(5) عَبْد اللَّه بْن الأهتم (4) .
(5) عَبْد اللَّه قَالَ أَخْبَرَنَا ابْن عيينة (5) عَنْ أَبِي جمرة (6) عمن أخبره عَنْ عَبْد اللَّه بْن الاهتم: انه دخل على عمر بن
عَبْد العزيز فوعظه.
باب الباء (1)
(5) عَبْد اللَّه قَالَ أَخْبَرَنَا ابْن عيينة (5) عَنْ أَبِي جمرة (6) عمن أخبره عَنْ عَبْد اللَّه بْن الاهتم: انه دخل على عمر بن
عَبْد العزيز فوعظه.
باب الباء (1)
عبد الله بن الأهتم واسم الأهتم سمي
ابن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، أبو معمر المنقري.
وفد على سليمان بن عبد الملك رسولاً من يزيد بن المهلب.
قال خالد بن معدان: دخل عبد الله بن الأهتم على عمر بن عبد العزيز مع العامة فلم يفجأ عمر إلا وهو بين يديه يتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد. فإن الله خلق الخلق غنياً عن طاعتهم آمناً لمعصيتهم، والناس يومئذ في المنازل، والرأي مختلفون، والعرب بشر تلك المنازل، أهل الحجر وأهل الوبر وأهل الدبر تحتاز دونهم طيبات الدنيا ورخاء عيشها، لا يسألون الله جماعة، ولا يتلون كتاباً، ميتهم في النار، وحيهم أعمى يحشر مع ما لا يحصى من المرغوب عنه والمزهود فيه. فلما أن أراد الله أن ينشر عليهم رحمته بعث إليهم رسولاً من أنفسهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورحمة الله وبركاته فلم يمنعهم ذلك أن جرحوه في جسمه، ولقبوه في اسمه، ومعه كتاب من الله ناطق لا يقدم إلا بأمره، ولا يرحل إلا بإذنه. فلما
أمر بالعزمة وحمل على الجهاد انبسط لأمر الله فأفلج الله حجته، وأجاز كلمته، وأظهر دعوته، وفارق الدنيا تقياً نقياً.
ثم قام بعده أبو بكر فسلك سنته وأخذ سبيله، وارتدت العرب - أو من فعل ذلك منهم - فأبى أن يقبل منهم بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا الذي كان قابلاً، أشرع السيوف من أغمادها، وأوقد النيران في شعلها ثم ركب بأهل الحق أهل الباطل، فلم يبرح يقطع أوصالهم ويسقي الأرض دماءهم حتى أدخلهم في الذي خرجوا منه، وقررهم بالذي نفروا عنه، وقد كان أصاب من مال الله بكراً يرتوي عليه، وحبشية أرضعت ولداً له فرأى ذلك عند موته غصة في حلقه، فأدى ذلك إلى الخليفة من بعده وفارق الدنيا تقياً نقياً على منهاج صاحبه.
ثم قام بعده عمر بن الخطاب فمصر الأمصار وخلط الشدة باللين. وحسر عن ذراعيه وشمر عن ساقيه، وأعد للأمور أقرانها، وللحرب آلتها. فلما أصابه قين المغيرة بن شعبة أمر ابن عباس يسأل الناس: هل يثبتون قاتله؟ فلما قيل: قين المغيرة بن شعبة استهل بحمد ربه أن لا يكون أصابه ذو حق في الفيء فيحتج عليه بأنه إنما استحل دمه بما استحل من حقه. وقد كان أصاب من مال الله بضعة وثمانين ألفاً فكسر لها رباعه وكره بها كفالة أولاده، فأداها إلى الخليفة من بعده وفارق الدنيا تقياً نقياً على منهاج صاحبه.
ثم إنك يا عمر بني الدنيا، ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها فربيت فيها تلتمسها مظانها. فلما وليتها ألقيتها حيث ألقاها الله، هجرتها وجفوتها وقذرتها إلا ما تزودت منها. فالحمد لله الذي جلا بك حوبتنا، وكشف بك كربتنا فامض ولا تلتفت، فإنه لا يعز على الحق شيء، ولا يذل على الباطل شيء. أقول قولي وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات.
قال أبو أيوب: فكان عمر بن عبد العزيز يقول في شيء قال لي ابن الأهتم: امض ولا تلتفت.
كنا عند الحسن بن علي فأتاه آت فقال: يا أبا سعيد، دخلنا آنفاً على عبد الله بن الأهتم فإذا هو يجود بنفسه فقلنا: أبا معمر، كيف تجدك؟ قال: أجدني والله وجعاً ولا أظنني إلا لمآبي. ولكن ما تقولون في مئة ألف في هذا الصندوق لم تؤد منها زكاة، ولم يوصل منها رحم؟ قلنا: يا أبا معمر، فلمن كنت تجمعها؟ قال: كنت أجمعها لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة. فقال الحسن: البائس، انظروا أنى أتاه شيطانه فحذره روعة زمانه وجفوة سلطانه عما استودعه الله إياه وعمره فيه. فخرج والله منه سليباً حزيناً ذميماً مليماً، إيهاً عنك أيها الوارث لا تخدع عما خدع صويحبك أمامك، أتاك هذا المال حلالاً فإياك وإياك أن يكون وبالاً عليك، أتاك ممن كان له جموعاً منوعاً، يدأب فيه الليل والنهار، ويقطع فيه المغاوز والقفار، من باطل جمعة ومن حق منعه، جمعه فأوعاه وشده فأوكاه، لم يؤد منه زكاة، ولم يصل فيه رحماً، إن يوم القيامة ذو حسرات، وإن أعظم الحسرات غداً أن يرى أحدكم ماله في ميزان غيره، أو تدرون كيف ذاكم؟ رجل آتاه الله مالاً فأمره بإنفاقه في صنوف حقوق الله فبخل به. فورثه هذا الوارث فهو يرى ماله في ميزان غيره، فيا لها عثرة لا تقال وتوبة لا تنال.
ابن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، أبو معمر المنقري.
وفد على سليمان بن عبد الملك رسولاً من يزيد بن المهلب.
قال خالد بن معدان: دخل عبد الله بن الأهتم على عمر بن عبد العزيز مع العامة فلم يفجأ عمر إلا وهو بين يديه يتكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد. فإن الله خلق الخلق غنياً عن طاعتهم آمناً لمعصيتهم، والناس يومئذ في المنازل، والرأي مختلفون، والعرب بشر تلك المنازل، أهل الحجر وأهل الوبر وأهل الدبر تحتاز دونهم طيبات الدنيا ورخاء عيشها، لا يسألون الله جماعة، ولا يتلون كتاباً، ميتهم في النار، وحيهم أعمى يحشر مع ما لا يحصى من المرغوب عنه والمزهود فيه. فلما أن أراد الله أن ينشر عليهم رحمته بعث إليهم رسولاً من أنفسهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورحمة الله وبركاته فلم يمنعهم ذلك أن جرحوه في جسمه، ولقبوه في اسمه، ومعه كتاب من الله ناطق لا يقدم إلا بأمره، ولا يرحل إلا بإذنه. فلما
أمر بالعزمة وحمل على الجهاد انبسط لأمر الله فأفلج الله حجته، وأجاز كلمته، وأظهر دعوته، وفارق الدنيا تقياً نقياً.
ثم قام بعده أبو بكر فسلك سنته وأخذ سبيله، وارتدت العرب - أو من فعل ذلك منهم - فأبى أن يقبل منهم بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا الذي كان قابلاً، أشرع السيوف من أغمادها، وأوقد النيران في شعلها ثم ركب بأهل الحق أهل الباطل، فلم يبرح يقطع أوصالهم ويسقي الأرض دماءهم حتى أدخلهم في الذي خرجوا منه، وقررهم بالذي نفروا عنه، وقد كان أصاب من مال الله بكراً يرتوي عليه، وحبشية أرضعت ولداً له فرأى ذلك عند موته غصة في حلقه، فأدى ذلك إلى الخليفة من بعده وفارق الدنيا تقياً نقياً على منهاج صاحبه.
ثم قام بعده عمر بن الخطاب فمصر الأمصار وخلط الشدة باللين. وحسر عن ذراعيه وشمر عن ساقيه، وأعد للأمور أقرانها، وللحرب آلتها. فلما أصابه قين المغيرة بن شعبة أمر ابن عباس يسأل الناس: هل يثبتون قاتله؟ فلما قيل: قين المغيرة بن شعبة استهل بحمد ربه أن لا يكون أصابه ذو حق في الفيء فيحتج عليه بأنه إنما استحل دمه بما استحل من حقه. وقد كان أصاب من مال الله بضعة وثمانين ألفاً فكسر لها رباعه وكره بها كفالة أولاده، فأداها إلى الخليفة من بعده وفارق الدنيا تقياً نقياً على منهاج صاحبه.
ثم إنك يا عمر بني الدنيا، ولدتك ملوكها وألقمتك ثديها فربيت فيها تلتمسها مظانها. فلما وليتها ألقيتها حيث ألقاها الله، هجرتها وجفوتها وقذرتها إلا ما تزودت منها. فالحمد لله الذي جلا بك حوبتنا، وكشف بك كربتنا فامض ولا تلتفت، فإنه لا يعز على الحق شيء، ولا يذل على الباطل شيء. أقول قولي وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات.
قال أبو أيوب: فكان عمر بن عبد العزيز يقول في شيء قال لي ابن الأهتم: امض ولا تلتفت.
كنا عند الحسن بن علي فأتاه آت فقال: يا أبا سعيد، دخلنا آنفاً على عبد الله بن الأهتم فإذا هو يجود بنفسه فقلنا: أبا معمر، كيف تجدك؟ قال: أجدني والله وجعاً ولا أظنني إلا لمآبي. ولكن ما تقولون في مئة ألف في هذا الصندوق لم تؤد منها زكاة، ولم يوصل منها رحم؟ قلنا: يا أبا معمر، فلمن كنت تجمعها؟ قال: كنت أجمعها لروعة الزمان، وجفوة السلطان، ومكاثرة العشيرة. فقال الحسن: البائس، انظروا أنى أتاه شيطانه فحذره روعة زمانه وجفوة سلطانه عما استودعه الله إياه وعمره فيه. فخرج والله منه سليباً حزيناً ذميماً مليماً، إيهاً عنك أيها الوارث لا تخدع عما خدع صويحبك أمامك، أتاك هذا المال حلالاً فإياك وإياك أن يكون وبالاً عليك، أتاك ممن كان له جموعاً منوعاً، يدأب فيه الليل والنهار، ويقطع فيه المغاوز والقفار، من باطل جمعة ومن حق منعه، جمعه فأوعاه وشده فأوكاه، لم يؤد منه زكاة، ولم يصل فيه رحماً، إن يوم القيامة ذو حسرات، وإن أعظم الحسرات غداً أن يرى أحدكم ماله في ميزان غيره، أو تدرون كيف ذاكم؟ رجل آتاه الله مالاً فأمره بإنفاقه في صنوف حقوق الله فبخل به. فورثه هذا الوارث فهو يرى ماله في ميزان غيره، فيا لها عثرة لا تقال وتوبة لا تنال.