مَرْوَان بن عُثْمَان بن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى الزرقي الْأنْصَارِيّ من أهل الْمَدِينَة يرْوى عَنْ عبيد بْن حنين روى عَنهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة ويَحْيَى بْن سعيد الْأنْصَارِيّ
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 1. مروان بن عثمان22. ابان6 3. ابان ابو مسعر الصريمي1 4. ابان الرقاشي1 5. ابان بن ابي عياش7 6. ابان بن ابي عياش وهو ابن فيروز1 7. ابان بن اسحاق الاسدي الكوفي1 8. ابان بن المحبر3 9. ابان بن المعيطي1 10. ابان بن الوليد2 11. ابان بن الوليد البجلي الواسطي1 12. ابان بن بشير المكتب1 13. ابان بن تغلب الربعي كوفي1 14. ابان بن جبلة ابو عبد الرحمن الكوفي4 15. ابان بن خالد السعدي ابو بكر1 16. ابان بن راشد ابو عياض1 17. ابان بن سعيد بن العاص2 18. ابان بن سليمان ابو عمير الصوري1 19. ابان بن صالح بن عمير القرشي1 20. ابان بن صمعة الانصاري والد عتبة الغلام...1 21. ابان بن طارق2 22. ابان بن عبد الله بن ابي حازم2 23. ابان بن عثمان بن عفان ابو سعيد1 24. ابان بن عمر بن ابي عبد الله الجدلي1 25. ابان بن عمر بن عثمان بن ابي خالد الوالبي...1 26. ابان بن عمران الواسطي الطحان1 27. ابان بن عنبسة بن ابان القرشي1 28. ابان بن يزيد العطار ابو يزيد البصري1 29. ابراهيم2 30. ابراهيم بن عبد الله بن حنين1 31. ابراهيم بن عمر بن سفينة1 32. ابراهيم بن عيسى الخلال1 33. ابراهيم بن ميسرة الطائفي1 34. ابراهيم ابو اسحاق2 35. ابراهيم ابو الحصين2 36. ابراهيم ابو بكير1 37. ابراهيم الازدي ابو اسماعيل1 38. ابراهيم الاصفح1 39. ابراهيم الافطس2 40. ابراهيم البصري1 41. ابراهيم العقيلي2 42. ابراهيم الغبري1 43. ابراهيم القرشي1 44. ابراهيم الكندي3 45. ابراهيم بن اسحاق السواق الواسطي1 46. ابراهيم بن ابراهيم المروزي1 47. ابراهيم بن ابي اسيد المديني1 48. ابراهيم بن ابي العباس ابو اسحاق السامري...1 49. ابراهيم بن ابي الليث3 50. ابراهيم بن ابي بكر الاخنسي2 51. ابراهيم بن ابي بكر بن المنكدر التيمي...3 52. ابراهيم بن ابي بكر بن عياش2 53. ابراهيم بن ابي بكير بن ابراهيم1 54. ابراهيم بن ابي حديد جد ادريس الاودي...1 55. ابراهيم بن ابي حرة3 56. ابراهيم بن ابي حصن1 57. ابراهيم بن ابي حفصة بياع السابري1 58. ابراهيم بن ابي حية ابو اسماعيل1 59. ابراهيم بن ابي خداش بن عتبة بن ابي لهب الهاشمي اللهبي...1 60. ابراهيم بن ابي دليلة2 61. ابراهيم بن ابي سليمان القاص1 62. ابراهيم بن ابي شيبان1 63. ابراهيم بن ابي ضريس1 64. ابراهيم بن ابي عطاء البرجمي2 65. ابراهيم بن ابي عطية الواسطي1 66. ابراهيم بن ابي قبيصة اليماني1 67. ابراهيم بن ابي موسى عبد الله بن قيس الاشعري...1 68. ابراهيم بن ابي ميمونة2 69. ابراهيم بن احمد بن يعيش الهمذاني1 70. ابراهيم بن ادريس عمي1 71. ابراهيم بن ادهم1 72. ابراهيم بن اسحاق5 73. ابراهيم بن اسحاق البناني1 74. ابراهيم بن اسحاق الصيني الكوفي1 75. ابراهيم بن اسحاق بن ابراهيم المزي1 76. ابراهيم بن اسماعيل4 77. ابراهيم بن اسماعيل بن ابي حبيبة الاشهلي الانصاري...1 78. ابراهيم بن اسماعيل بن البصير1 79. ابراهيم بن اسماعيل بن زيد بن مجمع بن جارية الانصاري المديني...1 80. ابراهيم بن اسماعيل بن عبد الله بن ابي ربيعة المخزومي...1 81. ابراهيم بن اسماعيل بن نصر التبان1 82. ابراهيم بن اعين2 83. ابراهيم بن اعين الشيباني العجلي1 84. ابراهيم بن الاسود الكناني2 85. ابراهيم بن الاشعث البخاري خادم الفضيل بن عياض...1 86. ابراهيم بن البراء بن عازب الانصاري2 87. ابراهيم بن الجعد2 88. ابراهيم بن الحجاج السامي1 89. ابراهيم بن الحسن الثعلبي2 90. ابراهيم بن الحسن الكندي2 91. ابراهيم بن الحسن المقسمي2 92. ابراهيم بن الحسن بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري القرشي...1 93. ابراهيم بن الحسن بن نجيح العلاف البصري...1 94. ابراهيم بن الحكم بن ابان1 95. ابراهيم بن الحكم بن ظهير ابو اسحاق1 96. ابراهيم بن الزبرقان التميمي1 97. ابراهيم بن العلاء ابو هارون الغنوي1 98. ابراهيم بن العلاء بن الضحاك بن مهاجر...2 99. ابراهيم بن الفضل بن ابي سويد الذارع1 100. ابراهيم بن الفضل بن سلمان المخزومي المديني...1 ▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 17284 1. مروان بن عثمان22. ابان6 3. ابان ابو مسعر الصريمي1 4. ابان الرقاشي1 5. ابان بن ابي عياش7 6. ابان بن ابي عياش وهو ابن فيروز1 7. ابان بن اسحاق الاسدي الكوفي1 8. ابان بن المحبر3 9. ابان بن المعيطي1 10. ابان بن الوليد2 11. ابان بن الوليد البجلي الواسطي1 12. ابان بن بشير المكتب1 13. ابان بن تغلب الربعي كوفي1 14. ابان بن جبلة ابو عبد الرحمن الكوفي4 15. ابان بن خالد السعدي ابو بكر1 16. ابان بن راشد ابو عياض1 17. ابان بن سعيد بن العاص2 18. ابان بن سليمان ابو عمير الصوري1 19. ابان بن صالح بن عمير القرشي1 20. ابان بن صمعة الانصاري والد عتبة الغلام...1 21. ابان بن طارق2 22. ابان بن عبد الله بن ابي حازم2 23. ابان بن عثمان بن عفان ابو سعيد1 24. ابان بن عمر بن ابي عبد الله الجدلي1 25. ابان بن عمر بن عثمان بن ابي خالد الوالبي...1 26. ابان بن عمران الواسطي الطحان1 27. ابان بن عنبسة بن ابان القرشي1 28. ابان بن يزيد العطار ابو يزيد البصري1 29. ابراهيم2 30. ابراهيم بن عبد الله بن حنين1 31. ابراهيم بن عمر بن سفينة1 32. ابراهيم بن عيسى الخلال1 33. ابراهيم بن ميسرة الطائفي1 34. ابراهيم ابو اسحاق2 35. ابراهيم ابو الحصين2 36. ابراهيم ابو بكير1 37. ابراهيم الازدي ابو اسماعيل1 38. ابراهيم الاصفح1 39. ابراهيم الافطس2 40. ابراهيم البصري1 41. ابراهيم العقيلي2 42. ابراهيم الغبري1 43. ابراهيم القرشي1 44. ابراهيم الكندي3 45. ابراهيم بن اسحاق السواق الواسطي1 46. ابراهيم بن ابراهيم المروزي1 47. ابراهيم بن ابي اسيد المديني1 48. ابراهيم بن ابي العباس ابو اسحاق السامري...1 49. ابراهيم بن ابي الليث3 50. ابراهيم بن ابي بكر الاخنسي2 51. ابراهيم بن ابي بكر بن المنكدر التيمي...3 52. ابراهيم بن ابي بكر بن عياش2 53. ابراهيم بن ابي بكير بن ابراهيم1 54. ابراهيم بن ابي حديد جد ادريس الاودي...1 55. ابراهيم بن ابي حرة3 56. ابراهيم بن ابي حصن1 57. ابراهيم بن ابي حفصة بياع السابري1 58. ابراهيم بن ابي حية ابو اسماعيل1 59. ابراهيم بن ابي خداش بن عتبة بن ابي لهب الهاشمي اللهبي...1 60. ابراهيم بن ابي دليلة2 61. ابراهيم بن ابي سليمان القاص1 62. ابراهيم بن ابي شيبان1 63. ابراهيم بن ابي ضريس1 64. ابراهيم بن ابي عطاء البرجمي2 65. ابراهيم بن ابي عطية الواسطي1 66. ابراهيم بن ابي قبيصة اليماني1 67. ابراهيم بن ابي موسى عبد الله بن قيس الاشعري...1 68. ابراهيم بن ابي ميمونة2 69. ابراهيم بن احمد بن يعيش الهمذاني1 70. ابراهيم بن ادريس عمي1 71. ابراهيم بن ادهم1 72. ابراهيم بن اسحاق5 73. ابراهيم بن اسحاق البناني1 74. ابراهيم بن اسحاق الصيني الكوفي1 75. ابراهيم بن اسحاق بن ابراهيم المزي1 76. ابراهيم بن اسماعيل4 77. ابراهيم بن اسماعيل بن ابي حبيبة الاشهلي الانصاري...1 78. ابراهيم بن اسماعيل بن البصير1 79. ابراهيم بن اسماعيل بن زيد بن مجمع بن جارية الانصاري المديني...1 80. ابراهيم بن اسماعيل بن عبد الله بن ابي ربيعة المخزومي...1 81. ابراهيم بن اسماعيل بن نصر التبان1 82. ابراهيم بن اعين2 83. ابراهيم بن اعين الشيباني العجلي1 84. ابراهيم بن الاسود الكناني2 85. ابراهيم بن الاشعث البخاري خادم الفضيل بن عياض...1 86. ابراهيم بن البراء بن عازب الانصاري2 87. ابراهيم بن الجعد2 88. ابراهيم بن الحجاج السامي1 89. ابراهيم بن الحسن الثعلبي2 90. ابراهيم بن الحسن الكندي2 91. ابراهيم بن الحسن المقسمي2 92. ابراهيم بن الحسن بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري القرشي...1 93. ابراهيم بن الحسن بن نجيح العلاف البصري...1 94. ابراهيم بن الحكم بن ابان1 95. ابراهيم بن الحكم بن ظهير ابو اسحاق1 96. ابراهيم بن الزبرقان التميمي1 97. ابراهيم بن العلاء ابو هارون الغنوي1 98. ابراهيم بن العلاء بن الضحاك بن مهاجر...2 99. ابراهيم بن الفضل بن ابي سويد الذارع1 100. ابراهيم بن الفضل بن سلمان المخزومي المديني...1 ▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī (d. 938 CE) - al-Jarḥ wa-l-taʿdīl - ابن أبي حاتم الرازي - الجرح والتعديل are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=147432&book=5525#2cd2aa
مَرْوَان بن عُثْمَان الزرقي عَن أبي أُمَامَة قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ ضَعِيف
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=106629&book=5525#85371e
مَرْوَان بن عُثْمَان بن عمَارَة بن عَامر يروي عَن أم الطُّفَيْل امْرَأَة
أَبِي بْن كَعْب روى عَنهُ سعيد بن أبي هِلَال
أَبِي بْن كَعْب روى عَنهُ سعيد بن أبي هِلَال
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64418&book=5525#501cf1
مَرْوَان بن الحكم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64418&book=5525#49b56b
مروان بن الحكم
مروان بْن الحكم بْن أَبِي العاص بْن أمية بْن عبد شمس بْن عبد مناف القرشي الأموي، يكنى أبا عَبْد الْمَلِكِ بابنه عَبْد الْمَلِكِ، وهو ابن عم عثمان بْن عفان بْن أَبِي العاص.
ولد عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل: ولد سنة اثنتين من الهجرة، قَالَ مالك: ولد يَوْم أحد، وقيل: ولد يَوْم الخندق، وقيل: ولد بمكة، وقيل: بالطائف.
ولم ير النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه خرج إِلَى الطائف طفلا لا يعقل لِمَا نفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباه الحكم، لِمَا ذكرناه فِي ترجمة أبيه، وَكَانَ مع أبيه بالطائف حَتَّى استخلف عثمان، فردهما، واستكتب عثمان مروان، وضمه إليه، ونظر إليه عَليّ يوما فقال: ويلك، وويل أمة مُحَمَّد منك ومن بنيك، وَكَانَ يقال لمروان: خيط باطل، وضرب يَوْم الدار عَلَى قفاه، فقطع أحد علباويه فعاش بعد ذَلِكَ أوقص، والأوقص الَّذِي قصرت عنقه.
ولما بويع مروان بالخلافة بالشام قَالَ أخوه عبد الرحمن بْن الحكم، وَكَانَ ماجنا حسن الشعر، لا يرى رأي مروان:
فوالله ما أدري وَإِني لسائل حليلة مضروب القفا: كيف تصنع؟
لحا اللَّه قوما أمروا خيط باطل عَلَى الناس، يعطي ما يشاء ويمنع
وقيل: إنما قَالَ عبد الرحمن هَذَا حين استعمل معاوية مروان عَلَى المدينة.
واستعمله معاوية عَلَى المدينة، ومكة، والطائف، ثُمَّ عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، واستعمل عليها سَعِيد بْن أَبِي العاص، وبقي عليها أميرا إِلَى سنة أربع وخمسين، ثُمَّ عزله واستعمل الْوَلِيد بْن عتبة بْن أَبِي سفيان، فلم يزل عليها إِلَى أن مات معاوية، ولما مات معاوية بْن يَزِيدَ بْن معاوية، ولم يعهد إِلَى أحد، بايع بعض الناس بالشام مروان بْن الحكم بالخلافة، وبايع الضحاك بْن قيس الفهري بالشام أيضا لعبد اللَّه بْن الزبير، فالتقيا واقتتلا بمرج راهط عند دمشق، فقتل الضحاك، واستقام الأمر بالشام ومصر لمروان، وتزوج مروان أم خَالِد بْن يَزِيدَ ليضع من خَالِد، وقال يوما لخالد: يا ابن الرطبة الاست، فقال لَهُ خَالِد: أنت مؤتمن خائن وشكى خَالِد ذَلِكَ يوما إِلَى أمه، فقالت: لا تعلمه أنك ذكرته لي، فلما دخل إليها مروان قامت إليه مع جواريها، فغمته حَتَّى مات.
وكانت مدة ولايته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، ومات وهو معدود فيمن قتله النساء.
روى عَنْهُ عَليّ بْن الْحُسَيْن، وعروة بْن الزبير.
وقال فِيهِ أخوه عبد الرحمن:
ألا من مبلغ مروان عني رسولا، والرسول من البيان
بأنك لن ترى طردا لحر كإلصاق بِهِ بعض الهوان
وهل حدثت قبلي عن كريم معين فِي الحوادث أو معان
يقيم بدار مضيعة إذا لَمْ يكن حيران أو خفق الجنان
فلا تقذف بي الرجوين إِنِّي أقل القوم من يغني مكاني
سأكفيك الَّذِي استكفيت مني بأمر لا تخالجه اليدان
ولو أنا بمنزلة جميعا جريت، وأنت مضطرب العنان
ولولا أن أم أبيك أمي وأنت من قد هجاك فقد هجاني
لقد جاهرت بالبغضاء، إِنِّي إلى أمر الجهارة والعلان
مروان بْن الحكم بْن أَبِي العاص بْن أمية بْن عبد شمس بْن عبد مناف القرشي الأموي، يكنى أبا عَبْد الْمَلِكِ بابنه عَبْد الْمَلِكِ، وهو ابن عم عثمان بْن عفان بْن أَبِي العاص.
ولد عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل: ولد سنة اثنتين من الهجرة، قَالَ مالك: ولد يَوْم أحد، وقيل: ولد يَوْم الخندق، وقيل: ولد بمكة، وقيل: بالطائف.
ولم ير النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه خرج إِلَى الطائف طفلا لا يعقل لِمَا نفي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباه الحكم، لِمَا ذكرناه فِي ترجمة أبيه، وَكَانَ مع أبيه بالطائف حَتَّى استخلف عثمان، فردهما، واستكتب عثمان مروان، وضمه إليه، ونظر إليه عَليّ يوما فقال: ويلك، وويل أمة مُحَمَّد منك ومن بنيك، وَكَانَ يقال لمروان: خيط باطل، وضرب يَوْم الدار عَلَى قفاه، فقطع أحد علباويه فعاش بعد ذَلِكَ أوقص، والأوقص الَّذِي قصرت عنقه.
ولما بويع مروان بالخلافة بالشام قَالَ أخوه عبد الرحمن بْن الحكم، وَكَانَ ماجنا حسن الشعر، لا يرى رأي مروان:
فوالله ما أدري وَإِني لسائل حليلة مضروب القفا: كيف تصنع؟
لحا اللَّه قوما أمروا خيط باطل عَلَى الناس، يعطي ما يشاء ويمنع
وقيل: إنما قَالَ عبد الرحمن هَذَا حين استعمل معاوية مروان عَلَى المدينة.
واستعمله معاوية عَلَى المدينة، ومكة، والطائف، ثُمَّ عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، واستعمل عليها سَعِيد بْن أَبِي العاص، وبقي عليها أميرا إِلَى سنة أربع وخمسين، ثُمَّ عزله واستعمل الْوَلِيد بْن عتبة بْن أَبِي سفيان، فلم يزل عليها إِلَى أن مات معاوية، ولما مات معاوية بْن يَزِيدَ بْن معاوية، ولم يعهد إِلَى أحد، بايع بعض الناس بالشام مروان بْن الحكم بالخلافة، وبايع الضحاك بْن قيس الفهري بالشام أيضا لعبد اللَّه بْن الزبير، فالتقيا واقتتلا بمرج راهط عند دمشق، فقتل الضحاك، واستقام الأمر بالشام ومصر لمروان، وتزوج مروان أم خَالِد بْن يَزِيدَ ليضع من خَالِد، وقال يوما لخالد: يا ابن الرطبة الاست، فقال لَهُ خَالِد: أنت مؤتمن خائن وشكى خَالِد ذَلِكَ يوما إِلَى أمه، فقالت: لا تعلمه أنك ذكرته لي، فلما دخل إليها مروان قامت إليه مع جواريها، فغمته حَتَّى مات.
وكانت مدة ولايته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر، ومات وهو معدود فيمن قتله النساء.
روى عَنْهُ عَليّ بْن الْحُسَيْن، وعروة بْن الزبير.
وقال فِيهِ أخوه عبد الرحمن:
ألا من مبلغ مروان عني رسولا، والرسول من البيان
بأنك لن ترى طردا لحر كإلصاق بِهِ بعض الهوان
وهل حدثت قبلي عن كريم معين فِي الحوادث أو معان
يقيم بدار مضيعة إذا لَمْ يكن حيران أو خفق الجنان
فلا تقذف بي الرجوين إِنِّي أقل القوم من يغني مكاني
سأكفيك الَّذِي استكفيت مني بأمر لا تخالجه اليدان
ولو أنا بمنزلة جميعا جريت، وأنت مضطرب العنان
ولولا أن أم أبيك أمي وأنت من قد هجاك فقد هجاني
لقد جاهرت بالبغضاء، إِنِّي إلى أمر الجهارة والعلان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64418&book=5525#42bcfc
مروان بن الحكم
وغيره من بنى أمية
ابن أبى خيثمة: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا القاسم بن الفضل، عن محمد بن زياد قال: قدم مروان المدينة فقام خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر أهل المدينة، إن أمير المؤمنين معاوية حبس نظره لكم، وأنه جعل لكم مفزعًا تفزعون إليه، يريد ابن معاوية، فقام عبد الرحمن بن أبى بكر، فقال: يا معشر بنى أمية، اختاروا منا بين ثلاثة بين سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو سنة أبى بكر، أو سنة عمر، إن هذا الأمر قد كان وفى أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لو ولاه ذلك لكان لذلك أهلاً، ثم كان أبو بكر بعده، فكان فىأهل بيته من لو ولاه ذلك أهلاً لذلك أهلاً، فولاها عمر وقد كان [/ب] فى أهل بيت عمر من لو ولاه ذلك كان لذلك فجعلها فى نفر من المسلمين، ألا وإنما أردتم أن تجعلوها قيصرية كلما مات قيصر كان قيصر.
فغضب مروان فقال لعبد الرحمن: هذا الذى أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا .. } إلى قوله: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} [الأحقاف: ]، ، فقالت عائشة: كذبت، إنما نزل ذلك فى فلان، وأشهد أن الله لعن أباك على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأنت يومئذ فى صلب أبيك، فأنت فى قصص لعنه الله .
ابن أبى خيثمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حكم، حدثنا شعيب بن محمد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدخل عليكم رجل لعين فدخل الحكم بن أبى العاص" .
ابن أبى خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن على بن يزيد، عن أبى عبيدة: أنه
كان يشرب عند عبد الملك بن مروان من الطلاء ما يحمر وجنتاه .
روى ابن أبى خيثمة فى قصة الوليد بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لابن أم سلمة غلام، فسموه وليدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسمون أبناءكم باسم فراعنتكم إنه كائن فى هذه الأمة رجل يقال له: الوليد، أضر عليكم من فرعون على قومه" .
ابن أبى خيثمة، عن بعضهم قال: كنا قعودًا ومعنا صالح بن مسمار". فقالوا: سبق هشام . فقال: إنه والله ما سبق، ولقد أجرا فى غير ما أمر به.
فقال بعضهم: والله إنا نشتهى يراوعنا هذا. قال: أبعدكم الله، والله لوددت أن الناس كلهم مثلى حتى يأتيه فيقول: اعدل فى هذه الأمة وإلا فأغيرك حتى يأتى [/أ] من هو أولى بهذا الأمر منك.
إبن أبى خيثمة، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدى ، حدثنا يونس بن بكير ، عن أبى جعفر الرازى عيسى بن عبد الله التيمى ، عن الربيع بن أنس البكرى ، قال: لما أسرى بالنبى - صلى الله عليه وسلم - رأى فلانًا وهو بعض بنى أمية على الخبر يخطب على الناس فشق ذلك على رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عز وجل: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: ] .
ابن أبى خيثمة: حدثنا مصعب بن عبد الله ، حدثنا ابن أبى حازم ، عن العلاء ، عن أبى هريرة: أن رسوق الله - صلى الله عليه وسلم - رأى فى المنام بنى الحكم يرقون منبره ينزون عليه فأصبح كالمغيظ، قال: "إنى رأيت بنى مروان ينزون نزوة القردة"، فما
استجمع ضاحكًا حتى مات - صلى الله عليه وسلم - .
ابن أبى خيثمة: حدثنا يحيى بن معنِ، حدتنا عبد الله بن نمير، عن سفيان الثورى، عن على بن يزيد، عن سعيد بن المسيب فى قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ].
قال: رأى ناسًا من بنى أمية على المنابر، فساءه ذلك، فقيل له: إنما هى دنيا يعطونها فسرى عنه .
ابن أبى خيثمة: حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا حشرج بن نباتة ، عن سعيد ابن جمهان قال: قلت لسفينة: إن بنى أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال: كذب بنو
الزرقاء، بل ملوك من شر الملوك.
عثمان بن أبى رواد قال: سمعت الزهرى يقول: دخلنا على أنس بن مالك بدمشق وهو وحده يبكى، قلنا: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وقد ضيعت.
التبوذكى، حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبى يحيى، قال: كنت بين الحسن والحسين رضى الله عنهما، والحسين ومروان يتشاتمان فقال مروان: أهل البيت ملعونون.
فغضب الحسين وقال: أقلت أهل البيت ملعونون فوالله لقد [/ب] لعنك الله وأنت فى صلب أبيك .
ابن أبى خيثمة، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا يعقوب بن جعفر بن أبى كثير، عن مهاجر بن مسمار قال: أخبرتنى عائشة بنت سعيد : أن مروان بن الحكم (*) جاء يعود سعد بن أبى وقاص وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاض لمروان. فقال سعد: ردوه.
فقال أبو هريرة: سبحان الله، كهل قريش وأمير البلد جاء يعودك، فكان حق ممشاه عليك أن ترده. فقال سعد: ائذنوا له، فلما دخل مروان فأبصره سعد يولى وجهه وأرعد وقال: ويلك يا مروان إنه طاغيتك عن شتم على بن أبى طالب، فقام مروان وخرج مغضبًا.
قال: حدثنا إبراهيم بن عروة، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبى، قال: سمعت محمد ابن إسحاق، يحدث عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة يصلى عند قبر النبى - صلى الله عليه وسلم -، فخرج عليه مروان فقال: تصلى عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ إنى ابن حبه أو أحبه.
وقال: قولا قبيحا ثم أدبر، فانصرف، وقال أسامة: يا مروان إنك قد آذيتنى وإنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الله يبغض الفاحش المتفحش وأنت فاحش متفحش" .
عمرو بن مرزوق ، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة ، عن أبى البخترى ، عن أبى سعيد قال: لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ]، قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ختمها ثم قال: "أنا وأصحابى حيز والناس حيز".
قال أبو سعيد: فحدثت بهذا الحديث مروان بن الحكم، وكان أميرًا على المدينة.
قال: وعنده زيد بن ثابت، ورافع بن خديج، قاعدين معه على السرير.
قال: فقال مروان: كذبت.
فقال أبو سعيد: أما هذين لو شاء لحدثاك، ولكن هذا يخشى أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة، يعنى زيد بن ثابت.
قال: فرفع عليه الدرة، فلما رأيا ذلك قالا: صدق يتلوه عمرو بن مروان، وصلى الله على سيدنا محمد النبى وآله وسلم كثيرًا.
* * *
الجزء الثالث من كتاب قبول الأخبار ومعرفة الرجال
تأليف
أبى القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخى
[/ أ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبى وآله الطيبين وسلم تسليمًا وحسبنا الله.
عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا عمران القطان، عن قتادة، عن الجارود بن أبى سبرة الهذلى قال: نظر مروان إلى طلحة يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأرى بعد اليوم، فرماه بسهم فقتله .
ابن أبى خيثمة قال: حدثنا يعقوب بن حميد ، حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبى هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ولد الحكم بن أبى العاص يرقون منبره وينزلون، فأصبح كالمغيظ فقال: "ما بال آل الحكم ينزون على منبرى نزو القرود". قال: فما استجمع ضاحكًا حتى مات - صلى الله عليه وسلم -.
ابن أبى خيثمة، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا يوسف الماجشون ، عن المطلب بن
السائب بن أبى وداعة ، قال: كنت جالسًا مع سعيد بن المسيب بالسوق فمر يزيد ببنى مروان فقال له سعيد: من رسل بنى مروان أنت؟ قال: نعم.
قال: فكيف تركت بنى مروان؟ قال: بخير.
قال: تركتهم يجيعون الناس، ويشبعون الكلاب.
قال: فاشرأب الرسول؟ فقمت إليه، فلم أزل أزجيه حتى انطلق، قال: ثم أتيت سعيدًا فقلت له: يغفر الله لك تشيط بدمك بالكلمة هكذا تلقيها.
قال: اسكت يا أحمق فوالله ما يسلمنى الله ما أخذت بحقوقه .
عبد الرزاق قال: قال معمر: أريد يحيى بن أبى كثير على البيعة لبعض بنى أمية، فأتى حتى ضرب وفعل به كما فعل بابن المسيب.
ابن أبى خيثمة، حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا على بن مسهر ، حدثنا إسماعيلٍ بن خالد، عن قيس بن أبى حازم: أن مروان بن الحكم أبصر طلحة بن عبيد الله واقفا يوم الجمل فقال: لا أطلب بثارى بعد اليوم، فرماه بسهم فأصاب فخذه، فشكها بسرجه فانتزع السهم، فكان إذا أمسكوا الجرح انتفخت الفخذ وإذا أرسلوها سالت.
أحمد، حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ضمرة، عن مالك بن أبى المورع، حدثنى صالح بنِ عبد الرحمن قال: [/ب] عرضنا السجون بعد الحجاج فوجدنا ثلاثة وثلاثين ألفًا، لا يحل على أحد منهم لا قطع ولا صلب، وكان صالح بن عبد الرحمن عاملاً لسليمان بن عبد الملك.
ابن أبى خيثمة، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا أبو قطن، حدثنا شعبة، عن أبى بكر بن حفص قال: كانوا يرون أن الحسن بن على وسعد بن أبى وقاص سُمَّا.
قال: حدثنا الحوطى عبد الوهاب بن نجدة ، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، حدثنى ربيعة بن يزيد قال: قصدت إلى الشعبى بدمشق فى خلافة عبد الملك، فحدث رجل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اعبدوا ربكم ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأطيعوا الأمر، فإن كان خيرًا فلكم، وإن كان شرًا فعليهم وأنتم منه براء". قال الشعبى: كذبت .
قال: وحدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدى ، حدثنا عمرو بن هاشم الجنبى ، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن عامر قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو مسند ظهره إلى الكعبة وهو يقول: ورب هذا البيت الحرام إن الحكم بن أبى العاص وولده
ملعونون على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: حدثتا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبى أنيسة، عن عروة بن مرة، عن إبراهيم النخعى قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقًا، فقال له عمارة بن عقبة: تستعمل رجلاً من بقايا قتلة عثمان رحمه الله.
قال. مسروق: حدثنا عبد الله بن مسعود، وكان عندنا موثوق الحديث، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لما أمر بقتل أبيك (*) قال: "من للصبية". قال: النار قد رضت لك، ما جعل لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ابن أبى عمرو قال: حدثنا سفيان، يعنى ابن عيينة، عن ابن أبى نجيح قال: كان ابن عمر إذا رأى سائلاً قال: حقوقكم عند معاوية.
مخلد بن مالك : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن حبيب، عن أبى العالية قال: لما قتل الحجاج ابن الزبير صعد المنبر يوم الجمعة فخطب، فلم يزل يتكلم حتى أمسي فقام إليه ابن عمر فقال: الصلاة فإنك شاب معجب. فقال: اجلس فإنك شيخ قد ذهب عقلك.
إسحاق: أخبرنا يحيى، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبى حصين قال: لقد رأيتنى
أطوف بالبيت وإنه لحممه، وأن الحجر لملقاة فرقان، حين احترق أيام ابن الزبير.
[/أ] ابن أبى خيثمة: حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة البخارى ، حدثنا معتمر ابن سليمان قال: سمعت ابن الحكم الغفارى قال: كنت جالسًا مع الحسن وأبى العالية، فقال الحسن لأبى العالية: أرأيت قول هؤلاء الطاغية فى المعصية، يعنى الشيطان؟ قال: سمعت عمر ينادى لا معصية فى طاعة الله. قال: أنت سمعته من عمر؟ قال: نعم، قال: حسبى حسبى.
قال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا أبان، حدثنا محمد بن رافع أبو رافع ، قال: سألت أبا العالية أين أضع زكاة مالى؟ قال: أين شئت، ولا تحدث بهذا الحديث ما عشت.
هوذة، حدثنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: قال يعنى أنس بن مالك لأبى بكرة: إنه، يعنى زيادًا، يقول: ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟
ألم أستعمل عبيد الله على فارس؟ ألم أستعمل روادًا على دار الرقيق فهل زاد على أن أدخلهم النار .
موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عاصم بن سنان الرواسى قال: حدثتنى أمى قالت: بعث حطان بن عبد الله الرقاشى إلى حرورية خرجت، فلما ركب فرسه رفع يديه فقال: اللهم إن كان لى عندك خير فاقبضنى إليك ولا أخرجن فما بعث لهم أبدًا.
ابن أبى خيثمة، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا المهاجر قال: قال أبو العالية: لقد جمعت مع الححاج حتى استحييت من ربى، ولقد تركت الصلاة معه حتى استحييت من ربى .
حرب بن إسماعيل السيرجانى، حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأوزاعى، عن عمير بن هانى ، قال: كنت أسمع ابن عمر يقول لعبد الملك بن مروان ولابن الزبير ولجنده: ديان النار لم تقام الصلاة فتصلى مع هؤلاء ومع هولاء .
ابن أبى خيثمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: قال لى حماد بن سلمة: إن دعاك
الأمير تقرأ عليه سورة من القرآن فلا تأته .
قال: حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: قال لى محمد بن مروان : أفى الديوان أنت؟ قلت: لا، فما يمنعك أن تكتب فى الديوان؟ .
قلت: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سهم، والزكاة سهم، وصيام رمضان سهم، والحج سهم.
قال: ما كنت أحسب أن لأحد فى [/ب]، الإسلام سهمًا. إن من كان فى الديوان. ثم ذكر حديثًا طويلاً .
قال: حدثنا مصعب بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة أو غيره فى الحديث الطويل الذى ذكر فيه رملة بنت معاوية ، وعمرو بن عثمان قال: فكتب معاوية إلى مروان:
أو أضع رجل بعد أخرى تعدنا
... عديد الحصى ما إن تزال تكاثر
وأمكم ترخى التوأم لبعلها
... وأم أخيكم كزة الرحم عاقر
أشهد يا مروان أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا بلغ ولد الحكم ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً، ودين الله دخلاً، وعباد الله خولاً" .
قال: حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة: مثل ذلك .
قال: حدثنا عن هوذة بن خليفة، حدثنا عوف، عن أبى عثمان النهدى، قال: كنت خليلاً لأبي بكرة فقال لى يومًا: أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء فما الدنيا وقد استعملوا عبيد الله، يعنى ابنه، على فارس، واستعملوا روادًا على دار الرزق، واستعملوا عبد الرحمن، يعنى ابنه، على الديوان وبيت المال، أفليس فى هولاء دنيًا؟
كلا والله ولكن إنما عبت عليهم لأنهم كفروا . وذكر كلمة.
قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: سمعت أبا شهاب قال: سمعت سفيان يقول لرجل: إن دعوك أن تقرأ عليهم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فلا تأتهم.
قلت لابن شهاب: من يعنى؟ قال: السلطان .
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: قال سفيان الثورى: مساكين أهل السوق يجهزون الجيوش .
قال: وأخبرنى سليمان بن أبى شيخ قال: حدثنى سعدويه. قال: ذكر لعباد بن العوام رجل ولى القضاء، فذكر من عفافه وصلاحه. فقال عباد: من ظن أنه يلى
لهؤلاء شيئَا فيخلون بينه وبين العدل فبئس ما ظن .
* * *
قال: حدثنا هوذة بن خليفة ، حدثنا هشام بن حسان ، عن الحسن قال: مر بى أنس بن مالك وقد بعثه زياد إلى أبى بكرة يعاتبه، فانطلقت معه فدخلنا على الشيخ وهو مريض فأبلغه عنه وقال: إنه يقول: ألم أستعمل عبيد الله على فارس، ألم أستعمل رواد على دار الرقيق، ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال.
قال أبو بكرة: هل زاد على أن أدخلهم النار. [/أ] قال أنس: ما أعلمه إلا مجتهدًا. فقال الشيخ: أقعدونى إنى لا أعلمه إلا مجتهدًا، أهل حرورا قد اجتهدوا فأصابوا أو أخطأوا. قال أنس: فرجعنا مخصومين. كذا كان فى الكتاب وأحسبه قال: الحسن .
الرياشى عن أبى سليمان بن أبى رجاء قال: بلغنى أن سعيد بن عبد الملك بن مروان كان يقال له: سعيد الخير، وكان من خيارهم، قدم الكوفة فأتاه الناس والفقهاء فقال: لولاما جاء فى حلف الله لحلفت على أهل بيتى.
قال الشعبى: قد أنكرت أن يكون فى هؤلاء أحد فيه خير .
أبو بكر: عن معروف المكى قال: كان ابن عباس عند معاوية، فأعرض عنه ابن
عباس فقال له معاوية: ما لك معرضاً عنى؟ والله لأنا كنت أحق بالخلافة من ابن عمك.
فقال له ابن عباس: بأى شئ؟ بأن كان مؤمنًا وكنت كافرًا؟ قال: لأنى ابن عم عثمان. قال ابن عباس: فابن عمه خير من ابن عمك. قال: إن عثمان قتل مظلومًا. قال: فهذا إذاً أحق بها منك، قد قتل أبوه قبل عثمان مظلومًا يعنى ابن عمر. قال معاوية: إن أبا هذا قتله كافر، وقتل عثمان المسلمون. قال ابن عباس: فذاك والله أدحض لحجتك، قال معاوية يرحمك الله .
أبو بكر الهذلى قال: كنا عند الحسن البصرى، فأتاه صديق له يكنى أبا محمد، فقال له أبا محمد: أين كنت؟ قال: خرجت إلى الأمير خالد بن عبد الله، فرفعت إليه مظلمة فقال: ليس هذه إلى إنما هذه إلى أمير المؤمنين، فخرجت إلى هشام فرفعت مظلمتى، فأمر بها فأخرجت إلى الديوان وأحسن فيها الكتاب، ثم إن الطاعون وقع فخرج هشام هاربًا من الطاعون، فاستوى الحسن جالسًا وكان متكئاً فقال: الحمد لله. يقول قائلهم: أنا خليفة الله، اختارنى بعمله واصطفانى بقدرته ليجرى أمره على عباده وبلاده إلا أن حقى فيكم كحق نبيكم صلى الله عليه وعليكم.
ومن قتل معى كان حيًا سعيدًا عبد الله والله ما التمس [/ب] الخلافة لولدى
بعدى مخافة العيلة عليكم، ولكنى أحب أن أوجبهم ولاية الله؛ فإن الله لا يستخلف عبدًا حتى يتولاه، ولن يتولاه حتى يوجب الطاعون.
فقال: قربوهما ليجئ، وهاتوا نجائبى أفر من ربى فينظر الله إليه معاجزًا له فى الأرض، أى أحيمق أتفر من الله وأنت تزعم أن لك الجنة إذا مت؟ ويحك كيف اخترت دمشق وأعوازها على ماجورة الرحمن فى ذوات أفنان فى جنات عدن، يا أفسق الفاسقين، اختلف قولك وعملك، كان عملك أولى بك من قولك، ثم اتكئ.
قال: وكان الحسن يقول فى مجلسه: ألا لا يكون أحدكم محبًا فى الله وليًا حتى يكون فى الله مبغضًا عدوًا، والله لو أن أحدكم جاءته عنزة يطلع من رجلها لقال: من فعل هذا بك عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فأمر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم. فقام إليه رجل فقال: يا أبا سعيد لو أمسكت قليلاً فإن للقوم فى أعناقنا بيعة.
قال: فنفر به الحسن ثم قال: بيعة لا أم لك، إنما البيعة التى يحب الله أن يوفى بها لإمام عادل رضى نقى زكى، وفى أحد صفقة المسلمين يرضى منهم، وأخذوا صفقته فأطاعوه ما أطاع الله، فإذا عصى الله فلا تبعة له فى رقابهم، ولا طاعة له عليهم، أفاسق وضع سيفه على عاتقه يحبط أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: بايعونى ولابنى من بعدى ألا لا بيعة لك ولا كرامة، ألا لا بيعة لك ولا كرامة .
المدائنى قال: قال الحسن: قدم علينا عبد الله بن زياد، فقدم شابًا مترفاً جبارًا سفاكًا له فى كل يوم خمس أكلات، إن أخطأته واحدة ظل لها صريعًا يبكى على شماله ويأكل بيمينه حتى إذا [/أ] كظمه ما أكل قال: يا جارية ابغينى حاطوما ثكلتك أمك هل تحطم إلا دينك، فدخل عليه عبد الله بن معقل أو عبيد الله بن معقل فقال: انته عما تصنع. قال له: ما أنت وذاك؟ وأنت من حثالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال له: لا
أم لك وهل فى أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حثالة .
أيوب ، عن أبى قلابة ، عن أبى الأشعث قال: كنا فى غزاة وعلينا معاوية، فأصبنا ذهبًا وفضة، فأمر معاوية رجلاً يبيعها للناس فى أعطياتهم، فسارع الناس فيها.
فقام عبادة بن الصامت فنهاهم، فردوها، فأتى الرجل معاوية فشكى إليه، فقام معاوية خطيبًا فقال: ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث يكذبون فيها لم نسمعها. فقام عبادة بن الصامت فقال: والله لنحدثن، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كره معاوية .
أحمد بن إشكاب ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأعمش، عن سالم بن أبى الجعد ، عن على بن علقمة ، عن ابن مسعود قال: إن لكل شئ آفة وآفة الدين بنو أمية.
محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبى زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، قال:
حدثنى أبو مالك رب هذه الدار قال: سمعت أبا برزة الأسلمى يقول: كنا جلوسًا حول النبى - صلى الله عليه وسلم - فسمعنا غناء، فتشرفنا له فقام رجل فاستمع، ثم رجع، فقال: يا رسول الله هذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان وأحدهما يجيب صاحبه يقول:
لا يزال جوادى تلوح عظامه
... زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا
فرفع النبى - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: "اللهم أركسهما فى الفتنة ركسًا ودعهما إلى النار دعًا" .
بقية : عن الوليد بن محمد بن يزيد، سمع محمد بن على، ومر به رجل من ولد زياد فقال: هذا ابن زياد الذى ادعاه معاوية؟ قالوا: نعم.
فقال: بلغنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليفتقن رجل من ولد أبى سفيان فى الإسلام فتفا لا يشيده شئ" [/ب] قال شعبة: خفت النار إن أحدث عنه.
ابن أبى خيثمة قال: قال يحيى بن معين: حكيم بن جبير ليس بشئ.
قال: وقال على بن المدينى: بلغنى عن معاذ بن معاذ قال: سأل شعبة، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن فى الصدقة؟ قال: أخاف النار إن حدثت عنه .
* * *
وغيره من بنى أمية
ابن أبى خيثمة: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا القاسم بن الفضل، عن محمد بن زياد قال: قدم مروان المدينة فقام خطيبًا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر أهل المدينة، إن أمير المؤمنين معاوية حبس نظره لكم، وأنه جعل لكم مفزعًا تفزعون إليه، يريد ابن معاوية، فقام عبد الرحمن بن أبى بكر، فقال: يا معشر بنى أمية، اختاروا منا بين ثلاثة بين سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو سنة أبى بكر، أو سنة عمر، إن هذا الأمر قد كان وفى أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لو ولاه ذلك لكان لذلك أهلاً، ثم كان أبو بكر بعده، فكان فىأهل بيته من لو ولاه ذلك أهلاً لذلك أهلاً، فولاها عمر وقد كان [/ب] فى أهل بيت عمر من لو ولاه ذلك كان لذلك فجعلها فى نفر من المسلمين، ألا وإنما أردتم أن تجعلوها قيصرية كلما مات قيصر كان قيصر.
فغضب مروان فقال لعبد الرحمن: هذا الذى أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا .. } إلى قوله: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} [الأحقاف: ]، ، فقالت عائشة: كذبت، إنما نزل ذلك فى فلان، وأشهد أن الله لعن أباك على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأنت يومئذ فى صلب أبيك، فأنت فى قصص لعنه الله .
ابن أبى خيثمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حكم، حدثنا شعيب بن محمد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدخل عليكم رجل لعين فدخل الحكم بن أبى العاص" .
ابن أبى خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن على بن يزيد، عن أبى عبيدة: أنه
كان يشرب عند عبد الملك بن مروان من الطلاء ما يحمر وجنتاه .
روى ابن أبى خيثمة فى قصة الوليد بن عبد الملك، عن سعيد بن المسيب، قال: ولد لابن أم سلمة غلام، فسموه وليدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسمون أبناءكم باسم فراعنتكم إنه كائن فى هذه الأمة رجل يقال له: الوليد، أضر عليكم من فرعون على قومه" .
ابن أبى خيثمة، عن بعضهم قال: كنا قعودًا ومعنا صالح بن مسمار". فقالوا: سبق هشام . فقال: إنه والله ما سبق، ولقد أجرا فى غير ما أمر به.
فقال بعضهم: والله إنا نشتهى يراوعنا هذا. قال: أبعدكم الله، والله لوددت أن الناس كلهم مثلى حتى يأتيه فيقول: اعدل فى هذه الأمة وإلا فأغيرك حتى يأتى [/أ] من هو أولى بهذا الأمر منك.
إبن أبى خيثمة، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدى ، حدثنا يونس بن بكير ، عن أبى جعفر الرازى عيسى بن عبد الله التيمى ، عن الربيع بن أنس البكرى ، قال: لما أسرى بالنبى - صلى الله عليه وسلم - رأى فلانًا وهو بعض بنى أمية على الخبر يخطب على الناس فشق ذلك على رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله عز وجل: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: ] .
ابن أبى خيثمة: حدثنا مصعب بن عبد الله ، حدثنا ابن أبى حازم ، عن العلاء ، عن أبى هريرة: أن رسوق الله - صلى الله عليه وسلم - رأى فى المنام بنى الحكم يرقون منبره ينزون عليه فأصبح كالمغيظ، قال: "إنى رأيت بنى مروان ينزون نزوة القردة"، فما
استجمع ضاحكًا حتى مات - صلى الله عليه وسلم - .
ابن أبى خيثمة: حدثنا يحيى بن معنِ، حدتنا عبد الله بن نمير، عن سفيان الثورى، عن على بن يزيد، عن سعيد بن المسيب فى قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ].
قال: رأى ناسًا من بنى أمية على المنابر، فساءه ذلك، فقيل له: إنما هى دنيا يعطونها فسرى عنه .
ابن أبى خيثمة: حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا حشرج بن نباتة ، عن سعيد ابن جمهان قال: قلت لسفينة: إن بنى أمية يزعمون أن الخلافة فيهم. قال: كذب بنو
الزرقاء، بل ملوك من شر الملوك.
عثمان بن أبى رواد قال: سمعت الزهرى يقول: دخلنا على أنس بن مالك بدمشق وهو وحده يبكى، قلنا: ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئًا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وقد ضيعت.
التبوذكى، حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبى يحيى، قال: كنت بين الحسن والحسين رضى الله عنهما، والحسين ومروان يتشاتمان فقال مروان: أهل البيت ملعونون.
فغضب الحسين وقال: أقلت أهل البيت ملعونون فوالله لقد [/ب] لعنك الله وأنت فى صلب أبيك .
ابن أبى خيثمة، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا يعقوب بن جعفر بن أبى كثير، عن مهاجر بن مسمار قال: أخبرتنى عائشة بنت سعيد : أن مروان بن الحكم (*) جاء يعود سعد بن أبى وقاص وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاض لمروان. فقال سعد: ردوه.
فقال أبو هريرة: سبحان الله، كهل قريش وأمير البلد جاء يعودك، فكان حق ممشاه عليك أن ترده. فقال سعد: ائذنوا له، فلما دخل مروان فأبصره سعد يولى وجهه وأرعد وقال: ويلك يا مروان إنه طاغيتك عن شتم على بن أبى طالب، فقام مروان وخرج مغضبًا.
قال: حدثنا إبراهيم بن عروة، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبى، قال: سمعت محمد ابن إسحاق، يحدث عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة يصلى عند قبر النبى - صلى الله عليه وسلم -، فخرج عليه مروان فقال: تصلى عند قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ إنى ابن حبه أو أحبه.
وقال: قولا قبيحا ثم أدبر، فانصرف، وقال أسامة: يا مروان إنك قد آذيتنى وإنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الله يبغض الفاحش المتفحش وأنت فاحش متفحش" .
عمرو بن مرزوق ، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة ، عن أبى البخترى ، عن أبى سعيد قال: لما نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ]، قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ختمها ثم قال: "أنا وأصحابى حيز والناس حيز".
قال أبو سعيد: فحدثت بهذا الحديث مروان بن الحكم، وكان أميرًا على المدينة.
قال: وعنده زيد بن ثابت، ورافع بن خديج، قاعدين معه على السرير.
قال: فقال مروان: كذبت.
فقال أبو سعيد: أما هذين لو شاء لحدثاك، ولكن هذا يخشى أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة، يعنى زيد بن ثابت.
قال: فرفع عليه الدرة، فلما رأيا ذلك قالا: صدق يتلوه عمرو بن مروان، وصلى الله على سيدنا محمد النبى وآله وسلم كثيرًا.
* * *
الجزء الثالث من كتاب قبول الأخبار ومعرفة الرجال
تأليف
أبى القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخى
[/ أ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبى وآله الطيبين وسلم تسليمًا وحسبنا الله.
عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا عمران القطان، عن قتادة، عن الجارود بن أبى سبرة الهذلى قال: نظر مروان إلى طلحة يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأرى بعد اليوم، فرماه بسهم فقتله .
ابن أبى خيثمة قال: حدثنا يعقوب بن حميد ، حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم، عن العلاء، عن أبيه، عن أبى هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ولد الحكم بن أبى العاص يرقون منبره وينزلون، فأصبح كالمغيظ فقال: "ما بال آل الحكم ينزون على منبرى نزو القرود". قال: فما استجمع ضاحكًا حتى مات - صلى الله عليه وسلم -.
ابن أبى خيثمة، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا يوسف الماجشون ، عن المطلب بن
السائب بن أبى وداعة ، قال: كنت جالسًا مع سعيد بن المسيب بالسوق فمر يزيد ببنى مروان فقال له سعيد: من رسل بنى مروان أنت؟ قال: نعم.
قال: فكيف تركت بنى مروان؟ قال: بخير.
قال: تركتهم يجيعون الناس، ويشبعون الكلاب.
قال: فاشرأب الرسول؟ فقمت إليه، فلم أزل أزجيه حتى انطلق، قال: ثم أتيت سعيدًا فقلت له: يغفر الله لك تشيط بدمك بالكلمة هكذا تلقيها.
قال: اسكت يا أحمق فوالله ما يسلمنى الله ما أخذت بحقوقه .
عبد الرزاق قال: قال معمر: أريد يحيى بن أبى كثير على البيعة لبعض بنى أمية، فأتى حتى ضرب وفعل به كما فعل بابن المسيب.
ابن أبى خيثمة، حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا على بن مسهر ، حدثنا إسماعيلٍ بن خالد، عن قيس بن أبى حازم: أن مروان بن الحكم أبصر طلحة بن عبيد الله واقفا يوم الجمل فقال: لا أطلب بثارى بعد اليوم، فرماه بسهم فأصاب فخذه، فشكها بسرجه فانتزع السهم، فكان إذا أمسكوا الجرح انتفخت الفخذ وإذا أرسلوها سالت.
أحمد، حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ضمرة، عن مالك بن أبى المورع، حدثنى صالح بنِ عبد الرحمن قال: [/ب] عرضنا السجون بعد الحجاج فوجدنا ثلاثة وثلاثين ألفًا، لا يحل على أحد منهم لا قطع ولا صلب، وكان صالح بن عبد الرحمن عاملاً لسليمان بن عبد الملك.
ابن أبى خيثمة، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا أبو قطن، حدثنا شعبة، عن أبى بكر بن حفص قال: كانوا يرون أن الحسن بن على وسعد بن أبى وقاص سُمَّا.
قال: حدثنا الحوطى عبد الوهاب بن نجدة ، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، حدثنى ربيعة بن يزيد قال: قصدت إلى الشعبى بدمشق فى خلافة عبد الملك، فحدث رجل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اعبدوا ربكم ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأطيعوا الأمر، فإن كان خيرًا فلكم، وإن كان شرًا فعليهم وأنتم منه براء". قال الشعبى: كذبت .
قال: وحدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدى ، حدثنا عمرو بن هاشم الجنبى ، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن عامر قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو مسند ظهره إلى الكعبة وهو يقول: ورب هذا البيت الحرام إن الحكم بن أبى العاص وولده
ملعونون على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال: حدثتا عبد الله بن جعفر، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبى أنيسة، عن عروة بن مرة، عن إبراهيم النخعى قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقًا، فقال له عمارة بن عقبة: تستعمل رجلاً من بقايا قتلة عثمان رحمه الله.
قال. مسروق: حدثنا عبد الله بن مسعود، وكان عندنا موثوق الحديث، أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لما أمر بقتل أبيك (*) قال: "من للصبية". قال: النار قد رضت لك، ما جعل لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ابن أبى عمرو قال: حدثنا سفيان، يعنى ابن عيينة، عن ابن أبى نجيح قال: كان ابن عمر إذا رأى سائلاً قال: حقوقكم عند معاوية.
مخلد بن مالك : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن حبيب، عن أبى العالية قال: لما قتل الحجاج ابن الزبير صعد المنبر يوم الجمعة فخطب، فلم يزل يتكلم حتى أمسي فقام إليه ابن عمر فقال: الصلاة فإنك شاب معجب. فقال: اجلس فإنك شيخ قد ذهب عقلك.
إسحاق: أخبرنا يحيى، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبى حصين قال: لقد رأيتنى
أطوف بالبيت وإنه لحممه، وأن الحجر لملقاة فرقان، حين احترق أيام ابن الزبير.
[/أ] ابن أبى خيثمة: حدثنا أبو الفتح نصر بن المغيرة البخارى ، حدثنا معتمر ابن سليمان قال: سمعت ابن الحكم الغفارى قال: كنت جالسًا مع الحسن وأبى العالية، فقال الحسن لأبى العالية: أرأيت قول هؤلاء الطاغية فى المعصية، يعنى الشيطان؟ قال: سمعت عمر ينادى لا معصية فى طاعة الله. قال: أنت سمعته من عمر؟ قال: نعم، قال: حسبى حسبى.
قال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا أبان، حدثنا محمد بن رافع أبو رافع ، قال: سألت أبا العالية أين أضع زكاة مالى؟ قال: أين شئت، ولا تحدث بهذا الحديث ما عشت.
هوذة، حدثنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: قال يعنى أنس بن مالك لأبى بكرة: إنه، يعنى زيادًا، يقول: ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال؟
ألم أستعمل عبيد الله على فارس؟ ألم أستعمل روادًا على دار الرقيق فهل زاد على أن أدخلهم النار .
موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عاصم بن سنان الرواسى قال: حدثتنى أمى قالت: بعث حطان بن عبد الله الرقاشى إلى حرورية خرجت، فلما ركب فرسه رفع يديه فقال: اللهم إن كان لى عندك خير فاقبضنى إليك ولا أخرجن فما بعث لهم أبدًا.
ابن أبى خيثمة، حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا المهاجر قال: قال أبو العالية: لقد جمعت مع الححاج حتى استحييت من ربى، ولقد تركت الصلاة معه حتى استحييت من ربى .
حرب بن إسماعيل السيرجانى، حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأوزاعى، عن عمير بن هانى ، قال: كنت أسمع ابن عمر يقول لعبد الملك بن مروان ولابن الزبير ولجنده: ديان النار لم تقام الصلاة فتصلى مع هؤلاء ومع هولاء .
ابن أبى خيثمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: قال لى حماد بن سلمة: إن دعاك
الأمير تقرأ عليه سورة من القرآن فلا تأته .
قال: حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: قال لى محمد بن مروان : أفى الديوان أنت؟ قلت: لا، فما يمنعك أن تكتب فى الديوان؟ .
قلت: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سهم، والزكاة سهم، وصيام رمضان سهم، والحج سهم.
قال: ما كنت أحسب أن لأحد فى [/ب]، الإسلام سهمًا. إن من كان فى الديوان. ثم ذكر حديثًا طويلاً .
قال: حدثنا مصعب بن عبد الله ، حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة أو غيره فى الحديث الطويل الذى ذكر فيه رملة بنت معاوية ، وعمرو بن عثمان قال: فكتب معاوية إلى مروان:
أو أضع رجل بعد أخرى تعدنا
... عديد الحصى ما إن تزال تكاثر
وأمكم ترخى التوأم لبعلها
... وأم أخيكم كزة الرحم عاقر
أشهد يا مروان أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا بلغ ولد الحكم ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً، ودين الله دخلاً، وعباد الله خولاً" .
قال: حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة: مثل ذلك .
قال: حدثنا عن هوذة بن خليفة، حدثنا عوف، عن أبى عثمان النهدى، قال: كنت خليلاً لأبي بكرة فقال لى يومًا: أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء فما الدنيا وقد استعملوا عبيد الله، يعنى ابنه، على فارس، واستعملوا روادًا على دار الرزق، واستعملوا عبد الرحمن، يعنى ابنه، على الديوان وبيت المال، أفليس فى هولاء دنيًا؟
كلا والله ولكن إنما عبت عليهم لأنهم كفروا . وذكر كلمة.
قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: سمعت أبا شهاب قال: سمعت سفيان يقول لرجل: إن دعوك أن تقرأ عليهم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فلا تأتهم.
قلت لابن شهاب: من يعنى؟ قال: السلطان .
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: قال سفيان الثورى: مساكين أهل السوق يجهزون الجيوش .
قال: وأخبرنى سليمان بن أبى شيخ قال: حدثنى سعدويه. قال: ذكر لعباد بن العوام رجل ولى القضاء، فذكر من عفافه وصلاحه. فقال عباد: من ظن أنه يلى
لهؤلاء شيئَا فيخلون بينه وبين العدل فبئس ما ظن .
* * *
قال: حدثنا هوذة بن خليفة ، حدثنا هشام بن حسان ، عن الحسن قال: مر بى أنس بن مالك وقد بعثه زياد إلى أبى بكرة يعاتبه، فانطلقت معه فدخلنا على الشيخ وهو مريض فأبلغه عنه وقال: إنه يقول: ألم أستعمل عبيد الله على فارس، ألم أستعمل رواد على دار الرقيق، ألم أستعمل عبد الرحمن على الديوان وبيت المال.
قال أبو بكرة: هل زاد على أن أدخلهم النار. [/أ] قال أنس: ما أعلمه إلا مجتهدًا. فقال الشيخ: أقعدونى إنى لا أعلمه إلا مجتهدًا، أهل حرورا قد اجتهدوا فأصابوا أو أخطأوا. قال أنس: فرجعنا مخصومين. كذا كان فى الكتاب وأحسبه قال: الحسن .
الرياشى عن أبى سليمان بن أبى رجاء قال: بلغنى أن سعيد بن عبد الملك بن مروان كان يقال له: سعيد الخير، وكان من خيارهم، قدم الكوفة فأتاه الناس والفقهاء فقال: لولاما جاء فى حلف الله لحلفت على أهل بيتى.
قال الشعبى: قد أنكرت أن يكون فى هؤلاء أحد فيه خير .
أبو بكر: عن معروف المكى قال: كان ابن عباس عند معاوية، فأعرض عنه ابن
عباس فقال له معاوية: ما لك معرضاً عنى؟ والله لأنا كنت أحق بالخلافة من ابن عمك.
فقال له ابن عباس: بأى شئ؟ بأن كان مؤمنًا وكنت كافرًا؟ قال: لأنى ابن عم عثمان. قال ابن عباس: فابن عمه خير من ابن عمك. قال: إن عثمان قتل مظلومًا. قال: فهذا إذاً أحق بها منك، قد قتل أبوه قبل عثمان مظلومًا يعنى ابن عمر. قال معاوية: إن أبا هذا قتله كافر، وقتل عثمان المسلمون. قال ابن عباس: فذاك والله أدحض لحجتك، قال معاوية يرحمك الله .
أبو بكر الهذلى قال: كنا عند الحسن البصرى، فأتاه صديق له يكنى أبا محمد، فقال له أبا محمد: أين كنت؟ قال: خرجت إلى الأمير خالد بن عبد الله، فرفعت إليه مظلمة فقال: ليس هذه إلى إنما هذه إلى أمير المؤمنين، فخرجت إلى هشام فرفعت مظلمتى، فأمر بها فأخرجت إلى الديوان وأحسن فيها الكتاب، ثم إن الطاعون وقع فخرج هشام هاربًا من الطاعون، فاستوى الحسن جالسًا وكان متكئاً فقال: الحمد لله. يقول قائلهم: أنا خليفة الله، اختارنى بعمله واصطفانى بقدرته ليجرى أمره على عباده وبلاده إلا أن حقى فيكم كحق نبيكم صلى الله عليه وعليكم.
ومن قتل معى كان حيًا سعيدًا عبد الله والله ما التمس [/ب] الخلافة لولدى
بعدى مخافة العيلة عليكم، ولكنى أحب أن أوجبهم ولاية الله؛ فإن الله لا يستخلف عبدًا حتى يتولاه، ولن يتولاه حتى يوجب الطاعون.
فقال: قربوهما ليجئ، وهاتوا نجائبى أفر من ربى فينظر الله إليه معاجزًا له فى الأرض، أى أحيمق أتفر من الله وأنت تزعم أن لك الجنة إذا مت؟ ويحك كيف اخترت دمشق وأعوازها على ماجورة الرحمن فى ذوات أفنان فى جنات عدن، يا أفسق الفاسقين، اختلف قولك وعملك، كان عملك أولى بك من قولك، ثم اتكئ.
قال: وكان الحسن يقول فى مجلسه: ألا لا يكون أحدكم محبًا فى الله وليًا حتى يكون فى الله مبغضًا عدوًا، والله لو أن أحدكم جاءته عنزة يطلع من رجلها لقال: من فعل هذا بك عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فأمر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم. فقام إليه رجل فقال: يا أبا سعيد لو أمسكت قليلاً فإن للقوم فى أعناقنا بيعة.
قال: فنفر به الحسن ثم قال: بيعة لا أم لك، إنما البيعة التى يحب الله أن يوفى بها لإمام عادل رضى نقى زكى، وفى أحد صفقة المسلمين يرضى منهم، وأخذوا صفقته فأطاعوه ما أطاع الله، فإذا عصى الله فلا تبعة له فى رقابهم، ولا طاعة له عليهم، أفاسق وضع سيفه على عاتقه يحبط أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: بايعونى ولابنى من بعدى ألا لا بيعة لك ولا كرامة، ألا لا بيعة لك ولا كرامة .
المدائنى قال: قال الحسن: قدم علينا عبد الله بن زياد، فقدم شابًا مترفاً جبارًا سفاكًا له فى كل يوم خمس أكلات، إن أخطأته واحدة ظل لها صريعًا يبكى على شماله ويأكل بيمينه حتى إذا [/أ] كظمه ما أكل قال: يا جارية ابغينى حاطوما ثكلتك أمك هل تحطم إلا دينك، فدخل عليه عبد الله بن معقل أو عبيد الله بن معقل فقال: انته عما تصنع. قال له: ما أنت وذاك؟ وأنت من حثالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال له: لا
أم لك وهل فى أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - حثالة .
أيوب ، عن أبى قلابة ، عن أبى الأشعث قال: كنا فى غزاة وعلينا معاوية، فأصبنا ذهبًا وفضة، فأمر معاوية رجلاً يبيعها للناس فى أعطياتهم، فسارع الناس فيها.
فقام عبادة بن الصامت فنهاهم، فردوها، فأتى الرجل معاوية فشكى إليه، فقام معاوية خطيبًا فقال: ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث يكذبون فيها لم نسمعها. فقام عبادة بن الصامت فقال: والله لنحدثن، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كره معاوية .
أحمد بن إشكاب ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن الأعمش، عن سالم بن أبى الجعد ، عن على بن علقمة ، عن ابن مسعود قال: إن لكل شئ آفة وآفة الدين بنو أمية.
محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبى زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، قال:
حدثنى أبو مالك رب هذه الدار قال: سمعت أبا برزة الأسلمى يقول: كنا جلوسًا حول النبى - صلى الله عليه وسلم - فسمعنا غناء، فتشرفنا له فقام رجل فاستمع، ثم رجع، فقال: يا رسول الله هذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان وأحدهما يجيب صاحبه يقول:
لا يزال جوادى تلوح عظامه
... زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا
فرفع النبى - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال: "اللهم أركسهما فى الفتنة ركسًا ودعهما إلى النار دعًا" .
بقية : عن الوليد بن محمد بن يزيد، سمع محمد بن على، ومر به رجل من ولد زياد فقال: هذا ابن زياد الذى ادعاه معاوية؟ قالوا: نعم.
فقال: بلغنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليفتقن رجل من ولد أبى سفيان فى الإسلام فتفا لا يشيده شئ" [/ب] قال شعبة: خفت النار إن أحدث عنه.
ابن أبى خيثمة قال: قال يحيى بن معين: حكيم بن جبير ليس بشئ.
قال: وقال على بن المدينى: بلغنى عن معاذ بن معاذ قال: سأل شعبة، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن فى الصدقة؟ قال: أخاف النار إن حدثت عنه .
* * *
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64418&book=5525#2fff56
مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ
- مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْن أبي العاص بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. وأمه أم عثمان وهي آمنة بِنْت عَلْقَمَة بْن صَفْوان بْن أمية بْن محرث بْن خمل بْن شق بْن رقبة بْن مخدج بْن الحارث بْن ثعلبة بْن مالك بْن كنانة وأمها الصعبة بِنْت أَبِي طلحة بْن عَبْد العزى بْن عُثْمَانَ بْن عَبْد الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. فولد مروان بن الحكم ثلاثة عشر رجلًا ونسوة. عَبْد الملك وبه كَانَ يكنى ومعاوية وأم عَمْرو وأمهم عَائِشَة بِنْت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية. وعبد العزيز بْن مروان وأم عثمان وأمهما ليلى بِنْت زبان بْن الأصبغ بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. وبِشْر بْن مروان وعبد الرَّحْمَن. درج. وأمهما قطية بِنْت بِشْر بْن عامر بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب. وأبان بْن مروان وعُبَيْد اللَّه وعبد اللَّه. درج. وأيوب وعثمان وداود ورملة وأمهم أم أبان بِنْت عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية وأمها رملة بِنْت شَيْبَة بْن ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وعَمْرو بْن مروان وأم عَمْرو وأمهما زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم. ومُحَمَّد بْن مروان وأمه زينب أم وُلِدَ. قَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومروان بْن الحَكَم ابن ثماني سنين فلم يزل مَعَ أَبِيهِ بالمدينة حَتَّى مات أَبُوهُ الْحَكَمُ بْن أَبِي الْعَاصِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْن عَفَّان. فلم يزل مروان مَعَ ابن عمّه عثمان بْن عَفَّان وكان كاتبا لَهُ وأمر لَهُ عثمان بأموال وكان يتأول فِي ذَلِكَ صلة قرابته. وكان النَّاس ينقمون عَلَى عثمان تقريبه مروان وطاعته لَهُ ويرون أن كثيرًا ممّا ينسب إلى عثمان لم يأمر بِهِ وأن ذَلِكَ عَنْ رأي مروان دون عثمان. فكان النَّاس قد شنفوا لعثمان لَمّا كَانَ يصنع بمروان ويقربه وكان مروان يحمله عَلَى أصحابه وعلى النَّاس ويبلغه ما يتكلمون فِيهِ ويهددونه بِهِ ويريه أَنَّهُ يتقرب بذلك إِلَيْهِ. وكان عثمان رجلًا كريما حييا سليما فكان يصدقه في بعض ذَلِكَ ويرد عَلَيْهِ بعضا. وينازع مروان أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين يديه فيرده عَنْ ذَلِكَ ويزبره. فلمّا حصر عثمان كَانَ مروان يقاتل دونه أشد القتال. وأرادت عَائِشَة الحجّ وعثمان محصور فأتاها مروان وزيد بْن ثابت وعبد الرَّحْمَن بْن عتاب بْن أسيد بْن أَبِي العيص فقالوا: يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين عَلَى ما ترين محصور ومقامك ممّا يدفع اللَّه بِهِ عَنْهُ. فَقالَتْ: قد حلبت ظهري وعريت غرائري ولست أقدر عَلَى المقام. فأعادوا عليها الكلام فأعادت عليهم مثل ما قَالَتْ لهم. فقام مروان وهُوَ يَقُولُ: وحرق قيس علي البلاد ... حَتَّى إذا استعرت أجذما فَقالَتْ عَائِشَة: أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره فِي رَجُل كلّ واحد منكما رحا وأنكما فِي البحر. وخرجت إلى مَكّة. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ مروان يقاتل يوم الدار أشد القتال ولقد ضرب يومئذٍ كعبه ما يظن إِلَّا أَنَّهُ قد مات ممّا بِهِ من الجراح. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بن الهيثم عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي حفصة مولى مروان قَالَ: خرج مروان بْن الحكم يومئذٍ يرتجز ويقول: من يبارز؟ فبرز إِلَيْهِ عُرْوَة بْن شييم بْن البياع الليثي فضربه عَلَى قفاه بالسيف فخر لوجهه. فقام إِلَيْهِ عُبَيْد بْن رفاعة بْن رافع الزرقي بسكين معه ليقطع رأسه. فقامت إِلَيْهِ أمه التي أرضعته وهي فاطمة الثقفية وهي جدة إِبْرَاهِيم بْن العربي صاحب اليمامة فَقالَتْ: إن كنت تريد قتله فقد قتلته فما تصنع بلحمه أن تبضعه؟ فاستحيا عُبَيْد بْن رفاعة منها فتركه. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ الْبَيَّاعِ يَوْمَئِذٍ يُبَارِزُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مِنْطَقَتِهِ وَتَحْتَ الْقَبَاءِ الدِّرْعُ فَضَرَبَ مَرْوَانَ عَلَى قَفَاهُ ضَرْبَةً فَقَطَعَ عَلابِيَّ رَقَبَتِهِ وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ. فَأَرَادُوا أَنْ يُذَفِّفُوا عَلَيْهِ فَقِيلَ: تُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ. فَتُرِكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي بَعْدَ الدَّارِ وَهُوَ يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ: عِبَادَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ ضَرَبْتُ كَعْبَهُ فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ مَاتَ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي قَالَتْ: مَا تَصْنَعْ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ؟ فَأَخَذَنِي الْحِفَاظُ فَتَرَكْتُهُ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بن إسماعيل قال: حدثني جويرية بن أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: ضُرِبَ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ ضَرْبَةً جَدَّتْ أُذُنَيْهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَزَ عَلَيْهِ. قَالَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ تُمَثِّلُ بِجَسِدِ مَيِّتٍ! فَتَرَكَهُ. قَالُوا فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ يَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا قِتَالا شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى انْكِشَافَ النَّاسِ نَظَرَ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاقِفًا فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ دَمُ عُثْمَانَ إِلا عِنْدَ هَذَا. هُوَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ وَمَا أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ. فَفَوَّقَ لَهُ بِسَهْمٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ. وَقَاتَلَ مَرْوَانُ أَيْضًا حَتَّى ارْتُثَّ فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ عَنَزَةَ فَدَاوَوْهُ وَقَامُوا عَلَيْهِ. فَمَا زَالَ آلُ مَرْوَانَ يَشْكُرُونَ ذَلِكَ لَهُمْ. وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَتَوَارَى مَرْوَانُ حَتَّى أُخِذَ لَهُ الأَمَانُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَّنَهُ. فَقَالَ مَرْوَانُ: مَا تُقِرَّنِي نَفْسِي حَتَّى آتِيَهُ فَأُبَايِعَهُ. فَأَتَاهُ فَبَايَعَهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ مَرْوَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْخِلافَةَ فَوَلَّى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَوَلَّى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَأَعَادَ مَرْوَانَ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَأَعَادَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَعَزَلَهُ. وَوَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَةُ. وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ مَعْزُولٌ عَنِ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ وَلَّى يَزِيدُ بَعْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ الْمَدِينَةَ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. فَلَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ أَخْرِجُوا عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَأَخَذُوا عَلَيْهِمُ الأَيْمَانَ أَلا يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ وَإِنْ قَدَرُوا أَنْ يَرُدُّوا هَذَا الْجَيْشَ الَّذِي قَدْ وُجِّهَ إِلَيْهِمْ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ أَنْ يَفْعَلُوا. فَلَمَّا اسْتَقْبَلُوا مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُسَائِلُهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا فَجَعَلَ مَرْوَانُ يُخْبِرُهُ وَيُحَرِّضُهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: مَا تَرَوْنَ؟ تَمْضُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ تَرْجِعُونَ مَعِي؟ فَقَالُوا: بل نمضي إلى أمير المؤمنين. وَقَالَ مَرْوَانُ مِنْ بَيْنَهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَرْجِعُ مَعَكَ. فَرَجَعَ مَعَهُ مُؤَازِرًا لَهُ مُعِينًا لَهُ عَلَى أَمَرِهِ حَتَّى ظُفِرَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقُتِلُوا وَانْتُهِبَتِ الْمَدِينَةُ ثَلاثًا. وَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بِذَلِكَ إِلَى يَزِيدَ. وَكَتَبَ يَشْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَيُذْكَرُ مَعُونَتَهُ إِيَّاهُ وَمُنَاصَحَتَهُ وَقِيَامَهُ مَعَهُ. وَقَدِمَ مَرْوَانُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامَ فَشَكَرَ ذَلِكَ لَهُ يَزِيدُ وَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ. فَلَمْ يَزَلْ مَرْوَانُ بِالشَّامِ حَتَّى مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ كَانَ عَقَدَ لابْنِهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بِالْعَهْدِ بَعْدَهُ. فَبَايَعَ لَهُ النَّاسُ وَأَتَتْهُ بَيْعَةُ الآفَاقِ إِلا مَا كَانَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ مَكَّةَ. فَوَلِيَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ. وَيُقَالُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَلَمْ يَزَلْ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ. كَانَ مَرِيضًا فَكَانَ يَأْمُرُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِدِمَشْقَ. فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قِيلَ لَهُ: لَوْ عَهِدْتَ إِلَى رَجُلٍ عَهْدًا وَاسْتَخْلَفْتَ خَلِيفَةً. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا نَفَعَتْنِي حَيًّا فَأَتَقَلَّدُهَا مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ آلُ أَبِي سُفْيَانَ. لا تَذْهَبُ بَنُو أُمَيَّةَ بِحَلاوَتِهَا وَأَتَقَلَّدُ مَرَارَتَهَا. وَاللَّهِ لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَكِنْ إِذَا مُتُّ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى يَخْتَارُ النَّاسُ لأَنْفُسِهِمْ وَيَقُومُ بِالْخِلافَةِ قَائِمٌ. فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ وَقَامَ بِأَمْرِ النَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ. فَلَمَّا دُفِنَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قَامَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى قَبْرِهِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ دَفَنْتُمْ؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ. فَقَالَ: هَذَا أَبُو لَيْلَى. فَقَالَ أَزْنَمُ الْفَزَارِيُّ: إِنِّي أَرَى فِتَنًا تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... فَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بِالشَّامِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ وَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ وَزُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بِقِنَّسْرِينَ. ثُمَّ دَعَا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِدِمَشْقَ النَّاسَ سِرًّا. ثُمَّ دَعَا النَّاسُ إِلَى بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلانِيَةً فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ وَبَايَعُوهُ لَهُ. وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ بِعَهْدِهِ عَلَى الشَّامِ فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ مِمَّنْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مَرْوَانُ خَرَجَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ أَمَانًا لِبَنِي أُمَيَّةَ وَخَرَجَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. فَلَمَّا كَانُوا بِأَذْرِعَاتٍ وَهِيَ مَدِينَةُ الْبَثَنِيَّةِ لَقِيَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ العراق فقال لمروان: أين تريده؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. أَرَضِيتَ لِنَفْسِكَ بِهَذَا. تُبَايِعُ لأَبِي خُبَيْبٍ وَأَنْتَ سَيِّدُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ وَأَنَا أَكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيَهَا وَلا يُخَالِفُكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ: صَدَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ. إِنَّكَ لَجَذْمُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُهَا وَسَيِّدُهَا وَمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلا إِلَى هَذَا الْغُلامِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَتَزَوَّجْ أُمَّهُ فَيَكُونَ فِي حِجْرِكَ وَادْعُ إِلَى نفسك فأنا أكفيك اليمانية فإنهم لا يُخَالِفُونَنِي. وَكَانَ مُطَاعًا عِنْدَهُمْ. عَلَى أَنْ تُبَايِعَ لِي مِنْ بَعْدِكَ. قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ مَرْوَانُ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَمَنْ مَعَهُمَا. وَقَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ دِمَشْقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ فَنَزَلَ بَابَ الْفَرَادِيسِ فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ كُلَّ يَوْمٍ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا أُنَيْسٍ. الْعَجَبُ لَكَ وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَتَدَعْ نَفْسَكَ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ فَادْعُ إِلَى نَفْسِكَ. فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أَخَذْتَ بَيْعَتَنَا وَعُهُودَنَا لِرَجُلٍ ثُمَّ تَدْعُو إِلَى خَلْعِهِ عَنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ! فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَادَ إِلَى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَغَيَّرَ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَمَكَرَ بِهِ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ. يُبَرَّزُ وَيُجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلُ. فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ الأَجْنَادَ. فَخَرَجَ الضَّحَّاكُ فَنَزَلَ الْمَرْجَ وَبَقِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِدِمَشْقَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ وَخَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ خَالِهِمَا حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ. فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ أَنِ ادْعُ النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِكَ وَاكْتُبْ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكٍ فَلْيَأْتِكَ فأنه لَنْ يَرُدَّكَ عَنْ بَيْعَتِكَ. ثُمَّ سِرْ إِلَى الضَّحَّاكِ فَقَدْ أَصْحَرَ لَكَ. فَدَعَا مَرْوَانُ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَوَالِيَهُمْ فَبَايَعُوهُ. وَتَزَوَّجَ أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بْنِ رَبِيعَةَ. وَكَتَبَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ يَدْعُوهُ أَنْ يُبَايِعَ لَهُ وَيَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَأَبَى. فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْ مَرْوَانَ. فَأَرْسَلَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنِ اخْرُجْ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ جَمِيعًا مَعَهُ وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ وَالنَّاسُ بِهَا مُخْتَلِفُونَ فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ فَقَالَ حَسَّانُ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتُمْ مَرْوَانَ لَيَحْسِدَنَّكُمْ عَلاقَةُ سَوْطٍ وَشِرَاكُ نَعْلٍ وَظِلُّ شَجَرَةٍ. إِنَّ مَرْوَانَ وَآلَ مَرْوَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ قَيْسٍ. يُرِيدُ أَنَّ مَرْوَانَ أَبُو عَشَرَةٍ وَأَخُو عَشَرَةٍ. فَإِنْ بَايَعْتُمْ لَهُ كُنْتُمْ عَبِيدًا لَهُمْ. فَأَطِيعُونِي وَبَايِعُوا خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ. فَقَالَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: بَايَعُوا الْكَبِيرَ وَاسْتَشِبُّوا الصَّغِيرَ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ لِخَالِدٍ: يَا ابْنَ أُخْتِي هَوَايَ فِيكَ وَقَدْ أَبَاكَ النَّاسُ لِلْحَدَاثَةِ. وَمَرْوَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ وَمِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: بَلْ عَجَزْتَ. قَالَ: كَلا. فَبَايَعَ حَسَّانُ وَأَهْلُ الأَرْدُنِّ لِمَرْوَانَ عَلَى أَنْ لا يُبَايِعَ مَرْوَانُ لأَحَدٍ إِلا لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَلِخَالدٍ إِمْرَةُ حِمْصَ وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ. فَكَانَتْ بَيْعَةُ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَبَايَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَهْلَ دِمَشْقَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُتَمَّمَ لِي خِلافَةً لا يَمْنَعَنِيهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ: صَدَقْتَ. وَسَارَ مَرْوَانُ مِنَ الْجَابِيَةِ فِي سِتَّةِ آلافٍ حَتَّى نَزَلَ مَرْجَ رَاهِطٍ ثُمَّ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَجْنَادِ سَبْعَةُ آلافٍ فَكَانَ فِي ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرُهُمْ رَجَّالَةٌ. وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرُ ثَمَانِينَ عَتِيقًا. أَرْبَعُونَ مِنْهُمْ لَعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِسَائِرِ النَّاسِ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ. وَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فَتَوَافَدُوا عِنْدَهُ بِالْمَرْجِ فَكَانَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَأَقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ قَيْسٍ بَشَرٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَجَعَ مَرْوَانُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الأَجْنَادِ وَبَايَعَ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ جَمِيعًا. وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَعَقَدَ لابْنَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنَيْ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ بَعْدَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُقَصِّرَ بِهِ وَيُزَهِّدَ النَّاسَ فِيهِ. وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ يُجْلِسُهُ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَزُبْرَةُ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةَ الاسْتَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ لَكَ عَقْلا. فَانْصَرَفَ خَالِدٌ وَقْتَئِذٍ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: فَضَحْتَنِي وَقَصَّرْتِ بِي وَنَكَسْتِ بِرَأْسِي وَوَضَعْتِ أَمْرِي. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَصَنَعَ بِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ فَقَالَتْ لَهُ: لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ وَلا يَعْلَمُ مَرْوَانُ أَنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَادْخُلْ عَلَيَّ كَمَا كُنْتَ تَدْخُلُ وَاطْوِ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى تَرَى عَاقِبَتَهُ فَإِنِّي سَأَكْفِيكَهُ وَأَنْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ. فَسَكَتَ خَالِدٌ وَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ. وَأَقْبَلَ مَرْوَانُ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن رَبِيعَةَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: مَا قَالَ لَكَ خَالِدٌ مَا قُلْتُ لَهُ الْيَوْمَ وَمَا حَدَّثَكَ بِهِ عَنِّي؟ فَقَالَتْ: مَا حَدَّثَنِي بِشَيْءٍ وَلا قَالَ لِي. فَقَالَ: أَلَمْ يَشْكُنِي إِلَيْكِ وَيَذْكُرْ تَقْصِيرِي بِهِ وَمَا كَلَّمْتُهُ بِهِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِ خَالِدٍ وَهُوَ أَشَدُّ لَكَ تَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَحْكِيَ عَنْكَ شَيْئًا أَوْ يَجِدَ مِنْ شَيْءٍ تَقُولُهُ وَإِنَّمَا أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ لَهُ. فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَظَنَّ أَنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا حَكَتْ لَهُ وَأَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ. وَمَكَثَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَانَتِ الْقَائِلَةُ فَنَامَ عِنْدَهَا فَوَثَبَتْ هِيَ وَجَوَارِيهَا فَغَلَّقْنَ الأَبْوَابَ عَلَى مَرْوَانَ ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى وِسَادَةٍ فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ تَزَلْ هِيَ وَجَوَارِيهَا يُغَمِّمْنَهُ حَتَّى مَاتَ. ثُمَّ قَامَتْ فَشَقَّتْ عَلَيْهِ جَيْبَهَا وَأَمَرَتْ جَوَارِيَهَا وَخَدَمَهَا فَشَقَقْنَ وَصِحْنَ عَلَيْهِ وَقُلْنَ: مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَجْأَةً. وَذَلِكَ فِي هِلالِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. وَكَانَ مَرْوَانُ يَوْمَئِذِ ابْنَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَكَانَتْ وِلايَتُهُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ لَمْ يَعْدُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ. وَيُقَالُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَقَدْ . وبايع أهل الشام لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَكَانَتِ الشَّامُ وَمِصْرُ فِي يَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا كَانَتَا فِي يَدِ أَبِيهِ. وَكَانَ الْعِرَاقُ وَالْحِجَازُ فِي يَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَهُمَا سَبْعَ سِنِينَ. ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَاسْتَقَامَ الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بَعْدَهُ. وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: مَنْ وَهَبَ وَهْبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ فَإِنَّهُ لا يَرْجِعُ فِيهَا. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ. وَرَوَى مَرْوَانُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَكَانَ مَرْوَانُ فِي وِلايَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ يَجْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ يَسْتَشِيرُهُمْ وَيَعْمَلُ بِمَا يُجْمِعُونَ لَهُ عَلَيْهِ. وَجَمَعَ الصِّيعَانَ فَعَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى أَخَذَ أَعْدَلَهَا فَأَمَرَ أَنْ يُكَالَ بِهِ. فَقِيلَ صَاعُ مَرْوَانَ. وَلَيْسَتْ بِصَاعِ مَرْوَانَ إِنَّمَا هِيَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ مَرْوَانَ عَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى قَامَ الْكَيْلُ عَلَى أعدلها.
- مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْن أبي العاص بْن أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بن قصي. وأمه أم عثمان وهي آمنة بِنْت عَلْقَمَة بْن صَفْوان بْن أمية بْن محرث بْن خمل بْن شق بْن رقبة بْن مخدج بْن الحارث بْن ثعلبة بْن مالك بْن كنانة وأمها الصعبة بِنْت أَبِي طلحة بْن عَبْد العزى بْن عُثْمَانَ بْن عَبْد الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. فولد مروان بن الحكم ثلاثة عشر رجلًا ونسوة. عَبْد الملك وبه كَانَ يكنى ومعاوية وأم عَمْرو وأمهم عَائِشَة بِنْت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية. وعبد العزيز بْن مروان وأم عثمان وأمهما ليلى بِنْت زبان بْن الأصبغ بْن عَمْرو بْن ثَعْلَبَة بْن الْحَارِث بْن حصن بْن ضمضم بْن عدي بْن جناب من كلب. وبِشْر بْن مروان وعبد الرَّحْمَن. درج. وأمهما قطية بِنْت بِشْر بْن عامر بْن مالك بْن جَعْفَر بْن كلاب. وأبان بْن مروان وعُبَيْد اللَّه وعبد اللَّه. درج. وأيوب وعثمان وداود ورملة وأمهم أم أبان بِنْت عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية وأمها رملة بِنْت شَيْبَة بْن ربيعة بْنُ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصي. وعَمْرو بْن مروان وأم عَمْرو وأمهما زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ بْنِ هِلالِ بْنِ عبد الله بن عمر بن مخزوم. ومُحَمَّد بْن مروان وأمه زينب أم وُلِدَ. قَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومروان بْن الحَكَم ابن ثماني سنين فلم يزل مَعَ أَبِيهِ بالمدينة حَتَّى مات أَبُوهُ الْحَكَمُ بْن أَبِي الْعَاصِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ بْن عَفَّان. فلم يزل مروان مَعَ ابن عمّه عثمان بْن عَفَّان وكان كاتبا لَهُ وأمر لَهُ عثمان بأموال وكان يتأول فِي ذَلِكَ صلة قرابته. وكان النَّاس ينقمون عَلَى عثمان تقريبه مروان وطاعته لَهُ ويرون أن كثيرًا ممّا ينسب إلى عثمان لم يأمر بِهِ وأن ذَلِكَ عَنْ رأي مروان دون عثمان. فكان النَّاس قد شنفوا لعثمان لَمّا كَانَ يصنع بمروان ويقربه وكان مروان يحمله عَلَى أصحابه وعلى النَّاس ويبلغه ما يتكلمون فِيهِ ويهددونه بِهِ ويريه أَنَّهُ يتقرب بذلك إِلَيْهِ. وكان عثمان رجلًا كريما حييا سليما فكان يصدقه في بعض ذَلِكَ ويرد عَلَيْهِ بعضا. وينازع مروان أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين يديه فيرده عَنْ ذَلِكَ ويزبره. فلمّا حصر عثمان كَانَ مروان يقاتل دونه أشد القتال. وأرادت عَائِشَة الحجّ وعثمان محصور فأتاها مروان وزيد بْن ثابت وعبد الرَّحْمَن بْن عتاب بْن أسيد بْن أَبِي العيص فقالوا: يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين عَلَى ما ترين محصور ومقامك ممّا يدفع اللَّه بِهِ عَنْهُ. فَقالَتْ: قد حلبت ظهري وعريت غرائري ولست أقدر عَلَى المقام. فأعادوا عليها الكلام فأعادت عليهم مثل ما قَالَتْ لهم. فقام مروان وهُوَ يَقُولُ: وحرق قيس علي البلاد ... حَتَّى إذا استعرت أجذما فَقالَتْ عَائِشَة: أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره فِي رَجُل كلّ واحد منكما رحا وأنكما فِي البحر. وخرجت إلى مَكّة. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ مروان يقاتل يوم الدار أشد القتال ولقد ضرب يومئذٍ كعبه ما يظن إِلَّا أَنَّهُ قد مات ممّا بِهِ من الجراح. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بن الهيثم عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي حفصة مولى مروان قَالَ: خرج مروان بْن الحكم يومئذٍ يرتجز ويقول: من يبارز؟ فبرز إِلَيْهِ عُرْوَة بْن شييم بْن البياع الليثي فضربه عَلَى قفاه بالسيف فخر لوجهه. فقام إِلَيْهِ عُبَيْد بْن رفاعة بْن رافع الزرقي بسكين معه ليقطع رأسه. فقامت إِلَيْهِ أمه التي أرضعته وهي فاطمة الثقفية وهي جدة إِبْرَاهِيم بْن العربي صاحب اليمامة فَقالَتْ: إن كنت تريد قتله فقد قتلته فما تصنع بلحمه أن تبضعه؟ فاستحيا عُبَيْد بْن رفاعة منها فتركه. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ الْبَيَّاعِ يَوْمَئِذٍ يُبَارِزُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مِنْطَقَتِهِ وَتَحْتَ الْقَبَاءِ الدِّرْعُ فَضَرَبَ مَرْوَانَ عَلَى قَفَاهُ ضَرْبَةً فَقَطَعَ عَلابِيَّ رَقَبَتِهِ وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ. فَأَرَادُوا أَنْ يُذَفِّفُوا عَلَيْهِ فَقِيلَ: تُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ. فَتُرِكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي بَعْدَ الدَّارِ وَهُوَ يَذْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ: عِبَادَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ ضَرَبْتُ كَعْبَهُ فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ مَاتَ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي قَالَتْ: مَا تَصْنَعْ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ؟ فَأَخَذَنِي الْحِفَاظُ فَتَرَكْتُهُ. أَخْبَرَنِي مُوسَى بن إسماعيل قال: حدثني جويرية بن أَسْمَاءٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: ضُرِبَ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ ضَرْبَةً جَدَّتْ أُذُنَيْهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَزَ عَلَيْهِ. قَالَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ تُمَثِّلُ بِجَسِدِ مَيِّتٍ! فَتَرَكَهُ. قَالُوا فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَسَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ يَطْلُبُونَ بِدَمِ عُثْمَانَ خَرَجَ مَعَهُمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ أَيْضًا قِتَالا شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى انْكِشَافَ النَّاسِ نَظَرَ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَاقِفًا فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ دَمُ عُثْمَانَ إِلا عِنْدَ هَذَا. هُوَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْهِ وَمَا أَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ. فَفَوَّقَ لَهُ بِسَهْمٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ. وَقَاتَلَ مَرْوَانُ أَيْضًا حَتَّى ارْتُثَّ فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ عَنَزَةَ فَدَاوَوْهُ وَقَامُوا عَلَيْهِ. فَمَا زَالَ آلُ مَرْوَانَ يَشْكُرُونَ ذَلِكَ لَهُمْ. وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ وَتَوَارَى مَرْوَانُ حَتَّى أُخِذَ لَهُ الأَمَانُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَأَمَّنَهُ. فَقَالَ مَرْوَانُ: مَا تُقِرَّنِي نَفْسِي حَتَّى آتِيَهُ فَأُبَايِعَهُ. فَأَتَاهُ فَبَايَعَهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ مَرْوَانُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْخِلافَةَ فَوَلَّى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْمَدِينَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَوَلَّى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَأَعَادَ مَرْوَانَ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَأَعَادَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ فَعَزَلَهُ. وَوَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ مُعَاوِيَةُ. وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ مَعْزُولٌ عَنِ الْمَدِينَةِ. ثُمَّ وَلَّى يَزِيدُ بَعْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ الْمَدِينَةَ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. فَلَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَيَّامَ الْحَرَّةِ أَخْرِجُوا عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا إِلَى الشَّامِ وَفِيهِمْ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَأَخَذُوا عَلَيْهِمُ الأَيْمَانَ أَلا يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ وَإِنْ قَدَرُوا أَنْ يَرُدُّوا هَذَا الْجَيْشَ الَّذِي قَدْ وُجِّهَ إِلَيْهِمْ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ الْمُرِّيِّ أَنْ يَفْعَلُوا. فَلَمَّا اسْتَقْبَلُوا مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ سَلَّمُوا عَلَيْهِ وَجَعَلَ يُسَائِلُهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا فَجَعَلَ مَرْوَانُ يُخْبِرُهُ وَيُحَرِّضُهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: مَا تَرَوْنَ؟ تَمْضُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ تَرْجِعُونَ مَعِي؟ فَقَالُوا: بل نمضي إلى أمير المؤمنين. وَقَالَ مَرْوَانُ مِنْ بَيْنَهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَرْجِعُ مَعَكَ. فَرَجَعَ مَعَهُ مُؤَازِرًا لَهُ مُعِينًا لَهُ عَلَى أَمَرِهِ حَتَّى ظُفِرَ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقُتِلُوا وَانْتُهِبَتِ الْمَدِينَةُ ثَلاثًا. وَكَتَبَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بِذَلِكَ إِلَى يَزِيدَ. وَكَتَبَ يَشْكُرُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَيُذْكَرُ مَعُونَتَهُ إِيَّاهُ وَمُنَاصَحَتَهُ وَقِيَامَهُ مَعَهُ. وَقَدِمَ مَرْوَانُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الشَّامَ فَشَكَرَ ذَلِكَ لَهُ يَزِيدُ وَقَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ. فَلَمْ يَزَلْ مَرْوَانُ بِالشَّامِ حَتَّى مَاتَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ كَانَ عَقَدَ لابْنِهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بِالْعَهْدِ بَعْدَهُ. فَبَايَعَ لَهُ النَّاسُ وَأَتَتْهُ بَيْعَةُ الآفَاقِ إِلا مَا كَانَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ مَكَّةَ. فَوَلِيَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ. وَيُقَالُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَلَمْ يَزَلْ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ. كَانَ مَرِيضًا فَكَانَ يَأْمُرُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ الْفِهْرِيَّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِدِمَشْقَ. فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قِيلَ لَهُ: لَوْ عَهِدْتَ إِلَى رَجُلٍ عَهْدًا وَاسْتَخْلَفْتَ خَلِيفَةً. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا نَفَعَتْنِي حَيًّا فَأَتَقَلَّدُهَا مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدِ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ آلُ أَبِي سُفْيَانَ. لا تَذْهَبُ بَنُو أُمَيَّةَ بِحَلاوَتِهَا وَأَتَقَلَّدُ مَرَارَتَهَا. وَاللَّهِ لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَكِنْ إِذَا مُتُّ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى يَخْتَارُ النَّاسُ لأَنْفُسِهِمْ وَيَقُومُ بِالْخِلافَةِ قَائِمٌ. فَلَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ وَقَامَ بِأَمْرِ النَّاسِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ. فَلَمَّا دُفِنَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ قَامَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ عَلَى قَبْرِهِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ دَفَنْتُمْ؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ. فَقَالَ: هَذَا أَبُو لَيْلَى. فَقَالَ أَزْنَمُ الْفَزَارِيُّ: إِنِّي أَرَى فِتَنًا تَغْلِي مَرَاجِلُهَا ... فَالْمُلْكُ بَعْدَ أَبِي لَيْلَى لِمَنْ غَلَبَا وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بِالشَّامِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ أُمَرَاءَ الأَجْنَادِ وَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ وَزُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ بِقِنَّسْرِينَ. ثُمَّ دَعَا الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بِدِمَشْقَ النَّاسَ سِرًّا. ثُمَّ دَعَا النَّاسُ إِلَى بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلانِيَةً فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ وَبَايَعُوهُ لَهُ. وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ بِعَهْدِهِ عَلَى الشَّامِ فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ مِمَّنْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مَرْوَانُ خَرَجَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ أَمَانًا لِبَنِي أُمَيَّةَ وَخَرَجَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ. فَلَمَّا كَانُوا بِأَذْرِعَاتٍ وَهِيَ مَدِينَةُ الْبَثَنِيَّةِ لَقِيَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ العراق فقال لمروان: أين تريده؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. أَرَضِيتَ لِنَفْسِكَ بِهَذَا. تُبَايِعُ لأَبِي خُبَيْبٍ وَأَنْتَ سَيِّدُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: فَمَا الرَّأْيُ؟ قَالَ: أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ وَأَنَا أَكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيَهَا وَلا يُخَالِفُكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ: صَدَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ. إِنَّكَ لَجَذْمُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُهَا وَسَيِّدُهَا وَمَا يَنْظُرُ النَّاسُ إِلا إِلَى هَذَا الْغُلامِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَتَزَوَّجْ أُمَّهُ فَيَكُونَ فِي حِجْرِكَ وَادْعُ إِلَى نفسك فأنا أكفيك اليمانية فإنهم لا يُخَالِفُونَنِي. وَكَانَ مُطَاعًا عِنْدَهُمْ. عَلَى أَنْ تُبَايِعَ لِي مِنْ بَعْدِكَ. قَالَ: نَعَمْ. فَرَجَعَ مَرْوَانُ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَمَنْ مَعَهُمَا. وَقَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ دِمَشْقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ خَرَجَ فَنَزَلَ بَابَ الْفَرَادِيسِ فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ كُلَّ يَوْمٍ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَنْزِلِهِ. فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا أُنَيْسٍ. الْعَجَبُ لَكَ وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَتَدَعْ نَفْسَكَ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ فَادْعُ إِلَى نَفْسِكَ. فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أَخَذْتَ بَيْعَتَنَا وَعُهُودَنَا لِرَجُلٍ ثُمَّ تَدْعُو إِلَى خَلْعِهِ عَنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَهُ! فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَادَ إِلَى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ وَغَيَّرَ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَمَكَرَ بِهِ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ. يُبَرَّزُ وَيُجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلُ. فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ الأَجْنَادَ. فَخَرَجَ الضَّحَّاكُ فَنَزَلَ الْمَرْجَ وَبَقِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِدِمَشْقَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ وَخَالِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ خَالِهِمَا حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ. فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ أَنِ ادْعُ النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِكَ وَاكْتُبْ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكٍ فَلْيَأْتِكَ فأنه لَنْ يَرُدَّكَ عَنْ بَيْعَتِكَ. ثُمَّ سِرْ إِلَى الضَّحَّاكِ فَقَدْ أَصْحَرَ لَكَ. فَدَعَا مَرْوَانُ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَوَالِيَهُمْ فَبَايَعُوهُ. وَتَزَوَّجَ أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بْنِ رَبِيعَةَ. وَكَتَبَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ يَدْعُوهُ أَنْ يُبَايِعَ لَهُ وَيَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَأَبَى. فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْ مَرْوَانَ. فَأَرْسَلَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ أَنِ اخْرُجْ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَكَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ جَمِيعًا مَعَهُ وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ وَالنَّاسُ بِهَا مُخْتَلِفُونَ فَدَعَاهُ إِلَى الْبَيْعَةِ فَقَالَ حَسَّانُ: وَاللَّهِ لَئِنْ بَايَعْتُمْ مَرْوَانَ لَيَحْسِدَنَّكُمْ عَلاقَةُ سَوْطٍ وَشِرَاكُ نَعْلٍ وَظِلُّ شَجَرَةٍ. إِنَّ مَرْوَانَ وَآلَ مَرْوَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ قَيْسٍ. يُرِيدُ أَنَّ مَرْوَانَ أَبُو عَشَرَةٍ وَأَخُو عَشَرَةٍ. فَإِنْ بَايَعْتُمْ لَهُ كُنْتُمْ عَبِيدًا لَهُمْ. فَأَطِيعُونِي وَبَايِعُوا خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ. فَقَالَ رَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: بَايَعُوا الْكَبِيرَ وَاسْتَشِبُّوا الصَّغِيرَ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ لِخَالِدٍ: يَا ابْنَ أُخْتِي هَوَايَ فِيكَ وَقَدْ أَبَاكَ النَّاسُ لِلْحَدَاثَةِ. وَمَرْوَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ وَمِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: بَلْ عَجَزْتَ. قَالَ: كَلا. فَبَايَعَ حَسَّانُ وَأَهْلُ الأَرْدُنِّ لِمَرْوَانَ عَلَى أَنْ لا يُبَايِعَ مَرْوَانُ لأَحَدٍ إِلا لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَلِخَالدٍ إِمْرَةُ حِمْصَ وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ. فَكَانَتْ بَيْعَةُ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَبَايَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَهْلَ دِمَشْقَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُتَمَّمَ لِي خِلافَةً لا يَمْنَعَنِيهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ: صَدَقْتَ. وَسَارَ مَرْوَانُ مِنَ الْجَابِيَةِ فِي سِتَّةِ آلافٍ حَتَّى نَزَلَ مَرْجَ رَاهِطٍ ثُمَّ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَجْنَادِ سَبْعَةُ آلافٍ فَكَانَ فِي ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرُهُمْ رَجَّالَةٌ. وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرُ ثَمَانِينَ عَتِيقًا. أَرْبَعُونَ مِنْهُمْ لَعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِسَائِرِ النَّاسِ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ. وَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فَتَوَافَدُوا عِنْدَهُ بِالْمَرْجِ فَكَانَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَأَقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ قَيْسٍ بَشَرٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَجَعَ مَرْوَانُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الأَجْنَادِ وَبَايَعَ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ جَمِيعًا. وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَعَقَدَ لابْنَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنَيْ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ بَعْدَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُقَصِّرَ بِهِ وَيُزَهِّدَ النَّاسَ فِيهِ. وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ يُجْلِسُهُ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَزُبْرَةُ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةَ الاسْتَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ لَكَ عَقْلا. فَانْصَرَفَ خَالِدٌ وَقْتَئِذٍ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: فَضَحْتَنِي وَقَصَّرْتِ بِي وَنَكَسْتِ بِرَأْسِي وَوَضَعْتِ أَمْرِي. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَصَنَعَ بِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ فَقَالَتْ لَهُ: لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ وَلا يَعْلَمُ مَرْوَانُ أَنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَادْخُلْ عَلَيَّ كَمَا كُنْتَ تَدْخُلُ وَاطْوِ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى تَرَى عَاقِبَتَهُ فَإِنِّي سَأَكْفِيكَهُ وَأَنْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ. فَسَكَتَ خَالِدٌ وَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ. وَأَقْبَلَ مَرْوَانُ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن رَبِيعَةَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: مَا قَالَ لَكَ خَالِدٌ مَا قُلْتُ لَهُ الْيَوْمَ وَمَا حَدَّثَكَ بِهِ عَنِّي؟ فَقَالَتْ: مَا حَدَّثَنِي بِشَيْءٍ وَلا قَالَ لِي. فَقَالَ: أَلَمْ يَشْكُنِي إِلَيْكِ وَيَذْكُرْ تَقْصِيرِي بِهِ وَمَا كَلَّمْتُهُ بِهِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِ خَالِدٍ وَهُوَ أَشَدُّ لَكَ تَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَحْكِيَ عَنْكَ شَيْئًا أَوْ يَجِدَ مِنْ شَيْءٍ تَقُولُهُ وَإِنَّمَا أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ لَهُ. فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ وَظَنَّ أَنَّ الأَمْرَ عَلَى مَا حَكَتْ لَهُ وَأَنَّهَا قَدْ صَدَقَتْ. وَمَكَثَ حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَانَتِ الْقَائِلَةُ فَنَامَ عِنْدَهَا فَوَثَبَتْ هِيَ وَجَوَارِيهَا فَغَلَّقْنَ الأَبْوَابَ عَلَى مَرْوَانَ ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى وِسَادَةٍ فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ تَزَلْ هِيَ وَجَوَارِيهَا يُغَمِّمْنَهُ حَتَّى مَاتَ. ثُمَّ قَامَتْ فَشَقَّتْ عَلَيْهِ جَيْبَهَا وَأَمَرَتْ جَوَارِيَهَا وَخَدَمَهَا فَشَقَقْنَ وَصِحْنَ عَلَيْهِ وَقُلْنَ: مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَجْأَةً. وَذَلِكَ فِي هِلالِ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. وَكَانَ مَرْوَانُ يَوْمَئِذِ ابْنَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً. وَكَانَتْ وِلايَتُهُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ لَمْ يَعْدُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ. وَيُقَالُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَقَدْ . وبايع أهل الشام لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَكَانَتِ الشَّامُ وَمِصْرُ فِي يَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا كَانَتَا فِي يَدِ أَبِيهِ. وَكَانَ الْعِرَاقُ وَالْحِجَازُ فِي يَدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ بَيْنَهُمَا سَبْعَ سِنِينَ. ثُمَّ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً. وَاسْتَقَامَ الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بَعْدَهُ. وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ رَوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: مَنْ وَهَبَ وَهْبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ فَإِنَّهُ لا يَرْجِعُ فِيهَا. وَرَوَى أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَبُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ. وَرَوَى مَرْوَانُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ. وَكَانَ مَرْوَانُ فِي وِلايَتِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ يَجْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ يَسْتَشِيرُهُمْ وَيَعْمَلُ بِمَا يُجْمِعُونَ لَهُ عَلَيْهِ. وَجَمَعَ الصِّيعَانَ فَعَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى أَخَذَ أَعْدَلَهَا فَأَمَرَ أَنْ يُكَالَ بِهِ. فَقِيلَ صَاعُ مَرْوَانَ. وَلَيْسَتْ بِصَاعِ مَرْوَانَ إِنَّمَا هِيَ صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ مَرْوَانَ عَايَرَ بَيْنَهَا حَتَّى قَامَ الْكَيْلُ عَلَى أعدلها.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=82119&book=5525#95d3eb
مروان بن الحكم بن أبي العاص
ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عبد الملك، ويقال: أبو القاسم، ويقال: أبو الحكم، الأموي ولد في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان كاتباً لعثمان بن عفان في خلافته، وولي إمرة المدينة غير مرة لمعاوية، ثم بويع له بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بالجابية، وكان الضحاك بن قيس قد غلب على دمشق وتابع بها لابن الزبير، ثم دعا إلى نفسه، فقصده مروان وواقفه بمرج راهط، فقتل الضحاك، وغلب مروان على دمشق؛ وأمه أم عثمان، واسمها آمنة بنت علقمة بن صفوان.
عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الحديبية في بضع عشرة ومئة من الصحابة، حتى إذا كان بذي الخليفة قلد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهدي وأشعره، وأحرم بالعمرة، وبعث بين يديه عيناً
من خزاعة يخبره عن قريش، وسار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريباً من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال له: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش، وجمعوا لك جموعاً هم قاتلوك أو مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أشيروا علي، أترون أننميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم ونسبيهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محروبين، وإن ينجوا يكن عنقاً قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ ". قال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، يا رسول الله، إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فروحوا إذن ".
قال الزهري: وكان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحداً قط كان أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فراحوا حتى إذا كان ببعض الطريق قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين " فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا كان بفترة الجيش - قال عبد الرزاق: القترة: الغبار - فانطلق يرتكض نذيراً لقريش.
وسار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت راحلته، فقال الناس: خل خل، فألحت، فقالوا: خلات القصواء، خلات القصواء. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما خلات القصواء وما ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل " ثم قال: " والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ". ثم زجروها فوثبت به.
قال: فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس
تبرضاً، فلم يلبث الناس أن نزحوه. فشكوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العطش، فنزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه. قال: فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه؛ فبينما هم كذلك إذ جاءهم بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه بني خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا بحذاء مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنا لم نجىء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهتكم الحرب وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين البيت، فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم عن أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره ". فقال بديل: سأبلغهم ما تقول.
فانطلق حتى أتى قريشاً فقال: إنا جئناكم من عند هذا الرجل فسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء. وقال ذو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم ما قال النببي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال: ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى قال: هل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني. قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته. فقالوا: إيته.
فأتاه، فجعل يكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحواً من قوله لبديل. فقال عروة: أي محمد، أرأيت إن استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فوالله إني لأرى وجوهاً وأرى أوباشاً من الناس خلقاً أن يفروا ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك.
قال: فجعل يكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلما كلمه بكلمة أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب يده بنعل السيف، فقال: أخر يدك عن لحية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة. قال: أي غدر، أولست أسعى في غدرتك.
فقال: وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء ".
ثم إن عروة جعل يرمق صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعينيه. قال: فوالله ما تنخم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له.
فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، فإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.
فقال رجل من كنانة: دعوني آته. فقالوا: إيته. فلما أشرف على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها إليه، واستقبله القوم يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت. فرجع إلى أصحابه فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت.
فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: إيته؛ فلما أشرف عليهم قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هذا مكرز، وهذا رجل فاجر " فجاءه، فجعل يكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة، أنه لما جاء سهيل قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد سهل لكم من أمركم ".
قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتاباً؛ فدعي الكاتب، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتب باسمك اللهم " ثم قال: " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ". فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله ".
قال الزهري: وذلك لقوله: " لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ".
فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ". فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل؛ فكتب. فقال سهيل: وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟. فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل: هذا - يا محمد - أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنا لم نقض الكتاب بعد ". قال: فوالله إنا لا نصالحك إذاً على شيء أبداً. قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فأجره لي ". قال: ما أنا بمجيره لك. قال: " بلى فافعل ". قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بلى قد أجرناه لك. قال أبو جندل: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ - وقد عذب عذاباً شديداً في الله - فقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، ألست نبي الله؟ قال: " بلى ". قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: " بلى ". قال: قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: " إني
رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ". قلت: ألست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: " بلى "، قال: " أوأخبرتك أنك تأتيه العام؟ " قلت: لا. قال: " فإنك آتيه ومطوف به ". قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل، إنه رسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزة حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق. قلت: أوليس كان يحدثنا أنا نأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنا نأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً.
قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله: " قوموا فانحروا، ثم احلقوا ". قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات؛ فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس. قالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج: ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج، فلم يكلم أحداً منهم كلمة حتى فعل ذلك، فنحر بدنه، ودعا حالقه فحلق، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات " حتى بلغ " بعضهم الكوافر "، فطلق عمر يومئذ امرأتين كانت له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية.
ثم رجع إلى المدينة، فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلىالرجلين، فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة، فجعلا يأكلان من تمر لهم، فقال أبو نصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيداً؛ فاستله الآخر فقال: أجل، إنه لجيد، والله جربت به ثم جربت به؛ فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه؛ فأمكنه منه فضربه به حتى برد، وفر الآخر حتى بلغ المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآه: " لقد رأى هذا أمراً ". فلما انتهى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول.
قال: فجاءه أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ويل أمة مسعر حرب لو كان له أحد " فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر.
قال: وتفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فحلق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى تجمعت منهم عصابة.
قال: فوالله ما يسمعون بعير يخرج لقريش إلى الشام إلا اعترضوها فقتلوهم وأخذوا أموالهم؛ فأرسلت قريش إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسأل بالله وبالرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن. فأرسل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم، فأنزل الله عز وجل: " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم " حتى بلغ " حمية الجاهلية " وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحاولوا بينه وبين البيت.
روى عن زيد بن ثابت، قال: شكوت إلىالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرقاً أصابني، فقال: " قل: اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، يا حي يا قيوم أهدي لي ليلتيي وأنم عيني " فقلتها، فأذهب الله عني ما كنت أجد.
عن سهل بن سعد الساعدي، قال: رأيت مروان بن الحكم في المسجد جالساً، فأقبلت حتى جلست إليه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أملى عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " فجاء ابن مكتوم وهو يمليها، فقال: والله يا رسول الله لو أستطيع أجاهد لجاهدت. فأنزل الله - وفخذه على فخذه فثقلت حتى هبت أن ترض فخذي، ثم سري عنه - " " غير أولي الضرر ".
قال ابن يونس: قدم مصر سنة سبع وثلاثين لغزو المغرب مع معاوية بن حديج، وقدمها أيضاً
بعدما بويع له بالخلافة في الشام في جمادى الأولى سنة خمس وستين، وخرج منها في رجب سنة خمس وستين أيضاً، وتوفي بعد ذلك بالشام في شهر رمضان سنة خمس وستين.
قال الواقدي: رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يحفظ عنه شيئاً، وتوفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين.
وقال أيضاً: الحكم بن أبي العاص أسلم في الفتح، وقدم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فطرده من المدينة، فنزل الطائف حتى قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجع إلى المدينة فمات بها في خلافة عثمان رضي الله عنه. فصلى عليه، وضرب على قبره فسطاطاً.
عن أبي الحاكم، قال: رأى غير واحد من الأئمة ترك الاحتجاج بحديثه لما روي عنه بشأن طلحة بن عبيد الله.
وذكر سعيد بن كثير بن عفير: أنه كان قصيراً أحمر أوقص.
عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: لما انهزم الناس بالبصرة يوم الجمل كان علي بن أبي طالب يسأل عن مروان بن الحكم، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، إنك لتكثر السؤال عن مروان بن الحكم. فقال: تعطفني عليه رحم ماسة، وهو مع ذلك سيد من شباب قريش.
عن قبيصة بن جابر، عن معاوية؛ أنه قال لما سأله: من ترى لهذا الأمر بعدك؟: وأما القارىء لكتاب الله، الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله مروان بن الحكم.
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: مروان بن الحكم كان عنده قضاء، وكان يتبع قضاء عمر.
عن إسحاق بن أبي بردة، قال: قال لي مروان بن الحكم ولقيني فقال: يا ابن أبي موسى، أيثبت أن الجد لا ينزل عندكم بمنزلة الأب إذا لم يكن أب؟ قال: قلت: نعم. قال: لم لا تغيرون؟ قال: قلت: لو كنت أنت لم تقدر تغير. قال: فقال: أشهد على عثمان أنه شهد على أبي بكر أنه جعل الجد بمنزلة الأب إذا لم يكن أب.
عن شريح بن عبيد، قال: كان مروان بن الحكم إذا ذكر الاسلام قال: " من الطويل "
بنعمة ربي لا بما قدمت يدي ... ولا ببراتي إنني كنت خاطئا
عن سالم وهو النضر؛ أن مروان شهد جنازة، فلما صلى انصرف. قال أبو هريرة: أصاب قيراطاً وحرم قيراطاً. فأخبر بذلك، فأقبل يجري قد بدت ركبتاه، فقعد حتى أذن له.
عن عياش بن عباس، قال: حدثني من حضر ابن البياع - يعني عروة بن شييم بن البياع الليثي - يومئذ - يعني يوم الدار - يبارز مروان بن الحكم، فكأني أنظر إلى قبائه قد أدخل طرفيه في منطقته، وتحت القباء الدرع، فضرب مروان على قفاه ضربة قطع علابي رقبته ووقع لوجهه، فأرادوا أن يدففوا عليه فقيل: أتبضعون اللحم؟ فترك.
وعن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، قال: قال لي أبي بعد الدار وهو يذكر مروان بن الحكم: عباد الله، والله لقد ضربت رقبته، فما أحسبه إلا قد مات، ولكن المرأة أحفظتني، قالت: ما تصنع بلحمه أن تبضعه؟ فأخذني الحفاظ فتركته.
عن هارون بن حاتم، عن أبي بكر بن عياش، قال:
ثم حج بالناس مروان بن الحكم سنة ثلاث وأربعين، ثم حج بالناس مروان بن الحكم سنة أربع وخمسين، ثم حج بالناس سنة خمس وخمسين.
حدث مالك؛ أن مروان بن الحكم كان إذا ولي المدينة فقدمها، جلس في ثيابه التي قدم فيها مكانه، ثم يدعو بأهل السجن، فيقطع من يقطع، ويضرب من حل عليه الضرب، ويصلب من حل عليه الصلب، فإذا فرغ رجع إلى منزله.
عن أبي يحيى، قال: كنت بين الحسن بن علي والحسين ومروان بن الحكم، والحسين يساب مروان، فجعل الحسن ينهى الحسين، حتى قال مروان: إنكم أهل بيت ملعونون. قال: فغضب الحسن وقال: ويلك، قلت: أهل بيت ملعونون؟ فوالله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت في صلبه.
عن عائشة بنت سعد: أن مروان بن الحكم كان يعود سعد بن أبي وقاص، وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاض لمروان بن الحكم، فقال سعد: ردوه. فقال أبو هريرة: سبحان الله، كهل قريش وأمير البلد. جاء يعودك فكان حق ممشاه إليك أن ترده؟ فقال سعد: أئذنوا له، فلما دخل مروان وأبصره سعد تحول بوجهه عنه نحو سرير ابنته عائشة، فأرعد سعد وقال: ويلك يا مروان، أنه طاعتك - يعني أهل الشام - عن شتم علي بن أبي طالب. فغضب مروان، فقام وخرج مغضباً.
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: رأيت أسامة بن زيد مضطجعاً في حجرة عائشة، رافعاً عقيرته يتغنى، ورأيته يصلي عند قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج عليه مروان فقال: تصلي عند قبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فقال: إني أحبه. فقال له قولاً قبيحاً ثم أدبر؛ فانصرف أسامة ثم قال: يا مروان، إنك قد آذيتني، وإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله يبغض الفاحش المتفحش، وإنك فاحش متفحش.
عن داود بن أبي صالح، قال: أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر، فقال: أدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب، فقال: نعم، جئت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله ".
عن طارق بن شهاب. قال: أول من أخر الخطبة مروان، فقام إليه رجل فقال: يا مروان خالفت خالف الله بك. قال: يا فلان أترك ما هنالك. فقام أبو سعيد الخدري فقال: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رأى منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".
عن عمر مولى أم سلمة؛ أن مروان خطب إلى أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم عمر، فقالت أم سلمى: إني لم أكن لأنكحك ما دمت أميراً - وكان أميراً على المدينة - فلما أمر سعيد بن العاص على المدينة وصرف مروان قالت أم سلمة: الآن أنكحك، فإن خير أيامك الأيام التي لا تكون فيها أميراً، فأنكحت أم عمر من مروان.
عن بعض أهل المدينة، قال: وجد مروان على مولاه خيانة، قال: تخونني؟ قال: إي والله أخونك وأنت تخون معاوية.
عن ابن موهب؛ أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان، فدخل عليه مروان فكلمه في حاجة، فقال: اقض حاجتي يا أمير المؤمنين، فوالله إن مؤونتي لعظيمة، وإني أبو عشرة وعم عشرة وأخو
عشرة؛ فلما أدبر مروان وابن عباس جالس مع معاوية على السرير، فقال معاوية: أشهد بالله يا ابن عباس، أما تعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين اتخذوا مال الله بينهم دولاً، وعباد الله خولاً، وكتاب الله دغلاً، فإذا بلغوا ستة وتسعين وأربعمئة كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة "؟ قال ابن عباس: اللهم نعم.
وذكر حاجة لي فرد مروان عبد الملك إلى معاوية وكلمه فيها، فلما أدبر عبد الملك قال معاوية: أنشدك بالله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر هذا وقال: " أبو الجبابرة الأربعة "؟ قال ابن عباس: اللهم نعم.
عن عوانة، قال: قدم مروان الجابية على حسان بن مالك بن بحدل في بني أمية، فقال له حسان أتيتني بنفسك إذ أبيت أن آتيك! والله لأجالدن عنك في قبائل اليمن أو أسلمها إليك. فبايع حسان وأهل الأردن لمروان على أن لا يبايع مروان إلا لخالد بن يزيد، وله إمرة حمص، ولعمرو بن سعيد وله إمرة دمشق؛ وكانت بيعة مروان بالجابية يوم الاثنين للنصف من ذي الفعدة سنة أربع وستين.
قال الليث: بويع مروان في ذي القعدة في الجابية، وذلك بعد يزيد بن معاوية بثمانية أشهر، لأن يزيد مات للنصف من ربيع الأول في هذه السنة - يعني سنة أربع وستين - وفيها كنت وقعة راهط في ذي الحجة، بعد الأضحى بليلتين.
قال خليفة: حدثني الوليد بن هشام، عن أبيه، عن جده، وأبو اليقظان وغيرهما، قالوا: قدم ابن زياد الشام وقد بايع أهل الشام مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية،
وأمه آمنة بنت علقمة بن صفوان، وكان من بني أمية، فبايع ابن زياد ومن كان هناك من بني أمية ومواليهم لمروان بن الحكم ومن بعده لخالد بن يزيد بن معاوية، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين، ثم ساروا إلى الضحاك الفهري، فالتقوا بمرج راهط فاقتتلوا عشرين يوماً، ثم كانت الهزيمة على الضحاك بن قيس وأصحابه، وذلك في آخر ذي الحجة سنة أربع وستين، فقتل الضحاك وناس كثير من قيس.
عن محمد بن سعد، قال: قالوا: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومروان بن الحكم ابن ثمان سنين، فلم يزل مع أبيه بالمدينة حتى مات أبوها لحكم بن أبي العاص في خلافة عثمان بن عفان، وكان كاتباً له، وأمر له عثمان بأموال، وكان يتأول في ذلك صلة قرابته، وكان الناس ينقمون على عثمان تقريبه مروان وطاعته له، ويرون أن كثيراً مما ينسب إلى عثمان لم يأمر به وأن ذلك عن رأي مروان دون عثمان؛ فكان الناس قد شنفوا لعثمان لما كان يصنع بمروان ويقربه، وكان مروان يحمله على أصحابه وعلى الناس ويبلغه ما يتكلمون به فيه ويتهددونه به، ويريه أنه يتقرب بذلك إليه.
وكان عثمان رجلاً كريماً حيياً سليماً، فكان يصدقه في بعض ضلك ويرد عليه بعضاً؛ وينازع مروان أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين يديه، فيرده عن ذلك ويزبره.
فلما حضر عثمان كان مروان يقاتل دونه أشد قتال؛ وأرادت عائشة الحج وعثمان محصور. فأتاها مروان وزيد بنثابت وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العاص فقالوا: يا أم المؤمنين لو أقمت، فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور، ومقامك مما يدفع الله به عنه. فقالت: قد حليت ظهري وعريتغرائزي، ولست أقدر على المقام. فأعادوا عليها الكلام، فأعادت عليهم مثل ما قالت لهم، فقام مروان وهو يقول: " من المتقارب "
وحرق قيس علي البلا ... د حتى استعرت أجذما
فقالت عائشة: أيها المتمثل علي بالأشعار، وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحى وأنكما في البحر. وخرجت إلى مكة.
قالوا: فلما قتل عثمان وصار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان خرج معهم مروان بن الحكم، فقاتل يومئذ أيضاً قتالاً شديداً، فلما رأى انكشاف الناس نظر إلى طلحة بن عبيد الله واقفاً فقال: والله إن دم عثمان إلا عند هذا، هو كان أشد الناس عليه، وما أطلب أثراً بعد عين. ففوق له بسهم فرماه به فقتله، وقاتل مروان أيضاً حتى ارتث، فحمل إلى بيت امرأة من عنزة، فداووه وقاموا عليه، فما زال آل مروان يشكرون ذلك لهم.
وانهزم أصحاب الجمل، وتوارى مروان حتى أخذ الأمان له من علي بن أبي طالب، فأمنه، فقال مروان: ما تقر بي نفسي حتى آتيه فأبايعه، فأتاه فبايعه، ثم انصرف مروان إلى المدينة فلم يزل بها حتى ولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة، فولى مروان بن الحكم المدينة سنة اثنتين وأربعين، ثم عزله وولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلم يزل على المدينة حتى مات معاوية، ومروان يومئذ معزول عن المدينة. ثم ولى يزيد بعد الوليد بن عتبة المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان؛ فلما وثب أهل المدينة أيام الحرة أخرجوا عثمان بن محمد وبني أمية من المدينة، فأجلوهم عنها إلى الشام وفيهم مروان بن الحكم، وأخذوا عليهم الأيمان ألا يرجعوا إليهم، وإن قدروا أن يردوا هذا الجيش الذي قد وجه إليهم مع مسلم بن عقبة المري أن يفعلوا.
فلما استقبلوا مسلم بن عقبة سلموا عليه، وجعل يسائلهم عن المدينة وأهلها، فجعل مروان يخبره ويحرضه عليهم، فقال مسلم: ما ترون؟ تمضون إلى أمير المؤمنين، أو ترجعون معي؟ قالوا: بل نمضي إلى أمير المؤمنين. وقال مروان من بينهم: أما أنا فأرجع معك؛ فرجع معه مؤازراً له، معيناً له على أمره حتى ظفر بأهل المدينة، وقتلوا، وانتهبت المدينة ثلاثاً.
وكتب مسلم بن عقبة بذلك إلى يزيد بن معاوية وقد كان عقد لابنه معاوية بن يزيد بالعهد بعده، فبايع له الناس، وأتته بيعة الآفاق إلا ما كان من ابن الزبير وأهل مكة، فولى ثلاثة أشهر، فكان يأمر الضحاك بن قيس الفهري يصلي بالناس بدمشق، فلما ثقل معاوية بن يزيد قيل له: لو عهدت إلى رجل عهداً واستخلفت خليفة. فقال: والله ما نفعتني حياً فأتقلدها ميتاً؟ وإن كان خيراً فقد استكثر منه آل أبي سفيان، لا تذهب بنو أمية بحلاوتها وأتقلد مرارتها، والله لا يسألني الله عن ذلك أبداً، ولكن إذا مت فليصل علي الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وليصل بالناس الضحاك بن قيس حتى يختار الناس لأنفسهم ويقوم بالخلافة قائم.
فلما مات صلى عليه الوليد، وقام بأمر الناس الضحاك بن قيس، فلما دفن معاوية بن يزيد قام مروان على قبره، وقال: أتدرون من دفنتم؟ قالوا: معاوية بن يزيد. فقال: هذا أبو ليلى، فقال أزنم الفزاري: " من البسيط "
إني أرى فتناً تغلي مراجلها ... والملك بعد أبي ليلى غلبا
واختلف الناس بالشام، فكان أول من خالف من أمراء الأجناد ودعا إلى ابن الزبير النعمان بن بشير بحمص، وزفر بن الحارث بقنسرين. ثم دعا الضحاك بن قيس بدمشق الناس سراً، ثم دعا الناس إلى بيعة ابن الزبير فأتوه، فلما علم مروان ذلك خرج يريد ابن الزبير بمكة ليبايع له ويأخذ منه أماناً لبني أمية، وخرج معه عمرو بن سعيد بن العاص، فلما كانوا بأذرعات وهي مدينة البثينة لقيهم عبيد الله بن زياد مقبلاً من العراق، فقال
لمروان: أين تريد؟ فأخبره. فقال: سبحان الله، أرضيت لنفسك بهذا؟ تبايع لأني خبيب وأنت سيد بني عبد مناف! والله لأنت أولى بها منه. فقال مروان: فما الرأي؟ قال: أن ترجع وتدعو إلى نفسك، وأنا أكفيك قريشاً ومواليها، ولا يخالفك منهم أحد. فقال عمرو بن سعيد: صدق عبيد الله، إنك لجذم قريش وشيخها وسيدها، وما ينظر الناس إلا إلى هذا الغلام خالد بن يزيد بن معاويد، فتزوج أمه فيكون في حجرك، وادع إلى نفسك، فأنا أكفيك اليمانية فإنهم لا يخالفونني - وكان مطاعاً عندهم - على أن تبايع لي من بعدك. قال: نعم.
فرجع مروان وعمرو بن سعيد ومن معهما، وقدم عبيد الله بن زياد دمشق يوم الجمعة، فدخل المسجد فصلى، ثم خرج فنزل باب الفراديس، فكان يركب إلى الضحاك بن قيس كل يوم فيسلم عليه ثم يرجع إلى منزله؛ فقال له يواً: يا أبا أنيس، العجب لك وأنت شيخ قريش تدعو لابن الزبير وتدع نفسك، وأنت أرضى عند الناس منه، فادع إلى نفسك. فدعا إلى نفسه ثلاثة أيام. فقال له الناس: أخذت بيعتنا وعهودنا لرجل ثم تدعو إلى خلعه من غير حدث أحدثه! فلما رأى ذلك عاد إلى الدعاء لابن الزبير، فأفسده ذلك عند الناس وغير قلوبهم عليه، فقال عبيد الله بن زياد ومكر به؛ من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون، يبرز ويجمع إليه الخيل، فأخرج عن دمشق واضمم إليك الأجناد.
فخرج الضحاك فنزل المرج، وبقي عبيد الله بدمشق، ومروان وبنو أمية بتدمر، وخالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية بالجابية عند خالهما حسان بن مالك بن بحدل، فكتب عبيد الله إلى مروان أن ادع الناس إلى بيعتك، واكتب إلى حسان بن مالك فليأتك، فإنه لن يردك عن بيعتك، ثم سر إلى الضحاك فقد أصحر لك.
فدعا مروان بني أمية ومواليهم فبايعوه، وتزوج أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة، وكتب إلى حسان بن مالك بن بحدل يدعوه أن يبايع له ويقدم عليه، فأبى، فأسقط في يدي مروان، فأرسل إلى عبيد الله، فكتب إليه عبيد الله أن اخرج إليه فيمن معك من بني أمية.
فخرج إليه مروان وبنو أمية جميعاً معه وهو بالجابية، والناس بها مختلفون، فدعاه إلى البيعة فقال حسان: والله لئن بايعتم مروان ليحسدنكم علاقة سوط وشراك نعل وظل شجرة، إن مروان وآل مروان أهل بيت من قيس - يريد أن مروان أبو عشرة وأخو عشرة - فإن بايعتم له كنتم عبيداً لهم، فأطيعوني وبايعوا خالد بن يزيد. فقال روح بن زنباع: بايعوا الكبير واستشبوا الصغير. فقال حسان بن مالك لخالد: يا ابن أختي هواي فيك وقد أباك الناس للحداثة، ومروان أحب إليهم منك ومن ابن الزبير. قال: بل عجزت. قال: كلا.
فبايع حسان وأهل الأردن لمروان على أن لا يبايع مروان لأحد إلا لخالد بن يزيد، ولخالد إمرة حمص، ولعمرو بن سعيد إمرة دمشق. فكانت بيعة مروان بالجابية يوم الاثنين للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين. وبايع عبيد الله بن زياد لمروان بن الحكم أهل دمشق، وكتب بذلك إلى مروان، فقال مروان: إن يرد الله أن يتمم لي خلافة لا يمنعنيها أحد من خلقه. فقال حسان بن مالك: صدقت.
وسار مروان من الجابية في ستة آلاف حتى نزل مرج راهط، ثم لحق به من أصحابه من أهل دمشق وغيرهم من الأجناد سبعة آلاف، فكان في ثلاثة عشر ألفاً أكثرهم رجالة، ولم يكن في عسكر مروان غير ثمانين عتيقاً، أربعون منهم لعباد بن زياد، وأربعون لسائر الناس.
وكان على ميمنة مروان عبيد الله بن زياد وعلى ميسرته عمرو بن سعيد. وكتب الضحاك بن قيس إلى أمراء الأجناد فتوافوا عنده بالمرج، فكان في ثلاثين ألفاً، وأقاموا عشرين يوماً يلتقون في كل يوم فيقتتلون حتى قتل الضحاك بن قيس، وقتل معه من قيس بشر كثير.
فلما قتل الضحاك بن قيس وانهزم الناس، رجع مروان ومن معه إلى دمشق، وبعث عماله إلى الأجناد، وبايع له أهل الشام جميعاً، وكان مروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية ف بعض الأمر، ثم بدا له، فعقد لابنيه عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة بعده.
فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصر به ويزهد الناس فيه، وكان إذا دخل عليه أجلسه معه إلى سريره، فدخل عليه يوماً فذهب ليجلس مجلسه الذي كان يجلسه، فقال له مروان وزبره: تنح يا ابن رطبة الاست، والله ما وجدت لك عقلاً. فانصرف خالد وقتئذ مغضباً حتى دخل على أمه فقال: فضحتني، وقصرت بي، ونكست برأسي، ووضعت أمري. قالت: وما ذاك؟ قال: تزوجت هذا الرجل فصنع بي كذا وكذا؛ ثم أخبرها بما قال له، فقالت: لا يسمع هذا منك أحد، ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك، وادخل عليه كما كنت تدخل، واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته، فإني سأكفيكه وأنتصر لك منه.
فسكت خالد وخرج إلى منزله، وأقبل مروان فدخل على أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة وهي امرأته، فقال لها: ما قال لك خالد، وما قلت له اليوم، وما حدثك به عني؟ فقالت: ما حدثني بشيء ولا قال لي. فقال: ألم يشكني إليك، ويذكر تقصيري به، وما كلمته به؟ فقالت: يا أمير المؤمنين، أنت أجل في عين خالد، وهو أشد لك تعظيماً من أن يحكي عنك شيئاً، أو يجد من شيء تقوله، وإنما أنت بمنزلة الوالد له. فانكسر مروان، وظن أن الأمر على ما حكت له، وأنها قد صدقت.
ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة، فنام عندها، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب على مروان، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه، فلم تزل هي وجواريها يغممنه حتى مات. ثم قامت فشقت عليه جيبها، وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه وقلن: مات أمير المؤمنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين. وكان مروان يومئذ ابن أربع وستين سنة، وكانت ولايته على الشام ومصر لم يعد بعد ذلك ثمانية أشهر، ويقال: ستة أشهر.
وقد قال علي بن أبي طالب له يوماً ونظر إليه: ليحملن راية الضلال بعدما يشيب صدغاه، وله إمرة كلحسة الكلب أنفه.
وبايع أهل الشام بعده لعبد الملك بن مروان، فكانت الشام ومصر في يد عبد الملك
كما كانتا في يد أبيه، وكانت العراق والحجاز في يد ابن الزبير، وكانت الفتنة بينهما سبع سنين، ثم قتل ابن ابزبير بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، واستقام الأمر لعبد الملك بن مروان بعده.
وكان مروان قد روى عن عمر بن الخطاب: من وهب هبة لصلة رحم فإنه لا يرجع فيها.
وروى أيضاً عن عثمان وزيد بن ثابت ويسرة بنت صفوان، وروى مروان عن سهل بن سعد الساعدي.
وكان مروان في ولايته على المدينة يجمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستشيرهم ويعمل بما يجمعون له عليه، فجمع الصيعان فغاير بينهما حتى أخذ أعدلهما، فأمر أن يكال به، فقيل: صاع مروان، وليست بصاع مروان إنما هي صاع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن مروان غاير بينها حتى قام الكيل على أعدلها.
عن ابن وهب، قال: سمعت مالكاً يحدث أن مروان بن الحكم تذكر يوماً فقال: قرأت كتاب الله مذ أربعين سنة ثم أصبحت فيما أنا فيه من هراق الدماء وهذا الشأن.
عن حرب بن زياد، قال: كان نقش خاتم مروان بن الحكم: آمنت بالعزيز الرحيم.
وعن بعض أهل العلم، قال: كان آخر ما تكلم به مروان بن الحكم: وجبت الجنة لمن خاف النار. وكان نقش خاتمه: العزة لله.
عن أبي هريرة: أن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " رأيت في النوم بني الحكم - أو بني العاص - ينزون على منبري كما تنزو الفردة ". قال: فما رؤي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن سعيد بنالمسيب، قال: رأى النبي عليه السلام بني أمية على منابرهم، فساءه ذلك، فأوحى الله إليه: إنما هي دنيا أعطوها؛ فقرت عينه، وهي قوله: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " أي بلاء للناس.
عن عمرو بن مرة - وكانت له صحبة - قال: جاء الحكم بن أبي العاص يستأذن على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعرف كلامه فقال: " ائذنوا له، حية - أو ولد حية - عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنون، وقليل ماهم، يشرفون في الدنيا ويوضعون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة، يعظمون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق ".
قال المصنف: هذا الإسناد فيه من يجهل حاله.
عن عبد الله بن عمرو، قال: كنا جلوساً عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني، فقال ونحن عنده: " ليدخلن عليكم رجل لعين " فوالله ما زلت وجلاً أتشوف داخلاً وخارجاً حتى دخل فلان - يعني الحكم -.
عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا حدث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء قال هكذا - يكلح وجهه - فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنت كذا ". فما زال يختلج حتى مات.
عن الشعبي عن عبد الله بن الزبير أنه قال وهو على المنبر: ورب هذا البيت الحرام والبلد الحرام أن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن عائشة أم المؤمنين، قالت: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجرته، فسمع حساً فاستنكره، فذهبوا فنظروا، فإذا الحكم كان يطلع على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلعنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما في صلبه، ونفاه.
فأما ما روى في تفسير الشجرة الملعونة أنها بنو أمية فلم يصح.
عن سعيد بن عامر، قال: قضى عمر بن عبد العزيز بقضية، فقال له رجل: خالفت جدك. ففزع فقال: أي جد؟ فقال: مروان. قال: فما التفت إليه، وكان توهمه عمر بن الخطاب.
عن ابن شهاب، قال: اجتمع مروان وابن الزبير يوماً عند عائشة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلسا في حجرتها، وعائشة في بيتها، وبينهم الحجاب، فساءلا عائشة وحدثتهما، فقال مروان: " من الطويل "
من يشأ الله يخفضه بقدرته ... وليس لمن لم يرفع الله رافع
فقال ابن الزبير:
فوض إلى الله الأمور إذا غرت ... وبالله لا بالأقربين تدافع
فقال مروان:
داو ضمير القلب بالبر والتقى ... لا يستوي قلبان قاس وخاشع
فقال ابن الزبير:
لا يستوي عبدان عبد مصلم ... عتل لأرحام الأقارب قاطع
فقال مروان:
وعبد تجافي جنبه عن فراشه ... يبيت يناجي ربه وهو راكع
فقال ابن الزبير:
وللخير أهل يعرفون بشكلهم ... تشير إليهم بالفجور الأصابع
فسكت ابن الزبير فلم يجب مروان بشيء، فقالت عائشة: يا عبد الله، ما له لم تجب صاحبك؟ والله ما سمعت تجاول رجلين تجاولاً في نحو ما تجاولتما فيه أعجب إلي مجاولة منكما. قال ابن الزبير: إني خفت عوار القول وتخففت. قالت عائشة: إن لمروان في الشعر إرثاً ليس لك.
وأنشد لمروان: " من الكامل "
يا عين جودي بالدموع الذارية ... جودي فلا زلت غروبك باكيه
وأبكي على خير البرية كلها ... فلقد أتتك مع الحوادث داهيه
بكر النعي مع الصباح بقوله ... ينعي ربيع المسلمين معاويه
فاستك مني السمع حين نعاه لي ... جزعاً عليه واستطير فؤاديه
فأحببته أن لا حييت مسلماً ... ماذا تقوا اليوم أمك غاويه
من المهبات وللأرامل بعده ... عند القحوط وللعتاة الطاغيه
أينالندى يبكيه والحلم الذي ... شمخت بذروته الفروع الساميه
عن عبد العزيز بن مروان، قال: أوصاني مروان قال: لا تجعل لداعي الله عليك حجة، وإذا وعدت ميعاداً فانزل عنده ولو ضربت به على حد السيف، وإذا رأيت أمراً فاستشر فيه أهل العلم بالله عز وجل وأهل مودتك، فأما أهل العلم فيهديهم الله إن شاء، وأما أهل مودتك فلا يسألونك نصيحة.
عن أبي معشر، قال: ثم بايع أهل الشام مروان بن الحكم - يعني سنة أربع وستين - فعاش تسعة أشهر ثم مات.
وقال: كان لمروان بن الحكم يوم مات إحدى وثمانون سنة.
قال ابن أبي السري: ومات بدمشق وهو ابن ثلاث وستين، وصلى عليه ابنه عبد الملك، وكان قصيراً أحمر الوجه، أوقص، دقيق العنق، كبير الرأس واللحية، وكان يلقب خيط باطل.
وذكر سعيد بن كثير بن عفير؛ أن مروان مات حين انصرف من مصر بالصنبرة، ويقال: بلد. وقد قيل: إنه مات بدمشق منصرفه من مصر، ودفن بباب الجابية وباب الصغير.
ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو عبد الملك، ويقال: أبو القاسم، ويقال: أبو الحكم، الأموي ولد في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان كاتباً لعثمان بن عفان في خلافته، وولي إمرة المدينة غير مرة لمعاوية، ثم بويع له بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بالجابية، وكان الضحاك بن قيس قد غلب على دمشق وتابع بها لابن الزبير، ثم دعا إلى نفسه، فقصده مروان وواقفه بمرج راهط، فقتل الضحاك، وغلب مروان على دمشق؛ وأمه أم عثمان، واسمها آمنة بنت علقمة بن صفوان.
عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، قالا: خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمن الحديبية في بضع عشرة ومئة من الصحابة، حتى إذا كان بذي الخليفة قلد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهدي وأشعره، وأحرم بالعمرة، وبعث بين يديه عيناً
من خزاعة يخبره عن قريش، وسار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريباً من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال له: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش، وجمعوا لك جموعاً هم قاتلوك أو مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أشيروا علي، أترون أننميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم ونسبيهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محروبين، وإن ينجوا يكن عنقاً قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ ". قال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، يا رسول الله، إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فروحوا إذن ".
قال الزهري: وكان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحداً قط كان أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فراحوا حتى إذا كان ببعض الطريق قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين " فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا كان بفترة الجيش - قال عبد الرزاق: القترة: الغبار - فانطلق يرتكض نذيراً لقريش.
وسار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت راحلته، فقال الناس: خل خل، فألحت، فقالوا: خلات القصواء، خلات القصواء. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما خلات القصواء وما ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل " ثم قال: " والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ". ثم زجروها فوثبت به.
قال: فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء، إنما يتبرضه الناس
تبرضاً، فلم يلبث الناس أن نزحوه. فشكوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العطش، فنزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه. قال: فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه؛ فبينما هم كذلك إذ جاءهم بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه بني خزاعة، وكانوا عيبة نصح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا بحذاء مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنا لم نجىء لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشاً قد نهتكم الحرب وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين البيت، فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم عن أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره ". فقال بديل: سأبلغهم ما تقول.
فانطلق حتى أتى قريشاً فقال: إنا جئناكم من عند هذا الرجل فسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء. وقال ذو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا، فحدثهم ما قال النببي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال: ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أولست بالولد؟ قالوا: بلى قال: هل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ، فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني. قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته. فقالوا: إيته.
فأتاه، فجعل يكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحواً من قوله لبديل. فقال عروة: أي محمد، أرأيت إن استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإن تكن الأخرى، فوالله إني لأرى وجوهاً وأرى أوباشاً من الناس خلقاً أن يفروا ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك.
قال: فجعل يكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلما كلمه بكلمة أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب يده بنعل السيف، فقال: أخر يدك عن لحية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة. قال: أي غدر، أولست أسعى في غدرتك.
فقال: وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء ".
ثم إن عروة جعل يرمق صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعينيه. قال: فوالله ما تنخم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له.
فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، فإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.
فقال رجل من كنانة: دعوني آته. فقالوا: إيته. فلما أشرف على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها إليه، واستقبله القوم يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله، ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت. فرجع إلى أصحابه فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت.
فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: إيته؛ فلما أشرف عليهم قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هذا مكرز، وهذا رجل فاجر " فجاءه، فجعل يكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة، أنه لما جاء سهيل قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد سهل لكم من أمركم ".
قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتاباً؛ فدعي الكاتب، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتب باسمك اللهم " ثم قال: " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ". فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله ".
قال الزهري: وذلك لقوله: " لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ".
فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ". فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل؛ فكتب. فقال سهيل: وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟. فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل: هذا - يا محمد - أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنا لم نقض الكتاب بعد ". قال: فوالله إنا لا نصالحك إذاً على شيء أبداً. قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فأجره لي ". قال: ما أنا بمجيره لك. قال: " بلى فافعل ". قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بلى قد أجرناه لك. قال أبو جندل: يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ - وقد عذب عذاباً شديداً في الله - فقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، ألست نبي الله؟ قال: " بلى ". قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: " بلى ". قال: قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: " إني
رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ". قلت: ألست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: " بلى "، قال: " أوأخبرتك أنك تأتيه العام؟ " قلت: لا. قال: " فإنك آتيه ومطوف به ". قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل، إنه رسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزة حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق. قلت: أوليس كان يحدثنا أنا نأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنا نأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً.
قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله: " قوموا فانحروا، ثم احلقوا ". قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات؛ فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس. قالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج: ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج، فلم يكلم أحداً منهم كلمة حتى فعل ذلك، فنحر بدنه، ودعا حالقه فحلق، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً، ثم جاءه نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات " حتى بلغ " بعضهم الكوافر "، فطلق عمر يومئذ امرأتين كانت له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية.
ثم رجع إلى المدينة، فجاءه أبو بصير، رجل من قريش وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفعه إلىالرجلين، فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة، فجعلا يأكلان من تمر لهم، فقال أبو نصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيداً؛ فاستله الآخر فقال: أجل، إنه لجيد، والله جربت به ثم جربت به؛ فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه؛ فأمكنه منه فضربه به حتى برد، وفر الآخر حتى بلغ المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رآه: " لقد رأى هذا أمراً ". فلما انتهى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول.
قال: فجاءه أبو بصير فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ويل أمة مسعر حرب لو كان له أحد " فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر.
قال: وتفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فحلق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى تجمعت منهم عصابة.
قال: فوالله ما يسمعون بعير يخرج لقريش إلى الشام إلا اعترضوها فقتلوهم وأخذوا أموالهم؛ فأرسلت قريش إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسأل بالله وبالرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن. فأرسل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليهم، فأنزل الله عز وجل: " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم " حتى بلغ " حمية الجاهلية " وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحاولوا بينه وبين البيت.
روى عن زيد بن ثابت، قال: شكوت إلىالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرقاً أصابني، فقال: " قل: اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، يا حي يا قيوم أهدي لي ليلتيي وأنم عيني " فقلتها، فأذهب الله عني ما كنت أجد.
عن سهل بن سعد الساعدي، قال: رأيت مروان بن الحكم في المسجد جالساً، فأقبلت حتى جلست إليه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أملى عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " فجاء ابن مكتوم وهو يمليها، فقال: والله يا رسول الله لو أستطيع أجاهد لجاهدت. فأنزل الله - وفخذه على فخذه فثقلت حتى هبت أن ترض فخذي، ثم سري عنه - " " غير أولي الضرر ".
قال ابن يونس: قدم مصر سنة سبع وثلاثين لغزو المغرب مع معاوية بن حديج، وقدمها أيضاً
بعدما بويع له بالخلافة في الشام في جمادى الأولى سنة خمس وستين، وخرج منها في رجب سنة خمس وستين أيضاً، وتوفي بعد ذلك بالشام في شهر رمضان سنة خمس وستين.
قال الواقدي: رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يحفظ عنه شيئاً، وتوفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمان سنين.
وقال أيضاً: الحكم بن أبي العاص أسلم في الفتح، وقدم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فطرده من المدينة، فنزل الطائف حتى قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجع إلى المدينة فمات بها في خلافة عثمان رضي الله عنه. فصلى عليه، وضرب على قبره فسطاطاً.
عن أبي الحاكم، قال: رأى غير واحد من الأئمة ترك الاحتجاج بحديثه لما روي عنه بشأن طلحة بن عبيد الله.
وذكر سعيد بن كثير بن عفير: أنه كان قصيراً أحمر أوقص.
عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: سمعت الشافعي يقول: لما انهزم الناس بالبصرة يوم الجمل كان علي بن أبي طالب يسأل عن مروان بن الحكم، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، إنك لتكثر السؤال عن مروان بن الحكم. فقال: تعطفني عليه رحم ماسة، وهو مع ذلك سيد من شباب قريش.
عن قبيصة بن جابر، عن معاوية؛ أنه قال لما سأله: من ترى لهذا الأمر بعدك؟: وأما القارىء لكتاب الله، الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله مروان بن الحكم.
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: مروان بن الحكم كان عنده قضاء، وكان يتبع قضاء عمر.
عن إسحاق بن أبي بردة، قال: قال لي مروان بن الحكم ولقيني فقال: يا ابن أبي موسى، أيثبت أن الجد لا ينزل عندكم بمنزلة الأب إذا لم يكن أب؟ قال: قلت: نعم. قال: لم لا تغيرون؟ قال: قلت: لو كنت أنت لم تقدر تغير. قال: فقال: أشهد على عثمان أنه شهد على أبي بكر أنه جعل الجد بمنزلة الأب إذا لم يكن أب.
عن شريح بن عبيد، قال: كان مروان بن الحكم إذا ذكر الاسلام قال: " من الطويل "
بنعمة ربي لا بما قدمت يدي ... ولا ببراتي إنني كنت خاطئا
عن سالم وهو النضر؛ أن مروان شهد جنازة، فلما صلى انصرف. قال أبو هريرة: أصاب قيراطاً وحرم قيراطاً. فأخبر بذلك، فأقبل يجري قد بدت ركبتاه، فقعد حتى أذن له.
عن عياش بن عباس، قال: حدثني من حضر ابن البياع - يعني عروة بن شييم بن البياع الليثي - يومئذ - يعني يوم الدار - يبارز مروان بن الحكم، فكأني أنظر إلى قبائه قد أدخل طرفيه في منطقته، وتحت القباء الدرع، فضرب مروان على قفاه ضربة قطع علابي رقبته ووقع لوجهه، فأرادوا أن يدففوا عليه فقيل: أتبضعون اللحم؟ فترك.
وعن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، قال: قال لي أبي بعد الدار وهو يذكر مروان بن الحكم: عباد الله، والله لقد ضربت رقبته، فما أحسبه إلا قد مات، ولكن المرأة أحفظتني، قالت: ما تصنع بلحمه أن تبضعه؟ فأخذني الحفاظ فتركته.
عن هارون بن حاتم، عن أبي بكر بن عياش، قال:
ثم حج بالناس مروان بن الحكم سنة ثلاث وأربعين، ثم حج بالناس مروان بن الحكم سنة أربع وخمسين، ثم حج بالناس سنة خمس وخمسين.
حدث مالك؛ أن مروان بن الحكم كان إذا ولي المدينة فقدمها، جلس في ثيابه التي قدم فيها مكانه، ثم يدعو بأهل السجن، فيقطع من يقطع، ويضرب من حل عليه الضرب، ويصلب من حل عليه الصلب، فإذا فرغ رجع إلى منزله.
عن أبي يحيى، قال: كنت بين الحسن بن علي والحسين ومروان بن الحكم، والحسين يساب مروان، فجعل الحسن ينهى الحسين، حتى قال مروان: إنكم أهل بيت ملعونون. قال: فغضب الحسن وقال: ويلك، قلت: أهل بيت ملعونون؟ فوالله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنت في صلبه.
عن عائشة بنت سعد: أن مروان بن الحكم كان يعود سعد بن أبي وقاص، وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاض لمروان بن الحكم، فقال سعد: ردوه. فقال أبو هريرة: سبحان الله، كهل قريش وأمير البلد. جاء يعودك فكان حق ممشاه إليك أن ترده؟ فقال سعد: أئذنوا له، فلما دخل مروان وأبصره سعد تحول بوجهه عنه نحو سرير ابنته عائشة، فأرعد سعد وقال: ويلك يا مروان، أنه طاعتك - يعني أهل الشام - عن شتم علي بن أبي طالب. فغضب مروان، فقام وخرج مغضباً.
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: رأيت أسامة بن زيد مضطجعاً في حجرة عائشة، رافعاً عقيرته يتغنى، ورأيته يصلي عند قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخرج عليه مروان فقال: تصلي عند قبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فقال: إني أحبه. فقال له قولاً قبيحاً ثم أدبر؛ فانصرف أسامة ثم قال: يا مروان، إنك قد آذيتني، وإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله يبغض الفاحش المتفحش، وإنك فاحش متفحش.
عن داود بن أبي صالح، قال: أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر، فقال: أدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب، فقال: نعم، جئت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله ".
عن طارق بن شهاب. قال: أول من أخر الخطبة مروان، فقام إليه رجل فقال: يا مروان خالفت خالف الله بك. قال: يا فلان أترك ما هنالك. فقام أبو سعيد الخدري فقال: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رأى منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".
عن عمر مولى أم سلمة؛ أن مروان خطب إلى أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم عمر، فقالت أم سلمى: إني لم أكن لأنكحك ما دمت أميراً - وكان أميراً على المدينة - فلما أمر سعيد بن العاص على المدينة وصرف مروان قالت أم سلمة: الآن أنكحك، فإن خير أيامك الأيام التي لا تكون فيها أميراً، فأنكحت أم عمر من مروان.
عن بعض أهل المدينة، قال: وجد مروان على مولاه خيانة، قال: تخونني؟ قال: إي والله أخونك وأنت تخون معاوية.
عن ابن موهب؛ أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان، فدخل عليه مروان فكلمه في حاجة، فقال: اقض حاجتي يا أمير المؤمنين، فوالله إن مؤونتي لعظيمة، وإني أبو عشرة وعم عشرة وأخو
عشرة؛ فلما أدبر مروان وابن عباس جالس مع معاوية على السرير، فقال معاوية: أشهد بالله يا ابن عباس، أما تعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا بلغ بنو الحكم ثلاثين اتخذوا مال الله بينهم دولاً، وعباد الله خولاً، وكتاب الله دغلاً، فإذا بلغوا ستة وتسعين وأربعمئة كان هلاكهم أسرع من لوك تمرة "؟ قال ابن عباس: اللهم نعم.
وذكر حاجة لي فرد مروان عبد الملك إلى معاوية وكلمه فيها، فلما أدبر عبد الملك قال معاوية: أنشدك بالله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر هذا وقال: " أبو الجبابرة الأربعة "؟ قال ابن عباس: اللهم نعم.
عن عوانة، قال: قدم مروان الجابية على حسان بن مالك بن بحدل في بني أمية، فقال له حسان أتيتني بنفسك إذ أبيت أن آتيك! والله لأجالدن عنك في قبائل اليمن أو أسلمها إليك. فبايع حسان وأهل الأردن لمروان على أن لا يبايع مروان إلا لخالد بن يزيد، وله إمرة حمص، ولعمرو بن سعيد وله إمرة دمشق؛ وكانت بيعة مروان بالجابية يوم الاثنين للنصف من ذي الفعدة سنة أربع وستين.
قال الليث: بويع مروان في ذي القعدة في الجابية، وذلك بعد يزيد بن معاوية بثمانية أشهر، لأن يزيد مات للنصف من ربيع الأول في هذه السنة - يعني سنة أربع وستين - وفيها كنت وقعة راهط في ذي الحجة، بعد الأضحى بليلتين.
قال خليفة: حدثني الوليد بن هشام، عن أبيه، عن جده، وأبو اليقظان وغيرهما، قالوا: قدم ابن زياد الشام وقد بايع أهل الشام مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية،
وأمه آمنة بنت علقمة بن صفوان، وكان من بني أمية، فبايع ابن زياد ومن كان هناك من بني أمية ومواليهم لمروان بن الحكم ومن بعده لخالد بن يزيد بن معاوية، وذلك للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين، ثم ساروا إلى الضحاك الفهري، فالتقوا بمرج راهط فاقتتلوا عشرين يوماً، ثم كانت الهزيمة على الضحاك بن قيس وأصحابه، وذلك في آخر ذي الحجة سنة أربع وستين، فقتل الضحاك وناس كثير من قيس.
عن محمد بن سعد، قال: قالوا: قبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومروان بن الحكم ابن ثمان سنين، فلم يزل مع أبيه بالمدينة حتى مات أبوها لحكم بن أبي العاص في خلافة عثمان بن عفان، وكان كاتباً له، وأمر له عثمان بأموال، وكان يتأول في ذلك صلة قرابته، وكان الناس ينقمون على عثمان تقريبه مروان وطاعته له، ويرون أن كثيراً مما ينسب إلى عثمان لم يأمر به وأن ذلك عن رأي مروان دون عثمان؛ فكان الناس قد شنفوا لعثمان لما كان يصنع بمروان ويقربه، وكان مروان يحمله على أصحابه وعلى الناس ويبلغه ما يتكلمون به فيه ويتهددونه به، ويريه أنه يتقرب بذلك إليه.
وكان عثمان رجلاً كريماً حيياً سليماً، فكان يصدقه في بعض ضلك ويرد عليه بعضاً؛ وينازع مروان أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين يديه، فيرده عن ذلك ويزبره.
فلما حضر عثمان كان مروان يقاتل دونه أشد قتال؛ وأرادت عائشة الحج وعثمان محصور. فأتاها مروان وزيد بنثابت وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العاص فقالوا: يا أم المؤمنين لو أقمت، فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور، ومقامك مما يدفع الله به عنه. فقالت: قد حليت ظهري وعريتغرائزي، ولست أقدر على المقام. فأعادوا عليها الكلام، فأعادت عليهم مثل ما قالت لهم، فقام مروان وهو يقول: " من المتقارب "
وحرق قيس علي البلا ... د حتى استعرت أجذما
فقالت عائشة: أيها المتمثل علي بالأشعار، وددت والله أنك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحى وأنكما في البحر. وخرجت إلى مكة.
قالوا: فلما قتل عثمان وصار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة يطلبون بدم عثمان خرج معهم مروان بن الحكم، فقاتل يومئذ أيضاً قتالاً شديداً، فلما رأى انكشاف الناس نظر إلى طلحة بن عبيد الله واقفاً فقال: والله إن دم عثمان إلا عند هذا، هو كان أشد الناس عليه، وما أطلب أثراً بعد عين. ففوق له بسهم فرماه به فقتله، وقاتل مروان أيضاً حتى ارتث، فحمل إلى بيت امرأة من عنزة، فداووه وقاموا عليه، فما زال آل مروان يشكرون ذلك لهم.
وانهزم أصحاب الجمل، وتوارى مروان حتى أخذ الأمان له من علي بن أبي طالب، فأمنه، فقال مروان: ما تقر بي نفسي حتى آتيه فأبايعه، فأتاه فبايعه، ثم انصرف مروان إلى المدينة فلم يزل بها حتى ولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة، فولى مروان بن الحكم المدينة سنة اثنتين وأربعين، ثم عزله وولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فلم يزل على المدينة حتى مات معاوية، ومروان يومئذ معزول عن المدينة. ثم ولى يزيد بعد الوليد بن عتبة المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان؛ فلما وثب أهل المدينة أيام الحرة أخرجوا عثمان بن محمد وبني أمية من المدينة، فأجلوهم عنها إلى الشام وفيهم مروان بن الحكم، وأخذوا عليهم الأيمان ألا يرجعوا إليهم، وإن قدروا أن يردوا هذا الجيش الذي قد وجه إليهم مع مسلم بن عقبة المري أن يفعلوا.
فلما استقبلوا مسلم بن عقبة سلموا عليه، وجعل يسائلهم عن المدينة وأهلها، فجعل مروان يخبره ويحرضه عليهم، فقال مسلم: ما ترون؟ تمضون إلى أمير المؤمنين، أو ترجعون معي؟ قالوا: بل نمضي إلى أمير المؤمنين. وقال مروان من بينهم: أما أنا فأرجع معك؛ فرجع معه مؤازراً له، معيناً له على أمره حتى ظفر بأهل المدينة، وقتلوا، وانتهبت المدينة ثلاثاً.
وكتب مسلم بن عقبة بذلك إلى يزيد بن معاوية وقد كان عقد لابنه معاوية بن يزيد بالعهد بعده، فبايع له الناس، وأتته بيعة الآفاق إلا ما كان من ابن الزبير وأهل مكة، فولى ثلاثة أشهر، فكان يأمر الضحاك بن قيس الفهري يصلي بالناس بدمشق، فلما ثقل معاوية بن يزيد قيل له: لو عهدت إلى رجل عهداً واستخلفت خليفة. فقال: والله ما نفعتني حياً فأتقلدها ميتاً؟ وإن كان خيراً فقد استكثر منه آل أبي سفيان، لا تذهب بنو أمية بحلاوتها وأتقلد مرارتها، والله لا يسألني الله عن ذلك أبداً، ولكن إذا مت فليصل علي الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وليصل بالناس الضحاك بن قيس حتى يختار الناس لأنفسهم ويقوم بالخلافة قائم.
فلما مات صلى عليه الوليد، وقام بأمر الناس الضحاك بن قيس، فلما دفن معاوية بن يزيد قام مروان على قبره، وقال: أتدرون من دفنتم؟ قالوا: معاوية بن يزيد. فقال: هذا أبو ليلى، فقال أزنم الفزاري: " من البسيط "
إني أرى فتناً تغلي مراجلها ... والملك بعد أبي ليلى غلبا
واختلف الناس بالشام، فكان أول من خالف من أمراء الأجناد ودعا إلى ابن الزبير النعمان بن بشير بحمص، وزفر بن الحارث بقنسرين. ثم دعا الضحاك بن قيس بدمشق الناس سراً، ثم دعا الناس إلى بيعة ابن الزبير فأتوه، فلما علم مروان ذلك خرج يريد ابن الزبير بمكة ليبايع له ويأخذ منه أماناً لبني أمية، وخرج معه عمرو بن سعيد بن العاص، فلما كانوا بأذرعات وهي مدينة البثينة لقيهم عبيد الله بن زياد مقبلاً من العراق، فقال
لمروان: أين تريد؟ فأخبره. فقال: سبحان الله، أرضيت لنفسك بهذا؟ تبايع لأني خبيب وأنت سيد بني عبد مناف! والله لأنت أولى بها منه. فقال مروان: فما الرأي؟ قال: أن ترجع وتدعو إلى نفسك، وأنا أكفيك قريشاً ومواليها، ولا يخالفك منهم أحد. فقال عمرو بن سعيد: صدق عبيد الله، إنك لجذم قريش وشيخها وسيدها، وما ينظر الناس إلا إلى هذا الغلام خالد بن يزيد بن معاويد، فتزوج أمه فيكون في حجرك، وادع إلى نفسك، فأنا أكفيك اليمانية فإنهم لا يخالفونني - وكان مطاعاً عندهم - على أن تبايع لي من بعدك. قال: نعم.
فرجع مروان وعمرو بن سعيد ومن معهما، وقدم عبيد الله بن زياد دمشق يوم الجمعة، فدخل المسجد فصلى، ثم خرج فنزل باب الفراديس، فكان يركب إلى الضحاك بن قيس كل يوم فيسلم عليه ثم يرجع إلى منزله؛ فقال له يواً: يا أبا أنيس، العجب لك وأنت شيخ قريش تدعو لابن الزبير وتدع نفسك، وأنت أرضى عند الناس منه، فادع إلى نفسك. فدعا إلى نفسه ثلاثة أيام. فقال له الناس: أخذت بيعتنا وعهودنا لرجل ثم تدعو إلى خلعه من غير حدث أحدثه! فلما رأى ذلك عاد إلى الدعاء لابن الزبير، فأفسده ذلك عند الناس وغير قلوبهم عليه، فقال عبيد الله بن زياد ومكر به؛ من أراد ما تريد لم ينزل المدائن والحصون، يبرز ويجمع إليه الخيل، فأخرج عن دمشق واضمم إليك الأجناد.
فخرج الضحاك فنزل المرج، وبقي عبيد الله بدمشق، ومروان وبنو أمية بتدمر، وخالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية بالجابية عند خالهما حسان بن مالك بن بحدل، فكتب عبيد الله إلى مروان أن ادع الناس إلى بيعتك، واكتب إلى حسان بن مالك فليأتك، فإنه لن يردك عن بيعتك، ثم سر إلى الضحاك فقد أصحر لك.
فدعا مروان بني أمية ومواليهم فبايعوه، وتزوج أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة، وكتب إلى حسان بن مالك بن بحدل يدعوه أن يبايع له ويقدم عليه، فأبى، فأسقط في يدي مروان، فأرسل إلى عبيد الله، فكتب إليه عبيد الله أن اخرج إليه فيمن معك من بني أمية.
فخرج إليه مروان وبنو أمية جميعاً معه وهو بالجابية، والناس بها مختلفون، فدعاه إلى البيعة فقال حسان: والله لئن بايعتم مروان ليحسدنكم علاقة سوط وشراك نعل وظل شجرة، إن مروان وآل مروان أهل بيت من قيس - يريد أن مروان أبو عشرة وأخو عشرة - فإن بايعتم له كنتم عبيداً لهم، فأطيعوني وبايعوا خالد بن يزيد. فقال روح بن زنباع: بايعوا الكبير واستشبوا الصغير. فقال حسان بن مالك لخالد: يا ابن أختي هواي فيك وقد أباك الناس للحداثة، ومروان أحب إليهم منك ومن ابن الزبير. قال: بل عجزت. قال: كلا.
فبايع حسان وأهل الأردن لمروان على أن لا يبايع مروان لأحد إلا لخالد بن يزيد، ولخالد إمرة حمص، ولعمرو بن سعيد إمرة دمشق. فكانت بيعة مروان بالجابية يوم الاثنين للنصف من ذي القعدة سنة أربع وستين. وبايع عبيد الله بن زياد لمروان بن الحكم أهل دمشق، وكتب بذلك إلى مروان، فقال مروان: إن يرد الله أن يتمم لي خلافة لا يمنعنيها أحد من خلقه. فقال حسان بن مالك: صدقت.
وسار مروان من الجابية في ستة آلاف حتى نزل مرج راهط، ثم لحق به من أصحابه من أهل دمشق وغيرهم من الأجناد سبعة آلاف، فكان في ثلاثة عشر ألفاً أكثرهم رجالة، ولم يكن في عسكر مروان غير ثمانين عتيقاً، أربعون منهم لعباد بن زياد، وأربعون لسائر الناس.
وكان على ميمنة مروان عبيد الله بن زياد وعلى ميسرته عمرو بن سعيد. وكتب الضحاك بن قيس إلى أمراء الأجناد فتوافوا عنده بالمرج، فكان في ثلاثين ألفاً، وأقاموا عشرين يوماً يلتقون في كل يوم فيقتتلون حتى قتل الضحاك بن قيس، وقتل معه من قيس بشر كثير.
فلما قتل الضحاك بن قيس وانهزم الناس، رجع مروان ومن معه إلى دمشق، وبعث عماله إلى الأجناد، وبايع له أهل الشام جميعاً، وكان مروان قد أطمع خالد بن يزيد بن معاوية ف بعض الأمر، ثم بدا له، فعقد لابنيه عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان بالخلافة بعده.
فأراد أن يضع من خالد بن يزيد ويقصر به ويزهد الناس فيه، وكان إذا دخل عليه أجلسه معه إلى سريره، فدخل عليه يوماً فذهب ليجلس مجلسه الذي كان يجلسه، فقال له مروان وزبره: تنح يا ابن رطبة الاست، والله ما وجدت لك عقلاً. فانصرف خالد وقتئذ مغضباً حتى دخل على أمه فقال: فضحتني، وقصرت بي، ونكست برأسي، ووضعت أمري. قالت: وما ذاك؟ قال: تزوجت هذا الرجل فصنع بي كذا وكذا؛ ثم أخبرها بما قال له، فقالت: لا يسمع هذا منك أحد، ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك، وادخل عليه كما كنت تدخل، واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته، فإني سأكفيكه وأنتصر لك منه.
فسكت خالد وخرج إلى منزله، وأقبل مروان فدخل على أم خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة وهي امرأته، فقال لها: ما قال لك خالد، وما قلت له اليوم، وما حدثك به عني؟ فقالت: ما حدثني بشيء ولا قال لي. فقال: ألم يشكني إليك، ويذكر تقصيري به، وما كلمته به؟ فقالت: يا أمير المؤمنين، أنت أجل في عين خالد، وهو أشد لك تعظيماً من أن يحكي عنك شيئاً، أو يجد من شيء تقوله، وإنما أنت بمنزلة الوالد له. فانكسر مروان، وظن أن الأمر على ما حكت له، وأنها قد صدقت.
ومكث حتى إذا كان بعد ذلك وحانت القائلة، فنام عندها، فوثبت هي وجواريها فغلقن الأبواب على مروان، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه، فلم تزل هي وجواريها يغممنه حتى مات. ثم قامت فشقت عليه جيبها، وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه وقلن: مات أمير المؤمنين فجأة. وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين. وكان مروان يومئذ ابن أربع وستين سنة، وكانت ولايته على الشام ومصر لم يعد بعد ذلك ثمانية أشهر، ويقال: ستة أشهر.
وقد قال علي بن أبي طالب له يوماً ونظر إليه: ليحملن راية الضلال بعدما يشيب صدغاه، وله إمرة كلحسة الكلب أنفه.
وبايع أهل الشام بعده لعبد الملك بن مروان، فكانت الشام ومصر في يد عبد الملك
كما كانتا في يد أبيه، وكانت العراق والحجاز في يد ابن الزبير، وكانت الفتنة بينهما سبع سنين، ثم قتل ابن ابزبير بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، واستقام الأمر لعبد الملك بن مروان بعده.
وكان مروان قد روى عن عمر بن الخطاب: من وهب هبة لصلة رحم فإنه لا يرجع فيها.
وروى أيضاً عن عثمان وزيد بن ثابت ويسرة بنت صفوان، وروى مروان عن سهل بن سعد الساعدي.
وكان مروان في ولايته على المدينة يجمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستشيرهم ويعمل بما يجمعون له عليه، فجمع الصيعان فغاير بينهما حتى أخذ أعدلهما، فأمر أن يكال به، فقيل: صاع مروان، وليست بصاع مروان إنما هي صاع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن مروان غاير بينها حتى قام الكيل على أعدلها.
عن ابن وهب، قال: سمعت مالكاً يحدث أن مروان بن الحكم تذكر يوماً فقال: قرأت كتاب الله مذ أربعين سنة ثم أصبحت فيما أنا فيه من هراق الدماء وهذا الشأن.
عن حرب بن زياد، قال: كان نقش خاتم مروان بن الحكم: آمنت بالعزيز الرحيم.
وعن بعض أهل العلم، قال: كان آخر ما تكلم به مروان بن الحكم: وجبت الجنة لمن خاف النار. وكان نقش خاتمه: العزة لله.
عن أبي هريرة: أن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " رأيت في النوم بني الحكم - أو بني العاص - ينزون على منبري كما تنزو الفردة ". قال: فما رؤي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن سعيد بنالمسيب، قال: رأى النبي عليه السلام بني أمية على منابرهم، فساءه ذلك، فأوحى الله إليه: إنما هي دنيا أعطوها؛ فقرت عينه، وهي قوله: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " أي بلاء للناس.
عن عمرو بن مرة - وكانت له صحبة - قال: جاء الحكم بن أبي العاص يستأذن على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعرف كلامه فقال: " ائذنوا له، حية - أو ولد حية - عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنون، وقليل ماهم، يشرفون في الدنيا ويوضعون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة، يعظمون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق ".
قال المصنف: هذا الإسناد فيه من يجهل حاله.
عن عبد الله بن عمرو، قال: كنا جلوساً عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني، فقال ونحن عنده: " ليدخلن عليكم رجل لعين " فوالله ما زلت وجلاً أتشوف داخلاً وخارجاً حتى دخل فلان - يعني الحكم -.
عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا حدث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيء قال هكذا - يكلح وجهه - فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنت كذا ". فما زال يختلج حتى مات.
عن الشعبي عن عبد الله بن الزبير أنه قال وهو على المنبر: ورب هذا البيت الحرام والبلد الحرام أن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عن عائشة أم المؤمنين، قالت: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجرته، فسمع حساً فاستنكره، فذهبوا فنظروا، فإذا الحكم كان يطلع على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلعنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما في صلبه، ونفاه.
فأما ما روى في تفسير الشجرة الملعونة أنها بنو أمية فلم يصح.
عن سعيد بن عامر، قال: قضى عمر بن عبد العزيز بقضية، فقال له رجل: خالفت جدك. ففزع فقال: أي جد؟ فقال: مروان. قال: فما التفت إليه، وكان توهمه عمر بن الخطاب.
عن ابن شهاب، قال: اجتمع مروان وابن الزبير يوماً عند عائشة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلسا في حجرتها، وعائشة في بيتها، وبينهم الحجاب، فساءلا عائشة وحدثتهما، فقال مروان: " من الطويل "
من يشأ الله يخفضه بقدرته ... وليس لمن لم يرفع الله رافع
فقال ابن الزبير:
فوض إلى الله الأمور إذا غرت ... وبالله لا بالأقربين تدافع
فقال مروان:
داو ضمير القلب بالبر والتقى ... لا يستوي قلبان قاس وخاشع
فقال ابن الزبير:
لا يستوي عبدان عبد مصلم ... عتل لأرحام الأقارب قاطع
فقال مروان:
وعبد تجافي جنبه عن فراشه ... يبيت يناجي ربه وهو راكع
فقال ابن الزبير:
وللخير أهل يعرفون بشكلهم ... تشير إليهم بالفجور الأصابع
فسكت ابن الزبير فلم يجب مروان بشيء، فقالت عائشة: يا عبد الله، ما له لم تجب صاحبك؟ والله ما سمعت تجاول رجلين تجاولاً في نحو ما تجاولتما فيه أعجب إلي مجاولة منكما. قال ابن الزبير: إني خفت عوار القول وتخففت. قالت عائشة: إن لمروان في الشعر إرثاً ليس لك.
وأنشد لمروان: " من الكامل "
يا عين جودي بالدموع الذارية ... جودي فلا زلت غروبك باكيه
وأبكي على خير البرية كلها ... فلقد أتتك مع الحوادث داهيه
بكر النعي مع الصباح بقوله ... ينعي ربيع المسلمين معاويه
فاستك مني السمع حين نعاه لي ... جزعاً عليه واستطير فؤاديه
فأحببته أن لا حييت مسلماً ... ماذا تقوا اليوم أمك غاويه
من المهبات وللأرامل بعده ... عند القحوط وللعتاة الطاغيه
أينالندى يبكيه والحلم الذي ... شمخت بذروته الفروع الساميه
عن عبد العزيز بن مروان، قال: أوصاني مروان قال: لا تجعل لداعي الله عليك حجة، وإذا وعدت ميعاداً فانزل عنده ولو ضربت به على حد السيف، وإذا رأيت أمراً فاستشر فيه أهل العلم بالله عز وجل وأهل مودتك، فأما أهل العلم فيهديهم الله إن شاء، وأما أهل مودتك فلا يسألونك نصيحة.
عن أبي معشر، قال: ثم بايع أهل الشام مروان بن الحكم - يعني سنة أربع وستين - فعاش تسعة أشهر ثم مات.
وقال: كان لمروان بن الحكم يوم مات إحدى وثمانون سنة.
قال ابن أبي السري: ومات بدمشق وهو ابن ثلاث وستين، وصلى عليه ابنه عبد الملك، وكان قصيراً أحمر الوجه، أوقص، دقيق العنق، كبير الرأس واللحية، وكان يلقب خيط باطل.
وذكر سعيد بن كثير بن عفير؛ أن مروان مات حين انصرف من مصر بالصنبرة، ويقال: بلد. وقد قيل: إنه مات بدمشق منصرفه من مصر، ودفن بباب الجابية وباب الصغير.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=82119&book=5525#5edccb
مروان بْن الحكم بْن أَبِي العاص أَبُو عَبْد الملك الأموي الْقُرَشِيّ
يُعَدُّ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَبَسْرَةَ، روى
عنه عروة بن الزبير (نا مُحَمَّدٌ قَالَ نا مُحَمَّدٌ - 1) نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ نا على ابن مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ فَلا إِخَالُهُ يُتَّهَمُ عَلَيْنَا (2) قَالَ أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الْحَجِّ فَأَوْصَى سَنَةَ (3) الرُّعَافِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُ اسْتَخْلِفْ قَالَ وَقَالُوهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ (وَمَنْ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ - قَالَ أَحْسَبُهُ ابْنَ الْحَكَمِ (4) فَقَالَ اسْتَخْلِفْ قَالَ قَالُوهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَمَنْ؟ قال فَسَكَتَ قَالَ لَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ؟
قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ وَإِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ (1) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
يُعَدُّ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَبَسْرَةَ، روى
عنه عروة بن الزبير (نا مُحَمَّدٌ قَالَ نا مُحَمَّدٌ - 1) نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ نا على ابن مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ فَلا إِخَالُهُ يُتَّهَمُ عَلَيْنَا (2) قَالَ أَصَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُعَافٌ شَدِيدٌ حَتَّى حَبَسَهُ عَنِ الْحَجِّ فَأَوْصَى سَنَةَ (3) الرُّعَافِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُ اسْتَخْلِفْ قَالَ وَقَالُوهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ (وَمَنْ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ - قَالَ أَحْسَبُهُ ابْنَ الْحَكَمِ (4) فَقَالَ اسْتَخْلِفْ قَالَ قَالُوهُ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَمَنْ؟ قال فَسَكَتَ قَالَ لَعَلَّهُمْ قَالُوا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ؟
قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَخَيْرُهُمْ مَا عَلِمْتُ وَإِنْ كَانَ لأَحَبَّهُمْ (1) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=135729&book=5525#3ea4e7
مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان بن أسماء بن خارجة بن عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، أبو عبد الله الفزاري :
كوفي الأصل، سمع إسماعيل بن أبي خالد، وعاصما الأحول، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحميدا الطويل، وسليمان الأعمش، وعمر بن حمزة العمري،
وعبد الرحمن بن زياد الأفريقي، وعبد الله بن عبيد الله الأصم. وكان قد تحول إلى دمشق فسكنها، وقدم بغداد وحدث بها. روى عنه قتيبة بن سعيد، وداود بن عمرو الضبي، وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ويحيى بن معين، وداود بن رشيد، ويعقوب الدورقي، وإسحاق بن راهويه، وَالحسن بْن عرفة، وَغيرهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحاملي، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا مروان الفزاريّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ آخِرَ رَكْعَةٍ، ثُمَّ أَحْدَثَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الإِمَامُ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَخْلَدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا مروان ابن مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ الْعُمَرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا- إِلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ- أَوْ كَلْبًا ضَارِيًا، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قيراط» .
حدثني الأزهري، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أَحْمَد المقرئ أن مُحَمَّد بن مخلد أخبره قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو طاهر الدّمشقيّ حدثني أبي، حَدَّثَنَا مَرْوَان بن معاوية الفزاري قَالَ:
أتيت الأعمش فقال لي: ممن أنت؟ قلت أنا مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان بن أسماء بن خارجة الفزاري. فقال لي: لقد قسم جدك أسماء قسما فنسي جارا له ثم استحيي أن يعطيه وقد بدأ بآخر قبله، فبعث عليه وصب عليه المال صبا، أفتفعل أنت شيئا من ذلك؟
أَخْبَرَنَا البرقاني، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه، أخبرنا الحسين بن
إدريس الأنصاريّ، حَدَّثَنَا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد بن حنبل ذكر أبا إسحاق الفزاري فقال: كان مروان ابن عمه، كانا من ولد أسماء بن خارجة. وَقَالَ:
قلت لأحمد من أين كان مَرْوَان- أعني الفزاري-؟ قَالَ: كان من أهل الكوفة كان صار بمكة، ثم صار بدمشق.
أَخْبَرَنَا الجوهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ مَرْوَان- يعني ابن معاوية- قيل لي فأتيته في خان منارة فإذا عنده معلى بن منصور، وهو يسأله في قرطاس، فلما رآني طوى القرطاس ثم لم أره عنده بعد ذلك، ولزمناه فكتبنا عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت- يعني ليحيى ابن معين- فمروان بن معاوية؟ فقال: ثقة.
أَخْبَرَنِي السكري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّافِعِيّ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: مَرْوَان بن معاوية ثقة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن رزق، أَخْبَرَنَا هبة الله بن محمد بن حبش الفراء، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ بْن أَبِي شيبة قَالَ: رأيت أبا حُذَيْفَةَ عَبْد اللَّهِ بْن مَرْوَان بْن مُعَاوِيَةَ قد جاء إلى يحيى بن معين فسلم عليه، فلما قام قَالَ له أَبُو شيبة ابن عمي:
يا أبا زكريا، كيف كان مَرْوَان في الحديث؟ فقال: كان ثقة فيما روى عمن يعرف.
وَقَالَ: إنه كان يروي عن أقوام لا يروي عنهم ويغير أسماءهم، وكان يحدث عن مُحَمَّد بن سعيد الذي كان صلب وهو يكني اسمه، فكان يقول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي قيس لكيلا يعرف.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ بْن النَّضْر الْعَطَّار، حدّثنا محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: وسألت عليا- يعني ابن المديني- عن مَرْوَان بن معاوية فقال: كان يوثق، وكان يروي عن قوم ليسوا بثقات ويكني عن أسمائهم.
أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن الحسن المالكي، أخبرنا عبد اللَّه بْن عُثْمَان الصفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران الصّيرفيّ، حدثنا عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه المَدينِي قَالَ:
وسألته- يعني أباه- عن مَرْوَان بن معاوية الفزاري فقال: ثقة فيما روى عن المعروفين، وضعفه فيما روى عن المجهولين.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: ومروان بن معاوية الفزاري كوفي ثقة، وما حدث عن الرجال المجهولين فليس حديثه بشيء.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عُمَر البرمكي، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن مردك البرذعي، حدّثنا عمران بن موسى بن هلال، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: سمعت أبي يقول: حَدَّثَنَا مَرْوَان بن معاوية وكان قلقلا من الرجال- القلقل- الحزين القلب.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ قَالَ: أخبرني الحسين بن إدريس، حَدَّثَنَا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كان أحفظ من مَرْوَان- يعني ابن معاوية- كان يحفظ حديثه كله. وَقَالَ: سمعت أَحْمَد يقول: مَرْوَان بن معاوية ثقة.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ:
سمعت مهدي بن أبي مهدي قَالَ: كان في خلق الفزاري شراسة، وكان له حفاظ، وكان معيلا شديد الحاجة، وكان الناس يبرونه، فإذا بره الإنسان كان ما دام ذلك البر عنده في منزله يعرف فيه البر والانبساط إلى الرجل، قَالَ: فنظرت فلم أجد شيئا أبقى في منزل الرجل من الخل ولا أرخص بمكة منه. قَالَ: فكنت أشتري جرة من خل فأهدي له فأرى موقع ذلك منه، فإذا فني أرى منه، فأسأل جاريته أفني خلكم؟
فتقول: نعم! فاشترى جرة فأهديها إليه فيعود إلى ما كان عليه. وقال يعقوب كان [عنده] علي ابن المديني فأخذ إنسان كتبا فمزقها ورمى بها إلى مَرْوَان الفزاري فقال:
هذا حديثك، فقال: هيهات إن كنت صادقا فمزق حديثي، هذا ليس حديثي، قناتي أصلب من ذلك.
أخبرنا الأزهري وعبد الله بن أحمد بن علي الصيرفي قَالا: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الْخَلالُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: فأما مَرْوَان بن معاوية وعبد الرحمن بن مُحَمَّد المحاربي فهما ثقتان.
حدّثنا الصوري، أَخْبَرَنَا الخصيب بْن عَبْد اللَّه الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بن أبي عَبْد الرَّحْمَن النسائي، أخبرني أبي قَالَ: أَبُو عبد الله مَرْوَان بن معاوية الفزاريّ ثقة.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم قَالَ: ومات مَرْوَان بن معاوية في سنة ثلاث وتسعين ومائة.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكندي، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بْن المثنى قَالَ: سنة ثلاث وتسعين فيها مات مَرْوَان بن معاوية الفزاري.
أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدثني أبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سليمان الباهلي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الحجاج يقول: توفي مَرْوَان بن معاوية سنة ثلاث وتسعين ومائة.
أخبرنا الصيمري، حدّثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن زهير قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يقول: توفي مَرْوَان بن معاوية الفزاري سنة أربع وتسعين في ذي الحجة.
قرأت في كتاب عبيد اللَّه بن العباس بن الفرات الذي سمعته من أبي الحسين العباس بْن الْعَبَّاسِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الله بن المغيرة الجوهري قَالَ: مَرْوَان بن معاوية كان من أهل الكوفة قدم بغداد، ثم خرج إلى مكة، فمات بها قبل التروية بيوم سنة ثلاث وتسعين ومائة.
كوفي الأصل، سمع إسماعيل بن أبي خالد، وعاصما الأحول، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحميدا الطويل، وسليمان الأعمش، وعمر بن حمزة العمري،
وعبد الرحمن بن زياد الأفريقي، وعبد الله بن عبيد الله الأصم. وكان قد تحول إلى دمشق فسكنها، وقدم بغداد وحدث بها. روى عنه قتيبة بن سعيد، وداود بن عمرو الضبي، وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ويحيى بن معين، وداود بن رشيد، ويعقوب الدورقي، وإسحاق بن راهويه، وَالحسن بْن عرفة، وَغيرهم.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ المحاملي، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدّثنا مروان الفزاريّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الإِفْرِيقِيُّ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ الإِمَامُ آخِرَ رَكْعَةٍ، ثُمَّ أَحْدَثَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الإِمَامُ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَخْلَدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثنا مروان ابن مُعَاوِيَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ الْعُمَرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا- إِلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ- أَوْ كَلْبًا ضَارِيًا، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قيراط» .
حدثني الأزهري، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أَحْمَد المقرئ أن مُحَمَّد بن مخلد أخبره قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو طاهر الدّمشقيّ حدثني أبي، حَدَّثَنَا مَرْوَان بن معاوية الفزاري قَالَ:
أتيت الأعمش فقال لي: ممن أنت؟ قلت أنا مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان بن أسماء بن خارجة الفزاري. فقال لي: لقد قسم جدك أسماء قسما فنسي جارا له ثم استحيي أن يعطيه وقد بدأ بآخر قبله، فبعث عليه وصب عليه المال صبا، أفتفعل أنت شيئا من ذلك؟
أَخْبَرَنَا البرقاني، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن حسنويه، أخبرنا الحسين بن
إدريس الأنصاريّ، حَدَّثَنَا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد بن حنبل ذكر أبا إسحاق الفزاري فقال: كان مروان ابن عمه، كانا من ولد أسماء بن خارجة. وَقَالَ:
قلت لأحمد من أين كان مَرْوَان- أعني الفزاري-؟ قَالَ: كان من أهل الكوفة كان صار بمكة، ثم صار بدمشق.
أَخْبَرَنَا الجوهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، حدّثنا محمّد بن القاسم الكوكبي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قَالَ: سمعتُ يَحْيَى بْن معين يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ مَرْوَان- يعني ابن معاوية- قيل لي فأتيته في خان منارة فإذا عنده معلى بن منصور، وهو يسأله في قرطاس، فلما رآني طوى القرطاس ثم لم أره عنده بعد ذلك، ولزمناه فكتبنا عنه.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد الأشناني قَالَ: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت- يعني ليحيى ابن معين- فمروان بن معاوية؟ فقال: ثقة.
أَخْبَرَنِي السكري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّافِعِيّ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن الأزهر، حَدَّثَنَا ابن الغلابي قَالَ: قَالَ يحيى بن معين: مَرْوَان بن معاوية ثقة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن رزق، أَخْبَرَنَا هبة الله بن محمد بن حبش الفراء، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عُثْمَانَ بْن أَبِي شيبة قَالَ: رأيت أبا حُذَيْفَةَ عَبْد اللَّهِ بْن مَرْوَان بْن مُعَاوِيَةَ قد جاء إلى يحيى بن معين فسلم عليه، فلما قام قَالَ له أَبُو شيبة ابن عمي:
يا أبا زكريا، كيف كان مَرْوَان في الحديث؟ فقال: كان ثقة فيما روى عمن يعرف.
وَقَالَ: إنه كان يروي عن أقوام لا يروي عنهم ويغير أسماءهم، وكان يحدث عن مُحَمَّد بن سعيد الذي كان صلب وهو يكني اسمه، فكان يقول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي قيس لكيلا يعرف.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِبْرَاهِيمَ بْن النَّضْر الْعَطَّار، حدّثنا محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة قَالَ: وسألت عليا- يعني ابن المديني- عن مَرْوَان بن معاوية فقال: كان يوثق، وكان يروي عن قوم ليسوا بثقات ويكني عن أسمائهم.
أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن الحسن المالكي، أخبرنا عبد اللَّه بْن عُثْمَان الصفار، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمران الصّيرفيّ، حدثنا عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه المَدينِي قَالَ:
وسألته- يعني أباه- عن مَرْوَان بن معاوية الفزاري فقال: ثقة فيما روى عن المعروفين، وضعفه فيما روى عن المجهولين.
أَخْبَرَنَا حمزة بن محمّد بن طاهر، حدّثنا الوليد بن بكر الأندلسي، حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي، حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي، حَدَّثَنِي أبي قَالَ: ومروان بن معاوية الفزاري كوفي ثقة، وما حدث عن الرجال المجهولين فليس حديثه بشيء.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عُمَر البرمكي، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن مردك البرذعي، حدّثنا عمران بن موسى بن هلال، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: سمعت أبي يقول: حَدَّثَنَا مَرْوَان بن معاوية وكان قلقلا من الرجال- القلقل- الحزين القلب.
أَخْبَرَنَا البرقاني، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنَوَيْهِ قَالَ: أخبرني الحسين بن إدريس، حَدَّثَنَا سليمان بن الأشعث قَالَ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كان أحفظ من مَرْوَان- يعني ابن معاوية- كان يحفظ حديثه كله. وَقَالَ: سمعت أَحْمَد يقول: مَرْوَان بن معاوية ثقة.
أخبرنا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ:
سمعت مهدي بن أبي مهدي قَالَ: كان في خلق الفزاري شراسة، وكان له حفاظ، وكان معيلا شديد الحاجة، وكان الناس يبرونه، فإذا بره الإنسان كان ما دام ذلك البر عنده في منزله يعرف فيه البر والانبساط إلى الرجل، قَالَ: فنظرت فلم أجد شيئا أبقى في منزل الرجل من الخل ولا أرخص بمكة منه. قَالَ: فكنت أشتري جرة من خل فأهدي له فأرى موقع ذلك منه، فإذا فني أرى منه، فأسأل جاريته أفني خلكم؟
فتقول: نعم! فاشترى جرة فأهديها إليه فيعود إلى ما كان عليه. وقال يعقوب كان [عنده] علي ابن المديني فأخذ إنسان كتبا فمزقها ورمى بها إلى مَرْوَان الفزاري فقال:
هذا حديثك، فقال: هيهات إن كنت صادقا فمزق حديثي، هذا ليس حديثي، قناتي أصلب من ذلك.
أخبرنا الأزهري وعبد الله بن أحمد بن علي الصيرفي قَالا: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الْخَلالُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، حَدَّثَنَا جدي قَالَ: فأما مَرْوَان بن معاوية وعبد الرحمن بن مُحَمَّد المحاربي فهما ثقتان.
حدّثنا الصوري، أَخْبَرَنَا الخصيب بْن عَبْد اللَّه الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بن أبي عَبْد الرَّحْمَن النسائي، أخبرني أبي قَالَ: أَبُو عبد الله مَرْوَان بن معاوية الفزاريّ ثقة.
أخبرنا ابن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق، حدّثنا حنبل بن إسحاق، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم قَالَ: ومات مَرْوَان بن معاوية في سنة ثلاث وتسعين ومائة.
أخبرنا الأزهري، أخبرنا محمّد بن العبّاس، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكندي، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّد بْن المثنى قَالَ: سنة ثلاث وتسعين فيها مات مَرْوَان بن معاوية الفزاري.
أَخْبَرَنَا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدثني أبي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سليمان الباهلي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الحجاج يقول: توفي مَرْوَان بن معاوية سنة ثلاث وتسعين ومائة.
أخبرنا الصيمري، حدّثنا علي بن الحسن الرّازيّ، حدّثنا محمّد بن الحسين الزّعفرانيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن زهير قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يقول: توفي مَرْوَان بن معاوية الفزاري سنة أربع وتسعين في ذي الحجة.
قرأت في كتاب عبيد اللَّه بن العباس بن الفرات الذي سمعته من أبي الحسين العباس بْن الْعَبَّاسِ بْن مُحَمَّد بْن عَبْدِ الله بن المغيرة الجوهري قَالَ: مَرْوَان بن معاوية كان من أهل الكوفة قدم بغداد، ثم خرج إلى مكة، فمات بها قبل التروية بيوم سنة ثلاث وتسعين ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154062&book=5525#72a18b
مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان
ابن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر أبو عبد الله الفزاري كوفي الأصل، وسكن دمشق.
روى عن إسماعيل بن أبي خالد، بسنده إلى جرير، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة ".
وعن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله خلق كل صانع وصنعته ".
قال سليمان بن الأشعث: سمعت أحمد بن حنبل ذكر أبا إسحاق الفزاري فقال: كان مروان ابن عمه، كانا من ولد أسماء بن خارجة. قال: قلت لأحمد: من أين كان مروان - أعني الفزاري -؟ قال: كان أهل الكوفة، ثم صار بمكة، ثم صار بدمشق.
قال ابن سعد: كان من أهل الكوفة، ثم أتى الثغر فأقام به، ثم قدم بغداد فأقام بها ونزله، وسمع منه البغداديون، وكان ثقة، ثم خرج إلى مكة فأقام بها، فمات في عشر ذي الحجة قبل التروية بيوم سنة ثلاث وتسعين ومئة؛ وكان يوم مات ابن إحدى وثمانين سنة.
قال مروان بن معاوية الفزاري: أتيت الأعمش فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: أنا مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان بن أسماء بن خارجة الفزاري. فقال لي: لقد قسم جدك أسماء قسماً، فنسي جاراً
له، ثم استحيا أن يعطيه وقد بدأ يآخر قبله، فنقب عليه. وصب الماء صباً! أفتفعل أنت شيئاً من ذلك؟ عن سليمان بن الأشعث، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كان أحفظ مروان بن معاوية، كان يحفظ حديثه كله.
وقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كان أحفظ مروان بن معاوية، كان يحفظ حديثه كله.
وقال: سمعت أحمد يقول: مروان بن معاوية ثقة.
وقال العجلي: مروان بن معاوية كوفي ثقة، وما حدث عن الرجال المجهولين فليس حديثه بشيء.
وقال في موضع آخر: مروان بن معاوية ثقة ثبت، من فزارة، من ولد عيينة بن بدر، من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يروي عن عيينة شيئاً، وما حدث عن المعروفين فصحيح، وما روى عن المجهولين ففيه ما فيه وليس بشيء.
عن علي بن الحسين بن جنيد، يقول: سمعت ابن نمير يقول: كان مروان بن معاوية يلتقط الشيوخ من السكك.
قال: وسألت أبي عن مروان بن معاوية الفزاري، فقال: صدوق، ولا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين.
قال مهدي بن أبي مهدي: كان في خلق الفزاري شراسة، وكان له حفاظ، وكان معيلاً شديد الحاجة، وكان الناس يبرونه، فإذا بره الإنسان كان ما دام ذلك البر عنده في منزله يعرف فيه البر والانبساط إلى الرجل.
قال: فنظرت فلم أجد شيئاً أبقى في منزل الرجل من الخل، ولا أرخص منه بمكة.
قال: فكنت أشتري جرة من خل، فأهدي له، فأرى موقع ذلك منه؛ فإذا فني أرى منه. فأسأل جاريته: أفني خلكم؟ فتقول: نعم. فأشتري جرة فأهديها له فيعود إلى ما كان عليه.
قال دحيم: ومات مروان بن معاوية في سنة ثلاث وتسعين ومئة.
وقال ابن مصفى: ومروان بن معاوية توفي سنة أربع وتسعين ومئة.
ابن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر أبو عبد الله الفزاري كوفي الأصل، وسكن دمشق.
روى عن إسماعيل بن أبي خالد، بسنده إلى جرير، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة ".
وعن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله خلق كل صانع وصنعته ".
قال سليمان بن الأشعث: سمعت أحمد بن حنبل ذكر أبا إسحاق الفزاري فقال: كان مروان ابن عمه، كانا من ولد أسماء بن خارجة. قال: قلت لأحمد: من أين كان مروان - أعني الفزاري -؟ قال: كان أهل الكوفة، ثم صار بمكة، ثم صار بدمشق.
قال ابن سعد: كان من أهل الكوفة، ثم أتى الثغر فأقام به، ثم قدم بغداد فأقام بها ونزله، وسمع منه البغداديون، وكان ثقة، ثم خرج إلى مكة فأقام بها، فمات في عشر ذي الحجة قبل التروية بيوم سنة ثلاث وتسعين ومئة؛ وكان يوم مات ابن إحدى وثمانين سنة.
قال مروان بن معاوية الفزاري: أتيت الأعمش فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: أنا مروان بن معاوية بن الحارث بن عثمان بن أسماء بن خارجة الفزاري. فقال لي: لقد قسم جدك أسماء قسماً، فنسي جاراً
له، ثم استحيا أن يعطيه وقد بدأ يآخر قبله، فنقب عليه. وصب الماء صباً! أفتفعل أنت شيئاً من ذلك؟ عن سليمان بن الأشعث، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كان أحفظ مروان بن معاوية، كان يحفظ حديثه كله.
وقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما كان أحفظ مروان بن معاوية، كان يحفظ حديثه كله.
وقال: سمعت أحمد يقول: مروان بن معاوية ثقة.
وقال العجلي: مروان بن معاوية كوفي ثقة، وما حدث عن الرجال المجهولين فليس حديثه بشيء.
وقال في موضع آخر: مروان بن معاوية ثقة ثبت، من فزارة، من ولد عيينة بن بدر، من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يروي عن عيينة شيئاً، وما حدث عن المعروفين فصحيح، وما روى عن المجهولين ففيه ما فيه وليس بشيء.
عن علي بن الحسين بن جنيد، يقول: سمعت ابن نمير يقول: كان مروان بن معاوية يلتقط الشيوخ من السكك.
قال: وسألت أبي عن مروان بن معاوية الفزاري، فقال: صدوق، ولا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين.
قال مهدي بن أبي مهدي: كان في خلق الفزاري شراسة، وكان له حفاظ، وكان معيلاً شديد الحاجة، وكان الناس يبرونه، فإذا بره الإنسان كان ما دام ذلك البر عنده في منزله يعرف فيه البر والانبساط إلى الرجل.
قال: فنظرت فلم أجد شيئاً أبقى في منزل الرجل من الخل، ولا أرخص منه بمكة.
قال: فكنت أشتري جرة من خل، فأهدي له، فأرى موقع ذلك منه؛ فإذا فني أرى منه. فأسأل جاريته: أفني خلكم؟ فتقول: نعم. فأشتري جرة فأهديها له فيعود إلى ما كان عليه.
قال دحيم: ومات مروان بن معاوية في سنة ثلاث وتسعين ومئة.
وقال ابن مصفى: ومروان بن معاوية توفي سنة أربع وتسعين ومئة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=65731&book=5525#6346e0
مروان أَبُو عثمان العجلي
(5) رأى عليا، روى عنه الربيع بْن مُسْلِم وهو مولى سهم.
(5) رأى عليا، روى عنه الربيع بْن مُسْلِم وهو مولى سهم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=65731&book=5525#f68238
مَرْوَانُ أَبُو عُثْمَانَ العجلي
- مَرْوَانُ أَبُو عُثْمَانَ العجلي. روى عن عبد اللَّهَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَبُو عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: الْمَطْلُ ظُلْمُ الْغَنِيِّ وَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ رَجُلا لَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ.
- مَرْوَانُ أَبُو عُثْمَانَ العجلي. روى عن عبد اللَّهَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ أَبُو عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: الْمَطْلُ ظُلْمُ الْغَنِيِّ وَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ رَجُلا لَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=106635&book=5525#bac693
مَرْوَان أَبُو عُثْمَان الْعجلِيّ يروي عَن عَليّ بن أَبى طَالب
روى عَنهُ الرّبيع بن مُسلم
روى عَنهُ الرّبيع بن مُسلم
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=82122&book=5525#719bc6
مروان أَبُو عثمان بْن أَبِي سَعِيد (6) بْن المعلى الزرقي الْأَنْصَارِيّ،
روى عنهُ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن علقمة ويحيى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ.
روى عنهُ مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن علقمة ويحيى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154050&book=5525#d302bd
مروان بن سليمان بن يحيى
ابن أبي حفصة واسم أبي حفصة يزيد. أبو السمط، ويقال: أبو الهيذام الشاعر وأبو حفصة مولى مروان بن الحكم.
مدح جماعة من الخلفاء والأمراء، فأجاد، ووفد مع عمومته على الوليد بن يزيد.
قال في الوليد: " من الخفيف "
إن بالشام بالموقر عزاً ... وملوكاً مباركين شهودا
سادة من بني يزيد كراماً ... سبقوا الناس مكرمات وجودا
هان يا ناقتي علي فسيري ... أن تموتي إذا لقيت الوليدا
قال أبو بكر الخطيب: وكان أبو حفصة مولى مروان بن الحكم، أعتقه يوم الدار لأنه أبلى يومئذ بلاءً حسناً، واسمه يزيد.
وقيل: إن أبا حفصة كان يهودياً طبيباً، أسلم على يد عثمان بن عفان، وقيل: على يد مروان بن الحكم. ويزعم أهل المدينة أنه كان من موالي السموأل بن عادياء، وأنه سبي من إصطخر وهو غلام، فاشتراه عثمان ووهبه لمروان بن الحكم.
ومروان بن سليمان شاعر مجود محكك للشعر، وهو من أهل اليمامة، وقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد، وكان يتقرب إلى الرشيد بهجاء العلوية في شعره، وله في معن بن زائدة مدائح ومراث عجيبة.
وقيل: إنه قال الشعر وهو غلام لو يبلغ سنة العشرين.
قال مصعب الزبيري: كان أبو حفصة طبيباً يهودياً، أسلم على يدي مروان بن الحكم، وكان معه يوم الدار يوم قتل عثمان، وحمله إلى العالية حين ضرب يوم الدار وكان يداويه حتى برأ.
قال: والذي عند أهل المدينة لا اختلاف بينهم في ذلك، أن أبا حفصة كان مولى السموأل بن عادياء.
قال مصعب: وأنا أفرق أن أقول لهم ذلك.
عن محمد بن سعيد بن أبي مريم، قال:
سمعت الشافعي يقول: ليس لقريش كلها شعر جيد، وأشعرها ابن هرمة، ثم مروان بن أبي حفصة.
قال الكسائي: إنما الشعر سقاء تمخض فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة.
حدث محمد بن بشار، قال: رأيت مروان يعرض على أبي أشعاره، فقال له أبي: إن وفيت قيم قيم أشعارك استغنيت.
حدث أبو حاتم، قال: قلت لأبي عبيدة: مروان أشعر أم بشار؟ قال: حكم بشار لنفسه بالاستظهار لأنه قال ثلاثة عشر ألف بيت ببيت جيد، ولا يكون عدد الجيد من الشعر شعراء الجاهلية والإسلام هذا العدد، وما أحسبهم برزوا في مثلها، ومروان أمدح للملوك.
قال الرياشي: سألت الأصمعي عن مرون بن أبي حفصة، فقال لي: كان مولداً ولم يكن له علم باللغة.
عن الفضل بن بزيغ، قال: رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن بن زائدة في جماعة من الشعراء منهم سلم الخاسر وغيره، فأنشده مديحاً له، فقال له: من؟ قال: شاعرك مروان بن أبي حفصة. فقال المهدي: ألست القائل: " من الوافر "
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاماً ما نريد به زيالا
وقلنا: أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا
قد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال؟ لا شيء لنا عندنا، جروا برجله، فجر برجله على الخلفاء في ذلك الحين في كل عام مرة. قال: فمثل بين يديه، وأنشده قصيدته التي قال: فأنصت لها حتى بلغ إلى قوله:
هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تدفعون مقالة عن ربكم ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
يعني بني علي وبني العباس.
قال: فرأيت المهدي وقد تزاحف من صدر مصلاه حتى صار على البساط إعجاباً بما سمع، ثم قال له: كم هي بيتاً؟ قال: مئة بيت. فأمر له بمئة ألف درهم.
قال: فإنها لأول مئة ألف أعطيها شاعر في خلافة بني العباس.
قال: فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد. قال: فرأيت مروان ماثلاً مع الشعراء بين يدي الرشيد، وقد أنشده شعراً، فقال له: من؟ قال: شاعرك مروان بن أبي حفصة. قال: ألست القائل - البيتين اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي - خذوا بيده فأخرجوه فإنه لا شيء له عندنا. فأخرج، فلما كان بعد ذلك بيومين تطف حتى دخل، فأنشده قصيدته التي يقول فيها: " من الطويل "
لعمرك لا أنسى غداة المحصب ... إشارة سلمى بالبنان المخضب
وقد صدر الحجاج إلا أقلهم ... مصادر شتى موكباً بعد موكب
قال: فأعجبه، فقال له: كم قصيدتك بيتاً؟ قال له: ستون - أو سبعون -، فأمر له بعد أبياتها ألوفاً، فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
عن محمد بن زياد، قال: دخل مروان بن أبي حفصة على المهدي، وعنده جماعة فأنشده: " من الطويل "
صحا بعد جهل واستراحت عواذله
قال: فقال لي: ويحك، كم هي بيتاً؟ قلت: يا أمير المؤمنين، سبعون بيتاً. قال: فإن لك عندي سبعين ألفاً. قال: فقلت في نفسي: بالنسيئة، إنا لله وإنا إليه راحعون. ثم قلت: يا أمير المؤمنين، اسمع مني أبياتاً حضرت، فما في الأرض أنبل من كفيلي. قال: هات. فاندفعت فأنشدته:
كفاكم بعباس أبي الفضل والداً ... فما من أب إلا أبو الفضل فاضله
كأن أمير المؤمنين محمداً ... أبو جعفر في كل أمر يحاوله
إليك قصرنا النصف من صلواتنا ... مسيرة شهر بعد شهر نواصله
فلا نحن نخشى أن يخيب مسرنا ... إليك ولكن أهنأ البر عاجله
قال: فتبسم وقال: عجلوها. فحملت إلي من وقتها.
عن الرياش، قال: قال رجل لمروان بن أبي حفصة: ما حملك على أن تناولت ولد علي في شعرك؟ قال: والله ما حملني على ذلك بغضاء لهم، ولقد مدحت أمير المؤمنين بشعري الذي أقول فيه: " من الكامل "
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالحياء دلالها
حتى بلغت إلى قولى:
هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفكم أم تسترون هلالها
أم تدفعون مقالة عن ربه ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
فذروا الأسود خوادراً في غيلها ... لا تولغن دماكم أشبالها
فقال المهدي: وجب حقك على هؤلاء القوم. ثم أمر لي بخمسين ألف درهم، وأمر أولاده أن يبروني، فبروني بثلاثين ألف درهم.
وعن عبيد الله بن إسحاق بن سلام، قال: خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم، فمر بزمن فسأله، فأعطاه ثلثي درهم. فقيل له: هلا أعطيته درهماً؟ فقال: لو أعطيت مئة ألف لأتممت له درهماً!.
قال: وكان مروان يبخل، فلا يسرج له داره، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام.
قال عبد الله بن مصعب: دخل مروان بن أبي حفصة على أمير المؤمنين الهادي، فأنشده مديهاً له حتى إذا بلغ قوله: " من الطويل "
تشابه يوماً بأسه ونواله ... فما أحد يدري لأيهما الفضل
فقال له الهادي: أيما أحب إليك، ثلاثون ألفاً معجلة أو مئة ألف تدون في الدواووين؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أنت تحسن ما هو أحسن من هذا، ولكنك أنسته، أفتأذن لي أن أذكرك؟ قال: نعم. قال: تعجل الثلاثون الألف وتدون المئة الألف. قال: يعجلان لك جميعاً. فحمل ذلك إليه.
وقال عبد الصمد بن المعذل: دخل مروان بن أبي حفصة وسلم الخاسر ومنصور النمري على الرشيد، فأنشده قصيدته التي يقول فيها: " من الكامل "
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
وأنشده سلم: " من الكامل "
حضر الرحيل وشدت الأحداج
وأنشده النمري قصيدته التي يقول فيها: " من البسيط "
إن المكارم والمعروف أودية ... أحلك الله منها حيث تجتمع
فأمر لكل واحد منهم بمئة ألف درهم. فقال له يحيى بن خالد: يا أمير المؤمنين، مروان شاعرك خاصة، أقد ألحقتهم به؟ قال: فليزد مروان عشرة آلاف.
قال مروان بن أبي حفصة: خرجت إلى معن بن زائدة فأنشدته: " من الكامل "
هاجت هواك بواكر الأحزان ... يوم النوى فظللت ذا أحزان
فلما صرت إلى قولي:
لولا رجاؤك ما تخطت ناقتي ... عرض الدبيل ولا قرى نجران
قال: صدقت والله. فلما بلغت إلى قولي:
لولا رجاؤك ماتخطت ناقتي ... عرض الدبيل ولا قرى نجران
قال: صدقت والله. فلما بلغت إلى قولي:
مطر أبوك أبو الفوارس والذي ... بالخير حاز هجائن النعمان النعمان
قال: وأنى وقع إليك هذا اليوم؟ فقلت: أصلح الله الأمير، لهو أشهر من ذلك، قال: فسر بذلك، وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها: " من الكامل "
مسحت قطيعة وجه معن سابقاً ... لما جدا وجزى ذوو الأحساب
قال: فأعجب به، وأقبل يقول في كل أيام دخلت عليه: قم يا مروان؛ فأنشده هذا الشعر.
حدث العتبي، قال: قدم معن بن زائدة بغداد، فأتاه الناس وأتاه ابن أبي حفصة، فإذا المجلس غاص بأهله، فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: " من الطويل "
وما أحجم الأعداء عنكم بقية ... عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا
له راحتان الجود والحتف فيهما ... أبى الله إلا أن تضرا وتنفعا
فقال معن: احتكم يا أبا السمط. فقال: عشرة آلاف. فقال معن: ربحت عليك - والله - تسعين ألفاً.
أنشد ابن قتيبة لمروان بن أبي حفصة في بني مطر: " من الطويل "
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
هم يمنعون الجار حتى كأنما ... لجارهم بين السماكين منزل
قال مروان: أنشدت معن بن زائدة أربعة أبيات فأعطاني بها أربعة آلاف دينار، فبلغت أبا جعفر فقال: ويلي على الأعرابي الجلف؛ فاعتذر إليه فقال له: يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على جودك؛ فسوغه إياها.
فلما مات معن رثاه مروان بقوله: " من الطويل "
ألما على معن فقولا لقبره ... سقيت الغوادي مربعاً ثم مربعا
فيا قبر معن كنت أول حفرة ... من الأرض خطت للمكارم مضجعا
يل قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا
ولكن صممت الجود والجود ميت ... ولو كان حياً ضقت حتى تصدعا
ولما مضى معن مضى الجود والندى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا
وما كان إلا الجود صورة خلقه ... فعاش زماناً ثم مات فودعا
فتى عيش من معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مربعا
تعز أبا العباس عنه ولا يكن ... ثوابك من معن بأن تتضعضعا
تمنى رجال شأوه من ضلالهم ... فأضحوا على الأذقان صرعى وظلعا
قال مروان: لقيني الناطفي فدعاني إلى عنان، فانطلقت معه، فدخل إليها قبلي فقال لها: قد جئتك بأشعر الناس مروان بن أبي حفصة - وكانت عليلة - فقالت: إني عن مروان لفي شغل؛ فأهوى بسوطه فضربها به، فقال لي: ادخل، فدخلت وهي تبكي، فرأيت الدموع تنحدر من عينيها، فقلت: " من السريع "
بكت عنان مسبل دمعها ... كالدر إذ يسبق من خيطه
فقالت مسرعة:
فليت من يضربها ظالماً ... تيبس يمناه على سوطه
فقلت للنطاف: اعتق مروان ما يملك إن كان في الجن والإنس مثلها.
حدث علي بن محمد النوفلي، قال: سمعت أبي يقول: كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلاً حتى يقرم إليه، فإذا قرم أرسل غلامه فاشترى له رأساً فأكله. فقيل له: نراك لا تأكل إلا الرؤوس في الصيف والشتاء، فلم تختار ذلك؟ قال: نعم، الرأس أعرف سعره فآمن خيانة الغلام، ولا يستطيع أن يغبني فيه، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه، وإن مس عيناً أو أذناً أو خداً وقفت على ذلك، وآكل منه ألواناً؛ آكل عينه لوناً، وأذنه لوناً، وغلصمته لوناً، ودماغه لوناً، وأكفى مؤونة طبخه، فقد اجتمعت لي فيه مرافق! عن جهم بن خلف، قال: أتينا اليمامة فنزلنا على مروان بن أبي حفصة، فأطعمنا تمراً، وأرسل غلامه بفلس وسكرجة يشتري به زيتاً، فلما جاء بالزيت قال: خنتني! قال: من فلس كيف أخونك؟ قال: أخذت الفلس لنفسك واستوهبت زيتاً!.
عن أبي العيناء محمد بن القاسم اليمامي، قال: كان مروان بن أبي حفصة من أبخل الناس، خرج يريد الخليفة المهدي فقالت له امرأة من أهله: ما لي عليك إن رجعت بالجائزة؟ قال: إن أعطيت مئة ألف درهم أعطيتك درهماً. فأعطي ستين ألفاً، فدفع إليها أربعة دوانيق!.
وكان قد اشترى يوماً لحماً بدرهم، فدعاه صديق له، فرد اللحم إلى القصاب بنقصان دانق، وقال: أكره الإسراف!.
وهجاه بعض الشعراء فقال: " من الطويل "
وليس لمروان على العرس غيرة ... ولكن مروناً يغار على القدر
قال مروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة الشيباني: " من الوافر "
مضى لسبيله معن وأبقى ... محامد لن تبيد ولن تنالا
كأن الشمس يوم أصيب معن ... من الإظلام ملبسة جلالا
هو الجبل الذي كانت نزار ... تهد من العدو به الجبالا
وعطلت الثغور لفقد معن ... وقد يروي بها الأسل النهالا
وأظلمت العراق وألبستها ... مصائبه المجللة اختلالا
وظل الشام يرجف جانباه ... لركن العز حين وهى فمالا
وكادت من تهامة كل أرض ... ومن نجد تزول غداة زالا
فإن يعل البلاد له خشوع ... فقد كانت تطيل به اختيالا
أصاب الموت يوم أصاب معناً ... من الأخيار أكرمهم فعالا
وكان الناس كلهم لمعن ... إلى أن غير ابن زائدة ارتحالا
ثوى من كان يحمل كل ثقل ... ويسبق فيض راحته السؤالا
وما نزل الوفود بمثل معن ... ولا حطوا بساحته الرحالا
وما بلغت أكف ذوي العطايا ... يميناً من يديه ولا شمالا
وما كانت تجف له حياض ... من المعروف مترعة سجالا
لأبيض لا يعد المال حتى ... يعم به بغاة الخير مالا
فليت الشامتين به فدوة ... وليت العمر مد له فطالا
ولم يك كنزه ذهباً ولكن ... سيوف الهند والحلق المذالا
ومادته من الخطي سمراً ... ترى فيهن ليناً واعتدالا
وذخراً من مكارم باقيات ... وفضل تقى به التفضيل نالا
لئن أمست زوائد قد أذيلت ... جياد كان يكره أن تزالا
لقد كانت تصان به وتسمو ... بها عققاً ويرجعها خيالا
وقد حوت النهاب فأحرزته ... وقد غشيت من الموت الطلالا
زاد الخطيب:
مضى لسبيله من كنت ترجو ... به عثرات دهرك أن تقالا
فلست بمالك عبرات عيني ... أبت بدموعها إلا انهمالا
وفي الأحشاء منك عليك حزن ... كحر النار تشتعل اشتعالا
كأن الليل واصل بعد معن ... ليالي قد قرن به طوالا
لقد أورثتني وبني هماً ... وأحزاناً نطيل به اشتغالا
وقائلة رأت جسدي ولوني ... معاً عن عهدها قلباً فحالا
رأت رجلاً براه الحزن حتى ... أضر به وأورثه خبالا
أرى مروان عاد كذي نحول ... من الهندي قد فقد الصقالا
فقلت لها: الذي أنكرت مني ... لفجع مصيبة أبكى وغالا
وأيام المنون لها صروف ... تقلب بالفتى حالاً فحالا
يرانا الناس بعدك قبل دهر ... أبى لجدودنا إلا اغتيالا
فنحن كأسهم لم يبق ريشاً ... لها ريب الزمان ولا نصالا
وقد كنا بحوض نداك نروى ... ولا نرد المصردة السمالا
فلهف أبي عليك إذا العطايا ... جعلن من كواذب واعتلالا
ولهف أبي عليك إذا الأسارى ... شكوا خلقاً بأسوقهم ثقالا
ولهف أبي عليك إذا اليتامى ... غدوا شعثاً كأن بهم سلالا
ولهف أبي عليك إذا المواشي ... فرت جدباً تمات به هزالا
ولهف أبي عليك لكل هيجا ... لها تلقي حواملها السخالا
ولهف أبي عليك إذا القوافي ... للمتدح بها ذهبت ضلالا
ولهف أبي عليك لكل أمر ... يقول له النجي ألا احتيالا
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاماً ما نريد به زيالا
وقلنا أين نذهب بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا
فإن تذهب قرب رعال خيل ... عوابس قد لقيت بها رعالا
وقوم قد جعلت لهم ربيعاً ... وقوم قد جعلت لهم نكالا
فما شهد الوقائع منك أمضى ... وأكرم محتداً وأسد آلا
سيذكرك الخليفة غير قال ... إذا هو في الأمور بلا الرجالا
ولا ينسى وقائعك اللواتي ... على أعدائه جعلت وبالا
ومعترك شهدت به حفاظاً ... وقد كرهت فوارسه النزالا
حباك أخو أمية بالمراثي ... مع المدح اللواتي كان قالا
أقام وكان نحوك كل عام ... يطيل لواسط الرحل اعتقالا
فألقى رحله أسفاً وآلى ... يميناً لا يشد له حبالا
ذكر إدريس بن سليمان بن أبي حفصة: أن مروان توفي سنة إحدى وثمانين ومئة، ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك، وقال غبيره: كان مولده سنة خمس ومئة.
وقال يعقوب بن سفيان: سنة اثنتين وثمانين ومئة، فيها مات مروان بن أبي حفصة الشاعر النبيل، رحمه الله تعالى.
ابن أبي حفصة واسم أبي حفصة يزيد. أبو السمط، ويقال: أبو الهيذام الشاعر وأبو حفصة مولى مروان بن الحكم.
مدح جماعة من الخلفاء والأمراء، فأجاد، ووفد مع عمومته على الوليد بن يزيد.
قال في الوليد: " من الخفيف "
إن بالشام بالموقر عزاً ... وملوكاً مباركين شهودا
سادة من بني يزيد كراماً ... سبقوا الناس مكرمات وجودا
هان يا ناقتي علي فسيري ... أن تموتي إذا لقيت الوليدا
قال أبو بكر الخطيب: وكان أبو حفصة مولى مروان بن الحكم، أعتقه يوم الدار لأنه أبلى يومئذ بلاءً حسناً، واسمه يزيد.
وقيل: إن أبا حفصة كان يهودياً طبيباً، أسلم على يد عثمان بن عفان، وقيل: على يد مروان بن الحكم. ويزعم أهل المدينة أنه كان من موالي السموأل بن عادياء، وأنه سبي من إصطخر وهو غلام، فاشتراه عثمان ووهبه لمروان بن الحكم.
ومروان بن سليمان شاعر مجود محكك للشعر، وهو من أهل اليمامة، وقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد، وكان يتقرب إلى الرشيد بهجاء العلوية في شعره، وله في معن بن زائدة مدائح ومراث عجيبة.
وقيل: إنه قال الشعر وهو غلام لو يبلغ سنة العشرين.
قال مصعب الزبيري: كان أبو حفصة طبيباً يهودياً، أسلم على يدي مروان بن الحكم، وكان معه يوم الدار يوم قتل عثمان، وحمله إلى العالية حين ضرب يوم الدار وكان يداويه حتى برأ.
قال: والذي عند أهل المدينة لا اختلاف بينهم في ذلك، أن أبا حفصة كان مولى السموأل بن عادياء.
قال مصعب: وأنا أفرق أن أقول لهم ذلك.
عن محمد بن سعيد بن أبي مريم، قال:
سمعت الشافعي يقول: ليس لقريش كلها شعر جيد، وأشعرها ابن هرمة، ثم مروان بن أبي حفصة.
قال الكسائي: إنما الشعر سقاء تمخض فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة.
حدث محمد بن بشار، قال: رأيت مروان يعرض على أبي أشعاره، فقال له أبي: إن وفيت قيم قيم أشعارك استغنيت.
حدث أبو حاتم، قال: قلت لأبي عبيدة: مروان أشعر أم بشار؟ قال: حكم بشار لنفسه بالاستظهار لأنه قال ثلاثة عشر ألف بيت ببيت جيد، ولا يكون عدد الجيد من الشعر شعراء الجاهلية والإسلام هذا العدد، وما أحسبهم برزوا في مثلها، ومروان أمدح للملوك.
قال الرياشي: سألت الأصمعي عن مرون بن أبي حفصة، فقال لي: كان مولداً ولم يكن له علم باللغة.
عن الفضل بن بزيغ، قال: رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن بن زائدة في جماعة من الشعراء منهم سلم الخاسر وغيره، فأنشده مديحاً له، فقال له: من؟ قال: شاعرك مروان بن أبي حفصة. فقال المهدي: ألست القائل: " من الوافر "
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاماً ما نريد به زيالا
وقلنا: أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا
قد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال؟ لا شيء لنا عندنا، جروا برجله، فجر برجله على الخلفاء في ذلك الحين في كل عام مرة. قال: فمثل بين يديه، وأنشده قصيدته التي قال: فأنصت لها حتى بلغ إلى قوله:
هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تدفعون مقالة عن ربكم ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
يعني بني علي وبني العباس.
قال: فرأيت المهدي وقد تزاحف من صدر مصلاه حتى صار على البساط إعجاباً بما سمع، ثم قال له: كم هي بيتاً؟ قال: مئة بيت. فأمر له بمئة ألف درهم.
قال: فإنها لأول مئة ألف أعطيها شاعر في خلافة بني العباس.
قال: فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد. قال: فرأيت مروان ماثلاً مع الشعراء بين يدي الرشيد، وقد أنشده شعراً، فقال له: من؟ قال: شاعرك مروان بن أبي حفصة. قال: ألست القائل - البيتين اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي - خذوا بيده فأخرجوه فإنه لا شيء له عندنا. فأخرج، فلما كان بعد ذلك بيومين تطف حتى دخل، فأنشده قصيدته التي يقول فيها: " من الطويل "
لعمرك لا أنسى غداة المحصب ... إشارة سلمى بالبنان المخضب
وقد صدر الحجاج إلا أقلهم ... مصادر شتى موكباً بعد موكب
قال: فأعجبه، فقال له: كم قصيدتك بيتاً؟ قال له: ستون - أو سبعون -، فأمر له بعد أبياتها ألوفاً، فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
عن محمد بن زياد، قال: دخل مروان بن أبي حفصة على المهدي، وعنده جماعة فأنشده: " من الطويل "
صحا بعد جهل واستراحت عواذله
قال: فقال لي: ويحك، كم هي بيتاً؟ قلت: يا أمير المؤمنين، سبعون بيتاً. قال: فإن لك عندي سبعين ألفاً. قال: فقلت في نفسي: بالنسيئة، إنا لله وإنا إليه راحعون. ثم قلت: يا أمير المؤمنين، اسمع مني أبياتاً حضرت، فما في الأرض أنبل من كفيلي. قال: هات. فاندفعت فأنشدته:
كفاكم بعباس أبي الفضل والداً ... فما من أب إلا أبو الفضل فاضله
كأن أمير المؤمنين محمداً ... أبو جعفر في كل أمر يحاوله
إليك قصرنا النصف من صلواتنا ... مسيرة شهر بعد شهر نواصله
فلا نحن نخشى أن يخيب مسرنا ... إليك ولكن أهنأ البر عاجله
قال: فتبسم وقال: عجلوها. فحملت إلي من وقتها.
عن الرياش، قال: قال رجل لمروان بن أبي حفصة: ما حملك على أن تناولت ولد علي في شعرك؟ قال: والله ما حملني على ذلك بغضاء لهم، ولقد مدحت أمير المؤمنين بشعري الذي أقول فيه: " من الكامل "
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالحياء دلالها
حتى بلغت إلى قولى:
هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفكم أم تسترون هلالها
أم تدفعون مقالة عن ربه ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
فذروا الأسود خوادراً في غيلها ... لا تولغن دماكم أشبالها
فقال المهدي: وجب حقك على هؤلاء القوم. ثم أمر لي بخمسين ألف درهم، وأمر أولاده أن يبروني، فبروني بثلاثين ألف درهم.
وعن عبيد الله بن إسحاق بن سلام، قال: خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم، فمر بزمن فسأله، فأعطاه ثلثي درهم. فقيل له: هلا أعطيته درهماً؟ فقال: لو أعطيت مئة ألف لأتممت له درهماً!.
قال: وكان مروان يبخل، فلا يسرج له داره، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام.
قال عبد الله بن مصعب: دخل مروان بن أبي حفصة على أمير المؤمنين الهادي، فأنشده مديهاً له حتى إذا بلغ قوله: " من الطويل "
تشابه يوماً بأسه ونواله ... فما أحد يدري لأيهما الفضل
فقال له الهادي: أيما أحب إليك، ثلاثون ألفاً معجلة أو مئة ألف تدون في الدواووين؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أنت تحسن ما هو أحسن من هذا، ولكنك أنسته، أفتأذن لي أن أذكرك؟ قال: نعم. قال: تعجل الثلاثون الألف وتدون المئة الألف. قال: يعجلان لك جميعاً. فحمل ذلك إليه.
وقال عبد الصمد بن المعذل: دخل مروان بن أبي حفصة وسلم الخاسر ومنصور النمري على الرشيد، فأنشده قصيدته التي يقول فيها: " من الكامل "
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام
وأنشده سلم: " من الكامل "
حضر الرحيل وشدت الأحداج
وأنشده النمري قصيدته التي يقول فيها: " من البسيط "
إن المكارم والمعروف أودية ... أحلك الله منها حيث تجتمع
فأمر لكل واحد منهم بمئة ألف درهم. فقال له يحيى بن خالد: يا أمير المؤمنين، مروان شاعرك خاصة، أقد ألحقتهم به؟ قال: فليزد مروان عشرة آلاف.
قال مروان بن أبي حفصة: خرجت إلى معن بن زائدة فأنشدته: " من الكامل "
هاجت هواك بواكر الأحزان ... يوم النوى فظللت ذا أحزان
فلما صرت إلى قولي:
لولا رجاؤك ما تخطت ناقتي ... عرض الدبيل ولا قرى نجران
قال: صدقت والله. فلما بلغت إلى قولي:
لولا رجاؤك ماتخطت ناقتي ... عرض الدبيل ولا قرى نجران
قال: صدقت والله. فلما بلغت إلى قولي:
مطر أبوك أبو الفوارس والذي ... بالخير حاز هجائن النعمان النعمان
قال: وأنى وقع إليك هذا اليوم؟ فقلت: أصلح الله الأمير، لهو أشهر من ذلك، قال: فسر بذلك، وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها: " من الكامل "
مسحت قطيعة وجه معن سابقاً ... لما جدا وجزى ذوو الأحساب
قال: فأعجب به، وأقبل يقول في كل أيام دخلت عليه: قم يا مروان؛ فأنشده هذا الشعر.
حدث العتبي، قال: قدم معن بن زائدة بغداد، فأتاه الناس وأتاه ابن أبي حفصة، فإذا المجلس غاص بأهله، فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: " من الطويل "
وما أحجم الأعداء عنكم بقية ... عليك ولكن لم يروا فيك مطمعا
له راحتان الجود والحتف فيهما ... أبى الله إلا أن تضرا وتنفعا
فقال معن: احتكم يا أبا السمط. فقال: عشرة آلاف. فقال معن: ربحت عليك - والله - تسعين ألفاً.
أنشد ابن قتيبة لمروان بن أبي حفصة في بني مطر: " من الطويل "
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
هم يمنعون الجار حتى كأنما ... لجارهم بين السماكين منزل
قال مروان: أنشدت معن بن زائدة أربعة أبيات فأعطاني بها أربعة آلاف دينار، فبلغت أبا جعفر فقال: ويلي على الأعرابي الجلف؛ فاعتذر إليه فقال له: يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على جودك؛ فسوغه إياها.
فلما مات معن رثاه مروان بقوله: " من الطويل "
ألما على معن فقولا لقبره ... سقيت الغوادي مربعاً ثم مربعا
فيا قبر معن كنت أول حفرة ... من الأرض خطت للمكارم مضجعا
يل قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا
ولكن صممت الجود والجود ميت ... ولو كان حياً ضقت حتى تصدعا
ولما مضى معن مضى الجود والندى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا
وما كان إلا الجود صورة خلقه ... فعاش زماناً ثم مات فودعا
فتى عيش من معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مربعا
تعز أبا العباس عنه ولا يكن ... ثوابك من معن بأن تتضعضعا
تمنى رجال شأوه من ضلالهم ... فأضحوا على الأذقان صرعى وظلعا
قال مروان: لقيني الناطفي فدعاني إلى عنان، فانطلقت معه، فدخل إليها قبلي فقال لها: قد جئتك بأشعر الناس مروان بن أبي حفصة - وكانت عليلة - فقالت: إني عن مروان لفي شغل؛ فأهوى بسوطه فضربها به، فقال لي: ادخل، فدخلت وهي تبكي، فرأيت الدموع تنحدر من عينيها، فقلت: " من السريع "
بكت عنان مسبل دمعها ... كالدر إذ يسبق من خيطه
فقالت مسرعة:
فليت من يضربها ظالماً ... تيبس يمناه على سوطه
فقلت للنطاف: اعتق مروان ما يملك إن كان في الجن والإنس مثلها.
حدث علي بن محمد النوفلي، قال: سمعت أبي يقول: كان مروان بن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلاً حتى يقرم إليه، فإذا قرم أرسل غلامه فاشترى له رأساً فأكله. فقيل له: نراك لا تأكل إلا الرؤوس في الصيف والشتاء، فلم تختار ذلك؟ قال: نعم، الرأس أعرف سعره فآمن خيانة الغلام، ولا يستطيع أن يغبني فيه، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه، وإن مس عيناً أو أذناً أو خداً وقفت على ذلك، وآكل منه ألواناً؛ آكل عينه لوناً، وأذنه لوناً، وغلصمته لوناً، ودماغه لوناً، وأكفى مؤونة طبخه، فقد اجتمعت لي فيه مرافق! عن جهم بن خلف، قال: أتينا اليمامة فنزلنا على مروان بن أبي حفصة، فأطعمنا تمراً، وأرسل غلامه بفلس وسكرجة يشتري به زيتاً، فلما جاء بالزيت قال: خنتني! قال: من فلس كيف أخونك؟ قال: أخذت الفلس لنفسك واستوهبت زيتاً!.
عن أبي العيناء محمد بن القاسم اليمامي، قال: كان مروان بن أبي حفصة من أبخل الناس، خرج يريد الخليفة المهدي فقالت له امرأة من أهله: ما لي عليك إن رجعت بالجائزة؟ قال: إن أعطيت مئة ألف درهم أعطيتك درهماً. فأعطي ستين ألفاً، فدفع إليها أربعة دوانيق!.
وكان قد اشترى يوماً لحماً بدرهم، فدعاه صديق له، فرد اللحم إلى القصاب بنقصان دانق، وقال: أكره الإسراف!.
وهجاه بعض الشعراء فقال: " من الطويل "
وليس لمروان على العرس غيرة ... ولكن مروناً يغار على القدر
قال مروان بن أبي حفصة يرثي معن بن زائدة الشيباني: " من الوافر "
مضى لسبيله معن وأبقى ... محامد لن تبيد ولن تنالا
كأن الشمس يوم أصيب معن ... من الإظلام ملبسة جلالا
هو الجبل الذي كانت نزار ... تهد من العدو به الجبالا
وعطلت الثغور لفقد معن ... وقد يروي بها الأسل النهالا
وأظلمت العراق وألبستها ... مصائبه المجللة اختلالا
وظل الشام يرجف جانباه ... لركن العز حين وهى فمالا
وكادت من تهامة كل أرض ... ومن نجد تزول غداة زالا
فإن يعل البلاد له خشوع ... فقد كانت تطيل به اختيالا
أصاب الموت يوم أصاب معناً ... من الأخيار أكرمهم فعالا
وكان الناس كلهم لمعن ... إلى أن غير ابن زائدة ارتحالا
ثوى من كان يحمل كل ثقل ... ويسبق فيض راحته السؤالا
وما نزل الوفود بمثل معن ... ولا حطوا بساحته الرحالا
وما بلغت أكف ذوي العطايا ... يميناً من يديه ولا شمالا
وما كانت تجف له حياض ... من المعروف مترعة سجالا
لأبيض لا يعد المال حتى ... يعم به بغاة الخير مالا
فليت الشامتين به فدوة ... وليت العمر مد له فطالا
ولم يك كنزه ذهباً ولكن ... سيوف الهند والحلق المذالا
ومادته من الخطي سمراً ... ترى فيهن ليناً واعتدالا
وذخراً من مكارم باقيات ... وفضل تقى به التفضيل نالا
لئن أمست زوائد قد أذيلت ... جياد كان يكره أن تزالا
لقد كانت تصان به وتسمو ... بها عققاً ويرجعها خيالا
وقد حوت النهاب فأحرزته ... وقد غشيت من الموت الطلالا
زاد الخطيب:
مضى لسبيله من كنت ترجو ... به عثرات دهرك أن تقالا
فلست بمالك عبرات عيني ... أبت بدموعها إلا انهمالا
وفي الأحشاء منك عليك حزن ... كحر النار تشتعل اشتعالا
كأن الليل واصل بعد معن ... ليالي قد قرن به طوالا
لقد أورثتني وبني هماً ... وأحزاناً نطيل به اشتغالا
وقائلة رأت جسدي ولوني ... معاً عن عهدها قلباً فحالا
رأت رجلاً براه الحزن حتى ... أضر به وأورثه خبالا
أرى مروان عاد كذي نحول ... من الهندي قد فقد الصقالا
فقلت لها: الذي أنكرت مني ... لفجع مصيبة أبكى وغالا
وأيام المنون لها صروف ... تقلب بالفتى حالاً فحالا
يرانا الناس بعدك قبل دهر ... أبى لجدودنا إلا اغتيالا
فنحن كأسهم لم يبق ريشاً ... لها ريب الزمان ولا نصالا
وقد كنا بحوض نداك نروى ... ولا نرد المصردة السمالا
فلهف أبي عليك إذا العطايا ... جعلن من كواذب واعتلالا
ولهف أبي عليك إذا الأسارى ... شكوا خلقاً بأسوقهم ثقالا
ولهف أبي عليك إذا اليتامى ... غدوا شعثاً كأن بهم سلالا
ولهف أبي عليك إذا المواشي ... فرت جدباً تمات به هزالا
ولهف أبي عليك لكل هيجا ... لها تلقي حواملها السخالا
ولهف أبي عليك إذا القوافي ... للمتدح بها ذهبت ضلالا
ولهف أبي عليك لكل أمر ... يقول له النجي ألا احتيالا
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاماً ما نريد به زيالا
وقلنا أين نذهب بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا
فإن تذهب قرب رعال خيل ... عوابس قد لقيت بها رعالا
وقوم قد جعلت لهم ربيعاً ... وقوم قد جعلت لهم نكالا
فما شهد الوقائع منك أمضى ... وأكرم محتداً وأسد آلا
سيذكرك الخليفة غير قال ... إذا هو في الأمور بلا الرجالا
ولا ينسى وقائعك اللواتي ... على أعدائه جعلت وبالا
ومعترك شهدت به حفاظاً ... وقد كرهت فوارسه النزالا
حباك أخو أمية بالمراثي ... مع المدح اللواتي كان قالا
أقام وكان نحوك كل عام ... يطيل لواسط الرحل اعتقالا
فألقى رحله أسفاً وآلى ... يميناً لا يشد له حبالا
ذكر إدريس بن سليمان بن أبي حفصة: أن مروان توفي سنة إحدى وثمانين ومئة، ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك، وقال غبيره: كان مولده سنة خمس ومئة.
وقال يعقوب بن سفيان: سنة اثنتين وثمانين ومئة، فيها مات مروان بن أبي حفصة الشاعر النبيل، رحمه الله تعالى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120724&book=5525#0b22c7
مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً , فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا» ، رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَالنَّاسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
- حَدَّثَنَا فَارُوقٌ الْخَطَّابِيُّ، ثنا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً , فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا» ، رَوَاهُ مَعْمَرٌ وَالنَّاسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120724&book=5525#9f8ed3
مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف أَبُو عبد الْملك الْقرشِي الْأمَوِي الْمَدِينِيّ قَالَ الْوَاقِدِيّ رَأَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يحفظ عَنهُ شَيْئا وَتُوفِّي النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَقَالَ الْوَاقِدِيّ وَأسلم الحكم ابْن أبي الْعَاصِ فِي الْفَتْح وَقدم عَلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فطرده من الْمَدِينَة فَنزل الطَّائِف حَتَّى قبض النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل إِلَى الْمَدِينَة فَمَاتَ بهَا فِي خلَافَة عُثْمَان فَصَلى عَلَيْهِ وَضرب عَلَى قَبره فسطاطا
سمع عُثْمَان وَعلي بن أبي بكر وَزيد بن ثَابت وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث رَوَى عَنهُ سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَعَلَى بن الْحُسَيْن بن عَلَى وَعُرْوَة بن الزبير وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن فِي (الصَّلَاة) و (الْحَج) قَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى بن بكير ولد مَرْوَان مَعَه يَعْنِي مَعَ الْمسور بن مخرمَة فِي تِلْكَ السّنة يَعْنِي بعد الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ (1) وَقَالَ سنّ مَرْوَان ثَلَاث وَسِتُّونَ وَمَات سنة خمس وَسِتِّينَ وَقَالَ خَليفَة مَاتَ مَرْوَان بِدِمَشْق لثلاث خلون من شهر رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ أَصْغَر من مَرْوَان بن الزبير بأَرْبعَة أشهر وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ مَرْوَان بِدِمَشْق لهِلَال رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ
سمع عُثْمَان وَعلي بن أبي بكر وَزيد بن ثَابت وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث رَوَى عَنهُ سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَعَلَى بن الْحُسَيْن بن عَلَى وَعُرْوَة بن الزبير وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن فِي (الصَّلَاة) و (الْحَج) قَالَ الذهلي قَالَ يَحْيَى بن بكير ولد مَرْوَان مَعَه يَعْنِي مَعَ الْمسور بن مخرمَة فِي تِلْكَ السّنة يَعْنِي بعد الْهِجْرَة بِسنتَيْنِ (1) وَقَالَ سنّ مَرْوَان ثَلَاث وَسِتُّونَ وَمَات سنة خمس وَسِتِّينَ وَقَالَ خَليفَة مَاتَ مَرْوَان بِدِمَشْق لثلاث خلون من شهر رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ أَصْغَر من مَرْوَان بن الزبير بأَرْبعَة أشهر وَقَالَ الْوَاقِدِيّ مَاتَ مَرْوَان بِدِمَشْق لهِلَال رَمَضَان سنة خمس وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=120724&book=5525#ea983d
مروان بْن الحكم بْن أَبِي الْعَاص بْن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
يكنى أَبَا عَبْد الْمَلِكِ. ولد على عهد رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة اثنتين من الهجرة. وقيل: عام الخندق. وقال مَالِك: ولد مَرَوَان بْن الحكم يَوْم أحد. وقال غيره: ولد مَرَوَان بمكة. ويقال: ولد بالطائف، فعلى قول مَالِك توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْن ثمان سنين أو نحوها، ولم يره لأنه خرج إِلَى الطائف طفلا لا يعقل، وذلك أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حَتَّى ولي عُثْمَان بْن عَفَّان، فرده عُثْمَان، فقدم المدينة هُوَ وولده فِي خلافة عُثْمَان، وتوفي أبوه فاستكتبه عثمان، وكتب له،
فاستولى عَلَيْهِ إِلَى أن قتل عُثْمَان، ونظر إِلَيْهِ علي يوما. فقال لَهُ: ويلك وويل أمة مُحَمَّد منك، ومن بنيك إذا ساءت درعك! وَكَانَ مَرَوَان يقال لَهُ خيط باطل، وضرب بِهِ يَوْم الدار على قفاه، فجرى لقبه، فلما بويع لَهُ بالإمارة قَالَ فِيهِ أخوه عبد الرحمن بن الحكم- وكان ما جنا شاعرا محسنا، وَكَانَ لا يرى رأي مَرَوَان:
فو الله مَا أدري وأني لسائل ... حليلة مضروب القفا كيف يصنع
لحا الله قوما أمروا خيط باطل ... على الناس يعطي مَا يشاء ويمنع
[وقيل: إنما قَالَ لَهُ أخوه عَبْد الرَّحْمَنِ ذَلِكَ حين ولاه مُعَاوِيَة أمر المدينة] ، وَكَانَ كثيرا ما يهجوه. ومن قوله فيه:
وهبت نصيبي فيك يَا مرو كله ... لعمرو ومروان الطويل وخالد
فكل ابْن أم زائد غير ناقص ... وأنت ابْن أم ناقص غير زائد
وقال مَالِك بْن الريب يهجو مَرَوَان:
لعمرك مَا مَرَوَان يقضي أمورنا ... ولكنما تقضي لنا بِنْت جَعْفَر
فيا ليتها كانت علينا أميرةً ... وليتك يَا مَرَوَان أمسيت آخر
وكان مُعَاوِيَة لما صار الأمر إِلَيْهِ ولاه المدينة، ثم جمع له إلى المدينة مكة والطائف، ثُمَّ عزله عَنِ المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سَعِيد بْن أَبِي الْعَاص، فأقام عليها أميرا إِلَى سنة أربع وخمسين، ثُمَّ عزله، وولى مَرَوَان، ثُمَّ عزله، وولى الْوَلِيد بْن عُتْبَة، فلم يزل واليا على المدينة حَتَّى مات مُعَاوِيَة وولى يَزِيد، فلما كف الْوَلِيد بْن عُتْبَة عَنِ الْحُسَيْن وَابْن الزُّبَيْر فِي شأن البيعة ليزيد، وَكَانَ الْوَلِيد رحيما حليما سريا، عزله وولى يَزِيد عَمْرو بْن سَعِيد الأشدق، ثُمَّ عزله وصرف الْوَلِيد بْن عُتْبَة، ثُمَّ عزله، وولى عُثْمَان بْن محمد بن أبى سفيان، وعليه قامت
الحرّة، ثم لما مات يزيد، وولىّ ابنه أَبُو ليلى مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، وذلك سنة أربع وستين. عاش بعد أَبِيهِ يَزِيد أربعين ليلة، ومات وَهُوَ ابْن إحدى وعشرين سنة، وَكَانَ موته من قرحة يقال لَهَا السكتة، وكانت أمه أم خَالِد بِنْت هاشم ابن عُتْبَة بْن رَبِيعَة، وقالت لَهُ: اجعل الخلافة من بعدك لأخيك، فأبى، وَقَالَ:
لا يكون لي مرها ولكم حلوها، فوثب مَرَوَان حينئذ عليها وأنشد:
إِنِّي أرى فتنةً تغلي مراجلها ... والملك بعد أَبِي ليلى لمن غلبا
ثم التقى هُوَ والضحاك بْن قَيْس بمرج راهط على أميال من دمشق، فقتل الضحاك، وَكَانَ مَرَوَان قد تزوج أم خَالِد بْن يَزِيد ليضع منه، فوقع بينه وبين خَالِد يوما كلام، فَقَالَ لَهُ مَرَوَان- واغلظ لَهُ فِي القول: اسكت يَا بْن الرطبة. فقال لَهُ خَالِد: مؤتمن خائن. فندم مَرَوَان، وَقَالَ: مَا أدى الأمانة إذا أؤتمن، ثُمَّ دخل خَالِد على أمه فَقَالَ لَهَا: هكذا أردت، يَقُول لي مَرَوَان على رءوس الناس كذا وكذا! فقالت لَهُ: اسكت، لا ترى بعد منه شيئا تكرهه، وسأقرب عليك مَا بعد، فسمته، ثُمَّ قامت إِلَيْهِ مع جواريها فغممته حَتَّى مات، فكانت خلافته تسعة أشهر وقيل عشرة أشهر.
ومات فِي صدر رمضان سنة خمس وستين، وَهُوَ ابْن ثلاث وستين. وقيل: ابْن ثمانية وستين، وقيل ابْن أربع وستين، وَهُوَ معدود فيمن قتله النساء. روى عَنْهُ من الصحابة سَهْل بْن سَعْد فيما ذكر صَالِح بْن كيسان. وعبد الرحمن بْن إِسْحَاق، عَنِ ابْن شهاب، بْن سَهْل بْن سَعْد، عَنْ مَرَوَان، عَنْ زَيْد بْن ثَابِت فِي قول الله عز وجل : لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ من الْمُؤْمِنِينَ ... 4: 95 الآية.
ورواه مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ قبيصة بْن ذؤيب. عن زيد بن ثابت. وممن
رَوَى عَنْهُ من التابعين عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن. وقال عُرْوَة: كَانَ مَرَوَان لا يتهم فِي الحديث، ومن شعر عَبْد الرحمن فيه:
ألا من مبلغ مَرَوَان عني ... رسولا والرسول من البيان
بأنك لن ترى طردا لحر ... كإلصاق بِهِ بعض الهوان
وهل حدثت قبلي عَنْ كريم ... معين فِي الحوادث أو معان
يقيم بدار مضيقة إذا لم ... يكن حيران أو خفق الجنان
فلا تقذف بي الرجوين إِنِّي ... أقل القوم من يغني مكاني
سأكفيك الَّذِي استكفيت مني ... بأمر لا تخالجه يدان
ولو أنا بمنزلة جميعا ... جريت وأنت مضطرب العنان
ولولا أن أم أبيك أمي ... وأن من قد هجاك فقد هجاني
لقد جاهرت بالبغضاء إِنِّي ... إلى أمر الجهارة والعلان
يكنى أَبَا عَبْد الْمَلِكِ. ولد على عهد رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة اثنتين من الهجرة. وقيل: عام الخندق. وقال مَالِك: ولد مَرَوَان بْن الحكم يَوْم أحد. وقال غيره: ولد مَرَوَان بمكة. ويقال: ولد بالطائف، فعلى قول مَالِك توفي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْن ثمان سنين أو نحوها، ولم يره لأنه خرج إِلَى الطائف طفلا لا يعقل، وذلك أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حَتَّى ولي عُثْمَان بْن عَفَّان، فرده عُثْمَان، فقدم المدينة هُوَ وولده فِي خلافة عُثْمَان، وتوفي أبوه فاستكتبه عثمان، وكتب له،
فاستولى عَلَيْهِ إِلَى أن قتل عُثْمَان، ونظر إِلَيْهِ علي يوما. فقال لَهُ: ويلك وويل أمة مُحَمَّد منك، ومن بنيك إذا ساءت درعك! وَكَانَ مَرَوَان يقال لَهُ خيط باطل، وضرب بِهِ يَوْم الدار على قفاه، فجرى لقبه، فلما بويع لَهُ بالإمارة قَالَ فِيهِ أخوه عبد الرحمن بن الحكم- وكان ما جنا شاعرا محسنا، وَكَانَ لا يرى رأي مَرَوَان:
فو الله مَا أدري وأني لسائل ... حليلة مضروب القفا كيف يصنع
لحا الله قوما أمروا خيط باطل ... على الناس يعطي مَا يشاء ويمنع
[وقيل: إنما قَالَ لَهُ أخوه عَبْد الرَّحْمَنِ ذَلِكَ حين ولاه مُعَاوِيَة أمر المدينة] ، وَكَانَ كثيرا ما يهجوه. ومن قوله فيه:
وهبت نصيبي فيك يَا مرو كله ... لعمرو ومروان الطويل وخالد
فكل ابْن أم زائد غير ناقص ... وأنت ابْن أم ناقص غير زائد
وقال مَالِك بْن الريب يهجو مَرَوَان:
لعمرك مَا مَرَوَان يقضي أمورنا ... ولكنما تقضي لنا بِنْت جَعْفَر
فيا ليتها كانت علينا أميرةً ... وليتك يَا مَرَوَان أمسيت آخر
وكان مُعَاوِيَة لما صار الأمر إِلَيْهِ ولاه المدينة، ثم جمع له إلى المدينة مكة والطائف، ثُمَّ عزله عَنِ المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سَعِيد بْن أَبِي الْعَاص، فأقام عليها أميرا إِلَى سنة أربع وخمسين، ثُمَّ عزله، وولى مَرَوَان، ثُمَّ عزله، وولى الْوَلِيد بْن عُتْبَة، فلم يزل واليا على المدينة حَتَّى مات مُعَاوِيَة وولى يَزِيد، فلما كف الْوَلِيد بْن عُتْبَة عَنِ الْحُسَيْن وَابْن الزُّبَيْر فِي شأن البيعة ليزيد، وَكَانَ الْوَلِيد رحيما حليما سريا، عزله وولى يَزِيد عَمْرو بْن سَعِيد الأشدق، ثُمَّ عزله وصرف الْوَلِيد بْن عُتْبَة، ثُمَّ عزله، وولى عُثْمَان بْن محمد بن أبى سفيان، وعليه قامت
الحرّة، ثم لما مات يزيد، وولىّ ابنه أَبُو ليلى مُعَاوِيَة بْن يَزِيد، وذلك سنة أربع وستين. عاش بعد أَبِيهِ يَزِيد أربعين ليلة، ومات وَهُوَ ابْن إحدى وعشرين سنة، وَكَانَ موته من قرحة يقال لَهَا السكتة، وكانت أمه أم خَالِد بِنْت هاشم ابن عُتْبَة بْن رَبِيعَة، وقالت لَهُ: اجعل الخلافة من بعدك لأخيك، فأبى، وَقَالَ:
لا يكون لي مرها ولكم حلوها، فوثب مَرَوَان حينئذ عليها وأنشد:
إِنِّي أرى فتنةً تغلي مراجلها ... والملك بعد أَبِي ليلى لمن غلبا
ثم التقى هُوَ والضحاك بْن قَيْس بمرج راهط على أميال من دمشق، فقتل الضحاك، وَكَانَ مَرَوَان قد تزوج أم خَالِد بْن يَزِيد ليضع منه، فوقع بينه وبين خَالِد يوما كلام، فَقَالَ لَهُ مَرَوَان- واغلظ لَهُ فِي القول: اسكت يَا بْن الرطبة. فقال لَهُ خَالِد: مؤتمن خائن. فندم مَرَوَان، وَقَالَ: مَا أدى الأمانة إذا أؤتمن، ثُمَّ دخل خَالِد على أمه فَقَالَ لَهَا: هكذا أردت، يَقُول لي مَرَوَان على رءوس الناس كذا وكذا! فقالت لَهُ: اسكت، لا ترى بعد منه شيئا تكرهه، وسأقرب عليك مَا بعد، فسمته، ثُمَّ قامت إِلَيْهِ مع جواريها فغممته حَتَّى مات، فكانت خلافته تسعة أشهر وقيل عشرة أشهر.
ومات فِي صدر رمضان سنة خمس وستين، وَهُوَ ابْن ثلاث وستين. وقيل: ابْن ثمانية وستين، وقيل ابْن أربع وستين، وَهُوَ معدود فيمن قتله النساء. روى عَنْهُ من الصحابة سَهْل بْن سَعْد فيما ذكر صَالِح بْن كيسان. وعبد الرحمن بْن إِسْحَاق، عَنِ ابْن شهاب، بْن سَهْل بْن سَعْد، عَنْ مَرَوَان، عَنْ زَيْد بْن ثَابِت فِي قول الله عز وجل : لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ من الْمُؤْمِنِينَ ... 4: 95 الآية.
ورواه مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ قبيصة بْن ذؤيب. عن زيد بن ثابت. وممن
رَوَى عَنْهُ من التابعين عُرْوَة بْن الزُّبَيْر، وعلي بْن الْحُسَيْن. وقال عُرْوَة: كَانَ مَرَوَان لا يتهم فِي الحديث، ومن شعر عَبْد الرحمن فيه:
ألا من مبلغ مَرَوَان عني ... رسولا والرسول من البيان
بأنك لن ترى طردا لحر ... كإلصاق بِهِ بعض الهوان
وهل حدثت قبلي عَنْ كريم ... معين فِي الحوادث أو معان
يقيم بدار مضيقة إذا لم ... يكن حيران أو خفق الجنان
فلا تقذف بي الرجوين إِنِّي ... أقل القوم من يغني مكاني
سأكفيك الَّذِي استكفيت مني ... بأمر لا تخالجه يدان
ولو أنا بمنزلة جميعا ... جريت وأنت مضطرب العنان
ولولا أن أم أبيك أمي ... وأن من قد هجاك فقد هجاني
لقد جاهرت بالبغضاء إِنِّي ... إلى أمر الجهارة والعلان
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=71968&book=5525#581821
مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميرًا علينا ست سنين، فكان يسب
عليًّا كل جمعة، ثم عزل، ثم استعمل سعيد بن العاص سنتين فكان لا يسبه، ثم أعيد مروان فكان يسبه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4781)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة قال: أخبرنا هشام قال: أخبرنا أبي قال: سمعت مروان بن الحكم ولا إخاله يُتهم علينا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4892)
قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: يقال: كان عند مروان قضاء وكان يتتبع قضايا عمر بن الخطاب.
"البداية والنهاية" 8/ 658
قال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: كان مروان أميرًا علينا ست سنين، فكان يسب
عليًّا كل جمعة، ثم عزل، ثم استعمل سعيد بن العاص سنتين فكان لا يسبه، ثم أعيد مروان فكان يسبه.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4781)
وقال عبد اللَّه: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أسامة قال: أخبرنا هشام قال: أخبرنا أبي قال: سمعت مروان بن الحكم ولا إخاله يُتهم علينا.
"العلل" رواية عبد اللَّه (4892)
قال حنبل: قال أبو عبد اللَّه: يقال: كان عند مروان قضاء وكان يتتبع قضايا عمر بن الخطاب.
"البداية والنهاية" 8/ 658
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=71968&book=5525#89eddf
مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ الأُمَوِيُّ
ابْنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، المَلِكُ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ، وَأَبَا الحَكَمِ.
مَوْلِدُهُ: بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ،
وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ المَلِكِ.وَكَانَ كَاتِبَ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَإِلَيه الخَاتِمُ، فَخَانَهُ، وَأَجْلَبُوا بِسَبِبِهِ عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ نَجَا هُوَ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَ طَلْحَةَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَنَجَا - لاَ نُجِّيَ - ثُمَّ وَلِي المَدِيْنَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ لِمُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ طَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الطَّائِفِ، ثُمَّ أَقْدَمَهُ عُثْمَانُ إِلَى المَدِيْنَةِ لأَنَّهُ عَمُّهُ.
وَلَمَّا هَلَكَ وَلَدُ يَزِيْدَ؛ أَقْبَلَ مَرْوَانُ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَغَيْرُهُم، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ الفِهْرِيَّ، فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ دِمَشْقَ، ثُمَّ مِصْرَ، وَدَعَا بِالخِلاَفَةِ.
وَكَانَ ذَا شَهَامَةٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ، أَحْمَرَ الوَجْهِ، قَصِيراً؛ أَوْقَصَ، دَقِيْقَ العُنُقِ، كَبِيْرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، يُلَقَّبُ: خَيْطَ بَاطِلٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا انْهَزَمُوا يَوْمَ الجَمَلِ، سَأَلَ عَلِيٌّ عَنْ مَرْوَانَ، وَقَالَ:
يَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: مَنْ تَرَى لِلأَمْرِ بَعْدَكَ؟
فَسَمَّى رِجَالاً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا القَارِئُ الفَقِيْهُ الشَّدِيدُ فِي حُدُوْدِ اللهِ، مَرْوَانُ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مَرْوَانُ يَتَتَبَّعُ قَضَاءَ عُمَرَ.
وَرَوَى: ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ مَرْوَانُ أَمِيْراً عَلَيْنَا، فَكَانَ يَسُبُّ رَجُلاً كُلَّ جُمُعَةٍ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَكَانَ سَعِيْدٌ لاَ يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّ.
فَقِيْلَ لِلْحَسَنِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُوْلُ؟
فَجَعَلَ لاَ يَرُدُّ شَيْئاً ... ، وَسَاقَ حِكَايَةً.قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ:
كُنْتُ بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ، وَالحُسَيْنُ يُسَابُّ مَرْوَانَ، فَنَهَاهُ الحَسَنُ.
فَقَالَ مَرْوَانُ: أَنْتُم أَهْلُ بَيتٍ مَلْعُوْنُوْنَ.
فَقَالَ الحَسَنُ: وَيْلَكَ قُلْتَ هَذَا! وَاللهِ لَقَدْ لَعَنَ اللهُ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ -يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ -.
وَأَبُو يَحْيَى هَذَا: نَخَعِيٌّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ، وَلاَ يُعِيدَانِ.
العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
إِذَا بَلَغَ بَنُو العَاصِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً، اتَّخَذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَدِيْنَ اللهِ دَغَلاً، وَعِبَادَ اللهِ خَوَلاً.
جَاءَ هَذَا مَرْفُوعاً، لَكِنْ فِيْهِ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ.
قُلْتُ: اسْتَولَى مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ خَنْقاً،
مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.قَالَ مَالِكٌ: تَذَكَّرَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فِيمَا أَنَا فِيْهِ مِنْ هرقِ الدِّمَاءِ وَهَذَا الشَّأْنِ ؟!
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُوْنَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ، وَتَصَرُّفَهُ.
وَقَاتَلَ يَوْمَ الجَمَلِ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الهَزِيْمَةَ، رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ، فَقَتَلَهُ، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوَوْهُ، وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ، وَرُدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ يَوْمَ الحَرَّةِ مَعَ مُسْرِفِ بنِ عُقْبَةَ يُحَرِّضُهُ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ؛ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بَعْدَهُ، وَزَهَّدَ النَّاسَ فِي خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَوَضَعَ مِنْهُ، وَسَبَّهُ يَوْماً، وَكَانَ مُتَزَوِّجاً بِأُمِّهِ، فَأَضْمَرَتْ لَهُ الشَّرَّ، فَنَامَ، فَوَثَبَتْ فِي جَوَارِيهَا، وَغَمَّتْهُ بِوِسَادَةٍ قَعَدْنَ عَلَى جَوَانِبِهَا، فَتَلِفَ، وَصَرَخْنَ، وَظُنَّ أَنَّهُ مَاتَ فُجَاءةً.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِالطَّاعُوْنِ.
ابْنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، المَلِكُ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ، وَأَبَا الحَكَمِ.
مَوْلِدُهُ: بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ،
وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ المَلِكِ.وَكَانَ كَاتِبَ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَإِلَيه الخَاتِمُ، فَخَانَهُ، وَأَجْلَبُوا بِسَبِبِهِ عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ نَجَا هُوَ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَ طَلْحَةَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَنَجَا - لاَ نُجِّيَ - ثُمَّ وَلِي المَدِيْنَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ لِمُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ طَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الطَّائِفِ، ثُمَّ أَقْدَمَهُ عُثْمَانُ إِلَى المَدِيْنَةِ لأَنَّهُ عَمُّهُ.
وَلَمَّا هَلَكَ وَلَدُ يَزِيْدَ؛ أَقْبَلَ مَرْوَانُ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَغَيْرُهُم، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ الفِهْرِيَّ، فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ دِمَشْقَ، ثُمَّ مِصْرَ، وَدَعَا بِالخِلاَفَةِ.
وَكَانَ ذَا شَهَامَةٍ، وَشَجَاعَةٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ، أَحْمَرَ الوَجْهِ، قَصِيراً؛ أَوْقَصَ، دَقِيْقَ العُنُقِ، كَبِيْرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، يُلَقَّبُ: خَيْطَ بَاطِلٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا انْهَزَمُوا يَوْمَ الجَمَلِ، سَأَلَ عَلِيٌّ عَنْ مَرْوَانَ، وَقَالَ:
يَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: مَنْ تَرَى لِلأَمْرِ بَعْدَكَ؟
فَسَمَّى رِجَالاً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا القَارِئُ الفَقِيْهُ الشَّدِيدُ فِي حُدُوْدِ اللهِ، مَرْوَانُ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مَرْوَانُ يَتَتَبَّعُ قَضَاءَ عُمَرَ.
وَرَوَى: ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
كَانَ مَرْوَانُ أَمِيْراً عَلَيْنَا، فَكَانَ يَسُبُّ رَجُلاً كُلَّ جُمُعَةٍ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَكَانَ سَعِيْدٌ لاَ يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّ.
فَقِيْلَ لِلْحَسَنِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُوْلُ؟
فَجَعَلَ لاَ يَرُدُّ شَيْئاً ... ، وَسَاقَ حِكَايَةً.قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ:
كُنْتُ بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ، وَالحُسَيْنُ يُسَابُّ مَرْوَانَ، فَنَهَاهُ الحَسَنُ.
فَقَالَ مَرْوَانُ: أَنْتُم أَهْلُ بَيتٍ مَلْعُوْنُوْنَ.
فَقَالَ الحَسَنُ: وَيْلَكَ قُلْتَ هَذَا! وَاللهِ لَقَدْ لَعَنَ اللهُ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ -يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ -.
وَأَبُو يَحْيَى هَذَا: نَخَعِيٌّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ، وَلاَ يُعِيدَانِ.
العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
إِذَا بَلَغَ بَنُو العَاصِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً، اتَّخَذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَدِيْنَ اللهِ دَغَلاً، وَعِبَادَ اللهِ خَوَلاً.
جَاءَ هَذَا مَرْفُوعاً، لَكِنْ فِيْهِ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ.
قُلْتُ: اسْتَولَى مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ خَنْقاً،
مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.قَالَ مَالِكٌ: تَذَكَّرَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فِيمَا أَنَا فِيْهِ مِنْ هرقِ الدِّمَاءِ وَهَذَا الشَّأْنِ ؟!
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُوْنَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ، وَتَصَرُّفَهُ.
وَقَاتَلَ يَوْمَ الجَمَلِ أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الهَزِيْمَةَ، رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ، فَقَتَلَهُ، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ، فَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوَوْهُ، وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ، وَرُدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ يَوْمَ الحَرَّةِ مَعَ مُسْرِفِ بنِ عُقْبَةَ يُحَرِّضُهُ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ؛ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بَعْدَهُ، وَزَهَّدَ النَّاسَ فِي خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَوَضَعَ مِنْهُ، وَسَبَّهُ يَوْماً، وَكَانَ مُتَزَوِّجاً بِأُمِّهِ، فَأَضْمَرَتْ لَهُ الشَّرَّ، فَنَامَ، فَوَثَبَتْ فِي جَوَارِيهَا، وَغَمَّتْهُ بِوِسَادَةٍ قَعَدْنَ عَلَى جَوَانِبِهَا، فَتَلِفَ، وَصَرَخْنَ، وَظُنَّ أَنَّهُ مَاتَ فُجَاءةً.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِالطَّاعُوْنِ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=135726&book=5525#16998a
مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة، أبو الهيذام- وقيل: أبو السمط:
وكان أبو حفصة مولى مروان بن الحكم أعتقه يوم الدار لأنه أبلى يومئذ بلاء حسنا، واسمه يزيد. وقيل إن أبا حفصة كان يهوديا طبيبا أسلم على يد عثمان بن عفان، وقيل: على يد مروان بن الحكم. ويزعم أهل المدينة أنه كان من موالي السموءل بن عاديا، وأنه سبي من إصطخر وهو غلام فاشتراه عثمان ووهبه لمروان بن الحكم. ومروان بن سليمان شاعر مجود محكك للشعر، وهو من أهل اليمامة وقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد، وكان يتقرب إلى الرشيد بهجاء العلوية في شعره. وله في معن بن زائدة مدائح ومراث عجيبة، وقيل إنه قيل الشعر وهو غلام لم يبلغ سنه العشرين.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمد بن عرفة، أَخْبَرَنَا أحمد بن يحيى عن الرياشي قَالَ: قَالَ رجل لمروان بن أبي حفصة: ما حملك على أن تناولت ولد علي في شعرك؟ فقال: والله ما حملني على ذلك بغضاء لهم، ولقد مدحت أمير المؤمنين المهدي بشعري الذي أقول فيه:
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالحياء دلالها
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها ... قاد القلوب إلى الصبي فأمالها
حتى بلغت إلى قولي:
هل يطمسون من السماء نجومها ... بأكفهم أم يسترون هلالها
أم يدفعون مقالة- عن ربه ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
فذروا الأسود خوادرا في غيلها ... لا تولغن دماءكم أشبالها
فقال المهدي: وجب حقك على هؤلاء القوم، ثم أمر لي بخمسين ألف درهم وأمر أولاده أن يبروني، فبروني بثلاثين ألف درهم.
قَالَ ابن عرفة: وَحَدَّثَنِي عبد الله بن إسحاق بن سلام قَالَ: خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم فمر بزمن، فسأله فأعطاه ثلثي درهم، فقيل له: هلا أعطيته درهما؟ فقال: لو أعطيت مائة ألف درهم أتممت له درهما. قَالَ: وكان مروان يبخل فلا يسرج له في داره، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام.
أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين النعالي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج علي بْن الْحُسَيْن الأصبهاني، أخبرنا الحسن بن علي، حدّثنا يزيد بن محمّد المهلبي، حدثني عبد الصّمد بن المعدل قَالَ: دخل مروان بن أبي حفصة، وسلم الخاسر، ومنصور النمري على الرشيد، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام؟
وأنشده سلم:
حضر الرحيل وشدت الأحداج
وأنشده النمري قصيدته التي يقول فيها:
إن المكارم والمعروف أودية ... أحلك اللَّه منها حيث تجتمع
فأمر لكل واحد منهم بمائة ألف درهم، فقال له يحيى بن خالد: يا أمير المؤمنين مروان شاعرك خاصة قد ألحقتهم به؟ قَالَ: فليزد مروان عشرة آلاف.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا، حدّثنا أحمد ابن الْعَبَّاس العسكري قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أبي سعد، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن موسى بن حمزة- مولى بني هاشم- حدثني أحمد بن موسى بن حمزة، أخبرني الفضل بن بزيع قَالَ: رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن بن زائدة في جماعة من الشعراء فيهم سلم الخاسر وغيره، فأنشده مديحا له، فقال له: من؟ قَالَ: شاعرك مروان بن أبي حفصة، فقال له المهدي: ألست القائل:
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاما ما نريد به زيالا
وقلنا أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا؟
قد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال، لا شيء لك عندنا، جروا برجله، فجر برجله حتى أخرج، فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء وإنما
كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في ذلك الحين في كل عام مرة، قَالَ: فمثل بين يديه وأنشده قصيدته التي يقول فيها:
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالحياء دلالها
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها ... قاد القلوب إلى الصبي فأمالها
قَالَ: فأنصت لها حتى بلغ إلى قوله:
هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تدفعون مقالة عن ربكم ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
- يعني بني علي، وبني العباس-.
قَالَ: فرأيت المهدي وقد تزاحف من صدر مصلاه حتى صار على البساط إعجابا بما سمع، ثم قَالَ له: كم هي بيتا؟ قَالَ: مائة بيت، فأمر له بمائة ألف درهم. قَالَ:
فإنها لأول مائة ألف أعطيها شاعر في خلافة بني العباس، قَالَ: فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد، قَالَ: فرأيت مروان ماثلا مع الشعراء بين يدي الرشيد وقد أنشده شعرا، فقال له: من؟ قَالَ: شاعرك مروان بن أبي حفصة، فقال له:
ألست القائل البيتين- اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي؟ - خذوا بيده فأخرجوه فإنه لا شيء له عندنا فأخرج. فلما كان بعد ذلك بيومين تلطف حتى دخل، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
لعمرك لا أنسى غداة المحصب ... إشارة سلمى بالبنان المخضب
وقد هدر الحجاج إلا أقلهم ... مصادر شتى موكبا بعد موكب
قَالَ: فأعجبته، فقال له: كم قصيدتك بيتا؟ قَالَ له: سبعون- أو ستون- فأمر له بعدد أبياتها ألوفا، فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عُبَيْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنِي يوسف بن يحيى عن أبيه يحيى بن علي قَالَ: أخبرني متوج بن محمود ابن أبي الجنوب، أَخْبَرَنِي أبي عن أبيه أن الكسائي كان يقول: إنما الشعر سقاء تمخض، فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة.
وَقَالَ المرزباني: أَخْبَرَنِي محمد بن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن سعيد، حدّثنا عمر بن شبة، حَدَّثَنِي محمد بن بشار قَالَ: رأيت مروان يعرض على أبي أشعاره، فقال له أبي: إن وفيت قيم أشعارك استغنيت.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ: سنة اثنتين وثمانين ومائة فيها مات مروان بن أبي حفصة الشاعر.
أخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ومروان يكنى أبا الهيذام، وعاش إلى سنة اثنتين وثمانين ومائة فمات فيها.
وذكر إدريس بن سليمان بن أبي حفصة أن مروان توفي سنة إحدى وثمانين ومائة، ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك. وَقَالَ غيره: كان مولده في سنة خمس ومائة.
وكان أبو حفصة مولى مروان بن الحكم أعتقه يوم الدار لأنه أبلى يومئذ بلاء حسنا، واسمه يزيد. وقيل إن أبا حفصة كان يهوديا طبيبا أسلم على يد عثمان بن عفان، وقيل: على يد مروان بن الحكم. ويزعم أهل المدينة أنه كان من موالي السموءل بن عاديا، وأنه سبي من إصطخر وهو غلام فاشتراه عثمان ووهبه لمروان بن الحكم. ومروان بن سليمان شاعر مجود محكك للشعر، وهو من أهل اليمامة وقدم بغداد ومدح المهدي والرشيد، وكان يتقرب إلى الرشيد بهجاء العلوية في شعره. وله في معن بن زائدة مدائح ومراث عجيبة، وقيل إنه قيل الشعر وهو غلام لم يبلغ سنه العشرين.
أَخْبَرَنِي الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمد بن عرفة، أَخْبَرَنَا أحمد بن يحيى عن الرياشي قَالَ: قَالَ رجل لمروان بن أبي حفصة: ما حملك على أن تناولت ولد علي في شعرك؟ فقال: والله ما حملني على ذلك بغضاء لهم، ولقد مدحت أمير المؤمنين المهدي بشعري الذي أقول فيه:
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالحياء دلالها
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها ... قاد القلوب إلى الصبي فأمالها
حتى بلغت إلى قولي:
هل يطمسون من السماء نجومها ... بأكفهم أم يسترون هلالها
أم يدفعون مقالة- عن ربه ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
فذروا الأسود خوادرا في غيلها ... لا تولغن دماءكم أشبالها
فقال المهدي: وجب حقك على هؤلاء القوم، ثم أمر لي بخمسين ألف درهم وأمر أولاده أن يبروني، فبروني بثلاثين ألف درهم.
قَالَ ابن عرفة: وَحَدَّثَنِي عبد الله بن إسحاق بن سلام قَالَ: خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم فمر بزمن، فسأله فأعطاه ثلثي درهم، فقيل له: هلا أعطيته درهما؟ فقال: لو أعطيت مائة ألف درهم أتممت له درهما. قَالَ: وكان مروان يبخل فلا يسرج له في داره، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام.
أَخْبَرَنَا الحسن بن الحسين النعالي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفرج علي بْن الْحُسَيْن الأصبهاني، أخبرنا الحسن بن علي، حدّثنا يزيد بن محمّد المهلبي، حدثني عبد الصّمد بن المعدل قَالَ: دخل مروان بن أبي حفصة، وسلم الخاسر، ومنصور النمري على الرشيد، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
أنى يكون وليس ذاك بكائن ... لبني البنات وراثة الأعمام؟
وأنشده سلم:
حضر الرحيل وشدت الأحداج
وأنشده النمري قصيدته التي يقول فيها:
إن المكارم والمعروف أودية ... أحلك اللَّه منها حيث تجتمع
فأمر لكل واحد منهم بمائة ألف درهم، فقال له يحيى بن خالد: يا أمير المؤمنين مروان شاعرك خاصة قد ألحقتهم به؟ قَالَ: فليزد مروان عشرة آلاف.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري، حدّثنا المعافى بن زكريا، حدّثنا أحمد ابن الْعَبَّاس العسكري قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أبي سعد، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن موسى بن حمزة- مولى بني هاشم- حدثني أحمد بن موسى بن حمزة، أخبرني الفضل بن بزيع قَالَ: رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن بن زائدة في جماعة من الشعراء فيهم سلم الخاسر وغيره، فأنشده مديحا له، فقال له: من؟ قَالَ: شاعرك مروان بن أبي حفصة، فقال له المهدي: ألست القائل:
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاما ما نريد به زيالا
وقلنا أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا؟
قد جئت تطلب نوالنا وقد ذهب النوال، لا شيء لك عندنا، جروا برجله، فجر برجله حتى أخرج، فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء وإنما
كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في ذلك الحين في كل عام مرة، قَالَ: فمثل بين يديه وأنشده قصيدته التي يقول فيها:
طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالحياء دلالها
قادت فؤادك فاستقاد وقبلها ... قاد القلوب إلى الصبي فأمالها
قَالَ: فأنصت لها حتى بلغ إلى قوله:
هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفكم أو تسترون هلالها
أو تدفعون مقالة عن ربكم ... جبريل بلغها النبي فقالها
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم إبطالها
- يعني بني علي، وبني العباس-.
قَالَ: فرأيت المهدي وقد تزاحف من صدر مصلاه حتى صار على البساط إعجابا بما سمع، ثم قَالَ له: كم هي بيتا؟ قَالَ: مائة بيت، فأمر له بمائة ألف درهم. قَالَ:
فإنها لأول مائة ألف أعطيها شاعر في خلافة بني العباس، قَالَ: فلم تلبث الأيام أن أفضت الخلافة إلى هارون الرشيد، قَالَ: فرأيت مروان ماثلا مع الشعراء بين يدي الرشيد وقد أنشده شعرا، فقال له: من؟ قَالَ: شاعرك مروان بن أبي حفصة، فقال له:
ألست القائل البيتين- اللذين له في معن اللذين أنشدهما المهدي؟ - خذوا بيده فأخرجوه فإنه لا شيء له عندنا فأخرج. فلما كان بعد ذلك بيومين تلطف حتى دخل، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
لعمرك لا أنسى غداة المحصب ... إشارة سلمى بالبنان المخضب
وقد هدر الحجاج إلا أقلهم ... مصادر شتى موكبا بعد موكب
قَالَ: فأعجبته، فقال له: كم قصيدتك بيتا؟ قَالَ له: سبعون- أو ستون- فأمر له بعدد أبياتها ألوفا، فكان ذلك رسم مروان حتى مات.
قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عُبَيْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنِي يوسف بن يحيى عن أبيه يحيى بن علي قَالَ: أخبرني متوج بن محمود ابن أبي الجنوب، أَخْبَرَنِي أبي عن أبيه أن الكسائي كان يقول: إنما الشعر سقاء تمخض، فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة.
وَقَالَ المرزباني: أَخْبَرَنِي محمد بن يحيى الصولي، حدّثنا محمّد بن سعيد، حدّثنا عمر بن شبة، حَدَّثَنِي محمد بن بشار قَالَ: رأيت مروان يعرض على أبي أشعاره، فقال له أبي: إن وفيت قيم أشعارك استغنيت.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سفيان قَالَ: سنة اثنتين وثمانين ومائة فيها مات مروان بن أبي حفصة الشاعر.
أخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ومروان يكنى أبا الهيذام، وعاش إلى سنة اثنتين وثمانين ومائة فمات فيها.
وذكر إدريس بن سليمان بن أبي حفصة أن مروان توفي سنة إحدى وثمانين ومائة، ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك. وَقَالَ غيره: كان مولده في سنة خمس ومائة.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=135728&book=5525#df7a8d
مروان بن شجاع، أبو عمرو الجزري، مولى بني أمية، ويعرف بالخصيفي :
من أهل حران نزل بَغْدَاد وَحَدَّثَ بها عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عبلة، وسالم الأفطس وخصيف بن عبد الرحمن. روى عنه سعيد بن سليمان الواسطي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وسريج بن يونس، وهارون بن معروف، وأحمد بن منيع، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ويعقوب الدورقي، والْحَسَن بْن عرفة.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ- إِمْلاءً- قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حدّثنا مروان بن شجاع بن خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، والفضة بالفضة، وزنا بوزن» .
وأخبرنا ابن مهديّ، حدّثنا الحسين، حدّثنا يعقوب، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ نَهَى مَرَّتَيْنِ- عَلَى الْمِنْبَرِ- كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابن مَخْلَدٍ الْبَزَّازُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصّفّار، حدّثنا الحسن بن عرفة، حَدَّثَنِي مروان بن شجاع الجزري عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم ير على خلقته، فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه.
فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يرى من تلاها: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ.
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
[الفجر 27:
30] .
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حَدَّثَنِي أَبُو عوانة يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا الميموني قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، حَدَّثَنَا مروان بن شجاع الجزري قَالَ أبو عبد الله: شيخ صدوق.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله المعدل، أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: سألت أبي: أيما أحب إليك في خصيف، عتاب بن بشير، أو مروان بن شجاع؟ فقال: عتاب بن بشير أحاديثه أحاديث مناكير، مروان حدث عنه الناس. قَالَ عبد الله: وقد حَدَّثَنَا أبي عنه وعن وكيع عنه.
قرأت في نسخة الكتاب الذي ذكر لنا أَبُو سَعِيد الصيرفي أَنَّهُ سمعه من أبي العباس مُحَمَّد بن يعقوب الأصم- وذهب أصله به- ثم أخبرنا العتيقي- قراءة- أخبرنا عثمان ابن محمّد المخرّميّ، أَخْبَرَنِي الأصم أنّ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن حاتم حدثهم قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: مروان بن شجاع ثقة.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ:
ومروان بن شجاع جزري حَدَّثَنِي عنه أَحْمَد بن الخليل البغداديّ وهو ثقة.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سألت أبا داود عن مروان بن شجاع. فقال: لا بأس به.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: مروان بن شجاع ثقة جزري.
أَخْبَرَنَا الجوهريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد قَالَ: مروان بن شجاع الخصيفي كان من أهل الجزيرة من أهل حران، وكان راوية لخصيف، فقدم بغداد فكان مؤدبا لولد موسى أمير المؤمنين فلم يزل ببغداد حتى مات.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد بن حسنويه، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ، حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازي، حَدَّثَنَا خليفة بن خياط قَالَ: مروان بن شجاع من أهل حران مولى مروان بن مُحَمَّد بن مروان بن الحكم، مات ببغداد سنة أربع وثمانين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ البادا وَأَبُو بَكْر البرقاني وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد الفارسي وعلي بْن أَبِي عَلِيّ البصري قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن صالح الأبهري، حَدَّثَنَا أبو عروبة الحراني قَالَ: مروان بن شجاع مولى لبني أمية من أهل حران، كنيته أبو عمرو، وكان يعلم ولد المهدي ببغداد، ومات بها في سنة أربع وثمانين ومائة وحديثه ببغداد.
من أهل حران نزل بَغْدَاد وَحَدَّثَ بها عَنْ إِبْرَاهِيم بْن أَبِي عبلة، وسالم الأفطس وخصيف بن عبد الرحمن. روى عنه سعيد بن سليمان الواسطي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وسريج بن يونس، وهارون بن معروف، وأحمد بن منيع، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ويعقوب الدورقي، والْحَسَن بْن عرفة.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن مهدي، حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ- إِمْلاءً- قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حدّثنا مروان بن شجاع بن خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، والفضة بالفضة، وزنا بوزن» .
وأخبرنا ابن مهديّ، حدّثنا الحسين، حدّثنا يعقوب، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ نَهَى مَرَّتَيْنِ- عَلَى الْمِنْبَرِ- كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بِن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ابن مَخْلَدٍ الْبَزَّازُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصّفّار، حدّثنا الحسن بن عرفة، حَدَّثَنِي مروان بن شجاع الجزري عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم ير على خلقته، فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه.
فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يرى من تلاها: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ.
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
[الفجر 27:
30] .
أخبرنا البرقاني، أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي، حَدَّثَنِي أَبُو عوانة يَعْقُوب بْن إِسْحَاق الإسفراييني، حَدَّثَنَا الميموني قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه أَحْمَد بْن حنبل، حَدَّثَنَا مروان بن شجاع الجزري قَالَ أبو عبد الله: شيخ صدوق.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله المعدل، أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن، حدثنا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حنبل قَالَ: سألت أبي: أيما أحب إليك في خصيف، عتاب بن بشير، أو مروان بن شجاع؟ فقال: عتاب بن بشير أحاديثه أحاديث مناكير، مروان حدث عنه الناس. قَالَ عبد الله: وقد حَدَّثَنَا أبي عنه وعن وكيع عنه.
قرأت في نسخة الكتاب الذي ذكر لنا أَبُو سَعِيد الصيرفي أَنَّهُ سمعه من أبي العباس مُحَمَّد بن يعقوب الأصم- وذهب أصله به- ثم أخبرنا العتيقي- قراءة- أخبرنا عثمان ابن محمّد المخرّميّ، أَخْبَرَنِي الأصم أنّ الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن حاتم حدثهم قال:
سمعت يحيى بن معين يقول: مروان بن شجاع ثقة.
أَخْبَرَنَا ابْن الْفَضْل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يعقوب بن سفيان قَالَ:
ومروان بن شجاع جزري حَدَّثَنِي عنه أَحْمَد بن الخليل البغداديّ وهو ثقة.
أخبرنا العتيقي، أخبرنا محمد بن عدي البصري- في كتابه- حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قَالَ: سألت أبا داود عن مروان بن شجاع. فقال: لا بأس به.
أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: مروان بن شجاع ثقة جزري.
أَخْبَرَنَا الجوهريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، أخبرنا أَحْمَد بْن معروف، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن فهم، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سعد قَالَ: مروان بن شجاع الخصيفي كان من أهل الجزيرة من أهل حران، وكان راوية لخصيف، فقدم بغداد فكان مؤدبا لولد موسى أمير المؤمنين فلم يزل ببغداد حتى مات.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد بن حسنويه، أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ، حدّثنا عمر بن أحمد الأهوازي، حَدَّثَنَا خليفة بن خياط قَالَ: مروان بن شجاع من أهل حران مولى مروان بن مُحَمَّد بن مروان بن الحكم، مات ببغداد سنة أربع وثمانين ومائة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ البادا وَأَبُو بَكْر البرقاني وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد الفارسي وعلي بْن أَبِي عَلِيّ البصري قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن صالح الأبهري، حَدَّثَنَا أبو عروبة الحراني قَالَ: مروان بن شجاع مولى لبني أمية من أهل حران، كنيته أبو عمرو، وكان يعلم ولد المهدي ببغداد، ومات بها في سنة أربع وثمانين ومائة وحديثه ببغداد.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156178&book=5525#228b45
مَرْوَانُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ الأُمَوِيُّ
رَأْسُ الشُّعَرَاءِ، أَبُو السَّمْطِ - وَقِيْلَ: أَبُو الهِنْدَامِ - مَرْوَانُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي حَفْصَةَ يَزِيْدَ، مَوْلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيِّ.
أَعْتَقَهُ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ، لِكَوْنِهِ بَيَّنَ يَوْمَئِذٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ أَبُو حَفْصَةَ طَبِيْباً يَهُوْدِياً، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ عُثْمَانَ، أَوْ يَدِ مَرْوَانَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا حَفْصَةَ مِنْ سَبْيِ اصْطَخْرَ.
وَكَانَ مَرْوَانُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَمَدَحَ المَهْدِيَّ، وَالرَّشِيْدَ.
قَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ: أَجْوَدُ مَا لَهُ (اللاَّمِيَّةُ) الَّتِي فُضِّلَ بِهَا عَلَى شُعَرَاءِ زَمَانِهِ فِي مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ، فَأَجَازَهُ عَلَيْهَا بِمَالٍ عَظِيْمٍ.قَالَ: وَأَخَذَ مِنْ خَلِيْفَةٍ عَلَى بَيْتٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
قُلْتُ: فَمِنَ اللاَّمِيَّةِ :
بَنُو مَطَرٍ يَوْمَ اللِّقَاءِ كَأَنَّهُمْ ... أُسُودٌ لَهَا فِي بَطْنِ خَفَّانَ أَشْبُلُ
هُمُ يَمْنَعُوْنَ الجَارَ حَتَّى كَأَنَّمَا ... لِجَارِهِم بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ مَنْزِلُ
تَجَنَّبَ (لاَ) فِي القَوْلِ حَتَّى كَأَنَّهُ ... حَرَامٌ عَلَيْهِ قَوْلُ (لاَ) حِيْنَ يُسْأَلُ
تَشَابَهُ يَوْمَاهُ عَلَيْنَا فَأَشْكلاَ ... فَلاَ نَحْنُ نَدْرِي أَيُّ يَوْمَيْهِ أَفْضَلُ؟
أَيَوْمُ نَدَاهُ العُمرُ؟ أَمْ يَوْمُ بَأْسِهِ ... وَمَا مِنْهُمَا إِلاَّ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
بَهَالِيْلُ فِي الإِسْلاَمِ سَادُوا وَلَمْ يَكُنْ ... كَأَوَّلِهِم فِي الجَاهِلِيَّةِ أَوَّلُ
هُمُ القَوْمُ إِنْ قَالُوا أَصَابُوا، وَإِنْ دُعُوا ... أَجَابُوا، وَإِنْ أَعْطَوْا أَطَابُوا وَأَجْزَلُوا
فَمَا يَسْتَطِيْعُ الفَاعِلُوْنَ فِعَالَهُم ... وَإِنْ أَحْسَنُوا فِي النَّائِبَاتِ وَأَجْمَلُوا
وَيُرْوَى: أَنَّ وَلداً لِمَرْوَانَ بنِ أَبِي حَفْصَةَ دَخَلَ عَلَى الأَمِيْرِ شَرَاحِيْلَ بنِ مَعْنٍ، فَأَنشَدَهُ:
أَيَا شَرَاحِيْلَ بنَ مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ ... يَا أَكرَمَ النَّاسِ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ
أَعْطَى أَبُوْكَ أَبِي مَالاً فَعَاشَ بِهِ ... فَأَعْطِنِي مِثْلَ مَا أَعْطَى أَبُوْكَ أَبِي
مَا حَلَّ قَطُّ أَبِي أَرْضاً أَبُوْكَ بِهَا ... إِلاَّ وَأَعْطَاهُ قِنْطَاراً مِنَ الذَّهَبِ
فَأَعْطَاهُ شَرَاحِيْلُ قِنْطَاراً مِنَ الذَّهَبِ.مَاتَ مَرْوَانُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
حَفِيْدُهُ: مَرْوَانُ بنُ أَبِي الجَنُوْبِ بنِ مَرْوَانَ هُو
َ مَرْوَانُ بنُ أَبِي الجَنُوْبِ بنِ مَرْوَانَ بنِ أَبِي حَفْصَةَ، مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ فِي زَمَانِهِ، وَيُقَالُ لَهُ: مَرْوَانُ الأَصْغَرُ.
رَأْسُ الشُّعَرَاءِ، أَبُو السَّمْطِ - وَقِيْلَ: أَبُو الهِنْدَامِ - مَرْوَانُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي حَفْصَةَ يَزِيْدَ، مَوْلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيِّ.
أَعْتَقَهُ مَرْوَانُ يَوْمَ الدَّارِ، لِكَوْنِهِ بَيَّنَ يَوْمَئِذٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ أَبُو حَفْصَةَ طَبِيْباً يَهُوْدِياً، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِ عُثْمَانَ، أَوْ يَدِ مَرْوَانَ.
وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا حَفْصَةَ مِنْ سَبْيِ اصْطَخْرَ.
وَكَانَ مَرْوَانُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَمَدَحَ المَهْدِيَّ، وَالرَّشِيْدَ.
قَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ: أَجْوَدُ مَا لَهُ (اللاَّمِيَّةُ) الَّتِي فُضِّلَ بِهَا عَلَى شُعَرَاءِ زَمَانِهِ فِي مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ، فَأَجَازَهُ عَلَيْهَا بِمَالٍ عَظِيْمٍ.قَالَ: وَأَخَذَ مِنْ خَلِيْفَةٍ عَلَى بَيْتٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
قُلْتُ: فَمِنَ اللاَّمِيَّةِ :
بَنُو مَطَرٍ يَوْمَ اللِّقَاءِ كَأَنَّهُمْ ... أُسُودٌ لَهَا فِي بَطْنِ خَفَّانَ أَشْبُلُ
هُمُ يَمْنَعُوْنَ الجَارَ حَتَّى كَأَنَّمَا ... لِجَارِهِم بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ مَنْزِلُ
تَجَنَّبَ (لاَ) فِي القَوْلِ حَتَّى كَأَنَّهُ ... حَرَامٌ عَلَيْهِ قَوْلُ (لاَ) حِيْنَ يُسْأَلُ
تَشَابَهُ يَوْمَاهُ عَلَيْنَا فَأَشْكلاَ ... فَلاَ نَحْنُ نَدْرِي أَيُّ يَوْمَيْهِ أَفْضَلُ؟
أَيَوْمُ نَدَاهُ العُمرُ؟ أَمْ يَوْمُ بَأْسِهِ ... وَمَا مِنْهُمَا إِلاَّ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
بَهَالِيْلُ فِي الإِسْلاَمِ سَادُوا وَلَمْ يَكُنْ ... كَأَوَّلِهِم فِي الجَاهِلِيَّةِ أَوَّلُ
هُمُ القَوْمُ إِنْ قَالُوا أَصَابُوا، وَإِنْ دُعُوا ... أَجَابُوا، وَإِنْ أَعْطَوْا أَطَابُوا وَأَجْزَلُوا
فَمَا يَسْتَطِيْعُ الفَاعِلُوْنَ فِعَالَهُم ... وَإِنْ أَحْسَنُوا فِي النَّائِبَاتِ وَأَجْمَلُوا
وَيُرْوَى: أَنَّ وَلداً لِمَرْوَانَ بنِ أَبِي حَفْصَةَ دَخَلَ عَلَى الأَمِيْرِ شَرَاحِيْلَ بنِ مَعْنٍ، فَأَنشَدَهُ:
أَيَا شَرَاحِيْلَ بنَ مَعْنِ بنِ زَائِدَةَ ... يَا أَكرَمَ النَّاسِ مِنْ عُجْمٍ وَمِنْ عَرَبِ
أَعْطَى أَبُوْكَ أَبِي مَالاً فَعَاشَ بِهِ ... فَأَعْطِنِي مِثْلَ مَا أَعْطَى أَبُوْكَ أَبِي
مَا حَلَّ قَطُّ أَبِي أَرْضاً أَبُوْكَ بِهَا ... إِلاَّ وَأَعْطَاهُ قِنْطَاراً مِنَ الذَّهَبِ
فَأَعْطَاهُ شَرَاحِيْلُ قِنْطَاراً مِنَ الذَّهَبِ.مَاتَ مَرْوَانُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
حَفِيْدُهُ: مَرْوَانُ بنُ أَبِي الجَنُوْبِ بنِ مَرْوَانَ هُو
َ مَرْوَانُ بنُ أَبِي الجَنُوْبِ بنِ مَرْوَانَ بنِ أَبِي حَفْصَةَ، مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ فِي زَمَانِهِ، وَيُقَالُ لَهُ: مَرْوَانُ الأَصْغَرُ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98312&book=5525#3e8e5c
مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98312&book=5525#e07483
مروان بن معاوية الفزاري
قال ابن معين: ما رأيت أحب للتدليس منه
قال ابن معين: ما رأيت أحب للتدليس منه
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98312&book=5525#1232f0
مروان بن معاوية الفزاري من أتباع التابعين كان مشهورا بالتدليس وكان يدلس الشيوخ أيضا وصفه الدارقطني بذلك.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98312&book=5525#884853
مروان بن معاوية الفزاري قال يحيى بن معين: ما رأيت أحيل للتدليس منه. قلت: عبارته وقد سأله عباس الدوري عن حديث مروان بن معاوية عن علي بن أبي الوليد هذا علي بن غراب والله ما رأيت أحيل للتدليس منه وهذا يقتضي أنه أراد تدليس الشيوخ، والذي نحن بصدده الآن من يدلس تدليس الإسناد، انتهى.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=98312&book=5525#721418
مروان بن معاوية الفزاري قال بن معين ما رأيت احيل للتدليس منه.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=156205&book=5525#745d8c
مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الحَارِثِ الفَزَارِيُّ
ابْنِ عُثْمَانَ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ بنِ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ بنِ بَدْرٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَزَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِلاَلُ بنُ سُوَيْدٍ الأَحْمَرِيُّ:
سَمِعْتُ أَنَساً يَذْكُرُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُهدِيَ لَهُ ثَلاَثُ طَوَائِرَ، فَأَطْعَمَ خَادِمَهُ طَيْراً، فَلَمَّا كَانَ الغَدَاةُ، أَتَاهُ بِهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَلَمْ أَنْهَكَ أَنْ تَخْبَأَ شَيْئاً لِغَدٍ؟ فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- يَأْتِي بِرِزْقِ كُلِّ غَدٍ ) .
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَهِلاَلٌ وَاهٍ، وَيُقَالُ: هُوَ أَبُو ظِلاَلٍ.
مَرْوَانُ: هُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْصَقَ بِهِ؛ لأَنَّهُ فِي طَبَقَتِهِ.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.وَحَدَّثَ عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدٍ، وَالحَسَنِ بنِ عَمْرٍو الفُقَيْمِيِّ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهَاشِمِ بنِ هَاشِمِ بنِ عُتْبَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ كَيْسَانَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَبَهْزِ بنِ حَكِيْمٍ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَرِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَصَمِّ، وَعَطَاءِ بنِ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُوْقَةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهِلاَلِ بنِ عَامِرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
كَانَ جَوَّالاً فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْه، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَدُحَيْمٌ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِشَامِ بنِ مَلاَسٍ، وَأَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ رَافِعٍ القَزْوِيْنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَحَدِيْثُهُ يُرْوَى اليَوْمَ بِعُلُوٍّ فِي (جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ) .
رَوَى: أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَبْتٌ، حَافِظٌ.
وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: مَا كَانَ أَحْفَظَه! كَانَ يَحفَظُ حَدِيْثَهُ.
وَرَوَى: عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.وَكَذَا وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثِقَةٌ فِيْمَا رَوَى عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، وَضَعَّفَهُ فِيْمَا رَوَى عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ.
قُلْتُ: إِنَّمَا الضَّعفُ مِنْ قِبَلِهِم، كَانَ يَرْوِي عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَع جَلاَلَتِه يَفْعَلُ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: كَانَ مَرْوَانُ يَلتَقِطُ الشُّيُوْخَ مِنَ السِّكَكِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، مَا حَدَّثَ عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، وَمَا حَدَّثَ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ فَفِيْهِ مَا فِيْهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، لاَ يُدْفَعُ عَنْ صِدْقٍ، وَتَكثُرُ رِوَايَتُهُ عَنِ الشُّيُوْخِ المَجْهُوْلِيْنَ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ حَدِيْثِ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي الوَلِيْدِ، فَقَالَ:
هَذَا هُوَ عَلِيُّ بنُ غُرَابٍ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحْيَلَ لِلتَّدْلِيسِ مِنْهُ.
قَالَ دُحَيْمٌ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ فَجْأَةً، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ.
ابْنِ عُثْمَانَ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ بنِ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ بنِ بَدْرٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَزَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الزَّاهِدُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِلاَلُ بنُ سُوَيْدٍ الأَحْمَرِيُّ:
سَمِعْتُ أَنَساً يَذْكُرُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُهدِيَ لَهُ ثَلاَثُ طَوَائِرَ، فَأَطْعَمَ خَادِمَهُ طَيْراً، فَلَمَّا كَانَ الغَدَاةُ، أَتَاهُ بِهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَلَمْ أَنْهَكَ أَنْ تَخْبَأَ شَيْئاً لِغَدٍ؟ فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- يَأْتِي بِرِزْقِ كُلِّ غَدٍ ) .
حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ.
وَهِلاَلٌ وَاهٍ، وَيُقَالُ: هُوَ أَبُو ظِلاَلٍ.
مَرْوَانُ: هُوَ ابْنُ عَمِّ الإِمَامِ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْصَقَ بِهِ؛ لأَنَّهُ فِي طَبَقَتِهِ.
وُلِدَ: فِي خِلاَفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.وَحَدَّثَ عَنْ: حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعَوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدٍ، وَالحَسَنِ بنِ عَمْرٍو الفُقَيْمِيِّ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَهَاشِمِ بنِ هَاشِمِ بنِ عُتْبَةَ، وَيَزِيْدَ بنِ كَيْسَانَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَبَهْزِ بنِ حَكِيْمٍ، وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَرِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ، وَطَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَصَمِّ، وَعَطَاءِ بنِ عَجْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُوْقَةَ، وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَهِلاَلِ بنِ عَامِرٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
كَانَ جَوَّالاً فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ رَاهَوَيْه، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَلاَمٍ البِيْكَنْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَدُحَيْمٌ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِشَامِ بنِ مَلاَسٍ، وَأَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، وَالحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَمْرُو بنُ رَافِعٍ القَزْوِيْنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَحَدِيْثُهُ يُرْوَى اليَوْمَ بِعُلُوٍّ فِي (جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ) .
رَوَى: أَبُو بَكْرٍ الأَسَدِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثَبْتٌ، حَافِظٌ.
وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: مَا كَانَ أَحْفَظَه! كَانَ يَحفَظُ حَدِيْثَهُ.
وَرَوَى: عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ.وَكَذَا وَثَّقَهُ: النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: ثِقَةٌ فِيْمَا رَوَى عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، وَضَعَّفَهُ فِيْمَا رَوَى عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ.
قُلْتُ: إِنَّمَا الضَّعفُ مِنْ قِبَلِهِم، كَانَ يَرْوِي عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ، وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مَع جَلاَلَتِه يَفْعَلُ كَذَلِكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: كَانَ مَرْوَانُ يَلتَقِطُ الشُّيُوْخَ مِنَ السِّكَكِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، مَا حَدَّثَ عَنِ المَعْرُوْفِيْنَ، وَمَا حَدَّثَ عَنِ المَجْهُوْلِيْنَ فَفِيْهِ مَا فِيْهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ، لاَ يُدْفَعُ عَنْ صِدْقٍ، وَتَكثُرُ رِوَايَتُهُ عَنِ الشُّيُوْخِ المَجْهُوْلِيْنَ.
وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ حَدِيْثِ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي الوَلِيْدِ، فَقَالَ:
هَذَا هُوَ عَلِيُّ بنُ غُرَابٍ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحْيَلَ لِلتَّدْلِيسِ مِنْهُ.
قَالَ دُحَيْمٌ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ فَجْأَةً، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=82138&book=5525#8e344a
مروان بْن نهيك
عَنْ سَعِيد التمار روى عنه شهاب (4) بْن خراش، البصري وابن ابى فديك والدرا وردى
عَنْ سَعِيد التمار روى عنه شهاب (4) بْن خراش، البصري وابن ابى فديك والدرا وردى
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=82138&book=5525#27b135
مَرْوَان بْن نهيك من أهل الْبَصْرَة يروي عَنْ سعيد التمار روى عَنْهُ الدَّرَاورْدِي وحاتم بْن إِسْمَاعِيل
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=82138&book=5525#2b348f
مروان بْن نهيك.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد، قلتُ ليحيى بْن مَعِين: فمروان بْن نهيك؟ قَال: لا أَعرِفه.
قَالَ الشَّيْخُ: وعثمان بْن سَعِيد هذا كثيرا ما يسأل ابْن مَعِين عن قوم لا يعرفون ومروان بْن نهيك منهم.
حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا عثمان بن سَعِيد، قلتُ ليحيى بْن مَعِين: فمروان بْن نهيك؟ قَال: لا أَعرِفه.
قَالَ الشَّيْخُ: وعثمان بْن سَعِيد هذا كثيرا ما يسأل ابْن مَعِين عن قوم لا يعرفون ومروان بْن نهيك منهم.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=154070&book=5525#ce062e
مروان المغربي
وهو غير مروان بن عثمان السقلي حدث أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد السلمي، قال: مروان المغربي رجل وصل دمشق، ذكره خامل، وحاله عن الصلاح حائل، كان كثير الاختلاط بالقاضي الزكي، وكان يصله ويحسن إليه مدة مقامه بدمشق، وكان القاضي يشهد له بالفضل ووفور القسم من العلم، ويذكر أنه كان أفضل من مروان بن عثمان.
وهو غير مروان بن عثمان السقلي حدث أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد السلمي، قال: مروان المغربي رجل وصل دمشق، ذكره خامل، وحاله عن الصلاح حائل، كان كثير الاختلاط بالقاضي الزكي، وكان يصله ويحسن إليه مدة مقامه بدمشق، وكان القاضي يشهد له بالفضل ووفور القسم من العلم، ويذكر أنه كان أفضل من مروان بن عثمان.