Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68191&book=5556#c73aec
وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة, يكنى أبا محمد
- وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة, يكنى أبا محمد. أمه الصعبة بنت الحضرمي وهو عبد الله بن عباد بن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عويف بن مالك بن الخزرج بن إياد بن الصدف بن حضرموت من كندة. قتل يوم الجمل بالبصرة سنة ست وثلاثين. يكنى أبا محمد.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68191&book=5556#d02abc
طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب كنيته أبو محمد وكان يقال له الفياض يعد من البدريين ولم يلحق بدرا كان بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحوران ليتجسس أخبار العير فلحق النبي صلى الله عليه وسلم ببدر بعد فراغه من الوقعة فضرب له صلى الله عليه وسلم بسهمه واجره قتله مروان بن الحكم يوم الجمل بسهم رماه سنة ست وثلاثين وهو بن أربع وستين سنة في شهر رجب وقبره بالبصرة مشهور يزار
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68191&book=5556#75c14a
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، نا سُفْيَانُ، نا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ التَّيْمِ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ يَوْمَ أُحُدٍ»
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُسَدَّدٌ، نا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ الَّتِي وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شُلَّتْ "
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْعِجْلِيُّ، نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ , وَلَا يُبَالِي مَا وَرَاءَ ذَلِكَ»
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْحَلَالِ يَصْطَادُ الصَّيْدَ , أَيَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68191&book=5556#bdd0b1
طلحة بن عبيد الله بن عثمان
ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ابن النضر بن كنانة، أبو محمد التميمي أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الثمانية الذي سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأحد الستة أصحاب الشورى الذي توفي سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنهم راض.
حدث طلحة بن عبيد الله قال: جاء الرجل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته، ولا يُفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل عليّ غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وصيام شهر رمضان، قال: هل عليَّ غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع. وذكر له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزكاة، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال:
لا، إلا أن تطوع. قال: فأجبر الرجل ذاهباً وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أفلح إن صدق.
وعن طلحة قال: دخلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يده سفرجلة فرمى بها إليَّ وقال: دونكها يا أبا محمد فإنها تجمّ الفؤاد.
وأم طلحة بن عبيد الله هي الصعبة بنت الحضرمي وهو عبد الله بن عباد بن مالك بن ربيعة بن أكبر بن مالك بن عويف بن مالك بن الخزرج بن إياد بن الصدف من حضرموت من كندة.
وقتل طلحة يوم الجمل سنة ست وثلاثين، وكان من المهاجرين الأول، كان بالشام في تجارة حيث كانت وقعة بدر، فضرب له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسهمه. فلما قدم قال: يا رسول الله، وأجري؟ قال: وأجرك.
وكان له مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلاء حسن يوم أحد، وقاه بنفسه، واتقى عنه النبل بيده حتى شلت أصبعه وضرب الضربة المصلبة في رأسه، وحمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظهره حتى استقل على الصخرة، وكان قد بدَّن وظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض فلم يستطع فجلس تحته طلحة فنهض حتى استوى عليها. وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك اليوم حين انكشف المشركون لأبي بكر الصديق: يا أبا بكر أوجب طلحة.
قال طلحة بن عبيد الله: حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم أحد من أهل الحرم؟ قال طلحة: نعم، أنا، فقال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلت: ومن أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء، ومخرجه من الحرم ومهاجره إلى نخل وحرّة وسباخ، فإياك أن تُسبق إليه، قال طلحة: فوقع في قلبي ما قال، فخرجت سريعاً حتى قدمت مكة فقلت: هل كان من حدث؟ قالوا: نعم، محمد بن عبد الله الأمين تنبأ وقد تبعه ابن أبي قحافة، قال: فخرجت حتى دخلت على أبي بكر وقلت: أتبعت هذا الرجل؟ قال: نعم، فانطلق إليه فادخل عليه فاتبعه فإنه يدعو إلى الحق، فأخبره طلحة بما قال الراهب، فخرج أبو بكر بطلحة فدخل به على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم طلحة وأخبر رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قال الراهب، فَسُر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فلما أسلم أبو بكر وطلحة بن عبيد الله أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فشدهما في حبل واحد ولم يمنعهما بنو تميم، وكان نوفل يدعى أسد قريش، فلذلك سمي أبو بكر وطلحة: القرينين.
قال مسعود بن حراش: بينا أنا أطوف بين الصفا والمروة فإذا أناس كثير يتبعون أناساً، قال: فنظرت فإذا فتى شاب موثق يداه إلى عنقه، فقلت: ما شأن هؤلاء؟ فقالوا: هذا طلحة بن عبيد الله قد صبأ، وإذا وراءه امرأة تذمره وتسبه، قلت: من هذه المرأة؟ قالوا: هذه أمه الصعبة بن الحضرمي، قالوا: وإن عثمان بن عبيد الله أخا طلحة قرن طلحة مع أبي بكر ليحبسه عن الصلاة ويرده عن دينه، وخرز يده ويد أبي بكر في قِدّ، فلم يرعهم إلا وهو يصلي مع أبي بكر.
وعن ابن عباس قال: أسلمت أم أبي بكر وأم عثمان وأم طلحة وأم الزبير وأم عبد الرحمن بن عوف وأم عمار بن ياسر.
ولما ارتحل سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الخرّار في هجرته إلى المدينة فكان الغد لقيه طلحة بن عبيد الله جائياً من الشام في عير، فكسا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر من ثياب
الشام، وخبّر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن من بالمدينة من المسلمين قد استبطأوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن من بالمدينة من المسلمين قد استبطأوا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعجل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السير، ومضى طلحة إلى مكة حتى فرغ من حاجته، ثم خرج بعد ذلك بآل أبي بكر، فهو الذي قدم بهم المدينة.
ولما آخى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الصحابة بمكة قبل الهجرة آخى بين طلحة والزبير.
وقيل: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مقدمه المدينة مهاجراً قد آخى بين المهاجرين والأنصار يتوارثون دون ذوي الأرحام حتى نزلت آية الفرائض " وَأُولُوْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلِى بِبَعْضٍ في كِتَابِ اللهِ "، فآخى بين طلحة بن عبيد الله وبين أبي أيوب خالد بن زيد.
وعن طلحة قالِ: لما وقى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده يوم أحد فقطعت فقال: حسِّ. فقال له: لو قلت: بسم الله لرأيت بناءك الذي بنى الله لك في الجنة وأنت في الدنيا.
وفي رواية: لو قلت: بسم الله لطارت بك الملائكة والناس ينظرون إليك.
وفي رواية: حملتك الملائكة.
وفي رواية: لو قتل: بسم الله، أو ذكرت الله لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون حتى تلج بك في جو السماء.
قال جابر:
لما كان يوم أُحد وولى الناس كان رسول الله في ناحية في اثني عشر رجلاً من الأنصار وفيهم طلحة بن عبيد الله فأدركه المشركون، فالتفت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: من للقوم؟ فقال طلحة: أنا، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كما أنت، فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فقال: أنت، فقاتل حتى قتل، ثم التفت فإذا بالمشركين فقال: من للقوم؟ فقال طلمة: أنا يا رسول الله، فقال: كما أنت. فقال رجل من الأنصار: أنا، فقال: أنت، فقاتل قتال صاحبه حتى قتل، ثم لم يزل يقول ذلك ويخرج إليهم رجل من الأنصار ويقاتل من قبله حتى يقتل حتى بقي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطلحة بن عبيد الله فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من للقوم؟ فقال طلحة: أنا يا رسول الله، فقاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه فقال: حس، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو قلت: بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون، ثم ردّ الله المشركين.
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان أبو بكر رضي الله عنه إذا ذكر يوم أحد بكى ثم قال: ذاك كله لطلحة، ثم أنشأ يحدث قال: كنت أول من فاء يوم أحد، فرأيت رجلاً يقاتل مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دونه وأراه قال: يحميه قال: فقلت: كن طلحة حيث فاتني ما فاتني، فقلت: يكون رجل من قومي أحبّ إليّ، وبيني وبين المشركين رجل لا أعرفه وأنا اقرب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه وهو يخطف المشي خطفاً لا أخطفه، فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح فانتهينا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه، وقد دخل في وجنتيه حلقتان من حلق المغفر فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليكما صاحبكما يريد طلحة وقد نزف فلم نلتفت إلى قوله قال: فذهبت لأنزع ذاك من وجهه فقال أبو عبيدة: أقسمت عليك بحقي لما تركتني فتركته، فكره أني تناولهما بيده فيؤذي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأزَمَ عليها بفيه
فاستخرج إحدى الحلقتين ووقعت ثنيته مع الحلقة، وذهبت لأصنع ما صنع فقال: أقسمت عليك بحقي لما تركتني قال: ففعل مثلما فعل في المرة الأولى فوقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة. فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتماً فأصلحنا من شأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم أتينا طلحة في بعض تلك الحفار فإذا به بضع وسبعون أو اقل أو أكثر بين طعنة ورمية وضربة فإذا قد قطعت أصبعه فأصلحنا من شأنه.
وفي حديث آخر معناه: من أحب أن ينظر إلى رجل يمشي في الدنيا وهو من أهل الجنة فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله، طلحة ممن قضى نحبه.
وقال طلحة: لما جال المسلمون تلك الجولة، ثم تراجعوا أقبل رجل من بني عامر يجر رمحاً له على فرس كميت أغر مدججاً في الحديد يصيح: أنا ابن ذات الودع، دلوني على محمد، فأضرب عرقوب فرسه، فاكتسعت ثم أتناول رمحه فوالله ما أخطأت به عن حدقته فخار كما يخور الثور، فما برحت به واضعاً رجلي على خده حتى أزرته شَعُوب.
قالوا: ولما كان يوم الجمل وقتل علي من قتل من المسلمين ودخل البصرة جاءه رجل من العرب فتكلم بين يديه ونال من طلحة فزبره علي وقال: إنك لم تشهد يوم أحد وعظم غنائه عن الإسلام مع مكانه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانكسر الرجل وسكت، فقال رجل من القوم: وما كان غناؤه وبلاؤه يوم أحد يرحمه الله؟ فقال عليّ نعم، فيرحمه الله، فلقد رأيته وإنه لَيترِّس بنفسه دون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن السيوف لتغشاه والنبل من كل
ناحية، وإنْ هو إلا جُنة بنفسه لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال قائل: إن كان يوماً قد قتل فيه أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه الجراحة، فقال علي: أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ليت أني غودرت مع أصحاب نُحْصِ الجبل، ثم قال: لقد رأيتني يومئذ وإني لأذبهم في ناحية، وإن أبا دجانة في ناحية يذب طائفة منهم، وإن سعد بن أبي وقاص يذب طائفة منهم حتى فرج الله ذلك كله، ولقد رأيتني وانفردَت منهم يومئذ فرقة خشناء فيها عكرمة بن أبي جهل فدخلت وسطهم بالسيف فضربت به واشتملوا عليَّ حتى أفضيت إلى آخرهم، ثم كررت فيهم الثانية حتى رجعت من حيث جئت، ولكن الأجل استأخر، ويقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وعن عائشة وأم إسحاق ابنتي طلحة قالتا:
جرح أبونا يوم أحد أربعاً وعشرين جراحة وقع منها في رأسه شجة مربعة وقطع نساه يعني عرق النسا وشلت أصبعه وسائر الجراح في سائر جسده، وقد غلبه الغشي، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكسورة رباعيتاه، مشجوج في وجهه قد علاه الغشي وطلحة محتمله يرجع به القهقرى، كلما أدركه أحد من المشركين قاتل دونه حتى أسنده إلى الشعب.
وعن طلحة قال: لقد جرحتُ مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جسدي كله، حتى لقد جرحتُ في ذكري.
وعن طلحة قال: لما رجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أُحُد صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قرأ هذه الآية: " رِجَالٌ صَدَقُوا ما عَاهَدوا واللهَ عَلَيْهِ " الآية كلها، فقام إليه رجل، فقال يا رسول الله، من هؤلاء فأقبلتُ وعليّ ثوبان أخضران، فقال: أيها السائل، هذا منهم.
وعن علي قال: قالوا: حدثنا عن طلحة قال: ذاك امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله عزّ وجلّ: " فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ " طلحة ممن قضى نحبه، لا حساب عليه فيما يستقبل.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سرّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على ظهر الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله ".
وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان على حراء هو وأبو بكر، وعمر، وعلي، وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اهدّ، فما عليك إلا نبي، أو صِدِّيق، أو شهيد ".
وفي حديث آخر زيادة: وسعد، وعبد الرحمن، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل.
قال عبد الرحمن بن الأخنس: كنت عند المغيرة بن شعبة في المسجد، فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فجلس مع المغيرة، فدخل رجل من النَّخَع، فنال من علي بن أبي طالب، فغضب سعيد بن زيد، وقال: ألا أرى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّون عندك، هو يشهد يعني نفسه أنه كان مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عاشر عشرة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ". قال: يصيب الناس، يسألونه: مَن التاسع؟ فقال: أنا، ثم بكى.
وعن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك: " اللهم، إنك باركت لأمتي في صحابتي، فلا تسلبهم البركة، وباركت لأصحابي في أبي بكر، فلا تسلبهم البركة، واجمعْهُم عليه، ولا تعسر أمره، فإنه لم يزل يؤثر أمرك على أمره، اللهم، وأعزّ عمر بن الخطاب، وصبِّر عثمان بن عفان، ووفق علي بن أبي طالب، وثبت الزبير، واغفر لطلحة، وسلم سعداً، ووفق عبد الرحمن بن عوف، وألحق بي السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان ".
وعن علي قال: سمعت أذناي مِن في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: " طلحة والزبير جاراي في الجنة ".
وعن طلحة قال: كان بيني وبين عبد الرحمن بن عوف مال، فقاسمته إياه، وأراد شرباً في أرضي، فمنعته، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فشكاني إليه، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امسكوا رجلاً قد أوجب، فأتاني فبشرني، فقلت: يا أخي، بلغ من هذا المال ما تشكوني فيه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال: قد كان ذاك، قال: فإني أشهد الله، وأشهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لك.
وعن طلحة قال: لما كان يوم أحد سماه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلحة الخير، وفي غزوة العشيرة طلحة الفياض، ويوم حنين طلحة الجود.
عن سلمة بن كهيل قال: ابتاع طلحة بئراً بناحية الجبل، ونحر جزوراً فأطعم الناس، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنه طلحة الفياض.
قال محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي: مرّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة ذي قرد على ماء يقال له بَيْسان، فسأل عنه، فقيل اسمه يا رسول الله بيسان وهو مالح، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا، بل، هو نَعْمان، وهو طيب، فغيّر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الاسم، وغيّر الله الماء، فاشتراه طلحة بن عبيد الله، ثم تصدق به، وجاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما أنت يا طلحة إلا فياض، فلذلك سُمّي طلحة الفياض.
قال طلحة بن عبيد الله:
إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قعد سأل عني، وقال: ما لي لا أرى الصبيح، المليح، الفصيح.
وعن طلحة قال: كان رحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطيبه إليّ، فأتاه رجل يسأله أحدهما. قال: فقال: ذاك إلى طلحة بن عبيد الله، فأتاني، فأعلمني، فأبيت عليه، فرجع إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعلمه، فقال له مثل ذلك، ورجع إلي، فقلت في نفسي، فما بعثه إلا وهو يحب أن يقضي حاجته، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يكاد يُسأل شيئاً إلا فعله، فقلت: لأن آتي مسرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحبُّ إليّ من أن أليّ رحلته، فدفعتها إليه، وأراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سفراً، فأمر أن يرحلها له، فأتاني فقال: أي الرحلتين كانت أحب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقلت الطائفية، فرحله له، ثم قربها إليه. فلما ثارت به انكبت به، فقال: من رحل هذه؟ قالوا: فلان، قال: رُدّوها إلى طلحة، فردت إلي، فقال طلحة: والله ما غششت أحداً في الإسلام غيره لكي ترجع رحلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليه.
وعن عمر أنه قال: ما أحد أحق بهذا الأمر من هؤلاء الذي توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو عنهم راض، ثم سمّى عثمان، وعلياً، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص.
وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: دخلت مع أبي بعض المجالس، فأوسعوا من كل ناحية، فجلس في أدناها ثم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إن من التواضع لله عزّ وجلّ الرضى بالدون من شرف المجالس.
سمع علي بن أبي طالب رجلاً ينشد " الطويل "
فتى كان يدنيه الغنى من صديقه ... إذا ما هو استغنى ويُبعده الفقرُ
قال: ذاك أبو محمد طلحة بن عبيد الله يرحمه الله.
قال: وكان طلحة حسن الوجه، جواداً.
قال قبيصة بن جابر: صحبت طلحة بن عبيد الله فما رأيت رجلاً أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه.
وعن سعدى بنت عوف المُرّيَّة قالت: دخل علي طلحة بن عبيد الله يوماً خاثراً، فقلت له: ما لي أراك خاثراً؟ أرابك منا ريب فنُعتبك؟ فقال: ما رابني منك ريب، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، إلا أنه اجتمع في بيت المال مال كثير قد غمني، قالت: فقلت له: وما يمنعك منه، أرسل إلى قومك فاقسمه بينهم، قالت: فأرسل إلى قومه، فقسمه بينهم. قالت سعدى: فسألت الخازن: كما كان؟ قال: أربع مئة ألف.
وعن الحسن أن طلحة بن عبيد الله باع أرضاً له من عثمان بن عفان بسبع مئة ألف، قال: ثم حملها. فلما جاء بها الرسول قال: إن رجلاً يبيت وهذه في بيته لا يدري ما يطرقه من الله لعزيز بالله، قال: فجعل رسوله يختلف في سِكك المدينة يقسمها، فما أصبح وعنده منها درهم.
وعن طلحة بن عبيد الله أنه أتاه مال من حضرموت سبع مئة ألف. قال: فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: يا أبا محمد، مالي أراك منذ الليلة تململُ، أرابك منا أمر فنُعتبك؟ قال: لا، لعمري، لنعم زوجة المرء أنت، ولكن تفكرت منذ الليلة فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلاقك؟ قال: وما هو؟ قالت: إذا أصبحت دعوت بجفان وقصاع فقسمتها على بيوت المهاجرين والأنصار على قدر منازلهم قال: فقال لها: يرحمك الله، إنك ما علمت موفقة بنت موفَّق، وهي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم. فلما أصبح دعا بجفان وقصاع فقسمها بين المهاجرين والأنصار، فبعث إلى علي بن أبي طالب منها بجفنة، فقالت له زوجته: أبا محمد، أما كان لنا في هذا المال من نصيب؟ قال: فأين كنت منذ اليوم؟ فشأنك بما بقي، قال: فكانت صرة نحو من ألف درهم.
كان طلحة بن عبيد الله يغل بالعراق ما بين أربع مئة ألف إلى خمس مئة ألف،
ويغل بالسرَّاة عشرة آلاف دينار أو أقل أو أكثر، وبالأعراض له غلات، وكان لا يدع أحداً من بني تميم عائلاً إلا كفاه مؤنته ومؤنة عياله، وزوج أياماهم، وأخدم عائلهم، وقضى دين غارمهم، ولقد كان يرسل إلى عائشة إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى على صُبيحة التميمي ثلاثين ألف درهم.
اشترى عبيد الله بن معمر وعبد الله بن عامر بن كريز من عمر بن الخطاب رقيقاً ممن سبى، ففضل عليهما من ثمنهم ثمانون ألف درهم فأمر بهما عمر أن يلزمهما، فمرّ بهما طلحة وهو يريد الصلاة في مسجد سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما لابن معمر يلازم؟ فأخبره خبره، فأمر بالأربعين ألف التي عليه تقضى عنه، فقال عبيد الله بن معمر لعبد الله بن عامر: إنها إن قضيت عني بقيت ملازماً، وإن قضيت عنك لم يتركني طلحة حتى يقضي عني، فدفع إليه الأربعين ألف درهم فقضاها عبد الله بن عامر عن نفسه وخلي سبيله، فمرّ طلحة منصرفاً من الصلاة، فوجد عبيد الله بن معمر يلازم، فقال: ما لابن معمر ألم آمر بالقضاء عنه؟ فأخبر بما صنع، فقال: أما ابن معمر فقد علم أن له ابن عم لا يسلمه، احملوا أربعين ألف درهم، واقضوها عنه، ففعلوا، فخلي سبيل عبيد الله بن معمر.
وكانت غلة طلحة كل يوم ألف وافٍ.
سأل معاوية موسى بن طلحة: كم ترك أبو محمد يرحمه الله من العين؟ قال: ترك ألفي درهم ومئتي ألف درهم ومئتي ألف دينار، وكان ماله قد اغتيل. كان يُغل كل سنة من العراق مئة ألف سوى غلاته من السّراة وغيرها، ولقد كان يدخل قوت أهله بالمدينة سنتهم من مزرعته بقناة كان يزرع على عشرين ناضحاً، وأول من زرع القمح بقناة هو، فقال معاوية: عاش حميداً سخياً شريفاً، وقتل فقيداً، رحمه الله.
وعن سعدى بنت عوف امرأة طلحة بن عبيد الله قالت: لقد تصدق طلحة يوما بمئة ألف، ثم حبسه عن الرواح إلى المسجد أن جمعت له بين طرفي ثوبه.
كان لعثمان على طلحة خمسون ألف درهم فخرج عثمان يوماً إلى المسجد، فقال له طلحة: قد تهياً لك مالك فاقبضه، قال: هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك.
وكان طلحة بن عبيد الله من حلماء قريش وقال: إن أقل عيب الرجل جلوسه في بيته. وكان طلمة لا يشاور بخيلاً في صله ولا جباناً في حرب ولا شاباً في جاريه.
وقال طلحة: الكسوة تظهر النعمة والدهن يذهب البؤس، والإحسان إلى الخادم يكبت الأعداء.
قال طلحة: لما كان يوم أحد ارتجزت بهذا الشعر.
نحنُ حماة غالبٍ ومالكِ
نذبُّ عن رسولِنا المباركِ
نصرفُ عنه القوم في المعاركِ
صرف صفاح الكوم في الْمَباركِ
وما انصرف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم أحد حتى قال لحسان قل في طلحة فقال: " الطويل "
وطلحة يوم الشِّعب آسى محمداً ... على ساعة ضاقت عليه وشقّتِ
يقيه بكفّيه الرماحَ وأسلمت ... أشاجعه تحت السيوف فشلَّتِ
وكان إمام الناس إلا محمداً ... أقام رحا الإسلام حتى استقلَّتِ
وقال أبو بكر الصديق: " البسيط "
حمى نبيَّ الهدى والخيلُ تتبعُهُ ... حتى إذا ما لقوا حامى عن الدينِ
صبراً على الطعن إذ ولت جماعتهم ... والناس من بين مهديّ ومفتونِ
يا طلحة بن عبيد الله قد وجبّت ... لك الجِنانُ وزوّجت المها العينِ
وقال عمر بن الخطاب: " البسيط "
حمى نبيَّ الهدى بالسيف منصلتاً ... لما تولّى جميعُ الناسِ وانكشفوا
قال: فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدقت يا عمر.
قال علقمة بن وقّاص الليثي: لما خرج طلحة والزبير وعائشة لطلب دم عثمان عرجوا من منصرفهما بذات عرق، فاستصغروا عروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما، قال: ورأيت طلحة وأحبّ المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زّوره. قال: فقلت: يا أبا محمد، إني أراك وأحبُّ المجالس إليك أخلاها، وأنت ضارب بلحيتك على زَورك، إن كنت تكره هذا الأمر فدعه، فليس يكرهك عليه أحد، فقال: يا علقمة بن وقاص لا تلمني، كنا أمس يداً واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جبلين، من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان مني في أمر عثمان ما لا أرى كفارته إلا بسفك دمي، وطلب دمه. قال: فقلت: محمد بن طلحة لِمَ تخرجه معك، ولك ولد صغار؟! دعه، فإن كان أمر خلفك في تزهد، قال: هو أعلم، أكره أن أرى أحداً له في هذا الأمر نية، فأردّه، قال: فكلمت محمد بن طلحة في التخلف، فقال: أكره أن أسأل الرجال عن أبي.
حدث رفاعة بن إياس الضبي عن أبيه عن جده قال:
كنت مع علي في الجمل، فبعث إلى طلحة أن القني، فلقيه، فقال: أنشدك الله، أسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم، والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه؟ قال: نعم، وذكره. قال: فلِمَ تقاتلني؟!.
وعن حكيم بن جابر الأحمسي قال: قال طلحة بن عبيد الله يوم الجمل: إنا داهنّا في أمر عثمان، فلا نجد اليوم شيئاً أمثل من أن نبذل دماءنا فيه. اللهم، خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى.
ولما التقى القوم يوم الجمل قام كعب بن سور الأزدي، ومعه المصحف، فنشره بين
الفريقين، ونشدهم الله والإسلام في دمائهم، فما زال بذلك المنزل حتى قتل. فكان طلحة من أول قتيل، وذهب الزبير يريد أن يلحق ببنيه فقتل.
قالوا: وأقبل كعب بن سور حتى أتى عائشة، فقال: أدركي، فقد أبى القوم إلا القتال، لعل الله تعالى يصلح بك، فركبت، وألبسوا هودجها الأدراع، ثم بعثوا جملها، وكان جملها يدعى عسكراً، حملها عليه يعلى بن أمية، اشتراه بمئتي دينار. فلما برزت من البيوت وكانت بحيث تسمع الغوغاء وقفت، فلم تلبث أن سمعت غوغاء شديدة، فقالت: ما هذا؟ فقالوا: ضجة العسكر، قالت: بخير أم بشرّ؟ قالوا: بشرّ. قالت: فأي الفريقين كانت منهم هذه الضجة. فهم المهزومون، وهي واقفة، فما فجئنا إلا الهزيمة، فمضى الزبير من سننه في وجهه فسلك وادي السباع، وجاء طلحة سهم غَرب فخلى ركبته بصفحة الفرس. فلما امتلأ مَوْزَجه دماً وثقل قال لغلامه: أردفني، وأمسكني، وابغني مكانً أنزل فيه، فدخل البصرة وهو يتمثل مثله ومثل الزبير: " الوافر "
فإن تكنِ الحوادثُ أقصدتني ... وأخطاهن سهمي حين أرمي
فقد ضيعت حين تبعتُ سهماً ... سفاهاً ما سفت وضلّ حلمي
ندمتُ ندامة الكسعيِّ لما ... شريتُ رضى بني سهم برغمي
أطعتهم بفرقة آل لأي ... فألقَوا للسباع دمي ولحمي
فلما انهزم الناس في صدر النهار نادى الزبير: أنا الزبير، هلموا إلي أيها الناس، ومعه مولى له ينادي: عن حواريّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنهزمون؟ وانصرف الزبير نحو وادي السباع، واتبعه فرسان، وتشاغل الناس عنه بالناس، فلما رأى الفرسانَ تتبعه عطف عليهم، ففرق بينهم، فكروا عليه. فلما عرفوه قالوا: الزبير، دعوه، فإذا نفر منهم علباء بن الهيثم، ومرّ القعقاع في نفر بطلحة وهو يقول: إلي عباد الله، الصبر، الصبر، فقال له: يا أبا محمد، إنك لجريح، وإنك عما تريد لعليل، فادخل الأبيات، فقال: يا غلام، أدخلني، وابغني مكاناً، فدخل البصرة، ومع غلام ورجلان، واقتتل الناس
بعده، وأقبل الناس في هزيمتهم تلك، وهم يريدون البصرة. فلما رأوا الجمل أطافت به مضر، فعادوا قلباً كما كانوا حيث التقوا، وعادوا في أمر جديد، ووقفت ربيعة البصرة ميمنة، وتميمهم ميسرة، وقالت عائشة: خلِّ يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه، ودفعت إليه مصحفاً، واقبل القوم، وأمامهم السبائية يخافون أن يجري الصلح، فاستقبلهم كعب بالمصحف، وعلي من خلفهم يوزِّعهم، ويأبَون إلا إقداماً. فلما دعاهم كعب رشقوه رشقاً واحداً فقتلوه، ثم راموا أم المؤمنين في هودجها، فجعلت تنادي، يا بني، البقية، البقية ويعلوا صوتها كثرة الله، الله، اذكروا الله والحساب، ويأبون إلا إقداماً، فكان أول شيء أحدثته حين أبَوا أن قالت: أيها الناس، العنوا قتلة عثمان وأشياعهم، وأقبلت تدعو.
وضج أهل البصرة بالدعاء، وسمع علي الدعاء فقال: ما هذه الضجة؟ قالوا: عائشة تدعو ويدعون معها على قتلة عثمان وأشياعها، فأقبل يدعو وهو يقول: اللهم، العن قتلة عثمان وأشياعهم. فأرسلت إلى عبد الرحمن بن عتّاب وعبد الرحمن بن الحارث اثبتا مكانكما، وذمّرت الناس حين رأت أن القوم لا يريدون غيرها، ولا يكفون عن الناس، فازدلفت مضر " البصرة "، فقصفت مضر الكوفة حين زوحم علي، فنخس علي قفا محمد، فقال: احمل، فنكل، فأهوى علي إلى الراية ليأخذها منه، فحمل، فترك الراية في يده، وحملت مضر الكوفة فاجتلدوا قدام الجمل حتى ضرسوا، والمجنِّبات على حالها لا تضع شيئاً، ومع علي أقوام غير مضر فيهم زيد بن صوحان، فقال له رجل من قومه: تنح إلى قومك، مالك ولهذا الموقف؟! ألست تعلم أن مضر بحيالك؟ وأن الجمل بين يديك؟ وأن الموت دونه؟ فقال: الموت خير من الحياة. الموت ما أريد، فأصيب هو وأخوه سيحان، وأرتث صعصعة، واشتدت الحرب. فلما رأى ذلك علي بعث إلى اليمن وإلى ربيعة: أن اجتمعوا على من يليكم، فقام رجل من عبد القيس فقال: ندعوكم إلى كتاب الله، قالوا: كيف يدعونا إلى كتاب الله من لا يقيم حدود الله، ومن قد قتل داعي
الله كعب بن سور، فرمته ربيعة، رشقاً واحداً فقتلوه وقام مسلم بن عبيد العجلي مقامه، فرشقوه رشقاً واحداً، فقتلوه، ودعت يمن الكوفة يمن البصرة فرشقوهم.
ولما رأى مروان بن الحكم طلحة بن عبيد الله في الخيل قال: من ذا؟ قالوا: طلحة، فقال: هذا أعان على عثمان، لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم في ركبته. قال: فما زال الدم حتى مات.
وقيل: إن طلحة قال لمولى له: ابغني مكاناً، قال: لا أقدر عليه، قال: هذا والله سهم أرسله الله، اللهم، خذ لعثمان حتى ترضى، ثم وسدّ حجراً فمات.
وقيل: إن طلحة قال عن الموت: " الطويل "
أرى الموت أعداد النفوس ولا أرى ... بعيداً غداً ما أقربَ اليومَ من غدِ
ولما خرج طلحة حملوه، فقالوا: أين نذهب بك؟ فقال: إن شئتم فشرّقوا، وإن شئتم فغرّبوا، ما رأيت كاليوم قط مصرع شيخ.
رأى علي بن أبي طالب طلحة ملقى في بعض الأودية فنزل، فمسح التراب عن وجهه، ثم قال: عزيز علي أبا محمد بأن أراك مجدّلاً في الأودية، وتحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عُجَري وبُجَري.
قال الأصمعي: معناه: سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي.
وقيل: إن علياً انتهى إلى طلحة وقد مات، فنزل عن دابته، وأجلسه، فجعل يمسح الغبار عن وجهه ولحيته، وهو يترحم عليه، ويقول: ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
ولما قتل طلحة والزبير جعل علي وأصحابه يبكون.
حدث محمد بن عبيد الأنصاري عن أبيه قال: شهدت علياً مراراً يقول: اللهم، إني أبرأ إليك من قتلة عثمان. قال: وجاء رجل يوم الجمل، فقال: ائذنوا لقاتل طلحة، قال: سمعت علياً يقول: بشّره بالنار.
قال أبو حبيبة مولى طلحة: دخلت على علي مع عمران بن طلحة بعدما فرغ من أصحاب الجمل، قال: فرحب به، وأدناه، وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال الله: " وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُوْرِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْواناً على سُرُرٍ مُتَقابِلِيْنَ " فقال: يا بن أخ، كيف فلانة كيف فلانة؟ قال: وسأله عن أمهات أولاد أبيه، قال: ثم قال: لم نقبض أرضكم هذه السنين إلا مخافة أن ينتهبها الناس، يا فلان، انطلق معه إلى ابن قَرظة، مُره فليعطه غلته هذه السنين، ويدفع إلي أرضه. قال: فقال رجلان جالسان ناحية، أحدُهما الحارث الأعور: الله أعدل من ذلك: أن تقتلهم ويكونوا إخواناً في الجنة. قال: قوما أبعدَ أرض الله، وأسحقها، فمن هو إذا لم أكن أنا وطلحة؟ يا بن أخي، إذا كانت لك حاجة فأتنا.
وعن ربعي بن خِراش قال: إني لعند علي جالس إذ جاء ابن طلحة يسلم على علي، فرحب به علي، فقال: ترحب بي يا أمير المؤمنين وقد قتلت والدي، وأخذت مالي؟! قال: أما مالك فهو معزول في بيت المال، فاغدُ إلى مالك فخذه، وأما قولك: قتلت أبي، فإني أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله عزّ وجلّ: " وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُوْرِهِمْ مِنْ غِلٍّ إخْواناً على سُرُرٍ مُتَقابِلِيْنَ " فقال رجل من همدان أعور: الله أعدل من ذلك، فصاح علي صيحة تداعى لها القصر، قال: فمن ذاك إذا لم نكن أولئك؟ وفي رواية
أن الذي قال ذلك ابن الكوا. فقام إليه بدِرَّته فضربه، وقال: أنت لا أم لك وأصحابك تنكرون هذا؟
وعن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال: كان قدر ما ترك طلحة بن عبيد الله من العقار والأموال، وما ترك من الناضّ ثلاثين ألف ألف درهم، ترك من العين إلى ألف ومئتي ألف درهم، ومئتي ألف دينار، والباقي عُروض.
وعن النعمان بن بشير، وكان ممن يسمر مع علي أن علياً خرج فتلا هذه الآية: " إِنَّ الَّذِيْنَ سَبَقَتْ لُهُمْ مِنّا الحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ " قال: أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، فما زال يتلو حتى دخل في الصلاة.
قتل طلحة رضي الله عنه يوم الجمل سنة ست وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة.
وقيل: هو ابن اثنتين وستين سنة.
وقيل: ابن ثلاث وستين، وقيل: ابن ستين سنة.
وعن عائشة بنت طلحة أنها رأت أباها طلحة في المنام فقال لها: يا بنية، حوليني من هذا المكان، فقد أَضرّ بي الندى، فأخرجته بعد ثلاثين سنة أو نحوها، فحولته من ذلك النّز وهو طري لم يتغير منه شيء، فدفن في الهجرتين بالبصرة، وتولى إخراجه عبد الرحمن بن سلامة التميمي.
وعن قيس بن أبي حازم قال: رمى مروان بن الحكم طلحة يوم الجمل في ركبتيه، فجعل الدم يغذو يسيل، فإذا أمسكوه استمسك، فإذا تركوه سال. قال: والله، ما بلغت إلينا سهامهم بعد، ثم قال: دعوه، فإنما هو سهم أرسله الله، فمات، فدفنوه على شط الكلاء، فرأى بعض أهله أنه قال: ألا تريحوني من هذا الماء؟ فإني قد غرقت، ثلاث مرات يقولها، فنبشوه من قبره
أخضر كأنه السلق، فنزفوا عنه الماء، ثم استخرجوه، فإذا ما يلي الأرض من لحيته ووجهه قد أكلته الأرض، فاشتروا داراً من دور آل أبي بكرة فدفنوه فيها.
وعن علي بن زيد بن جدعان قال: كنت جالساً إلى سعيد بن المسيب فقال: يا أبا الحسن، مر قائدك يذهب بك، فتنظر إلى وجه هذا الرجل وإلى جسده، فانطلق، قال: فإذا وجهه وجه زنجي وجسده أبيض، فقال: إني أبيت على هذا وهو يسب طلحة والزبير وعلياً، فنهيته فأبى، فقلت: إن كنت كاذباً فسوّد الله وجهك. فخرجت في وجهه وقرحة فاسودّ وجهه.
Permalink (
الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=68191&book=5556#1ec101
طَلْحَةُ بْن عبيد الله بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ تيم أَبُو مُحَمَّد التيمي الْقُرَشِيّ،
قتل يوم الجمل - قَالَه لنا إِسْمَاعِيل بْن أبان عَنْ علي بْن مسهر عَنْ إِسْمَاعِيل عَنْ قيس - ذكر موته، وَقَالَ غيره: وذلك سنة ست وثلاثين.