ، وَانقَادُوا لَهُ، وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ الهوَّارِيِّ أَنَّ صَلاَحَ الدِّيْنِ سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى سنَانٍ يَتهدَّدُهُ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: سَأُرِيكَ الرِّجَالَ الَّذِيْنَ أَلقَاهُ بِهِم، فَأَشَارَ إِلَى جَمَاعَةٍ أَنْ يَرمُوا أَنْفُسَهُم مِنْ أَهْلِ الحصنِ مِنْ أَعلاَهُ، فَأَلقَوا نُفُوْسَهُم، فَهلكُوا.
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَحلَّ لَهُم وَطءَ أُمَّهَاتِهِم وَأَخوَاتِهِم وَبنَاتِهِم، وَأَسقطَ عَنْهُم صومَ رَمَضَانَ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي غَالِبٍ بنِ الحُصَيْنِ أَنَّ فِي مُحَرَّمٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ هَلَكَ سنَانٌ صَاحِبُ الدَّعوَةِ بِحصنِ الكَهْفِ، وَكَانَ رَجُلاً عَظِيْماً، خفِيَّ الكيدِ، بعيدَ الهِمَّةِ، عَظِيْمَ المخَارِيقِ، ذَا قدرَةٍ عَلَى الإِغوَاءِ، وَخديعَةِ القُلُوْبِ، وَكتمَانِ السِّرِّ، وَاستخدَامِ الطَّغَامِ وَالغَفَلَةِ فِي أَغرَاضِهِ الفَاسِدَةِ.
وَأَصلُهُ مِنْ قُرَى البَصْرَةِ، خدَمَ رُؤسَاءَ الإِسْمَاعِيْلِيَّة بِأَلَمُوت، وَرَاضَ نَفْسَهُ بعلُوْمِ الفلاسفَةِ، وَقرَأَ كَثِيْراً مِنْ كُتُبِ الجَدَلِ وَالمغَالطَةِ، وَرَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَاءِ، وَالفَلْسَفَةِ الإِقنَاعِيَّةِ المُشَوَّقَةِ لاَ المُبَرْهَنَةِ، وَبَنَى بِالشَّامِ حُصُوْناً، وَتوثَّبَ عَلَى حصُوْنٍ، وَوَعَّرَ مسَالِكَهَا، وَسَالَمَتْهُ الأَنَامُ، وَخَافتْهُ المُلُوْكُ مِنْ أَجْلِ هجومِ أَتْبَاعِهِ بِالسِّكِّينِ، دَام لَهُ الأَمْرُ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَيَّرَ إِلَيْهِ
دَاعِي الدُّعَاةِ مِنْ قَلْعَةِ أَلَمُوْتَ جَمَاعَةً غَيْرَ مَرَّةٍ ليقتلُوْهُ لاِستبدَادِهِ بِالرِّئَاسَةِ، فَكَانَ سنَانٌ يَقتلُهُم، وَبَعْضُهُم يَخدعُهُ، فَيَصِيْرُ مِنْ أَتْبَاعِهِ.قَالَ: وَقَرَأْتُ عَلَى حُسَيْنٍ الرَّازِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعِيْنُ الدِّينِ مَوْدُوْد الحَاجِبُ أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، فَخلا بِسنَانٍ وَسَأَلَهُ.
فَقَالَ: نشَأتُ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ أَبِي مِنْ مقدَّمِيهَا، فَوَقَعَ هَذَا الأَمْرُ فِي قَلْبِي، فَجرَى لِي مَعَ إِخْوَتِي أَمرٌ، فَخَرَجتُ بِغَيْرِ زَادٍ وَلاَ رَكُوْبٍ، فَتوصَّلْتُ إِلَى الأَلَمُوت، وَبِهَا إِلْكِيَا مُحَمَّدُ بنُ صَبَّاحٍ، وَلَهُ ابْنَانِ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، فَأَقعدنِي مَعَهُمَا فِي المَكْتَبِ، وَكَانَ يَبُرُّنِي بِرَّهُمَا، وَيُسَاوينِي بِهِمَا، ثُمَّ مَاتَ.
وَوَلِيَ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، فَنفَّذَنِي إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجْتُ مِثْلَ خُرُوْجِي مِنَ البَصْرَةِ، وَكَانَ قَدْ أَمرَنِي بِأَوَامرَ، وَحمَّلَنِي رَسَائِلَ، فَدَخَلتُ مَسْجِدَ التَّمَّارِيْنَ بِالمَوْصِلِ، ثُمَّ سِرْتُ إِلَى الرَّقَّةِ، فَأَدَّيْتُ رسَالَتَهُ إِلَى رَجُلٍ، فَزوَّدنِي، وَاكترَى لَهُ بَهيمَةً إِلَى حلبَ، وَلقيتُ آخرَ برسَالتِهِ، فَزوَّدنِي إِلَى الكهفِ، وَكَانَ الأَمْرُ أَنْ أُقيمَ هُنَا، فَأَقَمْتُ حَتَّى مَاتَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَاحِبُ الأَمْرِ.
فَولِيَ بَعْدَهُ خوَاجَا عليّ بِغَيْرِ نصٍّ، بَلْ بَاتِّفَاقِ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ الرَّئِيْسُ أَبُو مَنْصُوْرٍ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالرَّئِيْسُ فَهْدٌ، فَبعثَوا مَنْ قتلَ خوَاجَا، وَبَقِيَ الأَمْرُ شُوْرَى، فَجَاءَ الأَمْرُ مِنَ الأَلموت بِقَتْلِ قَاتِلِهِ، وَإِطلاَقِ فَهْدٍ، وَقُرِئت الوصيَّةُ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَهِيَ:
هَذَا عهدٌ عهدنَاهُ إِلَى الرَّئِيْسِ نَاصِرِ الدِّيْنِ سنَان، وَأَمَرْنَاهُ بقِرَاءتِهِ عَلَى الرِّفَاقِ وَالإِخْوَانِ، أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنَ الاخْتِلاَفِ وَاتِّبَاعِ الأَهوَاءِ، إِذْ ذَاكَ فِتْنَةُ الأَوَّلِينَ، وَبلاَءُ الآخرِيْنَ، وَعبرَةٌ لِلمعتبرِيْنَ، مَنْ تَبرَّأَ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ وَأَعْدَاءِ وَليِّهِ وَدِيْنِهِ، عَلَيْهِ مُوَالاَةُ أَوْلِيَاءِ اللهِ، وَالاَتحَادُ بِالوحدَةِ سُنَّةُ جَوَامِعِ الكَلِمِ،
كلمَةِ اللهِ وَالتَّوحيدِ وَالإِخْلاَصِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، عُرْوَةُ اللهِ الوُثقَى، وَحبلُهُ الْمَتِين، أَلاَ فَتمسَّكُوا بِهِ، وَاعتصمُوا بِهِ، فَبِهِ صلاَحُ الأَوِّلِينَ، وَفلاَحُ الآخرِيْنَ، أَجْمِعُوا آرَاءكُم لِتعَلِيْمِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِنصٍّ مِنَ اللهِ وَوَليِّهِ، فتلقُّوا مَا يُلْقِيهِ إِلَيْكُم مِنْ أَوَامِرِهِ وَنوَاهيهِ بقبولٍ، فَلاَ وَرَبّكَ لاَ تُؤمنُوْنَ حَتَّى تُحَكِّمُوْهُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنكُم، ثُمَّ لاَ تَجدُوا فِي أَنْفُسِكُم حَرَجاً مِمَّا قضَى، وَتسلِّمُوا تسليماً، فَذَلِكَ الاَتّحَادُ بِالوحدَةِ الَّتِي هِيَ آيَةُ الحَقِّ، المُنْجِيَةُ مِنَ المهَالكِ، المُؤدِّيَةُ إِلَى السَّعَادَةِ، إِذِ الكَثْرَةُ علاَمَةُ البَاطِلِ، المُؤدِّيَةُ إِلَى الشَّقَاوَةِ المُخزِيَةِ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ زوَالِهِ، وَبِالوَاحِدِ مِنْ آلهَةٍ شَتَّى، وَبِالوحدَةِ مِنَ الكَثْرَةِ، وَبِالنَّصِّ وَالتَّعَلِيْمِ مِنَ الأَدوَاءِ وَالأَهوَاءِ، وَبِالحَقِّ مِنَ البَاطِلِ، وَبِالآخِرَةِ البَاقيَةِ مِنَ الدُّنْيَا المَلْعُوْنَةِ، إِلاَّ مَا أُرِيْدَ بِهِ وَجهُ اللهِ، فَتزوَّدُوا مِنْهَا لِلأُخْرَى، وَخيرُ الزَّادِ التَّقْوَى، أَطيعُوا أَمِيْرَكُم، وَلَوْ كَانَ عبداً حبشيّاً.قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: كتب سنَانٌ إِلَى صَاحِبِ شَيْزَرَ يُعَزِّيهِ بِأَخِيْهِ:
إِنَّ المنَايَا لاَ تَطَا بِمنسمٍ ... إِلاَّ عَلَى أَكتَافِ أَهْلِ السُّؤْدُدِ
فَلَئِنْ صَبْرتَ فَأَنْتَ سَيِّدُ مَعْشَرٍ ... صَبْرُوا وَإِنْ تَجْزَعْ فَغَيْرُ مُفَنَّدِ
هَذَا التَّنَاصُرُ بِاللِّسَانِ وَلَوْ أَتَى ... غَيْرُ الحِمَامِ أَتَاكَ نَصْرِي بِاليَدِ
وَهِيَ لأَبِي تَمَّامٍ.
وَكَتَبَ سنَانٌ إِلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ:
يَا لِلرِّجَالِ لأَمرٍ هَال مَقْطَعُهُ ... مَا مَرَّ قَطُّ عَلَى سَمعِي تَوَقُّعُهُ
فَإِذَا الَّذِي بِقِرَاعِ السَّيْفِ هَدَّدَنَا ... لاَ قَامَ مَصْرَعُ جَنْبِي حِيْنَ تَصْرَعُهُ
قَامَ الحَمَامُ إِلَى البَازِي يُهَدِّدُهُ ... وَاسْتَيْقَظَتْ لأُسُوْدِ البَرِّ أَضْبُعُهُ
وَقفْتُ عَلَى تَفصيلِ كِتَابِكُم وَجُمَلِهِ، وَعَلِمْنَا مَا هدَّدنَا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعملِهِ، فَيَا للهِ العجبُ مِنْ ذُبَابَةٍ تَطنُّ فِي أُذنِ فِيلٍ، وَبعوضَةٍ تُعَدّ فِي التَّمَاثيلِ، وَلَقَدْ قَالهَا مِنْ قَبْلِكَ قَوْمٌ فَدمَّرْنَا عَلَيْهِم، وَمَا كَانَ لَهُم مِنْ نَاصِرِيْنَ، أَلِلْحقِّ تدحضُونَ، وَللبَاطِلِ تَنصرُوْنَ؟! وَسيعلَمُ الَّذِيْنَ ظلمُوا أَيَّ منقَلَبٍ يَنقَلْبُوْنَ.وَلَئِنْ صَدَرَ قَوْلُكَ فِي قطعِ رَأْسِي، وَقلعِكَ لقلاعِي مِنَ الجِبَالِ الرَّواسِي، فَتلكَ أَمَانِيّ كَاذِبَةٌ، وَخيَالاَتٌ غَيْرُ صَائِبَةٍ، فَإِنَّ الجَوَاهِرَ لاَ تَزولُ بِالأَعْرَاضِ، كَمَا أَنَّ الأَرْوَاحَ لاَ تضمحِلُّ بِالأَمرَاضِ.
وَإِنْ عُدْنَا إِلَى الظَّاهِرِ وَعدلْنَا عَنِ البَاطِنِ، فَلنَا فِي رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ: (مَا أُوذِيَ نَبِيٌّ مَا أُوذِيْت ) وَقَدْ علمتَ مَا جرَى عَلَى عترَتِهِ وَشيعَتِهِ، فَالحَالُ مَا حَالَ، وَالأَمْرُ مَا زَالَ، وَقَدْ علمْتُم ظَاهِرَ حَالِنَا، وَكَيْفِيَّةَ رِجَالِنَا، وَمَا يَتمنَّوْنَهُ مِنَ الفَوتِ، وَيَتقرَّبُوْنَ بِهِ مِنْ حيَاضِ المَوْتِ، وَفِي المَثَلِ: أَو لِلبطِّ تُهّدِّدُ بِالشَّطِّ؟ فَهيّئ لِلبلاَيَا أَسبَاباً، وَتَدرَّعْ لِلرَّزَايَا جِلبَاباً، فَلأَظهرَنَّ عَلَيْكَ مِنْكَ، وَتَكُوْنُ كَالبَاحثِ عَنْ حَتْفِهِ بظلفِهِ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بعزِيزٍ، فَكُنْ لأَمرنَا بِالمرصَادِ، وَاقرَأْ أَوَّلَ النَّحْلِ وَآخرَ صَ.
قَالَ النَّجْمُ ابْنُ إِسْرَائِيْلَ: أَخْبَرَنِي المنتَجَبُ بنُ دَفْتَرخوَان، قَالَ:
أَرْسَلنِي صَلاَحُ الدِّيْنِ إِلَى سنَانٍ حِيْنَ قفزُوا عَلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ المَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَمعِي القُطْبُ النَّيْسَابُوْرِيُّ يُهَدِّدُهُ، فَكَتَبَ عَلَى طُرَّةِ كِتَابِهِ: جَاءَ الغُرَابُ إِلَى البَازِي يهدِّدُهُ ... ، وَذَكَرَ الأَبيَاتَ، وَقَالَ: هَذَا جَوَابُهُ، إِنَّ صَاحِبَكَ يَحكمُ عَلَى ظَاهِرِ جُندِهِ، وَأَنَا أَحكمُ عَلَى باطنِ جُندِي، وَسترَى دَليلَهُ، فَدَعَا عَشْرَةً
مِنْ صِبيَانِ القَاعَةِ، فَأَلقَى سِكِّيناً فِي الخَنْدَقِ، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ هَذِهِ فَليقَعْ خلْفَهَا، فَتبَادرُوا جَمِيْعاً خلفهَا وَثْباً، فَتقطَّعُوا، فَعُدْنَا، فَصَالَحَهُ صَلاَحُ الدِّيْنِ.وَذَكَرَ قُطْبُ الدِّيْنِ فِي (تَارِيْخِهِ) : أَنَّ سنَاناً سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ، فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَا يَخَافُهُ، فَأَخلَى لَهُ المَجْلِسَ سِوَى نَفرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ حَتَّى يَخْرُجُوا، فَأَخْرَجَهُم كلَّهُم سِوَى مَمْلُوْكَيْنِ، فَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ لاَ أُؤَدِّي إِلاَّ خَلْوَةً.
قَالَ: هَذَانِ مَا يخرجَانِ، فَإِنْ أَدَّيْتَ وَإِلاَّ فَقُم، فَهُمَا مِثْلُ أَوْلاَدِي، فَالْتَفَتَ إِلَيهُمَا، وَقَالَ: إِذَا أَمرتُكُمَا عَنْ مَخْدُومِي بِقَتْلِ هَذَا السُّلْطَانِ أَتقتلاَنِهِ؟
قَالاَ: نَعم، وَجَذَبا سَيْفَهُماً، فَبُهِتَ السُّلْطَانُ، وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعَ الرَّسُولِ، فَدَخَلَ السُّلْطَانُ فِي مرضَاةِ سنَانٍ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
مَا أَكْثَرَ النَّاسَ وَمَا أَقلَّهُمُ ... وَمَا أَقلُّ فِي القَلِيْلِ النُّجَبَا
ليتَهُم إِذْ لَمْ يَكُوْنُوا خُلِقُوا ... مُهَذَّبِيْنَ صَحِبُوا مُهَذَّبا
مَاتَ سنَانٌ -كَمَا قُلْنَا-: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
رَاشِدُ الدِّينِ، كَبِيْرُ الإِسْمَاعِيْلِيَّة وَطَاغوتُهُم، أَبُو الحَسَنِ سِنَانُ بنُ
سَلْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ، البَاطِنِيُّ، صَاحِبُ الدَّعوَةِ النِّزَارِيَّةِ.كَانَ ذَا أَدبٍ وَفضِيْلَةٍ، وَنظَرٍ فِي الفَلْسَفَةِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَفِيْهِ شَهَامَةٌ وَدهَاءٌ وَمكرٌ وَغَوْرٌ، فَذَكَر رَسُوْلٌ لَهُ وَهُوَ سَعْدُ الدِّينِ عَبْدُ الكَرِيْمِ، قَالَ: حَكَى الشَّيْخُ سنَانٌ قَالَ: وَردْتُ الشَّامَ، فَاجتزْتُ بِحَلَبَ، فَصَلَّيْتُ العصرَ بِمشهدٍ عَلَى ظَاهِرِ بَابِ الجنانِ، وَثَمَّ شَيْخٌ مُسِنٌّ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ الشَّيْخُ؟
قَالَ: مَنْ صِبيَانِ حلبَ.
قُلْتُ: الدَّعوَةُ النِّزَارِيَّةُ نسبَةٌ إِلَى نزَارِ ابْنِ خَلِيْفَة العُبَيْدِيَّةِ المُسْتَنْصِرِ، صَيَّرَهُ أَبُوْهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ، وَبثَّ لَهُ الدُّعَاةَ، فَمنهُم صَبَّاحٌ جدُّ أَصْحَابِ الْأَلْمُوتِ، أَحَدُ شيَاطينِ الإِنْسِ، ذُو سَمْتٍ، وَذلقٍ، وَتَخَشُّعٍ، وَتنَمُّسٍ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ.
دَخَلَ الشَّامَ وَالسَّوَاحِلَ فِي حُدُوْدِ ثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ مرَامُهُ، فَسَارَ إِلَى العَجَمِ، وَخَاطبَ الغُتْمَ الصُّمَّ، فَاستجَابَ لَهُ خَلْقٌ، وَسَلَخَهُم، وَحَلَّهُم، وَكثرُوا، وَأَظهرُوا شغلَ السِّكِّين، وَالوثَوْبَ عَلَى الكِبَارِ، ثُمَّ قصدَ قَلْعَةَ الْأَلْمُوتِ بقَزْوِيْنَ، وَهِيَ مَنِيعَةٌ بِأَيدِي قَوْمٍ شجعَان، لَكنَّهُم جهلَةٌ فُقَرَاءُ، فَقَالَ لَهُم: نَحْنُ قَوْمٌ عُبَّادٌ مسَاكينُ،
فَأَقَامُوا مُدَّةً، فَمَالُوا إِلَيْهِم، ثُمَّ قَالَ: بِيعُونَا نِصْفَ قلعتِكُم بِسَبْعَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَفَعلُوا، فَدَخَلوهَا، وَكثرُوا، وَاستولَى صَبَّاحٌ عَلَى القَلْعَةِ، وَمَعَهُ نَحْوُ الثَّلاَثِ مائَةٍ، وَاشْتُهِرَ بِأَنَّهُ يُفْسدُ الدِّينَ، وَيَحلُّ مِنَ الإِيْمَانِ، فَنهدَ لَهُ ملكُ تِلْكَ النَّاحيَةِ، وَحَاصَرَ القَلْعَةَ مَعَ اشتغَالِهِ بلعبِهِ وَسُكْرِهِ.فَقَالَ عَلِيٌّ اليَعْقُوْبِيُّ مِنْ خوَاصِّ صَبَّاح: أَيش يَكُوْنُ لِي عَلَيْكُم إِنْ قتلتُهُ؟
قَالُوا: يَكُوْنُ لَكَ ذُكْرَان فِي تسَابيحنَا.
قَالَ: رضيتُ، فَأَمرهُم بِالنُّزَولِ ليلاً، وَقسَمَهُم أَربَاعاً فِي نوَاحِي ذَلِكَ الجَيْشِ، وَرتَّب مَعَ كُلِّ فِرقَةٍ طُبُولاً، وَقَالَ: إِذَا سَمِعتُم الصَّيحَةَ فَاضربُوا الطُّبولَ، فَاختبطَ الجَيْشُ، فَانْتهزَ الفرصَةَ، وَهجم عَلَى الملكِ فَقَتَلَهُ، وَقُتِلَ، وَهَرَبَ العَسْكَرُ، فَحَوَتِ الصَّبَّاحيَّةُ الخيَامَ بِمَا حَوَتْ، وَاسْتغنَوا، وَعظُمَ البَلاَءُ بِهِم، وَدَامت الألموتُ لَهُم مائَةً وَسِتِّيْنَ عَاماً، فَكَانَ سنَان مِنْ نُوَّابِهِم.
فَأَمَّا نِزَارٌ فَإِنَّ عَمَّتهُ عَمِلَتْ عَلَيْهِ، وَعَاهدَتِ الأُمَرَاءَ أَنْ تُقيمَ أَخَاهُ صَبِيّاً، فَخَافَ نِزَارٌ، فَهَرَبَ إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْرٌ وَحُرُوْبٌ، ثُمَّ قُتِلَ، وَصَارَ صَبَّاحٌ يَقُوْلُ: لَمْ يَمتْ، بَلِ اخْتَفَى، وَسيظهرُ، ثُمَّ أَحبلَ جَارِيَةً وَقَالَ لَهُم: سيظهرُ مِنْ بطنِهَا، فَأَذعنُوا لَهُ، وَاغتَالُوا أُمَرَاءَ وَعُلَمَاءَ خبطُوا عَلَيْهِم، وَخَافتْهُمُ المُلُوْكُ، وَصَانَعوهُم بِالأَمْوَالِ.
وَبَعَثَ صَبَّاحٌ الدَّاعِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ إِلَى الشَّامِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَقوِيَ أَمرُهُ، وَاستجَابَ لَهُ الجبليَّةُ الجَاهِلِيَّةُ، وَاسْتولَوا عَلَى قَلْعَةٍ مِنْ جبلِ السّماقِ.
ثُمَّ هَلَكَ هَذَا الدَّاعِي، وَجَاءَ بَعْدَهُ سنَان، فَكَانَ سخطَةً وَبلاَءً، مُتَنَسِّكاً، متخَشِّعاً، وَاعِظاً، كَانَ يَجلسُ عَلَى صخرَةٍ كَأَنَّهُ صخرَةٌ لاَ يَتحرَّكُ مِنْ سِوَى لِسَانِهِ، فَربطهُم، وَغَلَوا فِيْهِ، وَاعتقدَ مِنْهُم بِهِ الإِلهيَّةَ، فَتبّاً لَهُ وَلجهلِهِم، فَاستغوَاهُم بسحرٍ وَسيمِيَاء، وَكَانَ لَهُ كتبٌ كَثِيْرَةٌ، وَمُطَالَعَةٌ، وَطَالَتْ أَيَّامُهُ.وَأَمَّا الألموتُ فَوَلِيهَا بَعْدَ صَبَّاحٍ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ بَعْدَهُ حَفِيْدُهُ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الَّذِي أَظهرَ شعَارَ الإِسْلاَمِ، وَنبذَ الانحَلاَلَ تَقيَّةً، وَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الإِمَامَ عَلِيّاً، فَأَمرَهُ بِإِعَادَةِ رُسومِ الدِّينِ، وَقَالَ لخوَاصِّهِ: أَلَيْسَ الدِّين لِي؟
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: فَتَارَةً أَضعُ عَلَيْكُم التَّكَالِيفَ، وَتَارَةً أَرفضُهَا.
قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطعنَا، وَاستحضرَ فُقَهَاءَ وَقُرَّاءَ لِيُعَلِّمُوهُم، وَتَخَلَّصُوا بِهَذَا مِنْ صولَةِ خُوَارِزْمشَاه.
نعم، وَكَانَ سنَان قَدْ عَرَجَ مِنْ حجَرٍ وَقَعَ عَلَيْهِ فِي الزَّلْزَلَةِ الكَبِيْرَةِ، زَمَنَ نُوْرِ الدِّيْنِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مُحِبُّوهُ عَلَى مَا حَكَى المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ليقتلُوْهُ، فَقَالَ: وَلِمَ تَقتلونِي؟
قَالُوا: لِتعُوْدَ إِلَيْنَا صَحِيْحاً، فَشَكَرَ لَهُم وَدَعَا، وَقَالَ: اصبرُوا عَلَيَّ -يَعْنِي: ثُمَّ قَتَلَهُم بِحِيلَةٍ-.
وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَحلَّهُم مِنَ الإِسْلاَمِ، نَزلَ فِي رَمَضَانَ إِلَى مَقْثَأَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَأَكلُوا مَعَهُ.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ فِي (تَارِيْخِهِ) : أَخْبَرَنِي شَيْخٌ أَدْرَكَ سنَاناً أَنَّهُ كَانَ بَصْرِيّاً،
يُعلِّمُ الصِّبْيَانَ، وَأَنَّهُ مرَّ وَهُوَ طَالعٌ إِلَى الحُصُونِ عَلَى حِمَارٍ، فَأَرَادَ أَهْلُ إِقمِينَاسَ أَخَذَ حِمَارِهِ، فَبعدَ جُهْدٍ تركوهُ، ثُمَّ آلَ أَمرُهُ إِلَى أَنْ تَملَّكَ عِدَّةَ قِلاعٍ.أَوْصَى يَوْماً أَتْبَاعَهُ فَقَالَ: عَلَيْكُم بِالصَّفَاءِ بَعْضُكُم لبَعْضٍ، لاَ يَمنعَنَّ أَحَدُكُم أَخَاهُ شَيْئاً لَهُ، فَأَخَذَ هَذَا بِنْتَ هَذَا، وَأَخَذَ هَذَا أُخْتَ هَذَا سِفَاحاً، وَسَمَّوا نُفُوْسَهُم الصُّفَاةُ، فَاسْتدَعَاهُم سنَانٌ مرَّةً وَقَتَلَ خلقاً مِنْهُم.
قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: تَمَكَّنَ فِي الحُصُونِ، وَانقَادُوا لَهُ، وَأَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ الهوَّارِيِّ أَنَّ صَلاَحَ الدِّيْنِ سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى سنَانٍ يَتهدَّدُهُ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: سَأُرِيكَ الرِّجَالَ الَّذِيْنَ أَلقَاهُ بِهِم، فَأَشَارَ إِلَى جَمَاعَةٍ أَنْ يَرمُوا أَنْفُسَهُم مِنْ أَهْلِ الحصنِ مِنْ أَعلاَهُ، فَأَلقَوا نُفُوْسَهُم، فَهلكُوا.
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَحلَّ لَهُم وَطءَ أُمَّهَاتِهِم وَأَخوَاتِهِم وَبنَاتِهِم، وَأَسقطَ عَنْهُم صومَ رَمَضَانَ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي غَالِبٍ بنِ الحُصَيْنِ أَنَّ فِي مُحَرَّمٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ هَلَكَ سنَانٌ صَاحِبُ الدَّعوَةِ بِحصنِ الكَهْفِ، وَكَانَ رَجُلاً عَظِيْماً، خفِيَّ الكيدِ، بعيدَ الهِمَّةِ، عَظِيْمَ المخَارِيقِ، ذَا قدرَةٍ عَلَى الإِغوَاءِ، وَخديعَةِ القُلُوْبِ، وَكتمَانِ السِّرِّ، وَاستخدَامِ الطَّغَامِ وَالغَفَلَةِ فِي أَغرَاضِهِ الفَاسِدَةِ.
وَأَصلُهُ مِنْ قُرَى البَصْرَةِ، خدَمَ رُؤسَاءَ الإِسْمَاعِيْلِيَّة بِأَلَمُوت، وَرَاضَ نَفْسَهُ بعلُوْمِ الفلاسفَةِ، وَقرَأَ كَثِيْراً مِنْ كُتُبِ الجَدَلِ وَالمغَالطَةِ، وَرَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَاءِ، وَالفَلْسَفَةِ الإِقنَاعِيَّةِ المُشَوَّقَةِ لاَ المُبَرْهَنَةِ، وَبَنَى بِالشَّامِ حُصُوْناً، وَتوثَّبَ عَلَى حصُوْنٍ، وَوَعَّرَ مسَالِكَهَا، وَسَالَمَتْهُ الأَنَامُ، وَخَافتْهُ المُلُوْكُ مِنْ أَجْلِ هجومِ أَتْبَاعِهِ بِالسِّكِّينِ، دَام لَهُ الأَمْرُ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَيَّرَ إِلَيْهِ
دَاعِي الدُّعَاةِ مِنْ قَلْعَةِ أَلَمُوْتَ جَمَاعَةً غَيْرَ مَرَّةٍ ليقتلُوْهُ لاِستبدَادِهِ بِالرِّئَاسَةِ، فَكَانَ سنَانٌ يَقتلُهُم، وَبَعْضُهُم يَخدعُهُ، فَيَصِيْرُ مِنْ أَتْبَاعِهِ.قَالَ: وَقَرَأْتُ عَلَى حُسَيْنٍ الرَّازِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ) ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعِيْنُ الدِّينِ مَوْدُوْد الحَاجِبُ أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، فَخلا بِسنَانٍ وَسَأَلَهُ.
فَقَالَ: نشَأتُ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ أَبِي مِنْ مقدَّمِيهَا، فَوَقَعَ هَذَا الأَمْرُ فِي قَلْبِي، فَجرَى لِي مَعَ إِخْوَتِي أَمرٌ، فَخَرَجتُ بِغَيْرِ زَادٍ وَلاَ رَكُوْبٍ، فَتوصَّلْتُ إِلَى الأَلَمُوت، وَبِهَا إِلْكِيَا مُحَمَّدُ بنُ صَبَّاحٍ، وَلَهُ ابْنَانِ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، فَأَقعدنِي مَعَهُمَا فِي المَكْتَبِ، وَكَانَ يَبُرُّنِي بِرَّهُمَا، وَيُسَاوينِي بِهِمَا، ثُمَّ مَاتَ.
وَوَلِيَ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، فَنفَّذَنِي إِلَى الشَّامِ، فَخَرَجْتُ مِثْلَ خُرُوْجِي مِنَ البَصْرَةِ، وَكَانَ قَدْ أَمرَنِي بِأَوَامرَ، وَحمَّلَنِي رَسَائِلَ، فَدَخَلتُ مَسْجِدَ التَّمَّارِيْنَ بِالمَوْصِلِ، ثُمَّ سِرْتُ إِلَى الرَّقَّةِ، فَأَدَّيْتُ رسَالَتَهُ إِلَى رَجُلٍ، فَزوَّدنِي، وَاكترَى لَهُ بَهيمَةً إِلَى حلبَ، وَلقيتُ آخرَ برسَالتِهِ، فَزوَّدنِي إِلَى الكهفِ، وَكَانَ الأَمْرُ أَنْ أُقيمَ هُنَا، فَأَقَمْتُ حَتَّى مَاتَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَاحِبُ الأَمْرِ.
فَولِيَ بَعْدَهُ خوَاجَا عليّ بِغَيْرِ نصٍّ، بَلْ بَاتِّفَاقِ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ الرَّئِيْسُ أَبُو مَنْصُوْرٍ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالرَّئِيْسُ فَهْدٌ، فَبعثَوا مَنْ قتلَ خوَاجَا، وَبَقِيَ الأَمْرُ شُوْرَى، فَجَاءَ الأَمْرُ مِنَ الأَلموت بِقَتْلِ قَاتِلِهِ، وَإِطلاَقِ فَهْدٍ، وَقُرِئت الوصيَّةُ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَهِيَ:
هَذَا عهدٌ عهدنَاهُ إِلَى الرَّئِيْسِ نَاصِرِ الدِّيْنِ سنَان، وَأَمَرْنَاهُ بقِرَاءتِهِ عَلَى الرِّفَاقِ وَالإِخْوَانِ، أَعَاذَكُمُ اللهُ مِنَ الاخْتِلاَفِ وَاتِّبَاعِ الأَهوَاءِ، إِذْ ذَاكَ فِتْنَةُ الأَوَّلِينَ، وَبلاَءُ الآخرِيْنَ، وَعبرَةٌ لِلمعتبرِيْنَ، مَنْ تَبرَّأَ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ وَأَعْدَاءِ وَليِّهِ وَدِيْنِهِ، عَلَيْهِ مُوَالاَةُ أَوْلِيَاءِ اللهِ، وَالاَتحَادُ بِالوحدَةِ سُنَّةُ جَوَامِعِ الكَلِمِ،
كلمَةِ اللهِ وَالتَّوحيدِ وَالإِخْلاَصِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، عُرْوَةُ اللهِ الوُثقَى، وَحبلُهُ الْمَتِين، أَلاَ فَتمسَّكُوا بِهِ، وَاعتصمُوا بِهِ، فَبِهِ صلاَحُ الأَوِّلِينَ، وَفلاَحُ الآخرِيْنَ، أَجْمِعُوا آرَاءكُم لِتعَلِيْمِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِنصٍّ مِنَ اللهِ وَوَليِّهِ، فتلقُّوا مَا يُلْقِيهِ إِلَيْكُم مِنْ أَوَامِرِهِ وَنوَاهيهِ بقبولٍ، فَلاَ وَرَبّكَ لاَ تُؤمنُوْنَ حَتَّى تُحَكِّمُوْهُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنكُم، ثُمَّ لاَ تَجدُوا فِي أَنْفُسِكُم حَرَجاً مِمَّا قضَى، وَتسلِّمُوا تسليماً، فَذَلِكَ الاَتّحَادُ بِالوحدَةِ الَّتِي هِيَ آيَةُ الحَقِّ، المُنْجِيَةُ مِنَ المهَالكِ، المُؤدِّيَةُ إِلَى السَّعَادَةِ، إِذِ الكَثْرَةُ علاَمَةُ البَاطِلِ، المُؤدِّيَةُ إِلَى الشَّقَاوَةِ المُخزِيَةِ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ زوَالِهِ، وَبِالوَاحِدِ مِنْ آلهَةٍ شَتَّى، وَبِالوحدَةِ مِنَ الكَثْرَةِ، وَبِالنَّصِّ وَالتَّعَلِيْمِ مِنَ الأَدوَاءِ وَالأَهوَاءِ، وَبِالحَقِّ مِنَ البَاطِلِ، وَبِالآخِرَةِ البَاقيَةِ مِنَ الدُّنْيَا المَلْعُوْنَةِ، إِلاَّ مَا أُرِيْدَ بِهِ وَجهُ اللهِ، فَتزوَّدُوا مِنْهَا لِلأُخْرَى، وَخيرُ الزَّادِ التَّقْوَى، أَطيعُوا أَمِيْرَكُم، وَلَوْ كَانَ عبداً حبشيّاً.قَالَ ابْنُ العَدِيْمِ: كتب سنَانٌ إِلَى صَاحِبِ شَيْزَرَ يُعَزِّيهِ بِأَخِيْهِ:
إِنَّ المنَايَا لاَ تَطَا بِمنسمٍ ... إِلاَّ عَلَى أَكتَافِ أَهْلِ السُّؤْدُدِ
فَلَئِنْ صَبْرتَ فَأَنْتَ سَيِّدُ مَعْشَرٍ ... صَبْرُوا وَإِنْ تَجْزَعْ فَغَيْرُ مُفَنَّدِ
هَذَا التَّنَاصُرُ بِاللِّسَانِ وَلَوْ أَتَى ... غَيْرُ الحِمَامِ أَتَاكَ نَصْرِي بِاليَدِ
وَهِيَ لأَبِي تَمَّامٍ.
وَكَتَبَ سنَانٌ إِلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ:
يَا لِلرِّجَالِ لأَمرٍ هَال مَقْطَعُهُ ... مَا مَرَّ قَطُّ عَلَى سَمعِي تَوَقُّعُهُ
فَإِذَا الَّذِي بِقِرَاعِ السَّيْفِ هَدَّدَنَا ... لاَ قَامَ مَصْرَعُ جَنْبِي حِيْنَ تَصْرَعُهُ
قَامَ الحَمَامُ إِلَى البَازِي يُهَدِّدُهُ ... وَاسْتَيْقَظَتْ لأُسُوْدِ البَرِّ أَضْبُعُهُ
وَقفْتُ عَلَى تَفصيلِ كِتَابِكُم وَجُمَلِهِ، وَعَلِمْنَا مَا هدَّدنَا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَعملِهِ، فَيَا للهِ العجبُ مِنْ ذُبَابَةٍ تَطنُّ فِي أُذنِ فِيلٍ، وَبعوضَةٍ تُعَدّ فِي التَّمَاثيلِ، وَلَقَدْ قَالهَا مِنْ قَبْلِكَ قَوْمٌ فَدمَّرْنَا عَلَيْهِم، وَمَا كَانَ لَهُم مِنْ نَاصِرِيْنَ، أَلِلْحقِّ تدحضُونَ، وَللبَاطِلِ تَنصرُوْنَ؟! وَسيعلَمُ الَّذِيْنَ ظلمُوا أَيَّ منقَلَبٍ يَنقَلْبُوْنَ.وَلَئِنْ صَدَرَ قَوْلُكَ فِي قطعِ رَأْسِي، وَقلعِكَ لقلاعِي مِنَ الجِبَالِ الرَّواسِي، فَتلكَ أَمَانِيّ كَاذِبَةٌ، وَخيَالاَتٌ غَيْرُ صَائِبَةٍ، فَإِنَّ الجَوَاهِرَ لاَ تَزولُ بِالأَعْرَاضِ، كَمَا أَنَّ الأَرْوَاحَ لاَ تضمحِلُّ بِالأَمرَاضِ.
وَإِنْ عُدْنَا إِلَى الظَّاهِرِ وَعدلْنَا عَنِ البَاطِنِ، فَلنَا فِي رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ: (مَا أُوذِيَ نَبِيٌّ مَا أُوذِيْت ) وَقَدْ علمتَ مَا جرَى عَلَى عترَتِهِ وَشيعَتِهِ، فَالحَالُ مَا حَالَ، وَالأَمْرُ مَا زَالَ، وَقَدْ علمْتُم ظَاهِرَ حَالِنَا، وَكَيْفِيَّةَ رِجَالِنَا، وَمَا يَتمنَّوْنَهُ مِنَ الفَوتِ، وَيَتقرَّبُوْنَ بِهِ مِنْ حيَاضِ المَوْتِ، وَفِي المَثَلِ: أَو لِلبطِّ تُهّدِّدُ بِالشَّطِّ؟ فَهيّئ لِلبلاَيَا أَسبَاباً، وَتَدرَّعْ لِلرَّزَايَا جِلبَاباً، فَلأَظهرَنَّ عَلَيْكَ مِنْكَ، وَتَكُوْنُ كَالبَاحثِ عَنْ حَتْفِهِ بظلفِهِ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بعزِيزٍ، فَكُنْ لأَمرنَا بِالمرصَادِ، وَاقرَأْ أَوَّلَ النَّحْلِ وَآخرَ صَ.
قَالَ النَّجْمُ ابْنُ إِسْرَائِيْلَ: أَخْبَرَنِي المنتَجَبُ بنُ دَفْتَرخوَان، قَالَ:
أَرْسَلنِي صَلاَحُ الدِّيْنِ إِلَى سنَانٍ حِيْنَ قفزُوا عَلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ المَرَّةِ الثَّالِثَةِ، وَمعِي القُطْبُ النَّيْسَابُوْرِيُّ يُهَدِّدُهُ، فَكَتَبَ عَلَى طُرَّةِ كِتَابِهِ: جَاءَ الغُرَابُ إِلَى البَازِي يهدِّدُهُ ... ، وَذَكَرَ الأَبيَاتَ، وَقَالَ: هَذَا جَوَابُهُ، إِنَّ صَاحِبَكَ يَحكمُ عَلَى ظَاهِرِ جُندِهِ، وَأَنَا أَحكمُ عَلَى باطنِ جُندِي، وَسترَى دَليلَهُ، فَدَعَا عَشْرَةً
مِنْ صِبيَانِ القَاعَةِ، فَأَلقَى سِكِّيناً فِي الخَنْدَقِ، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ هَذِهِ فَليقَعْ خلْفَهَا، فَتبَادرُوا جَمِيْعاً خلفهَا وَثْباً، فَتقطَّعُوا، فَعُدْنَا، فَصَالَحَهُ صَلاَحُ الدِّيْنِ.وَذَكَرَ قُطْبُ الدِّيْنِ فِي (تَارِيْخِهِ) : أَنَّ سنَاناً سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى صَلاَحِ الدِّيْنِ، فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَا يَخَافُهُ، فَأَخلَى لَهُ المَجْلِسَ سِوَى نَفرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ حَتَّى يَخْرُجُوا، فَأَخْرَجَهُم كلَّهُم سِوَى مَمْلُوْكَيْنِ، فَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ لاَ أُؤَدِّي إِلاَّ خَلْوَةً.
قَالَ: هَذَانِ مَا يخرجَانِ، فَإِنْ أَدَّيْتَ وَإِلاَّ فَقُم، فَهُمَا مِثْلُ أَوْلاَدِي، فَالْتَفَتَ إِلَيهُمَا، وَقَالَ: إِذَا أَمرتُكُمَا عَنْ مَخْدُومِي بِقَتْلِ هَذَا السُّلْطَانِ أَتقتلاَنِهِ؟
قَالاَ: نَعم، وَجَذَبا سَيْفَهُماً، فَبُهِتَ السُّلْطَانُ، وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعَ الرَّسُولِ، فَدَخَلَ السُّلْطَانُ فِي مرضَاةِ سنَانٍ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
مَا أَكْثَرَ النَّاسَ وَمَا أَقلَّهُمُ ... وَمَا أَقلُّ فِي القَلِيْلِ النُّجَبَا
ليتَهُم إِذْ لَمْ يَكُوْنُوا خُلِقُوا ... مُهَذَّبِيْنَ صَحِبُوا مُهَذَّبا
مَاتَ سنَانٌ -كَمَا قُلْنَا-: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.