عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ شَهِدَ بَدْرًا كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ بَدْرٍ بِالْمَدِينَةِ، قَدِمَهَا لِيَقْتُلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَدَاهُ اللهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ مُسْلِمًا
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ الْخَطَّابِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ فَلَلُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ قَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ صَفْوَانُ: قَبَّحَ اللهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ، قَالَ: أَجَلْ وَاللهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ، وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَا أَجِدُ قَضَاءَهُ، وَعِيَالٌ لَا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا، لَخَرَجْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إِنْ مَلَأْتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ، قَالَ: فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا، أَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الْأَسِيرِ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ: عَلَيَّ دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجَزُ عَنْهُمْ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ، وَجَهَّزَهُ، فَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ فَصُقِلَ وُسُمَّ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ: اكْتُمْنِي أَيَّامًا، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ، وَأَخَذَ السَّيْفَ، فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللهِ فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَ السَّيْفِ فَزِعَ، وَقَالَ: عِنْدَكُمُ الْكَلْبُ، فَهَذَا عَدُوُّ اللهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تَأْمَنْهُ عَلَى شَيْءٍ، قَالَ: «أَدْخِلْهُ عَلَيَّ» ، فَخَرَجَ عُمَرُ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنِ ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ احْتَرِسُوا مِنْ عُمَيْرٍ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ، فَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: «تَأَخَّرْ عَنْهُ» ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ قَالَ: انْعَمُوا صَبَاحًا، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ، وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهِيَ السَّلَامُ» ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: إِنَّ عَهْدِي بِهَا لِحَدِيثٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَبْدَلَنَا اللهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ؟» ، قَالَ: قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ، فَنَادُونَا فِي أَسِيرِكُمْ فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ؟» ، قَالَ عُمَيْرٌ: قَبَّحَهَا اللهُ مِنْ سُيُوفٍ، فَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ؟ إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ، وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي لَهَمًّا غَيْرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْدُقْنِي، مَا أَقْدَمَكَ؟» ، قَالَ: قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي، قَالَ: «فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ؟» ، فَفَزِعَ عُمَيْرٌ، فَقَالَ: مَا شَرَطْتُ لَهُ شَيْئًا، قَالَ: «تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَيْتَكَ وَيَقْضِيَ دِينَكَ، وَاللهُ حَائِلٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ» ، قَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللهِ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ، وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَغَيْرِي، فَأَخْبَرَكَ اللهُ بِهِ، فَآمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللهُ، وَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَخِنْزِيرٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ، وَلَهُوَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِكَ» ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ» ، وَأَطْلَقَ لَهُ أَسِيرَهُ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي مِنَ الْهَلَكَةِ، فَائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ أَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ وَيَسْتَنْقِذَهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ: أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ، وَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ كُلِّ رَاكِبٍ يَقْدُمُ مِنَ الْمَدِينَةِ هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ؟ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَهُ لَهُ عُمَيْرٌ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ، فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمَ، فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: صَبَأَ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَلَّا أَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا، وَلَا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً أَبَدًا، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَنَصَحَهُمْ جَهَدَهُ، فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ بَدْرٍ إِلَى مَكَّةَ أَقْبَلَ عُمَيْرٌ فَذَكَرَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فِي الْحِجْرِ بِيَسِيرٍ، وَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ شَيْطَانًا مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ، وَكَانَ مِمَّنْ يُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، وَيَلْقَوْنَ مِنْهُ عَنَتًا إِذْ هُمْ بِمَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي أُسَارَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللهِ إِنْ فِي الْعَيْشِ خَيْرًا بَعْدَهُمْ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: صَدَقْتَ وَاللهِ، لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي قَضَاؤُهُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الشَّكِّ نَحْوَهُ
- حَدَّثَنَا فَارُوقُ بْنُ عَبْدِ الْكَبِيرِ الْخَطَّابِيُّ، ثنا زِيَادُ بْنُ الْخَلِيلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ فَلَلُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ قَتَلَ اللهُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ صَفْوَانُ: قَبَّحَ اللهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ، قَالَ: أَجَلْ وَاللهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ، وَلَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَا أَجِدُ قَضَاءَهُ، وَعِيَالٌ لَا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا، لَخَرَجْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إِنْ مَلَأْتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ، قَالَ: فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا، أَقُولُ: قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الْأَسِيرِ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ: عَلَيَّ دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ لَا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجَزُ عَنْهُمْ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ، وَجَهَّزَهُ، فَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ فَصُقِلَ وُسُمَّ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ: اكْتُمْنِي أَيَّامًا، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ، وَأَخَذَ السَّيْفَ، فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللهِ فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَ السَّيْفِ فَزِعَ، وَقَالَ: عِنْدَكُمُ الْكَلْبُ، فَهَذَا عَدُوُّ اللهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ، فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تَأْمَنْهُ عَلَى شَيْءٍ، قَالَ: «أَدْخِلْهُ عَلَيَّ» ، فَخَرَجَ عُمَرُ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنِ ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ احْتَرِسُوا مِنْ عُمَيْرٍ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ، فَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: «تَأَخَّرْ عَنْهُ» ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ قَالَ: انْعَمُوا صَبَاحًا، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَكْرَمَنَا اللهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ، وَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهِيَ السَّلَامُ» ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: إِنَّ عَهْدِي بِهَا لِحَدِيثٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَبْدَلَنَا اللهُ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ؟» ، قَالَ: قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي عِنْدَكُمْ، فَنَادُونَا فِي أَسِيرِكُمْ فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالْأَهْلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ؟» ، قَالَ عُمَيْرٌ: قَبَّحَهَا اللهُ مِنْ سُيُوفٍ، فَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ؟ إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلْتُ، وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي لَهَمًّا غَيْرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْدُقْنِي، مَا أَقْدَمَكَ؟» ، قَالَ: قَدِمْتُ فِي أَسِيرِي، قَالَ: «فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ؟» ، فَفَزِعَ عُمَيْرٌ، فَقَالَ: مَا شَرَطْتُ لَهُ شَيْئًا، قَالَ: «تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَيْتَكَ وَيَقْضِيَ دِينَكَ، وَاللهُ حَائِلٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ» ، قَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللهِ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ، وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَغَيْرِي، فَأَخْبَرَكَ اللهُ بِهِ، فَآمَنْتُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللهُ، وَقَالَ عُمَرُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَخِنْزِيرٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ، وَلَهُوَ الْيَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِكَ» ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ» ، وَأَطْلَقَ لَهُ أَسِيرَهُ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا مَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي مِنَ الْهَلَكَةِ، فَائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ أَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ وَيَسْتَنْقِذَهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ: أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ، وَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ كُلِّ رَاكِبٍ يَقْدُمُ مِنَ الْمَدِينَةِ هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ؟ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَهُ لَهُ عُمَيْرٌ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ، فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمَ، فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: صَبَأَ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَلَّا أَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا، وَلَا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً أَبَدًا، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَنَصَحَهُمْ جَهَدَهُ، فَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ "
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ بَدْرٍ إِلَى مَكَّةَ أَقْبَلَ عُمَيْرٌ فَذَكَرَهُ
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فِي الْحِجْرِ بِيَسِيرٍ، وَكَانَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ شَيْطَانًا مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ، وَكَانَ مِمَّنْ يُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، وَيَلْقَوْنَ مِنْهُ عَنَتًا إِذْ هُمْ بِمَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُهُ وَهْبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي أُسَارَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللهِ إِنْ فِي الْعَيْشِ خَيْرًا بَعْدَهُمْ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: صَدَقْتَ وَاللهِ، لَوْلَا دَيْنٌ عَلَيَّ لَيْسَ عِنْدِي قَضَاؤُهُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الشَّكِّ نَحْوَهُ