Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
https://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=76812#c3189c
سليمان بن علي بن عبد الله
ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو أيوب، ويقال أبو محمد الهاشمي ولد سنة اثنتين وثمانين وعاش ستين سنة.
حدث عن أبيه عن جده عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أهل الجنة عشرون ومئة صنف. ثمانون منها أمتي ".
وحدث عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أمسى كالاً من عمل يديه أمسى مغفوراً له ".
قال القاسم بن موسى: مر على سليمان بن علي ممن يصلح القدور والقصاع، فقال له سليمان: مسلم أنت أو يهودي؟ قال: لا، بل مسلم، قال: يا جارية، أخرجي إلينا ما كان من قصاع وقدور، تحتاج إلى الإصلاح، فأخرج إليه، فقال: انصحني حتى أحدثك بحديث لو مشيت ألف فرسخ لكان قليلاً، فحدث بهذا الحديث.
وحدث عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الولاء ليس بمتحوّل ولا بمتنقل ".
كان سليمان كريماً جواداً. مر برجل يسأل قد تحمل عشر ديات، فأمر له بها كلها، وسع وهو في سطح له نسوة كن يغزلن فقلن: ليت الأمي اطلع علينا فأغنانا، فقام فجعل يدور في قصره، فجمع حلياً من ذهب وفضة وجوهر، وصير ذلك في منديل ثم أمر فالقي إليهن، فماتت إحداهن فرحاً. ورأى عبد الله أخوه رجلاً من آل زياد راكباً على بغل، وعليه شارة حسنة، فقال: من هذا؟ فقال سليمان: مسلم بن حرب بن زياد، فقال: وقد بقي من آل زياد مثل هذا؟ فقال سليمان: نعم، لم أجد إليهم سبيلاً، منعني منهم الحق، قال: أما والله لئن بقيت لهم لأبيدنهم، فبلغ ذلك مسلماً فهرب عن البصرة، فلم يدخلها حتى شخص بعبد الله.
وكان يعتق في كل موسم عشية عرفة مئة نسمة، وبلغت صلاته في الموسم وقريش والأنصار وسائر الناس خمسة آلاف ألف.
قال سليمان بن علي لبعض أصحابه:
ويحك، أين عتبة هذا الذي اقتدى به أهل البصرة؟ قال: فخرج به في الجيش حتى أتى به الجنان فوقف به على عتبة وهو لا يعلم، منكس رأسه، بيده عود ينكت الأرض، فوقف عليه فسلم فرفع رأسه، فقال: وعليكم السلام ورحمة الله. قال: كيف أنت يا عتبة؟ قال: بحال بين حالين، قال: ما هما؟ قال: قدوم على الله بخير أم بشر، ثم نكس رأسه وجعل ينكت الأرض، فقال سليمان بن علي: أرى عتبة قد أحزن نفسه، ولا يبالي ما أصبحنا فيه وأمسينا، ثم قال: يا عتبة، قد أمرت لك بألفي درهم قال: أقبلها منك أيها الأمير على أن تقضي لي معها حاجة، قال: نعم، وسرّ سليمان قال: وما حاجتك؟ قال: تعفيني منها. قال: قد فعلت ثم ولى عنه، وهو يبكي ويقول: قصر إلينا عتبة ما نحن فيه.
لما قدم سليمان بن علي البصرة والياً عليها قيل له إن بالمربد رجلاً من بني سعد مجنوناً سريع الجواب، لا يتكلم إلا بالشعر، فأرسل إليه سليمان بن علي قهرمانه فقال له: أجب الأمير، فامتنع فجره وزبره وخرق ثوبه، وكان المجنون يستقي على ناقة له، فاستاق القهرمان الناقة، وأتى بها سليمان بن علي. فلما وقف بين يديه قال له سليمان: حياك الله يا أخا بني سعد، فقال:
حياك رب الناس من أمير ... يا فاضل الأصل عظيم الخير
إني أتاني الفاسق الجلواز ... والقلب قد طار به اهتزاز
فقال سليمان: إنما بعثنا إليك لنشتري ناقتك. فقال:
ما قال شيئاً في شراء الناقه ... وقد أتى بالجهل والحماقة
فقال: ما أتى؟ فقال:
خرّق سربالي وشق بردتي ... وكان وجهي في الملا وزينتي
قال: أمعتزم على بيع الناقة؟ فقال:
أبيعها من بعد ما لا أوكسُ ... والبيع في بعض الأوابد أوكسُ
فقال: كم شراؤها عليك؟ فقال:
شراؤها عشر ببطن مكه ... من الدنانير الفيام السكة
ولا أبيع الدهر أو أزداد ... إني لربح في الورى معتاد
فقال: بكم تبيعها؟ فقال:
خذها بعشر وبخمس وازنه ... فإنها ناقة صدقٍ مارنه
فقال: فحَطّنا. فقال:
تبارك الله العلي العالي ... تسألني الحطّو أنت العالي
قال: فنأخذها ولا نعطيك شيئاً. فقال:
فأين ربي ذو الجلال الأفضل ... إن أنت لم تخش الإله فافعل
قال: فكم أزن لك فيها؟ فقال:
والله ما ينعشني ما تعطي ... ولا يداني الفقر مني حطي
خذها بما أحببت يا بن عباس ... يا بن الكرام من قريش الراس
فأمر له سليمان بألف درهم وعشرة أثواب. فقال:
إني رمتني نحوك الفجاج ... أبو عيال معدم محتاج
طاوي المطي ضيق المعيش ... فأنبت إن لديك ريشي
ربحتني منك بألف فاخره ... شرفك الله بها في الآخرة
وكسوة طاهرة حسان ... كساك ربي حلل الجنان
فقال سليمان: من يقول إن هذا مجنون! ما كلمت أعرابياً أعقل منه.