أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْمَكِيُّ
مِنَ الصُّوفِيَّةِ الْكِبَارِ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، كَتَبَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَالرَّبِيعِ، وَزُفَرَ، التَّفْسِيرُ عَنْ سُنَيْدِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَقَرَأَ مَسَائِلَ الْمُزَنِيِّ، وَحَضَرْتُ عَلَيْهِ مَجَالِسَهُ، وَأَمْلَى عَلَيَّ مَسَائِلًا كَثِيرَةً، سَأَلَهُ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ سُهَيْلٍ فَأَمْلَى عَلَيَّ أَجْوِبَتَهَا وَأَجَازَنِي عَامَّةَ مَا أَمْلَاهُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَقِيتُ رَجُلًا فِيمَا بَيْنَ قُرَى مِصْرَ يَدُورُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لِي أَرَاكَ لَاتَقَرُّ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لِي: وَكَيْفَ يَقَرُّ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مَنْ هُوَ مَطْلُوبٌ، فَقُلْتُ: أَوَ لَيْسَ أَنْتَ فِي قَبْضَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ أَسْتَوْطِنَ الْأَوْطَانَ فَيَأْخُذُنِي عَلَى غِرَّةِ الِاسْتِيطَانِ مَعَ الْمَغْرُورِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْبَةِ. . . التَّوْبَةُ عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَةِ: هُوَ الرَّجْعَةُ، وَلِذَلِكَ فَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى التَّوْبَةَ عَلَى الْخَلْقِ لَمَّا ذَهَبُوا عَنْهُ وَاشْتَغَلُوا بِالْمَعَاصِي، فَافْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ عَلَى دُرُوبٍ، فَقَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ الْحَقِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّ التَّوْبَةَ عَلَى الْعَاصِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَرْضٌ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ مِنْ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ، وَقَالُوا: لَيْسَ هِيَ بِفَرْضٍ كَفَرْضِ الْإِيمَانِ مَنْ تَرَكَهَا كَفَرَ، وَقَالُوا: لَا يُوجَبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كُفْرٌ بِذَنْبٍ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] .
قَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الصُّوفِيَّةُ بِاسْمِ الصُّوفِيَّةِ لِأَنَّهُمْ قَوْمٌ عَمِلُوا بِحَقَائِقِ الدِّينِ، وَحَقَّقُوا الْعَمْلَ لِلْآخِرَةِ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلِ، وَكَانَ لِبَاسُهُمُ الصُّوفَ مِنْ إِحْدَى تِلْكَ الْحَقَائِقِ، وَكَانَ ظَاهِرًا، فَفَارَقُوا بِهِ النَّاسَ فَسُمُّوا بِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الِاسْمَ، وَلَا كُلُّ مَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ زَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الِاسْمُ، وَلَكِنْ نَنْظُرُ إِلَى مَنْ عَمِلَ بِحَقَائِقِ الدِّينِ، وَاجْتَنَبَ أَهْلَ الْغَفْلَةِ، وَاعْتَزَلَ الْبطَّالِينَ فِي كَلَامِهِ وَأَخْذِهِ وَأَعَاطِيهِ وَعَمَلِهِ، وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ كُلٌّ مِنْ حَرَكَاتِهِ خَائِفًا دَخِيلًا لَبِسَ الصُّوفَ أَوْ لَمْ يَلْبَسْهُ.
مِنَ الصُّوفِيَّةِ الْكِبَارِ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، كَتَبَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَالرَّبِيعِ، وَزُفَرَ، التَّفْسِيرُ عَنْ سُنَيْدِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَقَرَأَ مَسَائِلَ الْمُزَنِيِّ، وَحَضَرْتُ عَلَيْهِ مَجَالِسَهُ، وَأَمْلَى عَلَيَّ مَسَائِلًا كَثِيرَةً، سَأَلَهُ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ سُهَيْلٍ فَأَمْلَى عَلَيَّ أَجْوِبَتَهَا وَأَجَازَنِي عَامَّةَ مَا أَمْلَاهُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَقِيتُ رَجُلًا فِيمَا بَيْنَ قُرَى مِصْرَ يَدُورُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا لِي أَرَاكَ لَاتَقَرُّ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لِي: وَكَيْفَ يَقَرُّ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ مَنْ هُوَ مَطْلُوبٌ، فَقُلْتُ: أَوَ لَيْسَ أَنْتَ فِي قَبْضَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ أَسْتَوْطِنَ الْأَوْطَانَ فَيَأْخُذُنِي عَلَى غِرَّةِ الِاسْتِيطَانِ مَعَ الْمَغْرُورِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْبَةِ. . . التَّوْبَةُ عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَةِ: هُوَ الرَّجْعَةُ، وَلِذَلِكَ فَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى التَّوْبَةَ عَلَى الْخَلْقِ لَمَّا ذَهَبُوا عَنْهُ وَاشْتَغَلُوا بِالْمَعَاصِي، فَافْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ عَلَى دُرُوبٍ، فَقَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ الْحَقِّ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّ التَّوْبَةَ عَلَى الْعَاصِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَرْضٌ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ مِنْ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ، وَقَالُوا: لَيْسَ هِيَ بِفَرْضٍ كَفَرْضِ الْإِيمَانِ مَنْ تَرَكَهَا كَفَرَ، وَقَالُوا: لَا يُوجَبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كُفْرٌ بِذَنْبٍ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] .
قَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الصُّوفِيَّةُ بِاسْمِ الصُّوفِيَّةِ لِأَنَّهُمْ قَوْمٌ عَمِلُوا بِحَقَائِقِ الدِّينِ، وَحَقَّقُوا الْعَمْلَ لِلْآخِرَةِ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلِ، وَكَانَ لِبَاسُهُمُ الصُّوفَ مِنْ إِحْدَى تِلْكَ الْحَقَائِقِ، وَكَانَ ظَاهِرًا، فَفَارَقُوا بِهِ النَّاسَ فَسُمُّوا بِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الِاسْمَ، وَلَا كُلُّ مَنْ لَمْ يَلْبَسْهُ زَالَ عَنْهُ ذَلِكَ الِاسْمُ، وَلَكِنْ نَنْظُرُ إِلَى مَنْ عَمِلَ بِحَقَائِقِ الدِّينِ، وَاجْتَنَبَ أَهْلَ الْغَفْلَةِ، وَاعْتَزَلَ الْبطَّالِينَ فِي كَلَامِهِ وَأَخْذِهِ وَأَعَاطِيهِ وَعَمَلِهِ، وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ كُلٌّ مِنْ حَرَكَاتِهِ خَائِفًا دَخِيلًا لَبِسَ الصُّوفَ أَوْ لَمْ يَلْبَسْهُ.