أبو ذر عبد بن أحمد بن محمّد بن عبد الله الهروي، قال الذّهبي: الحافظ، توفي سنة (434).
1802. أبو ذر البعلبكي1 1803. أبو ذر الشامي1 1804. أبو ذر الغفاري2 1805. أبو ذر الهروي عبد بن أحمد بن محمد1 1806. أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري1 1807. أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الهروي...11808. أبو ذراع قاله عاصم بن كليب1 1809. أبو راشد4 1810. أبو راشد الحبراني4 1811. أبو راشد السلماني1 1812. أبو راشد الكوفي1 1813. أبو رافع3 1814. أبو رافع الصائغ2 1815. أبو رافع الصائغ المدني ثم البصري نفيع...1 1816. أبو رافع العدوي1 1817. أبو رافع القبطي1 1818. أبو رافع مولى النبي1 1819. أبو رافع مولى رسول الله1 1820. أبو راكة1 1821. أبو رباح الفركي1 1822. أبو رباح بن أبي الحكم بن حبيب1 1823. أبو ربيعة1 1824. أبو ربيعة الإيادي1 1825. أبو ربيعة بن المغيرة1 1826. أبو رجاء6 1827. أبو رجاء الأزدي1 1828. أبو رجاء الجعفي1 1829. أبو رجاء العطاردي3 1830. أبو رجاء العطاردي عمران بن ملحان1 1831. أبو رزين3 1832. أبو رزين الأسدي1 1833. أبو رزين الباهلي1 1834. أبو رزين العقيلى1 1835. أبو رزين العقيلي1 1836. أبو رزين لقيط بن عامر1 1837. أبو رشيد الأصبهاني1 1838. أبو رشيد الخزاعي1 1839. أبو رشيد الصيدلاني1 1840. أبو رشيد الصيمري أبو رشيد عبد الملك بن القاسم الصيمري المروزي...1 1841. أبو رشيد القرشي1 1842. أبو رشيد الهيصمي1 1843. أبو رشيد عبد الله بن عمر بن عبد الله الأصبهاني...1 1844. أبو رفاعة2 1845. أبو رفاعة العدوي2 1846. أبو رفاعة العدوي تميم بن أسيد1 1847. أبو رفاعة العدوي واسمه تميم1 1848. أبو رمثة2 1849. أبو رمثة التيمى تيم الرباب1 1850. أبو رمثة التيمي1 1851. أبو رملة1 1852. أبو رهم1 1853. أبو رهم البيماعي1 1854. أبو رهم السباعي1 1855. أبو رهم السماعي2 1856. أبو رهم الغفاري2 1857. أبو رهم بن قيس الأشعري1 1858. أبو رواد1 1859. أبو روبة القشيري حدثنا حفص بن عمر1 1860. أبو روح1 1861. أبو روح الأزدي1 1862. أبو روح الغازي2 1863. أبو روح شيخ صالح1 1864. أبو روح عبد المعز بن محمد الساعدي1 1865. أبو روق2 1866. أبو روق الدمشقي1 1867. أبو رويبة1 1868. أبو رويحة الخثعمي1 1869. أبو رياب القشيري1 1870. أبو ريحانة4 1871. أبو ريحانة الأنصاري1 1872. أبو ريحانة السعدي1 1873. أبو زائد الدمشقي1 1874. أبو زبان1 1875. أبو زبيد2 1876. أبو زبيد الهمداني1 1877. أبو زراع1 1878. أبو زرعة1 1879. أبو زرعة الأستراباذي أحمد بن بندار بن محمد...1 1880. أبو زرعة الأستراباذي محمد بن إبراهيم...1 1881. أبو زرعة الجنبي1 1882. أبو زرعة الحضرمي1 1883. أبو زرعة الدمشقي الصغير محمد بن عبد الله...1 1884. أبو زرعة الدمشقي الصوفي1 1885. أبو زرعة الدمشقي عبد الرحمن بن عمرو1 1886. أبو زرعة الرازي أحمد بن الحسين بن علي...1 1887. أبو زرعة الرازي روح بن محمد1 1888. أبو زرعة الرازي عبيد الله بن عبد الكريم...1 1889. أبو زرعة القاضي محمد بن عثمان الثقفي...1 1890. أبو زرعة الكشي محمد بن يوسف بن محمد1 1891. أبو زرعة اللخمي1 1892. أبو زرعة المقدسي طاهر بن محمد بن طاهر...1 1893. أبو زرعة بن عمرو2 1894. أبو زرعة بن عمرو بن جرير3 1895. أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي...1 1896. أبو زكار الزاهد1 1897. أبو زكريا السيلحيني1 1898. أبو زكريا العبدي1 1899. أبو زكرياء السيلحيني1 1900. أبو زكرياء الطحان1 1901. أبو زكير يحيى بن محمد بن قيس المدني1 ◀ Prev. 100▶ Next 100
Jump to entry:الذهاب إلى موضوع رقم:
500100015002000250030003500400045005000550060006500700075008000850090009500100001050011000115001200012500130001350014000145001500015500160001650017000175001800018500190001950020000205002100021500220002250023000235002400024500250002550026000265002700027500280002850029000295003000030500310003150032000325003300033500340003450035000355003600036500370003750038000385003900039500400004050041000415004200042500430004350044000445004500045500460004650047000475004800048500490004950050000505005100051500520005250053000535005400054500550005550056000565005700057500580005850059000595006000060500610006150062000625006300063500640006450065000655006600066500670006750068000685006900069500700007050071000715007200072500730007350074000745007500075500760007650077000775007800078500790007950080000805008100081500820008250083000835008400084500850008550086000865008700087500880008850089000895009000090500910009150092000925009300093500940009450095000955009600096500970009750098000985009900099500100000100500Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحرمِ، أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ غُفير بن مُحَمَّدٍ، المَعْرُوفُ بِبَلَدِهِ: بِابْنِ السَّمَّاك الأَنْصَارِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، الهَرَوِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَرَاوي (الصَّحِيْح) عَنِ الثَّلاَثَةِ: المُسْتَمْلِي، وَالحَمْوِيِّ، وَالكُشْمِيْهَنِيِّ.قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه، وَبِشْرَ بنَ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ، وَعِدَّةً بهَرَاةَ، وَأَبَا بَكْرٍ هِلاَلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد، وَشَيْبَانَ بنَ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ بِالبَصْرَةِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ وَنَحْوهُ بِدِمَشْقَ، وَأَبَا مُسْلِمٍ الكَاتِبَ وَطبقَتَهُ بِمِصْرَ، وَزَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْهَ بسَرْخَس، وَأَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي ببَلْخ، وَأَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَأَلَّف (مُعْجَماً) لِشُيُوخِهِ، وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ وَبغدَاد وَالحَرَم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو مَكْتُوْم عِيْسَى، وَمُوْسَى بنُ عَلِيٍّ الصَّقَلِّي، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الْهَوْل، وَالقَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ أَبِي حَاج الفَارِسِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث، وَمُحَمَّدُ بنُ شُرَيْح، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْظُوْر، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ التِّنِّيْسِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الْملك المُؤَذِّن، وَعَلِيُّ بنُ بَكَّار الصُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ الشَّنْتَجَالِي، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ هَارُوْنَ السَّهْمِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَالِب البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَأَبُو شَاكر أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ العُثْمَانِيّ، وَعِنْدَهُ عَنْهُ فردُ حَدِيْث، وَعِدَّة.وَرَوَى عَنْهُ: بِالإِجَازَةِ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَلْبُوْنَ الخَوْلاَنِيُّ المتُوُفَّى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الجَرْبَاذْقَانِي بهَرَاة (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الغرَّافِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ رُوزبه بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَّاك الحَافِظُ صَدُوْقٌ، تَكَلَّمُوا فِي رَأْيِهِ، سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً عَنْ شَيْبَان بن مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ، عَنْ أَبِي خَلِيْفَة، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ حَدِيْث جَابِر بطُولِهِ فِي الحَجِّ قَالَ لِي:
اقرأهُ عليَّ حَتَّى تَعتَادَ قِرَاءةَ الحَدِيْثِ، وَهُوَ أَوّلُ حَدِيْثٍ
قرأتُهُ عَلَى الشَّيْخِ، وَنَاولتُهُ الجُزْء، فَقَالَ: لَسْتُ عَلَى وُضُوْءٍ، فَضَعْهُ.قَالَ أَبُو ذَر: سَمِعْتُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ خَمِيْرُوَيْه.
قُلْتُ: هُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسمِعتُهُ يُمْلِي يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:
قَدِمَ أَبُو ذَر بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا وَأَنَا غَائِبٌ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، وَجَاور، ثُمَّ تَزَوَّجَ فِي العَرَب، وَأَقَامَ بِالسَّرَوَات، فَكَانَ يَحُجُّ كُلَّ عَام، وَيُحَدِّثُ ثُمَّ يرجِعُ إِلَى أَهلِهِ، وَكَانَ ثِقَةً ضَابطاً دَيِّناً، مَاتَ بِمَكَّةَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ الأَمِيْنُ ابْنُ الأَكْفَانِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي حَرِيْصَةَ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ بِمَكَّةَ، وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَذْهب الأَشْعَرِيِّ.
قُلْتُ: أَخذ الكَلاَمَ وَرَأْيَ أَبِي الحَسَنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ الطَّيِّب، وَبثَّ ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَحمله عَنْهُ المغَاربَةُ إِلَى المَغْرِب، وَالأَنْدَلُس، وَقبل ذَلِكَ كَانَتْ عُلَمَاءُ المَغْرِب لاَ يدخُلُوْنَ فِي الكَلاَم، بَلْ يُتْقِنُوْنَ الفِقْهَ أَوِ الحَدِيْثَ أَوِ العَرَبِيَّةَ، وَلاَ يَخُوْضُون فِي المعقولاَتِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَمَكِّيٌّ القَيْسِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالعُلَمَاءُ.
وَقَدْ مدح إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ أَبَا ذَرٍّ بقصيدَة.قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ فِي كِتَاب (اختصَار فرق الفُقَهَاء) مِنْ تَأْلِيْفه، فِي ذكر القَاضِي ابْنِ البَاقِلاَّنِيّ: لَقَدْ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو ذَر وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِهِ، فَسَأَلْتُهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ مَاشياً بِبَغْدَادَ مَعَ الحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ، فَلَقِيْنَا أَبَا بَكْرٍ بنَ الطَّيِّب فَالتزمه الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ، وَقبَّلَ وَجهَهَ وَعَيْنَيْهِ، فَلَمَّا فَارقنَاهُ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِهِ مَا لَمْ أَعْتَقِدْ أَنَّكَ تَصْنَعُهُ وَأَنْتَ إِمَامُ وَقْتِكَ؟
فَقَالَ: هَذَا إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ، وَالذَّابُّ عَنِ الدِّيْنِ، هَذَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّب.
قَالَ أَبُو ذَر: فَمِنْ ذَلِكَ الوَقْت تَكَرَّرْتُ إِلَيْهِ مَعَ أَبِي، كُلُّ بَلَد دَخَلْتُهُ مِنْ بلاَد خُرَاسَان وَغيرِهَا لاَ يُشَارُ فِيْهَا إِلَى أَحدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّة إِلاَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَطَرِيْقِهِ.
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي كَانَ بِبَغْدَادَ يُنَاظِرُ، عَنِ السُّنَّة وَطَرِيْقَةِ الحَدِيْث بِالجَدَلِ وَالبُرْهَانِ، وَبَالحضرَةِ رُؤُوْسُ المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالقَدَرِيَّة وَأَلوَانِ البِدَع، وَلهُم دَوْلَةٌ وَظُهورٌ بِالدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة، وَكَانَ يَرُدُّ عَلَى الكَرَّامِيَّة، وَينصُرُ الحَنَابِلَةَ عَلَيْهِم، وبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْل الحَدِيْث عَامِرٌ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَخْتَلِفُون فِي مَسَائِل دقيقَة، فلهَذَا عَامَلَه الدَّارَقُطْنِيُّ بِالاحْتِرَام، وَقَدْ أَلَّفَ كِتَاباً سَمَّاهُ: (الإِبَانَة) ، يَقُوْلُ فِيْهِ: فَإِن قِيْلَ: فَمَا الدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ للهِ وَجهاً وَيداً؟
قَالَ قَوْله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرَّحْمَن:27] وَقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] فَأَثبت تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَجهاً وَيداً.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِن قِيْلَ: فَهَلْ تقولُوْنَ: إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان؟
قِيْلَ: مَعَاذَ اللهِ بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَصِفَاتُ ذَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ
وَلاَ يزَالُ مَوْصُوَفاً بِهَا: الحَيَاةُ وَالعِلْمُ وَالقُدرَةُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكَلاَمُ وَالإِرَادَةُ وَالوَجْهُ وَاليدَانِ وَالعينَانِ وَالغضبُ وَالرِّضَى، فَهَذَا نَصُّ كَلاَمه.وَقَالَ نحوَهُ فِي كِتَاب (التَّمهيد) لَهُ، وَفِي كِتَاب (الذَّبِّ عَنِ الأَشْعَرِيِّ) .
وَقَالَ: قَدْ بَيِّناً دينَ الأُمَّة وَأَهْلِ السُّنَّة أَنَّ هَذِهِ الصِّفَات تُمَرُّ كَمَا جَاءت بِغَيْر تكييفٍ وَلاَ تحَدِيْدٍ وَلاَ تجنيسٍ وَلاَ تصويرٍ.
قُلْتُ: فَهَذَا المنهجُ هُوَ طريقَةُ السَّلَف، وَهُوَ الَّذِي أَوضحه أَبُو الحَسَنِ وَأَصْحَابُه، وَهُوَ التَسْلِيمُ لنُصُوص الكِتَاب وَالسُّنَّة، وَبِهِ قَالَ ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ، وَابْنُ فُوْرَك، وَالكِبَارُ إِلَى زَمَن أَبِي المعَالِي، ثُمَّ زَمَنِ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، فَوَقَعَ اختلاَفٌ وَأَلْوَانٌ، نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
وَلأَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ مُصَنَّفٌ فِي الصِّفَات عَلَى منَوَال كِتَاب أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ بحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ بَقِيٍّ المَالِقِي: حَدَّثَنِي شَيْخٌ قَالَ:
قِيْلَ لأَبِي ذَرٍّ: أَنْتَ هَرَوِيٌّ فمِنْ أَيْنَ تَمَذْهَبْتَ بِمَذْهَبِ مَالِك وَرَأْي أَبِي الحَسَنِ؟
قَالَ قَدِمْتُ بَغْدَاد.
فَذَكَرَ نَحْواً مِمَّا تقدَّم فِي ابْنِ الطَّيِّب.
قَالَ: فَاقتديتُ بِمَذْهَبِهِ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي (تَاريخ نَيْسَابُوْر) :كَانَ أَبُو ذَر زَاهِداً وَرِعاً عَالِماً، سَخِيّاً لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً، وَصَارَ مِنْ كِبَار مَشْيَخَة الحَرَم، مُشَاراً إِلَيْهِ فِي التَّصوُّف، خَرَّجَ عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) تَخْرِيجاً حَسَناً، وَكَانَ حَافِظاً كَثِيْرَ الشُّيُوْخ.
قُلْتُ: لَهُ: (مُسْتَدْرَكٌ) لَطِيْفٌ فِي مُجَلَّد عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) علَّقتُ
مِنْهُ، يدلُّ عَلَى مَعْرِفَته، وَلَهُ كِتَابُ (السُّنَّة) ، وَكِتَابُ (الجَامع) ، وَكِتَاب (الدُّعَاء) ، وَكِتَاب (فَضَائِل القُرْآن) ، وَكِتَاب (دلاَئِل النُّبُوَّة) ، وَكِتَاب (شهَادَة الزُّور) ، وَكِتَاب (الْعِيدَيْنِ) ، الكُلُّ بِأَسَانِيْدِهِ، وَلَهُ كِتَاب (فَضَائِل مَالِك) كَبِيْر، وَكِتَاب (الصَّحِيْح المُسْنَد الْمخْرج عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَ (مسَانيد المُوَطَّأ) ، وَ (كَرَامَاتَ الأَوْلِيَاء) ، وَ (المنَاسك) ، وَ (الرِّبا) ، وَ (اليمِين الفَاجرَة) ، وَكِتَاب (مَشْيَخته) ، وَأَشْيَاء.وَهَذِهِ التَّوَالِيفُ لَمْ أَرهَا، بَلْ سمَّاهَا القَاضِي عِيَاض.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ: رَوَى لَنَا السِّلَفِيّ شَيْخُنَا أَحَادِيْثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ بسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ أَبِي شَاكر العُثْمَانِيّ حَدِيْثاً وَاحِداً بسَمَاعه مِنْهُ.
وَسَمِعْنَا مِنَ السِّلَفِيّ جَمِيْع (صَحِيْح البُخَارِيِّ) بِإِجَازته مِنْ أَبِي مَكْتُوْم عِيْسَى بنِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو عُبَيْدٍ نعمَةُ بنُ زيَادَة الله الغِفَارِيُّ سَمِعَ الكِتَابَ بِمَكَّةَ مِنْ أَبِي مَكْتُوْم فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ أَكثَره، وَأَجَاز لِي مَا بَقِيَ مِنْ آخِره، وآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي مَكْتُوْم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْد بن عَمَّار الأَنْصَارِيُّ بِمَكَّةَ، وَأَجَازَهُ لِي.
قَالَ: وَقَرَأْتُ الكِتَابَ كُلَّه عَلَى شَيْخِنَا أَبِي طَالِبٍ صَالِحِ بنِ سَنَد بسَمَاعه مِنَ الطُّرْطُوْشِيّ، عَنْ أَبِي الوَلِيْد البَاجِي، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَقرأتُهُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ مَخْلُوفِ بن عَلِيٍّ القَرَوِيِّ، عَنْ أَبِي الحَجَّاج يُوْسُف بن نَادر الَّلخْمِي، عَنْ عَلِيِّ بنِ سَلْمَان النَّقَّاش، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ شُيُوْخه الثَّلاَثَة.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الوَلِيْد
البَاجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي: أَنَّ الفَقِيْهَ أَبَا عِمْرَان الفَاسِيّ مَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ قرأَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ شَيْئاً، فَوَافق أَبَا ذَرٍّ فِي السَّرَاة مَوْضِع سُكنَاهُ، فَقَالَ لخَازن كُتُبه: أَخْرِجْ إِليَّ مِنْ كُتُب الشَّيْخ مَا أَنْسَخُهُ مَا دَام غَائِباً، فَإِذَا حضَر، قرأتُهُ عَلَيْهِ.فَقَالَ الخَازنُ: لاَ أَجترِئُ عَلَى هَذَا، وَلَكِن هَذِهِ المفَاتيحُ إِنْ شِئْتَ أَنْتَ، فَخُذْ وَافْعَلْ ذَلِكَ.
فَأَخَذَهَا، وَأَخرجَ مَا أَرَادَ، فسَمِعَ أَبُو ذَر بِالسَّرَاةِ بِذَلِكَ، فَرَكِبَ، وَطرقَ مَكَّةَ وَأَخَذَ كُتُبَه، وَأَقسم أَنْ لاَ يُحَدِّثهُ.
فَلَقَدْ أُخْبِرتُ أَنَّ أَبَا عِمْرَان كَانَ بَعْدُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ يُورِّي عَنِ اسْمه، فَيَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى.
وَبِذَلِكَ كَانَتِ العَرَبُ تُكَنِّيَهُ باسم وَلده.
قُلْتُ: قَدْ مَاتَ أَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ قَبْلَ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ القَاضِي بن البَاقِلاَّنِيّ وَالكِبَار، وَمَا لاِنزِعَاجِ أَبِي ذَرٍّ وَجهٌ، وَالحِكَايَةُ دَالَّةٌ عَلَى زَعَارَّةِ الشَّيْخِ وَالتّلمِيذِ رحمهُمَا الله.
وَكَانَ وَلدُهُ أَبُو مَكْتُوْم يَحُجُّ مِنَ السَّرَاة، وَيَروِي إِلَى أَنْ قَدِمَ فُلاَنٌ المُرَابِطُ مِنْ أُمَرَاءِ المَغْرِب، فجَاور وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَبِي مَكْتُوْم، وَأَعطَاهُ ذهباً جَيِّداً، فَأَبَاعه نُسْخَةَ (الصَّحِيْح) ، وَذهَبَ بِهَا إِلَى المَغْرِب.
وَحَجَّ أَبُو مَكْتُوْم فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَحَجَّ فِيْهَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَجَمَعَهُم الموقفُ.
فَقَالَ السَّمْعَانِيُّ لِلسِّلَفِيِّ: اذهبْ بِنَا نَسْمَعْ مِنْهُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: دَعْنَا نشتغلْ بِالدُّعَاء، وَنجعله شَيْخَ مَكَّة.
قَالَ: فَاتَّفَقَ أَنَّهُ نَفَر مِنْ مِنَى فِي النَّفرِ الأَوَّلِ مَعَ السَّرَويِّين وَذهبَ، وَفَاتَهُمَا الأَخْذُ عَنْهُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: فلاَمنِي ابْنُ السَّمْعَانِيّ.
فَقُلْتُ: أَنْتَ قَدْ سَمِعْتَ (الصَّحِيْح) مثلَه
مِنْ أَبِي الخَيْرِ بنِ أَبِي عِمْرَانَ صَاحِب الكُشْمِيهَنِي، وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مرويَّاتِهِ سِوَاهُ.قُلْتُ: وَلَمْ يُسْمَعْ لأَبِي مَكْتُوْم بَعْد هَذَا العَام بذكرٍ وَلاَ وُرِّخَ لَنَا مَوْتُه.
وَقَدْ أَرَّخ القَاضِي عِيَاضٌ مَوْتَ أَبِي ذَرٍّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَالصَّوَابُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: تُوُفِّيَ عَقِبَ شَوَّال.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ طَاوُوس سَنَة 617، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ كَرّوس، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، أَنَّ بِشْر بن مُحَمَّدٍ المُزَنِيَّ حدثهُم إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوبَان، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ الجَنَّةَ لتُزَخْرَفُ لرَمَضَان مِنْ رَأْسِ الحَوْلِ، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَان، هَبَّتْ رِيحٌ مِنْ تَحْتِ العَرْش، فَشَققت وَرق الجَنَّة عَنِ الْحور الْعين، فَقُلْن: يَا ربّ! اجعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ أَزواجاً تَقَرُّ بِهِم أَعيُنُنَا، وَتَقَرُّ أَعيُنُهُم بِنَا ) .
قَالَ الفَقِيْهُ نَصْر: تَفَرَّد بِهِ الوَلِيْدُ بنُ الوَلِيْدِ العَنْسِي، وَقَدْ تركُوهُ.
قُلْتُ: وَهَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقوَّاهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.وَفِيْهَا - أَعنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ - تُوُفِّيَ شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المِنْهَال بِمِصْرَ، وَأَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيّ، وَهَارُوْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ فِي رَمَضَانَ.
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحرمِ، أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ غُفير بن مُحَمَّدٍ، المَعْرُوفُ بِبَلَدِهِ: بِابْنِ السَّمَّاك الأَنْصَارِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، الهَرَوِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَرَاوي (الصَّحِيْح) عَنِ الثَّلاَثَةِ: المُسْتَمْلِي، وَالحَمْوِيِّ، وَالكُشْمِيْهَنِيِّ.قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه، وَبِشْرَ بنَ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ، وَعِدَّةً بهَرَاةَ، وَأَبَا بَكْرٍ هِلاَلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد، وَشَيْبَانَ بنَ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ بِالبَصْرَةِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ وَنَحْوهُ بِدِمَشْقَ، وَأَبَا مُسْلِمٍ الكَاتِبَ وَطبقَتَهُ بِمِصْرَ، وَزَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْهَ بسَرْخَس، وَأَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي ببَلْخ، وَأَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَأَلَّف (مُعْجَماً) لِشُيُوخِهِ، وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ وَبغدَاد وَالحَرَم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو مَكْتُوْم عِيْسَى، وَمُوْسَى بنُ عَلِيٍّ الصَّقَلِّي، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الْهَوْل، وَالقَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ أَبِي حَاج الفَارِسِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث، وَمُحَمَّدُ بنُ شُرَيْح، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْظُوْر، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ التِّنِّيْسِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
الْملك المُؤَذِّن، وَعَلِيُّ بنُ بَكَّار الصُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ الشَّنْتَجَالِي، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ هَارُوْنَ السَّهْمِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَالِب البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَأَبُو شَاكر أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ العُثْمَانِيّ، وَعِنْدَهُ عَنْهُ فردُ حَدِيْث، وَعِدَّة.وَرَوَى عَنْهُ: بِالإِجَازَةِ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَلْبُوْنَ الخَوْلاَنِيُّ المتُوُفَّى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الجَرْبَاذْقَانِي بهَرَاة (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الغرَّافِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ رُوزبه بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَّاك الحَافِظُ صَدُوْقٌ، تَكَلَّمُوا فِي رَأْيِهِ، سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً عَنْ شَيْبَان بن مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ، عَنْ أَبِي خَلِيْفَة، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ حَدِيْث جَابِر بطُولِهِ فِي الحَجِّ قَالَ لِي:
اقرأهُ عليَّ حَتَّى تَعتَادَ قِرَاءةَ الحَدِيْثِ، وَهُوَ أَوّلُ حَدِيْثٍ
قرأتُهُ عَلَى الشَّيْخِ، وَنَاولتُهُ الجُزْء، فَقَالَ: لَسْتُ عَلَى وُضُوْءٍ، فَضَعْهُ.قَالَ أَبُو ذَر: سَمِعْتُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ خَمِيْرُوَيْه.
قُلْتُ: هُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسمِعتُهُ يُمْلِي يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:
قَدِمَ أَبُو ذَر بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا وَأَنَا غَائِبٌ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، وَجَاور، ثُمَّ تَزَوَّجَ فِي العَرَب، وَأَقَامَ بِالسَّرَوَات، فَكَانَ يَحُجُّ كُلَّ عَام، وَيُحَدِّثُ ثُمَّ يرجِعُ إِلَى أَهلِهِ، وَكَانَ ثِقَةً ضَابطاً دَيِّناً، مَاتَ بِمَكَّةَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ الأَمِيْنُ ابْنُ الأَكْفَانِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي حَرِيْصَةَ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ بِمَكَّةَ، وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَذْهب الأَشْعَرِيِّ.
قُلْتُ: أَخذ الكَلاَمَ وَرَأْيَ أَبِي الحَسَنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ الطَّيِّب، وَبثَّ ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَحمله عَنْهُ المغَاربَةُ إِلَى المَغْرِب، وَالأَنْدَلُس، وَقبل ذَلِكَ كَانَتْ عُلَمَاءُ المَغْرِب لاَ يدخُلُوْنَ فِي الكَلاَم، بَلْ يُتْقِنُوْنَ الفِقْهَ أَوِ الحَدِيْثَ أَوِ العَرَبِيَّةَ، وَلاَ يَخُوْضُون فِي المعقولاَتِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَمَكِّيٌّ القَيْسِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالعُلَمَاءُ.
وَقَدْ مدح إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ أَبَا ذَرٍّ بقصيدَة.قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ فِي كِتَاب (اختصَار فرق الفُقَهَاء) مِنْ تَأْلِيْفه، فِي ذكر القَاضِي ابْنِ البَاقِلاَّنِيّ: لَقَدْ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو ذَر وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِهِ، فَسَأَلْتُهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ مَاشياً بِبَغْدَادَ مَعَ الحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ، فَلَقِيْنَا أَبَا بَكْرٍ بنَ الطَّيِّب فَالتزمه الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ، وَقبَّلَ وَجهَهَ وَعَيْنَيْهِ، فَلَمَّا فَارقنَاهُ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِهِ مَا لَمْ أَعْتَقِدْ أَنَّكَ تَصْنَعُهُ وَأَنْتَ إِمَامُ وَقْتِكَ؟
فَقَالَ: هَذَا إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ، وَالذَّابُّ عَنِ الدِّيْنِ، هَذَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّب.
قَالَ أَبُو ذَر: فَمِنْ ذَلِكَ الوَقْت تَكَرَّرْتُ إِلَيْهِ مَعَ أَبِي، كُلُّ بَلَد دَخَلْتُهُ مِنْ بلاَد خُرَاسَان وَغيرِهَا لاَ يُشَارُ فِيْهَا إِلَى أَحدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّة إِلاَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَطَرِيْقِهِ.
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي كَانَ بِبَغْدَادَ يُنَاظِرُ، عَنِ السُّنَّة وَطَرِيْقَةِ الحَدِيْث بِالجَدَلِ وَالبُرْهَانِ، وَبَالحضرَةِ رُؤُوْسُ المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالقَدَرِيَّة وَأَلوَانِ البِدَع، وَلهُم دَوْلَةٌ وَظُهورٌ بِالدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة، وَكَانَ يَرُدُّ عَلَى الكَرَّامِيَّة، وَينصُرُ الحَنَابِلَةَ عَلَيْهِم، وبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْل الحَدِيْث عَامِرٌ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَخْتَلِفُون فِي مَسَائِل دقيقَة، فلهَذَا عَامَلَه الدَّارَقُطْنِيُّ بِالاحْتِرَام، وَقَدْ أَلَّفَ كِتَاباً سَمَّاهُ: (الإِبَانَة) ، يَقُوْلُ فِيْهِ: فَإِن قِيْلَ: فَمَا الدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ للهِ وَجهاً وَيداً؟
قَالَ قَوْله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرَّحْمَن:27] وَقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] فَأَثبت تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَجهاً وَيداً.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِن قِيْلَ: فَهَلْ تقولُوْنَ: إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان؟
قِيْلَ: مَعَاذَ اللهِ بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَصِفَاتُ ذَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ
وَلاَ يزَالُ مَوْصُوَفاً بِهَا: الحَيَاةُ وَالعِلْمُ وَالقُدرَةُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكَلاَمُ وَالإِرَادَةُ وَالوَجْهُ وَاليدَانِ وَالعينَانِ وَالغضبُ وَالرِّضَى، فَهَذَا نَصُّ كَلاَمه.وَقَالَ نحوَهُ فِي كِتَاب (التَّمهيد) لَهُ، وَفِي كِتَاب (الذَّبِّ عَنِ الأَشْعَرِيِّ) .
وَقَالَ: قَدْ بَيِّناً دينَ الأُمَّة وَأَهْلِ السُّنَّة أَنَّ هَذِهِ الصِّفَات تُمَرُّ كَمَا جَاءت بِغَيْر تكييفٍ وَلاَ تحَدِيْدٍ وَلاَ تجنيسٍ وَلاَ تصويرٍ.
قُلْتُ: فَهَذَا المنهجُ هُوَ طريقَةُ السَّلَف، وَهُوَ الَّذِي أَوضحه أَبُو الحَسَنِ وَأَصْحَابُه، وَهُوَ التَسْلِيمُ لنُصُوص الكِتَاب وَالسُّنَّة، وَبِهِ قَالَ ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ، وَابْنُ فُوْرَك، وَالكِبَارُ إِلَى زَمَن أَبِي المعَالِي، ثُمَّ زَمَنِ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، فَوَقَعَ اختلاَفٌ وَأَلْوَانٌ، نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
وَلأَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ مُصَنَّفٌ فِي الصِّفَات عَلَى منَوَال كِتَاب أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ بحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ بَقِيٍّ المَالِقِي: حَدَّثَنِي شَيْخٌ قَالَ:
قِيْلَ لأَبِي ذَرٍّ: أَنْتَ هَرَوِيٌّ فمِنْ أَيْنَ تَمَذْهَبْتَ بِمَذْهَبِ مَالِك وَرَأْي أَبِي الحَسَنِ؟
قَالَ قَدِمْتُ بَغْدَاد.
فَذَكَرَ نَحْواً مِمَّا تقدَّم فِي ابْنِ الطَّيِّب.
قَالَ: فَاقتديتُ بِمَذْهَبِهِ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي (تَاريخ نَيْسَابُوْر) :كَانَ أَبُو ذَر زَاهِداً وَرِعاً عَالِماً، سَخِيّاً لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً، وَصَارَ مِنْ كِبَار مَشْيَخَة الحَرَم، مُشَاراً إِلَيْهِ فِي التَّصوُّف، خَرَّجَ عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) تَخْرِيجاً حَسَناً، وَكَانَ حَافِظاً كَثِيْرَ الشُّيُوْخ.
قُلْتُ: لَهُ: (مُسْتَدْرَكٌ) لَطِيْفٌ فِي مُجَلَّد عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) علَّقتُ
مِنْهُ، يدلُّ عَلَى مَعْرِفَته، وَلَهُ كِتَابُ (السُّنَّة) ، وَكِتَابُ (الجَامع) ، وَكِتَاب (الدُّعَاء) ، وَكِتَاب (فَضَائِل القُرْآن) ، وَكِتَاب (دلاَئِل النُّبُوَّة) ، وَكِتَاب (شهَادَة الزُّور) ، وَكِتَاب (الْعِيدَيْنِ) ، الكُلُّ بِأَسَانِيْدِهِ، وَلَهُ كِتَاب (فَضَائِل مَالِك) كَبِيْر، وَكِتَاب (الصَّحِيْح المُسْنَد الْمخْرج عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَ (مسَانيد المُوَطَّأ) ، وَ (كَرَامَاتَ الأَوْلِيَاء) ، وَ (المنَاسك) ، وَ (الرِّبا) ، وَ (اليمِين الفَاجرَة) ، وَكِتَاب (مَشْيَخته) ، وَأَشْيَاء.وَهَذِهِ التَّوَالِيفُ لَمْ أَرهَا، بَلْ سمَّاهَا القَاضِي عِيَاض.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ: رَوَى لَنَا السِّلَفِيّ شَيْخُنَا أَحَادِيْثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ بسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ أَبِي شَاكر العُثْمَانِيّ حَدِيْثاً وَاحِداً بسَمَاعه مِنْهُ.
وَسَمِعْنَا مِنَ السِّلَفِيّ جَمِيْع (صَحِيْح البُخَارِيِّ) بِإِجَازته مِنْ أَبِي مَكْتُوْم عِيْسَى بنِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو عُبَيْدٍ نعمَةُ بنُ زيَادَة الله الغِفَارِيُّ سَمِعَ الكِتَابَ بِمَكَّةَ مِنْ أَبِي مَكْتُوْم فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ أَكثَره، وَأَجَاز لِي مَا بَقِيَ مِنْ آخِره، وآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي مَكْتُوْم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْد بن عَمَّار الأَنْصَارِيُّ بِمَكَّةَ، وَأَجَازَهُ لِي.
قَالَ: وَقَرَأْتُ الكِتَابَ كُلَّه عَلَى شَيْخِنَا أَبِي طَالِبٍ صَالِحِ بنِ سَنَد بسَمَاعه مِنَ الطُّرْطُوْشِيّ، عَنْ أَبِي الوَلِيْد البَاجِي، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَقرأتُهُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ مَخْلُوفِ بن عَلِيٍّ القَرَوِيِّ، عَنْ أَبِي الحَجَّاج يُوْسُف بن نَادر الَّلخْمِي، عَنْ عَلِيِّ بنِ سَلْمَان النَّقَّاش، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ شُيُوْخه الثَّلاَثَة.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الوَلِيْد
البَاجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي: أَنَّ الفَقِيْهَ أَبَا عِمْرَان الفَاسِيّ مَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ قرأَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ شَيْئاً، فَوَافق أَبَا ذَرٍّ فِي السَّرَاة مَوْضِع سُكنَاهُ، فَقَالَ لخَازن كُتُبه: أَخْرِجْ إِليَّ مِنْ كُتُب الشَّيْخ مَا أَنْسَخُهُ مَا دَام غَائِباً، فَإِذَا حضَر، قرأتُهُ عَلَيْهِ.فَقَالَ الخَازنُ: لاَ أَجترِئُ عَلَى هَذَا، وَلَكِن هَذِهِ المفَاتيحُ إِنْ شِئْتَ أَنْتَ، فَخُذْ وَافْعَلْ ذَلِكَ.
فَأَخَذَهَا، وَأَخرجَ مَا أَرَادَ، فسَمِعَ أَبُو ذَر بِالسَّرَاةِ بِذَلِكَ، فَرَكِبَ، وَطرقَ مَكَّةَ وَأَخَذَ كُتُبَه، وَأَقسم أَنْ لاَ يُحَدِّثهُ.
فَلَقَدْ أُخْبِرتُ أَنَّ أَبَا عِمْرَان كَانَ بَعْدُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ يُورِّي عَنِ اسْمه، فَيَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى.
وَبِذَلِكَ كَانَتِ العَرَبُ تُكَنِّيَهُ باسم وَلده.
قُلْتُ: قَدْ مَاتَ أَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ قَبْلَ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ القَاضِي بن البَاقِلاَّنِيّ وَالكِبَار، وَمَا لاِنزِعَاجِ أَبِي ذَرٍّ وَجهٌ، وَالحِكَايَةُ دَالَّةٌ عَلَى زَعَارَّةِ الشَّيْخِ وَالتّلمِيذِ رحمهُمَا الله.
وَكَانَ وَلدُهُ أَبُو مَكْتُوْم يَحُجُّ مِنَ السَّرَاة، وَيَروِي إِلَى أَنْ قَدِمَ فُلاَنٌ المُرَابِطُ مِنْ أُمَرَاءِ المَغْرِب، فجَاور وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَبِي مَكْتُوْم، وَأَعطَاهُ ذهباً جَيِّداً، فَأَبَاعه نُسْخَةَ (الصَّحِيْح) ، وَذهَبَ بِهَا إِلَى المَغْرِب.
وَحَجَّ أَبُو مَكْتُوْم فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَحَجَّ فِيْهَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَجَمَعَهُم الموقفُ.
فَقَالَ السَّمْعَانِيُّ لِلسِّلَفِيِّ: اذهبْ بِنَا نَسْمَعْ مِنْهُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: دَعْنَا نشتغلْ بِالدُّعَاء، وَنجعله شَيْخَ مَكَّة.
قَالَ: فَاتَّفَقَ أَنَّهُ نَفَر مِنْ مِنَى فِي النَّفرِ الأَوَّلِ مَعَ السَّرَويِّين وَذهبَ، وَفَاتَهُمَا الأَخْذُ عَنْهُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: فلاَمنِي ابْنُ السَّمْعَانِيّ.
فَقُلْتُ: أَنْتَ قَدْ سَمِعْتَ (الصَّحِيْح) مثلَه
مِنْ أَبِي الخَيْرِ بنِ أَبِي عِمْرَانَ صَاحِب الكُشْمِيهَنِي، وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مرويَّاتِهِ سِوَاهُ.قُلْتُ: وَلَمْ يُسْمَعْ لأَبِي مَكْتُوْم بَعْد هَذَا العَام بذكرٍ وَلاَ وُرِّخَ لَنَا مَوْتُه.
وَقَدْ أَرَّخ القَاضِي عِيَاضٌ مَوْتَ أَبِي ذَرٍّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَالصَّوَابُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: تُوُفِّيَ عَقِبَ شَوَّال.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ طَاوُوس سَنَة 617، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ كَرّوس، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، أَنَّ بِشْر بن مُحَمَّدٍ المُزَنِيَّ حدثهُم إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوبَان، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ الجَنَّةَ لتُزَخْرَفُ لرَمَضَان مِنْ رَأْسِ الحَوْلِ، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَان، هَبَّتْ رِيحٌ مِنْ تَحْتِ العَرْش، فَشَققت وَرق الجَنَّة عَنِ الْحور الْعين، فَقُلْن: يَا ربّ! اجعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ أَزواجاً تَقَرُّ بِهِم أَعيُنُنَا، وَتَقَرُّ أَعيُنُهُم بِنَا ) .
قَالَ الفَقِيْهُ نَصْر: تَفَرَّد بِهِ الوَلِيْدُ بنُ الوَلِيْدِ العَنْسِي، وَقَدْ تركُوهُ.
قُلْتُ: وَهَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقوَّاهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.وَفِيْهَا - أَعنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ - تُوُفِّيَ شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المِنْهَال بِمِصْرَ، وَأَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيّ، وَهَارُوْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ فِي رَمَضَانَ.
أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي بَكْرٍ عُمَرَ ابنِ أَبِي عِيْسَى أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عِيْسَى المَدِيْنِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَخَمْس مائَة.
وَمَوْلِد أَبِيْهِ المُقْرِئ أَبِي بَكْرٍ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حرص عَلَيْهِ أَبُوْهُ، وَسَمَّعَهُ حُضُوْراً، ثُمَّ سَمَاعاً كَثِيْراً، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَمِلَ مُوْسَى لِنَفْسِهِ (مُعْجَماً) ، رَوَى فِيْهِ عَنْ أَكْثَر مِنْ ثَلاَث مائَة شَيْخ.
رَوَى عَنْ: أَبِي سَعْدٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المُطَرِّز حُضُوْراً
وَإِجَازَة، وَعَنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَوَيْه، وَغَانِم بن أَبِي نَصْرٍ البُرْجِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ -فَأَكْثَر جِدّاً- وَالحَافِظ هِبَة اللهِ بن الحَسَنِ الأَبَرْقُوْهِيّ، وَالحَافِظ يَحْيَى بن مَنْدَةَ، وَالحَافِظ مُحَمَّد بن طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ بنِ أَبِي ذَرٍّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ الصَّالحَانِيّ، وَابْن عَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي ذَرٍّ -خَاتمَة مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي طَاهِرٍ بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ- وَأَبِي غَالِبٍ أَحْمَد بن العَبَّاسِ بنِ كُوشيذ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبرويه سِبْط الصَّالحَانِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن مُحَمَّدٍ الصَّبَّاغ الدَّشْتَج، وَأَبِي الفَتْحِ إِسْمَاعِيْل بن الفَضْلِ السَّرَّاج، وَالحَافِظ أَبِي القَاسِمِ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ التَّيْمِيّ -لاَزمَه مُدَّة، وَتَخَرَّجَ بِهِ- وَأَبِي طَاهِرٍ إِسْحَاق بن أَحْمَدَ الرَّاشتينَانِيّ، وَالوَاعِظ تَمِيْم بن عَلِيٍّ القَصَّار، وَالرَّئِيْس جَعْفَر بن عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ حَمْزَة بن العَبَّاسِ العَلَوِيِّ، وَأَبِي شُكر حَمْد بن عَلِيٍّ الحبَّال، وَأَبِي الطَّيِّبِ حَبِيْب بن أَبِي مُسْلِمٍ الطِّهْرَانِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ رَجَاء بن إِبْرَاهِيْمَ الخَبَّاز، وَطَلْحَة بن الحُسَيْنِ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ طَاهِر بن أَحْمَدَ البَزَّار، وَالحَافِظ أَبِي الخَيْرِ عَبْد اللهِ بن مَرْزُوْق الهَرَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْد الجَبَّارِ بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ فُورويه الدّلاَل -مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ- وَأَبِي
نَهْشَل عَبْد الصَّمَدِ بن أَحْمَدَ العَنْبَرِيّ، وَمَحْمُوْد بن إِسْمَاعِيْلَ الصَّيْرَفِيّ الأَشْقَر،وَالهَيْثَم بن مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَم الأَشْعَرِيّ، وَخجستَة بِنْت عَلِيِّ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيَّة، وَأُمّ اللَّيْث دَعْجَاءَ بِنْت أَبِي سهل الفَضْل بن مُحَمَّدٍ، وَفَاطِمَة بِنْت عَبْدِ اللهِ الجُوْزْدَانِيَّة.
وَارتحل، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَهِبَة اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ الطَّبرِ، وَقَاضِي المَارستَان أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَصَنَّفَ كِتَاب (الطّوَالاَت) فِي مُجَلَّدين، يُخضَع لَهُ فِي جَمعِه، وَكِتَاب (ذِيل مَعْرِفَة الصَّحَابَة ) جمع فَأَوعَى، وَأَلّف كِتَاب (القُنُوت) فِي مُجَلَّدٍ، وَكِتَاب (تَتمَّة الغرِيبين ) يَدلّ عَلَى برَاعته فِي اللُّغَة، وَكِتَاب (اللطَائِف فِي رِوَايَة الكِبَار وَنَحْوهم عَنِ الصّغَار) ، وَكِتَاب (عَوَالِي ) يُنْبِئُ بتقدّمه فِي مَعْرِفَةِ العَالِي وَالنَّازل، وَكِتَاب (تَضْييع العُمُر فِي اصطنَاع المَعْرُوف إِلَى اللئَام) ، وَأَشيَاء كَثِيْرَة.
وَحفظ (علُوْم الحَدِيْث) لِلْحَاكِم، وَعرضه عَلَى إِسْمَاعِيْلَ التَّيْمِيّ.حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَازِمِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ اللهِ الرُّهَاوِيّ، وَمُحَمَّد بن مَكِّيّ الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبُو نَجِيْحٍ مُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ، وَالنَّاصح عَبْد الرَّحْمَانِ ابْن الحَنْبَلِيّ.
وَلَوْ سَلِمَتْ أَصْبَهَان مِنْ سَيْف التَّتَار فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، لعَاشَ أَصْحَاب أَبِي مُوْسَى إِلَى حُدُوْدِ نَيِّف وَسِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عَبْد اللهِ بن بَرَكَات الخُشُوْعِيّ، وَطَائِفَة.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ : عَاشَ أَبُو مُوْسَى حَتَّى صَارَ أَوحد وَقته، وَشَيْخ زَمَانه إِسْنَاداً وَحفظاً.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ : سَمِعْتُ مِنْ أَبِي مُوْسَى، وَكَتَبَ عَنِّي، وَهُوَ ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ : حصّل أَبُو مُوْسَى مِنَ المَسْمُوْعَات بِأَصْبَهَانَ مَا لَمْ يَحصل لأَحدٍ فِي زَمَانِهِ، وَانضمّ إِلَى ذَلِكَ الحِفْظُ وَالإِتْقَان، وَلَهُ التَّصَانِيْف الَّتِي أَربَى فِيْهَا عَلَى المُتَقَدِّمِيْنَ، مَعَ الثِّقَة، وَالعفَّة، كَانَ لَهُ شَيْء يَسير يَتربّح بِهِ، وَيَنفق مِنْهُ، وَلاَ يَقبل مِنْ أَحَد شَيْئاً قَطُّ، أَوْصَى إِلَيْهِ غَيْر
وَاحِد بِمَال، فِيردّه، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: فَرّقه عَلَى مَنْ تَرَى، فِيمتنع، وَكَانَ فِيْهِ مِنَ التَّوَاضع بِحَيْثُ أَنَّهُ يُقْرِئُ الصَّغِيْر وَالكَبِيْر، وَيُرشد الْمُبْتَدِئ، رَأَيْتهُ يَحفّظ الصِّبْيَان القُرْآن فِي الأَلوَاح، وَكَانَ يمْنَع مَنْ يَمْشِي مَعَهُ، فَعَلْت ذَلِكَ مرَّة، فَزجرنِي، وَتردّدت إِلَيْهِ نَحْواً مِنْ سَنَة وَنِصْف، فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ وَلاَ سَمِعْتُ عَنْهُ سقطَة تُعَاب عَلَيْهِ.وَكَانَ أَبُو مَسْعُوْدٍ كُوتَاه يَقُوْلُ: أَبُو مُوْسَى كنز مخفِيّ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ يَوْحن البَاورِّيّ: كُنْت فِي مدينَة الخَان، فَسَأَلنِي سَائِل عَنْ رُؤْيَا، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ.
فَقَالَ: إِنْ صدقت رُؤيَاك، يَموت إِمَام لاَ نَظير لَهُ فِي زَمَانِهِ، فَإِنَّ مِثْل هَذَا المَنَام رُئِيَ حَال وَفَاة الشَّافِعِيّ، وَالثَّوْرِيّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَمَا أَمسينَا حَتَّى جَاءنَا الخَبَر بِوَفَاة الحَافِظ أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيّ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الخُجَنْدِيّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو مُوْسَى، لَمْ يَكَادُوا أَن يَفرغُوا مِنْهُ، حَتَّى جَاءَ مَطَر عَظِيْم فِي الحرّ الشَّدِيد، وَكَانَ المَاء قَلِيْلاً بِأَصْبَهَانَ، فَمَا انْفَصل أَحَد عَنِ المَكَان مَعَ كَثْرَة الْخلق إِلاَّ قَلِيْلاً، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ إِمْلاَء أَملاَهُ: أَنَّهُ مَتَى مَاتَ مَنْ لَهُ مَنْزِلَة عِنْد الله، فَإِنَّ اللهَ يَبعثُ سحَاباً يَوْم مَوْته، علاَمَة لِلمَغْفِرَة لَهُ، وَلِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ.
سَمِعْتُ شَيْخنَا العَلاَّمَة أَبَا العَبَّاسِ بن عَبْدِ الحَلِيْم يُثنِي عَلَى حِفْظِ أَبِي مُوْسَى، وَيُقْدّمه عَلَى الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، بَاعْتِبَارِ تَصَانِيْفه وَنفعهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الرُّوَيْدَشْتِيّ : تُوُفِّيَ أَبُو مُوْسَى فِي تَاسع جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.قُلْتُ: كَانَ حَافِظ المَشْرِق فِي زَمَانِهِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: حَافِظ المَغْرِب أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَزْدِيّ مصَنّف (الأَحكَام) ، وَعَالِم الأَنْدَلُس الحَافِظُ أَبُو زَيْد عَبْد الرَّحْمَانِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِصبغ الخَثْعَمِيّ السُّهَيْلِيّ المَالقِيّ الضّرِير صَاحِب (الرّوض الأُنُف) ، وَمُسْنِد الوَقْت أَبُو الفَتْحِ عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ شَاتيل الدَّبَّاس بِبَغْدَادَ، وَحَافِظ أَصْبَهَان الإِمَامُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّائِغ، وَمُسْنِد دِمَشْق أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ نَصْرٍ النَّجَّار، وَأَبُو المَجْدِ الفَضْل بن الحُسَيْنِ البَانْيَاسِيّ، وَشَيْخ حرَّان الزَّاهِد الشَّيْخ حَيَاة بن قَيْسٍ الأَنْصَارِيّ، وَشَيْخ الإِسْكَنْدَرِيَّة الفَقِيْهُ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْل بن عَوْفٍ الزُّهْرِيّ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمُحَدِّث مَكَّة أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ المَيَانَشِيّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ الحَنْبَلِيّ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن نَجْم الوَاعِظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المَدِيْنِيّ الحَافِظ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَان وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، وَحَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَزِيْنٍ الخَيَّاط، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن جَابِرٍ، حَدَّثَنَا عطيَة بن قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو عَامِرٍ، أَوْ أَبُو
مَالِك الأَشْعَرِيّ -وَاللهِ مَا كَذَبَنِي-:أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لَيَكُوْنَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّوْنَ الحِرَ وَالحَرِيْرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ تَرُوْحُ عَلَيْهِم سَارِحَةٌ، فَيَأْتِيْهِم رَجُلٌ لِحَاجَةٍ، فَيَقُوْلُوْنَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ -تَعَالَى- وَيَضَعُ العِلْمَ عَلَيْهِم، وَيُمْسَخُ آخَرُوْنَ قِرَدَةً وَخَنَازِيْرَ) .
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ، عَنْ هِشَامٍ تَعليقاً، فَقَالَ: وَقَالَ هِشَام.
وَأَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، مِنْ طرِيقِ بِشْر بن بَكْرٍ التِّنِّيْسِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، بنَحْوهِ.
المعَازف: اسْمٌ لِكُلِّ آلاَت الملاَهِي الَّتِي يُعزَف بِهَا، كَالزمر، وَالطنبور، وَالشّبّابَة، وَالصُّنوج.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ بِطَرَابُلس، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن نَجْم الوَاعِظ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الحَافِظ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ العَطَّار، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْد، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
رَجَعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَة تَبُوْك، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ المَدِيْنَةِ، قَالَ: (إِنَّ بِالمَدِيْنَةِ لأَقْوَاماً مَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ وَلاَ سِرْتُمْ مِنْ مَسِيْرٍ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُم فِيْهِ) .
قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَهُمْ بِالمَدِيْنَةِ؟
فَقَالَ: (نَعَمْ، خَلَّفَهُمُ العُذْرُ).
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ : انْتَشَر علم أَبِي مُوْسَى فِي الآفَاق، وَنفع الله بِهِ المُسْلِمِيْنَ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مَا لَمْ يَجتمع لغَيْره مِنَ الحِفْظ، وَالعِلْم، وَالثِّقَة، وَالإِتْقَان، وَالصَّلاَح، وَحسن الطّرِيقَة، وَصحَة النَّقْل، قَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَات، وَتَفَقَّهَ لِلشَّافِعِيِّ، وَمهر فِي النَّحْوِ وَاللُّغَة، وَكَتَبَ الكَثِيْر، رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَحَجّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسَنَة اثْنَتَيْنِ وأَرْبَعِيْنَ.قَالَ إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ لطَالب: الزمِ الحَافِظ أَبَا مُوْسَى، فَإِنَّهُ شَابّ مُتْقِن.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الرُّوَيْدَشْتِيّ: صَنّف الأَئِمَّة فِي مَنَاقِب شَيْخنَا أَبِي مُوْسَى تَصَانِيْف كَثِيْرَة.
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي بَكْرٍ عُمَرَ ابنِ أَبِي عِيْسَى أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عِيْسَى المَدِيْنِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَخَمْس مائَة.
وَمَوْلِد أَبِيْهِ المُقْرِئ أَبِي بَكْرٍ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حرص عَلَيْهِ أَبُوْهُ، وَسَمَّعَهُ حُضُوْراً، ثُمَّ سَمَاعاً كَثِيْراً، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَمِلَ مُوْسَى لِنَفْسِهِ (مُعْجَماً) ، رَوَى فِيْهِ عَنْ أَكْثَر مِنْ ثَلاَث مائَة شَيْخ.
رَوَى عَنْ: أَبِي سَعْدٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المُطَرِّز حُضُوْراً
وَإِجَازَة، وَعَنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَوَيْه، وَغَانِم بن أَبِي نَصْرٍ البُرْجِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ -فَأَكْثَر جِدّاً- وَالحَافِظ هِبَة اللهِ بن الحَسَنِ الأَبَرْقُوْهِيّ، وَالحَافِظ يَحْيَى بن مَنْدَةَ، وَالحَافِظ مُحَمَّد بن طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ بنِ أَبِي ذَرٍّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ الصَّالحَانِيّ، وَابْن عَمِّهِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي ذَرٍّ -خَاتمَة مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي طَاهِرٍ بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ- وَأَبِي غَالِبٍ أَحْمَد بن العَبَّاسِ بنِ كُوشيذ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبرويه سِبْط الصَّالحَانِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن مُحَمَّدٍ الصَّبَّاغ الدَّشْتَج، وَأَبِي الفَتْحِ إِسْمَاعِيْل بن الفَضْلِ السَّرَّاج، وَالحَافِظ أَبِي القَاسِمِ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ التَّيْمِيّ -لاَزمَه مُدَّة، وَتَخَرَّجَ بِهِ- وَأَبِي طَاهِرٍ إِسْحَاق بن أَحْمَدَ الرَّاشتينَانِيّ، وَالوَاعِظ تَمِيْم بن عَلِيٍّ القَصَّار، وَالرَّئِيْس جَعْفَر بن عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ حَمْزَة بن العَبَّاسِ العَلَوِيِّ، وَأَبِي شُكر حَمْد بن عَلِيٍّ الحبَّال، وَأَبِي الطَّيِّبِ حَبِيْب بن أَبِي مُسْلِمٍ الطِّهْرَانِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ رَجَاء بن إِبْرَاهِيْمَ الخَبَّاز، وَطَلْحَة بن الحُسَيْنِ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ طَاهِر بن أَحْمَدَ البَزَّار، وَالحَافِظ أَبِي الخَيْرِ عَبْد اللهِ بن مَرْزُوْق الهَرَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْد الجَبَّارِ بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ فُورويه الدّلاَل -مِنْ أَصْحَابِ أَبِي نُعَيْمٍ- وَأَبِي
نَهْشَل عَبْد الصَّمَدِ بن أَحْمَدَ العَنْبَرِيّ، وَمَحْمُوْد بن إِسْمَاعِيْلَ الصَّيْرَفِيّ الأَشْقَر،وَالهَيْثَم بن مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَم الأَشْعَرِيّ، وَخجستَة بِنْت عَلِيِّ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيَّة، وَأُمّ اللَّيْث دَعْجَاءَ بِنْت أَبِي سهل الفَضْل بن مُحَمَّدٍ، وَفَاطِمَة بِنْت عَبْدِ اللهِ الجُوْزْدَانِيَّة.
وَارتحل، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ الحُصَيْنِ، وَهِبَة اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ الطَّبرِ، وَقَاضِي المَارستَان أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي العِزِّ بن كَادِشٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَصَنَّفَ كِتَاب (الطّوَالاَت) فِي مُجَلَّدين، يُخضَع لَهُ فِي جَمعِه، وَكِتَاب (ذِيل مَعْرِفَة الصَّحَابَة ) جمع فَأَوعَى، وَأَلّف كِتَاب (القُنُوت) فِي مُجَلَّدٍ، وَكِتَاب (تَتمَّة الغرِيبين ) يَدلّ عَلَى برَاعته فِي اللُّغَة، وَكِتَاب (اللطَائِف فِي رِوَايَة الكِبَار وَنَحْوهم عَنِ الصّغَار) ، وَكِتَاب (عَوَالِي ) يُنْبِئُ بتقدّمه فِي مَعْرِفَةِ العَالِي وَالنَّازل، وَكِتَاب (تَضْييع العُمُر فِي اصطنَاع المَعْرُوف إِلَى اللئَام) ، وَأَشيَاء كَثِيْرَة.
وَحفظ (علُوْم الحَدِيْث) لِلْحَاكِم، وَعرضه عَلَى إِسْمَاعِيْلَ التَّيْمِيّ.حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَازِمِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغَنِيّ بن عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ اللهِ الرُّهَاوِيّ، وَمُحَمَّد بن مَكِّيّ الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبُو نَجِيْحٍ مُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ، وَالنَّاصح عَبْد الرَّحْمَانِ ابْن الحَنْبَلِيّ.
وَلَوْ سَلِمَتْ أَصْبَهَان مِنْ سَيْف التَّتَار فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، لعَاشَ أَصْحَاب أَبِي مُوْسَى إِلَى حُدُوْدِ نَيِّف وَسِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عَبْد اللهِ بن بَرَكَات الخُشُوْعِيّ، وَطَائِفَة.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيّ : عَاشَ أَبُو مُوْسَى حَتَّى صَارَ أَوحد وَقته، وَشَيْخ زَمَانه إِسْنَاداً وَحفظاً.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ : سَمِعْتُ مِنْ أَبِي مُوْسَى، وَكَتَبَ عَنِّي، وَهُوَ ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ.
وَقَالَ عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ : حصّل أَبُو مُوْسَى مِنَ المَسْمُوْعَات بِأَصْبَهَانَ مَا لَمْ يَحصل لأَحدٍ فِي زَمَانِهِ، وَانضمّ إِلَى ذَلِكَ الحِفْظُ وَالإِتْقَان، وَلَهُ التَّصَانِيْف الَّتِي أَربَى فِيْهَا عَلَى المُتَقَدِّمِيْنَ، مَعَ الثِّقَة، وَالعفَّة، كَانَ لَهُ شَيْء يَسير يَتربّح بِهِ، وَيَنفق مِنْهُ، وَلاَ يَقبل مِنْ أَحَد شَيْئاً قَطُّ، أَوْصَى إِلَيْهِ غَيْر
وَاحِد بِمَال، فِيردّه، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: فَرّقه عَلَى مَنْ تَرَى، فِيمتنع، وَكَانَ فِيْهِ مِنَ التَّوَاضع بِحَيْثُ أَنَّهُ يُقْرِئُ الصَّغِيْر وَالكَبِيْر، وَيُرشد الْمُبْتَدِئ، رَأَيْتهُ يَحفّظ الصِّبْيَان القُرْآن فِي الأَلوَاح، وَكَانَ يمْنَع مَنْ يَمْشِي مَعَهُ، فَعَلْت ذَلِكَ مرَّة، فَزجرنِي، وَتردّدت إِلَيْهِ نَحْواً مِنْ سَنَة وَنِصْف، فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ وَلاَ سَمِعْتُ عَنْهُ سقطَة تُعَاب عَلَيْهِ.وَكَانَ أَبُو مَسْعُوْدٍ كُوتَاه يَقُوْلُ: أَبُو مُوْسَى كنز مخفِيّ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ يَوْحن البَاورِّيّ: كُنْت فِي مدينَة الخَان، فَسَأَلنِي سَائِل عَنْ رُؤْيَا، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ.
فَقَالَ: إِنْ صدقت رُؤيَاك، يَموت إِمَام لاَ نَظير لَهُ فِي زَمَانِهِ، فَإِنَّ مِثْل هَذَا المَنَام رُئِيَ حَال وَفَاة الشَّافِعِيّ، وَالثَّوْرِيّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَمَا أَمسينَا حَتَّى جَاءنَا الخَبَر بِوَفَاة الحَافِظ أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيّ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الخُجَنْدِيّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو مُوْسَى، لَمْ يَكَادُوا أَن يَفرغُوا مِنْهُ، حَتَّى جَاءَ مَطَر عَظِيْم فِي الحرّ الشَّدِيد، وَكَانَ المَاء قَلِيْلاً بِأَصْبَهَانَ، فَمَا انْفَصل أَحَد عَنِ المَكَان مَعَ كَثْرَة الْخلق إِلاَّ قَلِيْلاً، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ إِمْلاَء أَملاَهُ: أَنَّهُ مَتَى مَاتَ مَنْ لَهُ مَنْزِلَة عِنْد الله، فَإِنَّ اللهَ يَبعثُ سحَاباً يَوْم مَوْته، علاَمَة لِلمَغْفِرَة لَهُ، وَلِمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ.
سَمِعْتُ شَيْخنَا العَلاَّمَة أَبَا العَبَّاسِ بن عَبْدِ الحَلِيْم يُثنِي عَلَى حِفْظِ أَبِي مُوْسَى، وَيُقْدّمه عَلَى الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، بَاعْتِبَارِ تَصَانِيْفه وَنفعهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الرُّوَيْدَشْتِيّ : تُوُفِّيَ أَبُو مُوْسَى فِي تَاسع جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.قُلْتُ: كَانَ حَافِظ المَشْرِق فِي زَمَانِهِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: حَافِظ المَغْرِب أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الأَزْدِيّ مصَنّف (الأَحكَام) ، وَعَالِم الأَنْدَلُس الحَافِظُ أَبُو زَيْد عَبْد الرَّحْمَانِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِصبغ الخَثْعَمِيّ السُّهَيْلِيّ المَالقِيّ الضّرِير صَاحِب (الرّوض الأُنُف) ، وَمُسْنِد الوَقْت أَبُو الفَتْحِ عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ شَاتيل الدَّبَّاس بِبَغْدَادَ، وَحَافِظ أَصْبَهَان الإِمَامُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّائِغ، وَمُسْنِد دِمَشْق أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ نَصْرٍ النَّجَّار، وَأَبُو المَجْدِ الفَضْل بن الحُسَيْنِ البَانْيَاسِيّ، وَشَيْخ حرَّان الزَّاهِد الشَّيْخ حَيَاة بن قَيْسٍ الأَنْصَارِيّ، وَشَيْخ الإِسْكَنْدَرِيَّة الفَقِيْهُ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْل بن عَوْفٍ الزُّهْرِيّ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمُحَدِّث مَكَّة أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ المَيَانَشِيّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْلٍ الحَنْبَلِيّ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن نَجْم الوَاعِظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المَدِيْنِيّ الحَافِظ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَان وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، وَحَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَزِيْنٍ الخَيَّاط، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن جَابِرٍ، حَدَّثَنَا عطيَة بن قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن غَنْمٍ الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو عَامِرٍ، أَوْ أَبُو
مَالِك الأَشْعَرِيّ -وَاللهِ مَا كَذَبَنِي-:أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لَيَكُوْنَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّوْنَ الحِرَ وَالحَرِيْرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ تَرُوْحُ عَلَيْهِم سَارِحَةٌ، فَيَأْتِيْهِم رَجُلٌ لِحَاجَةٍ، فَيَقُوْلُوْنَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ -تَعَالَى- وَيَضَعُ العِلْمَ عَلَيْهِم، وَيُمْسَخُ آخَرُوْنَ قِرَدَةً وَخَنَازِيْرَ) .
رَوَاهُ: البُخَارِيُّ، عَنْ هِشَامٍ تَعليقاً، فَقَالَ: وَقَالَ هِشَام.
وَأَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، مِنْ طرِيقِ بِشْر بن بَكْرٍ التِّنِّيْسِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، بنَحْوهِ.
المعَازف: اسْمٌ لِكُلِّ آلاَت الملاَهِي الَّتِي يُعزَف بِهَا، كَالزمر، وَالطنبور، وَالشّبّابَة، وَالصُّنوج.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ بِطَرَابُلس، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن نَجْم الوَاعِظ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الحَافِظ بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ العَطَّار، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْد، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
رَجَعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَة تَبُوْك، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ المَدِيْنَةِ، قَالَ: (إِنَّ بِالمَدِيْنَةِ لأَقْوَاماً مَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ وَلاَ سِرْتُمْ مِنْ مَسِيْرٍ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُم فِيْهِ) .
قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَهُمْ بِالمَدِيْنَةِ؟
فَقَالَ: (نَعَمْ، خَلَّفَهُمُ العُذْرُ).
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ : انْتَشَر علم أَبِي مُوْسَى فِي الآفَاق، وَنفع الله بِهِ المُسْلِمِيْنَ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مَا لَمْ يَجتمع لغَيْره مِنَ الحِفْظ، وَالعِلْم، وَالثِّقَة، وَالإِتْقَان، وَالصَّلاَح، وَحسن الطّرِيقَة، وَصحَة النَّقْل، قَرَأَ القُرْآنَ بِالرِّوَايَات، وَتَفَقَّهَ لِلشَّافِعِيِّ، وَمهر فِي النَّحْوِ وَاللُّغَة، وَكَتَبَ الكَثِيْر، رَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَحَجّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسَنَة اثْنَتَيْنِ وأَرْبَعِيْنَ.قَالَ إِسْمَاعِيْلُ التَّيْمِيُّ لطَالب: الزمِ الحَافِظ أَبَا مُوْسَى، فَإِنَّهُ شَابّ مُتْقِن.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الرُّوَيْدَشْتِيّ: صَنّف الأَئِمَّة فِي مَنَاقِب شَيْخنَا أَبِي مُوْسَى تَصَانِيْف كَثِيْرَة.
أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى بنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، الخَيِّرُ، الصُّوْفِيُّ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، مُسْنِدُ الآفَاقِ، أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوّلِ ابنُ الشَّيْخِ المُحَدِّثِ المُعَمَّرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عِيْسَى بنُ شُعَيْبِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ السِّجْزِيُّ، ثُمَّ الهَرَوِيُّ، المَالِيْنِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.وَسَمِعَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ مِنْ جَمَالِ الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّاوُوْدِيِّ (الصَّحِيْحَ) ، وَ (كِتَابَ الدَّارِمِيِّ) وَ (مُنتخب مُسْنَدِ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ) بِبُوشَنْج.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ الفُضَيْلِ بنِ يَحْيَى، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَسْعُوْدٍ الفَارِسِيِّ، وَأَبِي يَعْلَى صَاعِدِ بنِ هِبَةِ اللهِ، وَبِيْبَى بِنْتِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَفِيْفٍ، حَدَّثوهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيحٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ أَبِي نَصْرٍ كَاكُو، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَاصِمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الفَضْلُويِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَاصِمٍ الجَوْهَرِيِّ، وَشيخِ الإِسْلاَمِ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ مِنْ مُرِيْدِيهِ - وَأَبِي عَامِرٍ مَحْمُوْدِ بنِ القَاسِمِ الأَزْدِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ البغَاوردَانِيِّ، وَحَكِيْمِ بنِ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَأَبِي عَدْنَانَ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ القُرَشِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ الكَلْوَذَانِيِّ، وَنَصْرِ بنِ أَحْمَدَ الحَنَفِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ وَأَصْبَهَانَ وَكَرْمَانَ وَهَمَذَانَ وَبَغْدَادَ، وَتَكَاثرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَاشْتُهِرَ حَدِيْثُهُ، وَبَعُدَ صِيتُهُ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالسَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ، وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ إِلَى كِرْمَانَ، وَسُفْيَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَنْدَةَ، وَأَبُو ذَرٍّ سُهَيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ البُوْشَنْجِيُّ، وَأَبُو الضّوءِ شِهَابٌ الشَّذَبَانِيُّ، وَعَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، وَالقَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ بُنْدَارَ الهَمَذَانِيُّ، وَعَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مَنْدَوَيْه، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ العَطَّارُ، وَعُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ
الوَرْكَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ مَحْمُوْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الفَتَّاحُ البُوْشَنْجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَطِيَّةَ اللهِ الهَمَذَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَرَايَا المَوْصِلِيُّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ وَاثقٍ البَيْهَقِيُّ، وَمُقَرّبُ بنُ عَلِيٍّ الهَمَذَانِيُّ، وَالفَقِيْهُ يَحْيَى بنُ سَعْدٍ الرّزَايُّ، وَيُوْسُفُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ نِظَامِ المُلْكِ، وَحَمَّادُ بنُ هِبَةِ اللهِ الحَرَّانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ الصُّوْفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ الرُّوذَرَاورِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ ظَفَرِ بنِ هُبَيْرَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُكرَّمٍ، وَمُظَفَّرُ بنُ حَرِّكْهَا، وَعَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ صَبُوخَا، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ صِرْمَا، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ المَيْنُدِيُّ، وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى البَيِّعُ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَسْكَرٍ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الرَّيَّانِ، وَأَسَعْدُ بنُ صُعْلُوكٍ، وَالنَّفِيْسُ بنُ كَرَمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ شَرِيْفِ الرَّحْبَةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ خَلِيْفَةَ الرُّوبَانِيُّ - بِمُوَحَّدَةٍ - وَمُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ البَيِّعُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الهَمَذَانِيُّ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ بُورْندَازَ، وَعُمَرُ بنُ أَعزَّ السُّهْرَوَرْدِيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بنُ لَيْثٍ الوسْطَانِيُّ، وَصَاعِدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ المُسْتعمِلُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَوَالِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْسِ بنِ عَطَاءٍ، وَالمهَذَّبُ بنُ قُنَيْدَةَ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ سُكَيْنَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَتِيقِ بنِ صيلاَ، وَأَبُو الرِّضَى مُحَمَّدُ بنُ عَصيَّةَ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ الدَّاهِرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّرْسِيُّ، وَعُمَرُ بنُ كَرَمٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ الزُّبَيْدِيِّ، وَأَخُوْهُ الحَسَنُ، وَظَفَرُ بنُ سَالِمٍ البيطَارُ، وَعَبْدُ البَرِّ بنُ أَبِي العَلاَءِ العَطَّارُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطِيْعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى ابْنِ باقَا، وَزَكَرِيَّا العُلَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ رُوزبه،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو المُنَجّى عَبْدُ اللهِ بنُ اللَّتِّيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ بَهْرُوْزَ، وَأَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ أَحْمَدَ الخُجَنْدِيُّ نَزِيْلُ شيرَاز وَهُوَ آخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ مَوْتاً، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ 637، وَسَمَاعُهُ فِي الخَامِسَةِ.وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو الكَرَمِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المُتَوَكِّلِيُّ، وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخٌ صَالِحٌ، حَسَنُ السَّمْتِ وَالأَخلاَقِ، مُتودِّدٌ، مُتَوَاضِعٌ، سلِيمُ الجَانبِ، اسْتَسْعَدَ بصحبَةِ الإِمَامِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ، وَخَدَمَهُ مُدَّةً، وَسَافَرَ إِلَى العِرَاقِ وَخُوزستَانَ وَالبَصْرَةَ، نَزلَ بَغْدَادَ بِرِباطِ البِسْطَامِيِّ فِيمَا حَكَاهُ لِي، وَسَمِعْتُ مِنْهُ بِهَرَاةَ وَمَالِيْنَ، وَكَانَ صَبُوْراً عَلَى القِرَاءةِ، مُحِبّاً لِلرِّوَايَةِ، حَدَّثَ بِـ (الصَّحِيْحِ) ، وَ (مُسْنَدِ عَبْدٍ) ، وَ (الدَّارِمِيِّ) عِدَّةَ نُوَبٍ، وَسَمِعْتُ أَنَّ أَبَاهُ سَمَّاهُ مُحَمَّداً، فَسَمَّاهُ عَبْدُ اللهِ الأَنْصَارِيُّ عَبْدَ الأَوّلِ، وَكَنَّاهُ بِأَبِي الوَقْتِ، ثُمَّ قَالَ: الصُّوْفِيُّ ابْنُ وَقتِهِ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي (التَّحبِيرِ ) : إِنَّ وَالِدَ أَبِي الوَقْتِ أَجَازَ لَهُ، وَإِنَّ مَوْلِدَهُ بسِجِسْتَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ بُشرَى اللَّيْثِيِّ (مَنَاقِبَ الشَّافِعِيَّ) لِلآبرِيِّ بِفَوتٍ، ثُمَّ سَكَنَ هَرَاةَ، وَإِنَّهُ شَيْخٌ صَالِحٌ مُعَمَّرٌ، حرصَ عَلَى سَمَاعِ الحَدِيْثِ، وَحَمَلَ وَلدَهُ أَبَا الوَقْتِ عَلَى عَاتقِهِ إِلَى بُوشَنْجَ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ الأَنْصَارِيُّ يُكرِمُهُ وَيُرَاعِيْه، مَاتَ بِمَالِيْن، فِي شَوَّالٍ، سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، عَاشَ مائَة وَثَلاَث سِنِيْنَ.
وَقَالَ زكِيُّ الدّينِ البِرزَالِيُّ : طَافَ أَبُو الوَقْتِ العِرَاقَ وَخُوزستَانَ، وَحَدَّثَ بِهَرَاةَ، وَمَالِيْن، وَبُوشَنْج، وَكِرمَانَ، وَيَزْدَ، وَأَصْبَهَانَ، وَالكَرْجِ، وَفَارِسٍ، وَهَمَذَانَ، وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ الحُفَّاظُ وَالوُزَرَاءُ، وَكَانَ عِنْدَهُ كُتُبٌ وَأَجزَاءُ، سَمِعَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يُحصَى وَلاَ يُحصرُ.وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ : كَانَ صَبُوْراً عَلَى القِرَاءةِ، وَكَانَ صَالِحاً، كَثِيْرَ الذِّكْرِ وَالتَّهَجُّدِ وَالبُكَاءِ، عَلَى سَمْتِ السَّلَفِ، وَعَزَمَ عَامَ مَوْتِهِ عَلَى الحَجِّ، وَهَيَّأَ مَا يَحتَاجُ إِلَيْهِ، فَمَاتَ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ فِي (أَرْبَعِيْنَ البُلْدَانِ) لَهُ: لَمَّا رَحَلْتُ إِلَى شَيْخنَا رحلَةِ الدُّنْيَا وَمُسْنِدِ العصرِ أَبِي الوَقْت، قَدَّرَ اللهُ لِي الوُصُوْلَ إِلَيْهِ فِي آخِرِ بِلاَدِ كِرْمَانَ، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ، وَقَبَّلْتُهُ، وَجلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ لِي: مَا أَقدَمَكَ هَذِهِ البِلاَدَ.
قُلْتُ: كَانَ قَصدِي إِلَيْكَ، وَمُعَوَّلِي بَعْدَ اللهِ عَلَيْكَ، وَقَدْ كَتَبتُ مَا وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِكَ بِقَلَمِي، وَسَعَيْتُ إِلَيْكَ بِقَدَمِي، لأُدْرِكَ بَرَكَةَ أَنْفَاسِكَ، وَأَحظَى بِعُلُوِّ إِسْنَادِكَ.
فَقَالَ: وَفَّقَكَ اللهُ وَإِيَّانَا لِمَرضَاتِهِ، وَجَعَلَ سَعْيَنَا لَهُ، وَقَصْدَنَا إِلَيْهِ، لَوْ كُنْتَ عَرَفْتَنِي حقَّ مَعْرِفَتِي لَمَّا سلَّمْتَ عَلَيَّ، وَلاَ جلَسْتَ بَيْنَ يَدَيَّ.
ثُمَّ بَكَى بُكَاءً طَوِيْلاً، وَأَبَكَى مَنْ حضَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اسْتُرْنَا بِسَتْرِكَ الجَمِيْلِ، وَاجعَلْ تَحْتَ السَّتْرِ مَا تَرضَى بِهِ عَنَّا، يَا وَلَدِي تَعْلَم أَنِّي رَحَلْتُ أَيْضاً لِسَمَاعِ الصَّحِيْحِ مَاشِياً مَعَ وَالِدِي مِنْ هَرَاةَ إِلَى الدَّاوُوْدِيِّ بِبوشَنْجَ، وَلِي دُوْنَ عشرِ سِنِيْنَ، فَكَانَ وَالِدِي يَضعُ عَلَى يَدَيَّ حَجَرَيْنِ وَيَقُوْلُ: احْمِلْهُمَا.
فَكُنْتُ مِنْ خوفِهِ أَحْفَظهُمَا بِيَدَيَّ، وَأَمْشِي وهُوَ يَتَأَمَّلُنِي، فَإِذَا رَآنِي قَدْ عَيِيْتُ، أَمرنِي أَنْ أُلْقِيَ حجراً وَاحِداً، فَأُلْقِي، وَيَخِفُّ
عَنِّي، فَأَمْشِي إِلَى أَنْ يَتبيَّنَ لَهُ تَعَبِي، فَيَقُوْلُ لِي: هَلْ عَيِيْتَ؟فَأَخَافُهُ وَأَقُوْلُ: لاَ.
فَيَقُوْلُ: لِمَ تُقَصِّرُ فِي المَشْي؟
فَأُسْرِعُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَعجَزُ، فَيَأْخذُ الآخرَ فَيُلْقِيهِ، فَأَمْشِي حَتَّى أَعْطَبَ، فَحِيْنَئِذٍ كَانَ يَأْخُذُنِي وَيَحْمِلُنِي.
وَكُنَّا نَلْتَقِي جَمَاعَةَ الفَلاَّحِينَ، وَغَيْرَهُم، فَيَقُوْلُوْنَ: يَا شَيْخ عِيْسَى، ادْفَعْ إِلَيْنَا هَذَا الطِّفْلَ نُرْكِبْه وَإِيَّاكَ إِلَى بُوشَنْج.
فَيَقُوْلُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَركَبَ فِي طَلَبِ أَحَادِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ نَمْشِي، وَإِذَا عجزَ أَركبتُهُ عَلَى رَأْسِي إِجلاَلاً لِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ، وَرَجَاءَ ثوَابِهِ.
فَكَانَ ثمَرَةَ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ نِيَّتِهِ أَنِّي انتفعتُ بِسَمَاعِ هَذَا الكِتَابِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَقرَانِي أَحَدٌ سِوَايَ، حَتَّى صَارَتِ الوُفُوْدُ تَرْحَلُ إِلَيَّ مِنَ الأَمصَارِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى صَاحِبِنَا عَبْدِ البَاقِي بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الهَرَوِيِّ أَنْ يُقَدِّمَ لِي حَلْوَاء.
فَقُلْتُ: يَا سيِّدِي، قِرَاءتِي لِـ (جزءِ أَبِي الجَهْمِ) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَكْلِ الحلوَاء.
فَتبسَّمَ، وَقَالَ: إِذَا دَخَلَ الطَّعَامُ، خَرَجَ الكَلاَمُ.
وَقَدَّمَ لَنَا صَحْناً فِيْهِ حَلوَاء الفَانِيْدِ، فَأَكَلْنَا، وَأَخْرَجتُ الجُزْءَ، وَسَأَلتُهُ إِحضَارَ الأَصْلِ، فَأَحضرَهُ، وَقَالَ: لاَ تَخفْ وَلاَ تَحرِص، فَإِنِّي قَدْ قَبَرْتُ مِمَّنْ سَمِعَ عَلَيَّ خَلْقاً كَثِيْراً، فَسَلِ اللهَ السَّلاَمَةَ.
فَقَرَأْت الجُزْءَ، وَسُرِرْتُ بِهِ، وَيَسَّرَ اللهُ سَمَاعَ (الصَّحِيْحِ) وَغَيْرِهِ مرَاراً، وَلَمْ أَزَلْ فِي صُحْبَتِهِ وَخِدْمَتِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، فِي لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ - قُلْتُ: وَبَيَّضَ لِليَوْمِ، وَهُوَ سَادس الشَّهْرِ -.
قَالَ: وَدَفَنَّاهُ بِالشُّونِيزِيَّةِ.
قَالَ لِي: تدْفُنُنِي تَحْتَ أَقدَامِ مَشَايِخنَا بِالشُّونِيزِيَّةِ.
وَلَمَّا احتُضِرَ سنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَكَانَ مُسْتَهْتَراً بِالذِّكْرِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الصُّوْفِيُّ، وَأَكبَّ
عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَا سيِّدِي، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرَ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، فَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْهِ، وَتَلاَ: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعلَمُوْنَ، بِمَا غَفَر لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ} [يس: 26 و27] فَدهش إِلَيْهِ هُوَ وَمَنْ حضَرَ مِنَ الأَصْحَابِ، وَلَمْ يَزَلْ يَقرَأُ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، وَقَالَ: الله الله الله.وَتُوُفِّيَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى السَّجَّادَةِ.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ التَّكرِيتِيُّ الصُّوْفِيُّ، قَالَ:
أَسندتُهُ إِلَيَّ، وَكَانَ آخِرَ كَلمَةٍ قَالَهَا: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعلمُوْنَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلنِي مِنَ المُكْرَمِينَ} ، وَمَاتَ.
قُلْتُ: قَدِمَ بَغْدَادَ فِي شَوَّالٍ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً وَشهراً، وَكَانَ مَعَهُ أُصُوْلُهُ، فَحَدَّثَ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ الوَزِيْرُ أَبُو المُظَفَّرِ بنُ هُبَيْرَةَ قَدِ اسْتَدْعَاهُ، وَنَفَّذَ إِلَيْهِ نَفَقَةً، ثُمَّ أَنْزَلَهُ عِنْدَهُ، وَأَكْرَمَهُ، وَأَحضرَهُ فِي مَجْلِسِهِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ (الصَّحِيْحَ) فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ، أَذِنَ فِيْهِ لِلنَّاسِ، فَكَانَ الجمعُ يَفوتُ الإِحصَاءَ، ثُمَّ قرَأَهُ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّابِ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَحضرَ خَلقٌ كَثِيْرٌ دُوْنَ هَؤُلاَءِ،
وَقُرِئَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، وَسَمِعَهُ جَمعٌ جمٌّ، وَآخِرُ مَنْ قرَأَهُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ابْنُ الأَخْضَرِ، وَكَانَ شَيْخاً صَدُوْقاً أَمِيناً، مِنْ مَشَايِخِ الصُّوْفِيَّةِ وَمَحَاسِنِهِم، ذَا وَرَعٍ وَعِبَادَةٍ، مَعَ عُلوِّ سِنِّهِ، وَلَهُ أُصُوْلٌ حَسَنَةٌ، وَسَمَاعَاتٌ صَحِيْحَةٌ.ثُمَّ قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الجِيْلِيِّ:
تُوُفِّيَ شَيْخنَا أَبُو الوَقْتِ لَيْلَةَ الأَحَدِ، سَادسَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، نِصْفَ اللَّيْلِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ضَاحِي نَهَارِ اليَوْمِ، بِرِباطِ فَيْرُوْزٍ الَّذِي كَانَ نَازلاً فِيْهِ، ثُمَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالجَامِعِ، وَأَمَّنَا الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، وَكَانَ الجمعُ مُتَوَفِّراً، وَكُنْت يَوْمَ خَامِسِ الشَّهْرِ عِنْدَهُ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ إِلَى وَقتِ الظُّهْرِ، وَكَانَ مُسْتقيمَ الرَّأْيِ، حَاضِرَ الذّهنِ، وَلَمْ نَرَ فِي سنِّهِ مِثْلَ سنَدِهِ، وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً سُنِّيّاً، قَارِئاً لِلْقُرْآنِ، وَقَدْ صَحِبَ الأَشيَاخَ، وَعَاشَ حَتَّى أَلْحَقَ الصّغَارَ بِالكِبَارِ، وَرَأَى مِنْ رِئَاسَةِ التَّحْدِيْثِ مَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَرغبْ فِي الرِّوَايَةِ قَبْلَهُ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى فِي الدُّنْيَا عَنِ الدَّاوُوْدِيِّ وَبَقِيَّةِ أَشيَاخِهِ، وَقُرِئَتِ الكُتُبُ الَّتِي مَعَهُ كُلّهَا عَلَيْهِ وَالأَجزَاءُ مَرَّاتٍ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، وَسَمِعَهَا مِنْهُ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ، وَصلَ بَغْدَادَ فِي حَادِي عشرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، صَحِبَ شَيْخَ الإِسْلاَمِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
أَنْبَأَنَا طَائِفَةٌ، عَنِ ابْنِ النَّجَّار، قَالَ:
أَنشدنَا دَاوُدُ بنُ مُعَمَّرٍ بِأَصْبَهَانَ، أَنشدَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ العُقَيْلِيُّ لِنَفْسِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ:
أَتَاكُمُ الشَّيْخُ أَبُو الوَقْتِ ... بِأَحْسَنِ الأَحْبَارِ عَنْ ثَبْتِ
طَوَى إِلَيْكُمْ نَاشراً عِلْمَهُ ... مَرَاحِلَ الأَبْرَقِ وَالخَبْتِ أَلْحَقَ بِالأَشيَاخِ أَطفَالَكُم ... وَقَدْ رَمَى الحَاسدَ بِالكَبْتِ
فَمِنَّةُ الشَّيْخِ بِمَا قَدْ رَوَى ... كَمِنَّةِ الغَيْثِ عَلَى النَّبْتِ
بَارَكَ فِيْهِ اللهُ مِنْ حَامِلٍ ... خُلاَصَةَ الفِقْهِ إِلَى المُفْتِي
انْتَهِزُوا الفُرْصَةَ يَا سَادَتِي ... وَحَصِّلُوا الإِسْنَادَ فِي الوَقْتِ
فَإِنَّ مَنْ فَوَّتَ مَا عِنْدَهُ ... يَصِيْرُ ذَا الحَسْرَةِ وَالمَقْتِ
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَافِظُ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مُحَمَّدٍ كُوتَاه الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ بنِ سرُوْرٍ الخَشَّابُ بِدِمَشْقَ، وَالإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الصَّفَّارِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُرَيْقٍ الوَاسِطِيُّ الحَدَّادُ المُقْرِئُ، وَأَبُو المَحَاسِنِ مَسْعُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الغَانِمِيُّ الهَرَوِيُّ.
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، الخَيِّرُ، الصُّوْفِيُّ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، مُسْنِدُ الآفَاقِ، أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوّلِ ابنُ الشَّيْخِ المُحَدِّثِ المُعَمَّرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عِيْسَى بنُ شُعَيْبِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ السِّجْزِيُّ، ثُمَّ الهَرَوِيُّ، المَالِيْنِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.وَسَمِعَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ مِنْ جَمَالِ الإِسْلاَمِ أَبِي الحَسَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّاوُوْدِيِّ (الصَّحِيْحَ) ، وَ (كِتَابَ الدَّارِمِيِّ) وَ (مُنتخب مُسْنَدِ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ) بِبُوشَنْج.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ الفُضَيْلِ بنِ يَحْيَى، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَسْعُوْدٍ الفَارِسِيِّ، وَأَبِي يَعْلَى صَاعِدِ بنِ هِبَةِ اللهِ، وَبِيْبَى بِنْتِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَفِيْفٍ، حَدَّثوهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيحٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ أَبِي نَصْرٍ كَاكُو، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَاصِمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الفَضْلُويِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَاصِمٍ الجَوْهَرِيِّ، وَشيخِ الإِسْلاَمِ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ مِنْ مُرِيْدِيهِ - وَأَبِي عَامِرٍ مَحْمُوْدِ بنِ القَاسِمِ الأَزْدِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ البغَاوردَانِيِّ، وَحَكِيْمِ بنِ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَأَبِي عَدْنَانَ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ القُرَشِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ الكَلْوَذَانِيِّ، وَنَصْرِ بنِ أَحْمَدَ الحَنَفِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ وَأَصْبَهَانَ وَكَرْمَانَ وَهَمَذَانَ وَبَغْدَادَ، وَتَكَاثرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَاشْتُهِرَ حَدِيْثُهُ، وَبَعُدَ صِيتُهُ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالسَّمْعَانِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ، وَيُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ، وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ إِلَى كِرْمَانَ، وَسُفْيَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَنْدَةَ، وَأَبُو ذَرٍّ سُهَيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ البُوْشَنْجِيُّ، وَأَبُو الضّوءِ شِهَابٌ الشَّذَبَانِيُّ، وَعَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، وَالقَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ بُنْدَارَ الهَمَذَانِيُّ، وَعَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مَنْدَوَيْه، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ العَطَّارُ، وَعُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ
الوَرْكَانِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ مَحْمُوْدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الفَتَّاحُ البُوْشَنْجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَطِيَّةَ اللهِ الهَمَذَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَرَايَا المَوْصِلِيُّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ وَاثقٍ البَيْهَقِيُّ، وَمُقَرّبُ بنُ عَلِيٍّ الهَمَذَانِيُّ، وَالفَقِيْهُ يَحْيَى بنُ سَعْدٍ الرّزَايُّ، وَيُوْسُفُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ نِظَامِ المُلْكِ، وَحَمَّادُ بنُ هِبَةِ اللهِ الحَرَّانِيُّ، وَعُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ الصُّوْفِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ الرُّوذَرَاورِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ ظَفَرِ بنِ هُبَيْرَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُكرَّمٍ، وَمُظَفَّرُ بنُ حَرِّكْهَا، وَعَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ صَبُوخَا، وَأَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ صِرْمَا، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ المَيْنُدِيُّ، وَزَيْدُ بنُ يَحْيَى البَيِّعُ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَسْكَرٍ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الرَّيَّانِ، وَأَسَعْدُ بنُ صُعْلُوكٍ، وَالنَّفِيْسُ بنُ كَرَمٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ شَرِيْفِ الرَّحْبَةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ خَلِيْفَةَ الرُّوبَانِيُّ - بِمُوَحَّدَةٍ - وَمُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ البَيِّعُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الهَمَذَانِيُّ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ بُورْندَازَ، وَعُمَرُ بنُ أَعزَّ السُّهْرَوَرْدِيُّ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بنُ لَيْثٍ الوسْطَانِيُّ، وَصَاعِدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ المُسْتعمِلُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَوَالِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْسِ بنِ عَطَاءٍ، وَالمهَذَّبُ بنُ قُنَيْدَةَ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ سُكَيْنَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَتِيقِ بنِ صيلاَ، وَأَبُو الرِّضَى مُحَمَّدُ بنُ عَصيَّةَ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ الدَّاهِرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّرْسِيُّ، وَعُمَرُ بنُ كَرَمٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ الزُّبَيْدِيِّ، وَأَخُوْهُ الحَسَنُ، وَظَفَرُ بنُ سَالِمٍ البيطَارُ، وَعَبْدُ البَرِّ بنُ أَبِي العَلاَءِ العَطَّارُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطِيْعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى ابْنِ باقَا، وَزَكَرِيَّا العُلَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ رُوزبه،
وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو المُنَجّى عَبْدُ اللهِ بنُ اللَّتِّيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ بَهْرُوْزَ، وَأَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ أَحْمَدَ الخُجَنْدِيُّ نَزِيْلُ شيرَاز وَهُوَ آخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ مَوْتاً، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ 637، وَسَمَاعُهُ فِي الخَامِسَةِ.وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو الكَرَمِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المُتَوَكِّلِيُّ، وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيَّةُ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: شَيْخٌ صَالِحٌ، حَسَنُ السَّمْتِ وَالأَخلاَقِ، مُتودِّدٌ، مُتَوَاضِعٌ، سلِيمُ الجَانبِ، اسْتَسْعَدَ بصحبَةِ الإِمَامِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ، وَخَدَمَهُ مُدَّةً، وَسَافَرَ إِلَى العِرَاقِ وَخُوزستَانَ وَالبَصْرَةَ، نَزلَ بَغْدَادَ بِرِباطِ البِسْطَامِيِّ فِيمَا حَكَاهُ لِي، وَسَمِعْتُ مِنْهُ بِهَرَاةَ وَمَالِيْنَ، وَكَانَ صَبُوْراً عَلَى القِرَاءةِ، مُحِبّاً لِلرِّوَايَةِ، حَدَّثَ بِـ (الصَّحِيْحِ) ، وَ (مُسْنَدِ عَبْدٍ) ، وَ (الدَّارِمِيِّ) عِدَّةَ نُوَبٍ، وَسَمِعْتُ أَنَّ أَبَاهُ سَمَّاهُ مُحَمَّداً، فَسَمَّاهُ عَبْدُ اللهِ الأَنْصَارِيُّ عَبْدَ الأَوّلِ، وَكَنَّاهُ بِأَبِي الوَقْتِ، ثُمَّ قَالَ: الصُّوْفِيُّ ابْنُ وَقتِهِ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ فِي (التَّحبِيرِ ) : إِنَّ وَالِدَ أَبِي الوَقْتِ أَجَازَ لَهُ، وَإِنَّ مَوْلِدَهُ بسِجِسْتَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ بُشرَى اللَّيْثِيِّ (مَنَاقِبَ الشَّافِعِيَّ) لِلآبرِيِّ بِفَوتٍ، ثُمَّ سَكَنَ هَرَاةَ، وَإِنَّهُ شَيْخٌ صَالِحٌ مُعَمَّرٌ، حرصَ عَلَى سَمَاعِ الحَدِيْثِ، وَحَمَلَ وَلدَهُ أَبَا الوَقْتِ عَلَى عَاتقِهِ إِلَى بُوشَنْجَ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ الأَنْصَارِيُّ يُكرِمُهُ وَيُرَاعِيْه، مَاتَ بِمَالِيْن، فِي شَوَّالٍ، سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، عَاشَ مائَة وَثَلاَث سِنِيْنَ.
وَقَالَ زكِيُّ الدّينِ البِرزَالِيُّ : طَافَ أَبُو الوَقْتِ العِرَاقَ وَخُوزستَانَ، وَحَدَّثَ بِهَرَاةَ، وَمَالِيْن، وَبُوشَنْج، وَكِرمَانَ، وَيَزْدَ، وَأَصْبَهَانَ، وَالكَرْجِ، وَفَارِسٍ، وَهَمَذَانَ، وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ الحُفَّاظُ وَالوُزَرَاءُ، وَكَانَ عِنْدَهُ كُتُبٌ وَأَجزَاءُ، سَمِعَ عَلَيْهِ مَنْ لاَ يُحصَى وَلاَ يُحصرُ.وَقَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ : كَانَ صَبُوْراً عَلَى القِرَاءةِ، وَكَانَ صَالِحاً، كَثِيْرَ الذِّكْرِ وَالتَّهَجُّدِ وَالبُكَاءِ، عَلَى سَمْتِ السَّلَفِ، وَعَزَمَ عَامَ مَوْتِهِ عَلَى الحَجِّ، وَهَيَّأَ مَا يَحتَاجُ إِلَيْهِ، فَمَاتَ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ فِي (أَرْبَعِيْنَ البُلْدَانِ) لَهُ: لَمَّا رَحَلْتُ إِلَى شَيْخنَا رحلَةِ الدُّنْيَا وَمُسْنِدِ العصرِ أَبِي الوَقْت، قَدَّرَ اللهُ لِي الوُصُوْلَ إِلَيْهِ فِي آخِرِ بِلاَدِ كِرْمَانَ، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ، وَقَبَّلْتُهُ، وَجلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ لِي: مَا أَقدَمَكَ هَذِهِ البِلاَدَ.
قُلْتُ: كَانَ قَصدِي إِلَيْكَ، وَمُعَوَّلِي بَعْدَ اللهِ عَلَيْكَ، وَقَدْ كَتَبتُ مَا وَقَعَ إِلَيَّ مِنْ حَدِيْثِكَ بِقَلَمِي، وَسَعَيْتُ إِلَيْكَ بِقَدَمِي، لأُدْرِكَ بَرَكَةَ أَنْفَاسِكَ، وَأَحظَى بِعُلُوِّ إِسْنَادِكَ.
فَقَالَ: وَفَّقَكَ اللهُ وَإِيَّانَا لِمَرضَاتِهِ، وَجَعَلَ سَعْيَنَا لَهُ، وَقَصْدَنَا إِلَيْهِ، لَوْ كُنْتَ عَرَفْتَنِي حقَّ مَعْرِفَتِي لَمَّا سلَّمْتَ عَلَيَّ، وَلاَ جلَسْتَ بَيْنَ يَدَيَّ.
ثُمَّ بَكَى بُكَاءً طَوِيْلاً، وَأَبَكَى مَنْ حضَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اسْتُرْنَا بِسَتْرِكَ الجَمِيْلِ، وَاجعَلْ تَحْتَ السَّتْرِ مَا تَرضَى بِهِ عَنَّا، يَا وَلَدِي تَعْلَم أَنِّي رَحَلْتُ أَيْضاً لِسَمَاعِ الصَّحِيْحِ مَاشِياً مَعَ وَالِدِي مِنْ هَرَاةَ إِلَى الدَّاوُوْدِيِّ بِبوشَنْجَ، وَلِي دُوْنَ عشرِ سِنِيْنَ، فَكَانَ وَالِدِي يَضعُ عَلَى يَدَيَّ حَجَرَيْنِ وَيَقُوْلُ: احْمِلْهُمَا.
فَكُنْتُ مِنْ خوفِهِ أَحْفَظهُمَا بِيَدَيَّ، وَأَمْشِي وهُوَ يَتَأَمَّلُنِي، فَإِذَا رَآنِي قَدْ عَيِيْتُ، أَمرنِي أَنْ أُلْقِيَ حجراً وَاحِداً، فَأُلْقِي، وَيَخِفُّ
عَنِّي، فَأَمْشِي إِلَى أَنْ يَتبيَّنَ لَهُ تَعَبِي، فَيَقُوْلُ لِي: هَلْ عَيِيْتَ؟فَأَخَافُهُ وَأَقُوْلُ: لاَ.
فَيَقُوْلُ: لِمَ تُقَصِّرُ فِي المَشْي؟
فَأُسْرِعُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَعجَزُ، فَيَأْخذُ الآخرَ فَيُلْقِيهِ، فَأَمْشِي حَتَّى أَعْطَبَ، فَحِيْنَئِذٍ كَانَ يَأْخُذُنِي وَيَحْمِلُنِي.
وَكُنَّا نَلْتَقِي جَمَاعَةَ الفَلاَّحِينَ، وَغَيْرَهُم، فَيَقُوْلُوْنَ: يَا شَيْخ عِيْسَى، ادْفَعْ إِلَيْنَا هَذَا الطِّفْلَ نُرْكِبْه وَإِيَّاكَ إِلَى بُوشَنْج.
فَيَقُوْلُ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَركَبَ فِي طَلَبِ أَحَادِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ نَمْشِي، وَإِذَا عجزَ أَركبتُهُ عَلَى رَأْسِي إِجلاَلاً لِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ، وَرَجَاءَ ثوَابِهِ.
فَكَانَ ثمَرَةَ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ نِيَّتِهِ أَنِّي انتفعتُ بِسَمَاعِ هَذَا الكِتَابِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَقرَانِي أَحَدٌ سِوَايَ، حَتَّى صَارَتِ الوُفُوْدُ تَرْحَلُ إِلَيَّ مِنَ الأَمصَارِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى صَاحِبِنَا عَبْدِ البَاقِي بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الهَرَوِيِّ أَنْ يُقَدِّمَ لِي حَلْوَاء.
فَقُلْتُ: يَا سيِّدِي، قِرَاءتِي لِـ (جزءِ أَبِي الجَهْمِ) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَكْلِ الحلوَاء.
فَتبسَّمَ، وَقَالَ: إِذَا دَخَلَ الطَّعَامُ، خَرَجَ الكَلاَمُ.
وَقَدَّمَ لَنَا صَحْناً فِيْهِ حَلوَاء الفَانِيْدِ، فَأَكَلْنَا، وَأَخْرَجتُ الجُزْءَ، وَسَأَلتُهُ إِحضَارَ الأَصْلِ، فَأَحضرَهُ، وَقَالَ: لاَ تَخفْ وَلاَ تَحرِص، فَإِنِّي قَدْ قَبَرْتُ مِمَّنْ سَمِعَ عَلَيَّ خَلْقاً كَثِيْراً، فَسَلِ اللهَ السَّلاَمَةَ.
فَقَرَأْت الجُزْءَ، وَسُرِرْتُ بِهِ، وَيَسَّرَ اللهُ سَمَاعَ (الصَّحِيْحِ) وَغَيْرِهِ مرَاراً، وَلَمْ أَزَلْ فِي صُحْبَتِهِ وَخِدْمَتِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، فِي لَيْلَةِ الثُّلاَثَاءِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ - قُلْتُ: وَبَيَّضَ لِليَوْمِ، وَهُوَ سَادس الشَّهْرِ -.
قَالَ: وَدَفَنَّاهُ بِالشُّونِيزِيَّةِ.
قَالَ لِي: تدْفُنُنِي تَحْتَ أَقدَامِ مَشَايِخنَا بِالشُّونِيزِيَّةِ.
وَلَمَّا احتُضِرَ سنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَكَانَ مُسْتَهْتَراً بِالذِّكْرِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الصُّوْفِيُّ، وَأَكبَّ
عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَا سيِّدِي، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ آخِرَ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ ) ، فَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْهِ، وَتَلاَ: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعلَمُوْنَ، بِمَا غَفَر لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ} [يس: 26 و27] فَدهش إِلَيْهِ هُوَ وَمَنْ حضَرَ مِنَ الأَصْحَابِ، وَلَمْ يَزَلْ يَقرَأُ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، وَقَالَ: الله الله الله.وَتُوُفِّيَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى السَّجَّادَةِ.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ التَّكرِيتِيُّ الصُّوْفِيُّ، قَالَ:
أَسندتُهُ إِلَيَّ، وَكَانَ آخِرَ كَلمَةٍ قَالَهَا: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعلمُوْنَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلنِي مِنَ المُكْرَمِينَ} ، وَمَاتَ.
قُلْتُ: قَدِمَ بَغْدَادَ فِي شَوَّالٍ، فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً وَشهراً، وَكَانَ مَعَهُ أُصُوْلُهُ، فَحَدَّثَ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ الوَزِيْرُ أَبُو المُظَفَّرِ بنُ هُبَيْرَةَ قَدِ اسْتَدْعَاهُ، وَنَفَّذَ إِلَيْهِ نَفَقَةً، ثُمَّ أَنْزَلَهُ عِنْدَهُ، وَأَكْرَمَهُ، وَأَحضرَهُ فِي مَجْلِسِهِ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ (الصَّحِيْحَ) فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ، أَذِنَ فِيْهِ لِلنَّاسِ، فَكَانَ الجمعُ يَفوتُ الإِحصَاءَ، ثُمَّ قرَأَهُ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّابِ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَحضرَ خَلقٌ كَثِيْرٌ دُوْنَ هَؤُلاَءِ،
وَقُرِئَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، وَسَمِعَهُ جَمعٌ جمٌّ، وَآخِرُ مَنْ قرَأَهُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ابْنُ الأَخْضَرِ، وَكَانَ شَيْخاً صَدُوْقاً أَمِيناً، مِنْ مَشَايِخِ الصُّوْفِيَّةِ وَمَحَاسِنِهِم، ذَا وَرَعٍ وَعِبَادَةٍ، مَعَ عُلوِّ سِنِّهِ، وَلَهُ أُصُوْلٌ حَسَنَةٌ، وَسَمَاعَاتٌ صَحِيْحَةٌ.ثُمَّ قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الجِيْلِيِّ:
تُوُفِّيَ شَيْخنَا أَبُو الوَقْتِ لَيْلَةَ الأَحَدِ، سَادسَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، نِصْفَ اللَّيْلِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ضَاحِي نَهَارِ اليَوْمِ، بِرِباطِ فَيْرُوْزٍ الَّذِي كَانَ نَازلاً فِيْهِ، ثُمَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالجَامِعِ، وَأَمَّنَا الشَّيْخُ عَبْدُ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، وَكَانَ الجمعُ مُتَوَفِّراً، وَكُنْت يَوْمَ خَامِسِ الشَّهْرِ عِنْدَهُ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ الحَدِيْثَ إِلَى وَقتِ الظُّهْرِ، وَكَانَ مُسْتقيمَ الرَّأْيِ، حَاضِرَ الذّهنِ، وَلَمْ نَرَ فِي سنِّهِ مِثْلَ سنَدِهِ، وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً سُنِّيّاً، قَارِئاً لِلْقُرْآنِ، وَقَدْ صَحِبَ الأَشيَاخَ، وَعَاشَ حَتَّى أَلْحَقَ الصّغَارَ بِالكِبَارِ، وَرَأَى مِنْ رِئَاسَةِ التَّحْدِيْثِ مَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَرغبْ فِي الرِّوَايَةِ قَبْلَهُ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى فِي الدُّنْيَا عَنِ الدَّاوُوْدِيِّ وَبَقِيَّةِ أَشيَاخِهِ، وَقُرِئَتِ الكُتُبُ الَّتِي مَعَهُ كُلّهَا عَلَيْهِ وَالأَجزَاءُ مَرَّاتٍ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، وَسَمِعَهَا مِنْهُ أُلُوفٌ مِنَ النَّاسِ، وَصلَ بَغْدَادَ فِي حَادِي عشرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، صَحِبَ شَيْخَ الإِسْلاَمِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
أَنْبَأَنَا طَائِفَةٌ، عَنِ ابْنِ النَّجَّار، قَالَ:
أَنشدنَا دَاوُدُ بنُ مُعَمَّرٍ بِأَصْبَهَانَ، أَنشدَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ العُقَيْلِيُّ لِنَفْسِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ:
أَتَاكُمُ الشَّيْخُ أَبُو الوَقْتِ ... بِأَحْسَنِ الأَحْبَارِ عَنْ ثَبْتِ
طَوَى إِلَيْكُمْ نَاشراً عِلْمَهُ ... مَرَاحِلَ الأَبْرَقِ وَالخَبْتِ أَلْحَقَ بِالأَشيَاخِ أَطفَالَكُم ... وَقَدْ رَمَى الحَاسدَ بِالكَبْتِ
فَمِنَّةُ الشَّيْخِ بِمَا قَدْ رَوَى ... كَمِنَّةِ الغَيْثِ عَلَى النَّبْتِ
بَارَكَ فِيْهِ اللهُ مِنْ حَامِلٍ ... خُلاَصَةَ الفِقْهِ إِلَى المُفْتِي
انْتَهِزُوا الفُرْصَةَ يَا سَادَتِي ... وَحَصِّلُوا الإِسْنَادَ فِي الوَقْتِ
فَإِنَّ مَنْ فَوَّتَ مَا عِنْدَهُ ... يَصِيْرُ ذَا الحَسْرَةِ وَالمَقْتِ
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَافِظُ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ مُحَمَّدٍ كُوتَاه الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ بنِ سرُوْرٍ الخَشَّابُ بِدِمَشْقَ، وَالإِمَامُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الصَّفَّارِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُرَيْقٍ الوَاسِطِيُّ الحَدَّادُ المُقْرِئُ، وَأَبُو المَحَاسِنِ مَسْعُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الغَانِمِيُّ الهَرَوِيُّ.
أَبُو مَسْعُوْدٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارِعُ، أَبُو مَسْعُوْدٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ
الدِّمَشْقِيُّ، مُصَنِّف كِتَاب (أَطرَاف الصَّحِيْحَيْنِ ) ، وَأَحَدُ مَنْ بَرَّزَ فِي هَذَا الشَّأْن.سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ بنَ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّا الوَاسِطِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ عَبْدَ اللهِ بنَ فُوْرَك القَبَّابَ الأَصْبَهَانِيّ، وَعَلِيَّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ عَبْدَان الشِّيْرَازِيّ، وَأَصْحَابَ مُطَيَّن، وَأَصْحَاب أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ، وَالفِرْيَابِيّ.
وَجمع فَأَوعَى، وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي الكُهُوْلَة قَبْلَ أَنْ ينْفق مَا عِنْدَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بن الحَسَنِ اللاَّلْكَائِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ :سَافرَ الكَثِيْر، وَكَتَبَ بِبَغْدَادَ وَالبَصْرَةِ وَالأَهْوَازِ
وَواسط وَخُرَاسَان وَأَصْبَهَان، وَكَانَ لَهُ عِنَايَةٌ (بِالصَّحِيْحَيْنِ) ، رَوَى القَلِيْلَ عَلَى سَبِيْلِ المُذَاكَرَة.قَالَ :وَكَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً، وَرِعاً فَهماً، صَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ بِبَغْدَادَ وَكَانَ وَصيَّهُ، حَدَّثَنِي العَتِيْقِيّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: ذكر غَيْره أَنَّهُ مَاتَ فِي شَهْر رَجَب سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقفتُ عَلَى جُزءٍ فِيْهِ أَحَادِيْثُ مُعَلَّلَةٌ لأَبِي مَسْعُود يقْضِي بإِمامته. كتب إِلَيَّ المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيّ، وَمُؤَمَّل بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الطَّبَرِيّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ أَبَان الوَاسِطِيّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الفِهْرِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ أَخِيْهِ يَحْيَى قَالَ:
حَدَّثَنِي أَخِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَتَى وَادِي مُحَسِّر، حَرَّكَ رَاحِلتَهُ، وَقَالَ: (عَلَيْكُم بِحَصَى الخَذْف).
وَبِهِ: قَالَ الخَطِيْبُ :وَحَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ المُزَنِيّ، وَقَالَ فِيْهِ:عَبْد اللهِ بن عَمْرٍو الفِهْرِيّ.
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَسعد، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بِنَهر الدّير، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمُّوَيْه بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ الحَارِثِ المُحَارِبِيّ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بنُ سَلَمَةَ قَالَ:
قَالَ أَبِي: كُنَّا نُصلِّي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجُمُعَة، وَلَيْسَ لِلْحِيْطَانِ فَيْءٌ نَسْتَظِلُّ بِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِم، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهَوَيْه، عَنْ أَبِي الوَلِيْد، وَتَابَعَهُ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاح.
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارِعُ، أَبُو مَسْعُوْدٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ
الدِّمَشْقِيُّ، مُصَنِّف كِتَاب (أَطرَاف الصَّحِيْحَيْنِ ) ، وَأَحَدُ مَنْ بَرَّزَ فِي هَذَا الشَّأْن.سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ بنَ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّا الوَاسِطِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ عَبْدَ اللهِ بنَ فُوْرَك القَبَّابَ الأَصْبَهَانِيّ، وَعَلِيَّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ عَبْدَان الشِّيْرَازِيّ، وَأَصْحَابَ مُطَيَّن، وَأَصْحَاب أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ، وَالفِرْيَابِيّ.
وَجمع فَأَوعَى، وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي الكُهُوْلَة قَبْلَ أَنْ ينْفق مَا عِنْدَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بن الحَسَنِ اللاَّلْكَائِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ :سَافرَ الكَثِيْر، وَكَتَبَ بِبَغْدَادَ وَالبَصْرَةِ وَالأَهْوَازِ
وَواسط وَخُرَاسَان وَأَصْبَهَان، وَكَانَ لَهُ عِنَايَةٌ (بِالصَّحِيْحَيْنِ) ، رَوَى القَلِيْلَ عَلَى سَبِيْلِ المُذَاكَرَة.قَالَ :وَكَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً، وَرِعاً فَهماً، صَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ بِبَغْدَادَ وَكَانَ وَصيَّهُ، حَدَّثَنِي العَتِيْقِيّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: ذكر غَيْره أَنَّهُ مَاتَ فِي شَهْر رَجَب سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقفتُ عَلَى جُزءٍ فِيْهِ أَحَادِيْثُ مُعَلَّلَةٌ لأَبِي مَسْعُود يقْضِي بإِمامته. كتب إِلَيَّ المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيّ، وَمُؤَمَّل بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الطَّبَرِيّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ أَبَان الوَاسِطِيّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الفِهْرِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ أَخِيْهِ يَحْيَى قَالَ:
حَدَّثَنِي أَخِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَتَى وَادِي مُحَسِّر، حَرَّكَ رَاحِلتَهُ، وَقَالَ: (عَلَيْكُم بِحَصَى الخَذْف).
وَبِهِ: قَالَ الخَطِيْبُ :وَحَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ المُزَنِيّ، وَقَالَ فِيْهِ:عَبْد اللهِ بن عَمْرٍو الفِهْرِيّ.
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَسعد، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بِنَهر الدّير، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمُّوَيْه بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ الحَارِثِ المُحَارِبِيّ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بنُ سَلَمَةَ قَالَ:
قَالَ أَبِي: كُنَّا نُصلِّي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجُمُعَة، وَلَيْسَ لِلْحِيْطَانِ فَيْءٌ نَسْتَظِلُّ بِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِم، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهَوَيْه، عَنْ أَبِي الوَلِيْد، وَتَابَعَهُ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاح.