قدامة بْن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشي الْجُمَحِيّ
يكنى أَبَا عَمْرو. وقيل أَبَا عُمَر. والأول أشهر وأكثر.
أمه امرأة من بني جمح، وَهُوَ خال عَبْد اللَّهِ وحفصة ابني عُمَر بْن الخطاب.
وكانت تحته صفية بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب. هاجر إِلَى أرض الحبشة مع أخويه: عُثْمَان بْن مظعون، وعبد الله بْن مظعون، ثُمَّ شهد بدرا وسائر المشاهد، واستعمله عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على البحرين، ثُمَّ عزله، وولى عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص.
وكان سبب عزله مَا رواه مَعْمَر عَنِ ابْن شهاب، قال: أخبرنى عبد الله ابن عَامِر بْن رَبِيعَة أن عُمَر بْن الخطاب استعمل قدامة بْن مظعون على البحرين- وَهُوَ خال عَبْد اللَّهِ وحفصة ابني عُمَر بْن الخطاب، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عُمَر بْن الخطاب من البحرين، فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين، إن قدامة شرب فسكر، وإني رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن أرفعه إليك. فَقَالَ عُمَر: من يشهد معك؟ فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ. فدعي أَبُو هُرَيْرَةَ
فَقَالَ: بم تشهد؟ فَقَالَ: لم أره يشرب، ولكني رأيته سكران يقيء، فَقَالَ عُمَر: لقد تنطعت فِي الشهادة. ثم كتب إِلَى قدامة أن يقدم عَلَيْهِ من البحرين. فقدم، فَقَالَ الجارود لعمر: أقم على هَذَا كتاب الله. فقال عُمَر:
أخصيم أنت أم شهيد؟ فَقَالَ: شهيد. فقال: قد أديت شهادتك. قال:
فصمت الجارود، ثُمَّ غدا على عُمَر فَقَالَ: أقم على هَذَا حد الله. فقال عُمَر: مَا أراك إلا خصيما، وما شهد معك إلا رجل واحد. فقال الجارود:
إِنِّي أنشدك الله! قَالَ عُمَر: لتمسكن لسانك أو لأسوءنك فَقَالَ: يَا عُمَر، أما والله مَا ذَلِكَ بالحق أن يشرب الخمر ابْن عمك وتسوءني. فقال أَبُو هُرَيْرَةَ:
إن كنت تشك فِي شهادتنا فأرسل إِلَى ابنة الْوَلِيد فسلها- وهي امرأة قدامة. فأرسل عُمَر إِلَى هند بِنْت الْوَلِيد ينشدها. فأقامت الشهادة على زوجها، فَقَالَ عُمَر لقدامة: إِنِّي حادك. فقال: لو شربت، كما يقولون، مَا كَانَ لكم أن تحدوني. فقال عُمَر: لم؟ قَالَ قدامة: قَالَ الله عز وجل :
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... 5: 93 الآية. قال عُمَر: أخطأت التأويل، إنك إذا اتقيت الله اجتنبت مَا حرم عليك، ثُمَّ أقبل عُمَر على الناس فَقَالَ:
ماذا ترون فِي جلد قدامة؟ فقالوا: لا نرى أن تجلده مَا كَانَ مريضا.
فسكت على ذَلِكَ أياما، ثُمَّ أصبح يوما، وقد عزم على جلده، فَقَالَ لأصحابه: مَا ترون فِي جلد قدامة؟ فَقَالَ القوم: مَا نرى أن تجلده مَا كان
وجعا. فقال عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأن يلقى الله وَهُوَ تحت السياط أحب إلي من أن ألقاه وَهُوَ فِي عنقي. إيتوني بسوط تام. فأمر عُمَر بقدامة فجلده، فغاضب عُمَر قدامة، وهجره، فحج عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقدامة معه مغاضبا لَهُ، فلما قفلا من حجهما ونزل عُمَر بالسقيا نام، فلما استيقظ من نومه قَالَ: عجلوا علي بقدامة، فو الله لقد أتاني آتٍ فِي منامي فَقَالَ: سَالِم قدامة، فإنه أخوك، فعجلوا علي بِهِ، فلما أتوه أَبِي أن يأتي، فأمر بِهِ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إن أبى أن يجروه، فكلمه عُمَر، واستغفر لَهُ، فكان ذَلِكَ أول صلحهما.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد، حدثنا أحمد بن خالد، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَيُّوبَ بْنَ أَبِي تَمِيمَةَ، قَالَ: لَمْ يُحَدَّ فِي الْخَمْرِ أحد من أهل بدر إلا قدامة ابن مَظْعُونٍ.
وتوفي قدامة سنة ست وثلاثين، وَهُوَ ابن ثمان وستين سنة.
يكنى أَبَا عَمْرو. وقيل أَبَا عُمَر. والأول أشهر وأكثر.
أمه امرأة من بني جمح، وَهُوَ خال عَبْد اللَّهِ وحفصة ابني عُمَر بْن الخطاب.
وكانت تحته صفية بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب. هاجر إِلَى أرض الحبشة مع أخويه: عُثْمَان بْن مظعون، وعبد الله بْن مظعون، ثُمَّ شهد بدرا وسائر المشاهد، واستعمله عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ على البحرين، ثُمَّ عزله، وولى عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاص.
وكان سبب عزله مَا رواه مَعْمَر عَنِ ابْن شهاب، قال: أخبرنى عبد الله ابن عَامِر بْن رَبِيعَة أن عُمَر بْن الخطاب استعمل قدامة بْن مظعون على البحرين- وَهُوَ خال عَبْد اللَّهِ وحفصة ابني عُمَر بْن الخطاب، فقدم الجارود سيد عبد القيس على عُمَر بْن الخطاب من البحرين، فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين، إن قدامة شرب فسكر، وإني رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن أرفعه إليك. فَقَالَ عُمَر: من يشهد معك؟ فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ. فدعي أَبُو هُرَيْرَةَ
فَقَالَ: بم تشهد؟ فَقَالَ: لم أره يشرب، ولكني رأيته سكران يقيء، فَقَالَ عُمَر: لقد تنطعت فِي الشهادة. ثم كتب إِلَى قدامة أن يقدم عَلَيْهِ من البحرين. فقدم، فَقَالَ الجارود لعمر: أقم على هَذَا كتاب الله. فقال عُمَر:
أخصيم أنت أم شهيد؟ فَقَالَ: شهيد. فقال: قد أديت شهادتك. قال:
فصمت الجارود، ثُمَّ غدا على عُمَر فَقَالَ: أقم على هَذَا حد الله. فقال عُمَر: مَا أراك إلا خصيما، وما شهد معك إلا رجل واحد. فقال الجارود:
إِنِّي أنشدك الله! قَالَ عُمَر: لتمسكن لسانك أو لأسوءنك فَقَالَ: يَا عُمَر، أما والله مَا ذَلِكَ بالحق أن يشرب الخمر ابْن عمك وتسوءني. فقال أَبُو هُرَيْرَةَ:
إن كنت تشك فِي شهادتنا فأرسل إِلَى ابنة الْوَلِيد فسلها- وهي امرأة قدامة. فأرسل عُمَر إِلَى هند بِنْت الْوَلِيد ينشدها. فأقامت الشهادة على زوجها، فَقَالَ عُمَر لقدامة: إِنِّي حادك. فقال: لو شربت، كما يقولون، مَا كَانَ لكم أن تحدوني. فقال عُمَر: لم؟ قَالَ قدامة: قَالَ الله عز وجل :
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... 5: 93 الآية. قال عُمَر: أخطأت التأويل، إنك إذا اتقيت الله اجتنبت مَا حرم عليك، ثُمَّ أقبل عُمَر على الناس فَقَالَ:
ماذا ترون فِي جلد قدامة؟ فقالوا: لا نرى أن تجلده مَا كَانَ مريضا.
فسكت على ذَلِكَ أياما، ثُمَّ أصبح يوما، وقد عزم على جلده، فَقَالَ لأصحابه: مَا ترون فِي جلد قدامة؟ فَقَالَ القوم: مَا نرى أن تجلده مَا كان
وجعا. فقال عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأن يلقى الله وَهُوَ تحت السياط أحب إلي من أن ألقاه وَهُوَ فِي عنقي. إيتوني بسوط تام. فأمر عُمَر بقدامة فجلده، فغاضب عُمَر قدامة، وهجره، فحج عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقدامة معه مغاضبا لَهُ، فلما قفلا من حجهما ونزل عُمَر بالسقيا نام، فلما استيقظ من نومه قَالَ: عجلوا علي بقدامة، فو الله لقد أتاني آتٍ فِي منامي فَقَالَ: سَالِم قدامة، فإنه أخوك، فعجلوا علي بِهِ، فلما أتوه أَبِي أن يأتي، فأمر بِهِ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إن أبى أن يجروه، فكلمه عُمَر، واستغفر لَهُ، فكان ذَلِكَ أول صلحهما.
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد، حدثنا أحمد بن خالد، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَيُّوبَ بْنَ أَبِي تَمِيمَةَ، قَالَ: لَمْ يُحَدَّ فِي الْخَمْرِ أحد من أهل بدر إلا قدامة ابن مَظْعُونٍ.
وتوفي قدامة سنة ست وثلاثين، وَهُوَ ابن ثمان وستين سنة.