مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل الْهَمدَانِي يروي عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة روى عَنهُ الْحسن بن بشر
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Thiqāt - ابن حبان - الثقات
ا
ب
ت
ث
ج
ح
خ
د
ذ
ر
ز
س
ش
ص
ض
ط
ظ
ع
غ
ف
ق
ك
ل
م
ن
ه
و
ي
Book Home Page
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 16018 12938. محمد بن سيف الازدي ابو رجاء1 12939. محمد بن شاذان الجوهري ابو بكر1 12940. محمد بن شبيب الزهراني2 12941. محمد بن شجاع المروروذي2 12942. محمد بن شداد3 12943. محمد بن شرحبيل الهمداني212944. محمد بن شرحبيل بن جعشم اليماني2 12945. محمد بن شريك ابو عثمان المكي1 12946. محمد بن شريك المكي1 12947. محمد بن شريك بن عبد الله1 12948. محمد بن شعيب بن شابور القرشي2 12949. محمد بن شهاب ابو جعفر1 12950. محمد بن شوكر البغدادي1 12951. محمد بن شيبة بن نعامة الضبي2 12952. محمد بن صالح3 12953. محمد بن صالح الاشج1 12954. محمد بن صالح البطيخي ابو اسماعيل1 12955. محمد بن صالح التمار6 12956. محمد بن صالح الصيدلاني ابو احمد1 12957. محمد بن صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن...1 12958. محمد بن صالح بن النطاح1 12959. محمد بن صالح بن دينار التمار1 12960. محمد بن صالح بن شريح2 12961. محمد بن صالح بن عمر بن نافع4 12962. محمد بن صالح بن قيس الازرق المدني1 12963. محمد بن صبيح البغدادي2 12964. محمد بن صبيح القارئ السعدي1 12965. محمد بن صبيح بن السماك ابو العباس1 12966. محمد بن صدران السليمي ابو جعفر1 12967. محمد بن صدقة4 12968. محمد بن صدقة ابو عبد الله الفدكي وفدك...1 12969. محمد بن صفوان6 12970. محمد بن صفوان الانصاري4 12971. محمد بن صفوان الجمحي2 12972. محمد بن صهيب5 12973. محمد بن صيفي بن امية بن عابد2 12974. محمد بن ضبارة الحضرمي1 12975. محمد بن طارق المكي3 12976. محمد بن طحلاء2 12977. محمد بن طريف6 12978. محمد بن طريف بن خليفة البجلي3 12979. محمد بن طلحة10 12980. محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة1 12981. محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن...1 12982. محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي2 12983. محمد بن طلحة بن مصرف اليامي3 12984. محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة2 12985. محمد بن طهمان4 12986. محمد بن عائذ المكتب1 12987. محمد بن عاصم الحذاء2 12988. محمد بن عاصم القرشي3 12989. محمد بن عامر الانصاري1 12990. محمد بن عامر الطائي العابد1 12991. محمد بن عامر بن رشيد بن خباب1 12992. محمد بن عامر بن كامل ابو عبد الله1 12993. محمد بن عباد المخزومي1 12994. محمد بن عباد المكي ابو عبد الله3 12995. محمد بن عباد بن ادم1 12996. محمد بن عباد بن جعفر2 12997. محمد بن عباد بن جعفر المخزومي6 12998. محمد بن عباد بن زكريا1 12999. محمد بن عباد بن عباد المهلبي الازدي1 13000. محمد بن عباد بن عبد الله بن الزبير1 13001. محمد بن عباد بن موسى العكلي1 13002. محمد بن عبادة بن البختري ابو جعفر1 13003. محمد بن عباس بن اسماعيل1 13004. محمد بن عباس بن عثمان بن شافع1 13005. محمد بن عبد الاعلي الصنعاني ابو عبد الله...1 13006. محمد بن عبد الجبار الانصاري1 13007. محمد بن عبد الجبار الهمداني يعرف بسندوله...1 13008. محمد بن عبد الحميد البزار يعرف بخوى1 13009. محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار1 13010. محمد بن عبد الرحمن34 13011. محمد بن عبد الرحمن ابو عبد الرحمن العدني...1 13012. محمد بن عبد الرحمن ابو عبد الله العنبري...1 13013. محمد بن عبد الرحمن ابو عيسى المؤذن2 13014. محمد بن عبد الرحمن الاوقص الخزومي القرشي...1 13015. محمد بن عبد الرحمن الجمحي ابو الثورين...1 13016. محمد بن عبد الرحمن السدوسي3 13017. محمد بن عبد الرحمن السلمي2 13018. محمد بن عبد الرحمن السلمي ابو عبد الله الناعمي...1 13019. محمد بن عبد الرحمن السهمي الباهلي2 13020. محمد بن عبد الرحمن الطفاوي8 13021. محمد بن عبد الرحمن العكي3 13022. محمد بن عبد الرحمن العلاف1 13023. محمد بن عبد الرحمن القرشي5 13024. محمد بن عبد الرحمن المخزومي2 13025. محمد بن عبد الرحمن بن ابي الحكم الحكمي...1 13026. محمد بن عبد الرحمن بن ابي الزناد4 13027. محمد بن عبد الرحمن بن ابي الموالي2 13028. محمد بن عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق3 13029. محمد بن عبد الرحمن بن ابي لبيبة3 13030. محمد بن عبد الرحمن بن ابي مسلم الاسدي...1 13031. محمد بن عبد الرحمن بن اسعد بن زرارة2 13032. محمد بن عبد الرحمن بن القارة2 13033. محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة3 13034. محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي4 13035. محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الانصاري2 13036. محمد بن عبد الرحمن بن رداد بن عبد الله...1 13037. محمد بن عبد الرحمن بن سهم الانطاكي5 ◀ Prev. 100▶ Next 100
الصفحة الرئيسية للكتاب Number of entries in this book
عدد المواضيع في هذا الكتاب 16018 12938. محمد بن سيف الازدي ابو رجاء1 12939. محمد بن شاذان الجوهري ابو بكر1 12940. محمد بن شبيب الزهراني2 12941. محمد بن شجاع المروروذي2 12942. محمد بن شداد3 12943. محمد بن شرحبيل الهمداني212944. محمد بن شرحبيل بن جعشم اليماني2 12945. محمد بن شريك ابو عثمان المكي1 12946. محمد بن شريك المكي1 12947. محمد بن شريك بن عبد الله1 12948. محمد بن شعيب بن شابور القرشي2 12949. محمد بن شهاب ابو جعفر1 12950. محمد بن شوكر البغدادي1 12951. محمد بن شيبة بن نعامة الضبي2 12952. محمد بن صالح3 12953. محمد بن صالح الاشج1 12954. محمد بن صالح البطيخي ابو اسماعيل1 12955. محمد بن صالح التمار6 12956. محمد بن صالح الصيدلاني ابو احمد1 12957. محمد بن صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن...1 12958. محمد بن صالح بن النطاح1 12959. محمد بن صالح بن دينار التمار1 12960. محمد بن صالح بن شريح2 12961. محمد بن صالح بن عمر بن نافع4 12962. محمد بن صالح بن قيس الازرق المدني1 12963. محمد بن صبيح البغدادي2 12964. محمد بن صبيح القارئ السعدي1 12965. محمد بن صبيح بن السماك ابو العباس1 12966. محمد بن صدران السليمي ابو جعفر1 12967. محمد بن صدقة4 12968. محمد بن صدقة ابو عبد الله الفدكي وفدك...1 12969. محمد بن صفوان6 12970. محمد بن صفوان الانصاري4 12971. محمد بن صفوان الجمحي2 12972. محمد بن صهيب5 12973. محمد بن صيفي بن امية بن عابد2 12974. محمد بن ضبارة الحضرمي1 12975. محمد بن طارق المكي3 12976. محمد بن طحلاء2 12977. محمد بن طريف6 12978. محمد بن طريف بن خليفة البجلي3 12979. محمد بن طلحة10 12980. محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة1 12981. محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن...1 12982. محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي2 12983. محمد بن طلحة بن مصرف اليامي3 12984. محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة2 12985. محمد بن طهمان4 12986. محمد بن عائذ المكتب1 12987. محمد بن عاصم الحذاء2 12988. محمد بن عاصم القرشي3 12989. محمد بن عامر الانصاري1 12990. محمد بن عامر الطائي العابد1 12991. محمد بن عامر بن رشيد بن خباب1 12992. محمد بن عامر بن كامل ابو عبد الله1 12993. محمد بن عباد المخزومي1 12994. محمد بن عباد المكي ابو عبد الله3 12995. محمد بن عباد بن ادم1 12996. محمد بن عباد بن جعفر2 12997. محمد بن عباد بن جعفر المخزومي6 12998. محمد بن عباد بن زكريا1 12999. محمد بن عباد بن عباد المهلبي الازدي1 13000. محمد بن عباد بن عبد الله بن الزبير1 13001. محمد بن عباد بن موسى العكلي1 13002. محمد بن عبادة بن البختري ابو جعفر1 13003. محمد بن عباس بن اسماعيل1 13004. محمد بن عباس بن عثمان بن شافع1 13005. محمد بن عبد الاعلي الصنعاني ابو عبد الله...1 13006. محمد بن عبد الجبار الانصاري1 13007. محمد بن عبد الجبار الهمداني يعرف بسندوله...1 13008. محمد بن عبد الحميد البزار يعرف بخوى1 13009. محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار1 13010. محمد بن عبد الرحمن34 13011. محمد بن عبد الرحمن ابو عبد الرحمن العدني...1 13012. محمد بن عبد الرحمن ابو عبد الله العنبري...1 13013. محمد بن عبد الرحمن ابو عيسى المؤذن2 13014. محمد بن عبد الرحمن الاوقص الخزومي القرشي...1 13015. محمد بن عبد الرحمن الجمحي ابو الثورين...1 13016. محمد بن عبد الرحمن السدوسي3 13017. محمد بن عبد الرحمن السلمي2 13018. محمد بن عبد الرحمن السلمي ابو عبد الله الناعمي...1 13019. محمد بن عبد الرحمن السهمي الباهلي2 13020. محمد بن عبد الرحمن الطفاوي8 13021. محمد بن عبد الرحمن العكي3 13022. محمد بن عبد الرحمن العلاف1 13023. محمد بن عبد الرحمن القرشي5 13024. محمد بن عبد الرحمن المخزومي2 13025. محمد بن عبد الرحمن بن ابي الحكم الحكمي...1 13026. محمد بن عبد الرحمن بن ابي الزناد4 13027. محمد بن عبد الرحمن بن ابي الموالي2 13028. محمد بن عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق3 13029. محمد بن عبد الرحمن بن ابي لبيبة3 13030. محمد بن عبد الرحمن بن ابي مسلم الاسدي...1 13031. محمد بن عبد الرحمن بن اسعد بن زرارة2 13032. محمد بن عبد الرحمن بن القارة2 13033. محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة3 13034. محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي4 13035. محمد بن عبد الرحمن بن خلاد الانصاري2 13036. محمد بن عبد الرحمن بن رداد بن عبد الله...1 13037. محمد بن عبد الرحمن بن سهم الانطاكي5 ◀ Prev. 100▶ Next 100
You are viewing hadithtransmitters.hawramani.com in filtered mode: only posts belonging to
Ibn Ḥibbān (d. 965 CE) - al-Thiqāt - ابن حبان - الثقات are being displayed.
Similar and related entries:
مواضيع متعلقة أو متشابهة بهذا الموضوع
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64480&book=5528#95ae1b
مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة هُوَ ابْن عَليّ بن أبي طَالب مَشْهُور فِي التَّهْذِيب
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64480&book=5528#d5a624
محمد بن علي ابن الحنفية، وكان يكنى: أبا القاسم، وكان رجلًا صالحًا، تابعيًّا، ثقة، "مدنيًّا"، وسأل رجل ابن عمر عن مسألة، فقال: سل محمد ابن الحنفية، ما تقول؟ فسأله عنها، ثم أخبره، فقال ابن عمر أهل بيت مفهمون.
Permalink (الرابط القصير إلى هذا المقطع):
http://hadithtransmitters.hawramani.com/?p=64480&book=5528#fa2f21
محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ
- محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وهُوَ مُحَمَّد الأكبر بْن عَلِيّ بْن أبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه الحنفية خولة بِنْت جَعْفَر بْن قَيْس بْن مَسْلَمَة بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بْن حنيفة بْن لجيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل. ويقال بل كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَحِمَهُ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَلِيًّا أم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ وَكَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قال: وقع بين علي وطلحة فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: لا كَجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ. سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بعده. فقال عَلِيٌّ: إِنَّ الْجَرِيءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. اذْهَبْ يَا فُلانُ فَادْعُ لِي فُلانًا وَفُلانًا. لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُونَ؟ قَالُوا: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أخبرنا هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ ابن الْحَنَفِيَّةِ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. وَكَانَ كَثِيرُ الْعِلْمِ وَرِعًا. فَوَلَدَ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَبْدَ اللَّهِ وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ وَحَمْزَةَ وَعَلِيًّا وَجَعْفَرًا الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَهْلِ الْعَقْلِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَلا عَقِبَ لَهُ وَأُمُّهُ جَمَالُ ابْنَةُ قَيْسِ بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ مُسْرِعَةُ ابْنَةُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مَالِكِ بْن عَوْفِ بْن الْحَارِث بْن مازن بْن مَنْصُور بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ حَلِيفُ بَنِي هَاشِمٍ. وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَأُمَّ أَبِيهَا وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْمُهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. وَجَعْفَرًا الأَصْغَرَ وَعَوْنًا وَعَبْدَ اللَّهِ الأَصْغَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثوري قال: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ. وَذَكَرَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: لَمَّا تَصَافَفْنَا أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ فَرَأَى مِنِّي نُكُوصًا لَمَّا دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَأَخَذَهَا مِنِّي فَقَاتَلَ بِهَا. قَالَ فَحَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. فَلَمَّا غَشَيْتُهُ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي طَالِبٍ. فَلَمَّا عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ كَفَفْتُ عَنْهُ. بَيْنَهُمْ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ سِلاحٍ أَوْ كُرَاعٍ. وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلاحٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: كَانَ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَجَعَلَ يَعْقِدُ لِوَاءَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ لا يَحِلُّهُ حَتَّى يَسِيرَ. فَيَأْبَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَنْتَشِرُ رَأْيُهُمْ وَيَجْبُنُونَ فَيُحِلُّهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَكُنْتُ أَرَى حَالَهُ فَأَرَى مَا لا يَسُرُّنِي. فَكَلَّمْتُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَوْمَئِذٍ وَقُلْتُ لَهُ: أَلا تُكَلِّمُهُ أَيْنَ يَسِيرُ بِقَوْمٍ لا وَاللَّهِ مَا أَرَى عِنْدَهُمْ طَائِلا؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ يَسِيرُ لأَمْرٍ قَدْ حُمَّ. قَدْ كَلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلا المسير. قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مَا رَأَى قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى رَجَّالَةٍ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ عَمَّارُ بن ياسر. وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ رَايَتَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ. وَقَدْ كَانَ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمًا وَالْتَقَيْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ الشَّامِ فَاقْتَتَلْنَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَبْقَى أَحَدٌ. فَأَسْمَعُ صَائِحًا يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُ اللَّهُ. مَنْ لِلنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. مَنْ لِلرُّومِ. مَنْ لِلتُّرْكِ. مَنْ لِلدَّيْلَمِ؟ اللَّهُ اللَّهُ وَالْبُقْيَا. فَأَسْمَعُ حَرَكَةً مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ يَعْدُو بِالرَّايَةِ يُهَرْوِلُ بِهَا حَتَّى أَقَامَهَا. وَلَحِقَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ الْزَمْ رَأَيْتَكَ فَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ فِي الْقَوْمِ. فَأَنْظُرْ إِلَيْهِ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُفْرَجَ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عند محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عَلَى أَبِي الَّذِي وَلَدَنِي. قَالَ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ. قَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا سَبَقَ لَهُ كَذَا؟ أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي الشِّعْبِ: لَوْ أَنَّ أَبِي عَلِيًّا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ لَكَانَ هَذَا مَوْضِعُ رَحْلِهِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. نَحْنُ وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ. يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زبيد عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَة عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نتخذ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا. نَحْنُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيٌّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيُّ أُهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ. اسْمِي اسْمُ نَبِيِّ اللَّهِ وَكُنْيَتِي كُنْيَةُ نَبِيِّ اللَّهِ. فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ الْخَفَّافُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الحنفية فسلم عليه فرد ع فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ. أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا كَيْفَ نَحْنُ؟ إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. كَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ. وَإِنَّ هَؤُلاءِ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْرِ أَمْرِنَا. فَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَجَمِ فَقَالَتِ الْعَجَمُ: وَمَا ذاك؟ قالوا: كان محمد عَرَبِيًّا. قَالُوا: صَدَقْتُمْ. قَالُوا: وَزَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَرَبِ فَقَالَتِ الْعَرَبُ: وَبِمَ ذَا؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُرَشِيًّا. فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَدَّقُوا فَلَنَا فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أخبرنا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلا مِنْ عَزَّةَ. قَالَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ. قَالَ قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: أَسِرٌّ هِيَ أم عَلانِيَةٌ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلْ سِرٌّ. قَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ. قَالَ: قُلْ بِحَاجَتِكَ. قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَشَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وشهدت أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بعد فو الله مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إلينا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا. فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ وَشَرَدْنَا فِي الْبِلادِ وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ. وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَعْنِي الْخَوَارِجَ. وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ من وَرَاءَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلامِ فَلا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إلي أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ. فَأَرَى بِرَأْيِكَ وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ. أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ. وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ. وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ. أَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ. فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ. وَلَعَمْرِي لأَمْرُ آلِ محمد أبين من طلوع هذه الشَّمْسِ. وَأَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَلا تَفْعَلْ. لا تُفَارِقِ الأُمَّةَ. اتَّقِ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَلا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ. قَالَ قُلْتُ: وَمَا تَقِيَّتُهُمْ؟ قَالَ: تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ عَوْدَتِهِمْ فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ. قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ؟ قَالَ: تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الأُخْرَى لِلَّهِ. وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ. وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: بَايِعْ بِإِحْدَى يَدَيْكَ عَلَى الأُخْرَى وَقَاتِلْ عَلَى نِيَّتِكَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ لَصَاعِقَةٌ لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أبي الطفيل عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: الْزَمْ هَذَا الْمَكَانَ وَكُنْ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُنَا فَإِنَّ أَمَرَنَا إِذَا جَاءَ فَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ كَمَا لَيْسَ بِالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ خَفَاءٌ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَشْرِقِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّنَا سَنُؤْتَى بِهَا كَمَا يُؤْتَى بِالْعَرُوسِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ أَحَبَّنَا نَفَعَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّيْلَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وَدِدْتُ لَوْ فديت شيعتنا هؤلاء ولو بِبَعْضِ دَمِي. قَالَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى الْمِفْصَلِ وَالْعُرُوقِ ثُمَّ قَالَ: لَحَدِيثُهُمُ الْكَذِبُ وَإِذَاعَتُهُمُ الشَّرُّ حَتَّى إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ وَكُفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ. أَلا إِنَّ لأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ. فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى. وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلا لِلَّهِ لِعَدْلٍ ظَهَرَ مِنْهُ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهُ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَبَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ أَبْغَضَ رَجُلا لِلَّهِ لِجَوْرٍ ظهر منه وهو في علم الله من أَهْلِ الْجَنَّةِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْغَضَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي حَصْرِهِ الأَوَّلِ أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ وَيُرِيهِ أَنَّهُ شِيعَةٌ لَهُ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجَبٌ بِهِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فَلا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلامًا. وَكَانَ الْمُخْتَارُ يختلف إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ بِحُسْنِ الرَّأْيِ وَلا يَقْبَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَنَا خَارِجٌ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ محمد: فاخرج وَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الْهَمْدَانِيُّ يَخْرُجُ مَعَكَ. وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَحَرَّزْ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَمَانَةٍ. وَجَاءَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ مَكَانِي مِنَ الْعِرَاقِ أَنْفَعُ لَكَ مِنْ مَقَامِي هَاهُنَا. فَأَذِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَ هُوَ وَابْنُ كَامِلٍ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَشُكُّ فِي مُنَاصَحَتِهِ. وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْغِشِّ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَخَرَجَا حَتَّى لَقِيَا لاقِيًا بِالْعُذَيْبِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ. فَقَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ كَالسَّفِينَةِ تَجُولُ لا مَلاحَ لَهَا. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: فَأَنَا مَلاحُهَا الَّذِي يُقِيمُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْعِرَاقِ اخْتَلَفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ. وَهُوَ وَالِي الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَظْهَرَ مُنَاصَحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ. وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ مُطِيعٍ خَافَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَعْيَبَهُ لَهُ. وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لأَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ. ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ. وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ وَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى الْكُوفَةِ يَدْعُو لَهُ. وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَهُوَ لا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَيَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ. وَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه لَهُ سِرًّا. فَشَكَّ قَوْمٌ مِمَّنْ بَايَعَهُ فِي أَمْرِهِ وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ. وَابْنُ الْحَنِفِيَّةِ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيدٍ وَلا مُسْتَتِرٍ. فَلَوْ شَخَصَ مِنَّا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ صَادِقًا نَصَرْنَاهُ وَأَعَنَّاهُ عَلَى أَمْرِهِ. فَشَخَصَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَلَقُوا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ: نَحْنُ حَيْثُ تَرَوْنَ مُحْتَسِبُونَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ وَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ. فَانْصَرَفُوا عَلَى هَذَا. وَكَتَبَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ. وَجَاءَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُخْتَارُ أَمِينُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُولُهُ. فَأَذِنَ لَهُ وَحَيَّاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَكَلَّمَ الْمُخْتَارُ. وَكَانَ مُفَوَّهًا. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهَ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ رَكِبَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَحُرِمُوا وَمُنِعُوا حَقَّهُمْ وَصَارُوا إِلَى مَا رَأَيْتَ. وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا. وَهَؤُلاءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ. فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الشَّاكِرِيُّ وَأَبُو عَمْرَةَ كَيْسَانُ مَوْلَى بَجِيلَةَ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابَهُ قَدْ شَهِدْنَاهُ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. فَقَبَضَهُ إِبْرَاهِيمُ وَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ وَقَدْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَادْعُ إِلَى مَا شِئْتَ. ثُمَّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ. وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لِمُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَغْلُظُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَكْثُرُ تَبَعُهُ. وَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ فَجَعَلَهُ فِي جُونَةٍ. ثُمَّ بعث به إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَسَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَصَابَ بِثَأْرِنَا وَأَدْرَكَ وَغْمَنَا وَآثَرَنَا وَوَصَلَنَا. فَكَانَ يُظْهِرُ الْجَمِيلَ فِيهِ لِلْعَامَّةِ. فَلَمَّا اتَّسَقَ الأَمْرُ لِلْمُخْتَارِ كَتَبَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَهْدِيِّ: مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَنْتَقِمْ مِنْ قَوْمٍ حَتَّى يُعَذِّرَ إِلَيْهِمْ. وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ الْفَسَقَةَ وَأَشْيَاعَ الْفَسَقَةِ وَقَدْ بَقِيَتْ بَقَايَا أَرْجُو أَنْ يُلْحِقَ اللَّهُ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بِهَا يومئذ الحسين بن علي ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ. فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ. وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشٍ مسرف وأيام الْحَرَّةِ فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَايَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِنَفْسِهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ دعا ابن عباس ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْبَيْعَةَ لَهُ فَأَبَيَا يُبَايِعَانِ لَهُ وَقَالا: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلادُ وَيَتَّسِقَ لَكَ النَّاسُ. فَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَامَا. فَمَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِينُ لَهُمَا وَمَرَّةً يُبَادِيهُمَا. ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلامٌ وَشَرٌّ. فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَغْلُظُ حَتَّى خَافَا مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ. فَأَسَاءَ جوارهم وحصرهم وآذاهم. وقصد لمحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَأَظْهَرَ شَتْمُهُ وَعَيْبَهُ وَأَمَرَهُ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ. فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. قَالَ سُلَيْمٌ أبو عامر: فرأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا فِي زَمْزَمَ وَالنَّاسُ يُمْنَعُونَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ. فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي. فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَمِّكَ مَا تَرَى؟ قَالَ سُلَيْمٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ. فَقَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ علينا من عدونا. فقلت: لا تخف. أنا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ ولا نعمة عين إلا ما قلت. لا تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَبْلَغْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَهَمَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُخْتَارَ فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوقِ بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَأَقَامَ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتَهُمْ مَا أنتم فيه. فبعث أبا الطفيل عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ. وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ. فَقَطَعَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ. فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُ: سِرْ فَإِنْ وجدت بني هاشم الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا وَانْفِذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ. وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شُفْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرَ. وَسَارَ الْقَوْمُ وَمَعَهُمُ السِّلاحُ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا فَمَا أُرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ. فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَجَّلُوا. فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِائَةٍ رَأْسُهُمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ. وَيُقَالُ بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابُهُمَا فِي دُورٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الْجُدُرِ لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رثي مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ. وَعَجَّلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس. وهو يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ. فَأَسْرَعَ فِي الْحَطَبِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ فَأَدْمَى سَاقَيْهِ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارُنَا وَنَهَارُهُ لا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا. وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي النَّاسِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِيحُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ. مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلا يُحِلُّهُ لأَحَدٍ بَعْدَهُ. فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا. قَالَ فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِيًا لَيُنَادِي فِي الْجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ. إِنَّ السَّرَايَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا. فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمُوا ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامُوا مَا أَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وصلى عليه محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ مَكَّةَ فَوَافَى عرفة في أصحابه. ووافى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ فِي أَصْحَابِهِ. فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ. وَوَافَى نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ الْحَنَفِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَوَقَفَ نَاحِيَةً. وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَفَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ بِعَرَفَةَ: محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ عَلَى لِوَاءٍ قَامَ عِنْدَ حَبْلِ الْمُشَاةِ. وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ لِوَاءٌ فَقَامَ مَقَامَ الإِمَامِ الْيَوْمَ. ثُمَّ تقدم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَفَ حِذَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَوَافَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فِي أَصْحَابِهِ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَوَقَفَ خَلْفَهُمَا. وَوَافَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَعَهُمْ لِوَاءٌ فَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِهِمَا. فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ أَنْغَضَ لواء محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. ثُمَّ تَبِعَهُ نَجْدَةُ. ثُمَّ لِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ. ثُمَّ لِوَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَدْفَعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلا بِدَفْعِهِ ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَضَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَجْدَةُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَيَنْتَظِرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ دَفَعَ فَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَثَرِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَفَعْتُ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: عَجِّلْ مُحَمَّدُ عَجِّلْ مُحَمَّدُ. فَعَنْ مَنْ أَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الإِغْسَاقَ؟ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَجَّ عامئذ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي الْخَشَبِيَّةِ مَعَهُ. وَهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى فِي أَصْحَابِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خِفْتُ الْفِتْنَةَ فَمَشَيْتُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا فَجِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا فِي مِشْعَرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ. وَالنَّاسُ وَفْدُ اللَّهِ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ. فَلا تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ حَجَّهُمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَمَا أَحُولُ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ. وَلا يُؤْتَى أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ قِبَلِي وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا يُرِيدُ مِنِّي. وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلا أَنْ لا يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فيه اثْنَانِ. وَلَكِنِ ائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلِّمْهُ وَعَلَيْكَ بِنَجْدَةَ فَكَلِّمْهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلَّمْتُهُ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ. وَهَؤُلاءِ أَهْلُ خِلافٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ خَيْرًا لَكَ الْكَفٌّ. فَقَالَ: أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَجِدُ عِكْرِمَةَ غُلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى صَاحِبِكَ. قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ وَكَلَّمْتُهُ بِمَا كَلَّمْتُ بِهِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَدًا بِقِتَالٍ فَلا وَلَكِنْ مَنْ بَدَأْنَا بِقِتَالٍ قَاتَلْنَاهُ. قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ لا يُرِيدَانِ قِتَالَكَ. ثُمَّ جِئْتُ شِيعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُمْ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ الْقَوْمَ فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى لِوَائِنَا لا نُقَاتِلُ أَحَدًا إِلا أَنْ يُقَاتِلَنَا. فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ وَلا أَسْلَمَ دَفْعَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحنفية. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إلى جنب محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ. فَدَفَعَ وَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يُلَبُّونَ بِعَرَفَةَ وَرَمَقْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابَهُ فَإِذَا هُمْ يُلَبُّونَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ قُطِعَ. وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ. وَأَمَّا نَجْدَةُ فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ: بَعَثَنَا الْمُخْتَارُ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ فَكُنَّا عِنْدَهُ. قَالَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ الْمُخْتَارَ فَيَقُولُ: أَدْرَكَ ثَأْرَنَا وَقَضَى ديوننا وأنفق علينا. قال وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ لا يَقُولُ فِيهِ خَيْرًا وَلا شَرًّا. قَالَ فَبَلَغَ مُحَمَّدًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا. أَيْ مِنَ الْعِلْمِ. قَالَ فَقَامَ فِينَا فَقَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا وَرَثْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حِلا وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِي. قَالَ فَسَأَلْتُ: وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الرَّمَّاحُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلَ شِعْبَ عَلِيٍّ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكُوفَةِ لِنَأْتِيَهُ فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ فَقَالَ لَنَا: أَحْصُوا سِلاحَكُمْ وَلَبُّوا بِعُمْرَةٍ. ثُمَّ ادْخُلُوا الْبَيْتَ وَطَوِّفُوا بِهِ وبين الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ وَرْدَانَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْعِصَابَةِ الَّذِينَ انْتَدَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ. قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَهْلَ الشَّامِ فَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَهَا حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ. قَالَ فَسِرْنَا مَعَهُ مَا سرنا ولو أمرنا بالقتال لقتالنا مَعَهُ. فَجَمَعْنَا يَوْمًا فَقَسَمَ فِينَا شَيْئًا وَهُوَ يَسِيرُ. ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: ألحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بِمَا تَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا تُنْكِرُونَ وَعَلَيْكُمْ بِخَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَدَعُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَاسْتَقِرُّوا عَنْ أَمْرَنَا كَمَا اسْتَقَرَّتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. فَإِنَّ أَمْرَنَا إِذَا جاء كان كالشمس الضاحية. قالوا: وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُرْوَةَ بْنَ الزبير إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي تَارِكُكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي أَوْ أُعِيدَكَ فِي الْحَبْسِ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ. وَأَجْمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ. فَبَايِعْ لِي وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِنِ امْتَنَعْتَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لِعُرْوَةَ: مَا أَسْرَعَ أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق. وأغفله عَنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ. مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ وَإِلا فَقَدْ كَانَ أَحْمَدَ لِلْمُخْتَارِ وَلِهَدْيِهِ مِنِّي. وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا. وَلَلْمُخْتَارُ كَانَ إِلَيْهِ أَشَدَّ انْقِطَاعًا مِنْهُ إِلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَ مَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ. وَمَا عِنْدِي خِلافٌ. وَلَوْ كَانَ خِلافَ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ وَلَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُونِي فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ هَاهُنَا وَاللَّهِ لأَخِيكَ قَرِينًا يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ. كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ. وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قَبِلَهُ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلى صاحبك. قَالَ: أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ ابن الحنفية: وعلى م أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ جَاءَنَا بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيهِ وَجَاوَرَنَا فَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَلامٌ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أَخِيهِ. وَالَّذِي قُلْتُمْ غَدْرٌ وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ. لَوْ فَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكَانَ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَأْيِي لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ إِلا إِنْسَانٌ وَاحِدٌ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَا قَالَ له محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تُعْرِضَ لَهُ. دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ وَيُغَيِّبُ وَجْهَهُ فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحِلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ. وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لا يُبَايِعُهُ أَبَدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَإِنْ صَارَ إِلَيْهِ كَفَاكَهُ إِمَّا حَبَسَهُ وَإِمَّا قَتَلَهُ فَتَكُونَ أَنْتَ قَدْ بَرِئَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَأَفْثَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْهُ. فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: وَجَاءَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَرَسُولٌ حَتَّى دَخَلَ الشِّعْبَ فقرأ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ الْكِتَابَ فَقَرَأَ كِتَابًا لَوْ كَتَبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَعْضِ إِخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى أَلْطَافِهِ. وَكَانَ فِيهِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَيِّقَ عَلَيْكَ وَقَطَعَ رَحِمَكَ وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّكَ حَتَّى تُبَايِعَهُ فَقَدْ نَظَرْتَ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ وَأَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ حَيْثُ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ. وَهَذَا الشَّامُ فَانْزِلْ منه حيث شئت فنحن مكرموك وواصلو رحمك وعارفو حَقَّكَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لأَصْحَابِهِ: هَذَا وَجْهٌ نَخْرُجُ إِلَيْهِ. قَالَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يَنْشُدُ شَعَرًا: أَنْتَ إِمَامُ الْحَقِّ لَسْنَا نَمْتَرِي ... أَنْتَ الَّذِي نَرْضَى بِهِ وَنَرْتَجِي أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ النَّبِي ... يَا ابْنَ عَلِيٍّ سِرْ وَمَنْ مِثْلُ عَلِي حَتَّى تَحِلَّ أَرْضَ كَلْبٍ وَبَلِي قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا أَيْلَةَ فَجَاوَرُونَا بِأَحْسَنِ جِوَارٍ وَجَاوَرْنَاهُمْ بِأَحْسَنِ ذَلِكَ وَأَحَبُّوا أَبَا الْقَاسِمِ حُبًّا شَدِيدًا وَعَظَّمُوهُ وَأَصْحَابَهُ. وَأُمِرْنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنُهِينَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلا يُظْلَمُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قُرْبَنَا وَلا بِحَضْرَتِنَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وَكَانَا خَاصَّتَهُ فَقَالا: مَا نرى أَنْ نَدَعَهُ يُقِيمُ فِي قُرْبَةٍ مِنْكَ وَسِيرَتُهُ سِيرَتُهُ حَتَّى يُبَايِعَ لَكَ أَوْ تَصْرِفَهُ إِلَى الْحِجَازِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِي فَنَزَلْتَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا. وَهَذِهِ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا تَعْلَمُ. وَأَنْتَ لَكَ ذِكْرٌ وَمَكَانٌ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ لا تُقِيمَ فِي سُلْطَانِي إِلا أَنْ تَبَايَعَ لِي. فَإِنْ بَايَعْتَنِي فَخُذِ السُّفُنَ الَّتِي قَدِمَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْقُلْزُمِ وَهِيَ مِائَةُ مَرْكَبٍ فَهِيَ لَكَ وَمَا فِيهَا. وَلَكَ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ أُعَجِّلُ لَكَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ وَأَلْفَ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ آتَيْتُكَ مَعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ فَرِيضَةٍ لَكَ وَلِوَلَدِكَ وَلِقَرَابَتِكَ وَمَوَالِيكَ وَمَنْ مَعَكَ. وَإِنْ أَبَيْتَ فَتَحَوَّلْ عَنْ بَلَدِي إِلَى مَوْضِعٍ لا يَكُونُ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. سَلامٌ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي هَذَا الأَمْرِ قَدِيمًا. وَإِنِّي لَسْتُ أُسَفِّهُهُ عَلَى أَحَدٍ. وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَيَّ إِلا أَهْلُ الزَّرْقَاءِ مَا قَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا وَلا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. نَزَلْتُ مَكَّةَ فِرَارًا مِمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَجَاوَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَسَاءَ جَوَارِي وَأَرَادَ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَهُ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَأَكُونُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ. ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَدْعُونِي إِلَى مَا قِبَلِكَ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا فَنَزَلْتُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِكَ. وَاللَّهِ مَا عِنْدِي خِلافٌ وَمَعِي أَصْحَابِي فَقُلْنَا بِلادٌ رَخِيصَةُ الأسعار وندنو مِنْ جِوَارِكَ وَنَتَعَرَّضُ صِلَتَكَ. فَكَتَبْتَ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُنْصَرِفُونَ عَنْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى أربعين لَيْلَةً. قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ. فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وَمِيثَاقٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي. وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ سَبْعَةُ آلافٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ. فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ وَلِيُّ الأُمُورِ كلها وحاكمها. ما شاء الله كان وما لا يَشَاءُ لَمْ يَكُنْ. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ. عَجَّلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخَرٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ! مَنْ أحب منكم أن يأتي إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ. دَعْنَا فَلْنَدْخُلْ وَلْنَقْضِ نُسُكَنَا ثُمَّ لَنَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى. وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا. فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. فَلَمَّا سَارَ مَضَيْنَا فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عُنْوَانِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنَابِرِ النَّاسِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُورٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا. قَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ فَأَذِنَ لِلْمَوَالِي وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَرَجَعُوا مِنْ مَدْيَنَ. وَمَضَيْنَا إِلَى مَكَّةَ حَتَّى نَزَلْنَا مَعَهُ الشِّعْبَ بِمِنًى. فَمَا مَكَثْنَا إِلا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ أَشْخِصْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ وَلا تُجَاوِرْنَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: اصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَمَا هُوَ بِعَظِيمٍ مَنْ لا يَصْبِرُ عَلَى مَا لا يَجِدُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ السَّيْفَ وَلَوْ كُنْتُ أُرِيدُهُ مَا تَعَبَّثَ بِي ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا وَحْدِي وَمَعَهُ جُمُوعُهُ الَّتِي مَعَهُ. وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ هَذَا وَأَرَى ابْنَ الزُّبَيْرِ غَيْرَ مَقْصَرٍ عَنْ سُوءِ جِوَارِي فَسَأَتَحَوَّلُ عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُقِيمًا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فحاصرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَحَجَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ مِنَ الطَّائِفِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِعْبِهِ فَنَزَلَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشِّعْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ عَرَفْتُ مَقَامِي بِمَكَّةَ وَشُخُوصِي إِلَى الطائف وإلى الشام. وَأَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عِنْدِي خِلافٌ. لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. فَأَوَيْتُ إِلَى أَعْظَمِ بِلادِ اللَّهِ حُرْمَةً يَأْمَنُ فِيهِ الطَّيْرُ فَأَسَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جِوَارِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الشَّامِ فَكَرِهَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُرْبِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنْ يُقْتَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَيَجْتَمِعِ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الْمَلِكِ أُبَايِعْكَ. فَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدٌ يُدَافِعُهُ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَوَعَّدُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وَيَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانًا فَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ لله في كل يوم ستون وَثَلاثَمِائَةِ لَحْظَةٍ أَوْ نَفْحَةٍ؟ فَأَرْجُو أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ بَعْضَ لَحَظَاتِهِ أَوْ نَفَحَاتِهِ فَلا يَجْعَلُ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانًا. قَالَ فَكَتَبَ بِهَا الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الرُّومِ: إِنَّ هَذِهِ وَاللَّهِ مَا هِيَ مِنْ كَنْزِكَ وَلا كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ. لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللَّهِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وستون لحظة فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً؟ فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ. قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ. وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً. فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلامِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَكَتَبَ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلافٌ وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفُقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ فَبَايِعْ. فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ. فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ. فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي. وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ. وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ فَإِنَّ الْغَدْرَ لا خَيْرَ فِيهِ. فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ أَرْضَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ. وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ. فَفَعَلَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ. أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وذمة رَسُولِهِ أَنْ لا تُهَاجَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ. ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ. وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ. فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَنَى دَارَهُ بِالْبَقِيعِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْوفُودِ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَوَفَدَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ. وَأَمَرَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ نُزْلٌ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إِذْنِ الْعَامَّةِ. إِذَا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ. فَمَرَّةً يَجْلِسُ وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِيًا فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَوَعَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَأَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ. فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ دَيْنَهُ وَحَوَائِجَهُ وَفَرَائِضَ لِوَلَدِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ حَامَّتِهِ وَمَوَالِيهِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَالِي أن يَفْرِضَ لَهُمْ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَصَّرَ بِهِمْ فَكَلَّمَهُ فَرَفَعَ فِي فَرَائِضِهِمْ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلا قَضَاهَا. وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ فَأَذِنَ لَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ. فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى مِنْ عَيْنَيْهِ نَادَانِي: أَبَا الْقَاسِمِ أَبَا الْقَاسِمِ! فَكَرَرْتُ فَقَالَ لِي: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ؟ يَعْنِي حِينَ أَخَذَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَوْمَ الدَّارِ فَدَعَثَهُ بِرِدَائِهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِي يَوْمَئِذٍ ذُؤَابَةٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِسَيْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِ وَدَعَا بصيقل فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلا وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا. يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا رَأَيْتَ أَحَقَّ بِهِ فَلْيَأْخُذْهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إن كان لك قرابة فلكل قرابة وحق. قَالَ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا. يَعْنِي الْحَجَّاجَ وَهُوَ عِنْدَهُ. قَدْ آذَانِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي. وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَرْسِلْ إِلَيَّ فِيهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيمَتَهُ. فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيمَتَكَ وَلا مَرْحَبًا بِشَيْءٍ سَاءَكَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ اتَّقِ اللَّهَ وَاحْذَرِ اللَّهَ. مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ الْعِبَادُ إِلا لِلَّهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِهِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةِ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ. فَاحْذَرِ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لا تَسْأَلْنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكَهُ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ صَرْمَ الدَّهْرِ. قَالَ فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى رَأْسِ الْجَالُوتَ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ: إِنَّ رَجُلا مِنَّا ذَكَرَ حَدِيثًا مَا سَمِعْنَاهُ إِلا مِنْهُ. وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتَ: مَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ إِلا مِنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سَالِمِ بن أبي الجعد قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ رَكْعَتَيْنِ. ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قال: قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَاتُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ قَالَ: رَأَيْتُ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مُوَسِّعًا رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَشْعَرَ بُدْنَهُ فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفٍ خَزٍّ بِعَرَفَاتٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد بن علي ابن الْحَنَفِيَّةِ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ وَسِخَةً. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إدريس قال: قال لي محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْبِسَ الْخَزَّ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ؟ قُلْتُ: إِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَرِيرُ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ عَلِيٌّ يُخَضِّبُ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ الْخَزَّازُ قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مِيسَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَثَرَ الْحِنَّاءِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُخَضِّبُ أُمِّي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي يعلى عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ وَيُمَشِّطُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ. وَرَأَيْتُهُ مَكْحُولَ الْعَيْنَيْنِ. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكَحَّلُ الْعَيْنَيْنِ مَصْبُوغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ: أَرْسَلَتْنِي إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ! فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ نَبِيذَ الدَّنِّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قال: حدثنا ربيع بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَزْرَقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَفِي الشِّعْبِ. قَالَ وَكَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَقُولُ: هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً قَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي. تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سنة. وَمَاتَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قال: حدثنا زيد بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ. قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي أَوَّلِهَا. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لا يستكملها. أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَلا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي أَبَاهُ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَهِيَ سَنَةُ الْجُحَافِ. سَيْلٌ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ جَحَفَ الْحَاجَّ. قَالَ فَلَمَّا وَضَعْنَاهُ فِي الْبَقِيعِ جَاءَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخِي مَا تَرَى؟ فَقُلْتُ: لا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَانُ إِلا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَيْنَا. فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجِنَازَتِكُمْ. مَنْ شِئْتُمْ فَقَدِّمُوا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ فَصَلِّ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ فَقُلْتُ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الإِمَامَ أَوْلَى بِالصَّلاةِ وَلَوْلا ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاكَ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ: هَكَذَا سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ يَقُولُ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
- محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وهُوَ مُحَمَّد الأكبر بْن عَلِيّ بْن أبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ المطلب بن هاشم بْن عَبْد مناف بْن قصي. وأمه الحنفية خولة بِنْت جَعْفَر بْن قَيْس بْن مَسْلَمَة بْن ثَعْلَبَة بْن يربوع بْن ثَعْلَبَة بْن الدول بْن حنيفة بْن لجيم بْنِ صَعْبِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وائل. ويقال بل كانت أمه من سبي اليمامة فصارت إلى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. رَحِمَهُ اللَّهِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْطَى عَلِيًّا أم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ وَكَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيفَةَ وَلَمْ تَكُنْ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَمْ يُصَالِحْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ قَالا: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قال: وقع بين علي وطلحة فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: لا كَجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ. سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بعده. فقال عَلِيٌّ: إِنَّ الْجَرِيءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ. اذْهَبْ يَا فُلانُ فَادْعُ لِي فُلانًا وَفُلانًا. لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. قَالَ فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُونَ؟ قَالُوا: . أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أخبرنا هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنا مُغِيرَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ ابن الْحَنَفِيَّةِ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ. وَكَانَ كَثِيرُ الْعِلْمِ وَرِعًا. فَوَلَدَ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَبْدَ اللَّهِ وَهُوَ أَبُو هَاشِمٍ وَحَمْزَةَ وَعَلِيًّا وَجَعْفَرًا الأَكْبَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ. وَالْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ. وَكَانَ مِنْ ظُرَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَأَهْلِ الْعَقْلِ مِنْهُمْ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الإِرْجَاءِ. وَلا عَقِبَ لَهُ وَأُمُّهُ جَمَالُ ابْنَةُ قَيْسِ بْن مَخْرَمَةُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَأُمُّهُ مُسْرِعَةُ ابْنَةُ عَبَّادِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ نَسِيبِ بْنِ زَيْدِ بْن مَالِكِ بْن عَوْفِ بْن الْحَارِث بْن مازن بْن مَنْصُور بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلانَ بْنِ مُضَرَ حَلِيفُ بَنِي هَاشِمٍ. وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ لا بَقِيَّةَ لَهُ. وَأُمَّ أَبِيهَا وَأُمُّهُمْ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْمُهَا بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. وَجَعْفَرًا الأَصْغَرَ وَعَوْنًا وَعَبْدَ اللَّهِ الأَصْغَرَ وَأُمُّهُمْ أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَرُقَيَّةَ وَأُمُّهُمَا أُمُّ وَلَدٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثوري قال: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ. وَذَكَرَ يَوْمَ الْجَمَلِ قَالَ: لَمَّا تَصَافَفْنَا أَعْطَانِي عَلِيٌّ الرَّايَةَ فَرَأَى مِنِّي نُكُوصًا لَمَّا دَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَأَخَذَهَا مِنِّي فَقَاتَلَ بِهَا. قَالَ فَحَمَلْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. فَلَمَّا غَشَيْتُهُ قَالَ: أَنَا عَلَى دِينِ أَبِي طَالِبٍ. فَلَمَّا عَرَفْتُ الَّذِي أَرَادَ كَفَفْتُ عَنْهُ. بَيْنَهُمْ مَا قُوتِلَ بِهِ مِنْ سِلاحٍ أَوْ كُرَاعٍ. وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ كُرَاعٍ أَوْ سِلاحٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: كَانَ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَغْزُوَ مُعَاوِيَةَ وَأَهْلَ الشَّامِ فَجَعَلَ يَعْقِدُ لِوَاءَهُ ثُمَّ يَحْلِفُ لا يَحِلُّهُ حَتَّى يَسِيرَ. فَيَأْبَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَنْتَشِرُ رَأْيُهُمْ وَيَجْبُنُونَ فَيُحِلُّهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَكُنْتُ أَرَى حَالَهُ فَأَرَى مَا لا يَسُرُّنِي. فَكَلَّمْتُ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يَوْمَئِذٍ وَقُلْتُ لَهُ: أَلا تُكَلِّمُهُ أَيْنَ يَسِيرُ بِقَوْمٍ لا وَاللَّهِ مَا أَرَى عِنْدَهُمْ طَائِلا؟ فَقَالَ الْمِسْوَرُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ يَسِيرُ لأَمْرٍ قَدْ حُمَّ. قَدْ كَلَّمْتُهُ فرأيته يأبى إلا المسير. قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ مَا رَأَى قَالَ: . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: كَانَ عَلَى رَجَّالَةٍ عَلِيٌّ يَوْمَ صِفِّينَ عَمَّارُ بن ياسر. وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ رَايَتَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ. وَقَدْ كَانَ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمًا وَالْتَقَيْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ الشَّامِ فَاقْتَتَلْنَا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَبْقَى أَحَدٌ. فَأَسْمَعُ صَائِحًا يَصِيحُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُ اللَّهُ. مَنْ لِلنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. مَنْ لِلرُّومِ. مَنْ لِلتُّرْكِ. مَنْ لِلدَّيْلَمِ؟ اللَّهُ اللَّهُ وَالْبُقْيَا. فَأَسْمَعُ حَرَكَةً مِنْ خَلْفِي فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ يَعْدُو بِالرَّايَةِ يُهَرْوِلُ بِهَا حَتَّى أَقَامَهَا. وَلَحِقَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ الْزَمْ رَأَيْتَكَ فَإِنِّي مُتَقَدِّمٌ فِي الْقَوْمِ. فَأَنْظُرْ إِلَيْهِ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُفْرَجَ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهِمْ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عند محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا عَلَى أَبِي الَّذِي وَلَدَنِي. قَالَ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ. قَالَ: مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا سَبَقَ لَهُ كَذَا؟ أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي الشِّعْبِ: لَوْ أَنَّ أَبِي عَلِيًّا أَدْرَكَ هَذَا الأَمْرَ لَكَانَ هَذَا مَوْضِعُ رَحْلِهِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. نَحْنُ وَبَنُو عَمِّنَا هَؤُلاءِ. يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زبيد عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَة عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نتخذ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا. نَحْنُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيٌّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيُّ أُهْدِي إِلَى الرُّشْدِ وَالْخَيْرِ. اسْمِي اسْمُ نَبِيِّ اللَّهِ وَكُنْيَتِي كُنْيَةُ نَبِيِّ اللَّهِ. فَإِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ. السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلاءِ الْخَفَّافُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الحنفية فسلم عليه فرد ع فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ فَحَرَّكَ يَدَهُ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ. أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا كَيْفَ نَحْنُ؟ إِنَّمَا مَثَلُنَا فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْنَ. كَانَ يَذْبَحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ. وَإِنَّ هَؤُلاءِ يَذْبَحُونَ أَبْنَاءَنَا وَيَنْكِحُونَ نِسَاءَنَا بِغَيْرِ أَمْرِنَا. فَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَجَمِ فَقَالَتِ الْعَجَمُ: وَمَا ذاك؟ قالوا: كان محمد عَرَبِيًّا. قَالُوا: صَدَقْتُمْ. قَالُوا: وَزَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ لَهَا فَضْلا عَلَى الْعَرَبِ فَقَالَتِ الْعَرَبُ: وَبِمَ ذَا؟ قَالُوا: قَدْ كَانَ مُحَمَّدٌ قُرَشِيًّا. فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ صَدَّقُوا فَلَنَا فَضْلٌ عَلَى النَّاسِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: أخبرنا عُمَرُ بْنُ زِيَادٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَقِيتُ بِخُرَاسَانَ رَجُلا مِنْ عَزَّةَ. قَالَ قُلْتُ لِلأَسْوَدِ: مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي. قَالَ: أَلا أَعْرِضُ عَلَيْكَ خُطْبَةَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي رَهْطٍ يُحَدِّثُهُمْ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ. قَالَ قُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ: أَسِرٌّ هِيَ أم عَلانِيَةٌ؟ قَالَ قُلْتُ: بَلْ سِرٌّ. قَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ سَاعَةً ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ مَعَهُ. فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ دَخَلْتُ مَعَهُ بَيْتَهُ. قَالَ: قُلْ بِحَاجَتِكَ. قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ وَشَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وشهدت أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بعد فو الله مَا كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إلينا قَرَابَةً فَنُحِبُّكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ وَلَكِنْ كُنْتُمْ أَقْرَبَ قُرَيْشٍ إِلَى نَبِيِّنَا قَرَابَةً فَلِذَلِكَ أَحْبَبْنَاكُمْ عَلَى قَرَابَتِكُمْ مِنْ نَبِيِّنَا. فَمَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ وَأُبْطِلَتِ الشَّهَادَاتُ وَشَرَدْنَا فِي الْبِلادِ وَأُوذِينَا حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ. وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَعْنِي الْخَوَارِجَ. وَقَدْ كَانَتْ تَبْلُغُنَا عَنْكَ أَحَادِيثُ من وَرَاءَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهُكَ لِلْكَلامِ فَلا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا وَكُنْتَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي نَفْسِي وَأَحَبَّهُ إلي أَنْ أَقْتَدِيَ بِهِ. فَأَرَى بِرَأْيِكَ وَكَيْفَ تَرَى الْمَخْرَجَ. أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَشَهِدَ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيثَ فَإِنَّهَا عَيْبٌ عَلَيْكُمْ. وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ بِهِ هَدْيُ أَوَّلِكُمْ وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ. وَلَعَمْرِي لَئِنْ أُوذِيتُمْ لَقَدْ أُوذِيَ مَنْ كَانَ خَيْرًا مِنْكُمْ. أَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَذْهَبَ فِي الأَرْضِ قَفْرًا فَأَعْبُدَ اللَّهَ حَتَّى أَلْقَاهُ وَأَجْتَنِبَ أُمُورَ النَّاسِ لَوْلا أَنْ يَخْفَى عَلَيَّ أُمُورُ آلِ مُحَمَّدٍ. فَلا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ تِلْكَ الْبِدْعَةُ الرَّهْبَانِيَّةُ. وَلَعَمْرِي لأَمْرُ آلِ محمد أبين من طلوع هذه الشَّمْسِ. وَأَمَّا قِيلُكَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَخْرُجَ مَعَ أَقْوَامٍ شَهَادَتُنَا وَشَهَادَتُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى أُمَرَائِنَا فَيَخْرُجُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَنُقِيمُ. فَلا تَفْعَلْ. لا تُفَارِقِ الأُمَّةَ. اتَّقِ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ بِتَقِيَّتِهِمْ. قَالَ عُمَرُ: يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ. وَلا تُقَاتِلْ مَعَهُمْ. قَالَ قُلْتُ: وَمَا تَقِيَّتُهُمْ؟ قَالَ: تُحْضِرُهُمْ وَجْهَكَ عِنْدَ عَوْدَتِهِمْ فَيَدْفَعُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْكَ عَنْ دَمِكَ وَدِينِكَ وَتُصِيبُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُمْ. قَالَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَطَافَ بِي قِتَالٌ لَيْسَ لِي مِنْهُ بُدٌّ؟ قَالَ: تُبَايِعُ بِإِحْدَى يَدَيْكَ الأُخْرَى لِلَّهِ. وَتُقَاتِلُ لِلَّهِ. فَإِنَّ اللَّهَ سَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ الْجَنَّةَ وَسَيُدْخِلُ أَقْوَامًا بِسَرَائِرِهِمُ النَّارَ. وَإِنِّي أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تُبَلِّغَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ مِنِّي أَوْ أَنْ تَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ. يَعْنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ: حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: بَايِعْ بِإِحْدَى يَدَيْكَ عَلَى الأُخْرَى وَقَاتِلْ عَلَى نِيَّتِكَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ مُنْذِرٍ قَالَ: سمعت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ لَصَاعِقَةٌ لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ عَنْ أبي الطفيل عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: الْزَمْ هَذَا الْمَكَانَ وَكُنْ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُنَا فَإِنَّ أَمَرَنَا إِذَا جَاءَ فَلَيْسَ بِهِ خِفَاءٌ كَمَا لَيْسَ بِالشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ خَفَاءٌ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَشْرِقِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ. وَمَا يُدْرِيكَ إِنْ قَالَ لَكَ النَّاسُ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ وَيَأْتِي اللَّهُ بِهَا مِنَ الْمَشْرِقِ. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّنَا سَنُؤْتَى بِهَا كَمَا يُؤْتَى بِالْعَرُوسِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ أَحَبَّنَا نَفَعَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّيْلَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وَدِدْتُ لَوْ فديت شيعتنا هؤلاء ولو بِبَعْضِ دَمِي. قَالَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى عَلَى الْمِفْصَلِ وَالْعُرُوقِ ثُمَّ قَالَ: لَحَدِيثُهُمُ الْكَذِبُ وَإِذَاعَتُهُمُ الشَّرُّ حَتَّى إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُمَّ أَحَدِهِمُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْحَارِثِ الأَزْدِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ وَكُفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ. لَهُ مَا احْتَسَبَ وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. أَلا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ سُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ. أَلا إِنَّ لأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ. فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمِنَّا كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الأَعْلَى. وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قال: أخبرنا أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ رَجُلا لِلَّهِ لِعَدْلٍ ظَهَرَ مِنْهُ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى حُبِّهُ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَحَبَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَمَنْ أَبْغَضَ رَجُلا لِلَّهِ لِجَوْرٍ ظهر منه وهو في علم الله من أَهْلِ الْجَنَّةِ آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى بُغْضِهِ إِيَّاهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَبْغَضَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ النَّارِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ قَالَتْ: كَانَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي حَصْرِهِ الأَوَّلِ أَشَدَّ النَّاسِ مَعَهُ وَيُرِيهِ أَنَّهُ شِيعَةٌ لَهُ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُعْجَبٌ بِهِ وَيَحْمِلُ عَلَيْهِ فَلا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلامًا. وَكَانَ الْمُخْتَارُ يختلف إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَكَانَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهِ بِحُسْنِ الرَّأْيِ وَلا يَقْبَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَنَا خَارِجٌ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ محمد: فاخرج وَهَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الْهَمْدَانِيُّ يَخْرُجُ مَعَكَ. وَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ: تَحَرَّزْ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ أَمَانَةٍ. وَجَاءَ الْمُخْتَارُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ مَكَانِي مِنَ الْعِرَاقِ أَنْفَعُ لَكَ مِنْ مَقَامِي هَاهُنَا. فَأَذِنَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَ هُوَ وَابْنُ كَامِلٍ. وَابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَشُكُّ فِي مُنَاصَحَتِهِ. وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى الْغِشِّ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَخَرَجَا حَتَّى لَقِيَا لاقِيًا بِالْعُذَيْبِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ: أَخْبِرْنَا عَنِ النَّاسِ. فَقَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ كَالسَّفِينَةِ تَجُولُ لا مَلاحَ لَهَا. فَقَالَ الْمُخْتَارُ: فَأَنَا مَلاحُهَا الَّذِي يُقِيمُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُخْتَارُ الْعِرَاقِ اخْتَلَفَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ. وَهُوَ وَالِي الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَظْهَرَ مُنَاصَحَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَابَهُ فِي السِّرِّ. وَدَعَا إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ. وَاتَّخَذَ شِيعَةً. يَرْكَبُ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ مُطِيعٍ خَافَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: كَانَ الْمُخْتَارُ لَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَعْيَبَهُ لَهُ. وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لأَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ. ثُمَّ ظَلَمَهُ إِيَّاهُ. وَجَعَلَ يَذْكُرُ ابْنَ الْحَنِفِيَّةِ وَحَالَهُ وَوَرَعَهُ وَأَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى الْكُوفَةِ يَدْعُو لَهُ. وَأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فَهُوَ لا يَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَيَقْرَأُ ذَلِكَ الْكِتَابَ عَلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ. وَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لمحمد ابن الحنفية فيبايعونه لَهُ سِرًّا. فَشَكَّ قَوْمٌ مِمَّنْ بَايَعَهُ فِي أَمْرِهِ وَقَالُوا: أَعْطَيْنَا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ ابْنِ الْحَنِفِيَّةِ. وَابْنُ الْحَنِفِيَّةِ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيدٍ وَلا مُسْتَتِرٍ. فَلَوْ شَخَصَ مِنَّا قَوْمٌ إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ عَمَّا جَاءَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ عَنْهُ. فَإِنْ كَانَ صَادِقًا نَصَرْنَاهُ وَأَعَنَّاهُ عَلَى أَمْرِهِ. فَشَخَصَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَلَقُوا ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِمَكَّةَ فَأَعْلَمُوهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ: نَحْنُ حَيْثُ تَرَوْنَ مُحْتَسِبُونَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ. فَاحْذَرُوا الْكَذَّابِينَ وَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَدِينِكُمْ. فَانْصَرَفُوا عَلَى هَذَا. وَكَتَبَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الأَشْتَرِ. وَجَاءَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُخْتَارُ أَمِينُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُولُهُ. فَأَذِنَ لَهُ وَحَيَّاهُ وَرَحَّبَ بِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَكَلَّمَ الْمُخْتَارُ. وَكَانَ مُفَوَّهًا. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهَ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ رَكِبَ مِنْهُمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ. وَحُرِمُوا وَمُنِعُوا حَقَّهُمْ وَصَارُوا إِلَى مَا رَأَيْتَ. وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ الْمَهْدِيُّ كِتَابًا. وَهَؤُلاءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ. فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَنَسٍ الأَسَدِيُّ وَأَحْمَرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْبَجَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَامِلٍ الشَّاكِرِيُّ وَأَبُو عَمْرَةَ كَيْسَانُ مَوْلَى بَجِيلَةَ: نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابَهُ قَدْ شَهِدْنَاهُ حِينَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ. فَقَبَضَهُ إِبْرَاهِيمُ وَقَرَأَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُ وَقَدْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ وَادْعُ إِلَى مَا شِئْتَ. ثُمَّ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ. وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لِمُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَجَعَلَ أَمْرُ الْمُخْتَارِ يَغْلُظُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيَكْثُرُ تَبَعُهُ. وَجَعَلَ يَتَتَبَّعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ بَعَثَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا إِلَى عُبَيْدِ الله بْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْمُخْتَارِ فَعَمَدَ إِلَيْهِ الْمُخْتَارُ فَجَعَلَهُ فِي جُونَةٍ. ثُمَّ بعث به إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَسَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَكَانَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ يَكْرَهُ أَمْرَ الْمُخْتَارِ وَمَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ وَلا يُحِبُّ كَثِيرًا مِمَّا يَأْتِي بِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَصَابَ بِثَأْرِنَا وَأَدْرَكَ وَغْمَنَا وَآثَرَنَا وَوَصَلَنَا. فَكَانَ يُظْهِرُ الْجَمِيلَ فِيهِ لِلْعَامَّةِ. فَلَمَّا اتَّسَقَ الأَمْرُ لِلْمُخْتَارِ كَتَبَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَهْدِيِّ: مِنَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَنْتَقِمْ مِنْ قَوْمٍ حَتَّى يُعَذِّرَ إِلَيْهِمْ. وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ الْفَسَقَةَ وَأَشْيَاعَ الْفَسَقَةِ وَقَدْ بَقِيَتْ بَقَايَا أَرْجُو أَنْ يُلْحِقَ اللَّهُ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ وَهِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَغَيْرِهِمْ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنِي قَالُوا: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ بِهَا يومئذ الحسين بن علي ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ. فَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ. وَأَقَامَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشٍ مسرف وأيام الْحَرَّةِ فَرَحَلَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَايَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِنَفْسِهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ دعا ابن عباس ومحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْبَيْعَةَ لَهُ فَأَبَيَا يُبَايِعَانِ لَهُ وَقَالا: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلادُ وَيَتَّسِقَ لَكَ النَّاسُ. فَأَقَامَا عَلَى ذَلِكَ مَا أَقَامَا. فَمَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِينُ لَهُمَا وَمَرَّةً يُبَادِيهُمَا. ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ كَلامٌ وَشَرٌّ. فَلَمْ يَزَلِ الأَمْرُ يَغْلُظُ حَتَّى خَافَا مِنْهُ خَوْفًا شَدِيدًا وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ. فَأَسَاءَ جوارهم وحصرهم وآذاهم. وقصد لمحمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَأَظْهَرَ شَتْمُهُ وَعَيْبَهُ وَأَمَرَهُ وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُمْ بِمَكَّةَ. وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ وَقَالَ لَهُمْ فِيمَا يَقُولُ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحْرِقَنَّكُمْ بِالنَّارِ. فَخَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ. قَالَ سُلَيْمٌ أبو عامر: فرأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مَحْبُوسًا فِي زَمْزَمَ وَالنَّاسُ يُمْنَعُونَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: دَعَانِي إِلَى الْبَيْعَةِ فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ فَأَنَا كَأَحَدِهِمْ. فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي. فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ يَقُولُ لَكَ ابْنُ عَمِّكَ مَا تَرَى؟ قَالَ سُلَيْمٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ. فَقَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ علينا من عدونا. فقلت: لا تخف. أنا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ. فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: قُلْ لَهُ لا تُطِعْهُ ولا نعمة عين إلا ما قلت. لا تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَبْلَغْتُهُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَهَمَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَقْدَمَ إِلَى الْكُوفَةِ وَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُخْتَارَ فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُومُهُ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْمَهْدِيِّ عَلامَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُمْ هَذَا فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوقِ بِالسَّيْفِ لا تَضُرُّهُ وَلا تَحِيكُ فِيهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَأَقَامَ فَقِيلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيعَتِكَ بِالْكُوفَةِ فَأَعْلَمْتَهُمْ مَا أنتم فيه. فبعث أبا الطفيل عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ. فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّا لا نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ. وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْخَوْفِ. فَقَطَعَ الْمُخْتَارُ بَعْثًا إِلَى مَكَّةَ فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلافٍ. فَعَقَدَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُ: سِرْ فَإِنْ وجدت بني هاشم الْحَيَاةِ فَكُنْ لَهُمْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَضُدًا وَانْفِذْ لِمَا أَمَرُوكَ بِهِ. وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُمْ فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلْ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ ثُمَّ لا تَدَعْ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ شُفْرًا وَلا ظُفْرًا. وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللَّهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهَذَا الْمَسِيرِ وَلَكُمْ بِهَذَا الْوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرَ. وَسَارَ الْقَوْمُ وَمَعَهُمُ السِّلاحُ حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ الْمُسْتَغِيثُ: أَعْجِلُوا فَمَا أُرَاكُمْ تُدْرِكُونَهُمْ. فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُوَّةِ عَجَّلُوا. فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ ثَمَانُمِائَةٍ رَأْسُهُمْ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ الْعَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ فَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ. وَيُقَالُ بَلْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابُهُمَا فِي دُورٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الْجُدُرِ لَوْ أَنَّ نَارًا تَقَعُ فِيهِ مَا رثي مِنْهُمْ أَحَدٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ. فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ. وَعَجَّلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس. وهو يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ. فَأَسْرَعَ فِي الْحَطَبِ يُرِيدُ الْخُرُوجَ فَأَدْمَى سَاقَيْهِ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَكُنَّا صَفَّيْنِ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارُنَا وَنَهَارُهُ لا نَنْصَرِفُ إِلا إِلَى صَلاةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا. وَقَدِمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ فِي النَّاسِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: ذَرُونَا نُرِيحُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالا: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ. مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إِلا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ قَبْلَهُ وَلا يُحِلُّهُ لأَحَدٍ بَعْدَهُ. فَامْنَعُونَا وَأَجِيرُونَا. قَالَ فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِيًا لَيُنَادِي فِي الْجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ. إِنَّ السَّرَايَا تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءَنَا. فَخَرَجُوا بِهِمْ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ مِنًى فَأَقَامُوا بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمُوا ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامُوا مَا أَقَامُوا. وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وصلى عليه محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. وَبَقِينَا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ مَكَّةَ فَوَافَى عرفة في أصحابه. ووافى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ فِي أَصْحَابِهِ. فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ. وَوَافَى نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ الْحَنَفِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْخَوَارِجِ فَوَقَفَ نَاحِيَةً. وَحَجَّتْ بَنُو أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ فِيمَنْ مَعَهُمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَقَفَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَلْوِيَةٍ بِعَرَفَةَ: محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي أَصْحَابِهِ عَلَى لِوَاءٍ قَامَ عِنْدَ حَبْلِ الْمُشَاةِ. وَحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي أَصْحَابِهِ مَعَهُ لِوَاءٌ فَقَامَ مَقَامَ الإِمَامِ الْيَوْمَ. ثُمَّ تقدم محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ حَتَّى وَقَفَ حِذَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَوَافَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فِي أَصْحَابِهِ وَمَعَهُ لِوَاءٌ فَوَقَفَ خَلْفَهُمَا. وَوَافَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَمَعَهُمْ لِوَاءٌ فَوَقَفُوا عَنْ يَسَارِهِمَا. فَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ أَنْغَضَ لواء محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. ثُمَّ تَبِعَهُ نَجْدَةُ. ثُمَّ لِوَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ. ثُمَّ لِوَاءُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ يَدْفَعِ ابْنُ الزُّبَيْرِ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إِلا بِدَفْعِهِ ابْنِ عُمَرَ. فَلَمَّا أَبْطَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَقَدْ مَضَى ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَجْدَةُ وَبَنُو أُمَيَّةَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَيَنْتَظِرُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ثُمَّ دَفَعَ فَدَفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أَثَرِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ: دَفَعْتُ مِنْ عَرَفَةَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَتِلْكَ السُّنَّةُ فَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: عَجِّلْ مُحَمَّدُ عَجِّلْ مُحَمَّدُ. فَعَنْ مَنْ أَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الإِغْسَاقَ؟ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَقَامَ الْحَجَّ تِلْكَ السَّنَةَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَجَّ عامئذ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فِي الْخَشَبِيَّةِ مَعَهُ. وَهُمْ أَرْبَعَةُ آلافٍ نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ ثُوَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنًى فِي أَصْحَابِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خِفْتُ الْفِتْنَةَ فَمَشَيْتُ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا فَجِئْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّا فِي مِشْعَرٍ حَرَامٍ وَبَلَدٍ حَرَامٍ. وَالنَّاسُ وَفْدُ اللَّهِ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ. فَلا تُفْسِدْ عَلَيْهِمْ حَجَّهُمْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَمَا أَحُولُ بَيْنَ أَحَدٍ وَبَيْنَ هَذَا الْبَيْتِ. وَلا يُؤْتَى أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ قِبَلِي وَلَكِنِّي رَجُلٌ أَدْفَعُ عَنْ نَفْسِي مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا يُرِيدُ مِنِّي. وَمَا أَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ إِلا أَنْ لا يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فيه اثْنَانِ. وَلَكِنِ ائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلِّمْهُ وَعَلَيْكَ بِنَجْدَةَ فَكَلِّمْهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَجِئْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَكَلَّمْتُهُ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ. وَهَؤُلاءِ أَهْلُ خِلافٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ خَيْرًا لَكَ الْكَفٌّ. فَقَالَ: أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ وَأَجِدُ عِكْرِمَةَ غُلامَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ. فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى صَاحِبِكَ. قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ وَكَلَّمْتُهُ بِمَا كَلَّمْتُ بِهِ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَدًا بِقِتَالٍ فَلا وَلَكِنْ مَنْ بَدَأْنَا بِقِتَالٍ قَاتَلْنَاهُ. قُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ لا يُرِيدَانِ قِتَالَكَ. ثُمَّ جِئْتُ شِيعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُمْ بِنَحْوٍ مِمَّا كَلَّمْتُ بِهِ الْقَوْمَ فَقَالُوا: نَحْنُ عَلَى لِوَائِنَا لا نُقَاتِلُ أَحَدًا إِلا أَنْ يُقَاتِلَنَا. فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ وَلا أَسْلَمَ دَفْعَةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحنفية. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَقَفْتُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ إلى جنب محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ادْفَعْ. فَدَفَعَ وَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ يُلَبُّونَ بِعَرَفَةَ وَرَمَقْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَصْحَابَهُ فَإِذَا هُمْ يُلَبُّونَ حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ. ثُمَّ قُطِعَ. وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ بَنُو أُمَيَّةَ. وَأَمَّا نَجْدَةُ فَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعُرْيَانِ الْمُجَاشِعِيُّ قَالَ: بَعَثَنَا الْمُخْتَارُ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ فَكُنَّا عِنْدَهُ. قَالَ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْكُرُ الْمُخْتَارَ فَيَقُولُ: أَدْرَكَ ثَأْرَنَا وَقَضَى ديوننا وأنفق علينا. قال وكان محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ لا يَقُولُ فِيهِ خَيْرًا وَلا شَرًّا. قَالَ فَبَلَغَ مُحَمَّدًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ عِنْدَهُمْ شَيْئًا. أَيْ مِنَ الْعِلْمِ. قَالَ فَقَامَ فِينَا فَقَالَ: إِنَّا وَاللَّهِ مَا وَرَثْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلا مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حِلا وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ فِي ذُؤَابَةِ سَيْفِي. قَالَ فَسَأَلْتُ: وَمَا كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا. أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ الرَّمَّاحُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ فَنَزَلَ شِعْبَ عَلِيٍّ فَخَرَجْنَا مِنَ الْكُوفَةِ لِنَأْتِيَهُ فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ فَقَالَ لَنَا: أَحْصُوا سِلاحَكُمْ وَلَبُّوا بِعُمْرَةٍ. ثُمَّ ادْخُلُوا الْبَيْتَ وَطَوِّفُوا بِهِ وبين الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. أَخْبَرَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ وَرْدَانَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْعِصَابَةِ الَّذِينَ انْتَدَبُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ. قَالَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ فَأَرَادَ أَهْلَ الشَّامِ فَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَدْخُلَهَا حَتَّى يُبَايِعَهُ فَأَبَى عَلَيْهِ. قَالَ فَسِرْنَا مَعَهُ مَا سرنا ولو أمرنا بالقتال لقتالنا مَعَهُ. فَجَمَعْنَا يَوْمًا فَقَسَمَ فِينَا شَيْئًا وَهُوَ يَسِيرُ. ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال: ألحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بِمَا تَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا تُنْكِرُونَ وَعَلَيْكُمْ بِخَاصَّةِ أَنْفُسِكُمْ وَدَعُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَاسْتَقِرُّوا عَنْ أَمْرَنَا كَمَا اسْتَقَرَّتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. فَإِنَّ أَمْرَنَا إِذَا جاء كان كالشمس الضاحية. قالوا: وَقُتِلَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. فَلَمَّا دَخَلْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ أَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُرْوَةَ بْنَ الزبير إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ لَكَ إِنِّي تَارِكُكَ أَبَدًا حَتَّى تُبَايِعَنِي أَوْ أُعِيدَكَ فِي الْحَبْسِ وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ الْكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ. وَأَجْمَعَ عَلَيَّ أَهْلُ الْعِرَاقَيْنِ. فَبَايِعْ لِي وَإِلا فَهِيَ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِنِ امْتَنَعْتَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لِعُرْوَةَ: مَا أَسْرَعَ أخاك إلى قطع الرحم والاستخفاف بالحق. وأغفله عَنْ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ اللَّهِ. مَا يَشُكُّ أَخُوكَ فِي الْخُلُودِ وَإِلا فَقَدْ كَانَ أَحْمَدَ لِلْمُخْتَارِ وَلِهَدْيِهِ مِنِّي. وَاللَّهِ مَا بَعَثْتُ الْمُخْتَارَ دَاعِيًا وَلا نَاصِرًا. وَلَلْمُخْتَارُ كَانَ إِلَيْهِ أَشَدَّ انْقِطَاعًا مِنْهُ إِلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ كَذَّابًا فَطَالَ مَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ. وَمَا عِنْدِي خِلافٌ. وَلَوْ كَانَ خِلافَ مَا أَقَمْتُ فِي جِوَارِهِ وَلَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُونِي فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ هَاهُنَا وَاللَّهِ لأَخِيكَ قَرِينًا يَطْلُبُ مِثْلَ مَا يَطْلُبُ أَخُوكَ. كِلاهُمَا يُقَاتِلانِ عَلَى الدُّنْيَا: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ. وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ بِجُيُوشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ جِوَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ خَيْرٌ لِي مِنْ جِوَارِ أَخِيكَ. وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قَبِلَهُ وَيَدْعُونِي إِلَيْهِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ من ذلك؟ قال: أستخير الله وذلك أحب إلى صاحبك. قَالَ: أَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: وَاللَّهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ ابن الحنفية: وعلى م أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ جَاءَنَا بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيهِ وَجَاوَرَنَا فَجَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ كَلامٌ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أَخِيهِ. وَالَّذِي قُلْتُمْ غَدْرٌ وَلَيْسَ فِي الْغَدْرِ خَيْرٌ. لَوْ فَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُونَ لَكَانَ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَأْيِي لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ كُلُّهُمْ إِلا إِنْسَانٌ وَاحِدٌ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَا قَالَ له محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تُعْرِضَ لَهُ. دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ وَيُغَيِّبُ وَجْهَهُ فَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمَامَهُ لا يَتْرُكُهُ يَحِلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ. وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لا يُبَايِعُهُ أَبَدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ. فَإِنْ صَارَ إِلَيْهِ كَفَاكَهُ إِمَّا حَبَسَهُ وَإِمَّا قَتَلَهُ فَتَكُونَ أَنْتَ قَدْ بَرِئَتْ مِنْ ذَلِكَ. فَأَفْثَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْهُ. فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: وَجَاءَ كِتَابٌ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَرَسُولٌ حَتَّى دَخَلَ الشِّعْبَ فقرأ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ الْكِتَابَ فَقَرَأَ كِتَابًا لَوْ كَتَبَ بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بَعْضِ إِخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ مَا زَادَ عَلَى أَلْطَافِهِ. وَكَانَ فِيهِ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ ضَيِّقَ عَلَيْكَ وَقَطَعَ رَحِمَكَ وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّكَ حَتَّى تُبَايِعَهُ فَقَدْ نَظَرْتَ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ وَأَنْتَ أَعْرَفُ بِهِ حَيْثُ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ. وَهَذَا الشَّامُ فَانْزِلْ منه حيث شئت فنحن مكرموك وواصلو رحمك وعارفو حَقَّكَ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لأَصْحَابِهِ: هَذَا وَجْهٌ نَخْرُجُ إِلَيْهِ. قَالَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَمَعَهُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يَنْشُدُ شَعَرًا: أَنْتَ إِمَامُ الْحَقِّ لَسْنَا نَمْتَرِي ... أَنْتَ الَّذِي نَرْضَى بِهِ وَنَرْتَجِي أَنْتَ ابْنُ خَيْرِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ النَّبِي ... يَا ابْنَ عَلِيٍّ سِرْ وَمَنْ مِثْلُ عَلِي حَتَّى تَحِلَّ أَرْضَ كَلْبٍ وَبَلِي قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا أَيْلَةَ فَجَاوَرُونَا بِأَحْسَنِ جِوَارٍ وَجَاوَرْنَاهُمْ بِأَحْسَنِ ذَلِكَ وَأَحَبُّوا أَبَا الْقَاسِمِ حُبًّا شَدِيدًا وَعَظَّمُوهُ وَأَصْحَابَهُ. وَأُمِرْنَا بِالْمَعْرُوفِ وَنُهِينَا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلا يُظْلَمُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قُرْبَنَا وَلا بِحَضْرَتِنَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وَكَانَا خَاصَّتَهُ فَقَالا: مَا نرى أَنْ نَدَعَهُ يُقِيمُ فِي قُرْبَةٍ مِنْكَ وَسِيرَتُهُ سِيرَتُهُ حَتَّى يُبَايِعَ لَكَ أَوْ تَصْرِفَهُ إِلَى الْحِجَازِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِي فَنَزَلْتَ فِي طَرَفٍ مِنْهَا. وَهَذِهِ الْحَرْبُ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا تَعْلَمُ. وَأَنْتَ لَكَ ذِكْرٌ وَمَكَانٌ. وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ لا تُقِيمَ فِي سُلْطَانِي إِلا أَنْ تَبَايَعَ لِي. فَإِنْ بَايَعْتَنِي فَخُذِ السُّفُنَ الَّتِي قَدِمَتْ عَلَيْنَا مِنَ الْقُلْزُمِ وَهِيَ مِائَةُ مَرْكَبٍ فَهِيَ لَكَ وَمَا فِيهَا. وَلَكَ أَلْفَا أَلْفِ دِرْهَمٍ أُعَجِّلُ لَكَ مِنْهَا خَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ وَأَلْفَ أَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفٍ آتَيْتُكَ مَعَ مَا أَرَدْتَ مِنْ فَرِيضَةٍ لَكَ وَلِوَلَدِكَ وَلِقَرَابَتِكَ وَمَوَالِيكَ وَمَنْ مَعَكَ. وَإِنْ أَبَيْتَ فَتَحَوَّلْ عَنْ بَلَدِي إِلَى مَوْضِعٍ لا يَكُونُ لِي فِيهِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. سَلامٌ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي هَذَا الأَمْرِ قَدِيمًا. وَإِنِّي لَسْتُ أُسَفِّهُهُ عَلَى أَحَدٍ. وَاللَّهِ لَوِ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَيَّ إِلا أَهْلُ الزَّرْقَاءِ مَا قَاتَلْتُهُمْ أَبَدًا وَلا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. نَزَلْتُ مَكَّةَ فِرَارًا مِمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَجَاوَرْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَأَسَاءَ جَوَارِي وَأَرَادَ مِنِّي أَنْ أُبَايِعَهُ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْكَ أَوْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَأَكُونُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ. ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَدْعُونِي إِلَى مَا قِبَلِكَ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا فَنَزَلْتُ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِكَ. وَاللَّهِ مَا عِنْدِي خِلافٌ وَمَعِي أَصْحَابِي فَقُلْنَا بِلادٌ رَخِيصَةُ الأسعار وندنو مِنْ جِوَارِكَ وَنَتَعَرَّضُ صِلَتَكَ. فَكَتَبْتَ بِمَا كَتَبْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُنْصَرِفُونَ عَنْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَسِرْنَا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى أربعين لَيْلَةً. قَالَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ كَتَبَ لِمُحَمَّدٍ عَهْدًا عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ. فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدٍ مِنَ اللَّهِ وَمِيثَاقٍ كَتَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي. وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ مَعَهُ سَبْعَةُ آلافٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي. فَفَعَلَ. فَقَامَ مُحَمَّدٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ وَلِيُّ الأُمُورِ كلها وحاكمها. ما شاء الله كان وما لا يَشَاءُ لَمْ يَكُنْ. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ. عَجَّلْتُمْ بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ وَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخَرٌ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ وَأَحْرَزَ دِينَكُمْ! مَنْ أحب منكم أن يأتي إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ. فَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ: لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ. دَعْنَا فَلْنَدْخُلْ وَلْنَقْضِ نُسُكَنَا ثُمَّ لَنَخْرُجُ عَنْكَ. فَأَبَى. وَمَعَنَا الْبُدْنُ قَدْ قَلَّدْنَاهَا. فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ. فَلَمَّا سَارَ مَضَيْنَا فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عُنْوَانِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنَابِرِ النَّاسِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُورٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا. قَالَ أَبُو الطُّفَيْلٍ: فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ فَأَذِنَ لِلْمَوَالِي وَلِمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَرَجَعُوا مِنْ مَدْيَنَ. وَمَضَيْنَا إِلَى مَكَّةَ حَتَّى نَزَلْنَا مَعَهُ الشِّعْبَ بِمِنًى. فَمَا مَكَثْنَا إِلا لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ أَشْخِصْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ وَلا تُجَاوِرْنَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: اصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَمَا هُوَ بِعَظِيمٍ مَنْ لا يَصْبِرُ عَلَى مَا لا يَجِدُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِ بُدًّا حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا. وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ السَّيْفَ وَلَوْ كُنْتُ أُرِيدُهُ مَا تَعَبَّثَ بِي ابْنُ الزُّبَيْرِ وَلَوْ كُنْتُ أَنَا وَحْدِي وَمَعَهُ جُمُوعُهُ الَّتِي مَعَهُ. وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ هَذَا وَأَرَى ابْنَ الزُّبَيْرِ غَيْرَ مَقْصَرٍ عَنْ سُوءِ جِوَارِي فَسَأَتَحَوَّلُ عَنْهُ. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُقِيمًا حَتَّى قَدِمَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِهِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. فحاصرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَهُ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. وَحَجَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ مِنَ الطَّائِفِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى شِعْبِهِ فَنَزَلَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْمَوَالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الشِّعْبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْتَلْ وَالْحَجَّاجُ مُحَاصِرُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ عَرَفْتُ مَقَامِي بِمَكَّةَ وَشُخُوصِي إِلَى الطائف وإلى الشام. وَأَنَا رَجُلٌ لَيْسَ عِنْدِي خِلافٌ. لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا اعْتَزَلْتُهُمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا. فَأَوَيْتُ إِلَى أَعْظَمِ بِلادِ اللَّهِ حُرْمَةً يَأْمَنُ فِيهِ الطَّيْرُ فَأَسَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جِوَارِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الشَّامِ فَكَرِهَ عَبْدُ الْمَلِكِ قُرْبِي. فَتَحَوَّلْتُ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنْ يُقْتَلِ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَيَجْتَمِعِ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الْمَلِكِ أُبَايِعْكَ. فَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُبَايِعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَبَى الْحَجَّاجُ أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. فَلَمْ يَزَلْ مُحَمَّدٌ يُدَافِعُهُ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيُّ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْحَجَّاجَ إِلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ لَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ سُلْطَانٌ. قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَتَوَعَّدُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ مِنْكَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ وَيَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانًا فَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ لله في كل يوم ستون وَثَلاثَمِائَةِ لَحْظَةٍ أَوْ نَفْحَةٍ؟ فَأَرْجُو أَنْ يَرْزُقَنِي اللَّهُ بَعْضَ لَحَظَاتِهِ أَوْ نَفَحَاتِهِ فَلا يَجْعَلُ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانًا. قَالَ فَكَتَبَ بِهَا الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَتَبَ بِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الرُّومِ: إِنَّ هَذِهِ وَاللَّهِ مَا هِيَ مِنْ كَنْزِكَ وَلا كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِكَ وَلَكِنَّهَا مِنْ كَنْزِ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الْحَجَّاجَ. لَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ فَجَاءَ فَقَالَ: قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَدُوَّ اللَّهِ. فَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ. قال: والله لأقتلنك! قال: أولا تَدْرِي أَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاثَمِائَةٍ وستون لحظة فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَضِيَّةً؟ فَلَعَلَّهُ يَكْفِينَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ. قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَتَاهُ كِتَابُهُ فَأَعْجَبَهُ. وَكَتَبَ بِهِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّومِ كَتَبَ إِلَيْهِ يُهَدِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوعًا كَثِيرَةً. فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ الْكَلامِ إِلَى صَاحِبِ الرُّومِ. وَكَتَبَ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ عِنْدَهُ خِلافٌ وَهُوَ يَأْتِيكَ وَيُبَايِعُكَ فَارْفُقْ بِهِ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَايَعَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ فَبَايِعْ. فَكَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتِ اعْتَزَلْتُهُمْ. فَلَمَّا أَفْضَى هَذَا الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ أَدْخُلُ فِي صَالِحِ مَا دَخَلُوا فِيهِ. فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الْحَجَّاجَ لَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِبَيْعَتِي. وَرَأَيْتُ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ. وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِينَا مِيثَاقًا عَلَى الْوَفَاءِ فَإِنَّ الْغَدْرَ لا خَيْرَ فِيهِ. فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ أَرْضَ اللَّهِ وَاسِعَةٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْكِتَابَ قَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ وَرَوْحُ بْنُ زِنْبَاعٍ: مَا لَكَ عَلَيْهِ سَبِيلٌ. وَلَوْ أَرَادَ فَتْقًا لَقَدِرَ عَلَيْهِ. وَلَقَدْ سَلَّمَ وَبَايَعَ فَنَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِالأَمَانِ لَهُ وَالْعَهْدِ لأَصْحَابِهِ. فَفَعَلَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُودٌ. أَنْتَ أَحَبُّ وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِمًا مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَلَكَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وذمة رَسُولِهِ أَنْ لا تُهَاجَ وَلا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ. ارْجِعْ إِلَى بَلَدِكَ وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. وَلَسْتَ أَدْعُ صِلَتَكَ وَعَوْنَكَ مَا حَيِيتُ. وَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِحُسْنِ جِوَارِهِ وَإِكْرَامِهِ. فَرَجَعَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى الْمَدِينَةِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَنَى دَارَهُ بِالْبَقِيعِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْوفُودِ عَلَيْهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ يَأْذَنُ لَهُ فِي أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ. فَوَفَدَ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي مَاتَ فِيهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِدِمَشْقَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَنْزِلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ. وَأَمَرَ أَنْ يُجْرَى عَلَيْهِ نُزْلٌ يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ مَعَهُ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي إِذْنِ الْعَامَّةِ. إِذَا أَذِنَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَدَأَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ. فَمَرَّةً يَجْلِسُ وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ شَهْرٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ كَلَّمَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِيًا فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَوَعَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَأَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفَعَ حَوَائِجَهُ. فَرَفَعَ مُحَمَّدٌ دَيْنَهُ وَحَوَائِجَهُ وَفَرَائِضَ لِوَلَدِهِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ حَامَّتِهِ وَمَوَالِيهِ فَأَجَابَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِي الْمَوَالِي أن يَفْرِضَ لَهُمْ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَفَرَضَ لَهُمْ فَقَصَّرَ بِهِمْ فَكَلَّمَهُ فَرَفَعَ فِي فَرَائِضِهِمْ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ إِلا قَضَاهَا. وَاسْتَأْذَنَهُ فِي الانْصِرَافِ فَأَذِنَ لَهُ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ. فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى مِنْ عَيْنَيْهِ نَادَانِي: أَبَا الْقَاسِمِ أَبَا الْقَاسِمِ! فَكَرَرْتُ فَقَالَ لِي: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ؟ يَعْنِي حِينَ أَخَذَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ يَوْمَ الدَّارِ فَدَعَثَهُ بِرِدَائِهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَلِي يَوْمَئِذٍ ذُؤَابَةٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ. فَدَعَا عَبْدُ الْمَلِكِ بِسَيْفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِ وَدَعَا بصيقل فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلا وَاللَّهِ مَا أَرَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا. يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّنَا رَأَيْتَ أَحَقَّ بِهِ فَلْيَأْخُذْهُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إن كان لك قرابة فلكل قرابة وحق. قَالَ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ عَبْدَ الْمَلِكِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا. يَعْنِي الْحَجَّاجَ وَهُوَ عِنْدَهُ. قَدْ آذَانِي وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّي. وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَرْسِلْ إِلَيَّ فِيهَا. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لا إِمْرَةَ لَكَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيمَتَهُ. فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيمَتَكَ وَلا مَرْحَبًا بِشَيْءٍ سَاءَكَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ اتَّقِ اللَّهَ وَاحْذَرِ اللَّهَ. مَا مِنْ صَبَاحٍ يُصْبِحُهُ الْعِبَادُ إِلا لِلَّهِ فِي كُلِّ عَبْدٍ مِنِ عِبَادِهِ ثَلاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَحْظَةً إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةِ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ. فَاحْذَرِ اللَّهَ. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لا تَسْأَلْنِي شَيْئًا إِلا أَعْطَيْتُكَهُ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ صَرْمَ الدَّهْرِ. قَالَ فَذَكَرَ الْحَجَّاجُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. فَأَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى رَأْسِ الْجَالُوتَ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ: إِنَّ رَجُلا مِنَّا ذَكَرَ حَدِيثًا مَا سَمِعْنَاهُ إِلا مِنْهُ. وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ. فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتَ: مَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ إِلا مِنْ بَيْتِ نُبُوَّةٍ. أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْحَجَّاجَ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى الْمَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ سَالِمِ بن أبي الجعد قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَصَلَّى فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ رَكْعَتَيْنِ. ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قال: قال محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: لا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَكُونَ خُصُومَاتُ النَّاسِ فِي رَبِّهِمْ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الْجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ التَّمَّارُ قَالَ: رَأَيْتُ محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مُوَسِّعًا رَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَشْعَرَ بُدْنَهُ فِي الشِّقِّ الأَيْمَنِ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ. أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِطْرَفٍ خَزٍّ بِعَرَفَاتٍ. أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ عَنْ رِشْدِينَ قال: رأيت محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ حَرْقَانِيَّةٍ وَيُرْخِيهَا شِبْرًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن قال: رأيت على محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ نَصْرِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ على محمد بن علي ابن الْحَنَفِيَّةِ مِلْحَفَةً صَفْرَاءَ وَسِخَةً. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إدريس قال: قال لي محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَلْبِسَ الْخَزَّ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ؟ قُلْتُ: إِنَّهُ يُجْعَلُ فِيهِ الْحَرِيرُ. أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى وَالْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ عَلِيٌّ يُخَضِّبُ؟ قَالَ: لا. قُلْتُ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْمٍ الْخَزَّازُ قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ مِيسَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابن الْحَنَفِيَّةِ أَثَرَ الْحِنَّاءِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُخَضِّبُ أُمِّي. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ أَبِي يعلى عن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّهُ وَيُمَشِّطُهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ قَالَ: حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ مَخْضُوبًا بِالْحِنَّاءِ. وَرَأَيْتُهُ مَكْحُولَ الْعَيْنَيْنِ. وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ عِمَامَةً سَوْدَاءَ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحد بن أيمن قال: أرسلني أبي إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكَحَّلُ الْعَيْنَيْنِ مَصْبُوغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فَرَجَعْتُ إِلَى أَبِي فَقُلْتُ: أَرْسَلَتْنِي إِلَى شَيْخٍ مُخَنَّثٍ! فَقَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذَاكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ. أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ نَبِيذَ الدَّنِّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ قال: حدثنا ربيع بْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْكِلابِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الأَزْرَقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ وَفِي الشِّعْبِ. قَالَ وَكَانَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ. أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا رِشْدِينُ بْنُ كُرَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَقُولُ: هَذِهِ لِي خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً قَدْ جَاوَزْتُ سِنَّ أَبِي. تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سنة. وَمَاتَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قال: حدثنا زيد بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: بِالْبَقِيعِ. قُلْتُ: أَيُّ سَنَةٍ؟ قَالَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي أَوَّلِهَا. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً لا يستكملها. أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ. وَلا نَعْلَمُهُ رَوَى عَنْ عُمَرَ شَيْئًا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ الله بن محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ يَقُولُ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَقِيعِ فَقَالَ: هَذَا قَبْرُ أَبِي الْقَاسِمِ. يَعْنِي أَبَاهُ. مَاتَ فِي الْمُحَرَّمِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ. وَهِيَ سَنَةُ الْجُحَافِ. سَيْلٌ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ جَحَفَ الْحَاجَّ. قَالَ فَلَمَّا وَضَعْنَاهُ فِي الْبَقِيعِ جَاءَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ الْوَالِي يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخِي مَا تَرَى؟ فَقُلْتُ: لا يُصَلِّي عَلَيْهِ أَبَانُ إِلا أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ إِلَيْنَا. فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجِنَازَتِكُمْ. مَنْ شِئْتُمْ فَقَدِّمُوا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ فَصَلِّ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فَحَدَّثْتُ زَيْدَ بْنَ السَّائِبِ فَقُلْتُ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيِّ أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ قَالَ يَوْمَئِذٍ: نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الإِمَامَ أَوْلَى بِالصَّلاةِ وَلَوْلا ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاكَ. فَقَالَ زَيْدُ بْنُ السَّائِبِ: هَكَذَا سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ يَقُولُ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ.