Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=149833&book=5528#bcbc41
أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار
ابن بغاطر بن مصعب بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو بكر القرشي الأموي الجرجاني حدث أحمد بن يعقوب بسنده عن الزهري أنه كان عن عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين، فأراد أن يقوم فأجلسه، ثم قدمت المائدة. فلما فرغوا من الأكل قدموا البطيخ، فقال الزهري: يا أمير المؤمنين، روينا عن بعض عمات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلاً، ويذهب الداء أصلاً، فقال له عبد الملك لو أخبرتني يابن شهاب قبل هذا لفعلنا كذلك. ثم دعا بصاحب الخزانة فساره في أذنه، فذهب ثم رجع ومعه مئة ألف درهم فأمره فوضعها بين يدي الزهري.
وحدث أحمد بن يعقوب بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا أردت أن يذكرك الله عنده فأكثري من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
قال أحمد بن يعقوب: دخلت مع خالي بغداد سنة ثلاثٍ وثلاث مئة، وبغداد تغلي بالعلماء والأدباء والشعراء وأصحاب الحديث وأهل الأخبار، والمجالس عامرة وأهلها متوافرون، فأردت أن أطوف المجالس كلها، وأخبر أخبارها، فقيل لي: إن ههنا شيخاً يقال له أبو العبرطن أملح الناس، فرحلنا ولم ندخل عليه وفي القلب منه ما فيه. فلما توفي خالي وعدت إلى بغداد سألت عن أبي العبرطن فقيل: يعيش، وله مجلس، فعمدت إلى الكاغد والمحبرة، وقصدت الشيخ، فإذا الدار مملوءة من أولاد الملوك والأغنياء وأولاد الهاشميين بأيديهم الأقلام يكتبون، وإذا مستملٍ قائم في صحن الدار، وإذا شيخ في صدر الدار ذو جمال وهيئة قد وضع في رأس طاق خف مقلوب، واشتمل بفرو أسود قد جعل الجلد مما يلي بدنه، فجلست في أخريات القوم، وأخرجت الكاغد وانتظرت ما يذكر من الإسناد، فلما فرغوا قال الشيخ: حدثنا الأول عن الثاني عن الثالث أن الزنج والزط كلهم سود. وحدثني خرباق عن يناق قال: مطر الربيع ماء كله. وحدثني دريد عن رشيد قال: الضرير يمشي رويداً.
قال أبو بكر: فبقيت أتعجب من أمر الشيخ، فطلبت منه خلوة في أيام أعود إليه كل يوم فلا أصل إليه حتى كانت الليلة التي يخرج فيها الناس إلى الغدير اجتزت بباب داره، فإذا الدار ليس فيها أحد فدخلت، فإذا الشيخ وحده جالس في صدر الدار، فدنوت منه، وسلمت عليه فرحب بي، وأدناني، وجعل يسائلني، فرأيت منه من جميل المحيا والعقل والأدب والظرافة واللباقة ما تحيرت، فقال لي: هل لك من حاجة؟ قلت: نعم، قال: وما هي؟ قلت: قد تحيرت في أمر الشيخ وما هو مدفوع إليه. مما لا يليق بعقله وحسن أدبه وبيانه وفصاحته، فتنفس تنفساً شديداً ثم قال: إن السلطان أرادني على عمل لم أكن
أطيقه وحبسني في المطبق أيام حياته. فلما ولي ابنه عرض علي ما عرض علي أبوه فأبيت، فحبسني وردني إلى أسوأ ما كنت فيه، وذهب من يدي ما كنت أملكه، واخترت سلامة الدين، ولم أتعرض لشيء من الدنيا بشيء من ديني، وصنت العلم عما لا يليق به، فلم أجد وجهاً لخلاصي فتحامقت ونجوت بها. وها أنذا في رغد من العيش.