Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=132541#656c52
الْحَسَن بن سهل بن عَبْد اللَّهِ، أَبُو مُحَمَّد :
وهو أخو ذي الرياستين، الفضل بن سهل. كانا من أهل بيت الرياسة فِي المجوس وأسلما، هما وأبوهما سهل فِي أيام هَارُون الرشيد، واتصلوا بالبرامكة، وكان سهل يتقهرم ليحيى بن خالد بن برمك، وضم يَحْيَى الْحَسَن والفضل ابني سهل إِلَى ابنيه الفضل وجعفر يكونان معهما، فضم جَعْفَر الفضل بْن سهل إِلَى المأمون، وهو ولي عهد فغلب عليه، ولم يزل معه إِلَى أن قتل الفضل بخراسان، فكتب المأمون إلى الحسن ابن سهل وهو ببغداد يعزيه بأخيه، ويعلمه أَنَّهُ قد استوزره، ويأمره بإجراء الأمر مجراه.
فلم يكن أحد من بني هاشم ولا من سائر القواد يخالف للحسن أمرا، ولا يخرج لَهُ عَنْ طاعة، إِلَى أن بايع المأمون لعلي بن مُوسَى الرضا بالعهد. فغضب بنو الْعَبَّاس وخلعوا المأمون، وبايعوا إِبْرَاهِيم بن المهدي. فحاربه الْحَسَن بن سهل ثم ضعف عنه فانحدر الْحَسَن إِلَى فم الصلح فأقام بها، وأقبل المأمون من خراسان، فقوي لذلك الْحَسَن بن سهل ووجه إلى فم الصلح من حارب إِبْرَاهِيم بن المهدي. فضعف أمر إِبْرَاهِيم واستتر، ثم دخل المأمون بغداد. وكتب إِلَى الْحَسَن بن سهل فقدم عليه، فزاد المأمون فِي كرامته وتشريفه عند تسليمه عليه، وذلك فِي سنة أربع ومائتين.
ثم إن المأمون تزوج بوران بنت الْحَسَن بن سهل، وانحدر إِلَى فم الصلح للبناء عَلَى بوران بها في شهر رمضان سنة عشر ومائتين فدخل بها ثم انصرف وخلف بوران عند أمها إِلَى أن حملت إليه.
أَخْبَرَنِي أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بن يعقوب الوزان حَدَّثَنِي جدي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ قفرجل حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي حدّثنا عون ابن محمّد حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي سهل قَالَ: لما بني المأمون عَلَى بوران بنت الْحَسَن بن سهل وانحدر إليهم إِلَى ناحية واسط، فرش لَهُ يوم البناء حصير من ذهب مسفوف ونثر عليه جوهر كثير فجعل بياض الدر يشرق عَلَى صفرة الذهب وما مسه
أحد، فوجه الْحَسَن إِلَى المأمون: هذا نثار يجب أن يلقط، فَقَالَ المأمون: لمن حوله من بنات الخلفاء: شرفن أبا مُحَمَّد، فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة، وبقي باقي الدر يلوح عَلَى الحصير الذهب، فَقَالَ المأمون: قاتل الله أبا نواس لقد شبه بشيء ما رآه قط! فأحسن فِي وصف الخمر والحباب الذي فوقها فَقَالَ:
كأن صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در عَلَى أرض من الذهب
فكيف لو رأى هذا معاينة! وكان أبو نواس فِي هذا الوقت قد مات.
قُلْتُ: وقيل إن الْحَسَن نثر عَلَى المأمون ألف حبة جوهر، وأشعل بين يديه شمعة عنبر وزنها مائة رطل، ونثر عَلَى القواد رقاعا فيها أسماء ضياع فمن وقعت بيده رقعة أشهد لَهُ الْحَسَن بالضيعة التي فيها، وأنفق الْحَسَن فِي وليمته أربعة آلاف ألف دينار، وكان يجري مدة إقامة المأمون عنده عَلَى ستة وثلاثين ألف ملاح! فلما أراد المأمون أن يصعد أمر لَهُ بألف ألف دينار، وأقطعه مدينة الصلح وعاش الْحَسَن إِلَى أيام جَعْفَر المتوكل.
أخبرنا أَبُو يعلى الوكيل أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي أخبرنا أَبُو عَلِيّ محرز الكاتب قَالَ: حضرت مجلس أَبِي مُحَمَّد الْحَسَن بن سهل ووردت عليه رقعة من الْحَسَن بن وهب، واستأذنته في نسخها فأذن لي، وكانت نسختها: بسم اللَّه الرحمن الرحيم أعز اللَّه الأمير وأيده وأكرمه، وأتم نعمته عليه، إن من اكتتم- أبقى اللَّه الأمير- بحاجته وسترها عمن لا مذهب لَهُ فيها إلا إليه، ولا سداد لها إلا عنده، فقد أضاع حظه، وظاهر عَلَى نفسه، وقد أصبحت- أعز اللَّه الأمير- موصول الرغبة بالأمير، ممدود الأمل فِي فضله، لا أنسب قديما إلا إليه، ولا أرجو حديثا إلا عنده. فأستوهب اللَّه بقاء الأمير، ودوام الكرامة لَهُ، وقد ابتعت منزلا بالحضرة جمعت فيه ما كان متفرقا من أمري، وتوخيت أن تظهر به نعم الأمير عندي ومبلغ ثمنه أربعون ألف درهم، فإن رأى الأمير أن يتحمل عَنْ عبده وصنيعته ما رأى تحمله من هذه النائبة، ويصل ذلك بما تقدم من إحسانه وإنعامه، ويلحقه فيه بنظرائه الذين شملتهم نعم الأمير، وتظاهرت عليهم فعل إن شاء اللَّه.
فوجه إليه بمائة ألف درهم.
أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَر القطيعي أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن همام الشيباني أخبرنا أَبُو مزاحم مُوسَى بن عُبَيْد اللَّهِ بن يحيى بن خاقان المقرئ الخاقاني
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: حضرت الْحَسَن بن سهل وجاءه رجل يستشفع به فِي حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره، فَقَالَ لَهُ الْحَسَن بن سهل: علام تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة، كما أن للمال زكاة؟ ثم أنشأ الْحَسَن يَقُولُ:
فرضت عَلِيّ زكاة ما ملكت يدي ... وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا
فإذا ملكت فجد وإن لم تستطع ... فاجهد بوسعك كله أن تنفعا
أخبرنا القاضي أبو القاسم التّنوخيّ حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن المازني حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي العيناء. قَالَ: لما مات الْحَسَن بن سهل قَالَ أَبِي: والله لئن أتعب المادحين لقد أطال بكاء الباكين، ولقد أصيبت به الأيام، وخرست بموته الأقلام، ولقد كان بقية وفي الناس بقية، فكيف اليوم وقد بادت البرية؟
أخبرني محمد بن علي الصوري أخبرنا الحسن بن حامد الأديب حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد الموصلي قَالَ قرئ عَلَى الْحَسَن بن عليل وأنا أسمع: حدثكم مسعود ابن بشر المازني حَدَّثَنَا يانس بن عَبْد اللَّهِ الخادم. قَالَ: سأل مُحَمَّد بن عبد الملك الزيات أبا دلف الْقَاسِم بن عِيسَى العجلي عرض رقعة عَلَى الْحَسَن بن سهل فعرضها عليه فَقَالَ لَهُ الْحَسَن: نحن فِي شغل عَنْ هذا. فَقَالَ لَهُ أَبُو دلف: مثلك أطال اللَّه بقاءك لا يشتغل عَنْ مُحَمَّد بن عبد الملك. فَقَالَ لخازنه: احمل مع أَبِي دلف إليه عشرين ألف درهم، قَالَ فلما وصلت إِلَى مُحَمَّد كتب إليه بهذين البيتين:
أعطيتني يا ولي الحق مبتديا ... عطية كافأت مدحي ولم ترني
ما شمت برقك حتى نلت ريقه ... كأنما كنت بالجدوى تبادرنى
فعرضها أبو دلف على الْحَسَن بن سهل فَقَالَ: يا غلام احمل إِلَى مُحَمَّد خمسة آلاف دينار.
أخبرني أَبُو القاسم الأزهرى أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة. قال: سنة ست وثلاثين- يعني ومائتين- فيها مات الحسن بن سهل، وقد أتت له سبعون سنة، وكان من أسمح الناس وأكرمهم فحدثني بعض ولده أَنَّهُ رأى سقاء يمر فِي داره، فدعا به فَقَالَ: ما حالتك؟ فشكا ضيقه، وذكر أن لَهُ ابنة يريد زفافها، فأخذ ليوقع لَهُ بألف درهم فأخطأ فوقع بألف ألف درهم، فأتى بها السقاء وكيله فأنكر ذلك، وتعجب أهله منه واستعظموه، وتهيبوا مراجعته، فأتوا
غسان بن عباد بن عباد، وكان غسان أيضا من الكرماء فأتى الْحَسَن بن سهل فَقَالَ لَهُ: أيها الأمير إن اللَّه لا يحب المسرفين، فَقَالَ لَهُ الْحَسَن: ليس فِي الخير إسراف، ثم ذكر أمر السقاء فَقَالَ: والله لا رجعت عَنْ شيء خطته يدي. فصولح السقاء عَلَى جملة منها ودفعت إليه.